صوتت لجنة العدل والتشريع على إلحاق النيابة العامة بالوكيل العام بمحكمة النقض، وفَصْلها عن وزارة العدل، وذلك تماشيا مع مقرّرات الحوار الوطني، وهذا يستدعي بسط بعض الملاحظات وطرح بعض الأسئلة:
أولا: من المعلوم أن الأغلبية البرلمانية و بعض من المعارضة كانت ترفض هذا القرار. ومعلوم أيضا أن التصويت خضع لضغوطات متعددة المشارب، بدعوى احترام مقررات الحوار الوطني، مما يسمح لنا بطرح بعض من الأسئلة من قبيل: إذا كانت قرارات الحوار الوطني ملزمة حتى للبرلمان، فما وظيفة هذا الأخير؟ ولماذا تُنفقُ عليه كل هذه الأموال؟ وما قيمة البرلمان إذا كانت القوانين تُصاغ خارج أروقته؟ وهل يمكن الحديث عن حوار وطني في ظل غياب مجموعة من الهيئات والمنظمات المهتمة والتي منها من يدافع اليوم عن احترام مُخرجات الحوار؟!
ثانيا: لو كنا في بلد ديموقراطي , السلطة القضائية فيه مستقلة عن السلطة التنفيذية، لكنت شخصيا من أوائل من يؤيد استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل، وإلحاقها بالمجلس الأعلى. لكن وبما أن السلطة القضائية غير مستقلة إذ تخضع للمؤسسة الملكية سواء من حيث التركيبة أو من حيث السلطة المعنوية، فإن إضافة القضاء الواقف إلى السلطة الملكية، سيمنع التفاعل مع قرارات النيابة العامة، وسيجعلنا أمام مؤسسة صمّاء لا تسمع إلا لنفسها، ولا تخضع لأية محاسبة، وغير مسؤولة عن تنفيذ السياسة الجنائية.
ثالثا: النص الذي صادقت عليه لجنة العدل ملتبس ويتضمّن نوعا من “الخبطة”، فهو من جهة أولى يفَصَلَ النيابة العامة عن وزير العدل، ومن جهة ثانية يُلزِم الوكيل العام للملك بمحكمة النقض بأن يقدم تقريرا أمام البرلمان، فأين هي استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التشريعة المتوهّمة؟ وما هي الصفة التي سيحضر بها وكيل الملك للبرلمان، هل بصفته مسؤولا سياسيا أم بصفته القضائية؟ وماذا سيترتب عن هذا التقرير ؟ وهل سيتبعه تصويت أم يكون على شاكلة الخطب الملكية، وإذا كان كذلك فما الفائدة منه؟ هل فقط لكي يتم تكريس هيمنة السلطة التشريعة على السلطة القضائية وإخضاع الأخيرة لرقابة مزدوجة ، الأولى أصيلة ترتبط بالملكية والثانية قانونية فرضها البرلمان، والحال أن استقلال السلطة القضائية يرفض هذا النمط من التدبير؟
رابعا: ليس بالضرورة فصل النيابة العامة عن وزارة العدل حتى تؤدي دورها بنزاهة، فهناك دول ديمقراطية عديدة يرأس فيها وزير العدل النيابة العامة، ومع ذلك لا أحد يشكك في نزاهة أعمالها، كما أن استقلالية القضاء الجالس عن وزارة العدل كما هو معتمد اليوم لا يعني أنه نزيه، فهو غالبا ما يخضع للتوجيهات، وإلا فمن حكم ضد بطلان انتخابات نقابة المحامين بمراكش، ومن عاقب الصحفي هشام المنصوري بتلك العقوبة القاسية وغير القانونية بشهادة وزير العدل نفسه، ولماذا يتم رفض الترخيص لحزب الأمة، ولماذا تستمر متابعة الصحفي على أنوزلا رغم تهافت ملف القضية المتهم بها؟
خامسا: إذا كان القصد فعلا هو استقلالية القضاء ونزاهته وتملّكه زمام أموره، فيجب فصله عن جميع المؤسسات بما في ذلك المؤسسة الملكية، كما هو الحال في مختلف الدول الديمقراطية (اسبانيا مثلا)، وحتى الدول التي تعرف انتقالا ديمقراطيا (تونس مثلا)، أما سحبه من وزارة العدل التي يمكن أن ينتقدها المجتمع المدني ويواجهها ويضغط عليها بمختلف الوسائل، وإلحاقه بمجلس يتبع للملكية التي لا تخضع لأي مراقبة ولا تهتم بأي ضغوط فهذا لن يخدم العدالة في شيء، حتى لا تتم إعادة ما تم تدبيجه في المقالين السباقين حول موضوع قريب من المطروح هنا، فإني الاحالة تكفي على المقال المعنون بـ: "أمثلة لخضوع السلطة القضائية للإشارات الملكية"، وهو المقال الذي يتناول العديد من الأمثلة التي تؤكد بعضا مما ورد في هذا المقال المقتضب، من قبيل قضايا حل الحزب الشيوعي، والبديل الحضاري، وإطلاق سراح عليوة، ورفض انتخاب نقيب محامي مراكش... وكذلك على المقال الموسوم بـ" في أن السطة القضائية في المغرب غير مستقلة"، وهو المقال الذي يتحدث عن كون الدستور الحالي لا يضمن استقلالية القضاء. كما أن تفاصيل أكثر حول الموضوع أوردتها ضمن الكتاب الذي صدر مؤخرا تحت عنوان: "الملكية وما يحيط بها في الدستور المعدّل"، ضمن سلسلة "دفاتر وجهة نظر".
أولا: من المعلوم أن الأغلبية البرلمانية و بعض من المعارضة كانت ترفض هذا القرار. ومعلوم أيضا أن التصويت خضع لضغوطات متعددة المشارب، بدعوى احترام مقررات الحوار الوطني، مما يسمح لنا بطرح بعض من الأسئلة من قبيل: إذا كانت قرارات الحوار الوطني ملزمة حتى للبرلمان، فما وظيفة هذا الأخير؟ ولماذا تُنفقُ عليه كل هذه الأموال؟ وما قيمة البرلمان إذا كانت القوانين تُصاغ خارج أروقته؟ وهل يمكن الحديث عن حوار وطني في ظل غياب مجموعة من الهيئات والمنظمات المهتمة والتي منها من يدافع اليوم عن احترام مُخرجات الحوار؟!
ثانيا: لو كنا في بلد ديموقراطي , السلطة القضائية فيه مستقلة عن السلطة التنفيذية، لكنت شخصيا من أوائل من يؤيد استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل، وإلحاقها بالمجلس الأعلى. لكن وبما أن السلطة القضائية غير مستقلة إذ تخضع للمؤسسة الملكية سواء من حيث التركيبة أو من حيث السلطة المعنوية، فإن إضافة القضاء الواقف إلى السلطة الملكية، سيمنع التفاعل مع قرارات النيابة العامة، وسيجعلنا أمام مؤسسة صمّاء لا تسمع إلا لنفسها، ولا تخضع لأية محاسبة، وغير مسؤولة عن تنفيذ السياسة الجنائية.
ثالثا: النص الذي صادقت عليه لجنة العدل ملتبس ويتضمّن نوعا من “الخبطة”، فهو من جهة أولى يفَصَلَ النيابة العامة عن وزير العدل، ومن جهة ثانية يُلزِم الوكيل العام للملك بمحكمة النقض بأن يقدم تقريرا أمام البرلمان، فأين هي استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التشريعة المتوهّمة؟ وما هي الصفة التي سيحضر بها وكيل الملك للبرلمان، هل بصفته مسؤولا سياسيا أم بصفته القضائية؟ وماذا سيترتب عن هذا التقرير ؟ وهل سيتبعه تصويت أم يكون على شاكلة الخطب الملكية، وإذا كان كذلك فما الفائدة منه؟ هل فقط لكي يتم تكريس هيمنة السلطة التشريعة على السلطة القضائية وإخضاع الأخيرة لرقابة مزدوجة ، الأولى أصيلة ترتبط بالملكية والثانية قانونية فرضها البرلمان، والحال أن استقلال السلطة القضائية يرفض هذا النمط من التدبير؟
رابعا: ليس بالضرورة فصل النيابة العامة عن وزارة العدل حتى تؤدي دورها بنزاهة، فهناك دول ديمقراطية عديدة يرأس فيها وزير العدل النيابة العامة، ومع ذلك لا أحد يشكك في نزاهة أعمالها، كما أن استقلالية القضاء الجالس عن وزارة العدل كما هو معتمد اليوم لا يعني أنه نزيه، فهو غالبا ما يخضع للتوجيهات، وإلا فمن حكم ضد بطلان انتخابات نقابة المحامين بمراكش، ومن عاقب الصحفي هشام المنصوري بتلك العقوبة القاسية وغير القانونية بشهادة وزير العدل نفسه، ولماذا يتم رفض الترخيص لحزب الأمة، ولماذا تستمر متابعة الصحفي على أنوزلا رغم تهافت ملف القضية المتهم بها؟
خامسا: إذا كان القصد فعلا هو استقلالية القضاء ونزاهته وتملّكه زمام أموره، فيجب فصله عن جميع المؤسسات بما في ذلك المؤسسة الملكية، كما هو الحال في مختلف الدول الديمقراطية (اسبانيا مثلا)، وحتى الدول التي تعرف انتقالا ديمقراطيا (تونس مثلا)، أما سحبه من وزارة العدل التي يمكن أن ينتقدها المجتمع المدني ويواجهها ويضغط عليها بمختلف الوسائل، وإلحاقه بمجلس يتبع للملكية التي لا تخضع لأي مراقبة ولا تهتم بأي ضغوط فهذا لن يخدم العدالة في شيء، حتى لا تتم إعادة ما تم تدبيجه في المقالين السباقين حول موضوع قريب من المطروح هنا، فإني الاحالة تكفي على المقال المعنون بـ: "أمثلة لخضوع السلطة القضائية للإشارات الملكية"، وهو المقال الذي يتناول العديد من الأمثلة التي تؤكد بعضا مما ورد في هذا المقال المقتضب، من قبيل قضايا حل الحزب الشيوعي، والبديل الحضاري، وإطلاق سراح عليوة، ورفض انتخاب نقيب محامي مراكش... وكذلك على المقال الموسوم بـ" في أن السطة القضائية في المغرب غير مستقلة"، وهو المقال الذي يتحدث عن كون الدستور الحالي لا يضمن استقلالية القضاء. كما أن تفاصيل أكثر حول الموضوع أوردتها ضمن الكتاب الذي صدر مؤخرا تحت عنوان: "الملكية وما يحيط بها في الدستور المعدّل"، ضمن سلسلة "دفاتر وجهة نظر".