قال محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن "موضوع مكافحة غسيل الأموال الرهانات والتحديات يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للأمن الاقتصادي في العالم، لما يمثله غسل الأموال من تهديد للدورة الاقتصادية والتنافس الحر، ولما له من تأثير على قيمة العملة وإنتاج التضخم. كما أن موضوع مكافحة غسل الأموال أصبح في قلب التحديات والتحولات الاقتصادية والتكنولوجية الكبرى المرتبطة بالجريمة المنظمة عموماً وبتمويل الإرهاب على الخصوص".
وأضاف محمد عبد النباوي في كلمته بمناسبة ندوة الاتحاد الدولي للمحامين حول: "مكافحة غسيل الأموال الرهانات والتحديات"، أن "الموضوع أصبح من جهة أخرى يسائل مهنة المحاماة ويدعوها إلى استحضار أسبابه وآثاره، وتدارس القوانين المتعلقة به، ذلك أن المحامي يعتبر من جهة، من بين الأشخاص الخاضعين لمقتضيات القانون 43.05 المتعلق بغسل الأموال، مما يضع أعضاء هيئات الدفاع في الصف الأمامي لمنظومة اليقظة والمراقبة الداخلية".
وتابع: "يضع على عاتقهم التزاماً أخلاقياً ومهنياً ببذل العناية اللازمة في تحديد وتقييم المخاطر المرتبطة بمعاملات عملائهم. ومن جهة أخرى فالمحامي يعتبر حلقة أساسية في المحاكمة العادلة. وتحت هذا الغطاء المزدوج يجد المحامي نفسه أمام مفترق طرق من المخاطر والتحديات المهنية، تلزمه بتسليح نفسه بالمعرفة القوية والفهم العميق للمقتضيات التشريعية والتنظيمية لموضوعٍ بالغ التعقيد، قوي التأثير على الاقتصادات، وشديد الارتباط بأمن الأمم".
وأوضح أن "المجلس أحدث خلال الأشهر السابقة بنية متخصصة في تتبع قضايا غسل الأموال تابعة لقطب القضاء الجنائي، من أجل تحقيق تواصل أفضل مع العمل القضائي للمحاكم، من خلال تتبع نشاطها في قضايا غسل الأموال وتنفيذ برامج النجاعة القضائية ذات الصلة بهذا النوع من الجرائم؛ وتحقيق الأمن القضائي ومراقبة الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة من خلال المساهمة في جمع ونشر الاجتهاد القضائي والمعلومة القانونية وتوفير التكوين المستمر وإعداد الدلائل العملية".
وأبزر أن "الجهود المشتركة، والتعاون المتواصل بين الهيئات القضائية وهيئات الدفاع، لا شك يظل هو السبيل الأنجع لتجاوز التحديات المستحدثة وغير المسبوقة، التي تحملها التقنيات الناشئة في مجال المعاملات المالية، كالعملات الافتراضية والمشفرة والطرق اللامركزية لتحويل الأموال وتخزينها".
وأشار إلى أن "هذا الأمر بات يفرض على مختلف أجهزة العدالة الجنائية، وفي مقدمتها القضاء والدفاع والشرطة القضائية، التسلح بما تتيحه التكنولوجية المبتكرة من وسائل البحث والتحري كتحليل البيانات المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي لأجل مواكبة تعقد جريمة غسل الأموال، التي تتميز عادة بذكاء مركتبيها وسعة معارفهم وعمق اطلاعهم على الأنظمة الاقتصادية والإجراءات المصرفية، باعتبارهم في الغالب ممن يصطلح على تسميتهم بذوي الياقات البيضاء".
ولفت عبد النباوي إلى أن “المجلس أحدث، خلال الأشهر السابقة، بنية متخصصة في تتبع قضايا غسل الأموال تابعة لقطب القضاء الجنائي، من أجل تحقيق تواصل أفضل مع العمل القضائي للمحاكم؛ من خلال تتبع نشاطها في قضايا غسل الأموال، وتنفيذ برامج النجاعة القضائية ذات الصلة بهذا النوع من الجرائم”.
وأشار الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مخاطبا المسؤولين الجدد، إلى أن “تحقيق الأمن القضائي ومراقبة الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة ساهم في جمع ونشر الاجتهاد القضائي والمعلومة القانونية وتوفير التكوين المستمر وإعداد الدلائل العملية، بالإضافة إلى تخليق المنظومة القضائية وتعزيز النجاعة القضائية عن طريق احترام البت في القضايا في الأجل المعقول وتسريع تنفيذ الأحكام”.
وورد ضمن الكلمة ذاتها: “ولئن كان من السابق لأوانه الحديث عن حصيلة التنزيل الشامل لاختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية في مجال تتبع النشاط القضائي لغرف غسل الأموال؛ فإنه بالرجوع إلى إحصائيات القضايا المحكومة خلال الربع الأول من السنة الجارية والتي بلغت 114 مقرراً قضائيا في الموضوع نسجل بارتياح التطور الإيجابي الذي عرفه متوسط أجل البت في هذا النوع من القضايا التي تتميز بالتعقيد، واتساع مجال الاختصاص الترابي، حيث إن 75 في المائة من المقررات الصادرة عن الهيئات الابتدائية صدرت داخل الآجال الاسترشادية كما حددها قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية في 180 يوما كأجل البت في القضايا الابتدائية و120 يوما في القضايا الاستئنافية”.
وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، خلال الكلمة التي ألقاها في المناسبة سالفة الذكر، أن “المحاكم المعنية بهذا الموضوع ستعمل على تطوير أدائها، في إطار احترام حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة”.