تقديم
يلعب رجل السلطة الترابية دورا مهما في تدبير حالة الطوارئ، بإعتباره ممثل السلطة المركزية على المستوى الترابي، وبتوفره على الإمكانيات المادية والبشرية، والآليات الدستورية والقانونية التي تخول له التدخل في العديد من الميادين، من خلال إشرافه على تنفيذ قرارات السلطات العمومية، برامج ومخططات الدولة والحكومة، والعمل على التنسيق الضروري بين الجهات المعنية لبلوغ الأهداف المنشودة.
لقد شهد العالم في الأونة الأخيرة ظهور وباء فيروس كورونا المستجد وكذلك بالمغرب ظهرت حالات وبائية مؤكدة بهذا الفيروس، مما أدت بالسلطات العمومية المغربية وبتعليمات ملكية سامية لإتخاذ تدابير وقائية واحترازية ضد خطر إنتشار هذا الوباء، من بينها فرض حالات الطوارئ الصحية بما تقتضيه التشريعات الجاري بها العمل، وهذا ما يتطلب تدخل رجال السلطة ومساعديهم بشتى رتبهم، كل من زاوية اختصاصه في هذه الشأن، وانطلاقا من الأدوار المسندة إليهم، سنحاول الإجابة على السؤال الذي يطرح في الوقت الحالي، ما هي المجالات التي يتدخلون فيها رجال السلطة الترابية خلال حالة الطوارئ الصحية ؟
الولاة والعمال يتصدرون قائمة هيئة رجال السلطة الترابية، ودستور 2011 نص على مهام موكولة لهم من بينها: تمثيل السلطة المركزية في الجماعات الترابية، والعمل باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها.
ونجد الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.75.168 الصادر في 25 من صفر 1397 هـ (15 فبراير 1977 م) المتعلق باختصاصات العامل، كما تم تغييره بالظهير الشريف بمثابة قانون 1.93.293 الصادر بتاريخ 19 ربيع الأخر 1414هـ (6 أكتوبر 1993)؛ والظهير الشريف رقم 01.08.67 الصادر في رجب 1429هـ (31 يوليوز 2008) في شأن هيئة رجال السلطة، التي تشكل المرجعية القانونية لهيئة رجال السلطة.
في حالة الطوارئ الصحية يتدخلون رجال السلطة الترابية في مجالات مختلفة من أبرزها:
- التدخل في المجال الأمني: إن رجال السلطة يتدخلون في المجال الأمني خلال حالة الطوارئ الصحية، فإستنادا للمرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 من رجب 1441 هـ (24 مارس 2020 م) بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا- كوفيد 19، نجد أن المادة الثالثة منه تنص: يتخذ ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، بموجب الصلاحيات المخولة لهم طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية، جميع التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ النظام العام الصحي في ظل حالة الطوارئ المعلنة، سواء كانت هذه التدابير ذات طابع توقعي أو وقائي أو حمائي، أو كانت ترمي إلى فرض أمر بحجر صحي اختياري أو إجباري، أو فرض قيود مؤقتة على إقامة الأشخاص بمساكنهم، أو الحد من تنقلاتهم، أو منع تجمعهم، أو إغلاق المحلات المفتوحة للعموم، أو إقرار أي تدبير آخر من تدابير الشرطة الإدارية.
هذه التدابير الوقائية والاحترازية في المجال الأمني التي يتم الإشراف عليها من طرف رجال السلطة، يتم القيام بها بحزم ومسؤولية وفي الآجال المحددة استنادا للقوانين الجاري بها العمل، والمساهمة في تنظيم السير والجولانا داخل الحدود الترابية، وذلك من أجل المحافظة على النظام العام، والذي يتمثل في الهدوء العام والسكينة العامة، والصحة العامة.
- التدخل في المجال الصحي: يقوموا رجال السلطة بالتدخل في المجال الصحي والإطلاع على شؤونه، تنفيذا للمرﺳﻮﻡ الملكي رقم 554.65 الصادر في 17 من ربيع الأول 1387 هـ (26 يونيو 1967 م) بمثابة قانون يتعلق بوجوب التصريح ببعض الأمراض واتخاذ تدابير وقائية للقضاء عليها، ينص الفصل 3: يجب على السلطات الطبية للعمالة أو الإقليم أن تعمل على تطهير الأماكن المسكونة والآثاث المستعملة من طرف كل شخص مصاب ببعض الأمراض المشار إليها في الفصل الأول والموضوعة قائمتها بقرار لوزير الصحة العمومية أو على ابادة الحشرات في الأماكن والأثاث المذكورة.
- التدخل في المجال الإقتصادي: تبعا لتعليمات السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية وبتنسيق مع السلطات الحكومية المعنية بذلك، يقومون رجال السلطة بمراقبة الأسعار وتتبع وضعية تموين الأسواق المحلية بالمواد الغذائية ومحاربة الاحتكار، في ظل حالة الطوارئ، وتعطى لهم تعليمات صارمة للتحرك الفوري في المجال الإقتصادي والتنسيق مع المتدخلين الآخرين طبقا لقوانين الجاري بها العمل، من أجل مراقبة تموين الأسواق المغربية بالمواد الغذائية، وذلك في إطار المتابعة المستمرة لمواجهة أي مضاربة محتلمة يمكن أن تعرفها الأسواق المغربية بسبب الظروف الطارئة التي تعيشها البلاد.
خلاصة
ختاما، قد حاولنا تسليط الضوء على النصوص القانونية المرتبطة بهيئة رجال السلطة الترابية، الأمر الذي يستدعي جمع هذه النصوص في مدونة مبنية على أفاق مستقبلية لهذه الهيئة، وأشرنا لبعض المجالات التي يتدخلون فيها رجال السلطة الترابية وخاصة في حالة الطوارئ الصحية، وقد أبانوا على قدراتهم ويقظتهم في العديد من التدخلات في هذه الظرفية، وعلى التحلي بحس المسؤلية والمواطنة والوطنية الصادقة، وكل هذا الحزم والمواظبة،في بعض الأحيان لا تسلم هذه التدخلات من الهفوات التي قد تسيء لهذه الهيئة.
ويمكن القول أنه رغم كل هذه المجهودات التي يقوم بها رجال السلطة الترابية ومساعديهم، يظل إلتزام المواطن ووعيه بدوره هو العنصر الأساسي في هذه الظروف الطارئة ،بإعتباره الحلقة الأولى والأخيرة داخل المجتمع إلى جانب فاعلين آخرين ،وذلك من أجل الحفاظ على صحة عامة المواطنين.
يبقى الإشكال المطروح:
إلى أي حد يمكن أن يتدخلوا رجال السلطة الترابية في حالة الطوارئ الصحية ؟