بقوة المقتضيات الدستورية فإن البرلمان يمارس السلطة التشريعية ،وبذلك يختص بالتصويت على القوانين طبقا للفصل 70 من الدستور ،كما ينص النظام الداخلي على اجال النصوص المعروضة على اللجان من اجل المصادقة على مشاريع القوانين المعروضة عليها
ورغم احالة مشروع القانون الجنائي على البرلمان لم يحظ بالمصادقة من طرف النواب رغم عرضه على اعضاء لجنة العدل والتشريع من طرف وزير العدل السابق سنة 2016 ، علما انه بعد التأجيلات المتعددة على عهد حكومة بنكيران ، ثم حكومة العثماني ، وحلول اجل وضع التعديلات خلال شهر شتنبر 2020 وتأجيلها مرة اخرى ، لا يبدو ان المصادقة على المشروع المثير للجدل والذي لم يعد متلائما مع المستجدات ومع دستور 2011 , ستخرجه الى حيز الوجود ، إما نظرا لغياب ارادة الحسم ،او بسبب التشرذم الايديولوجي والتحالفات الهجينة ، واما بسبب تصفية الحسابات السياسية ،وانفراط عقد الاغلبية الحكومية ، في ضرب صارخ لانتظارات المواطنين ، والخطابات الملكية السامية ، وفوران المستجدات المتعلقة بالتحولات الاقليمية والتداعيات ،ومخلفات الوباء التي فرضت على العالم كله تحيين بعض النصوص وسن اخرى أملتها ظروف واحداث ومستجدات
الاكثر من ذلك هناك مقتضيات ايجابية اتى بها المشروع وهي محل انتظار المواطنين كالعقوبات البديلة التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من اجلها سنتين حبسا
وهي:
1) العمل لأجل المنفعة العامة
2) الغرامة اليومية
3) تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية او علاجية أو تأهيلية، علمًا انه
مع استثناء بعض الجنح من الاستفادة من العقوبات البديلة ،وهي الاختلاس ، الرشوة، الاتجار في المخدرات، والاستغلال الجنسي للقاصرين
واذا كان تجريم الاجهاض اثار الكثير من الجدل اذ تم رفع التجريم عن حالات الاجهاض اذا نتج الحمل عن اغتصاب او زنا المحارم ، او كانت الحامل مختلة عقليا ، او اصابة الجنين بأمراض جينية او تشوهات خلقية خطيرة، وانه تسبب في خلق نقط الخلاف المؤدية الى تأجيل وضع التعديلات والمصادقة على المشروع رقم 10.16 ، فان تجريم الاثراء غير المشروع بدوره خلق نقط خلاف بين مكونات الحكومة كشفت عن عدم الانسجام الحكومي والتحالف الهجين الذي أبان غير ما مرة عن عجزه في تمرير بعض القوانين وإبقائها في رفوف اللجان مثال ذلك المادة 16 من مدونة الاسرة المتعلقة بالبينة الشرعية في ثبوت الزوجية .
ولعل تجريم الاثراء غير المشروع الذي كان من اسباب التأجيل المتتالي يعتبر مكملا للتشريع المتعلق بالتصريح بالممتلكات المنصوص عليه دستوريا والمفعل على ارض الواقع منذ 2008 الذي يبقى حبرا على ورق اذا لم تترتب عنه إمكانية المساءلة الزجرية بعد ثبوت الفعل المرتكب ؟ لذلك جاء في توصيات المجلس الاعلى للحسابات في احد تقاريره ادخال عقوبات ردعية لعدم التصريح او لتقديم تصريح كاذب او غير مكمل ، كما ان تتبع ثروات القضاة وأعضاء عائلتهم مقتصر على القضاة دون غيرهم من الموظفين ومسؤولي الدولة وفي ذلك حيف ،لذلك بات من المؤكد ان التجريم في حق من يحدث اختلالا ومسا بضوابط المجتمع عن طريق خلق التفاوت الطبقي والاغتناء بصفة غير مشروعة، عن طريق سن قوانين في مواجهة الجريمة متمثلة في القانون الجنائي والسؤال المطروح لماذا اعتبر هذا التجريم مخيفا ولم يحظ باجماع الفرق ؟
وللاشارة وعلى سبيل المقارنة عمدت الكثير من الدول في اطار خططها لمكافحة الفساد الى تجريم فعل الاثراء غير المشروع منها مصر والأردن ولبنان والجزائر والسنغال ومالي والارجنتين وهي غالبا دول تعاني من معضلة المساس بالمال العام،
وان دولا ذات تشريعات عريقة كذلك انتصرت لتجريم الاثراء غير المشروع، علما ان ما قد يثار بخصوص قرينة البراءة من خلال قلب عبء الاثبات الذي يقع على عاتق الادعاء، فإن االزيادة الفاحشة والطارئة في الثروة وعدم ملاءمتها وتناسبها مع الدخل الشهري بناء على معطيات تتوفر عليها سلطة الادعاء، بامكان المتهم ان يثبت مشروعية مصدر امواله المتأتية من الارث او الزواج بميسور، او اي مصدر اخر يشرعن هذه الزيادة الطارئة
وفي هذا الصدد فقد عللت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان ما ذهبت اليه من كون القرائن الموجودة في القوانين الزجرية لا تتعارض مع قرينة البراءة ما دامت في حدود معقولة وتتناسب مع خطورة الفعل مع ضمان حقوق الدفاع
لذلك وما دام الفوران الشعبي ينحو منحى عدم الافلات من العقاب ومحاربة التفاوت الطبقي المبني على نهب المال العام والاغتناء الفاحش دون مبرر مشروع ،مع استشراء حالات ملموسة للإثراء غير المشروع واستفحالها، فان تجريم هذه الافعال التي تجد سند تجريمها في ملاءمة المغرب لقوانينه مع المواثيق الدولية وكذا مطابقتها لدستور 2011 ناهيك عن الهبّة الشعبية المطالبة بربط المسؤولية بالمحاسبة ونبذ الافلات من العقاب ، ليعتبر أمراً محمودا متماشيا مع المقتضيات الدستورية والمواثيق الدولية و طموحات المنظمات الحقوقية وعامة المواطنين
ومن المفروض ان يوحد رأي الاغلبية والمعارضة بدل اختلاف وتشرذم الاغلبية الحكومية و الحكم على مشروع قانون جنائي بالجمود عبر مختلف التأجيلات لمدة ولايتين برلمانيتين ،علما ان القانون الجنائي المطبق حاليا كان يتلاءم مع دستور 1962 !
واذا كانت الولاية التشريعية اشرفت على الانقضاء ولن يمر خلالها المشروع المذكور فلربما يحظى بمصادقة البرلمان خلال الولاية التشريعية الثالثة بعد دستور 2011 بتمرير مشروع قانون جنائي ومسطرة جنائية يتلاءمان مع المستجدات الوطنية والاقليمية والدولية والثورة الالكترونية بايجابياتها وسلبياتها ؟
ورغم احالة مشروع القانون الجنائي على البرلمان لم يحظ بالمصادقة من طرف النواب رغم عرضه على اعضاء لجنة العدل والتشريع من طرف وزير العدل السابق سنة 2016 ، علما انه بعد التأجيلات المتعددة على عهد حكومة بنكيران ، ثم حكومة العثماني ، وحلول اجل وضع التعديلات خلال شهر شتنبر 2020 وتأجيلها مرة اخرى ، لا يبدو ان المصادقة على المشروع المثير للجدل والذي لم يعد متلائما مع المستجدات ومع دستور 2011 , ستخرجه الى حيز الوجود ، إما نظرا لغياب ارادة الحسم ،او بسبب التشرذم الايديولوجي والتحالفات الهجينة ، واما بسبب تصفية الحسابات السياسية ،وانفراط عقد الاغلبية الحكومية ، في ضرب صارخ لانتظارات المواطنين ، والخطابات الملكية السامية ، وفوران المستجدات المتعلقة بالتحولات الاقليمية والتداعيات ،ومخلفات الوباء التي فرضت على العالم كله تحيين بعض النصوص وسن اخرى أملتها ظروف واحداث ومستجدات
الاكثر من ذلك هناك مقتضيات ايجابية اتى بها المشروع وهي محل انتظار المواطنين كالعقوبات البديلة التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من اجلها سنتين حبسا
وهي:
1) العمل لأجل المنفعة العامة
2) الغرامة اليومية
3) تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية او علاجية أو تأهيلية، علمًا انه
مع استثناء بعض الجنح من الاستفادة من العقوبات البديلة ،وهي الاختلاس ، الرشوة، الاتجار في المخدرات، والاستغلال الجنسي للقاصرين
واذا كان تجريم الاجهاض اثار الكثير من الجدل اذ تم رفع التجريم عن حالات الاجهاض اذا نتج الحمل عن اغتصاب او زنا المحارم ، او كانت الحامل مختلة عقليا ، او اصابة الجنين بأمراض جينية او تشوهات خلقية خطيرة، وانه تسبب في خلق نقط الخلاف المؤدية الى تأجيل وضع التعديلات والمصادقة على المشروع رقم 10.16 ، فان تجريم الاثراء غير المشروع بدوره خلق نقط خلاف بين مكونات الحكومة كشفت عن عدم الانسجام الحكومي والتحالف الهجين الذي أبان غير ما مرة عن عجزه في تمرير بعض القوانين وإبقائها في رفوف اللجان مثال ذلك المادة 16 من مدونة الاسرة المتعلقة بالبينة الشرعية في ثبوت الزوجية .
ولعل تجريم الاثراء غير المشروع الذي كان من اسباب التأجيل المتتالي يعتبر مكملا للتشريع المتعلق بالتصريح بالممتلكات المنصوص عليه دستوريا والمفعل على ارض الواقع منذ 2008 الذي يبقى حبرا على ورق اذا لم تترتب عنه إمكانية المساءلة الزجرية بعد ثبوت الفعل المرتكب ؟ لذلك جاء في توصيات المجلس الاعلى للحسابات في احد تقاريره ادخال عقوبات ردعية لعدم التصريح او لتقديم تصريح كاذب او غير مكمل ، كما ان تتبع ثروات القضاة وأعضاء عائلتهم مقتصر على القضاة دون غيرهم من الموظفين ومسؤولي الدولة وفي ذلك حيف ،لذلك بات من المؤكد ان التجريم في حق من يحدث اختلالا ومسا بضوابط المجتمع عن طريق خلق التفاوت الطبقي والاغتناء بصفة غير مشروعة، عن طريق سن قوانين في مواجهة الجريمة متمثلة في القانون الجنائي والسؤال المطروح لماذا اعتبر هذا التجريم مخيفا ولم يحظ باجماع الفرق ؟
وللاشارة وعلى سبيل المقارنة عمدت الكثير من الدول في اطار خططها لمكافحة الفساد الى تجريم فعل الاثراء غير المشروع منها مصر والأردن ولبنان والجزائر والسنغال ومالي والارجنتين وهي غالبا دول تعاني من معضلة المساس بالمال العام،
وان دولا ذات تشريعات عريقة كذلك انتصرت لتجريم الاثراء غير المشروع، علما ان ما قد يثار بخصوص قرينة البراءة من خلال قلب عبء الاثبات الذي يقع على عاتق الادعاء، فإن االزيادة الفاحشة والطارئة في الثروة وعدم ملاءمتها وتناسبها مع الدخل الشهري بناء على معطيات تتوفر عليها سلطة الادعاء، بامكان المتهم ان يثبت مشروعية مصدر امواله المتأتية من الارث او الزواج بميسور، او اي مصدر اخر يشرعن هذه الزيادة الطارئة
وفي هذا الصدد فقد عللت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان ما ذهبت اليه من كون القرائن الموجودة في القوانين الزجرية لا تتعارض مع قرينة البراءة ما دامت في حدود معقولة وتتناسب مع خطورة الفعل مع ضمان حقوق الدفاع
لذلك وما دام الفوران الشعبي ينحو منحى عدم الافلات من العقاب ومحاربة التفاوت الطبقي المبني على نهب المال العام والاغتناء الفاحش دون مبرر مشروع ،مع استشراء حالات ملموسة للإثراء غير المشروع واستفحالها، فان تجريم هذه الافعال التي تجد سند تجريمها في ملاءمة المغرب لقوانينه مع المواثيق الدولية وكذا مطابقتها لدستور 2011 ناهيك عن الهبّة الشعبية المطالبة بربط المسؤولية بالمحاسبة ونبذ الافلات من العقاب ، ليعتبر أمراً محمودا متماشيا مع المقتضيات الدستورية والمواثيق الدولية و طموحات المنظمات الحقوقية وعامة المواطنين
ومن المفروض ان يوحد رأي الاغلبية والمعارضة بدل اختلاف وتشرذم الاغلبية الحكومية و الحكم على مشروع قانون جنائي بالجمود عبر مختلف التأجيلات لمدة ولايتين برلمانيتين ،علما ان القانون الجنائي المطبق حاليا كان يتلاءم مع دستور 1962 !
واذا كانت الولاية التشريعية اشرفت على الانقضاء ولن يمر خلالها المشروع المذكور فلربما يحظى بمصادقة البرلمان خلال الولاية التشريعية الثالثة بعد دستور 2011 بتمرير مشروع قانون جنائي ومسطرة جنائية يتلاءمان مع المستجدات الوطنية والاقليمية والدولية والثورة الالكترونية بايجابياتها وسلبياتها ؟