MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




هل يمكن اعتبار الاحزاب المغربية مؤسسات لضمان مشاركة المواطن في تدبير الشأن العام؟ بقلم د محمد امغار

     



هل يمكن اعتبار الاحزاب المغربية مؤسسات لضمان مشاركة المواطن في تدبير الشأن العام؟ بقلم د محمد امغار
  كل مرة يكون فيها المغرب مقبل على الانتخابات تطرح على الباحث   العديد من التساؤلات الاشكالية منها تساؤلات مرتبطة  بالديمقراطية, والمشاركة السياسية  والممارسة الانتخابية,  وطبيعة التشكيلة السياسية التي ستشخص المسرح  السياسي,  داخل الاجهزة المنتخبة  .و تساؤلات  اخرى مرتبطة  بالسلوك الانتخابي للنخبة السياسية المغربية, وعلاقته بالقوانين والمراسيم والقرارات المتحكمة في العملية الانتخابية, من قوانين تنظيمية وقوانين عادية  , والتقطيع الانتخابي, وشروط إشراك الشباب والنساء وغيرها. لكن يبقى التساؤل الإشكالي الحقيقي المطروح على النظام السياسي المغربي , هو المرتبط بقياس درجة الحراك الاجتماعي والسياسي, المؤدي إلى الخروج من مأزق الدولة التقليدانية , القائمة على تكريس إعادة إنتاج نفس الوجوه, ونفس النخبة البرلمانية لفائدة انفتاح حقيقي على كل مكونات المجتمع المغربي .

 إن جمود البنيات التنظيمية الحزبية المغربية, القائمة على الانقسامية, من جهة والزبونية, من جهة أخرى  آدت إلى خلاصة مفادها أن الحزب السياسي المغربي لايسمح للفرد المواطن  بتحقيق طموح سياسي داخله,  دلك أن مرتبة الأعضاء الحزبية تتحدد وقت الانخراط, حيث ينخرط العضو في الحزب  إما كقيادي, أوكمنا ضل قاعدي, دون أن يستطيع من يوجد في القواعد السفلى للحزب التسلق يوما إلى الأجهزة القيادية, ولعل ما يدعم هذا الجمود الحزبي, ومقاومته للتغيير هو قيامه على علاقات شخصية مبنية على القرابة,  أو المصالح, وقد ذهب احد القياديين الحزبيين  في هذا الإطار  إلى القول انه من الصعب تجديد النخب في الوقت الراهن, لان الظرفية تقتضي التكتل وخوض غمار المنافسة الإنتخابية,  بما يلزم من الانسجام والقوة ,على أن يرجى النقاش حول تجديد النخب إلى ما بعد الانتخابات- أي إلى أن يتم توزيع المناصب السياسية المقبلة-.

إن مايهم القيادات الحزبية هو التوافق على توزيع   المقاعد , والمناصب العامة, وهو ما يجعل من  الأحزاب المغربية وبامتياز جماعات مصالح , ذلك أن المصلحة بمعناها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي, هي  التي تحدد طبيعة المرشحين في الانتخابات من طرف الأحزاب ,وفي هذا الإطار فان رصد الخريطة الانتخابية, يمكن أن يظهر و بشكل جلي  المصالح السوسيو-اقتصادية, التي تتمحور حولها المواقف الحزبية في اختيارها لمرشحيها,  وفي هذا الإطار كان الباحث الأمريكي جون واثر بوري قد أشار في مؤلفه الشهير, إلى  أن تبني القيادات الحزبية المغربية, للمقولات الإيديولوجية, تبقى مجرد شعارات , دلك أن السلوك السياسي للنخبة الحزبية, غالبا ما لايثاثر بهذا الاعتقاد, إذ أن الحزب الزبوني - المصلحي  بقي احد ثوابت الحياة السياسية المغربية , ومثل هذا الحزب لايقوم على أساس إيديولوجي, أو فكري, بل يقوم بالأساس على مصالح مشتركة, والتزامات متبادلة , وهذا ما يوضح أن الأحزاب البرلمانية  المغربية, وعلى اختلاف شعاراتها , و لحد الآن على الأقل  لاتعدو أن تكون أدوات لضمان وبشكل ضيق,  تعددية سياسية شكلية . 

