MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




كورونا يغير وجه الجريمة بالمغرب

     

رجاء لطفي: طالبة باحثة في القانون الخاص



كورونا يغير وجه الجريمة بالمغرب
في منتصف دجنبر 2019 ظهر فيروس جديد في  كل ربوع الأرض بشكل مفاجئ جائحة فيروس لم يكن معروفا أو لم يصب به أحــد من قبل وهو فيروس يدعى كورونا كوفيد 19. حيث ظهر أول مرة في الصين في مدينة ووهان ، عندما أصيب به أشخاص من ذات المدينة يعملون في سوق هوانان للمأكولات البحرية وحين ذاك أخذت تتوالى الإصابة به,به بسبب سرعته على الانتقال بين الناس عن طريق الاتصال المباشر

 مع الارتفاع الملحوظ في عدد الإصابات وانتشاره الكبير، وقتله لعدد مهول، وفي غياب دواء أو مصل أو لقاح لفيروس كورونا صنفته منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020 كوباء عالمي أطلق عليه اسم الجائحة ومع التأكيد على أن فيروس كورونا له القدرة على الانتشار بشكل سريع، فقد انتقلت الإصابة به إلى خارج الصين في دول أمريكا، أوروبا، آسيا وباقي الدول العربية. ومنها المغرب الذي لم يبق في منأى عن الإصابة ومخاطر الفيروس. إذ سجلت بلادنا أول حالة إصابة به في 02 مارس2020 كانت قادمة من الديار الايطالية ليأخذ العدد منذ ذاك الحين في الارتفاع يوما بعد يوم.. الكثير من الإجراءات الاحترازية

وفي حربها الاستباقية ضد فيروس كورونا و كخطوة استباقية لاحتواء الفيروس ومنعه من الشيوع بين أفراد المجتمع فرض المغرب مجموعة من الإجراءات الاحترازية حيث قررت وزارة الداخلية، إغلاق المؤسسات التعليمية، المقاهي والمطاعم والقاعات السينمائية والمسارح وقاعات الحفلات والأندية والقاعات الرياضية والحمامات وقاعات الألعاب والملاعب في وجه العموم، وذلك في سياق حزمة إجراءات جديدة لمنع التجمعات خوفا من انتشار فيروس كورونا. لعل حالة التعبئة التي فرضتها الحكومة المغربية على الشعب و ما ترتب عليها من تقييد للحركة وانتشار الأجهزة الأمنية أثرت ايجابيا على تراجع الجريمة و الحد منها مجبرة بدلك الخارجين عن القانون ملازمة بيوتهم والبقاء فيها، فعلى الرغم من وجود الجريمة في ظل جائحة كورونا الا معدل السلوك العدواني تراجع بشكل ملحوظ...

إذ لوحظ انخفاضا ملموسا في معدل الجرائم بأنواعها كالقتل والسرقة وحوادث السير والسرقات في ظل كورونا فهي قلت وبشكل كبير، في مقابل ظهور جرائم أخرى ابتكرها المجرمون للاستفادة من هذه الأزمة

من هنا يمكننا ان نطرح اشكالية جوهرية تتمثل الى أي حد ساهم الفيروس في التقليل من تفشي الجرائم بمجتمعنا وازديادها ؟
هدا ما سنحاول الاجابة عليه من خلال التصميم التالي :

الانعكاسات الايجابية للفيروس على مستوى التقليل من تفشي الجرائم (الفقرة الأولى)، ثم التطرق للانعكاسات السلبية للفيروس على مستوى ازدياد الجرائم (الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى: الانعكاسات الايجابية للفيروس على مستوى التقليل من تفشي الجرائم:

تغيرت أوجه الحياة وتفاصيلها في زمن كورونا منصات التعليم، وثيرة العمل وأساليب التسوق ،مواعيد النوم والاستيقاظ وعلاقات الناس ببعضها البعض في داخل البيوت ووسائل التواصل والاتصال بين الاقارب والاصدقاء .
لكن الجريمة ليست استثناء من هذا التغير إذ نالها من حظ كورونا جانب وتأثرت كما تأثرت الحياة من حولها فبعد أشهر او ربما أيام من اجتياح فيروس كورونا المغرب وشله للحياة الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية وحصده أرواح الالاف من الناس، أظهر الفيروس جانبا مشرقا له على سطح المعمور بحيث أصبحت أخبار  الجريمة والحوادث ليست كلها ماس عن تفشي جرائم جديدة أو تنامي أشكال مريعة من العنف .فهناك نقاط مضيئة بحيث انخفضت وثيرة السرقات المنزلية بشكل حاد وملحوظ وهذا   راجع للالتزام المواطنين بمنازلهم الشيء الدي دفع عصابات سرقة محتويات البيوت الى البقاء بعيدا  حيث توجد الغالبية في داخل البيوت على مدار الأربع و العشرين ساعة، ومن جهة  أخرى سجل انخفاضا كبيرا في نسب حوادث السيارات ،وذلك راجع لقلة الحركة على الطرق التي أدت كدلك  الى قلة نسب التحرش سواء في الشوارع أو الميادين او في اماكن العمل .وهذا لا يعود الى صحوة ضمير او يقظة سلوك، بل يعود الى عدم وجود من يمكن التحرش به من الأصل. كما  ساهم في التقليل من جرائم اختطاف الأطفال واحتجازهم لوجودهم تحت أنظار ورعاية أبويهم ببيوتهم كما تراجعت عمليات التوقيف المتعلقة بالمخدرات على اعتبار أنهم غير قادرين على التحرك من أجل البيع في أي مكان في ظل الإغلاق الذي تشهد المملكة مند شهور فحسب بلاغ صحفي لجريدة  الأول انه في تصريح للمديرية
العامة للأمن الوطني، حول الجريمة في ظل حالة الطوارئ الصحية، بأن المظهر العام للجريمة خلال شهر مارس 2020 تراجع بنسبة 20 في المائة مقارنة مع نفس الشهر من السنة المنصرمة راجعت عمليات التوقيف المتعلقة بالمخدرات بنسبة 42 بالمئة في الأسابيع التي تلت إغلاق المدينة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.. وبحسب المديرية العامة للأمن الوطني، فإن عدد القضايا المسجلة خلال شهر مارس من سنة 2020 انخفض ب 10 آلاف و867 قضية مقارنة مع نفس الشهر من السنة المنصرمة (ناقص 20 في المائة) . وفي تحليل للرسم البياني للجريمة خلال شهر مارس الماضي ،يظهر أن عدد القضايا المرتبطة بالسرقات بالنشل والخطف انخفض بنسبة 24 في المائة ، في حين انخفضت الجرائم الاقتصادية والمالية بنسبة 23 في المائة ، مع تسجيل بروز أنماط اجرامية مستجدة مثل النصب بدعوى جمع التبرعات والمضاربة في أثمان الكمامات الواقية وصناعة مواد تعقيم مزيفة . ووفق المؤشرات ذاتها ، فقد تراجع خلال شهر مارس 2020 عدد الجرائم المقرونة بالعنف مع تسجيل مؤشرات انخفاض كبيرة في مختلف الجرائم وذلك مقارنة مع نفس الشهر من سنة 2019. وشمل هذا التراجع الجرائم المرتبطة بالقتل العمد (ناقص 67 في المائة) ، ومحاولات القتل العمد (ناقص 175 في المائة ) ، والضرب والجرح المفضي للموت (ناقص 250 في المائة)، و السرقات تحت التهديد بالسلاح الابيض (ناقص 52 في المائة) ، والسرقات الموصوفة (ناقص 28 في المائة) ، والاعتداءات الجنسية (ناقص 41 في المائة) .

هذا كان بشكل مختصر عن بعض ايجابيات الفيروس من التقليل من نسبة الجرائم فمادا عن سلبياته؟

الفقرة الثانية: الانعكاسات السلبية للفيروس على مستوى ازدياد الجرائم:

بعدما وجدا  المجرمون صعوبة في كسب المال من ”نشاطاتهم التقليدية“، أصبحوا يلجؤون إلى حيل جديدة للاستفادة من الأزمة، مستغلين وجود عدد أكبر من الناس في منازلهم، حدثت تحولات في مجال الجريمة، وأصبح اللصوص يستهدفون المصانع أو أماكن العمل التي باتت فارغة محاولين ابتكار طرق جديدة للاستفادة من الازمة بحيث أصبحت تتوجه أنظارهم صوب المصانع والشركات، لا سيما في الاوقات التي لا يتواجد فيها أحد، مستفيدين من تخفيض ساعات العمل وأعداد الموظفين، ومن ثم سهولة الاقتحام وسرقة المحتويات ، كما أن البعض من هواة التحرش الجنسي نقل نشاطه المفضل الى الشبكة العنكبوتية لكنها تظل أخف وطأة... ، كما  حصلت زيادة ملحوظة في حالات العنف الأسري منذ بداية الحجر الصحي المتصل بفيروس كورونا، إذ تظهر البلاغات الواردة أن النساء والأطفال هم أكثر عرضة للإيذاء" خلال هذه الفترة، وعلى صعيد آخر، تنوعت أشكال الاحتيال الالكتروني في ظل هذه الأزمة الصحية العالمية، فحسب تقارير للمنظمة الدولية، التي ذكرت أن بعض المجرمين الالكترونيين يعملون على الاتصال بالضحايا لتوهيمهم أنهم موظفون في عيادات طبية أو مستشفيات أو بنيات علاجية أخرى، ويزعمون أن أحد أقارب الشخص المتصَل به أصيب بالعدوى بالفيروس ليطالبوه بتسديد تكاليف العلاج الطبي. كما ظهرت في الآونة الأخيرة، -استنادا ل(الانتربول)- "مواقع التصيد الاحتيالي"، وهي عبارة عن رسائل إلكترونية، يفترض أنها صادرة عن أجهزة وطنية أو هيئات صحية عالمية من أجل خداع الضحايا وحملهم على توفير معلومات شخصية عنهم أو تفاصيل الدفع، أو أيضا فتح ملف مرفق يحتوي على برمجية خبيثة. أما المكتب الأوروبي للشرطة (يوروبول) فقد عزا أسباب تنامي الجريمة الالكترونية داخل هذا التكتل الإقليمي، إلى ارتفاع التجارة الالكترونية نظرا لانخفاض الحركة وتدفق الناس عبر الاتحاد الأوروبي وداخله، وكذا الالتزام بتدابير الحجر الصحي والعمل بشكل متزايد عن بعد، مع الاعتماد على الحلول الرقمية، فضلا على عوامل أخرى أقل تأثيرا من قبيل زيادة القلق والخوف مما قد يؤدي إلى التعرض للاستغلال. وفي تقرير لها حول تنامي الجريمة الالكترونية في زمن "كورونا"، حذرت (يوروبول) من نوع آخر من الجرائم الالكترونية، وهي جرائم تستهدف الأطفال بشكل خاص، حيث تصبح هذه الفئة أكثر عرضة لخطر الاستغلال (التحرش الجنسي، سوء المعاملة، مشاهدة محتوى لا يلائم قدراتهم العقلية والفكرية...) من طرف بعض المجرمين الالكترونيين، وذلك بسبب عزلة الأطفال خلال ساعات الحجر الصحي الطويلة وقلة المراقبة من لدن أولياء الأمور. فعلى المستوى الوطني، وفي إطار المبادرة الاستباقية التي نهجها المغرب لمواجهة هذا الوباء منذ ظهوره، فقد أكدت إدارة الدفاع الوطني، في 18 مارس الماضي، أن العديد من التطبيقات والمواقع الإلكترونية الخبيثة التي تستهدف عددا كبيرا من الضحايا قد ظهرت، وذلك في ظل الظروف الراهنة والتغطية الإعلامية الواسعة لوباء فيروس كورونا، داعية المستخدمين إلى التأكد من أن التطبيقات موثوقة المصدر، وأن المعلومات المستخدمة صادرة عن مؤسسات صحية حكومية أو وسائل إعلام رسمية. إذا كانت هذه الأزمة الصحية العالمية قد عرّت عن الجانب المظلم للتجارة الالكترونية وكافة المعاملات عبر وسائل الاتصال الحديثة عموما، وكشفت النقاب عن خبث المجرمين المتخفين وراء شاشات الأجهزة الذكية في ثوب المقاولين الالكترونيين، فقد ساهمت أيضا في ظهور جرائم من نوع آخر على السطح، ولاسيما بعد صدور تقارير إعلامية في عدد من دول المعمور حول اختفاء شحنات تحمل أقنعة ولوازم طبية في بعض المطارات قبل أن تصل مقصدها، فضلا على تبادل الاتهامات بين دول وأخرى حول تفريغ شحنات السفن الحاملة للوازم الطبية الخاصة بها. وحددت الشرطة الدولية خمس جرائم هي الأكثر انتشارا حول العالم بعد تفشي فيروس كورونا المستجد، وهي:

1- زيادة التهديدات السيبرانية.
2- تزايد استهداف مقدمي الخدمات الصحية ونقاط بيع المنتجات الأساسية.
3- الاتجار في معدات مزيفة للوقاية الشخصية المضادة للفيروسات.
4- تجارة المخدرات عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي.
5- استهداف موفري القروض بالربا الفاحش للأفراد والشركات الذين انخفض دخلهم.

ووجهت شرطة "الإنتربول" تحذيرات إلى البلدان الأعضاء بشأن تهديدات محددة، وعرضت طرقا مبتكرة لاستخدام التكنولوجيا والذكاء الصناعي من
أجل التكيّف مع تلك التحديات التي يطرحها الفيروس. كما أن هناك من وجد في  اغلاق المساجد فرصة وفي منع الصلاة منحة ففي وسط اقليم العرائش استيقظت ساكنة الدوار على واقعة مثيرة للغاية وغير مسبوقة ، اثر اقدام مجهولين في ساعة متأخرة من الليل على أعمال حفر عميقة بقلب مسجد الدوار، وتخريب موقع محراب الامام، دون أن يستبعد الجميع أن الفاعلين كانوا يبحثون عن كنز مدفون داخل المسجد .

ومعلوم ان الفاعلين المجهولين، الدين يجهل الجميع ما ان كانوا من ابناء المنطقة او غرباء عنها ،قد نجحوا في استغلال خلو الموقع من الناس بفعل تدابير الحجر حالة الطوارئ الصحية  ،  وظروف اغلاق المساجد ودور  العبادة ،على خلفية الاجراءات المتخذة في اطار مواجهة تفشي فيروس كورونا ....كما أن أزمة كورونا قد تفتح المجال أمام الجريمة المنظمة وغسل الأموال. "فإذا أفلست بعض الحانات، فإن المافيا قد تشتريها بثمن بخس لتوظيفها مستقبلا في غسل الأموال"، كما أن العديد من شركات الحجم المتوسط ينقصها حاليا المال، وبالتالي فإن عصابات الجريمة المنظمة قد تقرضها أموالا بفوائد عالية أو تشتريها كليا
وأخيرا يمكن القول بأن الجريمة ظهرت بظهور الانسان وهي مازالت مستمرة معه في جميع الأحوال  وأن الجريمة تتطور في اتجاهين جرائم لها علاقة بتقارب الناس أو غيابهم وهي تتراجع مثل سرقة الجيوب والسطو على البيوت. وهناك أعمال الاحتيال عبر الانترنيت التي تزداد ولها علاقة بمنتجات زمن كورونا .....وبالتالي فيروس كورونا وان كان قد قلل من انتشار أنواع أو صنف من أصناف الجرائم فانه ساهم في ظهور جرائم أخرى لا تقل خطورة عن سابقاتها.



الاثنين 1 يونيو 2020
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter