MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




التسول بالمغرب بين الحاجة والامتهان من تسول تقليدي إلى تسول الكتروني

     

من إعداد أ: مراد عنبوش
باحث في الحقوق



التسول بالمغرب بين الحاجة والامتهان من تسول تقليدي إلى تسول الكتروني
       
مقدمة:


        تشكل ظاهرة التسول تهديدا على الأمن والتعايش والسلم الاجتماعي العالمي، فهي انحرافا عن السلوك وخروج عن العادات والتقاليد والقيم السائدة في المجتمع، كما أنها عائق على الحركة الاقتصادية والاجتماعية للبدان، حيث يعيش عدد كبير من الأشخاص عالة على أفراد المجتمع مما يعطل حركة النمو الاقتصادي ويعوق تطور المجتمع، فالتسول فيه إهدار لكرامة الإنسان أمام الناس حيث هناك فئة من المتسولين ليس دافعهم الفقر والبطالة أو قلة الصحة، بل منهم من اتخذه مهنة أو حرفة لجمع المال الوفير دون أدنى جهد[1].

       هذه الظاهرة من حيث المفهوم هناك تضارب في تعريفها لأن كل جهة تعرفه من منظورها الخاص، إلا أن أغلب الدراسات الميدانية والأكاديمية لفقهاء القانون وعلم الاجتماع أكدوا على أنها طلب العطية والإحسان من الأغنياء ومتوسطي الدخل، كما يعتبر استجداء شخص لأناس بمساعدته ماديا سواء في الأماكم العامة أو الخاصة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فالمشرع المغربي لم يعرف التسول وإنما اكتفى بالإشارة إلى الوسائل التي تتحقق بها هذه الجريمة تاركا الأمر للفقه وللقضاء[2].

     أما المتسول فهو الإنسان الذي يتخذ من التسول حرفة يكتسب بها ويعيش عليها، وحدر الله عز وجل منه مصدقا لقوله تعالى (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) البقرة: 273.

    وقد أشارت الدراسات البحثية على أن ظاهرة التسول في المغرب قد أصبحت بمثابة مهنة يحترفها الفقراء والأغنياء فهي مرتبطة بالضمير والأخلاق لا بالحاجة ولا بالفقر أو التفكك الاسري، ويشهد المغرب أربعة أنواع من المتسولين، البعض يتسول من أجل لقمة العيش مثل كبار السن والنساء الذين لا مورد لهم، والبعض الأخر متسول محترف ليس لديه إعاقة جسدية أو دهنية نشاطهم الوحيد هو التسول لأنهم يريدون كسب المال بسهولة، أما الفئة الثالثة فتتمثل في ضحايا شبكات التسول وهم غالبا أطفال صغار وذوو احتياجات الخاصة،  والبعض الرابع والأخير من يتخذون التسول حرفة رغم توفرهم على مورد قار وعقارات، وهكذا صار التسول مهنة لا تحتاج إلى خبرة أو معدات كما أن ممتهنها معفي من الضريبة على الدخل، بل تحتاج فقط بعض الحركات تتير الشفقة وإظهار بعض الإعاقات والكثير من قلة الحياء ثم الوقوف أمام أبواب المساجد أو المرور بالمقاهي وأمام المخابز والمحلات التجارية الكبرى ومحطات القطار والصيدليات ...الخ[3].

    والملاحظ في الآونة الأخيرة أن هذه الظاهرة أصبحت مرتبطة بالعنف فبعض المتسولين حين يلجأ إليك إن لم تعطه قدرا من المال إما أن يشتمك أو على الأقل ينضر إليك بنظرة ساقطة.

     وعليه وفي ضل العولمة ومع التطورات التكنولوجية التي شكلت حافزا لظهور شبكات التواصل الاجتماعي، أصبح الإنترنت بيئة خصبة للنصب والاحتيال والتسول حيث ظهر شكل جديد من التسول يسمى بالتسول الإلكتروني، هذا النوع من التسول يقوم معتمدوه على طلب المال واستجداء عاطفة مستخدميّ مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة إلكترونية بدل من الطرق التقليدية ويكون من قبل أشخاص مجهولي الهوية والمكان وبدون أذني جهد.

