MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



التعويض عن الضرر في حال تعذر الحصول عليه من المسؤول "دراسة مقارنة بين المشرع الفلسطيني والفرنسي والفقه الإسلامي"

     

من إعداد الباحث: رأفت نضال مجاهد
باحث في سلك الدكتوراه
جامعة محمد الأول / كلية الحقوق – المغرب
سنة: 2019



التعويض عن الضرر في حال تعذر الحصول عليه من المسؤول "دراسة مقارنة بين المشرع الفلسطيني والفرنسي والفقه الإسلامي"
 
مقال بعنوان
 
ملخص
يحدث في الحياة العملية أن يقوم شخص بارتكاب فعل موجب للمسؤولية المدنية ثم يلوذ هذا الشخص بالفرار، أو قد يكون المسؤول عن الضرر معسراً لا يتمكن من دفع التعويض، وأحياناً يكون المسؤول عن الضرر مجهولاً إلا أنه موجود بين مجموعة معروفة، ففي مثل هذه الحالات من المسؤول عن تعويض المتضرر؟
تناولت الدراسة الإجابة عن هذا التساؤل من خلال بيان التنظيم التشريعي الوضعي الذي عالجته التشريعات محل الدراسة والمتمثل في إنشاء صناديق الضمان، فعرضنا لنشأة هذه الصناديق ودورها ومدى كفايتها في التعويض، إضافة إلى علاج هذه المشكلة في الفقه الإسلامي، كما تناولت الدراسة الحلول التي تبناها الفقه والقضاء لمشكلة وجود المسؤول عن الضرر المجهول ضمن جماعة معلومة، والحل الذي تبناه الفقه الإسلامي المتمثل في القسامة كعلاج لهه المشكلة، بالإضافة إلى عرض الآراء الفقهية في علاج تعويض ضحايا الجرائم الذين حالت الظروف دون حصولهم على تعويض كما في حالات ضحايا الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، والثورات، من خلال قيام الدولة بالتعويض، ثم عرضنا لموقف الفقه الإسلامي من قيام بيت المال بالتعويض
 
 
 
 
 
 
 
 
Compensation for damage in case of not getting it from the responsible for the damage A comparative study between Palestine law, French law and Islamic jurisprudence
Abstract: it happens in practical life that a person get a result of the commission of another person to act requires compensation, but damaged can’t get his right to compensation for many reasons. Such as lack of knowledge the person responsible for damage as a result of his escape. This reason happens so much in car accidents or because of the insolvency of the responsible for the damage and inability to get compensation or because of lack of knowledge the responsible for the damage.
Because of his presence in known group, but he does not know precisely the person who responsible for the damage from among the members of this group, in such cases, is the right of damage wasted to get compensation?
Through this research I tried to answer this question and offered to how to treat these cases from laws under study through establish guarantee funds, and we have offered solutions adopted by the Fiqh and the judiciary in the molecules that are not regulated by the lawmaker, especially in the cases of presence the responsible for damage within the a known group, then we offered our solutions which adopted by Islamic jurisprudence represented in Alqsama as a treatment for this problem. In addition to jurisprudential views to treat compensation for those affected who the conditions prevent their access to compensate them as in natural disasters, earthquakes, floods and revolutions, through the compensate these people by the state. Then we offered the opinion of Islamic jurisprudence through establish the house of money for compensation.
 
 
المقدمة
التعويض بمعناه العام Indemnisation هو الحكم الذي يترتب على تحقق المسؤولية المدنية[[1]]url:#_ftn1 ، وثمرتها[[2]]url:#_ftn2 ، وهو ما يبغى المتضرر الوصول إليه في دعوى المسؤولية لجبر الضرر Compensation الذي لحق به جراء فعل المسؤول غير المشروع، أو إصلاحه Reparation[[3]]url:#_ftn3 .
والتعويض مرهون بوجود الشخص الذي سبب الضرر حيث يمكن الرجوع عليه للمطالبة بالتعويض، وقدرته على الالتزام بدفع التعويض، ولكن يثور السؤال فيما لو هرب المسؤول عن الفعل الضار ولم يعرف، فمن المسؤول عن تعويض المتضرر؟ فالفرض هنا أن هناك متضرراً ولا يجد أمامه من يمكن الرجوع عليه بالتعويض كما في حوادث الطرق، أو إصابة شخص بعيار ناري أطلقه مجهول حال سير موكب فرح ويودي بحياة المارة، والنتيجة التي تترتب على مثل هذا الفرض هو وجود شخص متضرر، ولا يجد من يرجع عليه بالتعويض، فهل تنعدم فرصة المتضرر في الحصول على حقه في التعويض؟ وهل من العدل أن يضيع حق المتضرر؟ فما هو أساس التفرقة بين متضرر مكن أمكن معرفة محدث ضرره، وأخر تعذر معرفة المسؤول، فيحصل الأول على كامل حقه في حين يحرم الثاني بغير ذنب؟
فإذا كان مانع السببية La causalute أو قواعد المسؤولية المدنية تحول دون حصول المتضرر على حقه في التعويض من خلال الحماية القانونية التي تقررها قواعد المسؤولية المدنية[[4]]url:#_ftn4 ، لكن ما هو المانع الذي يحول دون حصول المتضرر على حقه في حالة تعذر معرفة مرتكب الفعل غير المشروع؟
إضافة إلى هذه الصور فقد يكون المسؤول معسراً ولا يملك قوت يومه، فهل يهدر حق المتضرر، أم يجب أن يكون للدولة دور في مثل هذه الحالات، وتقوم بالتدخل وإعطاء المتضرر حقه في التعويض؟
أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في دراسة الحلول التشريعية المقارنة والفقهية والقضائية لضمان حصول المتضرر على حقه في التعويض، في حالة تعذر حصوله على هذا الحق لأي سبب كان.
هدف البحث:
يهدف البحث إلى أن الوصول إلى الطريقة التي من خلالها يحصل المتضرر على حقه في التعويض من خلال قيام المشرع الفلسطيني بتبني الحلول المناسبة لهذه المشكلة.
منهجية البحث:
سنتيع من خلال هذا البحث المنهج المقارن وستتم المقارنة بين القانون الوضعي الفرنسي لما له من أهمية وسبق تشريعي في تبني الحلول، إضافة إلى عرض موقف الفقه الإسلامي في علاج مشكلة البحث.
إشكالية البحث:
تمن إشكالية البحث في وجود متضرر لا يستطيع أن يحصل على حقه في التعويض لأسباب كثيرة منها هروب المتسبب بالضرر، أو عدم معرفته أو إعساره، ففي مثل هذه الحالات من المسؤول عن التعويض؟
ويمكن من خلال ما سبق طرح الإشكالية الأتية: ما موقف التشريعات المقارنة والفقه القانوني في علاج مشكلة التعويض عن الأضرار التي يسببها شخص مجهول؟
وللإجابة عن هذه الإشكالية سنقسم هذه الدراسة إلى مبحثين على النحو التالي:
المبحث الأول: التنظيم التشريعي في حال تعذر معرفة المسؤول عن الضرر
المبحث الثاني: دور الدولة عند تعذر حصول المتضرر على التعويض
المبحث الأول: التنظيم التشريعي في حال تعذر معرفة المسؤول عن الضرر
قد يكون تعذر معرفة المسؤول عن الفعل الضار بسبب هروبه، ويكثر هذا الفرض في حوادث السير، ويمكن تصوره في حالات أخرى غير حوادث المركبات، كما لو تعرض شخص لحريق منزله من قبل مجهول، أو تعرض شخص لتشهير بسمعته وشرفه من قبل جماعات أو أشخاص مجهولة، وقد يكون المسؤول عن الضرر شخص غير محدد إلا أنه موجود بين مجموعة محددة فهل تسأل هذه المجموعة بالتضامن Solidarite عن هذا الضرر؟ وهل هناك أساس قانوني لمثل هذا التضامن[[5]]url:#_ftn5 ؟
للإجابة على هذا التساؤلسنقسم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص الأول للحلول التشريعية لتعذر معرفة المسؤول عن الضرر، ونتحدث في الثاني عن حالة وجود شخص مجهول ضمن جماعة معلومة على النحو الآتي:
المطلب الأول: الحلول التشريعية لتعذر معرفة المسؤول عن الضرر
كان للتطورات الاقتصادية وانتشار الآلات الميكانيكية دور بارز في ازدياد الحالات التي يصاب بها أشخاص بضرر نتيجة استخدام الآلات، وكان لزاماً على المشرع أن يتدخل لتغطية القصور الذي شاب قواعد المسؤولية المدنية وعدم قدرتها على استيعاب التطورات الحاصلة، فما هي الإجراءات التي قام بها المشرع لعلاج هذه المشكلة؟ للإجابة على هذا التساؤل نعرض لعلاج تعذر معرفة المسؤول عن الضرر في التشريعات الوضعية (الفقرة الأولى)، على أن نتحدث عن الحلول لهذه المشكلة في الفقه الإسلامي (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: علاج تعذر معرفة المسؤول عن الضرر في التشريعات الوضعية
تدخل المشرع في كل من فلسطين وفرنسا فأنشأ كل منهما صندوقاً خاصاً يقوم بتعويض المتضررين في بعض الحالات وفقاً لشروط معينة، وعرف هذا الصندوق ب "صندوق الضمان" Fonds de garantie، وقد توسع المشرع الفرنسي في الحالات التي خول فيها الصندوق القيام بهذه المهمة في حين اقتصر دور هذا الصندوق في فلسطين على أن يقوم الصندوق بتعويض المتضررين في حوادث الطرق الذين لا يستطيعون الحصول على تعويض من المسؤول عن الضرر وفقاً لشروط معينة، وسنعرض لفكرة إنشاء الصندوق ودوره في هذين التشريعين.
أولاً: تعذر معرفة المسؤول عن الضرر في فرنسا وفلسطين والمغرب
قد يتعرض الشخص إلى حادث أو أذى غير مشروع صادر من الغير، مما يؤدي إلى المساس بسلامة جسمه أو حتى إلى وفاته؛ في حين لا يعرف الشخص مرتكب الفعل الضار على وجه التحديد.
فقد يقع حادث من سيارة مجهولة يفر قائدها دون أن يتمكن أحد من معرفته أو ضبط بيانات سيارته، كما قد يصاب شخصاً بحجر في رأسه مما يؤدي إلى وفاته أو إعاقته أو شلله دون معرفة الفاعل المتسبب في هذا الأذى[[6]]url:#_ftn6 .
كما قد يصاب شخصاً في مشاجرة أو مظاهرة أو حادث إرهابي، ولا يعرف الفاعل الذي تسبب في إصابته، وقد يترتب على استعمال منتوج صناعي إصابة البعض بسبب عيب في هذا المنتوج، مما يؤدي إلى انفجاره، مما يؤدي حينها إلى طرح إشكالية من المتسبب في هذا الضرر؟ أهو الصانع أم المورد للمواد التي دخلت في تكوينه؟
في هذه الفرضية وغيرها يظل المشكل قائماً وهو أنه يوجد متضرراً جسمانياً ولا يجد أمامه من يمكن الرجوع عليه بالتعويض، وتنعدم فرصة رجوع المتضرر على من هو مسؤول عنه كالمتبوع أو متولي الرقابة أو حارس الأشياء، كما تنعدم فرصته في الرجوع على المؤمن لديه، لأن شرط الرجوع على هؤلاء جميعاً هو ثبوت مسؤولية التابع أو الخاضع للرقابة أو قائد السيارة المؤمن عليها، ومن هنا لا يمكن الرجوع على هؤلاء بالتعويض بسبب استحالة إثبات مسؤوليتهم عن الحادث[[7]]url:#_ftn7 .
ويرى جانب كبير من الفقه أن أهم مانع يحول بين المتضرر وبين حقه في التعويض من خلال الحماية التي تقررها قواعد المسؤولية المدنية، هو عقبة إثبات علاقة السببية بين الضرر الناتج عن الفعل الضار الذي يطالب بتعويضه وبين خطأ الغير الذي يدعيه[[8]]url:#_ftn8 .
