MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تحديد مستحقات المطلقة - المتعة نموذجا -

     

جمال الخمار
دكتور في القانون الخاص



تحديد مستحقات المطلقة  -   المتعة نموذجا -

مقدمة

     العلاقة الزوجية ليست علاقة تابع بمتبوع وليست علاقة مادية، إنما هي علاقة إنسانية تسمو فوق التبعية وفوق المادة، ومن ثم لا يمكن أن تستمر بالقوة أو بسلطان القانون وإنما تظل بالمودة والمحبة لقوله تعالى : "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" ولهذا شرع الله الطلاق وحتى لا يسهل الطريق إلى الطلاق لأتفه الأسباب وضع الله القيود والضوابط السالف ذكرها، ثم شرع مبدأ التعويض ويسمى أيضا بالمتعة عن الطلاق، فقال تعالى" وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين"، وفي هذا الصدد قال ابن حزم أن هذه المتعة فريضة من الله كما أنها عامة في كل مطلقة دخل بها زوجها أو لم يدخل بها.
      وليس هذا الحكم مجمعا عليه فأكثر الفقهاء يرون أن الطلاق لا يرتب أي تعويض أو أية مسؤولية لأنه مباح شرعا فإذا مارس الزوج حقه فلا تترتب عليه أي شيء.
       فهل المتعة يقصد بها التعويض في الفقه الإسلامي؟ وما مفهوم المتعة الواردة في القران الكريم؟ وما علاقة المتعة بالتعويض في القانون المغربي؟ وإلى أي حد يمكن حرمان الزوجة من المتعة على أساس أنها تستحق التعويض فقط؟ وما هي حدود استفادة الزوجة من التعويض في الفقه الإسلامي والقانون المغربي؟ وهل كان المجلس الأعلى موفقا في قراره القاضي بوضع حد فاصل ما بين المتعة والتعويض؟ وهل للمتعة مفهوم خاص في الفقه الإسلامي؟ فهل يمكن أن تحرم الزوجة من حقها في المتعة والتعويض ؟ وإلى أي حد وفق المشرع المغربي في ضمان الحقوق المالية للمطلقة؟ وهل هذه الحقوق المالية تضمن الحماية القانونية والقضائية للمرأة المطلقة المهاجرة؟
        وللإحاطة  بمختلف هذه الإشكاليات ، ارتأينا تناول هذا الموضوع في ثلاث مطالب على الشكل التالي:

المطلب الأول: ماهية المتعة
المطلب الثاني: المطلقة بين المتعة والتعويض في العمل القضائي
المطلب الثالث : مستحقات المطلقة في الخارج