وعليه بناء على ما سبق تبرز أهمية الموضوع من خلال زاويتين:

*  الأولى نظرية: يمكن حصرها من خلال تحدد أسباب ومظاهر التسول مع إبراز تحول هذه الظاهرة من المفهوم التقليدي الى المفهوم الحديث الذي جاء في ظل العولمة وانتشار الشبكة العنكبوتية ووسائل الاتصال الحديثة أبرزها الحاسوب والهواتف الذكية.

* وزاوية عملية: تتمثل في تحديد ظاهرة التسول عبر الواقع وعبر المواقع مع تحديد الاليات المتعمدة للحد منها وتحديد موقف المشرع الجنائي تجاهها.
ومن هذا المنطلق سنقوم بطرح التساؤلات التالية:
 
  • فماهي إدن أسباب التسول التقليدية والحديثة بالمغرب؟
  • وماهي مظاهرهما؟
  • وماهي الأماكن التي يقصدها المتسولون؟
  • وماهي المستجدات التي عرفها التسول في ضل العولمة؟
  • وماهي الأليات والجهود المعتمدة للحد من هذه الظاهرة؟
  • وكيف يمكن للمشرع الجنائي المغربي أن يتدخل في هذا الخصوص؟
  • وكيف تلعب الأجهزة الوطنية على رأسها وزارة الداخلية دورا هاما للقضاء على هذه الأفة؟
  • وماهي وسائل الجزر المعتمدة في هذا الجانب؟
  • وكيف يمكن للمشرع الجنائي أن يلعب دور في تجريم التسول الرقمي الالكتروني مثلما فعل بخصوص التسول التقليدي؟
المحور الأول: أسباب ومظاهر التسول التقليدية والحديثة بالمغرب.

     لقد تعدد أسباب التسول سواء التي رأيناها مند القدم أو تلك الحديثة التي ظهرت في ضل العولمة خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي( فايسبوك-تيك توك-وتساب...الخ)، وقد ساهم في ارتفاعها تزايد نسبة البطالة والفقر في المجتمع المغربي مع انتشار المظاهر بين الناس بالإضافة إلى  غلاء المعيشة، كما نجد من يعتبر التسول تجارة مربحة دون أن يؤدي عنها الضريبة، وهناك من يتخذ التسول حرفة متوارثة من الأجداد،  ومن مظاهر التسول نجد الادعاء الكاذب بالحاجة الى تبرعات لغاية بناء مدرسة أو مسجد هذه الفئة من المتسولين تقصد المقاهي والأسواق حاملين شارات للإحسان العمومي مستغلين الجانب الديني في دلك، وهناك من يستعمل مستحضرات التجميل بهدف تشويه شكل الوجه والجسد لاستعطاف الناس وهناك من يدعي أن به عاهة مستديمة مع استغلاله للشواهد الطبية المزورة والفواتير القديمة كفواتير الكهرباء والماء، ونجد من المتسولين من يدعي أنه مصاب بمرض عقلي يوهم الناس بحاجته للمال،  وانتشر حاليا تسول من نوع أخر حيث تجد امرأة ومعها فتاة راشدة وطفل لباسهم نقي دورهم هو الوقوف على الناس فيخلقون أعذار لا أساس لها من الصحة  من أجل كسب شفقة الناس، وهنا تسول غير المباشر وهو الذي يبيع فيه المتسول سلع بسيطة و رمزية مثل بيع مناديل أو مسح زجاج سيارات أمام إشارات المرور ، وهناك من يدعي أنه عابر سبيل ولم يبقى له المال للسفر والأكل هد النوع نراه غالبا أمام المحطات الطرقية والقطار كما يتم استغلال الأطفال لجذب استعطاف الناس، ومن جهة تانية التسول يعرف اختلاف من حيث الزمان حيت هناك تسول موسمي ويكون مرتبط بشهر رمضان والمناسبات والأعياد الدينية، كما هناك تسول  مؤقت ناتج عن ظروف استثنائية، ونجد أيضا ما يعرف بأصحاب السترات الصفراء هؤلاء الأشخاص يقمن بارتداء سترات سفراء بمختلف الشوارع والأزقة في ربوع المملكة ويتكاثرون بشكل ملفت في فصل الصيف أغلبهم يتعاطى المخدرات والكحول دورهم الأساسي هو مضايقة واستفزاز أصحاب السيارات ويسمون أنفسهم حراس السيارات، ويفرضون إتاوات بشكل عشوائي وقسري على المواطنات والمواطنين الذين يضطرون إلى ركن عرباتهم بتلك الأماكن العمومية التي من المفروض أن يخضع تدبيرها لمجالس الجماعات الترابية، حيث من المعلوم أنه لا يمكن فرض أي مقابل مادي عن هذه الخدمة إلا بمقتضى القانون هؤلاء هم متسولين مقابل أدائهم خدمة غير قانونية[4].

   ومـع ظهور الشبكة العنكبوتية وتطور وسائل الاتصالات في ضل العولمة ظهرت طريقة جديدة للتسول عُرفت بظاهرة التسول الإلكتروني[5] الذي يعرف هو الأخر عدة أشكال:
  • التـسول عبر البريد الإلكتروني: تكون هذه الطريقة على شكل رسائل مزعجة تصل لعدد من الناس عبر البريد الإلكتروني توهمهم بحاجة المرسل للمال أو أنه مصاب بمرض خطير يحتاج إلى توفير تكلفة العلاج.[6]
  • التسـول في غرف الدردشة: تتم عن طريق الدخول عبر غرف دردشة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم فيها سرد قصص غير حقيقية من نسج الخيال تظهر حاجة صاحبها للمال.
  • التسول من خلال وضع تعليقات: هنا تجد شخص يدعى مرض في التعليق وأنه محتاج للمال للعلاج وشراء الدواء، وأي موقع قمت بتصفحه إلا وتجد تعليق هذا الشخص.
  • التسول عبر شبكة تيك توك: حيث نجد أشخاص يقمون بأشياء حاطه من كرامة الأنسان ولا تمت لتربيتنا الدينية وأصالتنا وهويتنا المغربية التي تربينا عليها، فمنم من يشبه نفسه بسمكة ومنهم بشبكة ومنهم بكلب وهناك من الأشخاص من يقوم بأفعال شيطانية يستحيي الفرد ذكرها...إلخ من أجل كسب المال، كما نجد أشخاص متزوجون يقمن بالرقص وتوثيق حياتهم الشخصية بشكل يومي دون حياء ودون غيرة على عرض وشرف بيته وزوجته وأطفاله، هؤلاء يسمون في الدين الإسلامي بالذيويتي[7]، وسيمون بالدرجة المغربية (قليل الأصل أو وبارد الكتاف).
  • كما نجد ما يعرف بروتيني اليومي: تجد هنا فتيات يقمن بعرض أجسادهم ومفاتنهم دون حياء من أجل كسب المال من غير عناء ومشقة من خلال المشاهدة والتعليقات.
  • التسول عبر رسائل نصية: تقوم باستخدام تطبيقات الدردشة، وإرسال رسائل نصية تتضمن طلب مساعدة مالية، ولكي يكون المتسول أكثر إقناعا يقوم بإرسال مرفقات، كشهادات موثقة لما يحتاجه من أموال كفواتير الكهرباء والماء، أو بادعاء الفقر والمرض وإيهام الضحايا بمرارة الفقر والحاجة للعلاج أو سد الجوع.
  • التسول عبر الشخصيات المشهورة: هذا النوع من التسول، يتم عبر انتحال المتسول صفة شخصية مشهورة فينشئ حسابا وهميا على منصات التواصل، مطابقا لحساب وصورة الشخص المشهور، مدعيا أنه يقوم بأعمال خيرية، مثل إنقاذ بعض المشردين، أو المرضى أو الحالات الاجتماعية التي تحظى بالتعاطف وبفعل مصداقية هذا الشخص المشهور وقاعدته الجماهيرية، يستطيع المتسول أن يجذب تعاطف الناس وأموالهم قبيل أن يكتشف الناس خداعة.
  • التسول عبر المواقع الإلكترونية: يمكن للمتسول أن ينشئ مواقعا الكترونية يزعم أنها تحقق أربحاً عن طريق العمل على الأنترنت. ويجمع مبالغ مالية ضخمة من الناس الراغبين في تحقيق أرباح لهم دون بدل أي جهد، لا شك أن هذا قد يدخل في خانة النصب والاحتيال، لكنه أيضا يصنف ضمن أنواع التسول الالكتروني ففي النهاية غاية المتسول واحدة كسب المال السريع.
  • التسول عبر الجمعيات: هذا النوع من التسول يعتمد على إنشاء جمعيات خيرية “وهمية”، عبر الشبكة العنكبوتية، ويحصلون على قاعدة جماهيرية كبيرة، بسبب الحالات الوهمية التي يعرضونها أو يستغلونها، لجلب أموال المتبرعين والتي بالتأكيد ستودع في حساباتهم البنكية، لذلك لابد من التأكد من كون هذه الجمعيات حقيقية على أرض الواقع.
  • التسول عبر الأحداث: قد يستغل المتسول حدثاً عاماً، كفيروس كورونا مثلا أو الفيضانات أو   الزلزال، فينشئ حساباً لجمع تبرعات المتضررين الوهميين، وقد ينشئ أيضا بعض حسابات لأشخاص تعرضوا لحادثة لاقت تعاطفاً عالمياً، منتحلين شخصيتهم وذلك عبر تنزيل صور وفيديوهات لهؤلاء الأشخاص ومن ثم يكسبون تعاطف الناس لجذب أموالهم.[8]
 

