MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



التحكيــم في القانون المغربي بين الماضي،الحاضر و المستقبل

     



التحكيــم في القانون المغربي بين الماضي،الحاضر و المستقبل
يوسف الزوجا ل
باحث بصف الدكتورة
بكلية الحقوق بطنجة


مقدمة
كثيرة هي الدراسات التي تناولت موضوع الوسائل البديلة لحل المنازعات بالمغرب نظرا لما تعرفه من اهتمام متزايد "على صعيد مختلف الأنظمة القانونية والقضائية ولما توفره هذه الوسائل من مرونة وسرعة في البت، وحفاظٍِ على السرية، وما تضمنه من مشاركة الأطراف في إيجاد الحلول لمنازعاتهم، هذا فضلا عن قلة كلفتها" 1 . وبذلك؛ فقد أصبحت الوسائل البديلة لحل المنازعات، لاسيما التحكيم الذي يعتبر من الوسائل الملائمة للفصل في مجموعة هامة من المنازعات، وبصفة خاصة في ميدان حماية المستهلك، وبعض منازعات التجارة الدولية، والمنازعات الناشئة في بيئة الإنترنت، والتجارة الإلكترونية، والملكية الفكرية في العصر الرقمي وغيرها من المنازعات أهم هذه الوسائل.

فالتحكيم كما يعرفه بعض الفقهاء هو "لجوء المتنازعين إلى أحد الخواص يطلبون منه فض النزاع القائم بينهم" 2 في حين أن البعض الأخر يعتبره "قضاء خاص يستند على شرط تعاقدي" 3 ، أو هو "نظام تعاقدي يلجأ إليه فريقان لأجل حل الخلاف الناشئ بينهما بواسطة شخص أو أكثر من غير القضاة" بل ان التحكيم بالنسبة للبعض يشكل عدالة خاصة أساسها حرية التعاقد في اختيار المحكمين 4 .
و يرى آخر انه يقصد به " اتفاق أطراف النزاع على اللجوء إلى جهة غير قضائية اختيارية لفض نزاعاتهم القائمة أو المحتملة بواسطة شخص أو عدة أشخاص معينين من طرفهم أو من طرف هيئة متخصصة فهو عبارة عن رد فعل مضاد لحرفية القضاة و يعبر عن إرادة و رغبة أطراف النزاع في التخلص من القانون بحل نزاعاتهم طبقا لمبادئ أكثر اتساعا من تلك التي ينظمها القانون الوضعي" 5 .

و بناء على هذه التعريفات يتبين انه يشترط لقيام عقد التحكيم توافر شروط موضوعية و شروط شكلية:

- فبالنسبة للشروط الموضوعية يجب ان يقوم عقد التحكيم على الرضا و أهلية الخصوم و ان يكون محله موجودا و مشروعا و داخلا في دائرة التعامل.
- أما بالنسبة للشروط الشكلية فإنها تتمثل في شرط الكتابة و يجب ان يشار في العقد تحت طائلة البطلان إلى موضوع النزاع و اسم المحكم أو المحكمين و تحديد اجل لإصدار حكم المحكمين و في إغفال تحديد ذلك الأجل فان المحكمين يستنفدون صلاحياتهم و سلطتهم بمرور ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغ تعيينهم 6 .

و لقد خول المشرع المغربي للأطراف شكلين من اجل سلوك مسطرة التحكيم هما بند أو شرط التحكيم 7 و عقد التحكيم 8 .

و نظرا لما يكتسيه موضوع التحكيم بالمغرب ارتأينا في هذه الدراسة المتواضعة أن نبرز على التوالي أهم المحطات التاريخية التي مر منها هذه الوسيلة التي تدخل ضمن الوسائل البديلة لفض النزاعات (المبحث الأول)، قبل أن نتطرق إلى التحديات المستقبلية للتحكيم ببلادنا(المبحث الثاني).

المبحث الأول: مراحل تطور التحكيم في القانون المغربي
لقد مر التحكيم في المغرب بمرحلتين أساسيتين هما: مرحلة الاستعمار و ما قبله و مرحلة ما بعد الاستقلال.

المطلب الأول: مرحلة الاستعمار و ما قبله
سنعمل على التمييز بين فترتي ما قبل مجيء الاستعمار و أثناءه.

الفقرة الأولى: قبل مجيء الاستعمار
لقد عرف العرب التحكيم في الجاهلية كوسيلة لحل منازعاتهم و كان يمارسه رئيس العشيرة أو الحكماء المعروفين بحكمتهم و خبرتهم و سمعتهم الطيبة. يقول ذ. شمس الدين عبداتي في هذا الصدد 9 "لم يكن التحكيم غريبا على المغرب فقد اتسع نطاقه في الأسواق التي كانت تقام في البوادي المغربية و التي كانت تشكل ملتقى تجاريا يقصده الناس من اجل قضاء مصالحهم و احتياجاتهم و كانوا في حالة حدوث نزاع بينهم يسندون أمر حل هذا النزاع عن طريق التحكيم باللجوء إلى شخصية معروفة بالاستقامة و النزاهة و كانوا يرضون بالحكم الذي يصدر عن هذه الشخصية". أما في القرون الوسطى يضيف ذ. زكريا الغزاوي 10 فلم تكن هناك قواعد قانونية بالمعنى الحديث و كان المحكم يطبق في إجراءاته ما كان معروفا في سماع الأطراف المتنازعة و فحص أدلتهم و الاستماع إلى الشهود. و كان عليه أن يعاملهم على قدم المساواة و أن يتمسك بالحياد و الاستقلالية و هذه الأمور تعد في الوقت الراهن من القواعد الأساسية في إجراءات التحكيم".