المطلب الأول: ماهية المتعة

       لسنا بحاجة إلى أقوال الأئمة أو نصوص القوانين وأحكام المحاكم، لتقرير مبدأ تعويض المطلقة فقد  شرع الله هذا وفرضه لقوله تعالى" ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، متاعا بالمعروف حقا على المحسنين"، وقوله تعالى" وللمطلقات متاعا بالمعروف حقا على المتقين".
       وقد اتجه بعض الفقهاء إلى القول بأن الأمر هنا اقترن بما يصرفه عن الوجوب إلى الندب لأنه قد تخصص بالمحسنين و المتقين وهذه صفات لا يعلمها إلا الله تعالى.
        وهذا التفسير لايستقيم مع سياق هذه الألفاظ في القرآن الكريم، فقد قيل لنبي الله يوسف وهو في السجن ولم يكن القوم يعلمون أنه نبي" نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين" وعندما احتجز أخوه في مقابل صواع الملك الذي وجد في رحله قال له إخوته وهم لا يعرفونه وقد كان بمثابة وزير للمالية "إن له أبا شيخا كبيرا، فخذ أحدنا إنا نراك من المحسنين".
والله تعالى يقول" فاتقوا الله ما استطعتم"كما طلب الله من المشركين التقوى على لسان الأنبياء فقال تعالى" إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون" وقال تعالى " إذ قال لهم شعيب ألا تتقون" وقال تعالى " إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون" وقال تعالى "إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون".
      فالإحسان والتقوى أوصاف وصفات يعلمها الناس ولهذا خاطبهم الله بها وطلبها منهم.
       وعلى هذا نجد من العلماء من فسر المتعة الواردة في القرآن الكريم بأنها تعويض، قال الشيخ محمد عبده " المتاع الحسن، بمنزلة الشهادة لنزاهتها والاعتراف أن الطلاق كان من قبله، لعذر يختص به لا من قبلها".
      وقال أحدهم "لما كان طلاق الزوج زوجته مضرا بها، مسيئا لسمعتها في بعض الظروف، فنرى الشريعة الإسلامية رتبت على الطلاق أثرا يرمي إلى تخفيف هذا الضرر عن المطلقة وذلك بالتعويض الذي تفرضه على الزوج لمطلقته يسمى المتعة"، قال تعالى " وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين"، ولكن بعض العلماء نسبة إلى بعض أقوال في الفقه الحنفي يفسر المتعة بأنها:
  • واجبة: إذا كان الطلاق قبل الدخول والخلوة وكان عقد الزواج قد خلا من تسمية المهر أو نفى فيه المهر أو سمى تسمية فاسدة.
  • متعة مستحبة : وذلك للمطلقة بعد الدخول أو الخلوة سواء سمي لها مهرا أم لا، وتضاف هذه المتعة إلى المهر الواجب.
       فالمتعة عند هؤلاء هي بدل عن المهر إذا لم يتفق عليه أو اختلف فيه وهنا تصبح واجبة.
       وتكون مستحبة للمطلقات في الحالات الأخرى كإضافة للمهر، والمتعة عندهم كسوة كاملة تبعا لعسر الرجل ويساره.
       وبالرجوع إلى قواعد اللغة العربية نجد أن المتاع هو" كل ما يتمتع وينتفع به ويرغب في اقتنائه كالسلع والمال و الطعام، ونجد معنى" أمتعني" بفراقه أي جعل متاعي فراقه".
       فالمتعة مقابل الفراق ولهذا قال اللغويون إن متعة المرأة ، ما وصلت به بعد الطلاق لتنتفع به من نحو مال أو خادم، وبالرجوع إلى ألفاظ القرآن الكريم نجد أن الحكم عام" وللمطلقات متاع بالمعروف"، فهو يشمل جميع المطلقات ولهذا قال أهل الظاهر بأن المتعة الواجبة على المطلق سواء طلق قبل الدخول أو بعده، وسواء كان تطليقا، وسواء كان قد جعل لها صداقا أم لا وذلك لعموم الآية.
       وهو أيضا قول الإمام الطبري، وهو رواية للإمام أحمد ابن حنبل وروى عن الإمام على قولهّ لكل مطلقة متعةّ وعن الزهري مثله.
       والمتعة ليست هي الكسوة، بل هي المال بمعناه العام ولم تكن عند أسلافنا، محصورة في هذا المعنى الضيق، كما لم تكن ضئيلة، فقد روي البخاري واحمد أن أمير المؤمنين الحسن بن علي عندما طلق زوجته عائشة الخثعمية بعث إليها ببقية صداقها وبمتعة عشرة ألاف درهم، مع هذا قالت" متاع قليل من حبيب مفارق"، فإذا رضيت الزوجة المطلقة بما يقدمه المطلق من تعويض عن الطلاق، فلا معقب لأحد.
        وإن لجأت إلى القضاء، أما الإنكار الزوج لمبدأ التعويض أو لاختلافهما على المقدار، فالأمر الذي لاشك فيه أن التعويض واجب ، فالطلاق أبيح للضرورة فإن لم تكن ضرورة فهو تعسف يوجب التعويض مع التأديب وإن وجدت ضرورة ولحق الزوجة ضرر منه ويجب إلزام الزوج بالتعويض إن كان لذلك مقتضى، وإن كانت الزوجة هي التي فشلت في الحياة الزوجية.
 
 
المطلب الثاني: المطلقة بين المتعة و التعويض في العمل القضائي

       هل للقضاء أن يبحث في سبب الطلاق أو التطليق وخاصة إذا كان مقدم من طرف الزوجة، حتى إذا استبان أن الزوجة قد تعسفت في استعمال حقها، تحرم من مستحقاتها الشرعية؟
      ذهب قرار صادر عن المجلس الأعلى على أنه " يراعى في تقدير مستحقات الزوجة فترة الزواج والوضعية المادية للزوج وأسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيعه، إلا أن المحكمة قد عممت الحديث عن مسؤولية التطليق دون الحديث عن أسباب ومسؤولية الزوجة في إيقاعه، لأن العارض لا مسؤولية له في النازلة، وقد أدلى بما يفيد امتناعها عن الرجوع لبيت الزوجية، ومع ذلك حكم بواجب المتعة المقدر في 8000 درهم مع أنها المسئولة الوحيدة عن طلب التطليق، ، وأنه بمقتضى المادة 84 من مدونة الأسرة فإن المتعة إنما يحكم بها في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بطلب الزوج، والمحكمة لما حكمت لها بالمتعة رغم أنها طلبت الحكم لها بالتعويض، ودون أن تحدد مسؤوليته عن الفراق لترتب على ذلك التعويض المستحق لهها عند الاقتضاء، فإنها تكون قد خرقت المادة المحتج بها وعرضت قرارها للنقض جزئيا فيما ذكر".
 وحيث إن هذا الأخير ميز ما بين المتعة والتعويض، ففي حالة عدم ثبوت مسؤولية الزوج في الفراق لا تستحق المطلقة المتعة، وكما سبق الإشارة فإن الفقه الإسلامي والذي يعتبر قانونا في حالة غياب نص في مدونة الأسرة طبقا للمادة 400 من مدونة الأسرة ، ولذلك فإن المجلس الأعلى سابقا ومحكمة النقض حاليا في هذا القرار حرم المطلقة من المتعة على أساس أنها لا تستحق التعويض لعدم ثبوت مسؤولية الزوج عن الفراق طبقا للقواعد العامة المنصوص عليه في قانون الالتزامات والعقود، إلا أنه إذا حرمت المطلقة من التعويض لعدم وجود خطأ من جانب الزوج سبب ضررا للزوجة فإنها تستحق المتعة لأن هذه الأخيرة لها طبيعة خاصة يرجع فيه إلى قواعد الفقه الإسلامي على أساس أن المادة 400 من مدونة الأسرة تحيل على قواعد الفقه الإسلامي وليس على قانون الالتزامات العقود، فالمتعة في حد ذاتها حقا وتستحق في جميع الحالات سواء كانت مسؤولية الزوجة في الفراق ثابتة أم غير ثابتة.
       وجاء في قرار المجلس الأعلى بأن المتعة لا يحكم بها إلا في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بناء على طلب الزوج ، إلا أنه في هذا القرار نحن أمام التطليق للشقاق، ومعلوم أن هذا النوع من التطليق ليس في الحقيقة إلا صلحا، فلا وجود في الفقه الإسلامي بالتطليق للشقاق كما أن المادة 94 من مدونة الأسرة نصت على ذلك حيث جاء فيها" إذا طلب الزوجان أو أحدهما من المحكمة حل نزاع بينهما يخاف منه الشقاق، وجب عليها أن تقوم بكل المحاولات لإصلاح ذات البين طبقا لأحكام المادة82 أعلاه"، وبذلك فإن الشقاق لا يدخل في خانة الطلاق ولا التطليق ، فهو نزاع نشب ما بين الزوجين ولا يهم من قدمه للمحكمة من أجل حله، وبذلك فإن قدمته الزوجة وفشلت محاولات الصلح ومن ثم التطليق  لا يعني أن الزوجة لا تستحق المتعة ولا التعويض، لأن هذين الأخيرين حقا لهما في جميع الأحوال.
        وحيث إن امتناع الزوجة عن الرجوع لبيت الزوجية في هذا القرار لا يعني أنها مسؤولة على إنهاء الرابطة الزوجية ، لأنه لا وجود لخطأ بل إن امتناع الزوجة من الرجوع إلى بيت الزوجية قد يكون حقا في حالة ما إذا كانت قد طالبت بسكن منفرد، وخاصة أنه ليس لنا ما يفيد في حالتنا هذه تخصيص مسكن مستقل للزوجة وبالتالي ليست مسؤولة في إنهاء الرابطة الزوجية.
        وبالرجوع إلى المادة 84 من مدونة الأسرة والتي استدل بها المجلس الأعلى في قراره هذا والذي جاء فيه بأن "المتعة المنصوص عليها في هذه المادة إنما يحكم بها في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بطلب الزوج"، ونلاحظ بأن تفسير نص المادة تم تمطيطه أكثر من اللازم على أساس أن الفقرة الأولى من المادة 84 لم تتحدث على أن المتعة يحكم بها في حالة الطلاق أو التطليق الذي يتم بطلب الزوج، وإنما تحدثت عن مشتملات مستحقات الزوجة بصورة عامة ولا يوجد ما يفيد باستثناء الزوجة من المستحقات في حالة إذا كانت هي التي طلبت بالتطليق أو الطلاق، حيث إن هذه المادة جاءت عامة ونصت على مستحقات الزوجة بصيغة الوجوب، حيث استعمل المشرع لفظ" تشمل" مستحقات الزوجة، وعليه فإن مستحقات الزوجة من النظام العام، ولا يمكن بأي حال حرمان الزوجة منها ولو كانت هي المسؤولة على إنهاء العلاقة الزوجية.
        وقد نص المشرع في المادة 84 من مدونة الأسرة بأنه" والمتعة التي يراعي في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج ، و أسباب الطلاق ، ومدى تعسف الزوج في توقيعه"، وقد نص المشرع على هذه المعايير من أجل تحديد المتعة، لأنها قابلة للزيادة والنقصان، وليس من أجل حرمانها منها على أساس أنها مسؤولة في إنهاء الرابطة الزوجية، وإنما تستحق المتعة وجوبا ولو كان مبلغها رمزيا لأنها مفروضة في جميع الأحوال.
 