ومن معيقات التسول الالكتروني عدم وجود استراتيجية لمكافحته فهو عابر للحدود وصعب الإثبات، كما نجد قصور وسائل الاعلام في معالجة وتوعية المواطنين بمخاطره على المجتمع[9].
       أما أماكن التسول نجدها عديدة فهناك من يتسول عبر شبكات التواصل بحيث يكون بلا زمان وبلا مكان وهو ما يعرف بالتسول الرقمي الالكتروني، وهناك التسول التقليدي حيث يذهب أصحابه  للمراكز الصحية والدينية كالمساجد والمقابر خاصة يوم الجمعة، وكذا في الأسواق والمراكز التجارية وفي الأماكن السياحية والأثرية ومواقف السيارات وإشارات المرور وأيضا في أرصفة الشوارع وتقاطعات الطرق والمقاهي،  وقد انتشر في الآونة الأخيرة التسول بمحطات القطار سواء خارج المحطة أو داخلها خاصة بالقطار ذات المسافة الطويلة، ونخص الذكر هنا القطار القادم من مراكش والمتوجه الى فاس أو وجدة، حيث تجد إمراه تدعي المرض أو رجل يدعي المرض أو أنه كان في السجن فخرج منه وليس لديه المال للأكل او الملبس والمأوى وأنه يسكن بمدينة بعيدة وليس لديه المال الكافي للسفر مع قليل من البكاء لاستعطاف الناس[10].

  وعليه وبعد معالجة أسباب ومظاهر التسول التقليدية والحديثة بالمغرب في المحور الأول من الموضوع، سنقوم بالتطرق للجهود المبذولة للحد من هده الظاهرة التي تعرفها أكبر المجتمعات العالمية بما فيها المجتمع المغربي، هذا ما سنراه في المحور الثاني.

المحور الثاني: الأليات والجهود المبذولة للحد من ظاهرة التسول التقليدية والحديثة.

