
تقديم:
عقدت الدورة الثانية والعشرون لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP22) بمراكش ما بين 07 و18 نونبر 2016والدي كان لقاء الاجرأة بعد الاعتماد التاريخي للاتفاق العالمي الأول بشان المناخ في مؤتمر الأطراف COP 21 في باريس.
مؤتمر كوب 22 المنعقد بمراكش والذي واصل ما بدأه مؤتمر كوب 21 ، حيث تم إحراز تقدم كبير، اذ كان محطة لترجمة العديد من المحاور المتفق عليها في اتفاق باريس إلى أرض الواقع، ومن بينها التكيف مع الوضع، والشفافية، ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات والخسائر والأضرار"، كما أكد دلك صلاح الدين مزوار رئيس كوب 22 .
ولقد شكل مؤتمر مراكش ، برأي العديد من الخبراء في مجال البيئة والتغيرات المناخية، فرصة لتجديد المبادرات في مجال التكيف والتخفيض من انعكاسات التغيرات المناخية، ومنعطفا حاسما لتطوير آليات عملية في إطار مخطط باريس . وكان مناسبة لإبراز جهود المغرب في ما يتعلق بالتخفيض والتكيف مع التغيرات المناخية، بعد إعلان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطابه خلال الجلسة الافتتاحية لكوب 21، أن هدف بلوغ نسبة42 بالمائة من الطاقات المتجددة لسد الحاجيات الوطنية في أفق سنة 2020، قد تم رفعه مؤخرا إلى 52 بالمائة بحلول سنة2030 .
هذه القمة لم تكن فقط مناسبة لالتقاء الخبراء في علوم المناخ والبيئة، بل منتدى دولي عالمي شارك فيه حاملو المشاريع الخلاقة في مجال التنمية النظيفة، والباحثون على الاستثمار في مجالات الطاقات النظيفة والزراعات البديلة، والمؤسسات المانحة الداعمة للمشاريع الرامية للتقليص من الفوارق المجالية، ومحاربة الفقر والقضاء على الهشاشة. كما شكل محطة تاريخية لتعبئة الأطراف المتدخلة من أجل "الموافقة والمصادقة والانخراط في اتفاق باريس"، مع حث أكبر عدد ممكن من البلدان قصد مراجعة طموحاتها المتضمنة في مساهماتها الوطنية من أجل مكافحة التغيرات المناخية وخفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في أفق سنة 2020. مع وضع آليات التمويل ستشكل أحد العناصر الأساسية من أجل تبني أفضل التدابير العملية لاتفاق باريس، اد حددت المملكة لنفسها مهمة المساهمة ووضع آليات من أجل جمع 100 مليار دولار سنويا إلى غاية 2020 لفائدة البلدان الأكثر عرضة للتغيرات المناخية.
وقبل الحديث عن أهم الورشات التي عرفها المؤتمر طيلة أسبوعين، لابد من تحديد معنى كوب 22 وسياق انعقاده وكدا أهدافه.
COP تعني مؤتمر الأطراف باللغة الفرنسية و الانجليزية. اعتمدت الأمم المتحدة على هذه الآلية لوضع إطار عمل لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ولقد تم تقسيم فضاء مؤتمر الأطراف 22 إلى منطقتين:
- المنطقة الزرقاء، وهي تحت السلطة المباشرة لهيئة الأمم المتحدة، وخصصت للشخصيات المعتمدة من طرف السكرتارية العامة للاتفاقية الإطار لهيئة الأمم المتحدة للمناخ. وتضم المدخل الخاص برؤساء الدول والحكومات: فضاءات مفتوحة، 30 قاعة للندوات والاجتماعات للمفاوضين و10 قاعات مخصصة للملاحظين. وهناك فضاءات أخرى مخصصة للنقاشات والعروض والاستقبال والأمن، والمربع الخاص بالضيوف الكبار ومكاتب هيئة الأمم المتحدة ووسائل الإعلام والخدمات والمطاعم.
-المنطقة الخضراء، خصصت للزوار الذين سبق لهم التسجيل عبر الموقع الالكتروني فقط الذي وضعته اللجنة المكلفة بالتحضير لكوب22 ، الفضاء الثاني خصص للجمعيات غير الحكومية مجهزة بشبكات الاتصالات والتجهيزات الضرورية لإقامة الأروقة بالإضافة إلى فضاء الابتكار. ويضم عدة قاعات للندوات وفضاءات أخرى داخل الرواق للنقاش، ويمكن متابعة الندوات بلغات مختلفة بفضل توفير خدمة الترجمة الفورية.
ولقد التقى بهذا الموقع على مدى أسبوعين وفود قادمة من العالم بأسره. ممثلون وأعضاء هيئة الأمم المتحدة ووفود رسمية وفاعلون غير حكوميون وجمعيات المجتمع المدني والمقاولات ونقابات وخبراء وفلاحون ومؤسسات عمومية وجماعات محلية.