 
المطلب الثالث: مستحقات المطلقة في الخارج

عند تعذر الإصلاح بين الزوجين فإن مدونة الأسرة عملت على ضمان الحقوق المالية للمطلقة، حيث تقوم المحكمة بتحديد المبالغ المالية التي يودعها الزوج بكتابة الضبط بالمحكمة داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما طبقا لمقتضيات المادة 83 من مدونة الأسرة، فالحقوق المالية للزوجة مضمونة سواء كان الطلاق بإرادة من الزوج أو بطلب من الزوجة.
وإذا كانت مدونة الأحوال الشخصية الملغاة لم تشر إلى مسألة الطعن في المستحقات، فإن مدونة الأسرة أشارت إلى مسألة الطعن في الأحكام الصادرة عن قضاء الموضوع في المادة 128، حيث ميزت في المقررات القضائية بين الجانب المتعلق بإنهاء الرابطة الزوجية والذي لا يقبل أي طعن، و الشق المتعلق بتقدير المستحقات المالية والذي يخضع للطعن وفق الإجراءات العادية .       
ولذلك فإن المشرع المغربي بإيراد هذه القواعد الحمائية لصالح الزوجة المطلقة قد تجاوز الانتقادات الدولية التي كانت تعتبر أن الأحكام القضائية المغربية لا تنصف الزوجة فيما يتعلق بتحديد المستحقات المالية ، حيث اعتبرت محكمة النقض البلجيكية في قرار صادر عنها بتاريخ 29/09/2003  أن الشكل الوحيد للمستحقات المالية للزوجة المطلقة هو ما يعطى لها في العدة، ولذلك فإن القانون المغربي يخالف النظام العام، كما أكدت أيضا محكمة الاستئناف ببر وكسيل هذا المبدأ على أساس أن القانون الوطني للزوجين لا ينص على ضمانات مالية وبما فيها النفقة لصالح الزوجة المطلقة بعد الطلاق ، ولذلك استبعدت هذه الأخيرة القانون المغربي للأسرة لأنه مخالف للنظام العام الدولي البلجيكي.
غير أن ما يثير بعض الصعوبات بين التشريع المغربي والتشريع الأوربي، في مجال المستحقات المالية لصالح الزوجة المطلقة ما يتعلق بالالتزام بالنفقة، إذ أن النفقة لصالح هذه الأخيرة  طبقا للقانون الأوربي غير محددة بفترة معينة، على خلاف التشريع المغربي حيث تنص الفقرة الأولى من  المادة 84 من مدونة الأسرة " تشمل مستحقات الزوجة الصداق المؤخر إن وجد، ونفقة العدة والمتعة التي يراعى في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق، ومدى تعسف الزوج في توقيعه"، مما يجعل الأحكام المغربية في هذا الإطار غير قابلة للتطبيق في أوربا، حيث استبعدت محكمة الاستئناف ببر وكسيل القانون المغربي للأسرة فيما يخص تقدير نفقة الزوجة المطلقة، لأن هذه النفقة محددة لفترة معينة ( العدة )، ولذلك اعتبرت هذه الأخيرة أن القانون المغربي للأسرة يتعارض مع النظام العام البلجيكي والنظام الأخلاقي  للأسرة.
ومن أجل تطبيق قانون الأسرة المغربي في أوربا، نص المشرع المغربي على مبدأ التعويض عن الضرر الذي يصيب أحد الزوجين  إما بسبب الإكراه أو التدليس أو بسبب التعسف في إنهاء الرابطة الزوجية. 
      حيث جاء في  حكم صادر عن قسم قضاء الأسرة بالحسيمة " وحيـــث إن المحكمة ومالها من سلطة تقديرية ترى تحديد التعويض في المبلغ 20000 درهم"، وعليه فإن هذه المقتضيات الواردة في مدونة الأسرة دفعت بمحكمة الاستئناف بفرنسا إلى إصدار قرار جاء فيه ما يلي " بما أن مدونة الأسرة أصبحت تتضمن مقتضى مماثل للفصل 266 من القانون المدني الفرنسي فيما يخص التعويض عن الضرر الناتج عن الطلاق  فإنه لا يمكن قبول طلب الزوجة الرامي إلى التعويض استنادا للقانون الفرنسي".
وتجدر الإشارة إلى أن القانون الأوربي يستلزم من الزوجين في حالة الطلاق الإتفاقي القيام بالتسوية الاتفاقية، وتوزيع جميع الممتلكات المشتركة وتوثيق هذه الحقوق المتفق عليها بشكل دقيق في متن الاتفاق الأولي وفي عقد مستقل وقد منح المشرع الأوربي الحرية لإرادة الزوجين فيما يقررانه، مما يسمح للمغاربة المقيمين في أوربا إما اختيار القانون الأوربي أو القانون المغربي باعتباره القانون الوطني  في ما يخص تدبير أموالهما المشتركة.
إلا أن الضمانات التي يقررها التقنين المدني الأوربي للزوجين مقارنة مع التشريع المغربي تجعل الزوجان يرغبان في الخضوع للقانون الأوربي، الذي يوجب عليهما في حالة وجود عقارات مشتركة اللجوء إلى جرد الممتلكات من قبل الموثق، الذي يوجب عليه القيام باتخاذ جميع الإجراءات التي ينص عليها القانون، وإن كان قانون وجود العقارات يتدخل من أجل الحد من اتفاق الأطراف وحماية الطرف المتضرر، فإن الأمر لا يثير إشكالا إذا كان موقع الممتلكات في موطنها المشترك. 
وعلى خلاف ذلك عندما يكون موقع بعض الممتلكات في المغرب، فقد يلجأ أحد الزوجين إلى التدليس أو الغبن، خاصة وأن المشرع المغربي لا يعترف بحق المرأة في أن تمتلك  حصة من الممتلكات مساوية لحصة الزوج عند انتهاء الزواج، وحتى عندما تكون هذه الحقوق القانونية ثابتة للمرأة باتفاق مسبق، فإن الرجل هو الذي يدير الممتلكات التي تملكها المرأة أثناء الزواج أو عند الطلاق في الغالب، وأمام غياب نص تشريعي في المغرب  نجد أن التشريع الأوربي يعاقب كل من تحايل على القانون وذلك بإخفاء الممتلكات عن الآخر بعقوبات جنائية سالبة للحرية أو مادية بالإضافة للعقوبات المدنية كحرمانه من الأموال التي قام بإخفائها.
إذا كان التشريع الأوربي يعطي للمطلقات كل حقوقهم المالية ويلزم كل مطلق بنفقة مستمرة وكذلك الاستفادة من المكتسبات المالية خلال الزواج أو قبله أو بعده حسب الاتفاق، فإن حرمانهم من المتعة والتعويض تجعل تنفيذ هذه الأحكام في أوربا مستحيلة لمخالفتها للنظام العام الأوربي، الذي أصبح  يتخذ بعدا دوليا.
 
 
 
خاتمة
 
        مما لاشك فيه أن الراجح فقها أن لا وجود للتفرقة ما بين المتعة والتعويض، فالمطلقة تستحق في جميع الأحوال المتعة، وعليه فإن حرمان الزوجة من المتعة والتعويض من شأنه أن يثير مشاكل عدة وخاصة تنفيذ هذه الأحكام في الخارج، حيث من المستبعد تذييل مثل هذه الأحكام بالصيغة التنفيذية.
 
 
 




الثلاثاء 23 فبراير 2016


1.أرسلت من قبل المصطفى في 24/02/2016 20:16
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
شكرا أخي وصديقي جمال على مقالكم المتميز فقد تطرقت لموضوع مهم
وخاصة الجانب المتعلق بوجود تفسير موسع للقضاء المغربي لمفهوم المتعة
متمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح والسداد والفلاح

تعليق جديد
Twitter