     من الملاحظ أن التقارير أكدت أن 43 في المئة من المتسولين متزوجون، و26 في المئة منهم أرامل، أما فئة العزاب فتشكل 20 في المئة و11 في المئة مطلقات ومطلقون، وأن عدد المتسولين يناهز بحسب إحصائيات رسمية 200 ألف، لكن تقارير وأبحاث رسمية تتحدث عن أزيد من 5000 ألف متسول بالمغرب حاليا وهو رقم تفاقم جراء أزمة كوفيد-19) وأكدت وزارة الأسرة والتضامن ورئاسة النيابة العامة كشفا مند ثالث سنوات عن معطيات، وجاء فيها أن هناك 195 ألف متسول بالمغرب، منهم 10 الأف شخص تمت متابعتهم بجنحة التسول، وأكدت  وزارة الداخلية أن المجهودات المبذولة من طرف المصالح الأمنية بتنسيق مع السلطات المحلية أسفرت خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى 31 ماي الماضي، عن تسجيل 14324 قضية متعلقة بظاهرة التسول، تم بموجبها توقيف 15908 أشخاص.[11]

     وبالتالي فالتسول يعتبر سرطان بنخر المجتمعات العالمية والعربية بما فيها المجتمع المغربي لهدا لابد من العمل عبر وضع اليات ووسائل للحد منه أبرزها:

    توفير فرص عمل تناسب كل محتاج أو فقير حتى لا يلجأ الى التسول عبر إنشاء مشاريع ودعم المبادرات الحرة مع افتتاح مراكز وجمعيات خيرية تساعد هده الفئة وكذا توفير الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية لكل فرض غير قادر عن العمل وهو ما بدا يتحقق على أرض الواقع وفق توجهات الدولة حاليا، كما يجب على الأجهزة المعنية القيام بحملات توعية المجتمع من مخاطر التسول مع تقديم حلول ومقترحات لعلاج ظاهرة[12].

       وعليه فالمصالح الأمنية بحسب وزارة الداخلية تقوم بتنسيق مع السلطات المحلية بتسخير كل الوسائل المادية والبشرية من أجل رصد المباشر والتدخل الفوري لإيقاف المتسولين مستعينين بأنظمة المراقبة بالكاميرات المثبتة في الشارع العام.

       وحيث أن المشرع المغربي في الفرع الخامس من القانون الجنائي ينص في الفصل 326 منه على (أنه يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل للعيش أو كان بوسعه الحصول عليها بالعمل أو بأية وسيلة مشروعة، ولكنه تعود ممارسة التسول في أي مكان كان).[13]

 كما أن المشرع المغربي شدد العقوبة بالنسبة للمتسول الذي يستعمل التهديد أو التظاهر بالمرض أو العاهة أو استصحاب أطفال أو طفل صغير من غير فروعه .... الخ بالعقوبة الحبسية من ثلاثة أشهر إلى سنة حتى ولو كان ذا عاهة أو معدما طبقا للمادة 327[14].

كما يعاقب المشرع المغربي الجنائي كل متشرد متسول بالحبس من سنة على ثلاثة سنوات إذا كان حاملا أسلحة أو ما شابهها طبقا للمادة 331 من القانون الجنائي[15].

 كما لابد بد من إيجاد نصوص قانونية تجرم التسول الالكتروني والرقمي، مع تشديد الرقابة والعقوبة على مواقع التواصل من قِبل الجهات المختصة، كما لابد من توعية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وتحيين القوانين الخاصة القانون الجنائي فيما يخص التسول بإضافة قانون مكافحة وتجريم التسول الرقمي القائم على النصب والاحتيال، والأهم من هذا كله توعية الجيل الجديد الذي يتعامل مع التكنولوجيا في كل مناحي الحياة بعدم التعامل مع شخص افتراضي، وهنا يتجلى دور المجتمع المدني ودور الشباب والمدرسة والعائلة...الخ.[16]

      خاتمة:

