MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



نسخة كاملة من الحكم الصادر بتاريخ 18 دجنبر 2013 عن المحكمة الابتدائية بالقنيطرة في قضية الطبيب المتسبب في وفاة مريضته نتيحة الإهـــمــــال و عـــدم الاحتـــيــاط

     



المملكــة المغربية
محكمـة الاستئنــاف بالقنيطــرة
المحكمة الابتدائية بالقنيطرة


أصل القرار محفوظ بكتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية -القنيطرة

ملف جنحي رقم : 6032-2101-12
حكم عدد :
صادر بتاريـخ : 18-12-2013




      باســـم جلالـــــة الملـــــك وطبقا للقانون


                                    
 
      أصدرت المحكمة الابتدائية بالقنيطـرة، وهي تبت في القضايا الجنحية العادية، بتاريخ 18 دجنبر 2013، الحكم الابتدائي الآتي نصه :
 
 
الــــــــــــــــوقـــــــــائــــــــــع
 
  1. مرحلة البحث التمهيدي:
 
بناء على الشكاية المقدمة من لدن ذوي حقوق الهالكة المسماة قيد حياتها....، والمستخلصة وقائعها من محضر الضابطة القضائية المنجز من طرف عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالقنيطرة .....، والذي يستفاد منه، أنه بتاريخ 12 أكتوبر 2011، قام شقيق الهالكة....رفقة  شقيقته ووالدته على نقلها إلى قسم المستعجلات بمستشفى الإدريسي بهذه المدينة بسبب التقيؤ  والألم بالمعدة، وبعد فحصها من طرف الطبيب، تم تسليمها وصفة طبية، غير أنها وبعد رجوعها إلى المنزل لم تشف الضحية من الألم. وبتاريخ 14 أكتوبر 2011، ونظرا لكثرة الألم الذي كانت تحس به بمعدتها، قام بنقلها من جديد صوب عيادة أحد الأطباء الذي قام بفحصها ثم الاطلاع على الوصفة الطبية المشار إليها، فأضاف دواء آخر عبارة عن أربع حقنات، ورغم ذلك لم تتعاف من الآلام. وبتاريخ 15 أكتوبر 2011، توجه مرة أخرى إلى نفس العيادة، وأخذت شقيقته حقنة ثانية، وعرضها على الطبيب الذي طلب منه حقنها مرة أخرى، فتم ذلك، ورغم كل هذا بقيت تحس بنفس الألم على مستوى معدتها. ويوم الأحد 16 أكتوبر 2011 حوالي الساعة الثانية زوالا، توجه من جديد إلى المستشفى الإدريسي، وبقسم المستعجلات، تم حقن الهالكة من جديد مع فحصها بالأشعة، وتسلم وصفة من أجل التحاليل التي أبانت أنها لا تعاني من مرض السكري أو ماشابه ذلك، وتم نقلها إلى قسم الإنعاش قصد تزويدها بالسيروم، وطُلب منه ضرورة الاحتفاظ بها بالمستشفى، مع ربط الاتصال بالطبيب المعالج صبيحة اليوم الموالي قصد تسلمه وصفة خاصة بإجراء بعض التحاليل الإضافية خارج المستشفى. وبالفعل، وفي صبيحة اليوم الموالي، توجه إلى المستشفى، فوجد شقيقته نائمة فوق سرير بلاستيكي متحرك بغرفة أخرى، وفي حدود الساعة التاسعة صباحا، تم الاتصال بطبيب وممرضة بقسم الإنعاش، وتسلم وصفة الفحص بالأشعة ووصفة التحاليل، وبعد تسليمه التحاليل للمختبر عاد إلى المستشفى، فطمئنه الطبيب بأن أخته، وحسب نتيجة الفحص بالأشعة، ليس بها أي شيء يدعو إلى القلق، وطلب منه الانتظار حتى وصول  المتهم (طبيب) ....المختص في أمراض الكلي الذي بدوره اطلع على الأشعة دون إجراء فحص مباشر على شقيقته، وطلب منه عدم الاتصال به إلا بعد حصوله على نتيجة التحاليل. وبالفعل أحضر التحاليل وربط الاتصال به، وبعد تفحصه التحاليل حوالي الساعة 12 زوالا ونصف، أخبره أن أخته الهالكة مصابة بقصور كلوي حاد، وأمره بأن تخضع لتصفية دم مدى الحياة، وأنه يجب نقلها لمصحة....نظرا لكون المستشفى لا يتوفر على مكان شاغر، وأن الآليات الخاصة بتصفية الدم معطلة، وأن له لائحة الانتظار لمرضاه، ولا يجب عليه حذف أحدهم حتى يتسنى للهالكة أخذ مكانه لتصفية الدم. حينها، قام بالتوسل إليه بقبولها لتصفية الدم بالمستشفى، غير أنه رفض ذلك وحثه على نقلها إلى مصحة... ولمعرفة الثمن، اتصل المتهم بالدكتور...المشرف على المصحة الذي أخبره أنه يجب عليها تلقي ثلاث عمليات تصفية دم، وتزويدها بكيسين من الدم، وبعد ذلك تصفية الدم مدى الحياة مع زرع أنبوب خاص بذلك، فطالبه بالكلفة الإجمالية لهذه الإجراءات، فصرح له أنها محددة ما بين مبلغ 6000 و7000 درهم، وأعاد الاتصال بالدكتور...، وطالبه بأنه هو من سيقوم بزرع الأنبوب بمستشفى الإدريسي مقابل مبلغ (1000) درهم، وطلب منه إحضار المبلغ المالي كاملا. وحوالي الساعة الثالثة والنصف زوالا، اتصل به المتهم واتفقا على إحضار الهالكة من قسم الإنعاش لمكتبه على وجه السرعة، وبعد أخذه مبلغ (1000) درهم، تم نقلها بأمر منه لغرفة أخرى بقسم تصفية الدم، والتي كانت على شكل مطبخ بدون آليات، وذلك لزرع الأنبوب المشار إليه سابقا، واستغرق زرع الأنبوب حوالي عشرون دقيقة بعد أن سبق وأكد له المتهم أنه لن يستغرق سوى 10 دقائق، ساعتها غادر المستشفى وأحضر مبلغ 7000 درهم، فربط الاتصال بالمتهم، وأمره بإحضار سيارته لنقل الهالكة إلى مصحة...، وخلال نقلها تبين له أن ملامحها تبدلت شيئا فشيئا، فطلب من الطبيب ضرورة نقلها بسيارة الإسعاف، الأمر الذي لم يتقبله، و كانت سيارة الإسعاف متوقفة بباب المستشفى،  فطلب من سائقها نقل الهالكة إلى مصحة ...وهو ما تم فعلا. وبعد ذلك، طالب المتهم بتسليمه تقرير عن ذلك، فرفض بدعوى أنه ليس هناك تقرير في مثل هذه الحالات. وبوصوله إلى المصحة، وجد في استقباله المتهم الذي طلب منه إدخالها إلى المصحة بالطابق الأول، حينها طلب منه هذا الأخير مغادرة قاعة تصفية الدم من أجل الانتظار. وبعد لحظات، خرج وشرع في تهدئته بطريقة غير الطريقة التي سبق أن تعامل معه بها، ليعود بعد ذلك إلى القاعة، ومن الزجاج، شاهده يعمل على إدخال حقنة كبيرة في بطن أخته الهالكة، وشرع في امتصاص ورمي ما يخرج من بطنها، ليعاود الكرة وهي تتألم، وقد استغرق الأمر حوالي 40 دقيقة، وفي لحظة من الزمن، حضر الدكتور...الذي كان مرتبكا، و حضر أمامه شخص وطلب منه التوجه إلى الإدارة، وطالب السكرتيرة بتزويده –أي لأخ الهالكة- بأنبوب أخر لكون الأنبوب الأول غير صالح، ويجب إضافة مبلغ (1000) درهم بالفاتورة، وأخبرته السكرتيرة أنه بعد تصفية الدم في الحصة الأولى، سيتم نقلها إلى مصحة...لتكون قريبة من أجل عنايتها لمدة ثلاثة أيام مقابل مبلغ (1000) درهم لليلة الواحدة، وهو المبلغ الذي يكون خارج تغطية المصاريف المتفق عليها. وأثناء تأديته واجب العلاج بالإدارة الذي لم يتم، حضر الطبيبان السالفي الذكر مرتبكان، وأفادا أنه يجب  نقل الضحية على وجه السرعة لقسم المستعجلات بمستشفى الإدريسي من أجل الإنعاش، وبعدها ستعود إلى المصحة. وحينها طلب منهما توجيهها إلى مصحة... إلا أن الطبيين أصرا على نقلها إلى المستشفى الإدريسي على وجه السرعة، معللا المتهم أنه هو من سيتكلف بعلاجها وحالتها الصحية. وبعد إلحاحهما، نزل رفقة شقيقتيه حيث وجد سيارة الإسعاف التي نقلت الهالكة إلى مصحة...، وطلب منه الإسراع في نقلها إلى المستشفى الإدريسي، غير  أنه باغته كونها تتواجد داخل سيارة الإسعاف وأبوابها محكمة الإغلاق، وحضر المتهم، وأمر السائق  بالإقلاع بالسيارة نحو مستشفى الإدريسي حيث امتطت أخت الهالكة سيارة الإسعاف، وشرعت في التكلم مع هذه الأخيرة، لكن دون إجابة حيث وجدتها مغطاة بالكامل بما في ذلك وجهها. وبباب المستشفى، تفحص الهالكة فتبين له أنها فارقت الحياة، فرفض إنزالها من سيارة الإسعاف، وتوجهت شقيقته نحو الطبيب المداوم، وطلبت منه ضرورة معاينة الجثة حيث حضر على وجه السرعة، وبعد تفحصه لها، صرح أنها فارقت الحياة قبل وصولها للمستشفى، وفي هذه اللحظة، حضر المتهم، ومنعه من مغادرة المكان إلى حين حضور رجال الشرطة بعين المكان، إلا أنه وفي غفلة منه ولج إلى المستشفى، وقام عناصر الشرطة بتحرياتهم في القضية.
عند الاستماع إلى المتهم تمهيديا من خلال المحضر المذكورة مراجعه أعلاه، صرح أنه بتاريخ 17 أكتوبر 2011، وبقسم المستعجلات بالمستشفى الإدريسي، طُلب منه رأيه حول الحالة الصحية للهالكة، وبعد اطلاعه على الملف الطبي وجد أنها كانت بالمستشفى منذ يوم 16 أكتوبر 2011 في حالة شبه غيبوبة وتقيؤ مستمر، وأعطيت لها أدوية مضادة له، وأخرى للتقوية بواسطة مادة السيروم، حيث بقيت تحت المراقبة الطبية إلى غاية يوم 17 أكتوبر 2011، وطلب من أفراد عائلتها إجراء تحليلات طبية خاصة بالقصور الكلوي خارج المستشفى، وكذا الفحص بالأشعة للكليتين، وبعد إجراء فحص مباشر عليها، تبين له أنها لازالت في غيبوبة وفي حالة صحية جد متدهورة مع انخفاض الضغط الدموي، وكذا نبضات القلب، والتقيؤ المستمر، فقرر إبقاءها تحت الملاحظة الطبية إلى حين القيام بالتحليلات. وبالفعل، وبعد إحضار نتيجة التحاليل واطلاعه عليها، صرح للعائلة أن الهالكة مصابة بقصور كلوي جد سيئ، وأخبرهم أنها ستخضع لعملية تصفية الدم مدى الحياة، خصوصا بعد اطلاعه على نتائج الفحص بالأشعة، حيث طلب منهم الالتحاق به إلى مركز تصفية الدم لإعطائهم كل الشروحات اللازمة حول المرض، وخاصة أن معدل وجود البوتاسيوم في الدم أكثر من 6، وهذا قد يؤدي إلى الموت المفاجئ، ونصحهم بالتوجه إلى المساعدة الاجتماعية وإجراء تصفية الدم في مركز يتوفر على آليات متطورة لا توجد بالمستشفى، وحينها قرروا أخذها إلى إحدى المصحات المتخصصة، والتي تتوفر على الآليات المطلوبة في هذه الحالة وغير المتوفرة بالمصلحة. وبما أن المستشفى لا يتوفر على مكان شاغر، و أن ثلاث آليات خاصة بتصفية الدم معطلة، وأنه لا يجب حذف أحد من لائحة الانتظار خوفا من تعرض أي أحد منهم للموت، قررت عائلة الهالكة نقلها إلى "مصحة.."  على متن سيارة الإسعاف، وأنه بالفعل اتصل بالدكتور...وشرح له الحالة الصحية، وأكد له أنه يجب تلقي ثلاث حصص لتصفية الدم دون أن يعلم ثمن العملية، وأخبر الطبيب أنه هو من سيقوم بزرع الأنبوب بالمستشفى الإدريسي. وأنه بعد استعداد عائلة الهالكة على نقلها إلى مصحة...، زرع لها الأنبوب في غرفة خاصة، ونصحهم بنقلها عبر سيارة الإسعاف، ولم تطلب منه عائلتها تسليمه تقرير حول الحالة الصحية للضحية،  وأنه  لا يسلمه لأنه يدخل في السر المهني، وأنه لم يتسلم أي مبلغ مالي من عائلة المرحومة مقابل زرعه الأنبوب الاصطناعي Cathéter، والذي  يتم الاحتفاظ به للحالات المستعجلة. مضيفا أنه بالفعل رافقهم إلى مصحة...بطلب من الدكتور ... لكونه كان له ظرف عائلي، وكان ذلك خارج أوقات العمل، وعندما وضعت الهالكة بالغرفة بالطابق الأول بالمصحة بحضوره، قام الممرض بجس نبضها بواسطة الآليات غير المتوفرة بالمستشفى، حيث تبين أن ضغطها الدموي 5 / 4 في الحدين الأدنى و الأقصى، ودقات القلب 50 دقة في الدقيقة، وبأمر منه، باشر الممرض عملية استخراج الدم من الأنبوب الذي كان مغروسا بفخذها، إلا أنه وجد صعوبة في ذلك، الشيء الذي استدعى تدخله مباشرة في هذه العملية حيث حاول إخراج الدم من الأنبوب بواسطة حقنة طبية تحتوي على مادة السيروم، لكن بدون جدوى، فقرر تبديله بآخر، إلا أنه لم يتمكن من إدخاله رغم إحضاره من صيدلية المصحة لكون الحالة الصحية للهالكة كانت لا تسمح، وفي الوقت الذي كان يقوم فيه بعمله، حضر الدكتور...وعاين هو الأخر الحالة الصحية للهالكة التي كانت جد متدهورة، وذهب عند عائلتها لشرح خطورة الحالة التي أسفرت كون العملية مستحيلة، فاقترح عليهم إعادتها إلى مستشفى الإدريسي بسبب التدهور الخطير لحالتها الصحية قصد إنعاشها، ولما علم هو بالأمر، تبعها على متن سيارته الخاصة لأجل تقديم يد المساعدة، وإشعار الأطباء المتخصصين بالإنعاش كونها كانت تحتضر ولاتتنفس إلا بصعوبة، إلا أنها توفيت بسيارة الإسعاف. وأكد أن نقل الهالكة إلى مستشفى الإدريسي كان بعد مناقشة بينه وبين الدكتور...وأنه نظرا لحالة الاستعجال، لم يتم تسليم أي ورقة لعائلتها لكونها هي من تكلفت بنقلها على متن سيارة الإسعاف، فأخذوها مباشرة دون الرجوع إلى قسم المستعجلات. وبما أن الطبيب ...لم يكن بالمصحة، فقد كان من الواجب عليه مصاحبة الهالكة إلى المصحة، وأن ذلك كان بسبب ضميره المهني وليس سبب أخر كما ادعى المشتكون. وأنه في الوقت التي كانت فيه الهالكة بالمصحة لم تكن تنزف، وربما بعد نقلها نزف بعض الدم من الثقب المعد للأنبوب الاصطناعي. وبالنسبة لحالة الهالكة الصحية فقد كانت تستوجب إجراء حصة لتصفية الدم على وجه السرعة، وهو السبب الذي جعله لا يعرضها على طبيب الإنعاش.  
وبناء على الخبرة الطبية المنجزة على الهالكة، عملية عدد 11 أو س 104/ب.ه والتي أسندت إلى المركز الإستشفائي للطب الشرعي بابن رشد، والتي خَلُص  فيه أن "من المرجح جدا أن تكون وفاة الضحية مرتبط بحدوث مضاعفات حادة للقصور الكلوي نظرا لانخفاظ الضغط الدموي، واختلال في إيقاع القلب. كما لا يمكن استبعاد إمكانية حدوث انصمام غازي عند وضع القسطر".
وبناء على ملتمس السيد وكيل الملك المؤرخ في 13-11-2012 والرامي إلى إجراء تحقيق في النازلة.
 
  1. مرحـــلة التحقيـــق الإعــــدادي:
 
بناء على استنطاق المتهم ابتدائيا بحضور دفاعه، أكد كل تصريحاته التمهيدية، موضحا أنه بتاريخ 17 أكتوبر 2011، أخبر من طرف طبيب المستعجلات بمستشفى الإدريسي بحالة مرضية، حيث عاين حالة المريضة بأنها تعاني من قصور كلوي حاد، ونظرا للحالة الجد المتدهورة التي كانت عليها الهالكة، نصح عائلتها بنقلها إلى مستشفى ابن سيناء الذي يتوفر على آليات المراقبة. وأن الدكتور ...صاحب مصحة ...هو من طلب منه الإشراف عليها لظرف طارئ. وعند حضوره لا حظ أن الإسعافات التي قدمت غير كافية بالنظر إلى حالتها الصحية، وطلب من أفراد عائلتها نقلها إلى المستشفى الإدريسي ، و أخبر بعد ذلك أن الهالكة توفيت أثناء نقلها إلى المستشفى.
وبناء على الاستماع إلى المسماة...أفادت أنها تعمل مساعدة صحية بمصحة...وأنها بتاريخ 17 أكتوبر 2011 حوالي  الساعة الخامسة والنصف مساء، تم إحضار الهالكة إلى المصحة على متن سيارة الإسعاف بغية تصفية الدم، وبعد أن تم نقل المعنية بحجرة تصفية الدم بالطابق الأول بالمصحة، وبأمر من المتهم، باشر الممرض المسمى... طالب عملية استخراج الدم من الأنبوب الذي كان مغروسا بفخذها لكي تتم عملية تصفية الدم، إلا أن الممرض المذكور وجد صعوبة في ذلك، الشيء الذي استدعى تدخل المتهم نفسه، حيث حاول إخراج الدم من الأنبوب اللاصق بفخذها بواسطة حقن طبية، لكن دون جدوى. وبعد عدم نجاح عملية استخراج الدم من الأنبوب الاصطناعي اللاصق بفخذ الهالكة، لم تتم عملية تصفية الدم، وقرر المتهم إعادتها إلى المستشفى الإدريسي دون معرفتها السبب، وأنه وقت إرجاعها إلى المستشفى الإدريسي كانت مغطاة بغطاء قطني، وكان وجهها مكشوفا وغير مغطى.
وبناء على الاستماع إلى المسماة ...أفادت أنها بتاريخ 17 أكتوبر 2011، وعند التحاقها بقسم المستعجلات، وجدت الهالكة بقاعة العلاج، واتصل بها أحد أفراد عائلتها وأخبرها أن لها صعوبة في  التنفس، حينئذ نقلتها إلى غرفة الإنعاش بقسم المستعجلات بأمر من الطبيب المداوم، حيث بقيت هناك إلى أن تم فحصها من طرف المتهم المختص  في أمراض الكلي  دون وقوع أي شيء يثير الانتباه.
وبناء على الإستماع إلى المسمى ...أفاد أنه يعمل كممرض مسؤول بقسم تصفية الدم بمستشفى الإدريسي، وأنه بتاريخ 17 أكتوبر 2011، التحقت الهالكة بقسم المستعجلات في انتظار الكشف عليها من طرف الطبيب المختص، وبعد إجراء التحاليل، قرر الطبيب المختص إخضاعها لعملية تصفية الدم حالا، وأن عملية التصفية تخضع لنظام لائحة الانتظار اللهم الحالات المستعجلة، وأن الضحية التحقت بجناح تصفية الدم بعد الساعة الرابعة.
وبناء على الإستماع إلى المسمى ....أفاد أنه يعمل تقني متخصص في آلات تصفية الدم بمصحة...وأنه بتاريخ 17 أكتوبر 2011 حوالي الساعة السادسة مساء، تم إدخال الهالكة إلى المصحة، وبعد وقت وجيز، تقرر إرجاع الهالكة إلى المستشفى الإدريسي، وتم نقلها بسيارة الإسعاف، ووقتها كانت لازالت على قيد الحياة.
وبناء على الاستماع إلى المسمى ....أفاد أنه يعمل كممرض بمصحة ... ويباشر عمله في تصفية الدم لمرضى الفشل الكلوي المزمن، وأنه بتاريخ 17 أكتوبر 2011 حوالي  الساعة السادسة مساء من نفس اليوم، ولجت الهالكة  إلى المصحة، وأحضرت على متن سيارة الإسعاف بغية تصفية الدم لأنها تعاني من فشل كلوي، وعند دخول المعنية لقاعة تصفية الدم، لاحظ أن حالتها الصحية جد متدهورة، و تتنفس بصعوبة كبيرة، وأن الأنبوب الاصطناعي الخاص بتصفية الدم كان مغروسا بفخذ المعنية، وبحضور المتهم قام بجس نبضها، وتبين أن ضغطها الدموي 7 / 4 في الحدين الأدنى والأقصى، و دقات القلب 45 دقة في الدقيقة. وبأمر من المتهم، باشر عملية استخراج الدم من الأنبوب الاصطناعي اللاصق بفخذ المعنية، والتي حضرت وهو مغروس فيها لكي تتم عملية تصفية الدم، إلا أنه وجد صعوبة في ذلك، الشيء الذي استدعى تدخل المتهم مباشرة بنفسه في العملية، وبعد عدم نجاح العملية، قرر هذا الأخير إعادتها إلى المستشفى الإدريسي بسبب حصول تدهور خطير في حالتها، ولا علم له إن كانت الهالكة فارقت الحياة داخل سيارة الإسعاف أم لا.
وبناء على الإستماع إلى المسماة ...أفادت أنها تعمل بمصحة...، ومكلفة بتصبين الأغطية، وأنه بتاريخ 17 أكتوبر  2011 حوالي الساعة السادسة و النصف، كانت بالمصحة بصدد توزيع الأغطية على غرفة المصحة، فأثار انتباهها وقوف سيارة الإسعاف التابعة للهلال الأحمر ببهو المصحة، وعند دخولها إلى الغرفة الكائنة بالطابق الأول طلب المتهم من الممرضين ...و ...المساعدة من أجل إنزال الهالكة وإعادتها إلى المستشفى الإدريسي، وخلال ذك كانت الهالكة في وضعية جد متدهورة.
وبناء على الاستماع إلى المسمى.... أفاد أنه يعمل بمصحة...وأنه بتاريخ 17 أكتوبر 2011، كان بالمصحة، وحوالي الساعة السادسة مساء كان بحجرة تصفية الدم بالطابق الأرضي، حيث أدخلت الضحية إلى المصحة، وبعد عشرون دقيقة تمت إعادتها إلى المستشفى، ووقتها كانت لازالت حية وتتنفس بصعوبة ولم يكن وجهها مغطى.
وبناء على الاستماع إلى المسماة...أفادت أنها تعمل كمساعدة صحية تابعة لجمعية تصفية الكلي بالقسم الخاص بذلك بالمستشفى الإدريسي، وأنها بتاريخ 17 أكتوبر 2011 حوالي الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال، وفي الوقت الذي كانت تباشر فيه عملها كمساعدة صحية بقسم تصفية دم الكلي بمستشفى الإدريسي، دخلت الهالكة إلى القسم المذكور، فساعدت المتهم في تركيب الأنبوب الاصطناعي لتصفية الدم للضحية، إلا أن هذه الأخيرة  غادرت جناح القصور الكلوي دون سبب.  
وبناء على الاستماع إلى المسمى ...أفاد أنه يعمل بمصحة...وأنه بتاريخ 17 أكتوبر 2011، قام بمساعدة سائق سيارة الإسعاف والممرض على إدخال الضحية إلى المصحة التي  تظهر عليها حالة العياء الشديد، وعند إنزالها إلى سيارة الإسعاف كانت الهالكة تتنفس بصعوبة، ولا زالت لم تلفظ أنفاسها الأخيرة بحث كانت لازالت حية.
وبناء على الاستماع إلى المسمى ...أفاد أنه يعمل كسائق سيارة الإسعاف، وأنه بتاريخ 17 أكتوبر 2011، مساء لما كان يتولى سياقة سيارة الإسعاف التابعة للهلال الأحمر المغربي، تقدم منه أخ الضحية،  وطلب منه نقل أخته إلى مصحة...فاتفق مع على الثمن المحدد في 100 درهم، وتم نقلها إلى المصحة المذكورة، وبمصحة... طلب منه أخوها الانتظار بعين المكان بغية نقلها إلى المنزل أو المستشفى الإدريسي بعد عملية تصفية الدم، الشيء الذي تم بالفعل. وبعد مرور حوالي 40 دقيقة في تصفية الدم بالهالكة، أخبرته إحدى الممرضات أن المتهم يطلب منه نقل المعنية بالأمر  على وجه السرعة إلى  المستشفى الإدريسي قسم الإنعاش،  وتم وضعها بالسيارة. وعند محاولته إنزال المريضة، منعه أخوها من ذلك إلى حين حضور أحد الأطباء، وبالفعل حضر الطبيب، وبعد الكشف عليها تبين أنها فارقت الحياة، فحضر رجال الشرطة، وأكد أنه وقت نقلها كان وجهها مغطى، إلا أنه نظرا لحالة الاستعجال التي كان عليها لم يكشف على وجهها.
    وعند استنطاق المتهم تفصيليا بحضور دفاعه، أكد كل تصريحاته المدلى بها في مرحلة الاستنطاق الابتدائي. 
وبناء على قرار السيد قاضي التحقيق، والقاضي بانتهاء التحقيق والاطلاع، الصادر بتاريخ 16 يوليوز 2012.
وبناء على الملتمس النهائي للسيد وكيل الملك المؤرخ في 16-07-2012، والرامي إلى إحالة المتهم على المحكمة قصد محاكمته طبقا للقانون.
وبناء على أمر السيد قاضي التحقيق المؤرخ في 13 نونبر 2012، والقاضي بمتابعة المتهم أمام هذه المحكمة من أجل ما سطر أعلاه.
 
