MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




دور النيابة العامة أمام المحاكم المدنية

     

يوسف باجة
طالب جامعي بكلية القانون السويسي - الرباط



دور النيابة العامة أمام المحاكم المدنية
تمهيد

   شهدِت ساحة العدالة القانونية في الآونة الأخيرة حوارات يمكن تسميتها بالماراطونية، تمت عنونتها بالحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، ونصبت فيها لجنة ملكية مختصة، يتجاذب مناصبها ومراكزها رجالات القانون بالمغرب من مختلف الأطياف المهنية والتخصصات الفرعية الكبرى والوليدة، وهذا إن دل إنما يدل على الإعتلال الطافح الذي يصيب جسم العدالة بالمملكة ويكاد يقسم ظهرها حتى قبل أن نكمل قرنا واحدا على استقلال الدولة السياسي وحتى قبل أن نكمل نصفه عن إخراج ظهير التنظيم القضائي لحيز الوجود وتنفيذه والذي سيتم السنة المقبلة.
   ودون خروج عما سبق فالنيابة العامة كجهاز قضائي لا يعتبر أجنبيا عن هذا الإعتلال، فحقا هو جهاز متماسك بالمغرب ومتشابك لا يكاد يصيبه ضرر، لكنه هو مصدر الضرر والداء نظرا لهيكلة إدارية تنفيذية سيئة عوض هيكلة مهنية قضائية نزيهة والتي تعد من بين البرامج الطموحة التي تسعى الدولة لإخراجها وضمان استقلالية هذا الجهاز القضائي، تماشيا مع روح دستور المملكة الوليد والذي فك كل غموض باعتبار السلطة القضائية سلطة قائمة بذاتها مستقلة عن كل تحكم تنفيذي إداري، وهو ما بقي على اللجنة المذكورة أعلاه أن تصدر القرارات الحاسمة بشأنه، وتفك ارتباط السيد وزير العدل والحريات، من تواجده في أعلى هرمه.
   وباعتبار جهاز النيابة العامة ذاك الجهاز المتولي لإقامة الدعوى العمومية ومراقبتها والمطالب بتطبيق القانون حسب ما جاء بالفصل 36 من ق.م.ج، فهذا لا ينفي عنها اختصاصات مدنية وتجارية وإدارية والتي أعطاها المشرع لها في جل القوانين المسطرية وغيرها، رغم اختصاصها في الدعاوى العمومية بتدخلها كطرف أصيل وخصم فيه لرد الإعتبار لمصلحة المجتمع وإحقاقا للحق وإزهاقا للباطل.
   فلا بأس قبل الغطس في صلب إشكاليتنا أن نعرف بهذا الجهاز ونرصد مختلف التطورات التاريخية التي مر منها بالمغرب مع تبيان خصائصها بصفة عامة، هاته الإشكالية التي تتساءل حول الدور المنوط بهذا الجهاز القضائي المنظَّم في الدعاوى المدنية سواء كطرف أصلي أو مجرد منضمٍّ إليها، مع استبيان جوهر هيكلتها التنظيمية والتي سنفرد لها المحور الثاني من هذا العرض البسيط والذي لن يفي هذا الجهاز حقه من الأحرف ولو كتبت بمياه الأمطارِ.
 
 
أولا: نظرة عامة

   سبق وتكلمنا حول مدى أهمية هذا الجهاز في حماية حقوق المجتمع والمصلحة العامة وضبط الأمن العام كإحدى مرتكزات النظام العام، ولهذا السبب توسعت أغلب التشريعات في النظم القضائية الحديثة في الأخذ بنظام النيابة العامة، وذلك لما أثبته العمل من أن الدعاوى التي تتدخل فيها النيابة العامة وتبدي رأيها فيها قلما يحيد الحكم فيها عن جادة الصواب[[1]]url:#_ftn1 ، وعلى هذا الأساس نرى أن نقسم هذا المحور لتعريف ثم تطور تاريخي له زد على ذلك أهم خصائصه ومميزاته.
  • تعريف النيابة العامة
   النيابة من ناب ينوب إنابة، والعامة من عامة أي جماعة[[2]]url:#_ftn2 ، وبإرداف المعنيين الأول والثاني تفسر فقهيا أنها جهاز مخول له الدفاع عن العامة وصون حقوق الجماعة ودرء كل خطر يهدده، والمشرع المغربي لم يعط أي تعريف لهذا الجهاز مطلقا خلافا لما ذهب له بعض الباحثين عن تعريفها في الفصل 36 من ق.م.ج وهذا مردود عليهم لأن صيغة المادة انطلقت من الفعل المضارع "تتولى" ثم يسرد المشرع جملة المهام الموكولة لها وهذا إنما يدخل في نطاق تحديد الإختصاص وليس التعريف وبسط المفهوم وتفصيله، وخيرا فعل المشرع، وعرفها بعض الباحثين بقوله "النيابة العامة هي الهيئة القضائية المستقلة عن هيئة الحكم، وعن أطراف النزاع، والتي تكمن مهمتها في إحقاق الحق، وترسيخ دعائم العدالة، وذلك بحرصها وسهرها على تطبيق القوانين تطبيقا سليما"[[3]]url:#_ftn3 .
   بدورنا نعرفها تعريفا ضيقا على اعتبارها تلك الهيئة القضائية ذات التنظيم الهيكلي الإداري والعامل جنبا لجنب مع هيئة الحكم القضائية في تكامل واستقلال في نفس الوقت، والمكلفة قانونا بالدخول إما طرفا أصيلا أو منضما في الدعاوى العمومية على وجه الإلزام والتحتيم، وفي الدعوى المدنية على وجه الإختيار، صونا لحقوق الجماعة ودرءا للأخطار عنها وتطبيقا للقانون تطبيقا نافيا لكل جهالة.
  •  التطور التاريخي للنيابة العامة
   ذهب جل الباحثين إلى القول التام بأن ظهور النيابة العامة كجهاز يعود إلى القرن الرابع عشر ميلادي حيث وجدت أول وثيقة بفرنسا والتي يلاحظ بعد تحقيقها أنها صدرت عن ملك فرنسا آنذاك فيليب الخامس والتي وجهها لوكلائه من أجل تمثيله في المحاكم الفرنسية والإنتصاب نيابة عنه كأطراف في القضايا ذات الصلة بممتلكاته وأمواله، وللفائدة فمن هذه الأحداث جاءت تسميتهم بالقضاة الواقفون؛ إلا أن جانبا آخر من الفقه ذهب إلى اعتبار أن أصل النيابة العامة إنما يعود إلى الرومان دون تأدية الدليل المثبت لمزعتمتهم هذه[[4]]url:#_ftn4 ؛ والنيابة العامة بالمغرب هي طبق الأصل عن النيابة العامة الفرنسية حيث استمدت في البداية مقتضياتها من القوانين الفرنسية.
   وبغض النظر عن أصل النيابة العامة بشكل عام، فإن ما يهمنا نحن في هذا المحور هو تطورها التاريخي بالمغرب، فنرى لزاما علينا تقسيم هذا الفرع بحسب الأحقاب التاريخية التقليدية الكبرى التي دُرج عليها في المنهج التاريخي، والتي تعتبر محطات مفصلية في تاريخ جملة من الأجهزة والقضايا باعتبار مرحلة الحماية فيها هي العقدة.
  1. ماقبل الحماية
   كان مغرب ما قبل الحماية يتبنى نظاما قضائيا إسلاميا يستمد أحكامه وقواعده كاملة من روح الشريعة الإسلامية في مذهب مالك، بالإضافة لما تعارف واعتاد الناس عليه في المعاملات والعقوبات، وكان جهاز النيابة العامة آنذاك غير مسمى بهذا الإسم وغير منظم هذا التنظيم الذي نشهده اليوم، إنما كان القاضي المكلف بالبث في النزاعات والمسمى بالقاضي الشرعي هو من يمارس اختصاصاتها بالدفاع عن حقوق بيت المال، بل كان حتى شيخ القبائل وممثلوا السلطان يقومون بجلب المتهم جبرا أمام القاضي والوقوف في مواجهته كخصوم مع إمكانية الطعن في الأحكام الصادرة عن هؤلاء القضاة الشرعيون أمام وزير الشكايات[[5]]url:#_ftn5 .
   ليتم فيما بعد إبعاد هذا الإختصاص من القاضي فيما يخص النزاعات الجنائية وتخويله الحق في النظر في القضايا المدنية فقط في حين أن تلك القضايا الجنائية كلف بها الجهاز المخزني المتمثل في القواد (بالبوادي) والباشوات (بالمدن)، ويمكن أن يقال بحق إن هذا الإجراء كان من بين الإجراءات الممهدة لإستقبال الإستعمار فكان بمثابة ذاك السجاد الأحمر الذي بسط ليطأ عليه الجلادون أرجلهم بعد النزول من حوامات الهيليكوبتر وطائرات رافال وميراج، حيث تمت خلاله ممارسة كل أشكال التقتيل والتشريد الجبري ضد سكان المغرب خاصة بالبوادي والقرى، مع ما نُزع منهم من أراضي بقيت تطرح إشكالات قانونية لحين كتابة هذه الأسطر، وبالتالي من الأخطاء السلطانية الفادحة أن تم إسناد المتابعات الجنائية للجهاز المخزني الذي لم يحمي مؤسسات الدولة ولا الشعب المغربي وصدق بحق من عنون المغرب آنذاك ب "بلاد السيبة والمخزن".
أما عن تلك المخالفات الحرفية البسيطة فقد تم تمكينها إلى أمين الحرفة أو المحتسب أحيانا أخرى[[6]]url:#_ftn6 .
 
  1. إبان الحماية
   معلوم أن المغرب خضع لحماية ازدواجية من حيث الحامي أحادية الضحية، فكانت منطقة الحماية الإسبانية في الشمال والجنوب ثم الحماية الفرنسية في الشرق والغرب، غيرت من معالم القانون والمعاملات، وفرضت شروط وإجراءات تتباين من حيث الحدة، أغلبها تعسفي قمعي عنصري، فكان من نتائج تلك القوانين المستحدثة أن عرف المغرب سَلَطَة من المحاكم على أساسها نقسم هذه النقطة.
  • المحاكم العصرية
   ظهرت النيابة العامة بالمحاكم العصرية في شخص المدعي العام ووكلائه والإستئنافية في شخص المدعي العمومي والمحامون العموميون، ومن أهم النقط التي يمكن قولها هنا هو أنه تم استحداث ظهير بتاريخ 12 غشت 1913 ينفذ مدونة التحقيقات الجنائية الفرنسية في هذه المحاكم كلما كان الطرف أجنبيا، وظهير آخر بتاريخ 1 جوان 1914 الخاص بإجراءات المحاكمة في منطقة الحماية الإسبانية.
   مع العلم أن قضايا الأحوال الشخصية والمواريث والعقارات غير المحفظة لم يتم إيلاءها لهذه المحاكم سواء خصت المسلمين أو اليهود بل تم منحها للمحاكم الشرعية كما يأتي بيانه.
  • المحاكم المخزنية
   كلفت هاته المحاكم بكل القضايا الخاصة بالمغاربة باستثناء القضايا التي اختصت بها المحاكم الشرعية، فمثل النيابة العامة بهذه المحكمة المندوبون المخزنيون بناء على ظهير صدر في 24 أكتوبر 1953، والذي أعطاهم حق التدخل في كافة القضايا والطعن بالإستئناف في أجل شهر وأمام المحكمة العليا الشريفة في ظرف شهرين.
   فكان له اختصاص الحضور والتدخل ثم تنفيذ الأحكام أيضا، رغم الإختلاف في فرض الرقابة على المحاكم بحسب المناطق وحسب الجهة الإستعمارية.
  • المحاكم العرفية
   مثل النيابة العامة بهذه المحاكم المستحدثة من لدن السلطات الإستعمارية، والمتخصصة في النظر في القضايا التي توجد بالمناطق البربرية على ضوء الأعراف البربرية جهاز من الموظفين، الذين سموا بمندوبي الحكومة الفرنسية والخاضعين لسلطة المراقب العام الفرنسي، حيث أضحوا بمجرد صدور الظهير البربري في أول سنة من ثلاثينيات القرن الماضي، مكلفون بالتحكم في هذه المحاكم وتعيين تواريخ الجلسات وتفتيشها وطبع الأحكام وتنفيذها.
   ولا نسقط من الإعتبار صدور قرار وزيري سنة 1934 يخول للمندوب المخزني مراقبة هذه المحاكم العرفية[[7]]url:#_ftn7 .
  • المحاكم الشرعية
   قام بمهمة النيابة العامة مندوب الحكومة الذي يراقب أحكامها، زد على هذا إدارة الدولة المكلفة بالشؤون الشريفة ثم مندوب وزارة العدل.
   مع العلم أن هذه المحاكم اختصت بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية والمواريث والعقارات غير المحفظة الخاصة بالمسلمين وطبقا لمذهب الإمام مالك.
  • المحاكم العبرية
هنا يبرز اختلاف هذه المحاكم عن باقي الأنواع فلم يتم مراقبتها لا من قبل سلطات الحماية الفرنسية ولا الإسبانية، ما جعل جهاز النيابة العامة يكون منعدما تماما بها في تمييز واضح وصريح بين المسلمين واليهود تمييزا لا مِراء فيه، وهي التي طبقت أحكام الشريعة الموسوية.
  1.  بعد الإستقلال
   تغيرت معالم التنظيم القضائي المغربي بعد الإستقلال مباشرة بسنتين حيث كما هو معلوم أصبح الجسم القضائي يشمل المحاكم الإقليمية والمحاكم الإستئنافية ومحاكم السدد، لكن سرعان ما جاء ظهير التنظيم القضائي في 15 جولييه 1974 وبعده بثلاثة عشر يوما ظهير الإجراءات الإنتقالية ليبدل كل ما سبق لمحاكم ابتدائية وأخرى استئنافية ومجلس أعلى للقضاء.
   وكان وكيل الملك هو من يثير الدعوى العمومية ويسيرها ويراقبها والخاضع لمراقبة الوكيل العام للملك، ونبغي الإشارة إلى أن دور النيابة العامة كان جد ضعيف في قانون المسطرة المدنية الملغى حيث كان له فقط الإطلاع على مجموعة من القضايا التي ورد تعدادها على سبيل المثال لا الحصر بالفصل 186 منه، ليتم تعزيزه بضرورة حضورها في ظهير التنظيم القضائي الصادر سنة 1967 في كل القضايا الجنائية وجوبا، واختيارا في القضايا المدنية، لدى كل من محاكم السدد والمحاكم الإقليمية ومحاكم الإستئناف (أنظر الفصول 11 و 15 و 20 منه)[[8]]url:#_ftn8 وهو ما زاد في تعزيزه أكثر فأكثر في القانون الحالي كما سيأتي توضيحه في المحور الثاني.
   وبعدما قمنا بالإحاطة السريعة لمجمل التطورات التاريخية التي عاشها هذا الجهاز بالمغرب ووقفنا قبله على تعريف الفقه له، فيمكننا الآن أن نبرز السمات والمميزات التي يتسم بها.
 
  •  خصائص النيابة العامة
   لكل شيء ما يميزه عن أخيه ولعل النيابة العامة تنفرد بجملة من المميزات عن قضاة الأحكام والتي نركزها في الآتي تنقيطه:
  1. الوحدة
   تمثل النيابة العامة المجتمع، ففي الدول الإسلامية يُعمل بحديث نبوي شريف وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وبناء عليه فلزام أن تكون النيابة العامة هيئة متحدة على غرار وحدة المجتمع ومتماسكة خاصة وأن في الإتحاد قوة، لا تنافر ولا تخاصم بين أطرافها وقضاتها، وتبعا لهذا التكامل والوحدة قد يقوم وكيل الملك أو نائبه بتعويض آخر في جلسة معينة بل قد ينصرف أحدهم لظرف ما فيعوضه زميله في العمل وهو ما استقرت عليه اجتهادات المجلس الأعلى المتعددة، مع ضرورة احترام الإختصاص النوعي والمحلي والمكاني والولائي لكل محكمة فلا يمكن أن يقوم وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية بتمثيل صديقه بالمحكمة التجارية، رغم أن القانون المغربي لم ينص على هذا المبدأ صراحة خلافا لتشريعات أخرى كقانون تنظيم الجزاء الكويتي في مادته 57[[9]]url:#_ftn9 ، ولا يمكن الأخذ بهذا المبدأ بصفة صارمة وجافة ومطلقة فالضرورة الحتمية والمصلحة العامة تلزم المرونة في هذا المبدأ[[10]]url:#_ftn10 .
  1. الإستقلال
   الإستقلال من استقل يستقل أي تجرد عن التبعية بكل سلطها وشروطها، وهو ما يتبع النيابة العامة سواء تجاه خصومها في الدعوى أو تجاه قضاة الحكم، فمن حيث استقلالها تجاه الخصوم فهذا جلي وواضح في المواد 40 و 49 من ق.م.ج وهذا في تحرك الدعوى العمومية وكذا في تركها، بل وأيضا في مساندة من يحق له رفع الدعوى من إدارة للجمارك وإدارة المياه والغابات والبرلمان وغيرها أو عدم مساندته؛ بل إن قضاة الحكم أنفسهم يعرضون أحكامهم للبطلان كلما كان هناك تدخل في مهام النيابة العامة من طرفهم أو انتقاد للمساطر التي سلكوها أو التي أغفلوها؛ أما عن استقلالها تجاه الإدارة فملحوظ أن هذا لا يزال منقوصا رغم الجهود المبذولة ولا نتكلم هنا عن خضوعها لسلطة الوزير الأول بقدر ما نتكلم عن علاقاتها المتشابكة مع جهاز الشرطة القضائية وكل العناصر فيه سواء المنتمية للدرك الملكي أو للإدارة العامة للأمن الوطني حيث يلحظ عمليا انعدام الإستقلالية تجاه هذا الطرف الشيء الذي أصبغ على النيابة العامة صبغة الجهاز البوليسي بامتياز خلافا لما ذهب له بعض الباحثين[[11]]url:#_ftn11 .
 
  1. عدم المسؤولية
   إن عدم مسؤولية قضاة النيابة العامة أمام الخصوم لهو من أهم الصفات والخصائص المتسمة بها في وقتنا الحاضر، إلا أن العصمة هاته كل العصمة لا يمكن أن تستمر كلما كانت هناك انتهاكات جسيمة من قبل أعضاء هذا الجهاز لحقوق المواطنين والأبرياء الشرفاء، فينبغي متباعة أعضاءها جنائيا ومدنيا عن كل الأعمال التي اقترفوها درءا لكل خطر يصدر منهم وجبرا لكل ضرر يقع على عاتق الآخرين، إلا أن عدم مسؤوليتهم فقط تقتصر على متابعة المجرمين ومعاقبتهم أو تبرئة المتهمين بأفعال جرمية أو غيرها.
  1. عدم قابلية التجريح
   صفة عدم القابلية للتجريح والتي نص عليها القانون المنظم للمسطرة الجنائية في المادة 274 بقولها "لا يمكن تجرح قضاة النيابة العامة" إنما ارتكز فيها على اعتبار هاته الفئة إنما خصم شريف في الدعوى العمومية، وفي هذه الخاصية وجهة نظر، فالنيابة العامة مكونة من مجموعة بشر، وبالتالي لا ضامن لشرفها المطلق في الخصومة، فما يدريك لعلها تمس الغير بالضرر، فعلا إنه لأمر خَطَر، يقتضي إعادة النظر، مصداقا لقوله تعالى "وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي"[[12]]url:#_ftn12 .
  وبضمان استقلاليتها عن باقي الجهات وأيضا عدم تجريح قضاتها فقد نكون قد قطعنا النزاهة والتجرد والمصداقية بسيف الحجاج، فيكفي أن نضمن استقلاليتها تجاه باقي الجهات لكن التجريح لازم واجب من منطق العقل السليم.
  1. التدرج والتبعية الرئاسية
   هي من أهم الصفات اللصيقة بالنيابة العامة أنها تتبع تسلسلا إداريا حيث نجد على هرمها وزير العدل كما سنرى لاحقا في التنظيم الهيكلي، ومن هنا فكل مرؤوس يخضع لسلطة إشراف وتوجيه ورقابة وتأديب رئيسه المباشر أو رئيس رئيسه، إلا أنه لا يمكن توقيف أي إجراء قضائي من قبل الرئيس الذي يكون قد مارسه مرؤوسه في مخالفة للتعليمات الصادرة من رئيسه، كما لا يمكنه الحلول محله فيه، فقط يمكن أن يطاله التأديب في هذا الصدد، ويستمر الإجراء مرتبا لكافة آثاره القانونية[[13]]url:#_ftn13 .
  1. تمثيل جهة الحق العام
   من البديهي أن يكون من مهام هذا الجهاز الرئيسية الدفاع عن حقوق المجتمع وتمثيله في بعض القضايا التي تمس مصلحته المباشرة، لهذا فلا عجب في أن يسميها بعض الفقه بجهاز الحق العام، خاصة وأنه يثير الدعوى العمومية تلقائيا دونما أمر من قضاة الحكم، وله صلاحية ممارستها لغاية تنفيذ الحكم الصادرة بشأنها عن هيئة الحكم[[14]]url:#_ftn14 .
   والآن وبعد أن حلقنا بعجالة فوق سماء جهاز النيابة العامة حيث رصدنا ما تتميز به يمكننا أن نستمد من ذات تحليقنا تنظيم هذا الجهاز والمهام الموكولة له في القضايا المدنية.
ثانيا: الهيكلة التنظيمية والإختصاصات
   تمتاز النيابة العامة بتنظيم هيكلي فريد من نوعه حيث هي جهاز قضائي وذات تنظيم إداري لا بد أن نقف عنه في أول فرع قبل أن نمر بسرعة شعاع الضوء على الإختصاصات الموكلة لها.
  • التنظيم الهيكلي
   نتحدث عن التسلسل الإداري لجهاز النيابة العامة بالمحاكم العادية فقط والذي يشمل كلا من وزير العدل في قمة هرمها يليه الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ثم الوكيل العام للملك لدى محكمتي الإستئناف العادية والتجارية وأخيرا وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية والمحكمة التجارية ثم المفوض الملكي بالمحكمة الإدارية.
  1. وزير العدل
   كعضو من أعضاء الحكومة فهو يمثل هذه الأخيرة في جهاز العدالة، فمنحه المشرع سلطة الإشراف على جهاز النيابة العامة إداريا وترأسها طبقا للفصل 56 من النظام الأساسي لرجال القضاء المؤرخ في 11 نوفمبر 1974[[15]]url:#_ftn15 ، حيث تقوم مديرية الشؤون الجنائية والعفو بمراقبة أعمال النيابة العامة في المادة الجنائية وكذا مديرية الشؤون المدنية بمراقبة أعمالها في القضايا المدنية طبقا للمرسوم 2.98.385 الصادر في 29 جوان 1998، فمن الواجب على قضاتها وهياكلها الخضوع له، وهو أمر محل نظر، كما أن له حسب المادة 48 ق.م.ج تبليغ مخالفات القانون الجنائي لرئيس النيابة العامة بإصدار أمر بالمتابعة، وأيضا النظر في طلب المراجعة لإقرار قبول الطلب أو رفضه، وتحال عليه الملفات المتعلقة بالمسؤولية الجنائية والتأديبية للقضاة واختصاصات أخرى موكلة له قانونا.
  1. الوكيل العام للملك بمحكمة النقض
   هو الذي يقوم بتمثيل جهاز النيابة العامة لدى هذه المؤسسة التي تعتبر محكمة قانون وليست محكمة موضوع، لهذا فدور النيابة العامة منحصر في إبداء كل ما يراه مفيدا في القضية من ملاحظات، كما أنه يقوم بتبني تقرير الوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف كلما لم يكن الطعن بالنقض لفائدة القانون، حيث إن كان كذلك فهو مستثنى من الحالة السابقة، كما أن الطلبات بالنقض لفائدة القانون التي يرفعها الوكيل العام للملك بمحكمة النقض أو التي تُرفع بأمر من وزير العدل تكتسي طابع هام لذا لم يقيدها المشرع بأجل محدد كما هو الحال عليه في باقي الطلبات، ويسهر الوكيل العام بمحكمة النقض على تنفيذ الحكم الصادر كيفما كانت نتيجته فيعمل على إرجاعه للمحكمة التي تم فيها إصدار طلب النقض لتنفذ مقتضياته.
   مع العلم أن الوكيل العام للملك بمحكمة النقض ترجع إليه الصلاحية في تنقيط الوكلاء العامون للملك بمحاكم الإستئناف وتوجيه كل التعليمات الواجبة لهم بخصوص ملفات الطعن بالنقض.
  1. الوكيل العام للملك لدى محكمتي الإستئناف العادية والتجارية
   هو رئيس النيابة العامة بمحكمة الإستئناف (سواء العادية أو التجارية) فله سلطة الإشراف على كل نوابه ووكلاء الملك بمحاكم الدرجة الأولى (العادية والتجارية) ونوابهم وذلك في دائرة نفوذه القانوني (الفقرة 2 المادة 49 ق.م.ج)، والإشراف على أعوان الشرطة القضائية وضباطها (المادة 48 ق.م.ج) كضابط سامي لها (المادة 49 ق.م.ج) فكلهم يخضعون لمأموريته، كما يعهد له بإثارة الدعوى العمومية تلقائيا أمام محكمة الإستئناف العادية.بالإضافة لتمثيله في الدعاوى المدنية المستأنفة وغيرها[[16]]url:#_ftn16 .
  1. وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية
   يقوم بعملية تنقيط كل نوابه الخاضعين لإشرافه وسلطته المباشرة بالإضافة لضباط الشرطة القضائية ورؤساء مراكز الضابطة القضائية، وهو بدوره خاضع لإشراف الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف، وله سلطة إثارة الدعوى العمومية ومراقبة سيرها والإشراف على تنفيذها في الشق المدني والجنائي كلما اكتسبت حجية الشيء المقضي به.
  1. وكيل الملك بالمحكمة التجارية
   حسب المواد 2 و 6 و 10 من ظهير التنظيم القضائي فإن النيابة العامة هنا تتشكل من وكيل للملك ونائب أو أكثر مع كتابة للنيابة العامة[[17]]url:#_ftn17 ، وله نفس اختصاصات وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية إلا أن اختصاصاته تنحصر في القضايا التجارية التي تختص المحكمة التجارية بالنظر فيها طبقا للقانون المحدث للمحاكم التجارية، كما أنه خاضع لسسلطة الوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف التجارية.
  1. المفوض الملكي بالمحكمة الإدارية
   يختص المفوض الملكي بتسيير الدعوى العمومية وقبل هذا بإثارتها وأيضا بتنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها، وللإشارة فالمفوض الملكي بالمحاكم الإدارية ذو طابع خاص فهو يمثل الحق العام للدولة فلا يكون من قبيل قضاة النيابة العامة بباقي المحاكم، إنما ينتخب في الجمعية العمومية على رأس كل سنة، طبقا للقانون المنظم للمحكمة الإدارية والقانون المنظم لمهنة القضاء.
   بقي في آخر متن دراستنا لهذا الموضوع وهو أهم المهام الموكلة لرجال النيابة العامة في القضايا المدنية.
  • الإختصاصات
   حسب الفصول من 6 إلى 10 من القانون المنظم للمسطرة المدنية فإن النيابة العامة تباشر دورها إما بوصفها طرفا منضما في الدعوى أو رئيسيا، لكن وهي تتدخل كطرف منضم فهذا يضعها أمام حالتين هامتين، فإما أن تنضم وجوبا في تدخل إجباري (قانوني) أو اختياريا.
  1. تدخل النيابة العامة في الدعاوى المدنية كطرف منضم
   "الأصل في عمل النيابة العامة أمام القضاء المدني أن تكون طرفا منضما، وهي بهذه الصفة لا تكون خصما لأحد وإنما تتدخل لتبدي رأيها لمصلحة القانون والعدالة. وهذا يعني أن تسميتها بالطرف المنضم فيها شيء من التسامح في التعبير لأنها ليست طرفا في هذه الحالة بالمعنى الحقيقي فلا تكلف بالإنضمام لأحد الأطراف في الرأي أو الدفاع ولو أن من بين الذين أوجب القانون تدخلها لحماية مصالحهم كالقاصرين وعديمي الأهلية وإنما هي تعطي رأيها مستقلا بما تراه حقا وعدلا، ولرأيها المعتبر كفتوى قيمة أدبية في نظر المحكمة لأنه رأي محايد لا وجهة نظر خصم معين"[[18]]url:#_ftn18 ، وهي على هذا الأساس تكون أمام إحدى الحالات الآتية:
  • التدخل الإجباري
   حسب ما ذهب له الأستاذ محمد بوزيان في كتابه فإن الفصل الثامن يفهم من ظاهره أن حالات التدخل الواردة فيه إنما جوازية ولكن إذا ما رجعنا إلى آخر فقرة من الفصل التاسع نجدها تقول "يشار في الحكم إلى إيداع مستنتجات النيابة أو تلاوتها بالجلسة وإلا كان باطلا" ويستنتج منه بصريح العبارة مدى إلزامية ووجوبيه الحالات المذكورة في الفصل الثامن قبله، وهو ما شكل ارتباكا لدى الباحثين في تفسير الحالات الثلاث التي يقول فيها الفصل الثامن "تتدخل النيابة العامة كطرف منضم في جميع القضايا التي يأمر القانون بتبليغها إليها، وكذا في الحالات التي تطلب النيابة العامة التدخل فيها بعد إطلاعها على الملف، أو عندما تحال عليها القضية تلقائيا من طرف القاضي، ولا يحق لها في هذه الأحوال استعمال أي طريق للطعن"[[19]]url:#_ftn19 .
 بل هذا ما ذهب له حتى المجلس الأعلى (سابقا) في أحد قراراته بالقول "الفصل 8 من قانون المسطرة المدنية ينص على أن النيابة العامة تتدخل كطرف منضم في جميع القضايا التي يأمر القانون بتبليغها إليها، وأن تدخلها يعني حضورها في الجلسة، وأن عدم التنصيص على اسم ممثل النيابة العامة في القرار المطعون فيه يعني عدم حضورها في الجلسة بالنسبة للقرار المذكور. كما أن الفصل 10 من قانون المسطرة المدنية ينص على أن حضور النيابة العامة في الجلسة يعتبر غير إلزامي إلا إذا كانت طرفا رئيسيا، أو كان حضورها محتما قانونا والحالة الأخيرة هي التي تتعلق بالفصلين 8 و 10 من قانون المسطرة المدنية ومن ثمة فإن عدم حضور ممثل النيابة العامة في الجلسة التي صدر فيها القرار المطعون فيه، يشكل خرقا لمقتضيات الفصلين المذكورين مما يعرضه للنقض"[[20]]url:#_ftn20 .
   وبالإضافة للحالات السابقة في الفصل الثامن فهناك حالات أخرى وردت في الفصل لتاسع يجب على النيابة العامة التدخل فيها عن طريق تبليغها إياها وهي:
  • القضايا المتعلقة بالنظام العام والدولة[[21]]url:#_ftn21 والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والهبات والوصايا لفائدة المؤسسات الخيرية وممتلكات الأحباس والأراضي الجماعية.
  • القضايا المتعلقة بالأسرة (أنظر المادة 3 من مدونة الأسرة).
  • القضايا المتعلقة بفاقدي الأهلية وبصفة عامة جميع القضايا التي يكون فيها ممثل قانوني نائبا أو مؤازرا لأحد الأطراف.
  • القضايا التي تتعلق وتهم الأشخاص المفترضة غيبتهم.
  • القضايا التي تتعلق بعدم الإختصاص النوعي.
  • القضايا التي تتعلق بتنازع الإختصاص، تجريح القضاة والإحالة بسبب القرابة أو المصاهرة.
  • مخاصمة القضاة.
  • قضايا الزور الفرعي.
   وأيضا يمكن للنيابة العامة أن تنتصب كطرف منضم في دعاوى البطلان وسقوط الحق بالنسبة لبراءآت الإختراع المسلمة من المكتب المغربي للملكية الصناعية فتبدي طلباتها من أجل الحكم بالبطلان أو بسقوط الحق في البراءة ودورها هنا يتعلق بالنظام العام فيحال إلى أول بنذ من الفصل التاسع ويتم طبقا للظهير المؤرخ في 23 جوان 1916 المتعلق بحماية الملكية الصناعية.
   مع العلم أن هذه القضايا تبلغ إلى النيابة العامة قبل ثلاثة أيام  من انعقاد الجلسة، وإلا جاز للنيابة العامة طلب تأخيرها حتى يتسنى لها إبداء مستنتاجاتها وملاحظاتها في صلب الموضوع[[22]]url:#_ftn22 .
  • التدخل الإختياري
   هذا التدخل الجوازي فصله الفصل التاسع في فقرتيه الرابعة والخامسة حيث يمكن أن تطلع النيابة العامة على كل القضايا التي ترى تدخلها فيها ضروريا وكذا كل القضايا التي ترى المحكمة تدخلها فيها ضروريا فلا بد من أن تبلغها إليها وتطلب تدخلها فيها.
   وكل هذه القضايا يكون التدخل فيها اختياريا للنيابة العامة فلا وجود لما يلزمها وهذا واضح البيان على كونها مجرد حالة جوازية من صيغة العبارة "يمكن" المبدوءة بها رابع فقرة من الفصل 9 ق.م.م.
  1. تدخل النيابة العامة في الدعاوى المدنية كطرف رئيسي
   إذا كان حضور النيابة العامة أيضا بالجلسة يكون اختياريا مادامت طرفا منضما فإنه في القضايا التي تكون فيها طرفا رئيسيا يكون حضورها إلزاميا بموجب الفصل العاشر من هذا القانون المسطري، وبالتالي فعدم حضورها يعرض القضية كلها للبطلان، وحسب الفصل 6 الذي يؤكد على أن تكون النيابة العامة إما طرف رئيسي أو منضم، وبالرجوع للنصوص القانونية يمكننا تحديد جملة القضايا التي تتدخل فيها النيابة العامة كطرف رئيسي في:
  • القضايا المتعلقة بالتدابير الواجب اتخاذها لصالح القاصرين ضد الحاجرين.
   الفصول 190 و 193 ق.م.م، وبالنسبة للطعن يراجع الفصل 196 و 208 ق.م.م.
  • قضايا الأموال الخاصة بالأشخاص المفترضة غيبتهم.
   الفصلين 263 و 265 ق.م.م.
  • القضايا المتعلقة بالتركات الشاغرة.
   الفصل 267 ق.م.م، وبالنسبة للطعن فهو جائز انطلاقا من الفصل 148 ق.م.م ولو سكت النص الأصلي عن ذكر الحق فيه.
  • قضايا التحجير على السفيه والمجنون والمعتوه.
   الفصل 197 ق.م.م، ويجوز الطعن ضد الأوامر والأحكام المتعلقة بالتحجير بناء على الفصلين 134 و 355 ق.م.م.
  • النزاع الحاصل بشأن صحة إجراءات الإكراه البدني لتنفيذ الأحكام المدنية والمالية.
   المادة 680 ق.م.ج.
  • التعرض على بعض مطالب التحفيظ العقاري.
   يمكن لوكيل الملك التعرض على مطالب التحفيظ التي تجري في إطار المسطرة المحددة في الظهير المؤرخ في 13 غشت 1913، فيكون تدخله باسم الأشخاص المحجورين والغائبين والمفقودين وغير الحاضرين،وهذا طبقا للفصلين 26 و 29 من الظهير المذكور.
  • دعاوى البطلان وسقوط الحق بالنسبة لبراءات الإختراع المسلمة من المكتب المغربي للملكية الصناعية.
   بالإضافة لتدخلها الإنضمامي يمكنها أن تكون طرفا رئيسيا بأن تطلب في الدعوى الأصلية الحكم بالبطلان طبقا للحالات المنصوص عليها في الفصل 52  من ظهير حماية الملكية الصناعية، أو تطلب الحكم بسقوط الحق طبقا للفصل 54 من ذات الظهير، وبالتالي بصفتها طرف رئيسي يمكنها استعمال طرق الطعن طبقا للفصل السابع من القانون المنظم للمسطرة المدنية.
  • قضايا الحالة المدنية.
   الفصول 217 إلى 219 ق.م.م.
  • قضايا المحامين.
  • المنازعات بشأن الجنسية.
  • قضايا حل الجمعيات.
  • متابعة تأديبية ضد المفوضين القضائيين.[[23]]url:#_ftn23
   وأخيرا بعد نهاية الجزء الأول من هاته المقالة البسيطة يمكن القول بأن جهاز النيابة العامة بالمغرب يلزمه جملة من التعديلات الهامة نرى أن أهمها يتجلى في إسقاط منع التجريح وتقريره على قدم المساواة مع هيئة الحكم، ونزع صفة الرئاسة من وزير العدل، بالإضافة إلى إعمال نظام "النيابة العامة أولا" أي وضع كل قاضي متخرج في سلكها لمدة معينة قبل توزيع المهام وتمكينه من هيئة الحكم سيرا على نهج النظام النيابي المصري كما سيأتي دراسته في الجزء الثاني لبسط مقارنة بينه وبين النظام الفرنسي والمغربي، مع الحديث عن دور النيابة العامة بالقضاء الجنائي.
" وما توفيقي إلا بالله " صدق الله العظيم

المراجع المعتمدة
  • رياضي عبد الغاني؛ النيابة العامة أمام المحاكم العادية والاستثنائية ودورها من خلال مسطرتي الإمتياز القضائي والحصانة القانونية؛ الطبعة الأولى 2002؛ نشر وتوزيع مطبعة دار السلام؛ الرباط.
  •  شرح قانون المسطرة الجنائية؛ الجزء الأول؛ منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية؛ سلسلة الشروح والدلائل؛ العدد الثاني؛ 2004.
  • الشرقاوي الغزواني نور الدين؛ تدخل النيابة العامة في الدعاوى المدنية؛ أطروحة لنيل دبلوم الدراسات العليا بجامعة محمد الخامس؛ منشورات جمعية تنمية البحث والدراسات القضائية؛ مطبعة المعارف الجديدة؛ الرباط 1995.
  • عبد الواحد العلمي؛ شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية؛ الجزء الأول؛ الدعوى العمومية – الدعوى المدنية – البحث التمهيدي؛ الطبعة الثالثة 2011؛ مطبعة النجاح الجديدة؛ الدار البيضاء.
  • محمد بفقير؛ قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي؛ الطبعة الثانية 2009.
  • محمد بوزيان: دور النيابة العامة أمام المحاكم المدنية؛ سلسلة دروس بالمعهد الوطني للدراسات القضائية؛ الطبعة الرابعة 1992.
  • المصطفى ناظر بوعبيد؛ الوسيط في الإجراءات القضائية والإدارية بالنيابة العامة؛ الطبعة الثانية 2011؛ دار أبي رقراق للطباعة والنشر.
  • مجلة القصر؛ العدد 10
  • ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية؛ منشور بالجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974) ص 2742.
  • ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية؛ منشر بالجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 30 يناير 2003 ص 315.
  • ظهير شريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004) بتنفيذ القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة؛ منشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 14 من ذي الحجة 1424 (5 فبراير 2004).
 
 
الهوامش

 ([1])- الشرقاوي الغزواني نور الدين؛ تدخل النيابة العامة في الدعاوى المدنية؛ أطروحة لنيل دبلوم الدراسات العليا بجامعة محمد الخامس؛ منشورات جمعية تنمية البحث والدراسات القضائية؛ مطبعة المعارف الجديدة؛ الرباط 1995.
([2])- رياضي عبد الغاني: النيابة العامة (أمام المحاكم العادية والإستثنائية ودورها من خلال مسطرتي الإمتياز القضائي والحصانة القانونية) الطبعة الأولى 2002؛ مطبعة دار السلام؛ الرباط؛ الصفحة 9.
([3])- المصطفى ناظر بوعبيد؛ الوسيط في الإجراءات القضائية والإدارية بالنيابة العامة؛ الطبعة الثانية 2011؛ دار أبي رقراق للطباعة والنشر؛ الصفحة 14.
([4]) - شرح قانون المسطرة الجنائية؛ الجزء الأول؛ منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية؛ سلسلة الشروح والدلائل؛ العدد الثاني؛ 2004؛ الصفحة 148 ومابعدها.
([5])- رياضي عبد الغاني؛ مرجع سابق؛ ص 15.
 ([6]) - رياضي عبد الغاني؛ مرجع سابق؛ ص 15.
 ([7]) - رياضي عبد الغاني؛ مرجع سابق؛ ص 20.
 ([8]) - محمد بوزيان؛ دور النيابة العامة أمام المحاكم المدنية؛ سلسلة درو بالمعهد الوطني للدراسات القضائية؛ الطبعة الرابعة 1992؛ ص من 10 إلى 13.
 ([9])- أنظر عبد الواحد العلمي؛ شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية؛ الجزء الأول؛ (الدعوى العمومية – الدعوى المدنية – البحث التمهيدي)؛ الطبعة الثالثة 2011؛ مطبعة النجاح الجديدة؛ الدار البيضاء؛ ص 89، الهامش 25.
 ([10])- رياضي عبد الغاني؛ مرجع سابق؛ ص 42.
 ([11])- عبد الواحد العلمي؛ مرجع سابق؛ ص 92.
 ([12])- سورة يوسف؛ الآية: 53 (رواية ورش عن نافع).
 ([13])- عبد الواحد العلمي؛ مرجع ابق؛ ص 96.
 ([14])- رياضي عبد الغاني؛ مرجع سابق؛ ص 43.
 ([15])- المصطفى ناظر بوعبيد؛ مرجع سابق؛ ص 16.
 ([16])- أنظر للتعمق في التسلسل الإداري: رياضي عبد الغاني؛ مرجع سابق؛ من الصفحة 29 إلى 40.
([17])- المصطفى ناظر بوعبيد؛ مرجع سابق؛ ص 17.
 ([18])- محمد بوزيان؛ مرجع سابق؛ ص 15.
 ([19])- الفصل الثامن من قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بظهير بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) منشور بالجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر بتاريخ 30 شتنبر 1974 ص 2742.
 ([20])- قرار صادر عن المجلس الأعلى (سابقا) بتاريخ 15 أبريل 2003 تحت عدد 370 في الملف الإجتماعي عدد 02.1089 منشور بمجلة القصر عدد 10 ص 223 وما بعدها.
([21])-                                   منشور صادر عن وزير العدل بتاريخ 29 أكتوبر 1984 تحت عدد 968
حول دور النيابة العامة في القضايا المدنية
   غير خفي ما تكتسيه بعض الدعاوى في الحقل المدني من أهمية استأثرت انتباه المشرع إلى حد أنه أوجب على النيابة العامة التدخل فيها بصفة أساسية وحدد الدور الذي يتعين عليها أن تضطلع به في حدود المهام المخصصة لها.
   وحرصا من الوزارة على احترام إرادة المشرع في هذا المجال أصدرت عدة مناشير سواء في ظل قانون المسطرة المدنية السابق أو قانون المسطرة المدنية الحالي تناولت فيها بالشرح والتحليل أهداف وأبعاد اختصاصات النيابة العامة في الدعاوى التي تدخل في هذا الإطار مثيرة =    = الإنتباه إلى نوعيتها، وحتمية تدخل النيابة العامة فيها بالإطلاع على ملفاتها قبل مناقشتها في جلسات الأحكام، وتقديم مستنتجات مكتوبة بخصوص قيمة ادعاءات الأطراف فيها.
   ومما لا ريب فيه أن هذه الدعاوى تشمل كل ما يمس بالنظام العام، وحالة الأشخاص المدنية ومصالح الدولة والمؤسسات العمومية وشؤون القاصرين وما إلى ذلك مما هو مسطر في الفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية، غير أننا لاحظنا بكامل الإستغراب فتورا في الإهتمام بهذا النوع من الدعاوى بالرغم من التعليمات والتوجيهات التي ما فتئت الوزارة تزود بها رؤساء النيابة العامة في هذا الصدد.
   وعلى سبيل المثال نشير إلى تقرير تلقيناه أخيرا من إحدى المؤسسات العمومية الكبرى بالمملكة وهي مؤسسة المكتب الوطني للسكك الحديدية تلفت فيه الأنظار إلى أن المحاكم غالبا ما تجعل كامل مسؤولية حوادث السير على متن القطار على عاتق المكتب الوطني للسكك الحديدية، وتحكم للضحايا أو لذوي حقوقهم بمبالغ مالية جد مرتفعة، بالرغم من أن هذه الحوادث تنجم عن عدم مراعاة القوانين المنظمة لسير القطار واستعماله، كما هي منصوص عليها في الظهير الشريف المؤرخ ب 28 أبريل 1961. وقد عزز اليد المدير العام نظريته بلائحة سطر فيها وقائع مجموعة من الحوادث صدرت في شأنها أحكام تكتسي في نظره صبغة اجتماعية أكثر منها موضوعية، مركزا على أن الضحايا أو ذوي حقوقهم يتقدمون بطلبات مدنية خيالية لا لشيء إلا لكونهم يستفيدون من المساعدة القضائية مع أن مسؤولية الحوادث يتحملها الضحايا أنفسهم حب المحاضر التي يتولى تحريرها أعوان محلفون، ولها قيمتها القانونية.
   وتلافيا لكل إخلال أو خطأ قد يتصادم والنصوص القانونية الصادرة في هذا الشأن.  
   وتذكيرا بما تلا هذه النصوص من تعليمات وتوضيحات تهدف بالدرجة الأولى إلى ضرورة التقيد بها وتنفيذها بكل دقة وحزم.    
   نهيب بقضاة النيابة العامة أن يحققوا بتناسق مع كتابة الضبط الإطلاع على هذه الملفات احتراما للمقتضيات القانونية ودراسة النزاعات المعروضة عليهم في هذا الشأن دراسة دقيقة ووضع المستنتجات المكتوبة المحددة لموقفها من هذه النقطة أو تلك مع الأخذ بعين الإعتبار بحقوق المؤسسات العمومية في إطار التوازن بين الفرد والجماعة الذي تضمنه الفلسفة التشريعية بالمغرب والسلام./
  • أنظر: محمد بفقير؛ قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي ؛ الطبعة الثانية 2009؛ ص 40.
([22])-                                   منشور صادر عن وزير العدل بتاريخ 20 مارس 1982 تحت عدد 926
حول دور النيابة العامة في القضايا المدنية
   لا يخفى عليكم أن الفقرة الأخيرة من الفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية نصت على أنه "يشار في الحكم إلى إيداع مستنتجات النيابة أو تلاوتها بالجلسة وإلا كان باطلا" واعتبارا لأهمية هذه المستنتجات فقد تبنى المشرع بالنسبة إلى تجاوزها إيداعا أو تلاوة جزاءا خطيرا ألا وهو بطلان الحكم تماشيا مع القاعدة الفقهية لا بطلان بدون نص.
   وتجدر الإشارة إلى أن نفس الفصل حتم تبليغ القضايا موضوع هذه المستنتجات إلى النيابة العامة قبل الجلسة بثلاثة أيام على الأقل.  
غير أنه بلغ إلى علمنا أن بعض المحاكم تحيل إلى النيابات العامة لديها في وقت واحد وقبل تاريخ الجلسة بأجل قليل سيلا وافرا من القضايا المنصوص عليها في الفصل المذكور لتقديم مستنتجاتها مما تعذر معه عليها أن تقوم بواجبها في هذا المجال على الوجه الأكمل.
   وغير خاف أن أجل ثلاثة أيام المشار إليه أعلاه هو حد أدنى فقط لذلك فتصريف القضايا في أحن الظروف يفترض أن تراعى في هذه الإحالة عدد الملفات والنزاعات، وعدد الوثائق والمستندات المشتملة عليها، والوقت الضروري لدراستها حتى يتسنى للنيابة أن تقوم بعملها في ظروف ملائمة ليكون تدخلها ناجعا ومفضيا إلى الأهداف المتوخاة منه والمتمثلة في حسن سير العدالة والحفاظ على سلامة معاييره القانونية وصيانة الحقوق حمايتها بما حددته النصوص من قواعد وأحكام.
   لعل من الضروري أن نثير الإنتباه إلى أن النيابة العامة لا يحق لها أن تتذرع بقصر الأجل لتطالب بتأخير القضايا إلى جلسات مقبلة نظرا لكن هذا الموقف سيقلل من الإنتاج يساعد لعى رفع القضايا المتراكمة بالمحاكم وهو عمل لا يتناسق مع الرسالة الملقاة على عاتقنا بتحقيق الفاعلية في متوى الإنتاج كما وكيفا لأن القانون حصر حق النيابة في طلب تأخير القضية في حالة ما إذا وقع التبليغ أمام المحكمة الإبتدائية في الجلة المندرجة في القضية فيها.
   ولذلك فإننا إذ نذكركم بفحوى المناشير الصادرة في دور النيابة العامة في القضايا المدنية نطلب منكم الإهتمام بهذه القضايا والإعتناء بها عناية خاصة وتنظيم تداولها بين مصالح النيابة العامة وكتابة الضبط بكيفية تضمن تحقيق الغايات والأهداف التي توخاها المشرع من تبليغ هذه القضايا التي تعتبر النيابة العامة فيها طرفا منضما يتعين عليها أن تقدم مستنتجاتها لإحقاق الحق وإشعاع سلطان القانون، والسلام. /
  • أنظر: محمد بفقير؛ مرجع سابق؛ص 39.
 ([23])- للتعمق أكثر في حالات تدخل النيابة العامة سواء كطرف منضم أو أصيل في الدعوى يرجى مراجعة المرجع السابق للأستاذ محمد بوزيان؛ مع الأخذ بعين الإعتبار جملة التعديلات والقوانين المستحدثة خاصة ما يتعلق بقانون المحاماة وقانون الجنسية وقانون الحالة المدنية ...



الاثنين 8 أبريل 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter