قبل الحديث عن ارتكاب جريمة السرقة في أوقات الكوارث، ينبغي أن نحدد أولا تعريف الكارثة. وبحسب تعريف منظمة الأمم المتحدة فالكارثة هي "حدث مفجع أو سلسلة أحداث مفجعة تـؤدي إلى وقوع خسائر في الأرواح على نطاق كبير، أو إلى معاناة وكرب إنـسانيين شـديدين، أو إلى حدوث أضرار مادية أو بيئية بالغة، بما يخل بشكل خطير بسير المجتمع"(1) كما عرفتها كذلك بأنها "اضطراب خطير في وظائف المجتمع يمثل خطرا ملموسا وواسع النطاق على حياة البشر وصحتهم وملكيتهم أو بيئتهم. وقد يرجع سبب الكارثة إلى حادث أو إلى الطبيعة أو إلى نشاط بشري، وقد تكون مفاجئة أو ناجمة عن تطورات طويلة الأجل، باستثناء النزاع المسلح"(2).
وتضمنت المادة الثالثة من القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، تعريف الكارثة كما يلي "يعتبر واقعة كارثية كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة في المغرب، يرجع السبب الحاسم فيه إلى فعل القوة غير العادية لعامل طبيعي أو إلى الفعل العنيف للإنسان".(3)
و وباء كوفيد-19 (كورونا) تم تصنيفه من قبل منظمة الصحة العالمية باعتباره جائحة، وانتشر هذا الوباء في جميع أرجاء العالم متسببا في حدوث آلاف، و إصابات مرضية متفاوتة الخطورة، و عزلا جزئيا أو كليا للأشخاص في منازلهم، وشللا شبه تام للإقتصاد الوطني لعدد من الدول، و تسبب في فقدان عدد كبير من الأشخاص لوظائفهم الأمر الذي قد يؤثر لاحقا على استقرار المجتمعات. ولذلك حق لنا القول بأن جائحة كوفيد-19 تعد أم الكوارث لكونها غيرت وستغير ملامح مجتمعات و دول، وستكون لها تداعيات اقتصادية و اجتماعية خطيرة.
و من بين المظاهر السلبية التي تبرز في زمن الكوارث انتشار السرقات، وذلك بسبب الحاجة الملحة لمصدر العيش لمن فقدوا مصادر رزقهم، أو بسبب الشعور بانعدام وجود سلطة يمكنها من أن تفرض القانون لإنشغالها بمهام أخرى ناتجة عن الكارثة.
و ارتكاب جريمة السرقة في وقت الكارثة يؤدي إلى الإحساس بانعدام الأمن و بالحاجة إلى الإعتماد على الذات لحماية الممتلكات الخاصة، و يحدث بذلك مزيدا من الفوضى داخل المجتمع. وقد لوحظ في بعض الدول ارتفاعا في نسبة شراء الأسلحة النارية موازاة مع انتشار عمليات السرقة.
وبالنسبة لكارثة وباء كوفيد-19 فقد تم إعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطني بموجب المرسوم رقم 2.20.293، والذي تقرر على إثره اتخاذ تدابير ترمي إلى منع الأشخاص من مغادرة محلات سكنهم و منع أي تنقل خارجه إلا في حالات الضرورة القصوى، وإغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم. و هذه الإجراءات تؤدي إلى حرمان الأشخاص من حماية ممتلكاتهم المتواجدة خارج محل سكناهم، حيث يقع على عاتق السلطات العامة القيام بهذه المهمة. وهو الأمر الذي يفرض تشديدا لعقوبة جريمة السرقة في حالة ارتكابها في هذه الظروف.
وقد نص الفصل 510 من القانون الجنائي على المعاقبة على السرقة بالسجن من خمس إلى عشر سنوات إذا اقترنت بواحد من الظروف، و من بينها ارتكاب السرقة في أوقات الحريق أو الانفجار أو الانهدام أو الفيضان، أو الغرق أو الثورة أو التمرد أو أية كارثة أخرى.
ولم يرد في القانون الجنائي أي تعريف لمفهوم الكارثة، وإنما وردت في الفصل 510 على سبيل المثال لا الحصر ضمن سبع حالات. و لذلك يمكننا الجزم بأن جائحة كوفيد-19 تعد كارثة بجميع المقاييس، و بالتالي يعتبر ارتكاب السرقات خلال فترة إعلان حالة الطوارئ الصحية مقترنة بالظرف المشدد المتمثل في ارتكابها في وقت كارثة.
و إذا كان الفصل 507 من القانون الجنائي يعاقب على ارتكاب السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملا لسلاح ظاهرا أو خفيا، حتى و لو ارتكب السرقة شخص واحد و بدون توفر أي ظرف آخر من ظروف التشديد، فإن ارتكاب السرقة في وقت الكوارث تحتم أن تتم المعاقبة بنفس العقوبة المقررة في الفصل 507 على ارتكاب السرقات في أوقات الكوارث، وذلك لردع أي إخلال باستقرار المجتمع.
هوامش:
وتضمنت المادة الثالثة من القانون رقم 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، تعريف الكارثة كما يلي "يعتبر واقعة كارثية كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة في المغرب، يرجع السبب الحاسم فيه إلى فعل القوة غير العادية لعامل طبيعي أو إلى الفعل العنيف للإنسان".(3)
و وباء كوفيد-19 (كورونا) تم تصنيفه من قبل منظمة الصحة العالمية باعتباره جائحة، وانتشر هذا الوباء في جميع أرجاء العالم متسببا في حدوث آلاف، و إصابات مرضية متفاوتة الخطورة، و عزلا جزئيا أو كليا للأشخاص في منازلهم، وشللا شبه تام للإقتصاد الوطني لعدد من الدول، و تسبب في فقدان عدد كبير من الأشخاص لوظائفهم الأمر الذي قد يؤثر لاحقا على استقرار المجتمعات. ولذلك حق لنا القول بأن جائحة كوفيد-19 تعد أم الكوارث لكونها غيرت وستغير ملامح مجتمعات و دول، وستكون لها تداعيات اقتصادية و اجتماعية خطيرة.
و من بين المظاهر السلبية التي تبرز في زمن الكوارث انتشار السرقات، وذلك بسبب الحاجة الملحة لمصدر العيش لمن فقدوا مصادر رزقهم، أو بسبب الشعور بانعدام وجود سلطة يمكنها من أن تفرض القانون لإنشغالها بمهام أخرى ناتجة عن الكارثة.
و ارتكاب جريمة السرقة في وقت الكارثة يؤدي إلى الإحساس بانعدام الأمن و بالحاجة إلى الإعتماد على الذات لحماية الممتلكات الخاصة، و يحدث بذلك مزيدا من الفوضى داخل المجتمع. وقد لوحظ في بعض الدول ارتفاعا في نسبة شراء الأسلحة النارية موازاة مع انتشار عمليات السرقة.
وبالنسبة لكارثة وباء كوفيد-19 فقد تم إعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطني بموجب المرسوم رقم 2.20.293، والذي تقرر على إثره اتخاذ تدابير ترمي إلى منع الأشخاص من مغادرة محلات سكنهم و منع أي تنقل خارجه إلا في حالات الضرورة القصوى، وإغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم. و هذه الإجراءات تؤدي إلى حرمان الأشخاص من حماية ممتلكاتهم المتواجدة خارج محل سكناهم، حيث يقع على عاتق السلطات العامة القيام بهذه المهمة. وهو الأمر الذي يفرض تشديدا لعقوبة جريمة السرقة في حالة ارتكابها في هذه الظروف.
وقد نص الفصل 510 من القانون الجنائي على المعاقبة على السرقة بالسجن من خمس إلى عشر سنوات إذا اقترنت بواحد من الظروف، و من بينها ارتكاب السرقة في أوقات الحريق أو الانفجار أو الانهدام أو الفيضان، أو الغرق أو الثورة أو التمرد أو أية كارثة أخرى.
ولم يرد في القانون الجنائي أي تعريف لمفهوم الكارثة، وإنما وردت في الفصل 510 على سبيل المثال لا الحصر ضمن سبع حالات. و لذلك يمكننا الجزم بأن جائحة كوفيد-19 تعد كارثة بجميع المقاييس، و بالتالي يعتبر ارتكاب السرقات خلال فترة إعلان حالة الطوارئ الصحية مقترنة بالظرف المشدد المتمثل في ارتكابها في وقت كارثة.
و إذا كان الفصل 507 من القانون الجنائي يعاقب على ارتكاب السرقة بالسجن المؤبد إذا كان السارقون أو أحدهم حاملا لسلاح ظاهرا أو خفيا، حتى و لو ارتكب السرقة شخص واحد و بدون توفر أي ظرف آخر من ظروف التشديد، فإن ارتكاب السرقة في وقت الكوارث تحتم أن تتم المعاقبة بنفس العقوبة المقررة في الفصل 507 على ارتكاب السرقات في أوقات الكوارث، وذلك لردع أي إخلال باستقرار المجتمع.
هوامش:
- https://legal.un.org/ilc/reports/2014/arabic/chp5.pdf
- https://www.ifrc.org/PageFiles/125652/annotations-ar.pdf
- http://www.sgg.gov.ma/Portals/1/lois/Loi_110.14_Ar.pdf?ver=2017-02-22-111636-487