و يعتقد البعض أن الاهتمام بالتحكيم التجاري في المغرب يعود إلى عهد المولى إسماعيل، وتحديدا إلى سنة 1693 تاريخ إبرام معاهدة سان جرمان مع الدولة الفرنسية، التي تضمنت إمكانية الفصل في بعض النزاعات الخاصة عن طريق التحكيم 11 .لكن هناك رأي أخر و هذا ما نؤيده يرى بان تاريخ التحكيم بالمغرب يستمد جذوره من التعاليم الإسلامية و الدليل على ذلك أن المغاربة كان يعتمدون على التحكيم ليس فقط في معاملاتهم التجارية بل حتى في بعض المسائل المدنية مثل الطلاق و الزواج بما أن المغرب بلد إسلامي . فبالنسبة لهذا المثال الأخير كان المكلف بالتحكيم يرجع إلى تطبيق الشريعة الإسلامية الحنيفة طبقا للآية الكريمة 35 من سورة النساء التي وردت في حق التحكيم " و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما".


الفقرة الثانية : أثناء فترة الاستعمار
مع مجيء الاستعمار بعد التوقيع على معاهدة الحماية بفاس في 30 مارس 1912 التي وضعت المغرب في نظام الحماية الفرنسي حاول المستعمر سن بعض القوانين التي تتماشى مع مطامعه و مصالحه من بينها ظهير الالتزامات و العقود و ظهير المسطرة المدنية الملغى الصادران في 12 غشت 1913.

فالأول لم يأتي بمقتضيات خاصة بالتحكيم و إنما تناوله في فصول متناثرة كما هو الشأن في الفصل 894 (12) أما الثاني فقد خصص له الفصول من 527 إلى 543 خلاف ما يذهب إليه بعض الفقه من أن التحكيم لم ينظم بالمغرب إلا بمقتضى قانون المسطرة المدنية الصادر في سنة 1974(13).

كما أن هذه الفترة عرفت إصدار عدة نصوص تهتم بالتحكيم كظهير 1942 المتعلق بمهنة الصحافة و لا سيما الفصلين 7 و 8 اللذين يمنحان الاختصاص في البت في النزاع المتعلق بفسخ عقد العمل في المجال الصحفي و إسناد مسالة التعويض إلى لجنة التحكيم. كذلك الحال في قوانين الشغل بمقتضى ظهير 1946 و ما ادخل عليه من تعديلات سنة 1947.


المطلب الثاني: مرحلة ما بعد الاستقلال
تعتبر هذه المرحلة أهم الفترات خصوصا أن التحكيم بالمغرب سيعرف انتشارا ملحوظا و اهتماما تشريعيا و فقهيا 14 لا مثيل له.

و يمكن أن يميز في هذه الفترة بين مرحلتين " ما بين 1956 و 1974" و "منذ 1974 إلى الآونة الحالية.

الفقرة الأولى: ما بين 1956 و 1974
بالرغم من عدم وعي المواطنين و عدم و جود ثقافة التحكيم لدى المؤسسات العامة التي انشاتها الدولة بعد الحصول على الاستقلال إلا أن المغرب كان في هذه الفترة مهتما بالانفتاح التجاري على بقية دول العالم و حضاراتها و ذلك من خلال التشجيع على الاستثمار بحيث تم إصدار ظهير شريف سنة 1958 ينص في فصله 39 على اللجوء إلى التحكيم في المنازعات المتعلقة بالاستثمار 15 و عبر الاندماج و الدخول في شراكة و تعاون مع معظم بلدان العالم وهذا يظهر جليا من خلال المصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالموضوع أهمها:

- اتفاقية نيويورك سنة 1958 المتعلقة بالاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية و تنفيذها 16 وصادق عليها المغرب بتاريخ 19/06/1960.
- اتفاقية واشنطن سنة 1965 الخاصة بتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمار بين الدول و مواطني الدول الأخرى 17 وصادق عليها المغرب بتاريخ 31/10/1966.

الفقرة الثانية : فترة ما بعد 1974
في هذه الفترة تعززت الترسانة القانونية بمقتضيات خاصة بالتحكيم و هو ما تأتى من خلال صدور قانون المسطرة المدنية الصادر في 28 شتنبر 1974 الذي خصص له الفصول 306 إلى 327(18) في الباب الثامن من القسم الخامس بعد إلغاء قانون المسطرة المدنية لسنة 1913. غير أن هذا النص كانت تشوبه بعض العيوب خصوصا انه تحدث فقط عن التحكيم الوطني و اغفل أهم النقاط وهو التحكيم الدولي مع العلم ان المغرب كان من السباقين إلى المصادقة على الاتفاقيات الدولية كما سبق القول 19

بالموازاة مع ذلك ازداد وعي المغرب بأهمية التحكيم و ذلك ما دفعه إلى تكثيف جهوده في هذا المجال من اجل اللحاق بركب التطور العلمي و التكنولوجي و القانوني الذي يعرف العالم بحيث عمل المشرع على تقوية علاقاته التجارية و الدولية عن طريق إبرام بعض الاتفاقيات مثل:
- اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار لسنة 1974 و التي صادق عليها سنة 1975.
- الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية لسنة 1980.
- اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي لسنة 1983.
- اتفاقية عمان العربية بتاريخ 04/04/1987.

بالإضافة إلى ذلك وقع المغرب على القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي بالصيغة التي اعتمدتها الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي الصادر سنة 1985. كما حرص على المشاركة و المساهمة في العديد من الندوات و اللقاءات و المؤتمرات التي أثارت إشكالية التحكيم 20

ولم يهمل المشرع المغربي مؤسسة التحكيم عند إنشائه للمحاكم التجارية، حيث نص في الفقرة الأخيرة من المادة 5 من قانون إحداث هذه المحاكم، على أنه: "يجوز للأطراف الاتفاق على عرض النزاعات المبينة أعلاه (والتي أسند اختصاص البت فيها للمحاكم التجارية) على مسطرة التحكيم وفق أحكام الفصول 306 إلى 327 من قانون المسطرة المدنية" إضافة إلى تعديل 2003 المتعلق بمدونة الشغل 21. أما فيما يخص العقود التجارية الواردة في مدونة التجارة يرى ذ. عز الدين الكتاني بأنها لا تحتوي إلا نادرا على بند أو شرط التحكيم لحل المنازعات و مرد ذلك إلى تخوف الزبون المتعاقد من التحكيم و إلى كون البنوك مثلا لم تجمع على نفس الشرط الشيء الذي يجعل منه عنصرا من عناصر المنافسة فيحبذ الزبون البنك الذي لا يشترطه على البنك الذي تنص عقوده على اللجوء التحكيم و هذا ما أدى بالمؤسسات التي نصت في عقودها على التحكيم إلى التراجع عن ذلك 22.

و مسايرة للتطور الذي تعرفه التشريعات المقارنة في مجال التحكيم عمل المشرع المغربي على إصدار قانون 08/05 و يعدل بموجبه الباب الثامن من قانون المسطرة المدنية بحيث استدرك فيها الهفوات التي كانت تشوبه.

إن القانون الجديد أتى بأشياء جديدة وجادة تتجاوب بالتأكيد مع معطيات العصر الجديد وتواكب التقدم السريع للتكنولوجيا والعلم، ونخص منها ان القانون خصص قسما بأكمله للتحكيم الدولي إلى جانب التحكيم الداخلي أو الوطني 23 وأرسى لبنة مساطر تنظيمه »فبعدما كانت جميع الأحكام الصادرة في المادة التحكيمية يقول عبد الكريم الطالب 24 لا تتمتع بأية قوة تنفيذية ما لم تكن مذيلة بالصيغة التنفيذية التي كان يمنحها رئيس المحكمة أصبحت الأحكام التحكيمية كقاعدة عامة تتمتع بهذه القوة و لا تحتاج إلى ان تتمتع بالتذييل بالصيغة التنفيذية. و هذا ما يجعلها غير قابلة لأي طعن إلا ما وضع له شروطا خاصا بها و معترف باكتسابها حجية الشيء المقضي به بمجرد صدورها". غير ان المشرع أورد استثناء يتعلق بتنفيذ حكم تحكيمي بصورة جبرية 25 .
كما أن المشرع حدد الأحكام التي تتطلب و تحتاج إلى التذييل بالصيغة التنفيذية 26 وهي التي تتعلق بالتنفيذ الجبري كما أسلفنا إضافة إلى حالة وجود شخص معنوي خاضع للقانون العام كطرف في النزاع 27 .

رغم الإيجابيات التي أتى بها هذا القانون المنظم للتحكيم والوساطة، فإنه لا يخلو من عدة هفوات ستعيق بالتأكيد تطبيق مساطر التحكيم بالمغرب مما سيشكل تحديا و رهانا مستقبليا ينبغي التغلب عليه عن طريق تحسين الإطار القانوني و المؤسساتي.

المبحث الثاني: التحديات المستقبلية للتحكيم بالمغرب
لا شك أن التحكيم سيصبح هو قضاء المستقبل. لكن على المغرب أن ينخرط حكومة ومواطنين في هذه السيرورة الكونية التي تقتضي عدة إصلاحات سواء على المستوى التشريعي أو على المستوى المؤسساتي. كما ينبغي اخذ العامل الثقافي و التوعوي بعين الاعتبار للوصول إلى الأهداف المنشودة التي يتوخاها المشرع من قانون 05/08.

المطلب الأول: تحسين الإطار التشريعي
إن تحسين الإطار التشريعي المتعلق بقانون التحكيم يستلزم الاخد بعين الاعتبار خصوصيات كل من التحكيم الداخلي والدولي.

الفقرة الأولى:على مستوى التحكيم الداخلي
هناك بعض المقتضيات التي يجب الإسراع في تعديلها لكي تتماشى مع روح و أهداف التحكيم نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

1) توسيع نطاق تطبيق مسطرة التحكيم من حيث الأشخاص

إن المقتضيات التي توحي بان التحكيم لا يمكن أن يكون إلا بين التجار بحيث "لا يصح شرط التحكيم إلا فيما بين التجار"، تقصي فئة كبيرة من المجتمع المدني والتي استفادت من قانون التحكيم ونخص منها بالذكر فض نزاعات الشغل، فهذا الفصل سيمنع أرباب العمل والمستخدمين من حل نزاعاتهم عن طريق التحكيم وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الاتجاه الخاطئ والغير البناء الذي سلكه هذا الفصل، فعوض تشجيع أفراد المجتمع المدني من فض نزاعاتهم عن طريق القانون التفاوضي الإرادي، سلك القانون اتجاه تشجيع الأفراد الذين ليست لهم صفة تاجر ولوج المحاكم، وهذا يتناقض مع فلسفة التفاوض والحوار المبتغين من جراء سن هذا القانون.

2) تقييد سلطة الرقابة المتعلقة بمسطرة التصريح بالمحكمين

أرسى المشرع قاعدة غريبة مفادها انه يطلب من المحكمين أن يصرحوا بمهمتهم للوكيل العام، ويعطيهم هذا الأخير وصلا بالتصريح ويقيد المعنيين بالأمر في قائمة المحكمين لدى محكمة الاستئناف المعنية وذلك بعد دراسة وضعيتهم. ينص الفصل 321 من قانون 08/05 على انه "يجب على الأشخاص الطبيعيين الذين يقومون اعتياديا أو في إطار المهنة بمهام المحكم إما بصورة منفردة أو في حظيرة شخص معنوي يعتبر التحكيم أحد أغراضه الاجتماعية ، أن يصرحوا بذلك إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف الواقع في دائرة نفوذها محل إقامة الأشخاص الطبيعيين المذكورين أو المقر الاجتماعي للشخص المعنوي . يسلم الوكيل العام وصلا بالتصريح ويقيد المعنيين بالأمر في قائمة المحكمين لدى محكمة الاستئناف المعنية وذلك بعد دراسة وضعيتهم ". فهذا الفصل يتناقض تماما مع مفهوم التحكيم وهذا المقتضى سيعطي سلطة للوكيل العام ويسحب كل مصداقية للمحكمين الذين اختارهم الأطراف.28

إن وزارة العدل تريد بسط يدها على مجريات التحكيم من جراء هذا التنصيص، فما جدوى هذا القانون المنظم للتحكيم إذا سلبنا الطابع الأساسي للتحكيم ألا وهو الإرادة والاختيار.

إن هذا الفصل لا محل له من الإعراب إذا كانت هناك إرادة فعلية لتطوير وتحديث الجهاز القضائي وكذا القوانين التجارية بالمغرب. كما أن ظهور بعض الوسائل التكنولوجية الحديثة مثل الانترنت ساهمت في تطوير آلية التحكيم حتى أصبح هناك ما يسمى بالتحكيم الافتراضي و هو ما لم يسايره المشرع المغربي بحيث سكت عن هذه النقطة و لم يتطرق إليها في هذا القانون الجديد.

الفقرة الثانية :على مستوى التحكيم الدولي
1) مسايرة التشريع المغربي للتحولات و المستجدات العربية الإقليمية و الدولية في ميدان التحكيم

يتساءل بعض الفقه حول عدم مسايرة التشريع المغربي للتحولات و المستجدات العربية الإقليمية و الدولية في ميدان التحكيم التجاري الدولي بحيث لم ينتبه المشرع إلا مؤخرا إلى كونه صادق على اتفاقية نيويورك سنة 1958 وذلك منذ أزيد من 40 سنة.

2) الاستفادة من تجارب بعض الدول الرائدة في مجال التحكيم المحلي و الدولي

و نضيف أن المغرب متاحة لديه الفرصة للاطلاع على تجارب بعض الدول الرائدة في مجال التحكيم المحلي و الدولي و الاستفادة من خبراتها و إمكانية تبادل التجارب معها مما سيساهم لا محالة في تعزيز سمعة المغرب على الصعيدين الإقليمي و الدولي.

3) سلب اختصاص القضاء الوطني إمكانية النظر في النزاعات التي يكون احد طرفيها متعاقدا أجنبيا

و ينادي عدة باحثين بضرورة سلب اختصاص القضاء الوطني إمكانية النظر في النزاعات التي يكون احد طرفيها متعاقدا أجنبيا و الطرف الآخر هو الدولة أو الشخص المعنوي داخل الدولة التي لا يعتبر المتعاقد معها من مواطنيها و من ثمة يجب منح مثل المنازعات لقضاء محايد و هو قضاء التحكيم 29 .

المطلب الثاني : تطوير الإطار المؤسساتي و الوعي الثقافي و الاجتماعي
لا يمكن للتحكيم بالمغرب أن يعرف تطبيقا فعالا و بوجه صحيح إلا من خلال العمل على تطوير الإطار المؤسساتي و الرفع من مستوى الوعي الثقافي و الاجتماعي.

الفقرة الأولى : على المستوى المؤسساتي
على غرار ما تشهده الساحة العالمية 30 فان الصورة الغالبة التي يعرفها التحكيم بالمغرب في الآونة الحالية خاصة مع مجيء القانون الجديد 05/08 هي إحداث عدة مراكز للتحكيم في جل أركان التراب الوطني 31 . و هذا ما يطلق عليه التحكيم المؤسساتي 32 .لكن يعاب على هذا الأخير انه مرتفع النفقات مقارنة مع التحكيم الحر. يقول ذ. زكريا الغزاوي في هذا الإطار انه " يتعين على هذه المراكز و المؤسسات التي أصبحت تمثل بعدا حضاريا و قانونيا من شانه تشجيع الاستثمار الأجنبي و الفاعلين في الأسواق المحلية و الدولية و لذلك ينبغي على هذه المراكز و المؤسسات التحكيمية على المستوى المحلي و العالمي أن تنسق فيما بينها و تكثف التعاون الفني و الإداري بتقديم الخدمات التحكيمية لان التجاء الأطراف إلى التحكيم المؤسساتي هو في حد ذاته تشجيع للاستثمار و بالتالي التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المنشودة" 33 .

و من الملاحظ على المراكز و المؤسسات و الهيئات التحكيمية أنها غير منتشرة بالشكل المطلوب في بعض المناطق مثل القرى و البوادي النائية واقتصرت فقط على التمركز بالمدن الكبرى و المدار الحضري مع العلم ان هناك نزاعات احتمالية قد تنشا بين الفلاحين بخصوص قضايا التحفيظ و التي تستلزم حلا وديا لكن نظرا لجهل مثل الفئات بوجود وسيلة التحكيم يلتجئون إلى المحاكم و بالتالي تطول المساطر في ظل كلفتها و تعقيداتها. لذلك يستحسن التفكير في إرساء مؤسسات تابعة للقيادات أو مراكز في البوادي لتقريب و نشر و كذا التعريف بأهمية التحكيم لدى الفئات التي تقطن في تلك المناطق باعتبارها جزءا لا يتجزأ عن المجتمع المغربي.

كما أن التحدي الأكبر بالنسبة للتحكيم المؤسساتي هو تدارك غياب تكوين المتخصصين و قلتهم في بلادنا الذي تحاول بعض المراكز و الهيئات التحكيمية تجاوزه باللجوء إلى مهنيين كالمحامين و المستشارين القانونيين و الحل في نظرنا يتجلى في إيجاد أرضية تسمح بالاعتماد على خلق ناشئة متخصصة كخريجي المعاهد و الجامعات و كليات الحقوق بغية تهييئهم لمزاولة مهام التحكيم مستقبلا و هذا لن يتأتى إلا في إطار عقد شراكات بين الجامعات و المراكز حتى تعم الاستفادة على جميع الأطراف المتعاقدة.

كما أن قراءة و دراسة النصوص ليست وحدها كافية في نظرنا لتكوين المحكم. فمن الضروري الإحاطة بالمعلومات القانونية إلا ان الأمر يقتضي كذلك تفادي جعل المحكم يبت بناء فقط على الأقوال و التقارير التقنية 34




الفقرة الثانية: على المستوى الثقافي و الاجتماعي
لا يمكن التحدث عن نجاح التحكيم بالمغرب باعتباره قضاء المستقبل دون إعطاء الأهمية للعامل الثقافي. فلا يخفى على احد أن الأمية متفشية ببلادنا بنسبة عالية تفوق 50 بالمائة مما يستلزم وضع إستراتيجية استنادا إلى مقاربة تشاركية تهدف بالأساس إلى :

- تكثيف الجهود من طرف جميع الفاعلين و المتدخلين من اجل التعريف بالمراكز المتواجدة بالمغرب على المستويين الوطني و الدولي و جعلها جسر تواصل في مجال تبادل الخبرات.
- توعية المواطنين عن طريق تنظيم حملات تحسيسية بأهمية التحكيم
- العمل على التنسيق بين وزارة العدل و المؤسسات و المراكز و السهر على القيام بندوات و لقاءات محلية وجهوية و محلية و وطنية و نشر دلائل تعريفية بالتحكيم و أهميته و بما يوفره من ضمانات حقيقية و فعالة لأصحاب رؤوس الأموال الوطنية و الأجنبية.
- انخراط وسائل الإعلام المرئية و المسموعة في بث وصلات اشهارية تحث المواطنين على اللجوء إلى التحكيم لحل نزاعاتهم. أما بالنسبة لوسائل الإعلام المكتوبة فدورها يتمثل في تكريس مقالاتها وصفحاتها للتعريف بالمقتضيات القانونية الخاصة بالتحكيم حتى يتسنى لعموم المواطنين قراءتها و التفاعل معها.

خاتمة

و خلاصة القول يمكن اعتبار التحكيم كعدالة مكملة أو بديلة لا تنقص شيئا من سلطة الدولة بل و يمكن أن تخفف العبء و الضغط التي تعرفه المحاكم سواء المدنية أو التجارية بسبب القضايا العالقة و المتراكمة في رفوفها و أن تعمل على التسريع في تسوية المنازعات. فلجوء المقاولات المغربية إلى التحكيم من شانه أن يشجع نمو المبادلات مع الخارج و أن يعزز من ثقة المستثمرين و الشركاء.

و يبقى على المشرع تحسين الإطار القانوني الحالي بإجراء حصيلة للوضعية الآنية و معالجة الاختلالات حتى يواكب باقي التشريعات الأجنبية و الاستفادة من تجاربها.

كما ينبغي التركيز على التكوين المستمر للمحكمين و توجيههم في ممارسة مهامهم الموكولة إليهم و عقد شراكات مع المعاهد و المؤسسات الجامعية للاستفادة من الخبرات و الدراسات و البحوث الأكاديمية التي تصب في هدا الإطار.
------------------
الهوامش

1 - مقتطف من كلمة محمد بوزبع وزير العدل السابق بمناسبة ندوة الوسائل البديلة لحل المنازعات بالمغرب" بتاريخ 7-9-2005. في نفس السياق جاء في الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس الى الوزير الاول في موضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار بتاريخ 9 يناير 2002 انه"ينبغي مواصلة الجهود لتحديث ادارة العدل و مراجعة مساطر السوية التوافقية لما قد ينشا من منازعات بين التجار و ذلك لتمكينهم من اللجوء اكثر ما يمكن الى التحكيم".

2 -PH. Grandjean, « l’évolution du référé commerciale »: Rev. jurisp. Com.1993. p.177.

-3 Yves Guyon, « droit des affaires. Tome 1 droit commercial général et société ». 10ème édition. Economica paris1998. P. 826.

4- ibid.
ايضاانظر
مجلة المنتدى عدد خاص بالتحكيم العدد الثاني دجنبر 2000.
فريد الحاتمي التحكيم البحري بين مصداقية القضاء الخاص و ضعف قضاء الدولة المجلة المغربية لقانون الاقتصاد و التنمية العدد 43 سنة 2000 ص 2 و ما بعدها.
عبد الحميد الاحدب التحكيم احكامه و مصادره مؤسسة نوفل 1990 ج1 ص 19 و ما بعدها.

5- امحمد برادة غزيول التصدير و الاستيراد و الاشكاليات القانونية منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية طبعة 1993 ص 284.
في نفس السياق
احمد ابو الوفا التحكيم الاختياري و الاجباري دار المطبوعات الجامعية بالاسكندرية الطبعة الثانية 2007 ص 15.
عامر علي رحيم التحكيم بين الشريعة و القانون منشورات الدار الجماهيرية للنشر و التوزيع و الاعلان ضمن سلسلة "الكتاب الاسلامي" رقم 18 ابريل 1987 ص 20.
René DAVID L’arbitrage dans le commerce international, Paris, Economica, 1982, page 9.

6- يرى ذ. رحال البوعناني ان المشرع باشتراطه شرط الكتابة في عقد التحكيم في العقود التجارية لم يكن موفقا لان التجارة تقوم على السرعة و ابرام الصفقات في اقرب وقت توخيا لتحقيق الربح. رحال البوعناني التحكيم الاختياري في القانون المغربي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا جامعة الحسن الثاني 1986/1987. الا ان هذا الراي لا يتفق معه ذ. شكري السباعي الذي يفضل "منحى القانون المغربي الذي جعل التحكيم عقدا شكليا و نظرا لخطورته و لاهميته و لاستثنائيته و ان جعل عقد التحكيم عقدا رضائيا كتابيا او شفويا يخلق معضلة اثباته و حتى اذا اثبت نلاقي صعوبة في اثبات بياناته و من يعتمد على الاقرار و اليمين الحاسمة فانه يعتمد على السراب لان الناس اتخذت الانكار و الستخفاف باليمين من مبادئها الاساسية في عصر طغت عليه المادة و الجشع و ضعف الايمان". احمد شكري السباعي الوسيط في قانون التجارة المغربي و المقارن ج1 ص 232.

7- وهو البند او الشرط الذي بمقتضاه يتفق اطراف العقد على ان ما ينشا من نزاع حول تفسير هذا العقد او تنفيذه يحل بواسطة محكمين. محمد المجدوبي الادريسي "المحاكم التجارية بالمغرب" شركة بابل للطباعة الطبعة الاولى 1998 ص 144. اما بالنسبة لبند التحكيم في عقود التجارة الدولية يرى ذ. عبد الاله برجاني انه يختص بخصائص لا يختص بها غيره من البنود و من اهمها استقلاليته عن العقد الذي يتضمنه و نفاذه حتى في مواجهة اشخاص القانون العام. عبد الاله برجاني "بند التحكيم في عقود التجارة الدولية" دفتر المجلس الاعلى العدد الثاني 2000 ص 383.

8- عقد التحكيم هو اتفاق الخصوم على عرض نزاع قائم بينهم او نشا بينهم على حكم او هيئة تحكيمية بدلا من عرضه على مؤسسة قضائية رسمية تابعة للدولة. احمد شكري السباعي مرجع سابق ص 231.

9- ذ. شمس الدين عبداتي التحكيم التجاري قضاء المستقبل المجلة المغربية للتحكيم التجاري ص 105.

10- ذ. زكريا الغزاوي تسوية المنازعات التجرية عن طريق التحكيم المجلة المغربية للتحكيم التجاري ص 93.

11- رحال البوعناني "التحكيم الاختياري في القانون المغربي الداخلي" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، السنة الجامعية 1996 – 1997. جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق، الرباط. الصفحة. 39 وما بعدها.

12- ينص الفصل 894 ق.ل.ع على ما يلي "لا يجوز للوكيل ايا كان مدى صلاحياته بغير اذن صريح من الموكل توجيه اليمين الحاسمة و لا اجراء الاقرار القضائي و لا الدفاع امام القضاء في جوهرالدعوى و لا قبول الحكم او التنازل عنه و لا قبول التحكيم او اجراء الصلح....."

13- لاخذ فكرة عن التحكيم في المسطرة المدنية انظر
- شعيبي المذكوري "الاتفاق على التحكيم في قانون المسطرة المدنية" مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 74. ص. 42.
- شعيبي المذكوري " القرارات التحكيمية في قانون المسطرة المدنية" مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 76 شتنبر 1975 ص 15 و ما بعدها.

14- كان عدد القضايا الرائجة في المجلس الاعلى في السنة القضائية الاولى بعد الاستقلال يبلغ 1309 قضية. هذه العبارة ماخوذة من العرض التقديمي لندوة نظمت يومي 3 و 4 مارس 2004 بالرباط تحت عنوان " التحكيم التجاري الداخلي و الدولي" لادريس الضحاك منشور في العدد السادس 2005 من سلسلة دفاتر المجلس الاعلى ص 21-30.

15- في هذه السنة ايضا صدر ظهير 21 يوليوز 1958 المتعلق بالتنقيب عن المحروقات حيث ان الفصل 39 ينص على ان العقود المبرمة بين الدولة و الشركات الاجنبية يمكن ان تتضمن شروطا تحكيمية.

16- كرست هذه الاتفاقية الاعتراف الرسمي بالمراكز الدولية للتحكيم حيث نصت على انه "يقصد باحكام التحكيم ليست فقط الاحكام الصادرة عن محكمين معينين للفصل في حالات محددة و ايضا الاحكام الصادرة عن هيئات دائمة يحتكم اليها الاطراف". عبد الحميد الاحدب موسوعة التحكيم التجاري الجزء الثاني ص 65. و قد طبق القضاء المغربي على مستوى المجلس الاعلى احكام هذه الاتفاقية و اعتبر ان احكامها فيما يخص المقررات الاجنبية هي التي تطبق بخلاف المقررات التحكيمية الوطنية التي تخضع لقواعد قانون المسطرة المدنية. قرار المجلس الاعلى عدد 60 ملف تجاري رقم 709/98 بتاريخ 19 يناير 2000 مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد مزدوج 57-58 ص 189.
17- هذه الاتفاقية اعدت من طرف البنك الدولي للانشاء و التعمير و اسفرت عن انشاء "المركز الدولي لحسم المنازعات المتعلقة بالاستثمار" من اجل تفادي عرض خلافات المستثمرين على المحاكم الوطنية لتلك الدول او امام محاكم دولة المستثمر.

18- عبد الله درميش "اهتمام المغرب بالتحكيم، إلى أي حد؟" مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية. العدد 73، ص. 10.

19- "و هذا ما جعل بعض الفقه ينادي بضرورة تدخل المشرع تدخلا عاجلا لتنظيمه أسوة بالتشريع الفرنسي حسب المرسومين المؤرخين في 14 ماي 1980 و 12 ماي 1981 و التشريع التونسي حسب القانون عدد 42 المؤرخ في 26 ابريل 1993 أو العديد من الدول العربية التي أدخلت تعديلات في هذا الصدد آخرها البحرين و اليمن و قبلهما مصر و الجزائر". عبد الرحيم بحار "المساطر البديلة لتسوية المنازعات التجارية التحكيم التجاري نموذجا" مقال منشور بمجلة القصر العدد 14 ماي 2006 ص 53.

20- نذكر على سبيل المثال مؤتمر عمان الاقتصادي بالردن سنة 1987 الذي اوصى باحداث مراكز عربية للتحكيم و اجتماع القاهرة سنة 1997 الذي صدرت عنه توصيات هامة لمعالجة ازمة التكحيم في البلدان العربية.

21- الظهير الشريف رقم 194.03.1 الصادر في 14 رجب 1424 لتنفيذ القانون 99.65
من جهة حدد المشرع في مدونة الشغل (المادة 575) الجهة التي لها صلاحية النظر في الطعون المقدمة ضد القرارات التحكيمية الصادرة في نزاعات الشغل و هي الغرفة الاجتماعية بالمجلس الاعلى. من جهة اخرى حددت المادة 577 الاجل الذي يتعين فيه تقديم الطعن وهو 15 يوما من تاريخ التبليغ. و تصدر الغرفة الاجتماعية قرارها في اجل اقصاه ثلاثين يوما من تاريخ رفع الطعن و يتم تبليغه الى الاطراف في غضون 24 ساعة الموالي لتاريخ صدوره حسب ما جاء بالمادة 578.

22- عز الدين الكتاني " التحكيم التجاري و افاقه على ضوء الواقع المغربي" دفاتر المجلس الاعلى العدد الثاني ص 259.

23- يرى بعض الفقه ان معيار التمييز بين التحكيم الدولي و التحكيم الداخلي يقوم على طبيعة النزاع فاذا كان النزاع يمس مصالح التجارة الدولية فان التحكيم يكتسي طابعا دوليا و اذا كان النزاع مقتصرا على نزاع ذي صبغة وطنية فان التحكيم يكتسي طابعا داخليا وطنيا فلا جنسية الاطراف و لا محل اجراء التحكيم و لاجنسة المحكمين تؤثر على طبيعة التحكيم. عبد الرحيم بحار مرجع سابق ص 52. انظر ايضا محمد المجدوبي الادريسي المحاكم التجارية بالمغرب شركة بابل للطباعة الطبعة الاولى ص 139. لكن جاء الفصل 327-40 ليحسم الامر حيث عرف التحكيم الدولي مؤكدا انه ذلك التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية و الذي يكون لاحد اطرافه على الاقل موطن او مقر بالخارج.

24- عبد الكريم الطالب "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية" مطبوعات المعرفة مراكش الطبعة الخامسة 2008 ص 368.

25- ينص الفصل 327- 31 على انه" لا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا الا بمقتضى امر بتحويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها".

26- للحصول على الصيغة التنفيذية يتعين ايداع اصل الحكم مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترجمتها الى اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة اما من قبل احد المحكمين او الطرف الاكثر استعجالا خلال سبعة ايام كاملة التالية لتاريخ صدوره او لدى كتابة ضبط محكمة الاستئناف اذا تعلق الامر باستئناف حكم تحكيمي.

27- ينص الفصل 327- 26/2 على ما يلي" غيران الحكم التحكيمي لا يكتسب حجية الشيء المقضي به عندما يتعلق الامر بنزاع يكون احد الاشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه الا بناء على امر بتخويل صيغة التنفيذ و في هذه الحالة يطلب تخويل صيغة التنفيذ من قبل الطرف الاكثر استعجالا امام القاضي المختص ....".

28- في هذا الإطار صدرت عن وزير العدل السيد عبد الواحد الراضي رسالة دورية عدد12 س2 إلى السادة الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف والوكلاء العامين لديهاو الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف التجارية و السيدين الرئيسين الأولين لمحكمتي الاستئناف الإدارية حول موضوع تطبيق مقتضيات الفصل 321 من القانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية حيث تبين بوضوح أن مقاصد وأهداف المشرع من وراء التنصيص على الفصل المذكور، جاءت كما يلي :
أولا – لم يقصد المشرع بوجوب تصريح الأشخاص الطبيعيين الذين يقومون اعتياديا أو في إطار المهنة بمهام المحكم ، سوى إلزام فئة المحكمين ممن يثبت قيامهم على وجه الاعتياد بمهمة التحكيم أو المخولين صراحة القيام بهذه المهمة بمقتضى القوانين الجاري بها العمل ، بأن يصرحوا بذلك للسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ، كي يتم تقييدهم في قائمة توضع بمعرفة هذا الأخير ،تشمل أسماء المحكمين وعناوينهم ومؤهلاتهم العلمية والمهنية ، وكل البيانات الضرورية ذات الأهمية .
ثانيا – لم يهدف المشرع من وراء التصريح المذكور، جعل القيام بمهمة التحكيم حكرا على فئة المحكمين المقيدين بالقائمة المشار إليها ،كما لم يقصد تقييد حرية الأطراف بإلزامهم باختيار المحكمين من هذه القائمة ، أو حصر اختيارهم في دائرة الأشخاص الذين يقومون بمهمة التحكيم على وجه الاعتياد أو في إطار المهنة ، بل توخى فقط خلق آلية لتسهيل مهمة رئيس المحكمة حين يلجأ إليه في إطار مقتضيات الفصلين 327.4 و 327.5 قصد تعيين أو إتمام تشكيل هيئة التحكيم ، بحيث يسهل عليه الرجوع لقائمة المحكمين المشار إليها ، بدل الاحتكام لمعلوماته الشخصية . وفيما عدا ذلك ، فان المشرع – وعلى غرار ما يجري به العمل في مختلف التشريعات المقارنة المنظمة للتحكيم – كرس مبدأ حرية الأطراف في اختيار المحكم ، كما حرص على الإبقاء على التحكيم باعتباره مهمة – وليس مهنة – يسندها الأطراف ، بملء إرادتهم وفي حدود الضوابط التي وضعها القانون ، لمن ارتضوه من المحكمين، سواء كانوا مقيدين أم غير مقيدين بالقائمة .
ثالثا – من المهم الإشارة كذلك، إلى أن القائمة المتحدث عنها في الفصل 321 من القانون رقم 08.05 ، لا تتعلق سوى بفئة المحكمين ، ولا تعني فئة الوسطاء ، كما لا صلة لها ببعض المقتضيات المشابهة مثل ما نص عليه المشرع في المادة 568 من مدونة الشغل التي ورد فيها أنه " يعهد بإجراء التحكيم إلى حكم يختاره الأطراف باتفاق بينهم ، ضمن قائمة حكام تصدر بقرار للوزير المكلف بالشغل " .
وأما بالنسبة لكيفية ترجمة مقتضيات الفصل 321 من القانون رقم 08.05 على أرض الواقع ، فقد سطر المشرع للسيد الوكيل العام للملك جملة من الضوابط التي يلزمه التقيد بها في دراسة وضعية المصرحين ، وردت في الفصلين 320 و 321 كما يلي :
أن يكون المصرح من الأشخاص الطبيعيين الذين يثبت قيامهم على وجه الاعتياد بمهمة التحكيم أو المخولين صراحة القيام بهذه المهمة بمقتضى القوانين الجاري بها العمل ، سواء بصورة منفردة أو في حظيرة شخص معنوي يعتبر التحكيم أحد أغراض الاجتماعية ، مع الإشارة إلى أن واقعة الاعتياد يمكن التحقق منها بكافة القرائن المتوفرة ، لا سيما القرارات التحكيمية التي يمكن أن يدلي بها المصرح والتي تثبت قيامه بهذه المهمة على وجه الاعتياد .
- أن يقدم الطلب للسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف الواقع في دائرة نفوذها محل إقامة الأشخاص الطبيعيين المذكورين أو المقر الاجتماعي للشخص المعنوي المشار أليه.
- أن يكون المصرح كامل الأهلية ، لم يسبق أن صدر في حقه حكم نهائي بالإدانة – سواء أمام هيئة قضائية أو تأديبية – من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفات الاستقامة أو الآداب العامة أو بحرمانه من أهلية ممارسة التجارة أو من حق من حقوقه المدنية ، ما لم يكن قد رد اعتباره .

29- حفيظة السيد حداد " الاتفاق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة الإدارية و أثرها على القانون الواجب التطبيق" دار المطبوعات الجامعية بالإسكندرية 2001 ص 6 و 7 ذكره ذ. محمد محجوبي في مقاله " دور التحكيم في تسوية منازعات العقود الإدارية الداخلية في ضوء القانون المغربي و المقارن". للإطلاع يمكن الدخول إلى موقع ma.gov.http// : adala-justice

30- من اهم المنظمات و المراكز الدائمة و المؤسسات التحكيمية على الصعيد الدولي نجد غرفة التجارة الدولية بباريس التي اسست سنة 1919.مركزالتحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي شرع في العمل رسميا بتاريخ مارس 1995. والذي يوجد مقره بالمنامة بالبحرين.المركز اليمني للتوفيق و التحكيم الذي انشا بتاريخ 12 مارس 1997.

31- نذكر على سبيل المثال المركز الدولي للتوفيق و التحكيم بالرباط التابع لغرفة التجارة و الصناعة و الخدمات لولاية الرباط و سلا الذي انشا بتاريخ1999. مركز التحكيم و الوساطة التابع لغرفة التجارة و الصناعة و الخدمات بالدارالبيضاء. مركز مراكش للتوفيق و التحكيم لغرفة التجارة و الصناعة و الخدمات الذي انشا بتاريخ 16 يوليوز 1999.
و تجدر الاشارة الى ان مراكز التحكيم بالمغرب لا تقوم بالعملية التحكيمية بل يقتصر دورها على تنظيم و ادارة العملية التحكيمية طبقا للانظمة و اللوائح المعتمدة من قبلها.

32- يقصد بالتحكيم المؤسساتي او التحكيم النظامي ذلك النوع من التحكيم الذي يتفق عليه الاطراف بصدد ابرام اتفاق التحكيم على احالة المنازعات التي نشات او قد تنشا الى التحكيم امام احدى مؤسسات التحكيم الدائمة لتتولى هذه الاخيرة عن طريق اجهزتها الادارية تنظيم و ادارة العملية التحكيمية. و يمتاز التحكيم المؤسساتي بتفاديه التعقيدات و الصعوبات التي تعرفها المساطر القضائية و هذا يتجلى من خلال المدة القصيرة لاصدار الحكم و عدم الطعن في القرارات التحكيمية (في غالبية الاحوال) و السرعة في تنفيذها.

33- ذ. زكريا الغزاوي مرجع سابق ص 101.

34- ذ. محمد اوراغ " الوسائل الموازية لقضاء الدولة في دعم قانون الاعمال" مقال منشور بالمجلة المغربية للتحكيم التجاري" ص 83.



الثلاثاء 18 ماي 2010

تعليق جديد
Twitter