في علاقة بالنقاش حول السند القانوني لحالة الطوارئ الصحية، ومدى شرعية الإعلان عنها عبر بلاغ لوزارة الداخلية، وأثرها على الحقوق والحريات العامة:
أولا: السند الدستوري لحالة الطوارئ الصحية
بداية كانت لدى السلطات العمومية الكثير من الوسائل الدستورية لإعلان حالة الطوارئ، بدأ بإعمال مقتضيات حالة الحصار المقررة في الفصل 49 من الدستور ( تقضي تداول المجلس الوزاري)، أو اعلان حالة الاستثناء بظهير المقررة في الفصل 59 من الدستور ( تقتضي استشارة الملك لرئيس الحكومة ورئيسي البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية)، ويمكن الاعتماد على الية دستورية أخرى ينص عليها الفصل 21 من الدستور ( اعتبار سلامة السكان من مسؤوليات السلطات العمومية ، مع ضرورة احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع)، وهنا يمكن اعتبار اعمال هذا الفصل اقرب الى الخيار الذي تنباه بلاغ وزارة الداخلية.
ثانيا: السند القانون لحالة الطوارئ الصحية
عند البحث في العديد من النصوص القانونية المنظمة لهذه الوضعية في القانون المغربي، يمكن أن نتوقف عند مرسوم ملكي بمثابة قانون يتعلق بوجوب التصريح ببعض الأمراض واتخاذ تدابير وقائية للقضاء على هذه الأمراض ( صدر في الجريدة الرسمية عدد 2653 بتاريخ 5 يوليوز 1967) والذي يسند الاختصاص لتدبير الوباء الى وزير الصحة بمساعدة السلطات العمومية، ويمكن ان نتوقف عند المرسوم رقم 2.19.1086 الصادر في 30 يناير 2020، والذي حدد اختصاصات وزارة الداخلية من خلال المادة الأولى منه بإضافة إلى الاختصاصات والصلاحيات المسندة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بموجب النصوص الجاري بها العمل، مهام الإدارة الترابية للمملكة والحفاظ على النظام والأمن العموميين، وهذا المرسوم يعتبر سندا قانونيا لإعلان عن حالة الطوارئ الصحية.
ثالثا: مدى مشروعية الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية عبر بلاغ
المبدأ الأساسي في الاختصاص التشريعي، انه يبقى دائما اختصاصا استثنائيا من اختصاصات السلطة التنظيمية، ويتم اللجوء الى هذه الحالات وفق احترام شروط ومساطر منصوص عليها دستوريا، وذلك في اطار ثلاثة وضعيات المراسيم المتخذة بناء على إذن من القانون ( الفصل 70 من الدستور )، او مراسيم القوانين ( الفصل 81 من الدستور ) ومراسيم فتح الاعتمادات المالية ( الفصل 75 من الدستور) وهي حالات لا تنطبق على اعلان حالة الطوارئ الصحية، ولكن ونحن أمام ممارسة للسلطة التنفيذية لسلطتها التنظيمية، فإن النصوص الصادرة في هذا المجال يمكن ان تأخذ إما صورة مرسوم تنظيمي تصدر عن رئيس الحكومة، أو صورة قرارات تنظيمية تصدر عن رئيس الحكومة بصفته أو عن الوزراء بتفويض من رئيس الحكومة، ويمكن ان تأخذ استثناء صورة مقررات تنظيمية صادرة عن رئيس الحكومة او عن الوزراء بمختلف انواعهم، وبما ان حالة الطوارئ الصحية تقيد حرية التنقل باعتبارها حقا دستوريا ( الفصل 24 من الدستور)، كان من اللازم إما اصدار مرسوم تنظيمي أو قرار تنظيمي لإعلانها بدلا من بلاغ لوزارة الداخلية.
خلاصات:
1) حالة الطوارئ الصحية هي اعمال لمقتضيات الفصل 21 من الدستور المغربي
2) حالة الطوائ الصحية تجد سندها في مرسوم رقم 2.19.1086 الذي حدد اختصاصات وزارة الداخلية؛
3) حالة الطوارئ الصحية تقيد حرية التنقل باعتبارها حقا دستوريا، كان من اللازم إما اصدار مرسوم تنظيمي أو قرار تنظيمي لإعلانها بدلا من بلاغ لوزارة الداخلية.
محمد طارق