أثيرت خلافات بين الهيأة الوطنية للعدول واللجنة الوزارية المكلفة بإعداد مشروع تعديل القانون 16.03 المتعلق بمهنة التوثيق العدلي، إلى ماذا ترجعون ذلك؟
أولا يجب تحديد مفهوم المؤسسات وصلاحياتها قبل الحديث عن قدرتها الحوارية و التفاوضية و النضالية، فقانون 16.03 نص فعلا على تمثيلية مهنية وحيدة للعدول و حصرها في الهيأة الوطنية للعدول و أجهزتها، وهي تمثيلية مهنية صرف ، مع الإشارة إلى أن القانون نفسه لم يعط للهيأة صـــــــلاحيــــــــــات نضالية قوية من شأنها الــــــذود والدفاع عن مصـــــــالــح العـــــــــــــــــــدول وانتزاع المطالَب من الوزارة، فمن جهة أولى يلاحظ بأن آليات اشتغال الهيأة هي آليات بيروقراطية 100 في المائة، ومن جهة ثانية فإن المشاركة الانتخابية في صفوف العدول قد عرفت عزوفا وتراجعا نظرا لوعي أغلبية العدول بمحدودية صلاحيات الأجهزة بل وتحيزها إلى جهة الاتهام وأقصد هنا النيابة العامة المادة.
وأخيرا، فإن أجهزة الهيأة، وأخص بالذكر المكتب التنفيذي و باقي المؤسسات انتهت صلاحيتهم في فاتح أكتوبر من 2013، أي في الوقت الذي كانت فيه الوزارة تروج لميثاق إصلاح منظومة العدالة، و في خطوة استباقية بغية قطع الطريق أمام أي تمثيلية غير مرغوب فيها وغير متحكم فيها، فإن المكتب التنفيذي بمباركة من الوزارة، قرر تمديد ولايته لمدة سنة ضدا على القانون والمبادئ الديموقراطية في التداول على التسيير .
وبعدها قام المكتب نفسه بعد انتهاء مدة التمديد بالإشراف على الانتخابات الخاصة بالمجالس الجهوية، رغم انتهاء صلاحياته، ما أفرز تمثيليات مشوهة ولا تعكس لا مكانة العدول ولا اختياراتهم، حيث عرفت بعض الاستئنافيات مشاركة هزيلة بلغت 13 في المائة، استئنافية الرباط، على سبيل المثال .
وعودة إلى موضوعنا، فإن الانتخابات الخاصة بالأجهزة التي تمثل العدول مهنيا كانت ضعيفة جدا ولا تعكس رأي العدول الحقيقي، الشيء الذي استغلته الوزارة في اتخاذ مجموعة من الخطوات التي تضرب في الصميم مكتسبات العدول، عزل ما يزيد عن 140 عدلا، وإلغاء العمل بإحصاء المتروك ( قانون المالية )، وتكريس فرض الضريبة المهنية، رغم أن مهنتنا لا تعتمد على الإشهار، وفتح متابعات تأديبية وجنائية في ملفات يمكن أن تكيف جنحا بسيطة وفرض رسوم إضافية وربط ذلك بتسلم مذكرة الحفظ ...
وبالتالي، فإنه من الطبيعي في وضع كهذا أن يعرف الحوار اختلالا بينا، بين الوزارة والأشخاص الثلاثة المحسوبين على الهيأة، والنتيجة، بطبيعة الحال بالنسبة إلي محسومة سلفا.
من خلال الممارسة المهنية والجمعوية كيف ترون تعامل وزارة العدل مع ملف التوثيق العدلي، خاصة أنه سبق للهيأة الوطنية أن استنكرت ما أسمته النظرة التحقيرية للمهنة ؟
لقد نهجت وزارة العدل- سياسة صُم الآذان تجاه مطالب العدول منذ نشأة الهيأة بسلوك التسويف، مستغلة ضعف التمثيلية الوطنية للعدول (المكتب التنفيذي) الذي في أحيان كثيرة يقوم بامتصاص غضب العدول بحجج واهية، منها مثلا وعود معسولة من الوزير دون التزام مكتوب ، وكل هذا أدى إلى وضع كارثي نعيش تجلياته اليوم.
هذا بالإضافة إلى أن الوزارة استنكفت عن إجراء لقاء بممثلي النقابة الوطنية للعدول، وهو ما اعتبرناه جبنا وخوفا من الوزارة في مجابهة مطالب العدول، في الوقت الذي استطاع فيه الموثقون الفوز بقانون مهني، قبل إصدار الوزارة لميثاق إصلاح منظومة العدالة استثناء عن باقي المهن مما يطرح أكثر من علامة استفهام!
هل ترون أن مهنة التوثيق العدلي هي مهنة حرة ؟
إذا كنّا نعني بالمهنة الحرة الاستقلالية في مزاولة المهنة فهو أمر لا يمكن الحديث عنه في ظل القانون الحالي 16.03 بصيغته الحالية ، لأن الوثيقة العدلية تخضع لخطاب القاضي و مزاجيته ، فهناك بعض القضاة يرفضون الخطاب على الرسوم يوم الجمعة ومنهم من لا يحضر في هذا اليوم و في هذا ضرب صارخ لمبدأ استمرارية المرفق العام، وللحق الدستوري للمواطن في الولوج للعدالة، كما أن العدل يخضع في مساره المهني لرقابة القاضي رقابة إدارية و ليست قضائية والتي ليست لها أي معايير، والحل في نظري هو رفع وصاية القاضي عن الوثيقة العدلية وعن الأداء المهني للعدل وإصدار مدونة للتوثيق العدلي .
هل ترون أن الهياكل المنظمة للمهنة استطاعت أن تقوم بدورها في الدفاع عنها أمام الوزارة الوصية ؟
بالشكل الحالي الذي ينظم المهنة، فإن الهياكل الموجودة فهي بيروقراطية صاغها المشرع بخلفية الضبط والتحكم والتأديب من أجل مساعدة النيابة العامة في تحريك المتابعات التأديبية والجنائية في حق العدول.
ضرورة التكوين المستمر
يجب تشخيص أين يكمن الخلل والمشكل وهل في النصوص القانونية أم في العدول أشخاصا ؟
أقول بأن المشكل فيهما معا، ولكن بالنسبة إلى النصوص القانونية يجب التأكيد بداية على أن من يتولى صياغتها في وزارة العدل هم موظفون سبق لهم أن اشتغلوا قضاة وبالتالي فإن دراستهم لقانون التوثيق تبقى سطحية إن لم نقل منعدمة، والمكان الطبيعي للقاضي هو مجلس القضاء للبت في الملفات وليس إعداد مشاريع القوانين .
وعليه فإن صياغة القوانين المتعلقة بالمهنة يجب أن تعطى للممارسين الفعليين وتقديمها للسلطة التشريعية والدفاع عنها أمام هذه السلطة بعد ذلك . أما بالنسبة إلى العدول فمسألة التكوين المستمر فهي مسألة ضرورية وإلزامية لأن القصد من كل ذلك هو حق المواطن في الحصول على منتوج قضائي ذي جودة عالية .
الرميد أعدم العدول
قرار إعفاء العدول البالغين 70 سنة فما فوق الذين لم يدلوا بشهادة طبية صادرة عن مصالح الصحة العمومية، هو قرار جائر لم يراعِ سن من قدموا خدمات جليلة للمواطن و الوطن»، ونحن في النقابة لن نسكت عن هذا الظلم ، ونقول من هنا للرميد كفى استعجالا في قطع الأرزاق، لأن الإصلاح يكون بالحوار الحقيقي والتشاركي فالسرعة تقتل وأنه كان أولى بمصطفى الرميد، عوض التوقيع على قرار العزل تحريك الهواتف لإحضار الشهادات الطبية وبعملية تقنية عوض الإعدام و زيادة المعاناة لمن لحقهم هذا الظلم و الأسر التي ستعيش أول يوم من رمضان في نكد، فالعدول المعزولون كانوا ينتظرون منه التفاتة تليق و ما قدموه من خدمات بالنظر إلى أن جلهم راكم أمراضا مزمنة فيخرجون بل يطردون و في أول يوم من شهر فضيل شهر رمضان دون تقاعد و لا تغطية صحية بل منهم من يعيش بمساعدات للتطبيب.