تهدف الاتفاقية الإطار والأدوات القانونية المرتبطة بها أساسا لتحقيق الاستقرار في تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي في مستوى يحول دون "تدخل بشري خطير في النظام المناخ." و يقصد بمصطلح "بشري" الآثار الناجمة عن أفعال الإنسان.
وتنص الاتفاقية الإطار المتعلقة بالتغيرات المناخية على أنه "ينبغي للأطراف حماية النظام المناخي لصالح الأجيال الحالية والقادمة على أساس الإنصاف ووفقا لمسؤولياتها المشتركة، وبالتالي فعلى الدول المتقدمة أن تكون في طليعة المعركة ضد تغيرات المناخ والآثار السلبية لذلك.
ووفقا لهده الاتفاقية فان، بعض البلدان معرضة بشكل خاص لآثار تغير المناخ كالبلدان ذات الارتفاع المنخفض مقارنة مع مستوى سطح البحر، والدول الجزرية الصغيرة والبلدان ذات المناطق الساحلية المنخفضة، أو التي بها مناطق قاحلة أو شبه قاحلة، كل هذه المناطق معرضة لنوبات الطبيعة القاسية: الفيضانات والجفاف والتصحر. وأخيرا، فإن البلدان النامية ذات النظم البيئية الجبلية الهشة هي أيضا معرضة للآثار السلبية للتغيرات المناخية.
فمنذ التقرير الأول في عام 1990، الذي أظهر العلماء فيه أن الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية تزيد من تركيز الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان ومركبات الكربون الهيدروكلورية فلورية في الغلاف الجوي.
إن إعادة توجيه الاقتصاد العالمي نحو نموذج منخفض الكربون، كانت هذه هي الإرادة التي عبر عنها 150 من رؤساء الدول الحاضرين في مؤتمر الأطراف كوب 21 ولتدخل حيز التنفيذ، يجب أن تصادق على الاتفاقية 55 دولة تمثل 55 في المائة على الأقل من منتجي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين وذلك بخفض 1.5 درجة مئوية، حسب ما تضمنه صراحة اتفاق باريس. ولقد وقعت 177 دولة ممثلة في رؤساء دول وحكومات يوم 22 أبريل الماضي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك بمناسبة حفل التوقيع على هذا الاتفاق. لدى الأطراف سنة كاملة للتصديق والتوقيع على الاتفاق.
و في إطار هذا الاتفاق العالمي الأول حول المناخ، ينتظر من الدول المساهمة التقليص من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن الضروري أيضا لكل دولة مراجعة التزاماتها "كل 5 سنوات.
بالنسبة لإدريس اليازمي، على الرغم من أن المسؤوليات التاريخية والآثار المستقبلية يتم تقاسمها بشكل غير متساو، فإننا جميعا مطالبون بالتحرك، فالطوارئ المناخية تتطلب منا نوعا ما "إعادة صنع نموذج جديد للبشرية."
من جهتها اعتبرت رحمة بنور، عضو منظمة تجديد الوعي النسائي، أن حلقات أكورا هي عبارة عن مجموعة ورشات ومحاضرات يقوم بها مشاركون في مؤتمر المناخ كوب 22 ويحضرها من له ميول لهذا الموضوع أو ذاك، وهي بطبيعة الحال ميولات شخصية، تختلف حسب الوعي الثقافي لهذا الشخص، مؤكدة أن حلقات أكورا بمؤتمر المناخ موزعة حسب التخصص واللغة والثقافة، وأيضا تتوزع بين ما هو نخبوي وما هو جد بسيط.
الجدير بالذكر أن فضاء المجتمع المدني بالمنطقة الخضراء، ضم سبعة فضاءات لحلقية » أكورا »، وهي الجامعات والبحث، الشباب، النوع الاجتماعي والمناخ، الفنون الثقافة، المعارف والتقاليد، الأقاليم والجماعات الترابية.
واستعرض في هذا الصدد مجموعة من مزايا تقنيات الزراعة العضوية التي « تمكن من التصدي للتغيرات المناخية عن طريق تخزين غاز ثاني أكسيد الكاربون في الأرض وتحوله إلى مادة عضوية، » مضيفا أنه باستطاعة الزراعة العضوية تخزين حوالي 3،5 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في الهكتار الواحد سنويا.
وفي السياق ذاته، دعا رئيس FIMABIO بوعمر الحكومة المغربية إلى تشجيع الزراعة العضوية وأخذها بعين الاعتبار خلال صياغة البرامج الرامية لمواجهة آثار التغيرات المناخية.
وخلال هذه الفعالية تم توزيع بيان للـ FIMABIO بعنوان « بيان من أجل مغرب عضوي ودعم إفريقيا عضوية » تدعو من خلاله الفدرالية إلى دعم الزراعة العضوية وإدراجها في قائمة اهتمامات مؤتمر كوب 22.
ويندرج هذا النشاط في إطار الفعاليات التي يشهدها فضاء المعرفة والتقاليد بالمنطقة الخضراء لمؤتمر COP22
وبهذه المناسبة، قال وزير الصحة المغربي، الحسين الوردي، في كلمة تليت بالنيابة عنه، أن الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات والأمراض الناتجة عن تلوث الهواء من أخطر انعكاسات التغيرات المناخية على الصحة بالمغرب. كما أشاد الوزير بإدماج قضية الصحة في اتفاق باريس ودعا إلى جعلها في صلب مفاوضات المناخ خلال مؤتمر كوب 22. كما وأشار إلى ضعف التمويل المخصص لمواجهة أثر التغيرات المناخية على الصحة، مشيرا إلى أن أقل من 1,5 بالمائة من التمويل الخاص بتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية يخصص للصحة. وتطرق في كلمته إلى أن 250.000 شخص حول العالم سيتعرضون للوفاة المبكرة سنويا خلال الفترة ما بين 2030 و2050 جراء التغيرات المناخية.
من جانبه، قال ممثل منظمة الصحة بالمغرب أن التغير المناخي سيؤدي إلى وفاة 12,5 مليون شخص سنويا من مختلف أنحاء العالم.
ويندرج هذا النشاط ضمن فعاليات اليوم الثالث للرواق المغربي الذي تطرق لقضايا الهجرة والتكيف والصحة، وطيلة أيام مؤتمر كوب 22 تم تنظيم أيام ذات مواضيع مختلفة من بينها الصناعة والساحل، النقل والابتكار، المدن والمجالات، تقوية القدرات والتراث والأمن، النوع والصحة، التمويل والطاقة.
اللقاء الذي شهد حضور عضوين من لجنة الإشراف على مؤتمر مراكش حول المناخ، وهما نزار بركة، رئيس اللجنة العلمية، وإدريس اليزمي، رئيس قطب المجتمع المدني، شكل مناسبة لاستعراض إنجازات المغرب في مجال محاربة ظاهرة التغير المناخي والتخفيف من حدتها، وكذا طبيعة السياق الهام الذي ينعقد فيه المؤتمر، وطنيا ودوليا.
وشدد إدريس اليزمي، بهذا الخصوص، على أن « لجنة الإشراف على مؤتمر COP22 تسعى لاغتنام الفرصة الحالية لتعميق وعي المغاربة والعالم بأسره حول التنمية المستدامة وظاهرة تغير المناخ وما يمكن أن تسفر عليه على المدى الطويل والبعيد »، مشددا على أن الإعلام فاعل أساسي وحاسم من أجل توضيح الظاهرة في مختلف تفاصيلها، وتقريبها للمواطن وكافة الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين.
من جانبه، شدد نزار بركة على أن « المغرب، بتسلمه الرئاسة الرسمية للمؤتمر، يسعى لمقاربة الظاهرة بمنطق جديد يرتكز أساسا على إشراك الحكومات والأطراف غير الحكومية »، مشيرا إلى أنه « من الضروري أن نغير من الممارسات اليومية كمواطنين ودول وصحافة ومؤسسات وأفراد وهيئات في تعاملنا مع الطبيعة ». وأضاف قائلا: « هناك منطق جديد، والإعلام ينبغي أن يقرب من المواطنين من التأثيرات المباشرة والإشكالات المطروحة بسبب تغير المناخ، وكذا التعريف بالابتكارات والتجارب الناجحة في مجال تقديم البدائل ». كما أبرز أن المغرب « أعطى المثال على سعيه لتحقيق أهداف اتفاق باريس، في مجالات الفلاحية، والغابات، والنجاعة الطاقية، والتمويل، ينبغي تعريفها وتبسيطها للرأي العالم »، على حد تعبيره.
وأكد ممثلون للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، أن الإطار القانوني يلعب دورا هاما في مجال حماية البيئة، خاصة وأن مهمة الهيأة هو مراقبة هذا التنزيل. وأشار في هذا الصدد إلى الدستور الحالي غني بقوانين هدفها حماية الطبيعة والبيئة. ويستند المغرب على الاتفاقيات الدولية والخطب الملكية والقوانين العديدة التي تؤطر هذا المجال، حيث اعتبرها متقدمة للغاية.
وشهد اللقاء حضور مدراء عدد من الإذاعات والصحف الوطنية، والكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، عبد الله البقالي، ومدير المعهد العالي للإعلام والاتصال، عبد المجيد فاضل، حيث ركزت مداخلاتهم على أهمية التكوين والتأطير في هذا الإطار لفائدة رجال الإعلام، ومساعدة المنابر الإعلامية لبرمجة وإنجاز مبادرات تجعلها تؤدي أدوراها الهامة في مجال الانخراط الفعال في حماية البيئة.
وأوضح الرئيس الأول لمحكمة النقض، أن المغرب اختار السير في مجال البيئة بكل ثقة وجدية ومسؤولية صحيح في طريق شاق وصعب وطويل، معتمدا على المنهج الوقائي والردعي لمكافحة هذا النزيف البيئي المحدق بحياة البشرية ومستقبلها.
وشدّد فارس على ضرورة إقرار التوازن بين متطلبات التنمية المستدامة وحماية البيئة في كل المشاريع الإصلاحية، واعتبار البيئة رصيدا مشتركا للأمم ومسؤولية جماعية تتطلب مشاركة كل المتدخلين والفاعلين وتحديد مسؤولياتهم.
كما أكد في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة، أن المغرب يعمل على تحديث المنظومة القانونية وملاءمتها مع التزامات المملكة دوليا وتوفير الوسائل البشرية واللوجستيكية والتدبيرية لتفعيلها، داعيا إلى ثورة قانونية خضراء على غرار ما يقوم به المغرب. وأضاف انه : " مهما بلغت دقة النصوص القانونية فإنها ستبقى دائما عاجزة عن استيعاب كافة الحالات والظواهر المؤثرة في البيئة والتي تتنامى بسرعة كبيرة تتجاوز أي تدبير قانوني أو تنظيمي مما يبقى معه القضاء الملاذ الوحيد لضبط هذه المتغيرات وصون الحقوق برؤية متجددة تعطي الروح للنصوص وتجعلها في حالة حياة وحركة كما عبر عن ذلك فلاسفة وفقهاء القانون عبر العالم".
واستطرد كلامه بأن "هذا ما يجعلنا نغتنم هذه المناسبة لنؤكد على ضرورة إيلاء عناية خاصة لهذا الورش وتوفير كافة الإمكانات للسلطة القضائية، سواء على المستوى البشري أو المعرفي أو التنظيمي، لتكون في مستوى الانتظارات والتحديات، ومن واجب المبادرة الجادة إلى خلق وعي قانوني وقضائي بيئي من خلال الدورات التكوينية والورشات واللقاءات العلمية والتطبيقية وتكثيف الإصدارات يستفيد منها جميع المتدخلين والفاعلين والمهنيين.
ويبقى إدماج التربية البيئية في المناهج التعليمية ركنا أساسيا وتحديا جوهريا لرؤية المغرب البيئية لخلق جيل جديد يؤمن بالحفاظ على بيئته، ويناضل من أجل حمايتها واستدامتها إزاء نشاطات الإنسان المعادية ولامبالاته تجاهها. ويشمل هذا الإدماج كل المواد، كانت دينية كالتربية الإسلامية أو أدبية كالتاريخ والجغرافية ودروس اللغات الأربع، أو علمية كالرياضيات والعلوم الفيزيائية والطبيعية، ليكتسب التلميذ والطالب المغربي صفة المواطن العالمي القادر على الحد من الانبعاثات الكربونية في المستقبل القريب، والمدافع بشراسة عن كوكبه الأزرق.
فقد أبانت المملكة عن قدرتها على حسن تنظيم هذه التظاهرة العالمية الكبرى، التي شهدت استضافة وحضور عدة رؤساء دول وحكومات وشخصيات ، خاصة من رجال السياسة والإعلام، ومن هيآت المجتمع المدني.
لقد كانت أنظار العالم موجهة نحو مراكش ، واستطاع المغرب رفع هذا التحدي. إن الأمر يتعلق بحدث غير مسبوق ، ببلادنا ، لأنه يهم مستقبل البشرية ، ومن حيث عدد ونوعية المشاركين فيه، أو من حيث النتائج الموفقة التي صدرت عنه.
وبهذه المناسبة يعبر جلالة الملك محمد السادس، عن شكره وتقديره السامي للجهود الخيرة التي بذلتها اللجنة المنظمة ولجنة القيادة، ومختلف السلطات المحلية والترابية، والأمن الوطني، والقوات العسكرية والمساعدة، وفعاليات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني وساكنة مدينة مراكش عموما. كما يشيد جلالة الملك بروح المسؤولية والالتزام والتعبئة القوية، والانخراط الإيجابي، التي أبان عنها مختلف الفاعلين المعنيين، من أجل إنجاح هذه القمة العالمية.
وما يبعث على الاعتزاز، أن التدابير التي تم اتخاذها والتنظيم المحكم لهذا المؤتمر الدولي الكبير، لم يؤثر على السير الطبيعي للحياة اليومية للمراكشيات والمراكشيين، بل على العكس من ذلك، فقد أبانوا على انفتاحهم ومشاركتهم كذلك بطريقتهم في هذا الحدث غير المسبوق، كما لم يؤثر أيضا على راحة السياح ضيوف المدينة الحمراء، التي حافظت على هدوئها وانسيابية الحركة بها، في ظل الأمن والاطمئنان وطيب المقام ».
ولقد اختتمت قمة المناخ بمراكش بتعهد نحو خمسين دولة بالانتقال للطاقة المتجددة.
عقدت الدورة الثانية والعشرون لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP22) بمراكش ما بين 07 و18 نونبر 2016والدي كان لقاء الاجرأة بعد الاعتماد التاريخي للاتفاق العالمي الأول بشان المناخ في مؤتمر الأطراف COP 21 في باريس.
مؤتمر كوب 22 المنعقد بمراكش والذي واصل ما بدأه مؤتمر كوب 21 ، حيث تم إحراز تقدم كبير، اذ كان محطة لترجمة العديد من المحاور المتفق عليها في اتفاق باريس إلى أرض الواقع، ومن بينها التكيف مع الوضع، والشفافية، ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات والخسائر والأضرار"، كما أكد دلك صلاح الدين مزوار رئيس كوب 22 .
ولقد شكل مؤتمر مراكش ، برأي العديد من الخبراء في مجال البيئة والتغيرات المناخية، فرصة لتجديد المبادرات في مجال التكيف والتخفيض من انعكاسات التغيرات المناخية، ومنعطفا حاسما لتطوير آليات عملية في إطار مخطط باريس . وكان مناسبة لإبراز جهود المغرب في ما يتعلق بالتخفيض والتكيف مع التغيرات المناخية، بعد إعلان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطابه خلال الجلسة الافتتاحية لكوب 21، أن هدف بلوغ نسبة42 بالمائة من الطاقات المتجددة لسد الحاجيات الوطنية في أفق سنة 2020، قد تم رفعه مؤخرا إلى 52 بالمائة بحلول سنة2030 .
هذه القمة لم تكن فقط مناسبة لالتقاء الخبراء في علوم المناخ والبيئة، بل منتدى دولي عالمي شارك فيه حاملو المشاريع الخلاقة في مجال التنمية النظيفة، والباحثون على الاستثمار في مجالات الطاقات النظيفة والزراعات البديلة، والمؤسسات المانحة الداعمة للمشاريع الرامية للتقليص من الفوارق المجالية، ومحاربة الفقر والقضاء على الهشاشة. كما شكل محطة تاريخية لتعبئة الأطراف المتدخلة من أجل "الموافقة والمصادقة والانخراط في اتفاق باريس"، مع حث أكبر عدد ممكن من البلدان قصد مراجعة طموحاتها المتضمنة في مساهماتها الوطنية من أجل مكافحة التغيرات المناخية وخفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في أفق سنة 2020. مع وضع آليات التمويل ستشكل أحد العناصر الأساسية من أجل تبني أفضل التدابير العملية لاتفاق باريس، اد حددت المملكة لنفسها مهمة المساهمة ووضع آليات من أجل جمع 100 مليار دولار سنويا إلى غاية 2020 لفائدة البلدان الأكثر عرضة للتغيرات المناخية.
وقبل الحديث عن أهم الورشات التي عرفها المؤتمر طيلة أسبوعين، لابد من تحديد معنى كوب 22 وسياق انعقاده وكدا أهدافه.
- مؤتمر الأطراف 22 COP
COP تعني مؤتمر الأطراف باللغة الفرنسية و الانجليزية. اعتمدت الأمم المتحدة على هذه الآلية لوضع إطار عمل لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ولقد تم تقسيم فضاء مؤتمر الأطراف 22 إلى منطقتين:
- المنطقة الزرقاء، وهي تحت السلطة المباشرة لهيئة الأمم المتحدة، وخصصت للشخصيات المعتمدة من طرف السكرتارية العامة للاتفاقية الإطار لهيئة الأمم المتحدة للمناخ. وتضم المدخل الخاص برؤساء الدول والحكومات: فضاءات مفتوحة، 30 قاعة للندوات والاجتماعات للمفاوضين و10 قاعات مخصصة للملاحظين. وهناك فضاءات أخرى مخصصة للنقاشات والعروض والاستقبال والأمن، والمربع الخاص بالضيوف الكبار ومكاتب هيئة الأمم المتحدة ووسائل الإعلام والخدمات والمطاعم.
-المنطقة الخضراء، خصصت للزوار الذين سبق لهم التسجيل عبر الموقع الالكتروني فقط الذي وضعته اللجنة المكلفة بالتحضير لكوب22 ، الفضاء الثاني خصص للجمعيات غير الحكومية مجهزة بشبكات الاتصالات والتجهيزات الضرورية لإقامة الأروقة بالإضافة إلى فضاء الابتكار. ويضم عدة قاعات للندوات وفضاءات أخرى داخل الرواق للنقاش، ويمكن متابعة الندوات بلغات مختلفة بفضل توفير خدمة الترجمة الفورية.
ولقد التقى بهذا الموقع على مدى أسبوعين وفود قادمة من العالم بأسره. ممثلون وأعضاء هيئة الأمم المتحدة ووفود رسمية وفاعلون غير حكوميون وجمعيات المجتمع المدني والمقاولات ونقابات وخبراء وفلاحون ومؤسسات عمومية وجماعات محلية.
أهداف كوب 22
- حماية الأجيال الحالية والمستقبلية
تهدف الاتفاقية الإطار والأدوات القانونية المرتبطة بها أساسا لتحقيق الاستقرار في تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي في مستوى يحول دون "تدخل بشري خطير في النظام المناخ." و يقصد بمصطلح "بشري" الآثار الناجمة عن أفعال الإنسان.
وتنص الاتفاقية الإطار المتعلقة بالتغيرات المناخية على أنه "ينبغي للأطراف حماية النظام المناخي لصالح الأجيال الحالية والقادمة على أساس الإنصاف ووفقا لمسؤولياتها المشتركة، وبالتالي فعلى الدول المتقدمة أن تكون في طليعة المعركة ضد تغيرات المناخ والآثار السلبية لذلك.
ووفقا لهده الاتفاقية فان، بعض البلدان معرضة بشكل خاص لآثار تغير المناخ كالبلدان ذات الارتفاع المنخفض مقارنة مع مستوى سطح البحر، والدول الجزرية الصغيرة والبلدان ذات المناطق الساحلية المنخفضة، أو التي بها مناطق قاحلة أو شبه قاحلة، كل هذه المناطق معرضة لنوبات الطبيعة القاسية: الفيضانات والجفاف والتصحر. وأخيرا، فإن البلدان النامية ذات النظم البيئية الجبلية الهشة هي أيضا معرضة للآثار السلبية للتغيرات المناخية.
- خطورة ظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة عن نشاط الإنسان
فمنذ التقرير الأول في عام 1990، الذي أظهر العلماء فيه أن الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية تزيد من تركيز الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان ومركبات الكربون الهيدروكلورية فلورية في الغلاف الجوي.
- توقع العلماء موجات حرارة أكثر تواترا
- تنزيل اتفاق باريس للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري
إن إعادة توجيه الاقتصاد العالمي نحو نموذج منخفض الكربون، كانت هذه هي الإرادة التي عبر عنها 150 من رؤساء الدول الحاضرين في مؤتمر الأطراف كوب 21 ولتدخل حيز التنفيذ، يجب أن تصادق على الاتفاقية 55 دولة تمثل 55 في المائة على الأقل من منتجي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين وذلك بخفض 1.5 درجة مئوية، حسب ما تضمنه صراحة اتفاق باريس. ولقد وقعت 177 دولة ممثلة في رؤساء دول وحكومات يوم 22 أبريل الماضي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك بمناسبة حفل التوقيع على هذا الاتفاق. لدى الأطراف سنة كاملة للتصديق والتوقيع على الاتفاق.
و في إطار هذا الاتفاق العالمي الأول حول المناخ، ينتظر من الدول المساهمة التقليص من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن الضروري أيضا لكل دولة مراجعة التزاماتها "كل 5 سنوات.
مؤتمر الأطراف كوب 22 في مراكش: مؤتمر الأجرأة
- تشجيع الدول على الالتزام باقتصاد منخفض الكربون
- إعادة صنع نموذج جديد للبشرية
بالنسبة لإدريس اليازمي، على الرغم من أن المسؤوليات التاريخية والآثار المستقبلية يتم تقاسمها بشكل غير متساو، فإننا جميعا مطالبون بالتحرك، فالطوارئ المناخية تتطلب منا نوعا ما "إعادة صنع نموذج جديد للبشرية."
أهم الورشات التي شهدها فضاء كوب 22
- أكورا: فضاء للنقاش والسجال بالمنطقة الخضراء
من جهتها اعتبرت رحمة بنور، عضو منظمة تجديد الوعي النسائي، أن حلقات أكورا هي عبارة عن مجموعة ورشات ومحاضرات يقوم بها مشاركون في مؤتمر المناخ كوب 22 ويحضرها من له ميول لهذا الموضوع أو ذاك، وهي بطبيعة الحال ميولات شخصية، تختلف حسب الوعي الثقافي لهذا الشخص، مؤكدة أن حلقات أكورا بمؤتمر المناخ موزعة حسب التخصص واللغة والثقافة، وأيضا تتوزع بين ما هو نخبوي وما هو جد بسيط.
الجدير بالذكر أن فضاء المجتمع المدني بالمنطقة الخضراء، ضم سبعة فضاءات لحلقية » أكورا »، وهي الجامعات والبحث، الشباب، النوع الاجتماعي والمناخ، الفنون الثقافة، المعارف والتقاليد، الأقاليم والجماعات الترابية.
- زراعة العضوية ودورها الكبير في الحد من التغيرات المناخية
واستعرض في هذا الصدد مجموعة من مزايا تقنيات الزراعة العضوية التي « تمكن من التصدي للتغيرات المناخية عن طريق تخزين غاز ثاني أكسيد الكاربون في الأرض وتحوله إلى مادة عضوية، » مضيفا أنه باستطاعة الزراعة العضوية تخزين حوالي 3،5 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في الهكتار الواحد سنويا.
وفي السياق ذاته، دعا رئيس FIMABIO بوعمر الحكومة المغربية إلى تشجيع الزراعة العضوية وأخذها بعين الاعتبار خلال صياغة البرامج الرامية لمواجهة آثار التغيرات المناخية.
وخلال هذه الفعالية تم توزيع بيان للـ FIMABIO بعنوان « بيان من أجل مغرب عضوي ودعم إفريقيا عضوية » تدعو من خلاله الفدرالية إلى دعم الزراعة العضوية وإدراجها في قائمة اهتمامات مؤتمر كوب 22.
ويندرج هذا النشاط في إطار الفعاليات التي يشهدها فضاء المعرفة والتقاليد بالمنطقة الخضراء لمؤتمر COP22
- مكافحة إزالة الغابات، موضوع اجتماع على هامش مؤتمر COP22
- المكتب الوطني للماء الصالح للشرب: معا من اجل ترشيد استعمال الماء
- التغير المناخي يفاقم من انتشار الأمراض بالمغرب
وبهذه المناسبة، قال وزير الصحة المغربي، الحسين الوردي، في كلمة تليت بالنيابة عنه، أن الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات والأمراض الناتجة عن تلوث الهواء من أخطر انعكاسات التغيرات المناخية على الصحة بالمغرب. كما أشاد الوزير بإدماج قضية الصحة في اتفاق باريس ودعا إلى جعلها في صلب مفاوضات المناخ خلال مؤتمر كوب 22. كما وأشار إلى ضعف التمويل المخصص لمواجهة أثر التغيرات المناخية على الصحة، مشيرا إلى أن أقل من 1,5 بالمائة من التمويل الخاص بتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية يخصص للصحة. وتطرق في كلمته إلى أن 250.000 شخص حول العالم سيتعرضون للوفاة المبكرة سنويا خلال الفترة ما بين 2030 و2050 جراء التغيرات المناخية.
من جانبه، قال ممثل منظمة الصحة بالمغرب أن التغير المناخي سيؤدي إلى وفاة 12,5 مليون شخص سنويا من مختلف أنحاء العالم.
ويندرج هذا النشاط ضمن فعاليات اليوم الثالث للرواق المغربي الذي تطرق لقضايا الهجرة والتكيف والصحة، وطيلة أيام مؤتمر كوب 22 تم تنظيم أيام ذات مواضيع مختلفة من بينها الصناعة والساحل، النقل والابتكار، المدن والمجالات، تقوية القدرات والتراث والأمن، النوع والصحة، التمويل والطاقة.
- أدوار الإعلام من أجل حماية البيئة
اللقاء الذي شهد حضور عضوين من لجنة الإشراف على مؤتمر مراكش حول المناخ، وهما نزار بركة، رئيس اللجنة العلمية، وإدريس اليزمي، رئيس قطب المجتمع المدني، شكل مناسبة لاستعراض إنجازات المغرب في مجال محاربة ظاهرة التغير المناخي والتخفيف من حدتها، وكذا طبيعة السياق الهام الذي ينعقد فيه المؤتمر، وطنيا ودوليا.
وشدد إدريس اليزمي، بهذا الخصوص، على أن « لجنة الإشراف على مؤتمر COP22 تسعى لاغتنام الفرصة الحالية لتعميق وعي المغاربة والعالم بأسره حول التنمية المستدامة وظاهرة تغير المناخ وما يمكن أن تسفر عليه على المدى الطويل والبعيد »، مشددا على أن الإعلام فاعل أساسي وحاسم من أجل توضيح الظاهرة في مختلف تفاصيلها، وتقريبها للمواطن وكافة الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين.
من جانبه، شدد نزار بركة على أن « المغرب، بتسلمه الرئاسة الرسمية للمؤتمر، يسعى لمقاربة الظاهرة بمنطق جديد يرتكز أساسا على إشراك الحكومات والأطراف غير الحكومية »، مشيرا إلى أنه « من الضروري أن نغير من الممارسات اليومية كمواطنين ودول وصحافة ومؤسسات وأفراد وهيئات في تعاملنا مع الطبيعة ». وأضاف قائلا: « هناك منطق جديد، والإعلام ينبغي أن يقرب من المواطنين من التأثيرات المباشرة والإشكالات المطروحة بسبب تغير المناخ، وكذا التعريف بالابتكارات والتجارب الناجحة في مجال تقديم البدائل ». كما أبرز أن المغرب « أعطى المثال على سعيه لتحقيق أهداف اتفاق باريس، في مجالات الفلاحية، والغابات، والنجاعة الطاقية، والتمويل، ينبغي تعريفها وتبسيطها للرأي العالم »، على حد تعبيره.
وأكد ممثلون للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، أن الإطار القانوني يلعب دورا هاما في مجال حماية البيئة، خاصة وأن مهمة الهيأة هو مراقبة هذا التنزيل. وأشار في هذا الصدد إلى الدستور الحالي غني بقوانين هدفها حماية الطبيعة والبيئة. ويستند المغرب على الاتفاقيات الدولية والخطب الملكية والقوانين العديدة التي تؤطر هذا المجال، حيث اعتبرها متقدمة للغاية.
وشهد اللقاء حضور مدراء عدد من الإذاعات والصحف الوطنية، والكاتب العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، عبد الله البقالي، ومدير المعهد العالي للإعلام والاتصال، عبد المجيد فاضل، حيث ركزت مداخلاتهم على أهمية التكوين والتأطير في هذا الإطار لفائدة رجال الإعلام، ومساعدة المنابر الإعلامية لبرمجة وإنجاز مبادرات تجعلها تؤدي أدوراها الهامة في مجال الانخراط الفعال في حماية البيئة.
- المغرب يشهد "ثورة قانونية خضراء"
وأوضح الرئيس الأول لمحكمة النقض، أن المغرب اختار السير في مجال البيئة بكل ثقة وجدية ومسؤولية صحيح في طريق شاق وصعب وطويل، معتمدا على المنهج الوقائي والردعي لمكافحة هذا النزيف البيئي المحدق بحياة البشرية ومستقبلها.
وشدّد فارس على ضرورة إقرار التوازن بين متطلبات التنمية المستدامة وحماية البيئة في كل المشاريع الإصلاحية، واعتبار البيئة رصيدا مشتركا للأمم ومسؤولية جماعية تتطلب مشاركة كل المتدخلين والفاعلين وتحديد مسؤولياتهم.
كما أكد في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة، أن المغرب يعمل على تحديث المنظومة القانونية وملاءمتها مع التزامات المملكة دوليا وتوفير الوسائل البشرية واللوجستيكية والتدبيرية لتفعيلها، داعيا إلى ثورة قانونية خضراء على غرار ما يقوم به المغرب. وأضاف انه : " مهما بلغت دقة النصوص القانونية فإنها ستبقى دائما عاجزة عن استيعاب كافة الحالات والظواهر المؤثرة في البيئة والتي تتنامى بسرعة كبيرة تتجاوز أي تدبير قانوني أو تنظيمي مما يبقى معه القضاء الملاذ الوحيد لضبط هذه المتغيرات وصون الحقوق برؤية متجددة تعطي الروح للنصوص وتجعلها في حالة حياة وحركة كما عبر عن ذلك فلاسفة وفقهاء القانون عبر العالم".
واستطرد كلامه بأن "هذا ما يجعلنا نغتنم هذه المناسبة لنؤكد على ضرورة إيلاء عناية خاصة لهذا الورش وتوفير كافة الإمكانات للسلطة القضائية، سواء على المستوى البشري أو المعرفي أو التنظيمي، لتكون في مستوى الانتظارات والتحديات، ومن واجب المبادرة الجادة إلى خلق وعي قانوني وقضائي بيئي من خلال الدورات التكوينية والورشات واللقاءات العلمية والتطبيقية وتكثيف الإصدارات يستفيد منها جميع المتدخلين والفاعلين والمهنيين.
- فضاء مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة
ويبقى إدماج التربية البيئية في المناهج التعليمية ركنا أساسيا وتحديا جوهريا لرؤية المغرب البيئية لخلق جيل جديد يؤمن بالحفاظ على بيئته، ويناضل من أجل حمايتها واستدامتها إزاء نشاطات الإنسان المعادية ولامبالاته تجاهها. ويشمل هذا الإدماج كل المواد، كانت دينية كالتربية الإسلامية أو أدبية كالتاريخ والجغرافية ودروس اللغات الأربع، أو علمية كالرياضيات والعلوم الفيزيائية والطبيعية، ليكتسب التلميذ والطالب المغربي صفة المواطن العالمي القادر على الحد من الانبعاثات الكربونية في المستقبل القريب، والمدافع بشراسة عن كوكبه الأزرق.
- اختتام أشغال مؤتمر الأطراف بمراكش
فقد أبانت المملكة عن قدرتها على حسن تنظيم هذه التظاهرة العالمية الكبرى، التي شهدت استضافة وحضور عدة رؤساء دول وحكومات وشخصيات ، خاصة من رجال السياسة والإعلام، ومن هيآت المجتمع المدني.
لقد كانت أنظار العالم موجهة نحو مراكش ، واستطاع المغرب رفع هذا التحدي. إن الأمر يتعلق بحدث غير مسبوق ، ببلادنا ، لأنه يهم مستقبل البشرية ، ومن حيث عدد ونوعية المشاركين فيه، أو من حيث النتائج الموفقة التي صدرت عنه.
وبهذه المناسبة يعبر جلالة الملك محمد السادس، عن شكره وتقديره السامي للجهود الخيرة التي بذلتها اللجنة المنظمة ولجنة القيادة، ومختلف السلطات المحلية والترابية، والأمن الوطني، والقوات العسكرية والمساعدة، وفعاليات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني وساكنة مدينة مراكش عموما. كما يشيد جلالة الملك بروح المسؤولية والالتزام والتعبئة القوية، والانخراط الإيجابي، التي أبان عنها مختلف الفاعلين المعنيين، من أجل إنجاح هذه القمة العالمية.
وما يبعث على الاعتزاز، أن التدابير التي تم اتخاذها والتنظيم المحكم لهذا المؤتمر الدولي الكبير، لم يؤثر على السير الطبيعي للحياة اليومية للمراكشيات والمراكشيين، بل على العكس من ذلك، فقد أبانوا على انفتاحهم ومشاركتهم كذلك بطريقتهم في هذا الحدث غير المسبوق، كما لم يؤثر أيضا على راحة السياح ضيوف المدينة الحمراء، التي حافظت على هدوئها وانسيابية الحركة بها، في ظل الأمن والاطمئنان وطيب المقام ».
ولقد اختتمت قمة المناخ بمراكش بتعهد نحو خمسين دولة بالانتقال للطاقة المتجددة.