          ختاما لما سبق فمشكلة التسول في المجتمع المغربي تزايدت بل أصبح وسيلة استرزاق واغتناء، فالبعض منهم يكون ميسور الحال إلا أنه تعود على التسول وجعله من هذا الأخير مهنة له، كما أن البعض وصل به الأمر إلى انتحال هوية سوري لأنه  يعرف التعاطف و المساعدة التي يقدمها المغاربة لهذه الفئة، هذه الظاهرة تعطي نظرة سلبية عن المجتمع المغربي، كما تساهم في انتشار الجرائم وأطفال الشوارع وتعزيز الاتكالية بين المتسولين وعدم وجود طموح لديهم إلا الحصول على الأموال بهذه الطريقة، مما يجعل من المجتمع حاضنًا للكثير من الأخلاق والتصرفات غير المستحبة، خاصة أن التسول يجبر أصحابه على البقاء بالشوارع لساعات طويلة، كما أن التسول يحرم الأطفال المتسولين من فرصة الحصول على التعليم، ويمنعهم من عيش طفولتهم كما ينبغي، لهذا يجب مكافحة هذه الظاهرة ومحاولة خلق فرص عمل مناسبة ومصدر دخل مناسب للمتسولين بحيث يحصلون على الأموال بجهدهم وتعبهم عبر الدفع بالمبادرة الحرة وتشجيعهم على الاندماج في المجتمع دون نسيان اعتماد الاليات الزجرية من تفعيل مقتضيات القانون الجنائي بخصوص تطبيق عقوبات حبسية تجاه كل فرض متسول اتخذ من التسول حرفة معتادة مدرة للدخل، فالتسول مشكل مركب مثلما سبق وأسلف الذكر فمعالجته تقتضي أن يتداخل فيه ما هو قانوني وتربوي و اجتماعي و اقتصادي.
 
 
 
الهوامش
[1] -أ- دارين صبحي سويدان : ظاهرة التسول والأثار والعقوبة القانونية للحد منها، مقال منشور بمجلة الأبحاث والدراسات القانونية على الموقع الالكتروني www.wadaq.inf.
[2] -أ- محمد زروق: التسول بين التجريم والاباحة، مجلة القانون والاعمال الدولية على الموقع الالكتروني droitetentreprise.com.www
[3] -أ- عبد الحميد المنشاوي: جرائم التشرد والتسول، الكتاب العربي الحديث الإسكندرية، سنة 1994.
[4] -أ- بسيمة الحقاوي: التسول في المغرب من الإباء الى الأبناء، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 2006 طبعة 1.
[5] -  يعني بالتسول الالكتروني طلب المال واستجداء العاطفة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة الكترونية بدلا من الطريقة التقليدية التي تكون بالشارع العام.
[6] -أ- أمينة مجدوب: التسول الرقمي، مقال بمنشور بالجريدة الإلكترونية هسبريس، بتاريخ 02/12/2020.
[7] - يعني بالديوث هو الذي يرضى بالفاحشة والمعصية والفساد في أهله دون غيرة عليها مقابل أخده للمال.
[8] -أ- أميمة حذري: التسول الرقمي طوفان يداهم مواقع التواصل الاجتماعي، مقال منشور بالموقع الإلكتروني ekkopost.com.www
[9] -أ- رانيا محمد عطية الهشلون: التسول الإلكتروني وتأثيره الاجتماعي والاقتصادي على المجتمع الأردني، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 5 العدد 4 بتاريخ 30 مارس 2021 ص 65.
[10] -أ- دارين صبحي سويدان: ظاهرة التسول والأثار والعقوبة القانونية للحد منها، مرجع سابق.
[11] -أ- أمال كنين: مقال منشور بالجريدة الالكترونية هسبريس بتاريخ 11/08/2023.
[12] -أ- دارين صبحي سويدان: ظاهرة التسول والأثار والعقوبة القانونية للحد منها، مرجع سابق.
[13] -أنظر الفصل 326 من القانون الجنائي.
[14] -أنظر الفصل 327 من القانون الجنائي.
[15] -انظر الفصل 331 من القانون الجنائي.
[16] -أ- أمينة مجدوب: التسول الرقمي، مرجع سابق.



الاثنين 4 مارس 2024


1.أرسلت من قبل الكولول ربيع في 04/03/2024 19:14 من المحمول
أتقدم لكم بجزيل الشكر والامتنان على هذا المقال القيم والغني والمستحدث
هل يمكنني نشر مقالا لي على منصتكم ؟

2.أرسلت من قبل Nabil Bouhmidi في 19/03/2024 00:25
مرحبا

marocdroit2020@gmail.com

تعليق جديد
Twitter