 
  1. مرحـــلة المحاكــــمة
 
بناء على إدراج الملف بعدة جلسات كان من بينها جلسة 03-07-2013، حضر خلالها المتهم مؤازرا بدفاعه، وحضر نائبي ذوي الحقوق، وحضر من الشهود: .........فأمرت المحكمة بانسحابهم من قاعة الجلسات إلى حين المناداة عليهم.
وبناء على التحقق من هوية المتهم، وإشعاره بالمنسوب إليه، أكد كل تصريحاته التمهيدية وأمام السيد قاضي التحقيق ؛ مضيفا أنه قام بكل ما يلزم لإنقاذ الهالكة، وأنه توصل بنتيجة التحاليل على الساعة 12 ونصف صباحا، وأنه أمر عائلة الهالكة بإجراء عملية التصفية بأسرع وقت لأن حالتها مزرية ومستعجلة، وأن الآلات المعدة لذلك كانت مشغولة، وأن ثلاثة منها كانت مشغولة بالحالات المستعجلة، وثلاثة أخرى كانت في حالة عطب، وأنه لم يوجه عائلة الهالكة إلى مصحة...وأنه نصحهم بكون حالة هذه الأخيرة مزرية ويتعين إرسالها إلى المستشفى الجامعي ابن سينا، وأنه هو من زرع لها الأنبوب في المستشفى، وأن الدكتور... صاحب المصحة هو من طلبه لكي يقوم بعملية التصفية للهالكة بدله نظرا لظرف طارئ، وأنه استجاب لواجبه الإنساني، فوجد ضغطها منخفض، ودقات قلبها ضعيفة، فضلا عن تختر الدم، وأنه لم يتقاض أي مبلغ عن الأنبوب كما جاء في تصريحات أخ الهالكة، وأنه تبين له وللدكتور...أن الهالكة تحتاج إلى الإنعاش، فسبقها إلى المستشفى الادريسي إلى أن أخبر هاتفيا بأنها توفيت بمصحة...وأن الدم الذي نزف من الهالكة كان عاديا لأنه راجع إلى نقلها من مصلحة إلى أخرى، وأنه حاول تركيب أنبوب ثان بدل الأنبوب الأول ففشل، وأن ضغط الهالكة كان منخفض ودقات قلبها كذلك وصفائحها مرتفعة، وأن هناك احتمال تجميد الدم، وأن وقت تركيبه للأنبوب الأول كان حوالي الساعة الرابعة ونصف، وأن خروج الهالكة من المستشفى إلى المصحة كان حوالي الساعة الخامسة ونصف.
وبناء على قرار المحكمة القاضي بالاستماع إلى شقيق الهالكة...على سبيل الاستئناس، فأكد كل تصريحاته التمهيدية، مضيفا أنه سلم المتهم مبلغ (1.000) درهم مقابل الأنبوب الذي ركبه للهالكة قصد تصفية الدم، وذلك استجابة لطلبه.
وبناء على إدراج القضية مرة أخرى بجلسة 23-10-2013،....
وبناء على مواصلة استنطاق المتهم حول المنسوب إليه من طرف هذه المحكمة، أضاف بأن المصلحة تتوفر على 28 آلة لتصفية الدم، 25 منها كانت مشغولة و3 كانت مخصصة للحالات الحادة والمستعجلة، وأنه لم يلحق بالهالكة إلى المصحة، وأن لم يوقع على "الرأي الطبي المناقض" Le Contravis Médical وأن السبب في ذلك هو إنقاذ الهالكة، وأنه لم يرفق الضحية بوثيقة La Fiche de Liaison (بطاقة وصل بين الطبيب المرسِل والمرسَل إليه تصف الحالة الصحية للمريض) لأنه كان سيلحق بها، وأنه قام بإعطاء المعلومات الخاصة بذلك عن طريق الهاتف، وأنه كان ذاهبا إلى منزله بعد إنهاء عمله إلى أن اتصل به الدكتور...ليحل محله في عملية تصفية الدم للهالكة، وأنه تدخل لهدف إنساني، وأن المسماة ....كانت تساعده وتقدم له الأدوات والحقن والضماضات.
وبناء على مناداة الشاهد... وبعد التأكد من هويته، ونفيه لمبطلات الشهادة، وأدائه اليمين القانونية، صرح بأن ليست له مصحة، وإنما هو مركز لتصفية الدم، وأكد سابق تصريحاته تمهيديا بخصوص كون المتهم هو من اتصل به وأخبره بأنه سيوجه الهالكة إلى مركزه، نظرا لكون آليات المستشفى مشغولة وأخرى بها عطب، وأن المتهم لم يصف له الوضعية الصحية التي كانت عليها، وأن المتهم هو من اتصل به حوالي الساعة الخامسة ونصف بعد الزوال، وليس هو –أي الشاهد- من اتصل ليخبره بكون ظروفه لا تسمح بنقل الهالكة، وأن بدخوله إلى المركز وجد الهالكة في وضعية حرجة، ولونها شاحب، وتنفسها ضعيف، وضربات قلبها غير مستقرة، وضغطها منخفض، وأن الأنبوب فارغ من الدم، وأن المتهم راوده شك بأن الأنبوب مخنوق، وأنه حاول إدخال أنبوب آخر. مضيفا أن هناك احتمال للخطر إذا تم نقل المريض والأنبوب مركب في الحالة التي يكون فيها الضغط منخفض  وصفائح الدم مرتفعة، وأن عند أصعب الحالات لا يمكن أن تتجاوز ثقوب الأنبوب ثلاثة، وأنه لم يسبق له كطبيب أن رأى مثل حالة الهالكة فيما يخص عدد الثقوب التي وصلت إلى 28 ثقبة، وأنه كان يتوجب أن تبقى الهالكة في المستشفى، مؤكدا أنه يمكن للحالة العادية أن تعطي مكانها للحالة المستعجلة.
وبناء على  مناداة الشاهد ...وبعد التأكد من هويته، ونفيه لمبطلات الشهادة، وأدائه اليمين القانونية، صرح أنه، وبصفته رئيس جمعية مساندة مرضى الكلوي، عندما تتعطل أي آلة يعلم بها، وفي يوم الحادثة لم يعلم بكون ثلاثة آلات معطلة، وأنه شاهد المتهم مرارا وهو يتردد على مصحة...وأنه يشتغل خارج أوقات العمل بها، وأنه يعامل المرضى معاملة سيئة، وأن المسماة....كانت تعمل كمنظفة، وأنه كان على اتصال بأخ الضحية الذي قال له بأن المتهم طلب منه (1000) درهم، في حين أن الأنبوب بالمجان، وأنه سبق وأن عايش مع إحدى المريضات التي توفيت أن المتهم طالبها بملغ (3000) درهم.
وبناء على إعادة إدراج القضية مرة أخرى بجلسة 20-11-2013، حضر خلالها المتهم مؤازرا بدفاعه، وحضر نائبي ذوي الحقوق، وحضر من الشهود:... وأعطيت الكلمة إلى دفاع المتهم الذي تقدم بملتمس يرمي إلى الاستغناء عن الاستماع إلى ما تبقى من الشهود، نظرا لكون الأمر يتعلق بخطأ طبي، وعقب دفاع الطرف المشتكي بكون ليس هناك ما يمنع من الاستماع إلى الشهود ولو كان الأمر يتعلق بالخطأ الطبي، والتمس رد ملتمس دفاع المتهم. وتشبثت النيابة العامة بالاستماع إلى الشهود، فقررت المحكمة الاستماع إلى هؤلاء الأخيرين،  ثم أمرتهم بالانسحاب من قاعة الجلسات إلى حين المناداة عليهم.
 وبناء على  مناداة الشاهدة ...وبعد التأكد من هويتها، ونفيها لمبطلات الشهادة، وأدائها اليمين القانونية، صرحت بأنها لم تعاين تسلم المتهم لأي مبلغ مقابل الأنبوب، وأنها دخلت إلى الجمعية كمنظفة، وأضافت بأن يوم الحادثة كانت هناك 28 آلة، ثلاثة منها مخصصة لحالات الاستعجال وأنها كانت شاغرة ولم تستعمل في أي حالة، وثلاثة منها معطوبة، و20 منها كانت مستعملة، و2 منها للحالات العادية كانت شاغرة غير مستعملة.
وبناء على قرار المحكمة القاضي بالاستغناء عن الاستماع إلى باقي الشهود، والاكتفاء بمن استمع إليهم، إضافة إلى الشاهد محمد حدادة.
وبناء على  مناداة الشاهد ... وبعد التأكد من هويته، ونفيه لمبطلات الشهادة، وأدائه اليمين القانونية، صرح بأنه، وباعتباره سائق سيارة الإسعاف، فإن المتهم تبعه بسيارته الخاصة إلى المصحة، وأنه لم يتوقف عندما كان عائدا إلى مستشفى الإدريسي، وأن عند نقل الهالكة من المصحة إلى المستشفى كان وجهها مغطى.
وبناء على سؤال المحكمة للمتهم حول: لماذا لم يعط تعليماته لسائق سيارة الإسعاف قصد إنعاش الهالكة. أجاب بأن حالتها التنفسية لم تكن تستدعي ذلك، مضيفا أنه لا يمكن نقل المريض ووجهه مغطى.
 
وبناء ...
وبــعــد الــتـــأمـــل وطـــبقــــا للـــقـــانــــون
 
  1. في الدفع المتعلق بعدم الاختصاص النوعي
 
حيث تقدم دفاع المطالبين بالحق المدني بدفع شكلي، يرمي من خلاله إلى القول بعدم الاختصاص النوعي، نظرا لكون فعل القتل موضوع المتابعة ذي صبغة جنائية وليست جنحية، وذلك باعتبار عنصر العمد المتوفر في النازلة، طبقا للفصل 392 من القانون الجنائي.
وحيث لئن كانت مسألة الاختصاص النوعي، حسب المادة 323 من قانون المسطرة الجنائية، هي من صميم النظام العام، ويتوجب على المحكمة، كلما تبين لها أنها غير مختصة نظرا إلى ظروف وملابسات القضية، أن تثير ذلك ولو من تلقاء نفسها.
وحيث يشترط المشرع لقيام جناية القتل العمد، حسب الفصل 392 من القانون الجنائي، أن يتم إثبات كون الفاعل قد أراد بفعله تحقيق النتيجة الإجرامية المتمثلة في إزهاق الروح، الأمر الذي نعدمه في نازلة الحال، مما اعتبرت معه المحكمة كون الوقائع موضوع المتابعة عادية ومجردة عن كل ما يفيد قيام عنصر العمد المنصوص عليه في ذات الفصل أعلاه.
وحيث إنه وتأسيسا على كل ما سلف، فإن الوقائع موضوع المتابعة، هي من طبيعة جنحية وليست جنائية، مما ارتأت معه المحكمة رد هذا الدفع والتصريح بعدم قبوله.
 
  1. فـــــــي الـــــــدعــــوى العـــمـــومـــيـــة
 
  • بالنسبة لجنحـــــــة الغــــــــدر
 
حيث توبع المتهم من طرف السيد قاض التحقيق بهذه المحكمة من أجل جنحة الغدر، طبقا للفصل 243 من القانون الجنائي.
وحيث أنكر المتهم تمهيديا، وفي محضر قانوني، أن يكون قد تسلم من عائلة الهالكة ... مبلغ (1.000) درهم مقابل الأنبوب (Cathéter) الذي ركبه في فخدها بالمستشفى الإدريسي قصد الشروع في عملية تصفية الدم، مضيفا أنه يمنح بالمجان.
وحيث استنطق المتهم حول المنسوب إليه من طرف السيد قاضي التحقيق، فأكد كل تصريحاته التمهيدية المشار إليها، متشبثا بإنكاره تسلم أي مبلغ مقابل الأنبوب المذكور.
وحيث استنطق المتهم حول المنسوب إليه من طرف هذه المحكمة، فأجاب بالإنكار، مؤكدا سابق تصريحاته لدى الشرطة القضائية، وكذا السيد قاضي التحقيق.
وحيث إن "المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس" طبقا للمادة 290 من قانون المسطرة الجنائية، الأمر الذي نعدمه في نازلة الحال.
وحيث لئن أنكر المتهم تسلمه مبلغ (1.000) درهم مقابل الأنبوب المذكور، فإن ذلك لا يعدو أن يكون في حقيقته سوى تضليلا منه للعدالة قصد تملصه من المسؤولية الجنائية المترتبة عن أفعاله المخالفة للقانون، الأمر الذي تؤكده شهادة الشاهد...التي جاءت واضحة ومنسجمة مع تصريحات شقيق الهالكة، باعتبارها قرينة قوية على صحة هذه الأخيرة التي جاءت بدورها غاية في الدقة والتفصيل ؛ إذ أفاد بأنه، وبصفته رئيسا لجمعية مساندة مرضى القصور الكلوي، كان على اتصال به، وهو من أخبره بأن المتهم طلب منه (1000) درهم مقابل الأنبوب، في حين أن الأنبوب يمنح بالمجان، وعلى حساب المستشفى.
وحيث إن ما يزيد في قوة القرينة أعلاه، هو أن المتهم لم يزرع الأنبوب المذكور، حسب ما أفاد به أمام هذه المحكمة، إلا حوالي الساعة الرابعة ونصف زوالا. بينما اطلع على نتيجة التحاليل الطبية التي أبانت كون الهالكة مصابة بقصور كلوي حاد حوالي الساعة الثانية عشر ونصف صباحا ؛ أي بعد ثلاث ساعات من اكتشاف المرض وتفاقمه. في الوقت الذي يعترف فيه بأن الحالة الصحية للهالكة كانت جد متدهورة وسيئة، ولا تحتمل أي تأخير نظرا لطابعها الاستعجالي، فبالأحرى الانتظار كل المدة المشار إليها ؛ مما يفيد كون تلك المدة (ثلاث ساعات) كانت بمثابة مهلة لعائلة الهالكة قصد تدبر المبلغ المطلوب.
وحيث إن ما يؤكد هذا الاستنتاج، هو ما جاء بدقة وتفصيل في التصريحات التمهيدية لشقيق الهالكة، وأمام هذه المحكمة، من أن المتهم، وبمجرد الاطلاع على نتيجة التحاليل :"طلب منه إحضار المبلغ كاملا، وحوالي الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، اتصل به، وطلب منه إحضار الهالكة من قسم الإنعاش لمكتبه على وجه السرعة، وبعد أخذ المبلغ، تم نقلها بأمر منه لغرفة أخرى بقسم تصفية الدم، واستغرق زرع الأنبوب حوالي عشرون دقيقة".
وحيث لا تقوم لجنحة الغدر قائمة من الناحية المادية، حسب الفصل 243 من القانون الجنائي، إلا إذا طالب الموظف العمومي، أو تلقى أو فرض أوامر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق، أو أنه يتجاوز المستحق، سواء للإدارة العامة أو للأفراد، أو لنفسه، الأمر الذي لا نعدمه في نازلة الحال، ما دام أن الثابت من التعليلات أعلاه، كون المتهم، وبصفته طبيب بمستشفى عمومي، قد تحصل لنفسه على مبلغ (1.000) درهم من عائلة الهالكة استجابة لطلبه، وهو مبلغ غير  مستحق، طالما أن موضوعه (الأنبوب) يمنح بالمجان، وعلى نفقة المستشفى الذي يعمل به.
وحيث إن كل تلك القرائن المبسوطة أعلاه، وما يستشف من تجميعها، لدليل قاطع على قيام عنصر العمد في حق المتهم، والمتمثل أساسا في توجيه إرادته قصد تحصل مبلغ غير مستحق لحسابه الخاص، مع علمه التام بحقيقة ذلك واقعا وقانونا.
 
 
 
  •  بالنسبة للـــقـــتــــل الـــخــــطـــــأ
 
حيث توبع المتهم من طرف السيد قاض التحقيق بهذه المحكمة من أجل جنحة القتل الخطأ، طبقا للفصل 432 من القانون الجنائي.
وحيث صرح المتهم تمهيديا، وفي محضر قانوني، بكل ما سطر أعلاه في مرحلة البحث التمهيدي بخصوص الاستماع إليه.
وحيث استنطق المتهم حول المنسوب إليه من طرف السيد قاضي التحقيق، فأكد كل تصريحاته التمهيدية، مضيفا كل ما جاء في تصريحاته المسطرة في مرحلة التحقيق الإعدادي بخصوص استنطاقه ابتدائيا وتفصيليا.
وحيث استنطق المتهم حول المنسوب إليه من طرف هذه المحكمة، فأكد كل تصريحاته التمهيدية، وما أدلى به أمام السيد قاضي التحقيق، مضيفا أنه قام بكل ما يلزم لإنقاذ الهالكة، وأنه توصل بنتيجة التحاليل على الساعة 12 ونصف، وأنه أمر عائلة الهالكة بإجراء عملية التصفية بأسرع وقت لأن حالتها مزرية ومستعجلة، وأن الآلات المعدة لذلك كانت مشغولة، وأن ثلاثة منها كانت مشغولة بالحالات المستعجلة، وثلاثة أخرى كانت في حالة عطب، وأنه لم يوجه عائلة الهالكة إلى مصحة...، وأنه نصحهم بكون حالة هذه الأخيرة مزرية ويتعين إرسالها إلى المستشفى الجامعي ابن سينا، وأنه هو من زرع لها الأنبوب في المستشفى، وأن الدكتور... صاحب المصحة هو من طلبه لكي يقوم بعملية التصفية للهالكة بدله نظرا لظرف طارئ، وأنه استجاب لواجبه الإنساني، فوجد ضغطها منخفض، ودقات قلبها ضعيفة، فضلا عن تختر الدم، وأنه تبين له وللدكتور ...أن الهالكة تحتاج إلى الإنعاش، فسبقها إلى المستشفى الادريسي إلى أن أخبر هاتفيا بأنها توفيت بمصحة...وأن الدم الذي نزف من الهالكة كان عاديا لأنه راجع إلى نقلها من مصلحة إلى أخرى، وأنها حاول تركيب أنبوب ثان بدل الأنبوب الأول ففشل، وأنه كان ضغط دم الهالكة منخفض ودقات قلبها كذلك وصفائحها مرتفعة، وأن هناك احتمال تجميد الدم، وأن وقت تركيبه للأنبوب الأول كان حوالي الساعة الرابعة ونصف، وأن خروج الهالكة من المستشفى إلى المصحة كان حوالي الساعة الخامسة ونصف.
وحيث إن "المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس" طبقا للمادة 290 من قانون المسطرة الجنائية، الأمر الذي نعدمه في نازلة الحال.
وحيث يتأدى مدلول القتل الخطأ، حسب الفصل 432 من القانون الجنائي،  في ضرورة إخلال الفاعل عند ارتكاب فعله بمتطلبات اليقظة والحذر -سواء اتخذ صورة عدم الاحتياط (عدم التبصر أو عدم الانتباه) أو الإهمال، أو عدم مراعاة النظم والقوانين- مع أن يفضي ذلك إلى حدوث إزهاق الروح، ولو لم يكن يتوقعها، أو كان باستطاعته توقعها.
وحيث خَلُصت الخبرة الطبية المنجزة على الهالكة من طرف المركز الاستشفائي للطب الشرعي بابن رشد، إلى أنه "من المرجح جدا أن تكون وفاة الضحية مرتبط بحدوث مضاعفات حادة للقصور الكلوي نظرا لانخفاظ الضغط الدموي، واختلال في إيقاع القلب. كما لا يمكن استبعاد إمكانية حدوث انصمام غازي عند وضع القسطر".
وحيث إنه، ونزولا عند نتيجة الخبرة الطبية المذكورة، فإنها لا تنفي بالقطع إمكانية حدوث الوفاة بسبب "انصمام غازي عند وضع القسطر"، مما حذا بالمحكمة لدراسة وبحث ما إذا كان ذلك قائما بصفة القطع أم لا.
 
  • فيمــــا يــخـــــص  الإهـــمــــال
  •  
حيث لا يقوم لعنصر الإهمال في القتل الخطأ قائمة، حسب ما استقر عليه عمل الفقه والقضاء، إلا إذا تعلق الأمر بموقف سلبي (امتناع) لا يتخذ فيه الفاعل مجمل الاحتياطات اللازمة التي تفرضها ضرورات اليقظة والحذر، والتي كان من شأنها أن تحول دون حدوث الوفاة. وحيث لئن صرح المتهم في كل مراحل المحاكمة، أنه قام بكل ما يفرضه عليه ضميره المهني من عناية بصحة الهالكة، فإن ذلك لا يعدو أن يكون في حقيقته سوى تضليلا منه للعدالة قصد تملصه من المسؤولية الجنائية المترتبة عن إهماله، الأمر الذي يتأكد بإحجامه عن الشروع في تصفية دم الهالكة، رغم علمه -بتصريحه في كل مراحل المحاكمة- بأن حالتها الصحية متدهورة وجد سيئة، وأنها تعاني من قصور كلوي حاد يستدعي عدم التأخير والتدخل بصفة استعجالية، إذ لم يتم ذلك إلا في حدود الساعة الرابعة ونصف زوالا، وهو توقيت زرع الأنبوب الخاص بالتصفية، في حين، كان قد اطلع على نتيجة التحاليل الطبية التي أوضحت تلك الحالة حوالي الساعة الثانية عشر ونصف صباحا.   
وحيث إن مما يزيد من تأكيد إهمال المتهم، هو تحجُّجه بكون الآلات المعدة لتصفية الدم الموجودة بالمصلحة التي يشرف عليها، كانت مشغولة وأخرى معطلة، وهو ما دفعه إلى عدم استقبال الهالكة وإحالتها على إحدى المراكز الخاصة، الأمر الذي فندته الشاهدة...التي جاءت شهادتها واضحة ومتطرقة لأدق تفاصيل الواقعة، إذ أفادت بأن يوم الحادثة كانت هناك 28 آلة: ثلاثة منها مخصصة لحالات الاستعجال، وهي شاغرة ولم تستعمل في أي حالة، وثلاثة منها معطوبة، و20 منها كانت مستعملة، واثنين منها للحالات العادية، كانت هي الأخرى شاغرة وغير مستعملة ؛ مما يفيد أن خمسة آلات مخصصة لتصفية الدم كانت يوم الحادثة غير مستعملة، ورغم ذلك لم يستغلها المتهم في تصفية دم الهالكة التي كانت حالتها مستعجلة.
وحيث إن بإهمال المتهم للحالة الصحية التي كانت عليها الهالكة يوم الحادثة، وفق التعليلات السالفة، يكون قد تسبب بشكل مباشر في وفاتها نظرا لتدخله مؤخرا.
 
  • فيما يخـــص الإهـــمــــال و عـــدم الاحتـــيــاط (عدم التبصر أو عدم الانتباه)
  •  
حيث لا يقوم لعنصر عدم الاحتياط في القتل الخطأ قائمة، حسب ما تقرر فقها وقضاء، إلا إذا أقدم الفاعل على ارتكاب فعل إيجابي يَتَوقع ما قد يُحْتمل أن يترتب عنه من وفاة، غير أنه لم يتخذ الاحتياطات اللازمة التي من شأنها الحيلولة دون حدوثها.  
وحيث لما كان المتهم متشبثا بكونه اتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لتفادي وفاة الهالكة، فإن ذلك لا يعدو أيضا، أن يكون إلا تضليلا منه للعدالة، قصد الإفلات من مسؤولية عدم احتياطه وعدم تبصره وعدم انتباهه، الأمر الذي يتبدى جليا من خلال إقدامه على زرع الأنبوب المخصص لتصفية الدم في فخد الهالكة بالمستشفى وهي في حالة صحية جد متدهورة، نظرا لكون ضغطها ونبضات قلبها كانا ضعيفين، وأن صفائحها الدموية مرتفعة جدا، رغم سبقية اتخاذه قرار نقلها إلى مركز... خارج المستشفى ؛ مما يحتمل مع نقلها تجفف دمها في العروق وداخل الأنبوب، وهو ما أكده بنفسه أمام هذه المحكمة، ولم ينفيه الشاهد ...أمامها أيضا، باعتباره طبيب أخصائي وصاحب مركز ...
وحيث إن ما يفند هذا الاحتمال ويقطعه باليقين، هو ما حصل بالفعل من تجفف في دم الهالكة داخل الأنبوب، مما استدعى تغيير هذا الأخير بأنبوب آخر تعذر إدخاله من طرف المتهم حسب تصريحه بنفسه في كل مراحل المحاكمة، إذ أسفر ذلك عن إحداث 28 ثقب في فخدها وفق ما تضمنه محضر المعاينة المنجز من طرف الشرطة القضائية، وهو ما لم يحدث في أصعب الحالات بناء على ما أفاد به الشاهد...باعتباره طبيب متخصص في مرض الكلي، وذلك بقوله أمام هذه المحكمة :"عند أصعب الحالات لا يمكن أن تتجاوز ثقوب الأنبوب ثلاثة، وأني لم يسبق لي كطبيب أن رأيت مثل حالة الهالكة فيما يخص عدد الثقوب".
وحيث إن بعدم احتياط المتهم عند تدخله لمعالجة الهالكة، تأسيسا على التعليلات السالفة، يكون قد تسبب بشكل مباشر في وفاتها نظرا لعدم تبصره وعدم انتباهه في عملية زرع الأنبوب داخل المستشفى في ظل الحالة الصحية التي كانت عليها، ثم نقلها إلى مركز خاص بالخارج.
 
  • فيما يخــص عدم مراعـــاة النــــظـــم والقـــوانـــيـــن
  •  
وحيث لا يقوم لصورة عدم مراعاة النظم والقوانين في القتل الخطأ قائمة، إلا إذا لم يكن سلوك الفاعل مطابقا للقواعد التي تُقرها القوانين والنظم الصادرة عن السلطات العامة، ويفضي إلى حدوث الوفاة. وحيث لئن صرح المتهم أنه قام بكل ما يلزم من الناحية القانونية اتجاه صحة الهالكة، فإن ذلك لا يعدو أن يكون تصريحا مجردا تفنده رغبته الجامحة في التوجه بهذه الأخيرة إلى مركز... الخاص قصد تصفية الدم، وذلك ضدا على مقتضيات المادة 55 من القانون المنظم لمهنة الطب، التي تمنع الأطباء العاملين بالقطاع العام من "القيام بأي عمل من أعمال مهنتهم خارج المرفق العام المعين للعمل به".
وحيث تستشف رغبة المتهم هاته، في كونه لم يوقع ما يسمى بـ  La Fiche de Liaison، أو ما يصطلح عليه في قواعد ممارسة مهنة الطب بـ" بطاقة وصل بين الطبيب المرسِل والطبيب المرسَل إليه"، يصف فيها الأول للثاني الحالة الصحية للمريض، مما يفيد أنه كان ينوي مسبقا مرافقة الهالكة إلى المركز المذكور، وبالتالي فإنه ليس بحاجة إليها ما دام أنه هو من سيتكفل بتصفية دمها به، وهذا ما يتأكد جليا من شهادة الشاهد...و...صاحب "المركز"، والذي أفاد أمام هذه المحكمة :"كون المتهم هو من اتصل به وأخبره بأنه سيوجه الهالكة إلى مركزه، وأنه لم يصف له الوضعية الصحية التي كانت عليها"، وكل ذلك عكس ما صرح به المتهم في جميع أطوار المحاكمة.
وحيث إن المتهم، وتبعا لرغبته في نقل الهالكة إلى مركز...وهي في وضعية صحية سيئة وحرجة، نظرا لكونها كانت تتنفس بصعوبة، وأن ضغطها ونبضات قلبها كانا ضعيفين جدا، وصفائحها الدموية مرتفعة جدا، فقد تسبب مباشرة في وفاتها، إذ كانت في أمس الحاجة إلى مصلحة "العناية المركزة" لإنعاشها، والتي لا وجود لها في المركز المذكور، وذلك بحسب ما صرح به المتهم نفسه أمام هذه المحكمة.
وحيث إنه، وتحصيلا من كل ما تقدم بسطه، فإن جنحتي الغدر والقتل الخطأ تبقى ثابتة في حق المتهم، وذلك بالنظر لعناصرها التكوينية المنصوص عليها في ذات الفصلين أعلاه، مما كونت معه المحكمة قناعتها بإدانته من أجلها.
وحيث إنه، وتأسيسا على التعليلات أعلاه، فقد اقتنعت المحكمة بوجود قرائن قوية يخشى معها أن يصبح المتهم إن هو تمادى في مزاولة مهنة الطب خطرا على صحة الناس، الأمر الذي يتعين عليها معه التصريح بمنعه من مزاولتها حسب التفصيل المضمن بالمنطوق أدناه، وذلك تطبيقا للفصل 87 من القانون الجنائي.
وحيث "يسوغ أن يتضمن الحكم بالمؤاخذة الأمر بتنفيذ هذا التدبير مؤقتا، بالرغم من استعماله أية طريق من طرق الطعن، عادية كانت أو غير عادية"، تطبيقا للفقرة الثالثة من الفصل 87 المذكور، وهو ما ارتأت المحكمة التصريح به في المنطوق أدناه.
وحيث ارتأت المحكمة تمتيع المتهم بظروف التخفيف، نظرا لقساوة العقوبة المنصوص عليها في فصلي المتابعة مقارنة بخطورة الأفعال المرتكبة، ودرجة إجرامه، فضلا عن حالته الاجتماعية والعائلية وانعدام سوابقه القضائية، عملا بمقتضيات الفصل 141 و146 من القانون الجنائي.
وحيث تبعا لكل هذا، يتعين تحميل المتهم صائر الدعوى، تطبيقا للمادة 367 من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث ارتأت المحكمة، تحديد مدة الإكراه البدني في الحد الأدنى، تطبيقا للمادتين 636 و638 من قانون المسطرة الجنائية.
 
  1. من حيث الدعوى المـــدنية التابعــــة
 
  • في الدفع المتعلق بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة
 
حيث تقدم دفاع المتهم بدفع يرمي إلى عدم قبول الدعوى المدنية التابعة، نظرا لكون الشكل الذي قدمت به غير قانوني، وهو أن المطالبين بالحق المدني لم يحددوا مناب كل واحد منهم في التعويض، بل تقدموا به بصفة إجمالية، فضلا عن كونهم لم يثبتوا كون الهالكة كانت تنفق عليهم.
وحيث إنه، وتطبيقا للفصل 49 من قانون المسطرة المدنية، فإنه يتوجب على أطراف النزاع أن يتقدموا قبل كل دفاع في جوهر الدعوى، ودفعة واحدة، بكل الدفوعات الشكلية والمسطرية الرامية إلى عدم قبول الدعوى، وذلك تحت طائلة عدم قبول الدفع ذاته.
وحيث تقدم دفاع المتهم بهذا الدفع بعد انتهاء نائبي ذوي الحقوق المطالبين بالحق المدني من تقديم ملتمساتهم الجوهرية المتعلقة بالدعوى المدنية  أمام هذه المحكمة، الأمر الذي يعد إخلالا مسطريا حسب مفهوم ذات الفصل أعلاه، ما دام أنه أثير بعد دفاعهما في جوهر الدعوى.
وحيث إنه، واستنادا إلى كل ما سلف، فإنه يتعين على المحكمة التصريح بعدم قبول الدفع المثار، وذلك تطبيقا للفصل المذكور أعلاه.
 
  • من حيث الشكل
 
حيث تقدم ذوي الحقوق المطالبين بالحق المدني، بواسطة نائبيهم، بمذكرة مطالبهم المدنية، ملتمسين الحكم في الدعوى المدنية التابعة على المتهم بأدائه لفائدتهم تعويضا مدنيا قدره مليوني درهم، وذلك عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقتهم، مع إحلال الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة، ووزارة الصحة في شخص وزير الصحة، ومستشفى الإدريسي بالقنيطرة في شخص ممثله القانوني، والوكيل القضائي للملكة، محله في الأداء، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.
وحيث لا تجوز مطالبة الدولة بسبب الأضرار الناتجة عن تدليس مستخدميها، أو أخطائهم الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم، إلا عند ثبوت إعسارهم، وذلك تطبيقا للفصل 80 من قانون الالتزامات والعقود.
وحيث إن من المفترضات الأولية لمطالبة الدولة طبقا لهذا المقتضى، هو ضرورة أن تتم مطالبة مستخدمي الدولة باعتبارهم المسؤولين شخصيا عن تلك الأضرار، وفي حالة ما إذا تبث إعسارهم عند تنفيذ ما قضي به ضدهم، ترفع عندئذ دعوى في مواجهة الدولة لمطالبتها بسبب هذه الأخيرة.
وحيث إنه، وبالرجوع إلى وقائع القضية ووثائقها، يتبين أن ذوي الحقوق المطالبين بالحق المدني، قد تقدموا منذ الوهلة الأولى بمطالبتهم للدولة بسبب الأضرار التي لحقتهم جراء الخطأ الجسيم الذي ارتكبه المتهم في أداء وظيفته كطبيب بمستشفى عمومي ؛ مما يكون طلبا سابقا لأوانه، ويتعين التصريح بعدم قبوله.
وحيث تبعا لكل هذا، يتعين تحميل رافع الدعوى صائرها تضامنا، تطبيقا للمادة 367 من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث ارتأت المحكمة، تحديد مدة الإكراه البدني في الحد الأدنى، تطبيقا للمادتين 636 و638 من قانون المسطرة الجنائية.
وتطبيقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، وقانون المسطرة المدنية، وقانون الالتزامات والعقود
 
 
 
لـــهـــــذه الأســــــبــــــــــــــــــــاب
 
تصرح المحكمة علنيا وابتدائيا وحضوريا: 
 
  1. في الدفع المتعلق بعدم الاختصاص النوعي: بعدم قبول هذا الدفع ؛
 
  1. في الدعـــــوى العمومــــيــــــة: بإدانة المتهم من أجل المنسوب إليه، والحكم عليه بعشرة (10) أشهر حبسا نافذا، وغرامة نافذة قدرها (5.000) درهم، مع منعه من مزاولة مهنة الطب لمدة سنتين (24 شهرا)، والأمر بتنفيذ هذا المنع مؤقتا بمجرد صدور هذا الحكم، وتحميله الصائر، والإجبار في الأدنى.
 
  1. في الدعـــوى المــــدنـــيـــة التابــــعــــة:
 
  • في الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية: بعدم قبول هذا الدفع ؛
 
  • في الشكل: بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة، مع تحميل رافعها الصائر، والإجبار في الأدنى.
 
 
 
وبهذا، صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة في اليوم والشهر والسنة أعلاه، بقاعة الجلسات الاعتيادية بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، وهي مشكلة من نفس الهيئة التي ناقشت القضية، والمتركبة من السادة:
 
 
الأستاذ:         عبد الـــــرزاق الجــــبـــــاري         رئيسا
 
بحضور السيد   يونــــــس العيـــاشـــــي      ممثلا للنيابة العامة
 
وبمساعدة السيد   عصام السواط   كاتب للضبط
 
 
الرئيــس          
                                          كاتب الضبط
 




الاحد 22 ديسمبر 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter