الملخص
توصيات حقوقية: 27 موضوعاتية و12 عامة من أجل توسيع ضمانات فعلية ممارسة الإضراب، تحصين الحريات النقابية، والنأي بالحق في الإضراب السلمي من أي تقييد غير مشروع أو عقوبات جنائية
وقد دافع المجلس في مذكرته التي قدمها إلى رئيس مجلس النواب على ضرورة الانكباب على توفير كافة الشروط والضمانات التي تجعل اللجوء إلى الإضراب فعلا استثنائيا، بدء من ضمان شروط العمل الملائمة وتعزيز مناخ الثقة بين المشغلين والعمال ووضع آليات تدبير نزاعات الشغل عبر الحوار والتفاوض، دون المس بأي ضمانات تسمح لمختلف فئات الأجراء والموظفين المعنيين بممارسة حقهم في الإضراب وحماية كافة حقوقهم، سواء خلال مراحل التفاوض أو خلال ممارسة الحق.
تحصين مكتسب الحريات النقابية بالمغرب وحماية الحق في الإضراب من أي تقييد غير مشروع أو عقوبات جنائية
في قراءته لمقتضيات مشروع القانون التنظيمي المحدد لشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، على ضوء الحماية الدستورية والدولية والأممية والاجتهادات المقارنة، أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه لا يجوز فرض أي عقوبات جنائية على أي عامل بسبب مشاركته في إضراب سلمي، على اعتبار أن ذلك "يتعارض بشكل مفرط مع حقوق إنسان جوهرية أخرى، خاصة إذا كان الإضراب سلميا ومشروعا". وقد أوصى المجلس في هذا الإطار بحذف الإحالة على القانون الجنائي في باب العقوبات، خاصة إذا لم يتعلق الأمر بالعنف والتهديد، وحذف أي إشارة إلى "العقوبات الجنائية الأشد" من مشروع القانون التنظيمي، الذي يجب أن يكون ويبقى "التشريع الوحيد المنظم لممارسة الحق في الإضراب"، حسب مذكرة المجلس. كما دعت المذكرة إلى حذف أي إشارة إلى "مسطرة التسخير" من أجل تأمين استمرارية المرافق، بالنظر إلى أن هذا المقتضى لا يتلاءم مع التزامات المغرب الدولية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، شدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مذكرته الحقوقية على أولوية احترام العمل الداخلي واستقلالية النقابات في الإعلان عن الإضراب وحذف أي مقتضى في نص مشروع القانون التنظيمي من شأنه أن يجبر النقابات على الإعلان عن أي تاريخ أو مكان لجمع عام قبل انعقاده أو الإفصاح عن أي معلومات خاصة بالأجراء مرتبطة بإعداد محظر اجتماع جمع عام. ويرى المجلس في هذا الإطار أن إجبارية إبلاغ المشغل وإدخال أطراف أخرى في هذا الشأن، غير المركزيات النقابية، "لا ينسجم مع مبادئ الحرية النقابية" كما يكفلها الدستور والمواثيق الدولية وفيه "انتهاك لحرية النقابات" التي تعلن عن الإضراب وفقا لقرارات مجالسها وأجهزتها، كما تملي ذلك استقلالية عملها وديمقراطيتها الداخلية.
كما اعتبرت مذكرة المجلس أن صيغة "كل إضراب لأهداف سياسية ممنوع" في نص مشروع القانون صيغة واسعة، قد لا تسمح بالتأطير القانوني الأمثل لحالات يصعب فيها الفصل بين النقابي والسياسي. خاصة حينما يتعلق الأمر بإضراب من أجل إيجاد حلول لمسائل متعلقة بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تؤثر على الطبقة العاملة. وقد ارتكزت المذكرة في هذا الإطار على اعتبار أن في منع إضراب وطني يحتج مثلا على الآثار الاجتماعية والعمالية لسياسات الحكومة الاقتصادية "انتهاك خطير لحرية التنظيم النقابي". وقد أوصى المجلس بإلغاء الفقرة التي تنص على المنع المطلق لكل إضراب لأهداف سياسية والاقتصار في المنع المشروع فقط على الأهداف السياسية "البحتة" أو "المحضة".
وفيما يرتبط بتقييد الحق في الإضراب بالنسبة لفئات من الموظفين العموميين، أوصت مذكرة المجلس بضرورة حصر لائحة الفئات التي لا يحق لها ممارسة الحق في الإضراب بشكل يتلاءم مع مبادئ منظمة العمل الدولية ونقل بعضهم إلى فئات تستلزم حدا أدنى من الخدمة، مع تمتيعهم ب "الضمانات البديلة للتفاوض الجماعي تعويضا عن هذا القيد". كما دعا المجلس في مذكرته إلى ألا يقتصر المنع بأي وزارات أو قطاعات يحددها نص القانون التنظيمي إلا على فئات محددة ممن يتحملون مسؤوليات باسم الدولة، بشكل لا يقصي فئات أخرى من الموظفين بما فيهم العاملين في مناصب تقنية وغيرهم من حقهم في ممارسة الإضراب.
ضمان استمرارية المرافق الحيوية والحد الأدنى للخدمات الأساسية وضمانات استمرار حماية الحق في الإضراب
وفيما يرتبط بضمان حد أدنى من الخدمات الأساسية، أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بحذف مقتضى ينص في مشروع القانون التنظيمي على إمكانية تدخل السلطات المحلية في تحديد حد أدنى من الخدمة، مشددا على أولوية مأسسة الحوار الاجتماعي وتشجيع المفاوضة الجماعية. واقترحت مذكرة المجلس، في هذا الإطار، التنصيص على إبرام اتفاقيات شغل جماعية داخل المقاولة لمعالجة الإشكالات التي يمكن أن تتعلق بتحديد معايير الحد الأدنى من الخدمة.
ولاحظ المجلس في مذكرته أن دائرة المرافق الحيوية التي تضمنها مشروع القانون قد شملت بعض القطاعات التي لا تعتبر في المعايير الدولية "خدمات أساسية يشكل انقطاعها خطرا على صحة وسلامة المواطنين". وقد أوصى المجلس في هذا الإطار بالاكتفاء بوضع المبادئ الأساسية لتحديد القطاعات الحيوية في نص القانون التنظيمي، على أن يتم تحديد لائحة المرافق والقطاعات لاحقا في نص من درجة أدنى، يكون قابلا للتعديل حسب ما تمليه تطورات الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وقد شدد المجلس على مراعاة مبدأ الاستدامة في هذا السياق، على اعتبار المرفق الذي يمكن اعتباره حيويا في الوقت الحالي، قد لا يكون بالضرورة كذلك في المستقبل.
مفهوم الخدمات الأساسية، الذي يمكن معه تقييد أو حظر الحق في الإضراب، ليس مفهوما ثابتا بطبيعته، تقول مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان. فالخدمة التي قد تعتبر اليوم غير أساسية قد تصبح أساسية إذا تجاوز الإضراب مثلا مدة معينة أو مدى معين. وقد شددت المذكرة في هذا السياق على ضرورة الحرص على تكريس المقاربة التشاركية والعمل ضمن آلية ثلاثية بين منظمات المشغلين والنقابات العمالية والحكومة لتحديد معايير الحد الأدنى من الخدمة الأساسية، مع ضرورة أخذ خصوصيات كل قطاع أو مرفق بعين الاعتبار.
فعلية ممارسة الحق في الإضراب: توصيات من أجل توسيع دائرة ممارسي الحق
وإن كانت مذكرة المجلس توصي بتوسيع دائرة الجهات التي يحق لها ممارسة الحق في الإضراب، وتوسيع تعريف الإضراب بحد ذاته، ليشمل الدفاع عن المصالح المعنوية والمهنية الفردية والجماعية للعمال، مع التأكيد على ضرورة الإقرار بمشروعية كافة أشكال الإضراب، بما فيها الإضراب التضامني والإضراب بالتناوب وغيرهما، فإن المجلس يشدد في نفس الآن على ضرورة احترام مبادئ التنظيم والسلمية والمسؤولية والامتناع عن استخدام العنف أو التهديد به خلال الإضراب. كما تؤكد المذكرة على ضرورة التقيد باحترام حرية العمل للآخرين، مما يعني أنه يجب أن تكون للأفراد دوما حرية الاختيار في الانضمام إلى الإضراب أو الاستمرار في العمل، دون أن يتعرضوا لأي ضغط أو انتقام أو عرقلة سير عملهم، سواء من قبل المضربين أو من قبل المشغلين.
علاوة على مسؤولية الأجراء المضربين في أماكن العمل واحترامهم لحرية عمل غير المضربين، تشدد المذكرة على أن يتم أي إضراب داخل أماكن العمل بطريقة سلمية وألا يشكل أي تهديد لسلامة الأشخاص أو يصاحبه أي إتلاف لأماكن العمل... غير أن المذكرة ترى أن في منع أجراء مضربين من البقاء داخل أماكن العمل والمعاقبة على ذلك بغرامات مالية "تضييقا على الحق في الإضراب". لذلك أوصى المجلس بحذف مادة تمنع على "الأجراء المضربين احتلال أماكن العمل خلال سريان الإضراب" ومادة تعاقب بالغرامة على عرقلة حرية العمل. ويقترح المجلس ضمن توصياته التنصيص على اتفاق بين الأجراء والمشغلين على ضوابط لحماية استمرارية العمل والممتلكات خلال ممارسة إضراب داخل أماكن العمل.
وإن كان الاقتطاع من الأجر خلال فترة الإضراب "لا يتعارض مع مبادئ الحرية النقابية"، وفقا للجنة الحريات النقابية ويتماشى مع المعايير التي أقرتها لجنة مكتب العمل الدولي، فإن مذكرة المجلس أوصت بضرورة احترام مبدأ التناسب بين مدة التوقف عن العمل وقيمة الاقتطاع عند تطبيق مبدأ "الأجر مقابل العمل"، مع التنصيص على حالات الاستثناء التي لا يمكن تطبيق هذا مبدأ فيها، حينما يكون الإضراب مثلا نتيجة أو بسبب التأخير في أداء الأجور أو التضييق على الحريات النقابية أو المطالبة بتطبيق القانون.
توصيات مذكرة حقوقية تتأسس على 11 مبدأ جوهري تأطيري وتسترشد بممارسات 13 تجربة دولية مقارنة
بالإضافة إلى الدستور والمواثيق الحقوقية الدولية والإقليمية واجتهادات لجان الاتفاقيات ومذكرات المنظمات النقابية الوطنية، استرشدت المذكرة الحقوقية بشأن مشروع القانون
التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بتجارب مقارنة وممارسات فضلى من 13 دولة هي الأردن وألمانيا والأوروغواي وإيرلاندا وإيطاليا والسويد وفرنسا وفنلندا وكندا وكوريا الجنوبية والمجر والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
تتضمن المذكرة محورا خاصا بملاحظات المجلس الموضوعاتية على مشروع نص القانون التنظيمي، تتفرع عنه عشرة عناوين رئيسية. تتطرق هذه العناوين الفرعية إلى: غياب الديباجة (ملاحظة شكلية)؛ تعريف الإضراب وأنواعه؛ الجهات التي يحق لها الإعلان عن الإضراب وممارسته، قيود الحق في الإضراب، القيود الإجرائية، تدابير تدخل قاضي المستعجلات، إبلاغ المشغل بتفاصيل انعقاد جمع عام، في منع احتلال أماكن العمل، مبدأ الأجر مقابل العمل، العقوبات والأحكام الانتقالية والختامية).
وبالإضافة إلى الإطار المرجعي الذي تستند عليه المذكرة، تتضمن المذكرة الحقوقية أيضا محورا رئيسيا خاصا بالمبادئ العامة والأسس الإحدى عشر التي يجب أن تنتظم وفقها ممارسة الحق في الإضراب.
تتمثل هذه المبادئ الجوهرية فيما يلي:
مرفق
"ممارسة الإضراب حق دستوري صريح، وواحد من المقومات الجوهرية لممارسة الحريات النقابية" تقول رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمناسبة تقديم المجلس اليوم لمذكرته الحقوقية حول مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. يسمح الحق في الإضراب، تضيف السيدة آمنة بوعياش، "بتمكين الموظفين والأجراء من الدفاع المشروع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية وأن تحظى حقوقهم دوما بالأولية داخل الأماكن والفضاءات التي يشتغلون بها".
ملخص مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول حرية ممارسة الحق الدستوري في الإضراب
وقد دافع المجلس في مذكرته التي قدمها إلى رئيس مجلس النواب على ضرورة الانكباب على توفير كافة الشروط والضمانات التي تجعل اللجوء إلى الإضراب فعلا استثنائيا، بدء من ضمان شروط العمل الملائمة وتعزيز مناخ الثقة بين المشغلين والعمال ووضع آليات تدبير نزاعات الشغل عبر الحوار والتفاوض، دون المس بأي ضمانات تسمح لمختلف فئات الأجراء والموظفين المعنيين بممارسة حقهم في الإضراب وحماية كافة حقوقهم، سواء خلال مراحل التفاوض أو خلال ممارسة الحق.
تحصين مكتسب الحريات النقابية بالمغرب وحماية الحق في الإضراب من أي تقييد غير مشروع أو عقوبات جنائية
في قراءته لمقتضيات مشروع القانون التنظيمي المحدد لشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، على ضوء الحماية الدستورية والدولية والأممية والاجتهادات المقارنة، أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه لا يجوز فرض أي عقوبات جنائية على أي عامل بسبب مشاركته في إضراب سلمي، على اعتبار أن ذلك "يتعارض بشكل مفرط مع حقوق إنسان جوهرية أخرى، خاصة إذا كان الإضراب سلميا ومشروعا". وقد أوصى المجلس في هذا الإطار بحذف الإحالة على القانون الجنائي في باب العقوبات، خاصة إذا لم يتعلق الأمر بالعنف والتهديد، وحذف أي إشارة إلى "العقوبات الجنائية الأشد" من مشروع القانون التنظيمي، الذي يجب أن يكون ويبقى "التشريع الوحيد المنظم لممارسة الحق في الإضراب"، حسب مذكرة المجلس. كما دعت المذكرة إلى حذف أي إشارة إلى "مسطرة التسخير" من أجل تأمين استمرارية المرافق، بالنظر إلى أن هذا المقتضى لا يتلاءم مع التزامات المغرب الدولية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، شدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مذكرته الحقوقية على أولوية احترام العمل الداخلي واستقلالية النقابات في الإعلان عن الإضراب وحذف أي مقتضى في نص مشروع القانون التنظيمي من شأنه أن يجبر النقابات على الإعلان عن أي تاريخ أو مكان لجمع عام قبل انعقاده أو الإفصاح عن أي معلومات خاصة بالأجراء مرتبطة بإعداد محظر اجتماع جمع عام. ويرى المجلس في هذا الإطار أن إجبارية إبلاغ المشغل وإدخال أطراف أخرى في هذا الشأن، غير المركزيات النقابية، "لا ينسجم مع مبادئ الحرية النقابية" كما يكفلها الدستور والمواثيق الدولية وفيه "انتهاك لحرية النقابات" التي تعلن عن الإضراب وفقا لقرارات مجالسها وأجهزتها، كما تملي ذلك استقلالية عملها وديمقراطيتها الداخلية.
كما اعتبرت مذكرة المجلس أن صيغة "كل إضراب لأهداف سياسية ممنوع" في نص مشروع القانون صيغة واسعة، قد لا تسمح بالتأطير القانوني الأمثل لحالات يصعب فيها الفصل بين النقابي والسياسي. خاصة حينما يتعلق الأمر بإضراب من أجل إيجاد حلول لمسائل متعلقة بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تؤثر على الطبقة العاملة. وقد ارتكزت المذكرة في هذا الإطار على اعتبار أن في منع إضراب وطني يحتج مثلا على الآثار الاجتماعية والعمالية لسياسات الحكومة الاقتصادية "انتهاك خطير لحرية التنظيم النقابي". وقد أوصى المجلس بإلغاء الفقرة التي تنص على المنع المطلق لكل إضراب لأهداف سياسية والاقتصار في المنع المشروع فقط على الأهداف السياسية "البحتة" أو "المحضة".
وفيما يرتبط بتقييد الحق في الإضراب بالنسبة لفئات من الموظفين العموميين، أوصت مذكرة المجلس بضرورة حصر لائحة الفئات التي لا يحق لها ممارسة الحق في الإضراب بشكل يتلاءم مع مبادئ منظمة العمل الدولية ونقل بعضهم إلى فئات تستلزم حدا أدنى من الخدمة، مع تمتيعهم ب "الضمانات البديلة للتفاوض الجماعي تعويضا عن هذا القيد". كما دعا المجلس في مذكرته إلى ألا يقتصر المنع بأي وزارات أو قطاعات يحددها نص القانون التنظيمي إلا على فئات محددة ممن يتحملون مسؤوليات باسم الدولة، بشكل لا يقصي فئات أخرى من الموظفين بما فيهم العاملين في مناصب تقنية وغيرهم من حقهم في ممارسة الإضراب.
ضمان استمرارية المرافق الحيوية والحد الأدنى للخدمات الأساسية وضمانات استمرار حماية الحق في الإضراب
وفيما يرتبط بضمان حد أدنى من الخدمات الأساسية، أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بحذف مقتضى ينص في مشروع القانون التنظيمي على إمكانية تدخل السلطات المحلية في تحديد حد أدنى من الخدمة، مشددا على أولوية مأسسة الحوار الاجتماعي وتشجيع المفاوضة الجماعية. واقترحت مذكرة المجلس، في هذا الإطار، التنصيص على إبرام اتفاقيات شغل جماعية داخل المقاولة لمعالجة الإشكالات التي يمكن أن تتعلق بتحديد معايير الحد الأدنى من الخدمة.
ولاحظ المجلس في مذكرته أن دائرة المرافق الحيوية التي تضمنها مشروع القانون قد شملت بعض القطاعات التي لا تعتبر في المعايير الدولية "خدمات أساسية يشكل انقطاعها خطرا على صحة وسلامة المواطنين". وقد أوصى المجلس في هذا الإطار بالاكتفاء بوضع المبادئ الأساسية لتحديد القطاعات الحيوية في نص القانون التنظيمي، على أن يتم تحديد لائحة المرافق والقطاعات لاحقا في نص من درجة أدنى، يكون قابلا للتعديل حسب ما تمليه تطورات الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وقد شدد المجلس على مراعاة مبدأ الاستدامة في هذا السياق، على اعتبار المرفق الذي يمكن اعتباره حيويا في الوقت الحالي، قد لا يكون بالضرورة كذلك في المستقبل.
مفهوم الخدمات الأساسية، الذي يمكن معه تقييد أو حظر الحق في الإضراب، ليس مفهوما ثابتا بطبيعته، تقول مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان. فالخدمة التي قد تعتبر اليوم غير أساسية قد تصبح أساسية إذا تجاوز الإضراب مثلا مدة معينة أو مدى معين. وقد شددت المذكرة في هذا السياق على ضرورة الحرص على تكريس المقاربة التشاركية والعمل ضمن آلية ثلاثية بين منظمات المشغلين والنقابات العمالية والحكومة لتحديد معايير الحد الأدنى من الخدمة الأساسية، مع ضرورة أخذ خصوصيات كل قطاع أو مرفق بعين الاعتبار.
فعلية ممارسة الحق في الإضراب: توصيات من أجل توسيع دائرة ممارسي الحق
وإن كانت مذكرة المجلس توصي بتوسيع دائرة الجهات التي يحق لها ممارسة الحق في الإضراب، وتوسيع تعريف الإضراب بحد ذاته، ليشمل الدفاع عن المصالح المعنوية والمهنية الفردية والجماعية للعمال، مع التأكيد على ضرورة الإقرار بمشروعية كافة أشكال الإضراب، بما فيها الإضراب التضامني والإضراب بالتناوب وغيرهما، فإن المجلس يشدد في نفس الآن على ضرورة احترام مبادئ التنظيم والسلمية والمسؤولية والامتناع عن استخدام العنف أو التهديد به خلال الإضراب. كما تؤكد المذكرة على ضرورة التقيد باحترام حرية العمل للآخرين، مما يعني أنه يجب أن تكون للأفراد دوما حرية الاختيار في الانضمام إلى الإضراب أو الاستمرار في العمل، دون أن يتعرضوا لأي ضغط أو انتقام أو عرقلة سير عملهم، سواء من قبل المضربين أو من قبل المشغلين.
علاوة على مسؤولية الأجراء المضربين في أماكن العمل واحترامهم لحرية عمل غير المضربين، تشدد المذكرة على أن يتم أي إضراب داخل أماكن العمل بطريقة سلمية وألا يشكل أي تهديد لسلامة الأشخاص أو يصاحبه أي إتلاف لأماكن العمل... غير أن المذكرة ترى أن في منع أجراء مضربين من البقاء داخل أماكن العمل والمعاقبة على ذلك بغرامات مالية "تضييقا على الحق في الإضراب". لذلك أوصى المجلس بحذف مادة تمنع على "الأجراء المضربين احتلال أماكن العمل خلال سريان الإضراب" ومادة تعاقب بالغرامة على عرقلة حرية العمل. ويقترح المجلس ضمن توصياته التنصيص على اتفاق بين الأجراء والمشغلين على ضوابط لحماية استمرارية العمل والممتلكات خلال ممارسة إضراب داخل أماكن العمل.
وإن كان الاقتطاع من الأجر خلال فترة الإضراب "لا يتعارض مع مبادئ الحرية النقابية"، وفقا للجنة الحريات النقابية ويتماشى مع المعايير التي أقرتها لجنة مكتب العمل الدولي، فإن مذكرة المجلس أوصت بضرورة احترام مبدأ التناسب بين مدة التوقف عن العمل وقيمة الاقتطاع عند تطبيق مبدأ "الأجر مقابل العمل"، مع التنصيص على حالات الاستثناء التي لا يمكن تطبيق هذا مبدأ فيها، حينما يكون الإضراب مثلا نتيجة أو بسبب التأخير في أداء الأجور أو التضييق على الحريات النقابية أو المطالبة بتطبيق القانون.
الإطار المرجعي
فضلا عن أحكام الدستور ومقتضيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تتأسس مقترحات مذكرة المجلس وتوصياته على ما تنص عليه الاتفاقية رقم 87 بشأن حرية التجمع وحماية حق التنظيم النقابي، الاتفاقية رقم 98 حول الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية، اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 144، الاتفاقية رقم 151 بشأن حماية حق التنظيم النقابـي وإجراءات تحديد شروط الاستخدام فـي الخدمة العامة، الاتفاقية رقم 154 حول تشجيع المفاوضة الجماعية، فضلا عن تقارير لجنة حرية التجمع النقابي ولجنة الخبراء المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات التابعتين لمنظمة العمل الدولية.
فضلا عن أحكام الدستور ومقتضيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تتأسس مقترحات مذكرة المجلس وتوصياته على ما تنص عليه الاتفاقية رقم 87 بشأن حرية التجمع وحماية حق التنظيم النقابي، الاتفاقية رقم 98 حول الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية، اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 144، الاتفاقية رقم 151 بشأن حماية حق التنظيم النقابـي وإجراءات تحديد شروط الاستخدام فـي الخدمة العامة، الاتفاقية رقم 154 حول تشجيع المفاوضة الجماعية، فضلا عن تقارير لجنة حرية التجمع النقابي ولجنة الخبراء المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات التابعتين لمنظمة العمل الدولية.
توصيات مذكرة حقوقية تتأسس على 11 مبدأ جوهري تأطيري وتسترشد بممارسات 13 تجربة دولية مقارنة
بالإضافة إلى الدستور والمواثيق الحقوقية الدولية والإقليمية واجتهادات لجان الاتفاقيات ومذكرات المنظمات النقابية الوطنية، استرشدت المذكرة الحقوقية بشأن مشروع القانون
التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بتجارب مقارنة وممارسات فضلى من 13 دولة هي الأردن وألمانيا والأوروغواي وإيرلاندا وإيطاليا والسويد وفرنسا وفنلندا وكندا وكوريا الجنوبية والمجر والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
تتضمن المذكرة محورا خاصا بملاحظات المجلس الموضوعاتية على مشروع نص القانون التنظيمي، تتفرع عنه عشرة عناوين رئيسية. تتطرق هذه العناوين الفرعية إلى: غياب الديباجة (ملاحظة شكلية)؛ تعريف الإضراب وأنواعه؛ الجهات التي يحق لها الإعلان عن الإضراب وممارسته، قيود الحق في الإضراب، القيود الإجرائية، تدابير تدخل قاضي المستعجلات، إبلاغ المشغل بتفاصيل انعقاد جمع عام، في منع احتلال أماكن العمل، مبدأ الأجر مقابل العمل، العقوبات والأحكام الانتقالية والختامية).
وبالإضافة إلى الإطار المرجعي الذي تستند عليه المذكرة، تتضمن المذكرة الحقوقية أيضا محورا رئيسيا خاصا بالمبادئ العامة والأسس الإحدى عشر التي يجب أن تنتظم وفقها ممارسة الحق في الإضراب.
تتمثل هذه المبادئ الجوهرية فيما يلي:
- تكريس الحريات النقابية؛
- احترام حرية العمل، السلمية والمسؤولية؛
- عدم التمييز (سواء بين الأفراد، اعتبارا لجنسهم أو عرقهم أو دينهم أو وضعهم الاجتماعي، أو بسبب مشاركتهم في إضراب، أو بين النقابات (الأكثر تمثيلية/الأقل تمثيلية)؛
- استمرارية المرفق العمومي وحماية الخدمات الأساسية؛
- التوازن (خاصة بين الحقوق النقابية والمصلحة العامة. على سبيل المثال لم يتضمن مشروع القانون التنظيمي مقتضيات تسمح بتحقيق التوازن المطلوب في اللجوء إلى الحماية التي يوفرها القضاء الاستعجالي لكلا طرفي نزاعات الشغل، حيث لم ينص المشروع على إمكانية اللجوء إلى قاضي المستعجلات من طرف العون المكلف بالتفتيش أو من طرف الأجير، وإنما أعطى كافة صلاحيات اللجوء إلى قاضي المستعجلات إلى المشغل وحسب)؛
- الحوار والتشاور وفق مبدأ الآلية الثلاثية (منظمات المشغلين - النقابات العمالية - الحكومة)؛
- مسؤولية المشغلين (حماية ممثلي العمال، توفير بيئة عمل ملائمة وعادلة، احترام حقوق العمال...)؛
- العدالة الإجرائية (وضوح وشفافية إجراءات إعلان الإضراب، وإجراءات التفاوض مع الأطراف المعنية، آجال زمنية ومسطرية معقولة لتنظيم الحق في الإضراب...)؛
- التحكيم الاختياري أو الإجباري (أهمية آليات التحكيم والوساطة واستخدامهما بشكل عادل وفعال في حل النزاعات العمالية، التحكيم الإجباري في الحالات الاستثنائية فقط، فإنهاء النزاعات العمالية والإضرابات خاصة في حالات الأزمات الوطنية الحادة أو الخدمات الأساسية التي يمكن أن تؤثر على حياة وصحة السكان)؛
- الشرعية والتناسب في أي تقييد للحق في الإضراب؛
- والحد من تدخل السلطات (استخدام القوة فقط عند الضرورة القصوى، تجنب العنف المفرط، احترام الاعتصامات طالما تستوفي شرط السلمية ولا تعرقل حرية العمل، اقتصار تدخل قوات الأمن على الحالات التي تشكل تهديدا جديا للنظام والقانون...).
مرفق
- جدول تلخيص توصيات المجلس
- لائحة التوصيات العامة
جدول تلخيصي لتوصيات المجلس
التوصية | المقتضى | |
---|---|---|
إضافة ديباجة أو مادة فريدة تُذكّر بالأسس والمبادئ التي تستند عليها مقتضيات القانون التنظيمي فيما يتعلق بممارسة الحق في الإضراب خاصة فيما يتعلق بحماية الحرية النقابية وضمان التوازن بين حقوق والتزامات مختلف الأطراف وحماية حقوق المواطنين من خلال استمرار المرفق العام والخدمات الأساسية. | إدراج ديباجـــــــــــــــــة | 1 |
| تعريف الإضراب (المادة 2) أشكال الإضراب (المادة 12) | 2 |
| الجهات التي يحق لها الإعلان عن الإضراب وممارسته (المادة 3 والمادة 4) | 3 |
| فئات الموظفين في القطاع العام الممنوعة من الإضراب (المادة 33) | 4 |
| المرافق الحيوية والحد الأدنى من الخدمة (المادة 34) | 5 |
| الإضراب لأهداف سياسية (الفقرة الثانية من المادة 5) | 6 |
| منع الإضراب أو وقفه لمدة محددة خلال الآفات والكوارث الطبيعية والأزمات الوطنية (المادة 28) | 7 |
| الإجراءات المسبقة والآجال الزمنية (المادة 7، المادة 16، المادة 18، المادة 19، المادة 21، المادة 22) | 8 |
| النصاب القانوني (المادة 16) | 9 |
| الإبلاغ بتفاصيل انعقاد الجمع العام (المادة 16) | 10 |
| تدخل قاضي المستعجلات (المادة 20، المادة 25، المادة 29) | 11 |
| احتلال أماكن العمل أثناء مدة سريان الإضراب (المادة 27) | 12 |
| العقوبات الخاصة باحتلال أماكن العمل (المادة 40) | 13 |
| عدم الاستفادة من الأجر خلال مدة الإضراب (المادة 14) | 14 |
| الباب الخامس: العقوبات | 15 |
| الباب السادس: أحكام مختلفة وختامية (الفقرة الثانية من المادة 47) | 16 |
[[1]] - تنص المادة 551 من مدونة الشغل، يكون أي موضوع محاولة تصالح يكون أمام المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو الإقليم، أو العون المكلف بتفتيش الشغل أو أمام اللجنة الإقليمية للبحث أو المصالحة، أو اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة، بناءًا على نوعية الخلاف الجماعي. كما تنص المادة 556 على أنه إذا لم تسفر محاولة التصالح عن أي اتفاق، فإن المندوب الإقليمي المكلف بالشغل لدى العمالة أو الإقليم، أو العون المكلف بتفتيش الشغل، أو أحد الأطراف، يبادر داخل أجل ثلاثة أيام، برفع نزاع الشغل الجماعي أمام اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة باعتبارها تتكون بالتساوي من ممثلين عن الإدارة والمنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلاً، يتولى كتابتها المندوب الإقليمي المكلف بالشغل.
لائحة التوصيات العامة
- المصادقة على الاتفاقية 87 لمنظمة العمل الدولية حول حرية التجمع وحماية حق التنظيم النقابي (1948)؛
- مأسسة الحوار الاجتماعي في مختلف القطاعات باعتباره إطارا يتيح لمختلف الفرقاء الاجتماعيين الانخراط في جهود التفكير بروح تشاركية في توفير الشروط الضرورية لتحسين مناخ العمل في المقاولات والسهر على استدامة التوازن في العلاقات بين الأجراء والمشغلين، بما يسمح باستباق نزاعات الشغل وتقليص حالات اللجوء إلى الإضراب؛
- اعتماد صيغة مُختصرة لهذا القانون التنظيمي تؤكد على المبادئ الأساسية لتحديد شروط وكيفيات مُمارسة الحق في الإضراب، بما يتلاءم مع روح الدستور وتكريس هذا الحق عوضًا عن التنصيص على موانعه بشكلٍ زجري؛
- تعزيز انسجام هذا القانون التنظيمي مع الأحكام الدستورية المُنظمة للحريات النقابية، ومع مدونة الشغل، خاصة فيما يخص الكتاب الخامس والكتاب السادس «آليات تسوية نزاعات الشغل الجماعية» المنصوص عليها في المواد 551-581، إضافة إلى النصوص القانونية الأخرى التي يرتبط بها تطبيق مدوّنة الشغل؛
- تعزيز آليات حل نزاعات الشغل الجماعية والمفاوضات والملفات المطلبية في إطار مقاربة استباقية لتقليل حالات اللجوء إلى ممارسة الحق في الإضراب؛
- الإسراع بإخراج مشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية؛
- إقرار التخصص في القضاء الاجتماعي ودعمه بموارد مالية وبشرية؛
- التشجيع على إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية والتي تتضمن مقتضيات خاصة تهدف لاستتباب السلم الاجتماعي داخل المقاولة وعقد البروتوكولات في القطاع الخاص؛
- صياغة إطار مؤسساتي ناجع لعلاقات الشغل الجماعية في القطاع العمومي؛
- تفعيل وتقوية لجان البحث والمصالحة؛
- تقوية جهاز تفتيش الشغل ودعمه بالموارد البشرية والمالية الكافية؛
- مراجعة ظهير 29 أكتوبر 1962 المتعلق بالنيابة عن المستخدمين داخل المقاولات (انتخابات مناديب العمال)
- إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي أو تعديله وتدقيق مضامينه بما يضمن عدم تعارض مقتضياته مع ممارسة الحرية النقابية: يعاقب هذا الفصل من شهر إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من حمل على التوقف الجماعي عن العمل أو على الاستمرار فيه، باعتبار هذا المقتضى يتنافى مع الحق في الإضراب. كما أنه يطرح العديد من الإشكالات التي تمس بالحرية النقابية بشكل عام وحق الإضراب بشكل خاص، من خلال المتابعات الزجرية العديدة والإدانات القضائية في حق النقابيين والعمال بسبب ممارستهم لحقوقهم النقابية، ويعتبر الغاء هذا الفصل من المنظومة الجنائية الوطنية من المطالب الملحة للحركة النقابية والحقوقية. وذلك انسجاما مع توصية اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية بمناسبة تقديم المغرب للتقرير الدوري الرابع حيث حثته على ضرورة «تنقيح المادة 288 من القانون الجنائي وفقاً للمادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية». كما أوصته بضرورة «اعتماد القوانين المتعلقة بممارسة الحق في الإضراب وبالنقابات المهنية»، و «تيسير تكوين النقابات استنادا إلى المادة 8 من العهد ريثما تسن هذه القوانين».[[1]]
[[1]] - اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. الملاحظات الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للمغرب. 22 أكتوبر 2015 E/C.12/MAR/CO/4