فضلاً عن هذا المانع فإن الأحكام يجب أن تجزم على اليقين لا على الظن والتخمين، ومن ثم فيتعين على القاضي أن يتيقن من أن الشخص المطالب بالتعويض هو الذي ارتكب العمل غير المشروع، ومن أجل ذلك عادة ما يتشدد القضاء في الدول المختلفة في دعاوى التعويض عن الأضرار الجسمانية، ونأخذ على سبيل المثال القضاء المصري، حيث أنه في إحدى قرارات محكمة النقض في المادة الجنائية التي تتعلق بمتهمين أطلقا النار على المجني عليه، وثبت أن الوفاة نتجت عن عيار واحد ولم يتمكن القضاء من تحديد مطلقه بالذات، حينها رفضت المحكمة مسائلة هذين المتهمين مدنياً عن الطلقة التي أحدثت الوفاة، بسبب تعذر معرفة المسؤول بالتحديد[[9]]url:#_ftn9 .
وفي فرنسا صدرت بعض القوانين التي تعالج بعضاً من تلك المشكلات، من بينها القانون الصادر في 15 سبتمبر 1948 والخاص بالمعاقة على جرائم الحرب[[10]]url:#_ftn10 ، والقانون الصادر في 11 يونيو 1966 الذي حمل صندوق ضمان السيارات “Fonds de garantie automobile” عبء تعويض حوادث الصيد التي تسبب فيها مجهولون من الأشخاص، أو غير مأمنين، أو معسورون[[11]]url:#_ftn11 .
وفي هذا الإطار فإن أهم مشكلة تواجه المشرع المغربي والمشرع الفلسطيني على حد سواء تتمثل في كيفية تعويض الضرر الجسدي عن الفعل الضار الذي يسببه شخص مجهول بين مجموعة معروفة من الأشخاص.
ولقد انقسم الفقه بين مؤيد ومعارض لحق المتضرر في التعويض[[12]]url:#_ftn12 ، غير أن الراجح فقهاً وقضاءً هو ضرورة تعويض هذا المتضرر، غير أن الاتجاه الرافض لتعويضه في حرصه على احترام حرفية النصوص القانونية وما استقرت عليه قواعد المسؤولية المدنية التقليدية، إنما ينتهي إلى نتيجة غير عادلة تتجاهل حق المتضرر، حيث لا يكف لتبرير هذا الاتجاه القول بضرورة إعفاء جميع الأشخاص من المسؤولية بحجة أن من بينهم أبرياء، وأن القول بهذا من شأنه أن يسهل نفي مسؤولية الفاعل، وذلك بتحصنه خلف جماعة موجودة على مسرح الحادث، مما يستحيل معه على المتضرر أن يحدد بدقة من سبب له الضرر.
 لذلك كان لا بد من ظهور هذا الاتجاه من الفقه بغرض التغلب على هذه العقبات التي تعيق سبيل المتضرر في الحصول على حقه في التعويض، حيث يتأسس هذا الاتجاه على فكرة مؤداها الاعتراف لهذه المجموعة من الأشخاص بقدر من الشخصية الاعتبارية، بحيث لا تتقرر في جميع الأحوال وإلا هدرت الحرية الفردية، وإنما فقط بالنسبة للجماعات مقصودة التكوين، والتي تهدف إلى تحقيق غاية مشتركة مثل الجماعات التي تمارس هواية الصيد الجماعي[[13]]url:#_ftn13 ، وذلك لحماية حق المتضرر بالتعويض[[14]]url:#_ftn14 .
ثانياً: تعذر معرف المسؤول عن الضرر في التشريع الفلسطيني والمغربي
قد عالج المشرع المغربي هذه المشكلة، أي مشكلة تعويض الضرر الذي يسببه أكثر من شخص في الفصول 99، و100 من قانون الالتزامات والعقود حيث نص الفصل (99) من نفس القانون على أنه: "إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين عملوا متواطئين، كان كل منهم مسؤولاً بالتضامن عن النتائج، دون تمييز من كان منهم حريصاً أو شريكاً أو فاعلاً أصلياً"[[15]]url:#_ftn15 ، كما ينص الفصل (100) من قانون الالتزامات والعقود على أنه: "يطبق الحكم المقرر في الفصل 99، إذا تعدد المسؤولون عن الضرر وتعذر تحديد فاعله الأصلي، من بينهم، أو تعذر تحديد النسبة التي ساهموا بها في الضرر"[[16]]url:#_ftn16 .
ويقصد بالتضامن بأنه: "أن كل شخص من الأشخاص الذين تسببوا بالضرر لشخص يكون مدعى عليه ومسؤولاً مسؤولية مباشرة أمام المدعي، ويستطيع هذا الأخير مطالبة كل واحد منهم كما يستطيع مطالبتهم جميعاً كما يستطيع أن يختار منهم من يشاء ويقيم دعواه عليه، ويطالبه بالتعويض الكامل، وتجدر الإشارة إلى أن التضامن يرتب آثاره من حيث وحدة المحل وتعدد الروابط ومبدأ انقسام الدين، بحيث إذا وفى أحد المدينين بالتعويض فإن لهذا المدين أن يرجع على بقية المدينين كل بقد حصته في الدين[[17]]url:#_ftn17 .
ويشترط لقيام التضامن توافر ثلاثة شروط:
  1. أن يكون كل من المدعى عليهم ارتكب خطأ، فلا يكون الورثة متضامنين إلا باعتبار أن التركة هي المسؤولة، لأنه لا يوجد بهم أحد ارتكب خطأ، بل الموروث هو من ارتكب الخطأ.
  2. أن يكون الخطأ الذي ارتكبه كل منهم سبباً في الحادث.
  3. أن يكون الضرر الذي أحدثه كل منهم بخطئه هو ذات الضرر الذي أحدثه الآخرون، بمعنى أن يكون الضرر الذي وقع ضرراً واحد، لكن لا يلزم أن يكون كل منهم قد أحدث كامل الضرر، بل يكفي أن يكون قد ساهم فيه أياً كان قدر مساهمته ولو كانت جزئية، إذ أن النظر في حساب مساهمة كل مسؤول عن الضرر المقترف من قبله لا يكون إلا عند النظر في رجوع بعضهم على بعض مما دفع من تعويض[[18]]url:#_ftn18 .
ولم يعالج المشرع الفلسطيني مشكلة تعويض الضرر الذي يسببه أكثر من شخص من خلال نصوصه القانونية التي تتعلق بالمسؤولية التقصيرية مثل قانون المخالفات المدنية رقم 36 لسنة 1944[[19]]url:#_ftn19 ، ومجلة الأحكام العدلية، ويعاب على المشرع الفلسطيني أيضاً عدم التطرق إلى مشكلة تعويض الضرر الذي يسببه شخص مجهول، إلا أنه رغم ذلك فقد عالج إشكالية وحيدة تتعلق بتعويض مصابي حوادث السير في حال كان المتسبب بالحادث شخص مجهول من خلال قانون التأمين[[20]]url:#_ftn20 ، حيث نصت المادة (173) من قانون التأمين الفلسطيني على أنه: "فيما عدا السائق يقوم الصندوق[[21]]url:#_ftn21 بتعويض المصاب الذي يستحق تعويضاً بموجب أحكام هذا القانون ولا يستطيع مطالبة المؤمن بالتعويض لأحد الأسباب الآتية: 1- إذا كان السائق المتسبب في وقوع الحادث مجهولاً..."[[22]]url:#_ftn22 .
وهذا ما تبناه المشرع المغربي أيضاً من خلال مدونة التأمينات المغربية[[23]]url:#_ftn23 حيث نصت المادة (148) من مدونة التأمينات المغربية على أنه: "إذا كان المسؤول عن الأضرار مجهولاً، يجب توجيه طلب الضحايا أو ذويهم بالتعويض عن الأضرار التي لحقتهم إلى صندوق ضمان حوادث السير خلال ثلاث (3) سنوات ابتداء من تاريخ وقوع الحادثة"، وتنص الفقرة السابعة من المادة (152) من نفس المدونة على أنه: "يترتب عن التبليغات التي يتم القيام بها وفق الشروط المنصوص عليها في الفقرات السابقة، الحق في مواجهة صندوق ضمان حوادث السير بالحكم الصادر في طلب التعويض وان لم يتدخل هذا الصندوق في الدعوى"[[24]]url:#_ftn24 .
انطلاقاً من نص المادة (173) من قانون التأمين الفلسطيني نجد بأن المشرع قد ألزم صندوق تعويض مصابي حوادث الطرق، بتعويض كل شخص تعرض لأذى جسدي إذا كان السائق الذي تسبب بوقوع الحادث مجهول، إلا أن الإشكالية التي تطرح هنا هي ما مصير الشخص الذي تعرض لأذى جسدي نتيجة طلق ناري أو حرق منزله وليس بحاث طرق؟
لم يعالج المشرع سواء الفلسطيني أو المغربي من خلال نصوصهما القانونية هذه الإشكالية التي فرضت أمامنا، سوى في حالة واحدة أشرنا إليها سابقاً وهي الحالة التي تتعلق بمصاب بحادث سير، وكان المتسبب في الحادث شخص مجهول، لكن الإصابات الجسدية لا يمكن حصرها فهي متعدد مثل الجرح والضرب والحريق والاعتداء على الغير، وهذه الإصابات رغم كثرتها، ورغم عدم تطرق المشرع في النصوص القانونية إليها، إلا أن قاضي الموضوع يمنع عليه منعاً باتاً عدم الحكم بالتعويض بسبب عدم وجود نص قانوني، وهذا ما نص عليه قانون أصول المحاكمات المدنية[[25]]url:#_ftn25 من خلال المادة (164) حيث نصت على أنه: "لا يجوز لأية محكمة أن تمتنع عن إصدار دعوى منظورة أمامها بسبب عدم وجود نص قانوني أو غموض فيه"[[26]]url:#_ftn26 .
وبناء على ما سبق فإنه يتعين على القاضي الرجوع إلى القواعد القانونية وقواعد الفقه الإسلامي بخصوص تعويض المتضررين جسدياً من قبل شخص مجهول.
الفقرة الثانية: تعذر معرفة المسؤول عن الضرر في الفقه الإسلامي
يجب الضمان على المباشر كأصل عام[[27]]url:#_ftn27 ، أو على المتسبب في حالات استثنائية[[28]]url:#_ftn28 ، أو عليهما معاً بحسب الأحوال، ولكن إذا تعذر معرفة المباشر أو المتسبب فهل يهدر حق المتضرر أو ورثة القتيل في التعويض؟ القاعدة في الفقه الإسلامي هي "لا يبطل دم امرئ مسلم"[[29]]url:#_ftn29 ، ويقصد بهذه القاعدة أنه لا يستباح ولا يهدر دم إنسان إلا بحق شرعي ثابت[[30]]url:#_ftn30 .
فلو وجد شخص مقتولاً في صحراء أو في إحدى التراع، أو على شاطئ البحر، أو في محل عام لا يملكه أناس محددون كالطريق العام، والمساجد، أو كمن يقتل في الحج بازدحام الطائفين، أو يقتل سجين في السجن وتعذر معرفة قاتله، فإن الضمان هنا يقع على بيت مال المسلمين حتى لا يبطل دم في الإسلام، وقد روي عن علي بن أبي طالب "رضي الله عنه" أنه قال: "أيما رجل قتل بفلاة من الأرض فديته من بيت المال؛ لكي لا يبطل دم في الإسلام، وأيما قتيل وجد بين قريتين فهو على أصقبهما "يعني أقربهما"[[31]]url:#_ftn31 .
المطلب الثاني: الحلول الفقهية والقضائية لوجود المسؤول عن الضرر المجهول ضمن جماعة معلومة
قد ينجم الضرر عن خطأ شخص غير محدد وإن كان ينحصر في مجموعة محددة من الأشخاص بحيث يثور الشك حول الفاعل إلا أنه يقيناً موجود ضمن هذه المجموعة، والأمثلة العملية لهذا الفرض متعددة في مجال الحوادث الناجمة عن الإطلاق الجماعي والمتزامن للنيران، حين يستخدم مطلقو النيران ذات النوع من السلاح والذخيرة، وكذلك في مجال الحوادث الناجمة عن رياضة الفرق أو الألعاب الجماعية[[32]]url:#_ftn32 .
الفقرة الأولى: مشكلة وجود المسؤول عن الضرر المجهول ضمن جماعة معلومة في التشريعات الوضعية
أولاً: في النظام القانوني الفرنسي
انقسم الفقه والقضاء الفرنسي بين معارض لحق المتضرر في الحصول على تعويض ومؤيد له، وقد استند المعارضون لهذا الحق على عدة اعتبارات منها ما هو أخلاقي ومنها ما هو قانوني، أم ا الاعتبارات الأخلاقية فتتمثل في صعوبة القول بإدانة جميع أفراد المجموعة لوجود خطأ في جانب أحدهم؛ لأن القول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة يرفضها الضمير وهي إدانة أبرياء محتملين[[33]]url:#_ftn33 .
 أما الموانع القانونية فمتعددة منها مانع السببية ذلك أن إثبات الخطأ في جانب المجموعة أمر مستحيل بسبب عدم تحديد الشخص الذي يمكن نسبة الخطأ إليه[[34]]url:#_ftn34 ، ومنها صعوبة إثبات الحراسة الجماعية[[35]]url:#_ftn35 فيما لو كان الضرر ناجماً عن أشياء تتطلب الحراسة، فرغم أن المتضرر لن يطلب منه إثبات الخطأ إلا أن التعويض مرهون بمدى قدرة إثبات المتضرر لفكرة الحراسة الجماعية أو المشاركة وهو أمر ليس باليسير، فالحراسة على الشيء وإن جاز أن تتبادل، إلا أنه لا يتصور أن تتعدد[[36]]url:#_ftn36 ، ذلك أن الحراسة كما عبرت عنها محكمة النقض الفرنسية بأنها تبادلية وليست ازدواجية[[37]]url:#_ftn37 ، والصعوبة ستشتد على المتضرر إذا ما تعلق الأمر بعدة أشياء كما في حالة إطلاق النار من قبل أفراد مجموعة تستخدم ذات السلاح والذخيرة وكان إطلاق النار بشكل متزامن بين أفراد المجموعة، إضافة إلى هذه الموانع هناك موانع أخرى تعوق تعويض المتضرر من بين أعضاء الجماعة تتمثل هذه الموانع بفكرة القبول الضمني للمخاطر، فالألعاب الجماعية تتضمن مخاطر ملازمة للمارستها، يقبل ممارسوها بالنتائج المحتملة لهذه الألعاب، كما يحول دون رجوع المتضرر على رفاقه أنه هو شخصياً مساهم في استعمال الشيء الذي سبب الضرر، ففكرة الحراسة على الأشياء مفترضة لمصلحة المتضرر من الغير والحارس لا يعتبر من الغير.
على عكس الاتجاه السابق ذهب فريق أخر من الفقهاء إلى حق المتضرر في الحصول على تعويض وقاموا بتفنيد حجج الفريق السابق فبالنسبة للاعتبار الأخلاقي قالوا بأنه ينطوي على شيء فيه مبالغة، لأن المجموعة بكل عناصرها ليست منزهة تماماً بل على العكس فهذه المجموعة مثارة للشبهات كونها تضم مرتكب الفعل الضار، وقد تباينت آراء المؤيدين لحق المتضرر في التعويض حول الأساس القانوني للمسؤولية الجماعية، فذهب جانب منهم إلى الاستناد لفكرة الخطأ في التنظيم Fauted'organisation أو تنظيم النشاط والتغاضي عن فكرة التنفيذ واعتبروا أن جميع أفراد المجموعة هم المنظمون لهذا النشاط[[38]]url:#_ftn38 ، وذهب أخرون في تأسيس مسؤولية المجموعة إلى أن مجرد المساهمة في نشاط خطر يعد خطأ، طالما كان النشاط الجماعي من شانه أن يؤدي إلى الإضرار بالغير، في حين افترض آخرون ثبوت الحراسة على الشيء لآخر شخص كان يحوزه لحظة وقوع الضرر، وفي تصور آخر ذهب آخرون إلى وحدة المركز القانوني لمستخدمي الشيء تجعل حراسته لهم جميعاً، وافترض آخرون مساهمة جميع الأشياء في إحداث الضرر، وأخيراً ذهب فريق إلى وجود شخصية اعتبارية لهذه المجموعة، ويرى هذا الاتجاه بإمكانية الاعتراف لمجموعة الأشخاص بالوجود القانوني ومن ثم تسأل المجموعة وكأنها شخص واحد، وتقرر المسؤولية الجماعية بالنسبة للجماعات التي تمارس حرفة أو هواية جماعية، وتنظم رحلات لذلك[[39]]url:#_ftn39 .  
ويذهب البعض إلى أن الأمر يحتاج إلى تدخل تشريعي يضع حداً لهذه الخلافات؛ لأن تركها لاجتهاد الفقه والقضاء يجعل مصير حقوق العباد مرهونة لهذه الخلافات الفقهية والاتجاهات القضائية التي لا تثبت على حال.
ورغم أن المشرع الفرنسي لم يعالج هذه المشكلة بالتحديد إلا أنه نص على تعويض المتضررين في رحلات الصيد من خلال صندوق الضمان في الحالات التي لا يتمكن فيها المتضرر من الحصول على التعويض، وذلك وفقاً للمادة L.421-8 من قانون التأمين الفرنسي المعدلة بالمرسوم رقم 2010/462 الصادر بتاريخ 6 مايو 2010، والتي نصت على التزام صندوق الضمان بتعويض ضحايا الصيد عند عدم معرفة المسؤول عن الحادث، أو أن الأفعال التي سببت الضرر غير مشمولة بالتأمين الإلزامي، أو أن الشخص غير مؤمن على مسؤوليته[[40]]url:#_ftn40 أو في حالة إفلاس شركة التأمين كلياً أو جزئياً[[41]]url:#_ftn41 .
 
ثانياً: في التشريع الفلسطيني
قررت المادة 185 من القانون المدني الفلسطيني[[42]]url:#_ftn42 التضامن Solidarite في حالة تعدد المسؤولين عن الفعل الضار حيث يصبح كل منهم مسؤولاً في مواجهة المتضرر لتعويضه عن كل الضرر الذي نتج عن الفعل الضار، بحيث يملك المتضرر الرجوع عليهم جميعاً أو على من شاء منهم مطالباً بالتعويض عن كل الضرر دون تفرقة بينهم لاختلاف نسبة مساهمتهم في إحداث الضرر، وإذا استطاع القاضي تحديد دور كل منهم الزمه بالتعويض بحسب نسبة مساهمته، وإذا تعذر ذلك يقسم عبء التعويض بينهم بالتساوي.
والفرض الذي عالجته المادة هو إحداث الضرر من قبل عدة أشخاص ساهموا بخطئهم في إحداثه، أياً كانت نسبة مساهمة كل منهم، ولكن الفرض أو الصورة محل البحث هي وجود متضرر ساهم في إحداث ضرره شخص مجهول موجود ضمن مجموعة معلومة وهو ما لم يعالجه المشرع الفلسطيني.
الفقرة الثانية: مشكلة وجود المسؤول عن الضرر ضمن جماعة معلومة في الفقه الإسلامي
عالج الفقه الإسلامي هذه الظاهرة بحيث لو وجد قتيل في محل أشخاص معينون دون أن يعرف القاتل فتجب القسامة، واختلف الفقهاء في مشروعية القسامة فذهب الجمهور[[43]]url:#_ftn43 إلى وجوبها وبالتالي فهي أحد طرق الإثبات في جريمة القتل مستندين في ذلك إلى جملة من الأحاديث الدالة على القسامة.
في حين أنكر القسامة فريق أخر[[44]]url:#_ftn44 من منطق أنه لا يجوز الحكم استناداً عليها، لأنها مخالفة لأصول الشرع، وهي أنه لا يقسم أحد إلا ما علم قطعاً أو شاهد حساً[[45]]url:#_ftn45 ، كما استندوا في إنكارهم لها بحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "لو تعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمن على المدعى عليه"[[46]]url:#_ftn46 .
ونؤيد بدورنا موقف الجمهور من وجوب القسامة، لسلامة ما ذهبوا إليه،ونرى بأن وجوب القسامة يكون في حالة وجود أدلة إلا أن هذه الأدلة لا تكفي لوجوب الحكم وهو ما يعبر عنه الجمهور باللوث، ومن ثم فإن إقامة القسامة يشكل حماية للمتضرر ويجب على من يدعيها أن يقسم بان القاتل من أهل المحلة، وفي هذه الحالة لا يتم القسم على شيء مجهول وإنما على شيء معلوم، ولكنه إما أن يكون غير محدد، وإما يكون سبب الإيمان عدم كفاية الأدلة.
المبحث الثاني: دور الدولة عند تعذر حصول المتضرر على التعويض
رغم التقدم الواضح في مجال التعويض من خلال تدخل المشرع وإنشاء صناديق الضمان لتعويض بعض الأضرار التي يتعذر فيها معرفة المسؤول عن الضرر كضحايا الإرهاب ونقل الدم الملوث، وضحايا الصيد في فرنسا، وضحايا حوادث الطرق في كل من فرنسا ومصر وفلسطين، إلا أن إسباغ الحماية التشريعية للمتضررين لا تسعف كل الحالات؛ فثمة حالات يتحقق فيها الضرر دون أن تخضع هذه الحالات للنصوص التشريعية ومن ذلك ضحايا الكوارث الطبيعية De Catastrophes naturelles كالزلازل Les séismes، والفيضانات Les inondations والثورات Révolutions كما حدث في ثورات الربيع العربي في عدد من البلدان العربية، وغير ذلك من الحوادث التي يترتب عليها وقوع ضحايا أبرياء
وبسبب هذا القصور التشريعي[[47]]url:#_ftn47 نادى بعض الفقهاء بوجوب تدخل الدولة فهي بالإضافة إلى واجباتها في توفير الأمن والحماية للمواطنين، فهي مسؤولة عن تعويض ضحايا الجرائم اللذين حالت الظروف دون حصولهم على تعويض، ذلك أن التعويض في مفهومه الحديث أصبح يستند إلى مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة، أو بسند إلى مبدأ التضامن الوطني وما يترتب على ذلك من إحساس المتضرر بالعدل[[48]]url:#_ftn48 .
المطلب الأول: موقف الفقه من فكرة قيام الدولة بالتعويض
تباينت أراء الفقهاء في قيام الدولة بالتعويض إلى مؤيد لهذه الفكرة (القرة الأولى)، ومعارض لها (الفقرة الثانية)، وسنعرض تبعاً لآراء الفقهاء في ذلك.
الفقرة الأولى: الاتجاه المؤيد لفكرة قيام الدولة بالتعويض
يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى وجوب تدخل الدولة لتعويض المتضررين في الحالات التي لا يتمكن فيها المتضرر من الحصول على تعويض بسبب تعذر معرفة المسؤول عن ضرره، أو بسبب تعذر حصوله على التعويض لإعسار المسؤول واستند أنصار هذا الاتجاه إلى عدة حجج من أهما:
  1. أن الدولة حظرت على المجني عليهم إقامة العدالة لأنفسهم، وأخذت على عاتقها منع الجريمة، وإعادة التوازن الذي أختل بسبب وقوع الجريمة، أو الفعل غير المشروع، ومن مقتضيات إعادة هذا التوازن أن تدفع للمتضرر التعويض الذي كان سيحصل عليه من غريمه لو كان معلوماً أو ميسور الحال.
  2. من مقتضيات مبدأ المساواة الذي تنص عليه الدول في صلب دساتيرها[[49]]url:#_ftn49 وقوانينها ألا يحصل شخص على حقه ويحرم آخر لعدم معرفة المسؤول عن ضرره، لذلك وتحقيقاً لهذا المبدأ وجب على الدولة أن تتدخل وتقوم بأداء التعويض إلى المتضررين اللذين تعذر معرفة المسؤول عن ضررهم، أو تعذر حصولهم على التعويض بسبب الإعسار، على أن تحل الدولة محل المتضرر عند معرفة المسؤول أو عند يساره بما أدته من تعويض.
  3. تقوم سياسات الدول على إعانة المواطنين عند البطالة أو العجز عن العمل أو فقد العائل، ولذلك يجب على الدولة ألا تترك المجني عليه ومن يعولهم أو ورثته يقاسون آثار الجريمة، ويجب عند تعذر حصولهم على التعويض أن تقدم الدولة يد العون للضحية من خلال منحه التعويض الكامل.
  4. تفرض الدولة على مواطنيها بعض الواجبات، مثل الإبلاغ عن وقوع الجرائم ومرتكبيها والإدلاء بشهاداتهم أمام القضاء، ومساعدة السلطة في تنفيذ مهامها، كالمساعدة في القبض على الجناة، فإذا أصيب أحد المواطنين بضرر أثناء تأديته لواجبات كان لزاماً على الدولة أن تؤدي له التعويض.
ويؤيد الفقهاء فكرة تدخل الدولة بالتعويض عند تعذر معرفة المسؤول أو إعساره أو عدم تمكن المتضرر من الحصول على التعويض لأي سبب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تحقيق مبدأ المساواة، والتكافل الاجتماعي، وشعور الضحية بالعدل والاستقرار النفسي، وقد نصت المادة الثانية من الاتفاقية الأوروبية لتعويض ضحايا جرائم العنف على أنه: "عندما لا يتوفر التعويض الكامل من مصادر أخرى يجب على الدولة المساهمة في التعويض للأشخاص الذين عانوا من إصابات جسدية خطيرة، أو ضعف في الصحة، وللأشخاص الذين كانوا يعتمدون على المتوفى نتيجة لجريمة من هذا القبيل"[[50]]url:#_ftn50 .
ومن وجهة نظرنا نرى أن إلزام الدولة بالتعويض يجد مصدره في الدستور الذي يوجب عليها أداء تعويض لكل من اعتدى على حريته الشخصية أو حرمة حياته الخاصة أو غير ذلك من الحريات والحقوق العامة التي يكفلها الدستور والقوانين الأخرى، كما أنه من مقتضيات التضامن الاجتماعي الذي يقوم عليه المجتمع أن تقوم الدولة بتعويض من يتعذر تعويضه لأي سبب، إضافة إلى أن إلزام الدولة بالتعويض فيه إحياء للقاعدة الشرعية "لا تبطل دم في الإسلام"، والقاعدة التي نصت عليها مجلة الأحكام العدلية والقاضية ب "الضرر يزال"، كما أن تدخل الدولة بالتعويض يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية وما استقر عليه الفقه الإسلامي.
الفقرة الثانية: الاتجاه المعارض لفكرة قيام الدولة بالتعويض
ذهب أنصار هذا الاتجاه إلى عدم وجوب إلزام الدولة بالتعويض، واستند أنصار هذا الرأي إلى عدة أسانيد وهي:
  1. وجود أنظمة قانونية، مثل صندوق الضمان في قانون التأمين الإجباري، ونظام التأمين الاجتماعي ونظام المساعدات العامة، وهذه الأنظمة من شأنها أن تضمن حق المتضرر في الحصول على حقه في التعويض.
  2. إلزام الدولة بالتعويض سيضيف عبئاً مالياً جديداً على الدولة إلى جانب الأعباء الأخرى الملقاة على كاهلها إضافة إلى أن التسليم بذلك مفاده اتهامها بالقصور في حفظ الأمن.
  3. تدخل الدولة في التعويض سيؤدي إلى تمادي المجرمين في الفرار بعد ارتكابهم الفعل غير المشروع، وهذا من جانب، ومن جانب آخر سيؤدي إلى عدم تبصر المواطنين من أجل الحصول على التعويض، ومن ثم ازدياد عدد الجرائم.
وقد فند أنصار فكرة تدخل الدولة أسانيد المعارضين كما يلي:
  1. عدم كفاية الأنظمة القانونية القائمة التي قالوا بها، فنظام التأمين الإجباري لا يغطي بعض الحالات كما لو تمكن المسؤول من دفع مسؤوليته بإثبات السبب الأجنبي، وكذلك فإن نظام التأمين الاجتماعي يواجه مخاطر من نوع خاص تتعلق بفئة معينة من المجتمع وأمام نظام المساعدات العامة فلا يقدر التعويض بحجم الضرر وإنما يمنح مبالغ مقدرة تقديراً جزافياً.
  2. القول بفشل الدولة في حفظ الأمن وإضافة عبء مالي جديد قول مبالغ فيه مبالغة، ولا محل له على الإطلاق؛ لأن إلزام الدولة بالتعويض إنما يجد أساسه في فكرة التكافل الاجتماعي الذي تعمل الدولة على تحقيقه.
  3. القول بزيادة الأعباء المالية على الدولة يمكن معالجته من خلال إنشاء صندوق له موارده الخاصة البعيدة عن ميزانية الدولة، مثل الغرامات التي يحكم بها في الجرائم المختلفة، وجزء من الضرائب التي يتولى دفعها المواطنين إضافة إلى ذلك فإن الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه المسؤولين عن الضرر، فهي حتماً ستلاحقهم، وعند الإمساك بهم لها الحلول محل المتضرر في الحصول على التعويض الذي قامت بتأديته للمتضرر.
المطلب الثاني: دور بيت المال في الفقه الإسلامي
اتفق معظم الفقهاء[[51]]url:#_ftn51 على إلزام بيت مال المسلمين بالدية متى تعذر الحصول عليها من المسؤول عن الضرر واستند هؤلاء الفقهاء إلى جملة من الأحاديث والآثار نذكر منها:
  1. ما روي عن رسول الله أنه عندما قتل عبد الله بن سهل في خيبر وتعذر معرفة قاتله دفع ديته رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من بيت المال.
  2. حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه[[52]]url:#_ftn52 ، قال السندي أعقل عنه؛ أي أعطي عنه الدية[[53]]url:#_ftn53 .
  3. عملاً بقاعدة الغرم بالغنم، فلو وجد قتيل في مسجد أو شارع فكون عامة ينتفعون بالمسجد والشارع كان الغرم عليهم، فيدفع من مالهم الموضوع لهم في بيته[[54]]url:#_ftn54 .
وهكذا سبق التشريع الإسلامي كافة الأنظمة الوضعية وأسبغ الحماية لكل المتضررين، فقد أكمل التشريع الإسلامي دائرة الحماية للمتضررين من خلال مبدأ مهم تقرر في الفقه الإسلامي وهو لا يبطل دم في الإسلام، فعلى سبيل المثال في حوادث القتل، إن عرف القاتل كان ملزماً بالدية، ولأن الحمل ثقيل، ومن منطلق النصرة والمواساة والمعنوية، وحتى يضمن أن يحصل المتضرر على حقه كاملاً، جعل التشريع الإسلامي وفقاَ للرأي الراجح في الفقه[[55]]url:#_ftn55 الدية في القتل الخطأ على العاقلة وهم قرابة القاتل من جهة الأب أو العصبات الذين يرثون بالنسب[[56]]url:#_ftn56 ، وذلك على سبيل المواساة والنصرة، والتعاون والتخفيف عن المسؤول عن الضرر، فإن لم يعرف القاتل وكان القتيل في محلة معينة كانت الدية على أهل هذه المحلة، وإن قتل في زحام أو تعذر معرفة القاتل لأي سبب من الأسباب كانت الدية من بيت مال المسلمين وهكذا لا يبطل دم في الإسلام.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
  •  
بعد أن عرضنا للمشكلة وطرق الحلول التشريعية والفقهية انتهينا إلى أنه وبالرغم من أن المشرع الفرنسي قد توسع في الدور الذي أناطه بالصندوق إلا أن هناك قصور تشريعي في هذا القانون، إضافة إلى أن هناك قصور تشريعي في هذا القانون، إضافة إلى القصور في التشريع الفلسطيني الذي اقتصر فيه حق مطالبة المتضرر للصندوق في حوادث الطرق دون غيرها، حيث يوجد العديد من الحالات التي يوجد فيها متضرر دون أن يجد من يرجع عليه لا دولة ولا الأشخاص، وهذا على عكس التشريع والفقه الإسلامي الذي عالج المسألة منذ القدم على أساس قاعدة بسيطة ومتينة وهي "لا يبطل دم في الإسلام" من خلالها يحق لكل متضرر الحصول على حقه في التعويض سواء عرف المسؤول عن الضرر فيرجع عليه أم لم يعرف فتتكفل الدولة من خلال بيت المال، وقد استندت هذه القاعدة لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "أنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه"، لذلك يجب الرجوع إلى الفقه الإسلامي والتشريع الإسلامي لتطبيقه، ولتحقيق الحماية المطلوبة والحقيقية للمتضرر الذي لا يجد من يعوضه في الحالة التي يكون المتسبب بالضرر مجهولاً، أو يكون المتسبب بالضرر معروف ولكنه معسور. التوصيات:
  1. يجب على المشرع الفلسطيني والمشرع المغربي، تعديل نصوصهم القانونية والنص على جواز المطالبة بالتعويض الذي يستحقه الشخص الذي تعرض لإصابة جسدية أدت إلى وفاته، حيث انه من غير المعقول ما أخذت به التشريعات بأن التعويض في هذه الحالة لا يتم إلا إذا طالب به المتضرر، فمن غير المتصور أن فاقد الحياة يستطيع المطالة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به. 
  2. يجب على المشرع الفلسطيني أن يستحدث صندوق لتعويض المتضررين الذين لا يجدون من يعوضهم أو في الحالات التي يكون المتسبب فيها بالضرر مجهول أو على الأقل التوسع في الدور الذي أناطه بالصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق، حيث أنه اقتصر فيه حق مطالبة المتضرر للصندوق في حوادث الطرق دون غيرها، وهناك العديد من الحالات التي يجد فيها المتضرر نفسه بلا تعويض لعدم وجود من يرجع عليه بالتعويض سواء كانت الدولة أو الأشخاص، لعدم وجود نص قانوني يعالج هذه المشكلة.  
  3. يجب على المشرع أن يطبق القاعدة التي نص عليها الفقه الإسلامي والتي جاء فيها "لا يبطل دم في الإسلام" وذلك حتى يحق لكل متضرر الحصول على حقه في التعويض.
  4. يجب على المشرع أن يحقق العدالة بين أفراد المجتمع من خلال تعويض جميع المصابين اللذين لا يستطيعون الحصول على التعويض، كي لا يجد أحدهم نفسه بلا تعويض والآخر يحصل على حقه الكامل.
  5. رفع قيمة الغرامات الجنائية المقررة كعقوبة على جرائم التعدي على الأشخاص وجعل هذه الغرامات مورداً مالياً لصندوق تعويض المتضررين جسدياً.
  6.  
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
لائحة المراجع:
مراجع الفقه الإسلامي:
  • أبو حسن الحنفي، المعروف بالسندي، سنن ابن ماجة وبحاشيته تعليقات مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة، للإمام البوصيري، الجزء الثالث، تحقيق خليل مأمون شيحة، الطبعة الأولى، دار المعرفة، بيروت، سنة: 1996.
  • أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، الجزء الثالث، مؤسسة قرطبة، سنة: 1995.
  • شهاب الدين أحمد ابن محمد الحنفي الحموي، غمز عيون البصائر، شرح الأشباه والنظائر لابن نجيم، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة: 1985.
  • أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق، الجزء الرابع، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة: 1998.
  • محي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، بيت الأفكار الدولية، عمان، بدون سنة نشر.
  • وهبة الزحلي، نظرية الضمان أو أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه الإسلامي، دراسة مقارنة، الطبعة الثامنة، دار الفكر بدمشق، ودار الفكر المعاصر بيروت، سنة: 2008.
  • أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي الشهير بابن حزم الظاهري، المحلى في شرح المجلى بالحجج والأثار، تحقيق حسان عبد المنان، بيت الأفكار الدولية عمان، سنة: 2003.
  • الإمام مالك بن أنس، المدونة الكبرى، الجزء الرابع، رواية سحنون بن سعيد، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة: 1994.
  • الإمام محمد بد إدريس الشافعي، الجزء السابع، تحقيق، رفعت فوزي عبد المطلب، الطبعة الأولى، دار الوفاء، المنصورة، سنة: 2001.
  • الشوكاني، الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية، الطبعة الأولى، دار الهجرة، صنعاء، سنة: 1991.
  • أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، الجزء 23، تحقيق سعيد أحمد أعراب، مطبوعات وزارة الشؤون الإسلامية بالمغرب، سنة: 1990.
  • علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، تحقيق وتعليق علي محمد معوض، وعادل أحمد عبد الموجود، الجزء العاشر، الطبعة الثانية، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة: 2003.
 
المراجع العامة:
  • أبو ستيت أحمد حشمت، نظرية الالتزام في القانون المدني، الكتاب الأول، مصادر الالتزام، الطبعة الثانية، مطبعة مصر، سنة: 1954.
  • أبو ملوح موسى سليمان، شرح القانون المدني الأردني، مصادر الالتزام، الكتاب الثاني، المصادر غير الإرادية، الفعل الضار، الفعل النافع والقانون، بدون ناشر، سنة: 1995.
  • جبر سعيد، أحكام الالتزام، الطبعة الأولى، النسر الذهبي للطباعة، سنة: 1997.
  • جبر سعيد، مصادر الالتزام، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة: 2009.
  • جبر سعيد، المسؤولية الرياضية، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، القاهرة، سنة: 1992.
  • حجازي عبد الحي، النظرية العامة للالتزام، الجزء الأول، المصادر غير الإرادية، المطبعة العالمية، القاهرة، سنة: 1962.
  • عفيف أبو كلوب، التعويض عن الضرر عند تعذر الحصول عليه من المسؤول عن الضرر، مقال منشور في مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإسلامية، المجلد الثاني والعشرون، العدد الثاني، سنة: 2014.
  • الحمداني شعيب أحمد، قانون حمورابي، منشورات جامعة بغداد، سنة: 1988
  • زكي محمود جمال الدين، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المصري، الجزء الأول، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، سنة: 1968.
  • سرور محمد شكري، مشكلة تعويض الضرر الذي يسببه شخص غير محدد من بين مجموعة محددة من الأشخاص، دار النهضة العربية، سنة: 1983.
  • السنهوري عبد الرزاق احمد، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، تحديث أحمد مدحت المراغي، مطبوعات لجنة الشريعة الإسلامية بنقابة المحامين المصرية، سنة: 2006.
  • عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، دار التراث اللبنانية، لبنانية.
  • عبد الرحمن محمد الشريف، دروس في شرح القانون المدني، الجزء الأول، النظرية العامة للالتزامات، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، سنة: 2005.
  • مأمون عبد الرشيد، علاقة السببية في المسؤولية المدنية، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون سنة نشر.
  • واصف سعد، شرح قانون التأمين الإجباري من المسؤولية عن حوادث السير، المطبعة العالمية، القاهرة، سنة: 1963.
الرسائل والأطروحات الجامعية:
  • إبراهيم طه عبد المولى، مشكلات تعويض الأضرار الجسدية في القانون المدني في ضوء الفقه والقضاء، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، دار الفكر والقانون، المنصورة، سنة: 2000.
  • مصطفى أبو زيد عبد الباقي، التأمين من المسؤولية المدنية عن حوادث السير، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة عبن شمس، سنة: 1994.
  • حياتي يعقوب محمد، تعويض الدولة للمجني عليهم في جرائم الأشخاص، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة القاهرة، سنة: 1978.
  • رفاعي محمد نصر، الضرر كأساس للمسؤولية المدنية في المجتمع المعاصر، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة القاهرة، سنة: 1978.
  • بحماويتشوار جيلالي، التعويض عن الأضرار الجسمانية بين الأساس التقليدي للمسؤولية المدنية والأساس الحديث، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر، السنة الجامعية: 2007-2008.
  • راضي طه الجعبة، الصندوق الفلسطيني لتعويض ضحايا حوادث الطرق بين النظرية والتطبيق، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة بير زيت، سنة: 2005.
المجلات والمقالات
  • جبر سعيد، الالتزام التضامني، مقال منشور بمجلة القانون والاقتصاد التي تصدرها كلية الحقوق بجامعة القاهرة، العدد 69، سنة: 1999.
  • الزقرد أحمد السعيد، تعويض الأضرار الناشئة عن جرائم الإرهاب، مقال منشور في مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، تصدرها كلية الحقوق بجامعة المنصورة، عدد خاص، أبريل 1998.
  • عماد الشربيني، القانون التجاري الجديد لسنة 1999، مقال منشور بالمجلة الكبرى، العدد السابع، مصر، سنة: 2002.
 
المراجع باللغة الفرنسي:
  • Aberkane (H), Du dommage causé par uné personne Rev. Trim. 1958.
  • Mazeaud (Henri et Léon): Impossibilité de déterminer, parmi des fautes simultanément commises par plusieurs personnes celle qui a causé le dommage, R. T. D. C., 1956.
  • Cass 2eme chamber civile 2, du 11 avril 2002, publication, bulletin 2002 II N 72.
 
[[1]]url:#_ftnref1 - عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، دار التراث اللبنانية، لبنان، ص: 783.
[[2]]url:#_ftnref2 - سعيد جبر، أحكام الالتزام، مصادر الالتزام، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة: 2009، ص: 338.
[[3]]url:#_ftnref3 - محمد شريف عبد الرحمن، دروس في شرح القانون المدني، الجزء الأول، النظرية العامة للالتزامات، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، سنة: 1991، ص: 388، موسى سليمان أبو الملوح، شرح القانون المدني الأردني، مصادر الالتزام، الكتاب الثاني، المصادر غير الإرادية، الفعل الضار، الفعل النافع والقانون، بدون ناشر، سنة: 1995، ص: 1 وما بعدها.
[[4]]url:#_ftnref4 - فمانع السببية يؤدي إلى قطع الصلة بين الخطأ المنسوب لشخص وبين الضرر الحاصل للمتضرر، راجع في ذلك: محمد شكري سرور، مشكلة تعويض الضرر الذي يسببه شخص غير محدد من بين مجموعة محددة منم الأشخاص، دار النهضة العربية، سنة: 1983، ص: 17 وما بعدها.
[[5]]url:#_ftnref5 - يقصد بالتضامن: أن يوجد عدة مدينين ملتزمين تجاه الدائن بذات الدين، كما لو اشترك عدة أشخاص في إحداث الضرر فيكون المسولون عنالضرر كتضامنين في دين التعويض، متى وفى به أحدهم برء منه الآخرون، مع حق الموفي بالرجوع عليهم بحسب نصيب كل منهم، راجع سعيد جبر، أحكام الالتزام، مرجع سابق، ص: 292، ويختلف التضامن عن الالتزام التضامني في أن الأخير يفترض أن هناك عدة مدينين ملتزمين بذات الدين إلا أهن مصدره بالنسبة لكل منهم مستقل عن الأخر، راجع في ذلك: سعيد جبر، الالتزام التضامني، بجث منشور بمجلة القانون والاقتصاد التي تصدرها كلية الحقوق بجامعة القاهرة، العدد التاسع والستين، سنة: 1999، ص: 20.
[[6]]url:#_ftnref6 - بحماويتشوار جيلالي، التعويض عن الأضرار الجسمانية بين الأساس التقليدي للمسؤولية المدنية والأساس الحديث، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر، السنة الجامعية: 2007-2008ص: 116.
[[7]]url:#_ftnref7 - طه عبد المولى طه، مشكلات تعويض الأضرار الجسدية في القانون المدني في ضوء الفقه والقضاء، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، دار الفكر والقانون، المنصورة، سنة: 2000، ص: 222.
[[8]]url:#_ftnref8 - محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص: 17.
[[9]]url:#_ftnref9 - قرار صادر عن محكمة النقض المصرية، صادر بتاريخ: 13/12/1954، منشور بمجلة المحاماة، عدد 36، ص: 310، مقتبس عن محمد شكري سرور، المرجع السابق، ص: 18.
[[10]]url:#_ftnref10 - Loi n° 48-1416 du 15 septembre 1948 modifiant et complétant l’ordonnance du 28 août 1944 relative à la répression des crimes de guerre.
[[11]]url:#_ftnref11 : راجع في شرح هذا القانون:
  • Aberkane (H), Du dommage causé par uné personne Rev. Trim. 1958, P : 517.
  • - أورده طه إبراهيم عبد المولى، مشكلات التعويض عن الأضرار الجسدية، مرجع سابق، ص: 224.
[[12]]url:#_ftnref12 - يرى الاتجاه الرافض لتعويض المتضرر في هذه الحالة أن اعتبارات الضمير وقواعد العدالة لا تقبل إدانة جميع أفراد الجماعة لمجرد وجود خطأ في جانب واحد منهم مما يستلزم إدانة أبرياء، ولعل ما يبررون به موقفهم هو مانع العلاقة السببية الذي رأيناه بالإضافة إلى فكرة الحراسة، وحيث يرون أنه باستخدام مجموعة من الأشخاص لشيء من الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة، وإذا كان المتضرر سوف يعفى من إثبات الخطأ إلا أن ثبوت حقه في التعويض يتوقف على إثبات حراسة هذا الشيء لكل أفراد الجماعة، ويرون أن هذا التصور تحول دونه طبيعة الحراسة في حد ذاتها، فالحراسة إن جاز أن تتبادل إلا أنها لا يتصور أن تتعدد، لذلك يتساءلون في خصوص حوادث الصيد عن كيفية الكلام عن حراسة جماعية لمجموع البنادق المستعملة، للمزيد حول هذا الاتجاه راجع: محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص: 23 وما بعدها.
[[13]]url:#_ftnref13 - وتتمثل هذه الفرضية في إصابة بعض الأشخاص بسبب الأعيرة النارية من هواة الصيد حالة ممارستهم لها، إذ يحدث غالباً أن تنظم مجموعات من الأشخاص رحلات جماعية لصيد الحيوانات، ويتم إطلاق الأعيرة النارية في أوقات متزامنة، وفي بعض الأحيان قد تقع إصابات نتيجة ذلك، سواء لمن هم في ذات المجموعة أم من الغير، ويثور التساؤل، عند وقوع إصابات بسبب إطلاق هذه الأعيرة عن مدى إمكانية تعويض المتضرر، ومن هو الشخص الذي يمكن الزامه بالتعويض إن جاز ذلك، وجوهر المشكلة يتمثل في أنه ولئن انعدم الدليل على معرفة شخص المتسبب في الحادث على وجه التحديد، إلا أنه لا جدال على أنه أحد هؤلاء الأشخاص المحددين. 
[[14]]url:#_ftnref14 - بحماويتشوار جيلالي، مرجع سابق، ص: 119.
[[15]]url:#_ftnref15 - الفصل (99) من قانون الالتزامات والعقود المغربي.
[[16]]url:#_ftnref16 - الفصل (100) من قانون الالتزامات والعقود.
[[17]]url:#_ftnref17 - عماد الشربيني، القانون التجاري الجديد لسنة 1999، مقال منشور بالمجلة الكبرى، العدد السابع، مصر، سنة: 2002، ص: 313.
[[18]]url:#_ftnref18 - عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، مرجع سابق، ص: 925 وما بعدها.
[[19]]url:#_ftnref19 - قانون المخالفات المدنية المعدل والمتمم من خلال القانون رقم 5 لسنة 1947.
[[20]]url:#_ftnref20 - قانون التأمين الفلسطيني رقم (20) لسنة 2005.
[[21]]url:#_ftnref21 - يقصد بالصندوق هنا "الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق" حيث نصت المادة (170) من قانون التأمين الفلسطيني على أنه: "ينشأ بموجب أحكام هذا القانون صندوق يسمى "الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق" وتكون له الشخصية الاعتبارية المستقلة"، وتتكون موارد هذا الصندوق من نسبة مئوية من رسوم التأمين الإلزامي تحددها الهيئة على كل وثيقة بنص المادة (172) من قانون التأمين المذكور.
[[22]]url:#_ftnref22 - المادة (173) من قانون التأمين المغربي.
[[23]]url:#_ftnref23 - ظهير شريف رقم 1.02.238 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5054، صادر بتاريخ 2 رمضان 1423 (7 نوفمبر 2002)، ص: 3105.
[[24]]url:#_ftnref24 - الفقرة السابعة من المادة (152) من مدونة التأمينات المغربية.
[[25]]url:#_ftnref25 - قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (2) لسنة 2001.
[[26]]url:#_ftnref26 - المادة (164) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الفلسطيني.
[[27]]url:#_ftnref27 - يقصد بالمباشر "من يلي الأمر بنفسه"، للمزيد حول ذلك راجع سليم رستم الباز، شرح المجلة، منشورات الحلبي الحقوقية، سنة: 2009، ص: 59، وحدد المباشر هو أن يحصل التلف بفعله من غير أن يتخلل بين فعله والتلف فعل مختار، راجع شهاب الدين أحمد ابن محمد الحنفي الحموي، غمز عيون البصائر، شرح الأشباه والنظائر لابن نجيم، الجزء الأول، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة: 1985، ص: 466.
[[28]]url:#_ftnref28 - عرف الفقهاء المتسبب بأنه: "ما يحصل الهلاك عنده بعلة أخرى، إذا كان السبب المقتضى لوقوع الفعل بتلك العلة" راجع: أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق، الجزء الرابع، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة: 1998، ص: 69.
[[29]]url:#_ftnref29 - محي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، بيت الأفكار الدولية، عمان، بدون سنة نشر، ص: 1066.
[[30]]url:#_ftnref30 - وهبة الزحلي، نظرية الضمان أو أحكام المسؤولية المدنية والجنائية في الفقه الإسلامي، دراسة مقارنة، الطبعة الثامنة، دار الفكر بدمشق، ودار الفكر المعاصر بيروت، سنة: 2008، ص: 258.
[[31]]url:#_ftnref31 - أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي الشهير بابن حزم الظاهري، المحلى في شرح المجلى بالحجج والأثار، تحقيق حسان عبد المنان، بيت الأفكار الدولية عمان، سنة: 2003، المسألة 2149، ص: 2025.
[[32]]url:#_ftnref32 - سعيد جبر، المسؤولية الرياضية، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة: 1992، ص: 56.
[[33]]url:#_ftnref33 - Mazeaud (Henri et Léon): Impossibilité de déterminer, parmi des fautes simultanément commises par plusieurs personnes celle qui a causé le dommage, R. T. D. C., 1956, n 47.
[[34]]url:#_ftnref34 - راجع الأحكام الفرنسية المتعددة في هذا الخصوص، أشار إليها محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص: 19.
[[35]]url:#_ftnref35 - سعيد جبر، المسؤولية الرياضية، مرجع سابق، ص: 75.
[[36]]url:#_ftnref36 - عفيف أبو كلوب، التعويض عن الضرر عند تعذر الحصول عليه من المسؤول عن الضرر، مقال منشور في مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإسلامية، المجلد الثاني والعشرون، العدد الثاني، سنة: 2014، ص: 570. أبو كلوب،
[[37]]url:#_ftnref37 - "La garde n'est pas cumulative mais alternative "Cass 2eme chamber civile 2, du 11 avril 2002, publication, bulletin 2002 II N 72, P: 60.
[[38]]url:#_ftnref38 - سعيد جبر، المسؤولية الرياضية، مرجع سابق، ص: 57.
[[39]]url:#_ftnref39 - محمد شكري سرور، مشكلة تعويض الضرر، مرجع سابق، ص: 15 وما بعدها، طه عبد المولى إبراهيم، مشكلات التعويض عن الأضرار الجسدية في القانون المدني، .............................، ص: 224.
[[40]]url:#_ftnref40 - ألزمت المادة L.223-13 من قانون الصيد البحري في المناطق الريفية الصيادين بالتأمين على مسؤوليتهم المدنية ضد الضحايا أو عائلاتهم وذلك بسبب الأضرار الجسدية الناجمة عن أي عمل من أعمال الصيد. 
[[41]]url:#_ftnref41 - Art. L. 421-8 Modifie par l'Ordonnance n2010-462 du 6 Mai 2010.
[[42]]url:#_ftnref42 - نصت المادة 185 من القانون المدني الفلسطيني رقم 4 لسنة 2012 على أن: "إذا تعدد المسؤولون عن الفعل الضار التزم كلمنهم في مواجهة المتضرر لتعويض كل الضرر، ويتوزع غرم المسؤولية بينهم بقدر دور كل منهم في إحداث الضرر، فإذا تعذر تحديد هذا الدور وزع عليهم غرم المسؤولية بالتساوي"، ولم يعالج القانون مشكلة وجود مسؤول عن ضرر بين مجموعة معلومة.
[[43]]url:#_ftnref43 - الإمام محمد بد إدريس الشافعي، الجزء السابع، تحقيق، رفعت فوزي عبد المطلب، الطبعة الأولى، دار الوفاء، المنصورة، سنة: 2001، ص: 224.
[[44]]url:#_ftnref44 من الذين ينكرون القسامة، سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، راجع في ذلك ابن الحزم، المحلي، مرجع سابق، المسألة 2149، ص: 2031.
[[45]]url:#_ftnref45 - راجع في عرض حجج المنكرين للقسامة، ابن حزم المحلي، مرجع سابق، المسألة رقم 2149، ص: 2029 وما بعدها.
[[46]]url:#_ftnref46 - النووي، المنهاج على صحيح مسلم، مرجع سابق، حديث رقم 1711، ص: 1100.
[[47]]url:#_ftnref47 - أصدر المشرع الفرنسي عام 1982 القانون رقم 600-82 في 13 يوليو 1982 والخاص بدفع التعويضات لضحايا الكوارث الطبيعية بموجبه جعل عقود التأمين التي تغطي الأضرار الناجمة عن الحريق أو أضرار الممتلكات تغطي أيضاً الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية وهو ما نصت عليه المادة الأولى من هذا القانون.
[[48]]url:#_ftnref48 - بو زيد الجبلالي، إصلاح الأضرار الناتجة عن الأعمال الإرهابية وقواعد المسؤولية الإدارية، بحث منشور على الموقع الإلكتروني www.lawjo.net .
- تم الاطلاع عليه بتاريخ: 14/09/2019، على الساعة: 20:02 دقيقة.
[[49]]url:#_ftnref49 - نصت المادة (9) من القانون الأساسي الفلسطيني على أن: "الفلسطينيون أما القانون والقضاء سواء ولا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة،"، ونصت المادة الأولى من الدستور الفرنسي على أن: "تضمن المساواة أمام القانون لجميع المواطنين بغض النظر عن العرق أو الأصل أو الدين"
Art. 1 Constitution de la République du 4 octobre 1958 : « Elle assure l’égalité devant la loi de tous les citoyens sans distinction d’origine, de race ou de religion ».
[[50]]url:#_ftnref50 Art. 2-1 Convention européenne relative au dédommagement des victimes d’infractions violentes, Strasbourg. 24 Novembre 1983M «De ceux qui ont subi de graves atteintes au corps ou à la santé résultant directement d’une infraction intentionnelle de violence: de ceux qui ont subi de graves atteintes au corps ou à la santé résultant directement d’une infraction intentionnelle de violence: de ceux qui étaient à la charge de la personne décédée à la suite d’une telle infraction».
[[51]]url:#_ftnref51 - الشوكاني، الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية، الطبعة الأولى، دار الهجرة، صنعاء، سنة: 1991، ص: 316؛ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، الجزء 23، تحقيق سعيد أحمد أعراب، مطبوعات وزارة الشؤون الإسلامية بالمغرب، سنة: 1990، ص: 211.
[[52]]url:#_ftnref52 - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، الجزء الثالث، مؤسسة قرطبة، سنة: 1995، المسألة رقم 1391/6، ص: 174.
[[53]]url:#_ftnref53 - أبو حسن الحنفي، المعروف بالسندي، سنن ابن ماجة وبحاشيته تعليقات مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة، للإمام البوصيري، الجزء الثالث، تحقيق خليل مأمون شيحة، الطبعة الأولى، دار المعرفة، بيروت، سنة: 1996، ص: 271.
[[54]]url:#_ftnref54 - عفيف أبو كلوب، مرجع سابق، ص: 586.
[[55]]url:#_ftnref55 - يخالف جمهور الفقه كل من الأصم وابن علية، وطائفة من الخوارج فأوجبوا دية الخطأ على القاتل دون العاقلة كالعمد، راجع في عرض هذه الآراء والحجج التي ساقوها، علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، تحقيق وتعليق علي محمد معوض، وعادل أحمد عبد الموجود، الجزء العاشر، الطبعة الثانية، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة: 2003، ص: 314.
[[56]]url:#_ftnref56 - تتحمل العاقلة وفقاً للجمهور أيضاً القتل العمد الصادر من الصبي والمجنون والمعتوه؛ لأن العمد الصادر كالخطأ، راجع الإمام مالك بن أنس، المدونة الكبرى، الجزء الرابع، رواية سحنون بن سعيد، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة: 1994، ص: 630.



السبت 16 نونبر 2019

تعليق جديد
Twitter