ان التساؤل المطروح مع الدستور الجديد , والقوانين المنبثقة عنه والمنظمة للعبة الانتخابية , هو هل  ستؤدي بالفعل  هذه النصوص  في النهاية إلى الهدف الاسمي المنشود, والمتمثل في  ضمان حق كل فرد- مواطن أو جماعة اجتماعية  مغربية  في المشاركة في تدبير الشؤون العامة  للبلاد؟. وهو الحق المنصوص عليه في المادة 21من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, والنصوص المقابلة له في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

  إن التمثيل السياسي يعتبر إحدى الخطوات الأساسية, والحاسمة في تأميم السلطة السياسية, وقد شكلت الانتخابات القناة الرئيسية التي يمكن من خلالها توسيع قاعدة الحكم, وجعل هذا الأخير ملكا مشاعا بين اكبر عدد ممكن من المواطنين, وبالتالي فان مناط وجود الأحزاب السياسية كان ولايزال, رهين بالمشاركة الفعلية للمواطنين في عملية تدبير,و تداول السلطة السياسية, بحيث إن الأحزاب السياسية الحقيقية , لايمكن أن توجد إذا لم يكن الأفراد- المواطنين مشتركين في تسيير الشيء العام .                   

والانتخابات هي قبل كل شيء, أداة توضح أن السلطة السياسية لم تعد مقتصرة على بعض الأفراد, أو بعض الجماعات, و هي  أداة تضمن من جهة أخرى, أن كل فرد يمتلك نظريا على الأقل جزءا من هذه السلطة , التي تمارس الحكم, والعزوف عن المشاركة  في الانتخابات, معناه أن السلطة السياسية لن تمارس كاملة, ومقدار العزوف يحدد وجودا وعدما, مقدار شرعية السلطة من جهة,  ومشروعية قراراتها من جهة أخرى .

  لذلك فإن ضمان المشاركة في الانتخابات المقبلة لن يتم إلى بتكريس روح المواطنة والديمقراطية, داخل التنظيمات الحزبية, بحيث تعتبر الديمقراطية, والمسؤولية, الأساس الذي ينبغي أن تبنى عليه قوة الحزب وفعاليته, و هذه المسؤولية  على حد قول المرحوم  الأستاذ عبد الله إبراهيم إذا مارستها القاعدة الحزبية,  بروح الشغب سقطت جماهير الحزب في الفوضى  ,وإذا مارستها  القيادة بغش وزبونية , سقط الحزب في الاستبداد والمبادرات الفردية والفئوية, المضرة بسير النضال الديمقراطي , وتقتضي الديمقراطية, والمسؤولية  أن تمارس القاعدة رقابتها بشكل نظامي, على القمة وان تستوحي القمة قراراتها, وإرشاداتها, واختياراتها, وتحديد مرشحها في الانتخابات ,  من القاعدة عن طريق بنيات منظمة تلعب دور المحرك الناقل بين  الجانبين , وهذا ما سيؤدي إلى القضاء على البنيات التقليدية ,وبنيات جماعات المصالح داخل الأحزاب المغربية, هذه البنيات  التي آدت إلى خلق جماعات اجتماعية مضادة ساخطة, على الوضع السياسي- لانعدام شروط الحراك السياسي داخل التنظيمات السياسية الحزبية, وانعدام شروط إنشاء أحزاب ممثلة للجماعات الساخطة على الوضع- الشيء الذي أدى إلى بروز الأزمة السياسية الحالية.
إن الإيمان الحقيقي بالتعددية السياسية, التي تعتبر مرآة للتعددية المجتمعية, سيؤدي إلى القضاء على احتكار السلطة من طرف جماعة اجتماعية معينة,ا واشراك المواطن الفرد المنتمي آو الغير المنتمي  في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصيره, عن طريق فتح باب المشاركة السياسية الحقيقية,  و عكس ذلك سيؤدي لامحالة  إلى تكريس استمرار  انفراد جماعة اجتماعية  - أيا كان توجهها الاجتماعي آو السياسي وأي كان سند شرعيتها - باحتكار السلطة السياسية, والانفراد بإتخاد القرارات, الشيء الذي سيؤدي إلى استمرار إصابة  حركة الفعل السياسي المغربي, بالتحجر والجمود والعجز عن المواجهة الحقيقية لتغيرات الواقع الاجتماعي الديناميكية, وتساؤلاته الحقيقية, ذلك أن المجتمع  تطور, لدرجة أصبح معها  مجتمعا افتراضيا, فيما الحياة  السياسية لم تعرف تطورا كبيرا ,بل ظلت تتشبت بهياكل وممارسات عتيقة ترسخت كبنيات ذهنية, وتمثلات لبناء العلاقات السياسية والاجتماعية, بالمعنى السلطوي أو الزبوني  السلبي .                                                                                                                                                                                                                             



الاثنين 21 سبتمبر 2015
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter