MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



النموذج التنموي المغربي خلال نصف قرن بين الطموح الداخلي والإكراهات الخارجية

     


مريم الخياري : باحثة في القانون الدولي
والعلاقات الدولية كلية الحقوق، فاس



النموذج التنموي المغربي خلال نصف قرن بين الطموح الداخلي والإكراهات الخارجية
 
 
المقدمــة

    كان المستعمر في عهد الحماية يتحكم في الهياكل الإنتاجية الأساسية التي كانت توجه اقتصاد البلاد في مجالات الزراعة والصناعة والمواد الخام والنظام النقدي والمالي والمواصلات ... إلخ. وقد كان من نتائج هذا التحكم تشويه هذه الهياكل وإهدار مصالح الشعب المغربي. 
    من هنا شكل استقلال المغرب بداية التحول من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، أي الانتقال من تحقيق الاستقلال عن القوى الاستعمارية إلى مرحلة الإصلاحات الكبرى والبحث عن الحلول للمشاكل الناجمة عن التغلغل الاستعماري وإيجاد علاج للآفات الاجتماعية والاقتصادية. لقد تطلع المغاربة إلى التغيير وإلى مشروع مجتمعي تنموي واقعي يخضع آليات الاقتصاد لخدمته بعد تحريره من سيطرة المستعمر الأجنبي وتأكيد سيادة الدولة على ثرواتها الطبيعية ومقدراتها الاقتصادية.
        فإلى أي حد حقق المغرب استقلاله الاقتصادي عن القوى الأجنبية؟ وكيف ساهمت القوى الداخلية في رسم المشروع التنموي الذي كان ينشده المغاربة؟ هذا ما سيشكل موضوع المبحثين المواليين

 المبحث الأول : استراتيجية المغرب التنموية غداة الاستقلال 

        تمحورت السياسة التنموية خلال السنوات الأولى للاستقلال في استعادة السيادة الكاملة على الخيرات الوطنية التي بنى عليها الاستعمار نظامه التعميري، وبالتالي استرجاع كل مقومات الدولة وتوجيهها توجيها وطنيا حيث عمل المغرب على استرجاع كافة أراضيه التي استولى عليها المستعمر، واختار بأن يكون اقتصاده اقتصادا فلاحيا، وهو اختيار نابع من كون ثلثي ساكنته النشيطة الذكورية كانت تشتغل في القطاع الفلاحي. إضافة إلى أن ثلاثة أرباع ساكنة المغرب من أصل عشرة مليون سنة 1955 كانت تعيش في الوسط القروي. ولقد كانت الفلاحة آنذاك تمثل 38% من الناتج الداخلي الخام. وكانت هذه الأراضي تمتد على 7,8% مليون هكتار مزروعة.[1]
        فإلى أي حد استطاع المغرب إعادة بناء نموذجه التنموي بعد أفول الاستعمار؟ وما هو الأساس الأيديولوجي الذي بني عليه هذا النموذج؟ وإلى أي حد خدم هذا النموذج المخططات التنموية للمغرب؟.

المطلب الأول : الأساس الأيديولوجي الذي بنى عليه المغرب نموذجه التنموي

          قبل البحث في المذهب الفكري الذي أطر النموذج التنموي المغربي سياسيا واقتصاديا، نرى من الضروري استعراض وضعية الاقتصاد المغربي خلال السنوات الأولى للاستقلال.

الفقرة الأولى : وضعية الاقتصاد المغربي غداة الاستقلال

           خضع المغرب خلال فترة الحماية لبرامج اقتصادية مكنت المستعمر من التحكم في الهياكل الإنتاجية الأساسية التي كانت توجه اقتصاد البلاد في مجالات الزراعة والصناعة والمواد الخام والنظام النقدي والمالي والمواصلات ...إلخ،[2] فقد اهتمت فرنسا آنذاك بالقطاعات التي تمكنها من استغلال خيرات البلاد دون أن تترك المجال للمغرب للاستفادة من المنجزات التي قامت بتحقيقها.
        لقد تم توجيه الاستثمار خلال هذه الفترة بطريقة غير عادلة، حيث استحوذت بعض القطاعات بأغلبية المبالغ المرصودة، في حين لم تحظى قطاعات أخرى إلا بالقليل،[3] وقد نتج عن هذه السياسة قطاعين متباينين : الأول شمل القطاعات التي تجمع البناءات الأساسية (المراكز الكهربائية، الطرق، السكك، المطارات)، قطاعات تصدير المعادن، المواد الغذائية وبعض فروع القطاع الثالث والصناعة الخفيفة)، والثاني هم القطاع التقليدي المتمثل في الفلاحة والصناعة التقليدية والصناعة الثقيلة والقطاع الثقافي المتمثل في التعليم الجامعي.
    وبعد الحصول على الاستقلال وجد المغرب نفسه أمام وضع متخلف على كل المستويات ساهم فيه مجموعة من العوامل، بداية بالركود الاقتصادي الذي نتج عن هروب رؤوس الأموال،[4] مما أدى إلى نقص في إنتاجية ومردودية القطاعات سواء الفلاحية أو الصناعية، مرورا بالحالة الاجتماعية حيث أصبح الفقر من الظواهر التي لوحظت بعد الاستقلال، ففي سنة 1959 كان الدخل الفردي يساوي 600 درهم سنويا بغض النظر عن الفوارق الاجتماعية داخل المدن أو بين المدن والقرى. ثم الضغط الديمغرافي وأثره على الاقتصاد، وأخيرا عدم توازن الهياكل الاجتماعية والاقتصادية.
    إن هذه الوضعية الصعبة التي طبعت المغرب بمجرد خروج المستعمر ستدفع السلطات المغربية إلى التدخل منذ السنوات الأولى بنهج استراتيجية للتحرر الاقتصادي، عبر عنها جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله آنذاك  بقوله، "لن يكون للاستقلال السياسي الذي استرجعناه أي معنى إذا لم يمكنا من تحقيق استقلال اقتصادي وبنائه على أسس قوية"[5] فقد كان من الضروري إعطاء معنى اقتصادي للتحرر السياسي.
    هكذا نهجت الحكومات الأولى للاستقلال استراتيجية هدفت من ورائها تحقيق استقلال اقتصادي بواسطة نموذج للنمو يعتمد على الذات بالتركيز على التصنيع. وقد وجدت هذه الأفكار أساسها في المثل التحررية ومن مبادئ حركة عدم الانحياز، وقد حاولت السلطات العمومية المغربية تحرير الاقتصاد المغربي وفك الارتباط مع فرنسا، وذلك باتخاذ عدة قرارات، مثل استرجاع الحرية الجمركية سنة 1957، وهو ما كان يعني بوضوح التخلي عن النظام الاقتصادي للباب المفتوح، وتوقيع اتفاقيات جديدة للتجارة، ونظرا لانخفاض قيمة العملة الفرنسية سنة 1958، قام المغرب بخلق معهد وطني للإصدار سنة 1959 يسيره المغاربة ...إلخ.
    وقد كان لتولي عبد الله إبراهيم رئاسة الحكومة – وهو زعيم الشق اليساري لحزب الاستقلال الذي سينبثق عنه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية – الفضل في إعداد مخطط توجيهي للتنمية، الذي كان ينوي القيام بمجموعة من الإصلاحات البنيوية في مجالات حساسة من الحياة الاقتصادية (الإصلاح الزراعي، إرساء قاعدة صناعية للدولة، إعادة الهيكلة الإدارية، وتعميم التعليم) والذي يرتكز على المبادئ التي تبنتها النزعة التقدمية للحركة الوطنية منذ الاستقلال. فهل ترجمت هذه النظرة في المخططات التنموية التي نهجها المغرب؟.

        الفقرة الثانية : المذهب الفكري الموجه للنموذج التنموي المغربي

                   إن اختيار نموذج معين للتقدم يفترض اتباع خيارات إيديولوجية معينة، فقد اختارت العديد من الدول النامية بعد حصولها على الاستقلال نموذجا للتنمية ينبني على التصنيع السريع كوسيلة لتحقيق التنمية، أما المغرب فقد اختار التوجه الليبرالي متأثرا في ذلك بتوجيهات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.[6]
                لقد جعل المغرب من هذا الاختيار خلال الستينات والسبعينات أداة متميزة في علاقاته مع الغرب. ففي الوقت الذي اختارت فيه العديد من الدول النامية التوجه الاشتراكي الذي رأت فيه النموذج الأكثر عدلا من النظام الليبرالي المرتبط بالدول الاستعمارية، فضل المغرب الارتباط بالنظام الرأسمالي كوسيلة لجلب الاستثمارات الخارجية والحصول من المؤسسات المالية الدولية (BM,FMI)، ومن الدول المكونة للمعسكر الغربي على كل المساعدات الاقتصادية الضرورية للحفاظ على التوازن الخارجي المضطرب للمغرب، وكذا لتمويل حرب الصحراء المغربية ابتداء من سنة 1976.[7]
    لقد عبر المرحوم الملك الحسن الثاني عن دوافع هذا الاختيار في كتابه ذاكرة ملك، في جوابه لإيريك لوران حين سأله عن الاختيارات الاقتصادية للمغرب مقارنة مع الجارة الجزائر، حيث قال رحمه الله " كان ذلك بعد السنة الثالثة أو الرابعة من اعتلائي العرش، وقد خلصت إلى استنتاج لا جدال فيه، وهو أن الدولة لا تحسن المعاملات التجارية، أو لأنها لا تعرف كيف تبيع وتشتري، وثانيا لأن لها مهام أخرى، ومنذ ذلك الحين أصبحت من أنصار المبادرة الخاصة، شأني في ذلك شأن ذلك البحار الذي يمسك بصاري السفينة وهو يخوض الأخطار ويجابه العاصفة. إلا أن الأمر لم يكن يتعلق بموقف متطرف، ذلك أنني أعتبر أن الليبرالية العمياء – مثلها مثل سياسة الاقتصاد الموجه بصرامة – تعد قاتلة، وقد أكدت الأحداث التي شهدتها لونس أنجلس مؤخرا أنه يتعين على المسؤولين الأمريكيين اعتماد تدخل الدولة بعض الشيء في سياساتهم الاقتصادية، فمنذ 1964 إذن، وأنا أعرف أن الدولة برهنت على أنها تاجر فاشل، إلا أن كل مشكلتي كانت تكمن في كيفية النجاح في اعتماد الليبرالية، إذ لم يكن هناك ادخار وطني. وكنا نجد في مختلف جهات المملكة بعض العائلات الغنية، إلا أن ثرواتها لم تكن تمثل حتى عشر الثروات التي كانت تملكها بعض العائلات الأوربية، ولتأسيس نظام ليبرالي يتعين امتلاك ثروة وطنية مرتكزة على الادخار، ولم يكن أحد آنذاك بقادر على ذلك وبالتالي فكان لا بد من الارتجال والعيش دون تخطيط، وفي مثل هذه الحالة تكون "البراغماتية" أحيانا سبيلا للخلاص."[8]

المطلب الثاني : استراتيجية الدولة التنموية منذ سنة 1960 إلى غاية 2005

        اعتبرت التنمية التحدي الأكبر الذي واجه المغرب في سباقه نحو التقدم والتحديث، فقد حاول منذ السنوات الأولى للاستقلال وضع استراتيجية تنموية خاصة مبنية على معطيات ثابتة جعلته كما يقول محمد الجابري "تجربة تنموية منفتحة بمعنيين : منفتحة بنيويا باعتمادها كاختيار استراتيجي، ومنفتحة إعلاميا بمعنى أنها تعتمد الإحصاء في مخططاتها، لا تضرب الحصار على المعلومات بل تترك الباب مفتوحا بهذه الدرجة أو تلك لمن يروم الحصول عليها".
        ولعل السمة التي طبعت معظم المخططات التي تبناها المغرب هو اعتمادها نفس الاستراتيجية العامة مع بعض التحولات التي فرضتها ظروف وتقلبات المرحلة.
هذا ما سوف نقف عليه خلال الفقرتين المواليتين من خلال تناول سياسة المخططات التنموية منذ اعتماد أول مخطط إلى حدود 2005 على أن أتناول السياسة التنموية على ضوء المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، للوقوف على أهم إنجازاتها، ونقائصها.

الفقرة الأولى : مضمون المخططات التنموية وأهدافها

مع مطلع الستينات ظهرت ملامح الرغبة في بناء مغرب قوي وإحداث القطيعة مع المرحلة الاستعمارية، حيث تم وضع أول مخطط خماسي للبلاد (1960 – 1964)، الذي استهدف تحقيق الاستقلال الاقتصادي وإقرار الإصلاحات الأولية من خلال مباشرة الإصلاح الزراعي والعمل على تصنيع المغرب، وجعل الصناعة الثقيلة النواة والمحرك الأساسي لباقي القطاعات وإنشاء صناعات أولية تحويلية، كذلك إصلاح هياكل الدولة وتكوين الأطر الوطنية لسد العجز في ميدان الأطر عن طريق سياسة تعليمية واسعة، إضافة إلى إقرار نظام جمركي جديد، وفك الارتباط بين الفرنك الفرنسي والفرنك المغربي، كما تم تأسيس مكتب للصرف للتحكم في تحويلات الفرنسيين الذين أصبحوا يهربون أموالهم إلى الخارج بكثرة.[9]
    لقد كان الهدف من هذا المخطط النهوض بالإصلاحات التي دشنها المغرب خلال المرحلة الانتقالية، بإعادة هيكلة النظام الاقتصادي المغربي بصورة تجعله يتجه في اتجاه غير اتجاه نظام التعمير الاستعماري حتى يمكن الدخول في مسلسل القضاء على البطالة، وتوسيع فرص الشغل لتشمل كافة الجماهير العاطلة.
    وقد عرفت هذه الفترة نموا مرتفعا راجع إلى تحسن أداء القطاع الفلاحي وحيوية القطاع العمومي، تجسد ذلك في إحداث عدة مكاتب ومقاولات عمومية، حيث سجل معدل النمو خلال هذه الفترة نسبة 5,7% سنة 1963، إلا أن اعتماد مخطط دقيق على مدى ثلاث سنوات، يقوم على الحد من الواردات والتحكم في عجز الميزانية، والذي صادف موسم فلاحي رديء أدى إلى انخفاض النمو إلى نسبة 1,5% سنة 1964.[10]
        كما أن إقالة حكومة عبد الله إبراهيم، ستؤدي إلى إعادة النظر في استراتيجية المخطط من قبل من يسميهم محمد عابد الجابري "بدعاة الليبرالية الواقعية"، الذين دعوا إلى "ضرورة إشراك رجال الأعمال في تدبير أموال الدولة وتسيير هياكلها وتنميتها".[11] وهكذا طرح مشروع تحديثي جديد كبديل للمخطط الخماسي، ركز فيه على ضرورة محاربة البطالة وإنعاش الشغل كأساس لأي مشروع تنموي، فطرح "برنامج الإنعاش الوطني" لمحاربة البطالة في البداية تحت وصاية وزارة الداخلية سنة 1961.
        ونظرا للنتائج النسبية التي أدى إليها هذا المشروع "الإنعاش الوطني"، وتكريسا للسياسة الليبرالية التي نهجتها الدولة كاختيار في مجال التدبير طرح المخطط الثلاثي (1965- 1968) الذي سيركز على "الفلاحة والصادرات والسياحة"، ونادى بتقلص تدخل الدولة في المجالات الاقتصادية الأخرى، وإعطاء القطاع الخاص الدور المهم والمحرك الاقتصادي...، وكان يشجع على انتهاج سياسة ليبرالية في الاقتصاد، فوجهت الدولة استثماراتها إلى إنشاء السدود وتوجيه الفلاحة نحو التصدير وإخضاعها لمتطلباته، وتطوير آليات الاستغلال في قطاع الفلاحة المسقية، وأمكن ضمان التزويد المنتظم للمدن بالماء الصالح للشرب، غير أنه لم يكن بإمكان المناطق النائية والساكنة المعوزة الاستفادة بشكل تلقائي من انعكاسات السدود والطرق والشبكة الكهربائية.
        أما في مجال السياحة فقد اتجه المخطط إلى إنشاء تجهيزات مهمة، تمثلت في بناء سلسلة من الفنادق وتحسين جودة الخدمات في أكثر المناطق جلبا للسياح. ورغم إعطاء الأولوية للفلاحة والسياحة باعتبارها قطاعا حيويا يجلب العملة الصعبة إلا أن هذه التجربة لم تنجح في الاستمرار، نظرا لأنها تطلبت موارد مالية كبيرة من جهة، وكذلك لأن الظروف السياسية التي عاشها المغرب ابتداء من منتصف الستينات، وخاصة بعد إعلان "حالة الاستثناء" لم تكن ملائمة.[12]
        ولم يخرج المخطط الخماسي (1968 - 1972) عن الاختيارات والأولويات التي حددها المخطط السابق، إلا أنه ركز بعض الشيء على القطاع الصناعي، حيث شجع الفلاحة التصديرية وعمل على تحديث وسائل الإنتاج، إلا أن النتائج الاجتماعية للاستراتيجية التنموية التي نهجتها الدولة خلال المخططين الأخيرين كانت جد هشة ومخيبة لآمال وتطلعات ومتطلبات المواطنين، ثم عرفت بداية السبعينات انطلاقة جديدة للاقتصاد الوطني بمخطط (1973 - 1977)، باعتماد سياسة جديدة ذات طابع نقدي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها مرحلة الستينات، ولذلك اعتبر هذا المخطط بمثابة سياسة تصحيحية لاستراتيجيات الدولة السابقة في معالجة الأوضاع العامة للبلاد،[13] حيث دشن سياسته بمشروع المغربة وتثمين المعادن المغربية، كما تبنى مشاريع اقتصادية واجتماعية طموحة تم تمويلها أساسا بمداخيل الفوسفاط. وقد احتفظ هذا المخطط بالأولويات الثلاث للمخطط الخماسي الثاني، وهي الفلاحة والسياحة وتكوين الأطر، أضيف إليها أولوية رابعة  تمثلت في تنمية القطاع الصناعي ولا سيما الصناعات التصديرية،[14] التي استفادت من تشجيع الدولة لها، إضافة إلى تعبئة كل الطاقات الإنتاجية، بغية تحقيق أعلى معدل نمو. كما أصبح للتنمية الجهوية معنى واسعا وشاملا وغنيا، حيث قسم المغرب إلى سبع جهات اقتصادية، عن طريق إدماج عدد من الأقاليم في كل جهة اقتصادية.
        وما أن وضع هذا المخطط موضع التنفيذ، حتى اتسمت الوضعية الاقتصادية والمالية الدولية باختلال بالغ، فالنمو المتزايد للبلاد المصنعة صاحبته موجات حادة من التضخم، الذي اقترن باضطرابات خطيرة طرأت على العلاقات النقدية الدولية، ثم أعقبه غلاء أثمان المواد الأولية،[15] وفي طليعتها البترول والمواد الغذائية، إضافة إلى المواد المصنعة التي تستوردها البلاد النامية. لكن انخفاض الأسعار سنة 1975 أدخل المغرب في دوامة المديونية التي وصلت سنة 1983 إلى 124% من الناتج الداخلي الخام. وأمام هذه الوضعية لم يكن في وسع المغرب سوى الخضوع لتعاليم صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، مما سيكرس سياسة الانفتاح الخارجي للمغرب عن طريق تبنيه لبرامج وسياسات التقويم الهيكلي.
        وخلال سنة 1978 سيتم الإعلان عن المخطط الثلاثي (1978 - 1980) الذي حاول أن يلطف من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن ارتفاع أسعار البترول، فأفرز مكانة مهمة للقطاع الخاص في عملية التنمية، وعمل على الاعتناء بالمقاولات الصغرى والمتوسطة وأوصى بالتقليل من نفقات الدولة جراء انعكاس سنوات الجفاف التي عرفها المغرب في تلك الفترة.
        وتميزت سنة 1983 باقتراح مخطط خماسي جديد (1983 - 1987)، حاول لملمة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، عن طريق دعم المنتوجات الغذائية والصناعية والطاقة، وركز على التقليص من الفوارق الطبقية بإحداث مناصب للشغل ... لكن إقرار سياسة "التقويم الهيكلي" في نفس الفترة سوف يؤدي إلى تأخير عملية النمو، وإلى تدهور التنمية الاجتماعية جراء الحد من الموارد والتقليل من طلب الحبوب، وارتفاع الأسعار الداخلية نتيجة تدهور العملة الوطنية بالنسبة للعملة الأجنبية، وانعكس هذا على الدولة إذ كلفها ذلك جهدا مضاعفا لتحقيق بعض الأهداف الموسمية في المخطط.[16]
        ولمحاولة التخفيف من انعكاسات هذه السياسة، سيعتمد المغرب سنة 1993 برنامج الأولويات الاجتماعية (ر/ج1)، الذي استهدف تطبيق استراتيجية للتنمية الاجتماعية تشمل العديد من الأقاليم الأكثر تهميشا في المملكة، هذه الاستراتيجية تألفت من ثلاث مشاريع أساسية : التعليم الأساسي، الصحة الأساسية، والإنعاش الوطني والتنسيق ومتابعة البرامج الاجتماعية.
        وقد سجل هذا البرنامج نتائج إيجابية، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الهدر المدرسي، حيث سجل تحسن في مستوى المكوث في المدرسة خاصة بالنسبة للفتاة وكذا الرفع من مستوى التمدرس، كما استفاد الأطفال المتمدرسون من توزيع الكتب والأدوات المدرسية ومن خدمة المطاعم المدرسية.
        ونفس التحسن سجل في مجال الصحة، كما سجلت نتائج إيجابية على مستوى معالجة معضلة الفقر حيث عمل على خلق فرص واسعة للشغل وفك العزلة عن المناطق القروية بمدها بالماء الصالح للشرب، وفي نفس الإطار تم إنجاز مشاريع مهمة من طرف "الإنعاش الوطني"، والتي مكنت من خلق كتلة أجرية مهمة في الوسط القروي من دعم تدخلات كل من الصحة والتربية.

الفقرة الثانية : تقييم حصيلة المخططات التنموية

        إن السمة الأساسية التي ميزت المخططات الثمانية السابقة،[17] هي لا مبالاتها بالمشاركة الشعبية الواسعة، وعدم إدماجها العنصر البشري في إذكاء روح المبادرة والمقاولة ودينامية الخلق والإبداع وحركية التغيير الديمقراطي التي بدونها لا تتحقق التنمية المنشودة أو تتحقق جزئيا ونسبيا.[18]
        لقد أدى غياب الإرادة الشعبية ومعها الإرادية السياسية المعبر عنها بوضوح، إلى فقدان تلك المخططات لتلك الإرادية والتطوعية التي تشحذ النفوس والعزائم وتعطي شحنة قوية للأداء والكفاءة في إنجاز المشاريع والمبادرات المبرمجة بأقل التكاليف وأجود الشروط والمواصفات وفي أسرع الآجال، وهي أسباب نجاح كل مخطط أو برنامج أو مشروع.
        ومما زاد من نقص تلك المخططات هو عدم خضوعها  للتتبع والتقييم الذي لم تكن السلطات الحكومية والإدارية تعيره اهتماما كبيرا، وهكذا جاءت هذه المخططات بنتائج محدودة في عطائها ومستوى نتائجها إلى الحد الذي جعل منها أحيانا أشكالا وقوالب بلا مضامين حقيقية وفعلية.
        ولتكريس مسار التنمية المستدامة التي دشنها المغرب خلال العقد الأخير من القرن المنصرم، تميز مشروع مخطط التنمية (2000 - 2004) الذي هدف إلى تعديل مسار التطور وآليات التنمية الاقتصادية – الاجتماعية ووضع المغرب على السكة الصحيحة للتنمية، التي يستطيع من خلالها استغلال كل مكوناته وطاقته المادية والبشرية استغلالا عقلانيا،[19] وتتلخص أهم البرامج المقترحة في هذا الإطار في تحسين أجواء الاستثمار وتكييف الإطار التشريعي والتنظيمي والإداري مع مقتضيات التطور وتعزيز اللامركزية، تثمين الموارد البشرية وتأهيل الإنسان المغربي، تسريع أنساق النمو الاقتصادي بهدف إنعاش التشغيل وتجويد وتحسين مستوى المعيشة، تأهيل نسيج الإنتاج ورفع مستوى التنافسية لتيسير إدماج البلاد في المبادلات والمعاملات الخارجية، تنمية العالم القروي وإخراجه من العزلة والتهميش، وأخيرا دعم التنمية الجهوية وتقليص الفوارق الاجتماعية والفئوية والجغرافية والمجالية وعلى نطاق التعليم والتربية والتكوين وفيما بين الجهات والأقاليم.[20]
        بعد هذه القراءة المقتضبة، نخلص مما سبق إلى استنتاج واحد ووحيد، هو أن هذه الاستراتيجية التنموية التي نهجها المغرب خلال النصف قرن الماضي (بإخفاقاتها ونجاحاتها) بقيت عاجزة أو لنقل متباينة مع طموحات ومتطلبات ومطالب الجماهير الشعبية، مما حتم من ضرورة الإسراع بإعادة النظر في هذه الاستراتيجية، ومحاولة البحث على سبل لسياسة تنموية جديدة ومتطورة، تمليها إرهاصات ومتطلبات المرحلة، سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، فجاء الخطاب الملكي ل 18 ماي 2005 خير استجابة لذلك من خلال إعلانه "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" كتصور بديل وحديث لمسألة التنمية البشرية في المغرب.

المبحث الثاني : السياسة التنموية المغربية على ضوء المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

تقتضي معرفة الفلسفة المؤطرة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وضعها في إطارها العام الذي ظهرت فيه، هذا الأخير يبقى محكوما من الناحية المنهجية باستحضار مستويين رئيسيين، المستوى الخارجي أو الدولي، والمستوى الداخلي أو الوطني. وحيث أن الفصل بين ما هو خارجي وما هو داخلي في الظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية أمر صعب للغاية، فإن حدث المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لم يخرج عن هذه القاعدة، فالتأثير المتبادل للمعطى الخارجي والمعطى الداخلي يبدو جليا في العديد من جوانب المبادرة.
        ولفهم السياق العام الذي تندرج فيه هذه المبادرة وكذا أهم ما تنطوي عليه من أهداف وبرامج، سوف أتناول في فقرة أولى السياق الخارجي والداخلي للمبادرة، على أن أخصص الفقرة الثانية لمضمونها والنتائج المحققة على أرض الواقع.

المطلب الأول : السياق العام  للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية

   يرتبط مفهوم التنمية البشرية على المستوى النظري بالإسهامات العلمية لمجموعة من الباحثين والمفكرين من أمثال (أمارتياسين)، وعلى المستوى الإجرائي باعتماد هذا المصطلح كمقاربة مرجعية مؤطرة للتصور الأممي المعاصر في مجال الدفع بشروط تحقيق التنمية خاصة في الدول النامية.


الفقرة الأولى : الرهان الدولي للتنمية البشرية

    ظل مفهوم التنمية البشرية حتى سنة 1990 مرتبط بحصة الفرد في الناتج الداخلي الخام أو ما يحصل عليه من خدمات مادية، ومع سنة 1990 اكتسى مفهوم التنمية البشرية طابعا جديدا، حيث أصبح مرتبط بالإنسان باعتباره صانع التنمية وهدفها في آن واحد، وقد تبنى البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة سنة 1990 مفهوم التنمية البشرية، حيث يقوم هذا المفهوم على : "أن البشر هم الثروة الحقيقية للأمم، وأن التنمية البشرية هي عملية توسيع اختيارات البشر"، فالتنمية البشرية ترتبط بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للإنسان.

الفقرة الثانية : السياق الداخلي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية

        جاء الخطاب الملكي حول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار مناخ وطني مليئ بالتطورات والتغيرات، كان منطلقها أحداث 16 ماي 2003 التي عرفتها مدينة الدار البيضاء، التي خلفت صدمة في أوساط المجتمع المغربي، ونقاشا حادا حول أسباب ومسببات الظاهرة، وما تمخض عن ذلك من تحليلات أوصلت إلى حقيقة العجز الكبير الحاصل على المستوى الاجتماعي، خصوصا أن كل المنفذين ينحدرون من منطقة معروفة بهشاشتها وفقرها (دور الصفيح).
        وقد أسس الخطاب المرجعي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لأهم الدوافع والمبررات التي أدت إلى إنتاجها، وفي هذا الإطار يقول صاحب الجلالة في نفس الخطاب : "إن الأمر يتعلق بالمعضلة الاجتماعية التي نعتبرها بمثابة التحدي الأكبر لتحقيق مشروعنا المجتمعي التنموي والتي قررنا بعون الله وتوفيقه، أن نتصدى لها بإطلاق مبادرة طموحة وخلاقة باسم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية".
        يتضح أن المشكلة تكمن في النقص الحاصل على مستوى المؤشرات الاجتماعية التي طالت ميادين متعددة، والتي تتطلب ضرورة وضع برنامج متكامل ومتناسق وشمولي، ومؤسس على مقاربات حديثة قادر على الاستجابة لطموحات مجتمع أصبحت فيه البطالة والفقر والإقصاء والتهميش والأمية متفشية بشكل كبير.

المطلب الثاني : المبادرة الوطنية للتنمية البشرية : الأهداف والنتائج  

         وضعت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كأفق استراتيجي لها العمل في ثلاث واجهات أساسية وهي : محاربة الفقر والأمية خاصة في الوسط القروي، محاربة الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي في المجال الحضري، ثم محاربة الهشاشة والتهميش.
        هذه البرامج الثلاثة يمكن إدراجها فيما يمكن الاصطلاح على تسميته بالبرنامج العمودي للمبادرة، وهو برنامج كما يدل على ذلك محتواه يتكامل في عناصر تدخلاته، سواء بالنسبة للوسط القروي أو المجال الحضري، وأيضا في تبنيه لمقاربة التدخل الذي يروم في نفس الوقت إعطاء العناية الخاصة للفئات التي تعاني من الهشاشة القصوى والتهميش.
إلى جانب هذا البرنامج العمودي أوجدت المبادرة برنامجا أفقيا، يروم بالأساس إيجاد صيغة للتدخل المتعدد الأوجه، ليس فقط بالنسبة للبرامج الثلاثة السابقة، بل باعتماد المقاربة الوطنية الشاملة. إذ أنه سيهم مجموع التراب الوطني، وسيشكل قناة الربط والتوجه والتأطير والمواكبة للبرنامج العمودي.

الفقرة الأولى : برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

        لتحقيق أهدافها، سطرت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية برنامجين : برنامج عمودي ارتكز على ثلاث محاور أساسية، وبرنامج أفقي شمل الجماعات القروية والحضرية غير المستهدفة بالبرنامج العمودي والممتدة على مجموع التراب الوطني.

  أولا : البرنامج العمودي للمبادرة  

                يرتكز البرنامج العمودي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية على ثلاث محاور رئيسية : تتمثل في محاربة الفقر ومحاربة الإقصاء ومحاربة الهشاشة القصوى والتهميش. ويبقى عامل الفقر القاسم المشترك بين البرامج الثلاثة السابقة، والمسبب لأبرز المظاهر السلبية للإشكالية الاجتماعية.
          وعلى الرغم من أن ظاهرة الفقر ذات طابع قروي في أغلب الجوانب المكونة لها، إذ أنه إذا كان مؤشر الفقر قد نزل بنسبة 24% في الحواضر ليصل إلى 8%، فإن الفقر والأمية والهجرة القروية يبقون على الساكنة القروية في وضع جد مقلق (بنسبة 22% سنة 2004). وهكذا، تفيد الإحصائيات الرسمية أنه من بين 1298 جماعة قروية، 66% من هذا العدد له مؤشر تنمية اجتماعية (كهرباء ماء وطرق) أقل من 52%، أما الباقي 220 جماعة فينزل المؤشر الخاص بها إلى 23%. وبالنسبة لمؤشر التجهيزات الأساسية فإن نسبة لا تتجاوز 13,5% من الجماعات القروية[21] هي التي تعتبر جماعات مجهزة بشكل لائق.
        وعلى الرغم من ضعف مؤشر الفقر في الجماعات الحضرية، إلا أنها غير مستثناة بهذه الظاهرة، ف 39 جماعة حضرية لها مؤشر فقر يتجاوز 20%، وتتواجد هذه الجماعات في جهات الشرق (10 جماعات)، مكناس – تافيلالت (7 جماعات)، مراكش تانسيفت الحوز (4 جماعات)، الغرب – الشراردة بني حسن (4 جماعات)، ودكالة – عبدة (3 جماعات).[22]
 
 
" 1– برنامج محاربة الفقر بالوسط القروي "

         برنامج محاربة الفقر بالعالم القروي يستهدف 403 جماعة قروية استنادا إلى نسبة الفقر المحددة في 22%، بعد أن كانت محددة في 30% كمعيار مرجعي، ويهدف إلى دعم الأنشطة المدرة لدخل.[23] تعميم الاستفادة من التجهيزات والخدمات الاجتماعية، إيلاء الاهتمام بالتنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي، وأخيرا، دعم التنمية المحلية.

" 2- برنامج محاربة الإقصاء بالمجال الحضري "

        و قد جاء من أجل توفير كافة الشروط والضمانات اللازمة للنهوض بوضعية السكان، باستهدافه 264 حيا حضريا ضمن الأحياء الأقل حظوة بالمدن الكبرى، حيث تم الاعتماد في تحديد هذه الأحياء على معايير معدل البطالة، وحجم الساكنة المستهدفة، وجود وحجم السكن العشوائي، ثم الخصاص في البنيات والخدمات العمومية الأساسية، والتكامل مع البرامج التنموية المحلية المبرمجة أو في طور البرمجة، وأخيرا، المساهمة المالية للشركاء خصوصا الجماعات المحلية، ويرمي هذا البرنامج إلى النهوض بالأنشطة المدرة للدخل ولفرص الشغل للجماعات غير المحظوظة، وبصفة خاصة النساء والشباب، ودعم الشغيلة المستقلة والمقاولات الصغيرة في الصناعة التقليدية والفلاحة الحضرية والحرف الخدماتية البسيطة، والترقية الاجتماعية للشباب غير المحظوظين بواسطة التكوين التأهيلي وتنمية الحرف الحضرية البسيطة، وكذا تحسين الولوج إلى الخدمات العمومية والحضرية الأساسية لفائدة الساكنة الفقيرة، وإنشاء خدمات القرب لفائدة الساكنة غير المحظوظة، كالترفيه، التجهيزات الثقافية والرياضية والتربوية والصحية والأمنية...الخ، وتعبئة الأطراف المتدخلة خصوصا الجمعيات المستقرة في عين المكان، وأخيرا، تحسين ظروف إقامة الساكنة الفقيرة في الأحياء المستهدفة.

" 3- برنامج محاربة الهشاشة و التهميش  "

        يهدف هذا البرنامج من خلال ثلاثة محاور إلى إعطاء الأولوية لإعادة الإدماج العائلي والسوسيومهني للأشخاص المعنيين، وتحسين نوعية الخدمات المقدمة حاليا من طرف المؤسسات العمومية والجمعيات لأجل بلوغ المواصفات التي تتطابق والشروط العامة لتأمين الظروف المناسبة للكرامة الإنسانية، وأخيرا، تحسين تدبير المراكز والجمعيات المتدخلة في موضوع الهشاشة من أجل تفعيل واحترام المواصفات الموحدة وعقود برامج التدبير، وإحداث مراكز إضافية جديدة للاستقبال حسب الحاجة.
        و قد حدد برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سبع فئات عامة بالنسبة للأشخاص الموجودين في وضعية هشة حصرها في الشباب بدون مأوى و أطفال الشوارع، والأطفال المتخلى عنهم، والنساء في وضعية اجتماعية جد صعبة، وكذا المتسولون و المتسكعون، إضافة إلى قدماء السجناء بدون موارد، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بدون موارد، وأخيرا العجزة المعوزون. وبالتالي فالبرنامج يشتغل على أربع مجالات تتمثل في الطفولة، السكن، الصحة و الانحراف.

       ثانيا : البرنامج الأفقي للمبادرة

         يهدف البرنامج الأفقي إلى تمويل المشاريع ذات الوقع الكبير على التنمية البشرية على صعيد كافة الجماعات القروية والحضرية غير المستهدفة، و ذلك من خلال دعم المشاريع ذات الوقع القوي عن طريق المشاريع والعمليات الأفقية كالأنشطة المدرة للدخل، ودعم جمعيات القروض الصغرى، وتحسين الاستفادة من الخدمات الاجتماعية عن طريق تحسين الولوج إلى الخدمات و البنيات الأساسية.                     
       ويستهدف التنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي عن طريق دعم عملية التنشيط الاجتماعي ودعم مزاولة الرياضة، وترشيد الحكامة المحلية بدعم الكفاءات المحلية والتكوين والخبرة...، كما يهدف إلى الرفع من قدرات الكفاءات والفاعلين المحليين في المجالات المرتبطة بالشأن التنموي عبر إحداث مرصد للتنمية البشرية والعمل وفق نظام للمعلوميات والاتصال ومحاولة تعميم الخبرة و التجربة.
        إن تنفيذ هذه البرامج يبقى كفيلا بنوعية التدخل وتطبيق آليات الحكامة على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فالمرور من التدبير المعقلن عبر التخطيط والرؤية الإستراتيجية، والاعتماد على قواعد القانون والمساواة، وانتهاء بمرحلة التقييم والمراقبة التي تعتبر من أهم وسائل التتبع لمراحل تنفيذ المبادرة، وهذا يدفعنا للتساؤل حول مدى تحقيق المبادرة بعد مضي تسع سنوات على انطلاقها للأهداف المسطرة.

الفقرة الثانية : تقييم أولي لنتائج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

          جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كبديل لكل التجارب التنموية السابقة، حيث لأول مرة ينتقل العمل الاجتماعي إلى مستوى مؤسساتي واضح المعالم بعيدا عن التنمية ذات الطابع القطاعي الصرف. بل في إطار سياسة عمومية مندمجة رصدت لها كل الوسائل والآليات وعبئت لها كل الموارد المالية اللازمة وطنيا، بل وحتى من خلال المنح والهبات الدولية، أي وضع كل الآليات اللازمة لضمان الانسجام بين برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرامج القطاعات الوزارية، حسب متطلبات المبادرة المحلية.
        إن من أهم مكاسب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تكريس ثقافة المبادرة والمشاركة وضمان استقلالية الفرد بعيدا عن سياسة التواكل التي لطالما رسختها ثقافة الشعبوية السياسوية المبنية على منطق الصدقة والدفع المسبق.
       إلا أن تطبيق المبادرة على أرض الواقع أبان عن حقائق مرة، مفادها الاختلال الملموس بين الموارد المالية والموارد البشرية المرصودة للعملية، إلى جانب التعبئة الكاملة من جهة، وبين التأثير الضعيف الذي أحدثته المبادرة بشكل إجمالي من جهة ثانية.[24]
         فعديدة هي المشاريع التي اعتبرت مدرة للدخل رغم أن أساسها غير قانوني، وكمثال على ذلك البيع بالعربات المجرورة، حيث رصدت أغلفة مالية مهمة لمثل هذه المشاريع لتجد نفسها تتعارض أصلا مع محاربة البيع بالتجول وما يحدثه من ضرر لجمالية المدن وللسكينة والطمأنينة بمدن معروفة دوليا، وما يترتب عنه من إساءة للسمعة السياحية لهذه المدن.
         لقد جاءت التقارير الدولية صادمة في تقييم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث أبانت عن محدودية نتائجها، فبعد مرور ست سنوات على تطبيق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وضع تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية لسنة 2011 المغرب في  الرتبة  130،[25]  أي تراجع بسبع درجات على ما كان عليه الحال قبل بدء تنفيد المبادرة. لقد جاء هذا التقرير في سياق مجموعة من التقارير الدولية التي أجمعت كلها على أن آلية التنمية البشرية بالمغرب تعاني من عطل مزمن ينبغي إصلاحه قبل فوات الأوان.[26]
        فتقرير "ترانسبرانسي" لسنة 2008 أفاد بتراجع المغرب، وتقرير "مراسلون بلا حدود" خلال نفس السنة لم يخف مشاكل المغرب مع حرية التعبير والوصول إلى المعلومة ومحنة الصحافيين وسجنهم وملاحقتهم، وتقرير "الحرية الاقتصادية" لم يتأخر في تصنيف المغرب ضمن الدول التي لا تتوفر على هذا النوع من الحرية، وتقارير أخرى كلها كانت تواجه باحتجاج الدوائر الرسمية التي ربما تنتظر الجزاء.[27]
         وفي تقرير صادر عن مجلة "السياسة الخارجية الأمريكية" صادر سنة 2008، رتب المغرب في المرتبة 83 من أصل 177 على السلم العالمي للدول الفاشلة، ويعرف التقرير الدول الفاشلة بأنها تلك التي لا يمكنها السيطرة على أراضيها وتلك التي تفشل حكوماتها في اتخاذ قرارات مؤثرة، إضافة إلى عدم قدرتها على توفير الخدمات لأبناء شعبها، وعدم التعامل بفعالية مع المجتمع الدولي، وتلك التي تعرف ارتفاعا في معدلات الفساد والحرية.[28]
                 وصنف التقرير ال 177 دولة في أربع خانات : الأولى تضم الدول التي تعيش مرحلة "حرجة"، والتي ضمت اليمن ولبنان والعراق والسودان من العالم العربي، ودول تعيش "مرحلة خطرة" وفي مقدمتها المغرب والجزائر وسوريا وليبيا، أما الخانة الثالثة، والتي تضم الدول التي تعيش "المرحلة المتوسطة"، فتضم دولا عربية مثل قطر والإمارات العربية المتحدة وعمان، أما "مرحلة الأمان"، فتضم 14 دولة، في مقدمتها اليابان وأستراليا وإيسلاندا.[29]
     ومن الناحية السياسية، اعتمد التقرير على مجموعة من المؤشرات، في مقدمتها تراجع شرعية الحكم بسبب الفساد وغياب الشفافية، وتآكل المؤسسات (حكم القانون)، وتدهور الخدمات العامة وانتهاك حقوق الإنسان، وتحول جهاز الأمن إلى دولة داخل الدولة (الأوضاع الأمنية)، وعدم تماسك النخبة الحاكمة، وانقسامها إلى مجموعات (صراع النخب)، ووقوع تدخلات من الخارج، سواء من دول أو جماعات إرهابية أو عصابات إجرامية (التدخل الخارجي).
     إن الحقيقة الكاملة لتفسير النتائج المترتبة عن تطبيق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي تؤكدها التقارير الدولية سواء الصادرة عن الأمم المتحدة أو غيرها من المؤسسات، لا تجد إطارا لها إلا في غياب الاستراتيجية الواضحة المبنية على الأساس الغائي، من خلال الهدف المنشود والمتعلق بغياب آليات الحكامة وميكانيزمات التسيير التي كان من المفروض أن توجه المبادرة نحو الفعالية، وإحداث التفاعل الضروري بين كل الفاعلين والأطراف بمختلف التوجهات والمنطلقات، في اتجاه التناسق العمودي والأفقي بين مكونات الحكامة سواء على المستوى المركزي أو المحلي.
    إن تعثر تطبيق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على أرض الواقع يرجع إلى غياب الانسجام التام بين السلطة المركزية والمنتخبين من جهة، وبين الدولة والقواعد، لتنتفي المبادئ الرئيسية لمفهوم الحكامة الجيدة القائمة أساسا على الحكم المبني على التشارك لتحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق رفاهيتهم.[30]
      لقد غابت الحكامة في تطبيق مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لغياب مفهومها كنسق من المؤسسات المجتمعية المعبرة عن حاجات الناس تعبيرا سليما، تربطها شبكة متينة من علاقات الضبط والمساءلة بغرض تحقيق المصلحة العامة، من خلال الاستعمال الأمثل للوسائل المادية والبشرية، والتقنية والمؤسساتية للدولة في إطار التفاعل الهادف لإرساء الدولة الديمقراطية الآمنة لحقوق المواطنين.
 
خــــــاتمة

        من خلال تحليل التجربة المغربية في التخطيط، يمكن القول أن هذه التجربة عرفت فترات توسع كما واجهتها تعقيدات وأزمات عديدة، جعلت مسألة التخطيط الشامل والفعال غائبة عن صانعي القرار في المغرب.
        إن تفسير هذه الوضعية يجد أسبابه في النقص الحاصل سواء على المستوى التقني أو المؤسساتي الناتج بدوره عن عدم تأقلم السياسات المتبعة مع التحولات السريعة التي يعرفها الوضع الاقتصادي سواء الداخلي أو الخارجي.
        وقد أبانت بعض الدراسات،[31] أن مسألة التخطيط في المغرب عانت في غالب الأحيان من غياب التشخيص المسبق ومن قلة الفاعلين، إضافة إلى غياب التنسيق بين مختلف المتدخلين، الشيء الذي نتج عنه ضعف الانسجام بين البرامج التنموية، وكذا عدم التقائية البرامج المنجزة على المستوى الوطني مع تلك المنجزة محليا. فعلى الرغم من وجود مشاريع ومخططات قطاعية موجهة، إلا أن السمة البارزة التي ميزت هذه البرامج هي عدم التقائيتها لكونها لم تنبع من رؤية مستقبلية واضحة وشاملة، كما لم تأخذ بعين الاعتبار الصعوبات التي قد تعترضها أثناء التنفيذ، وبالتالي الاستعداد للتدخل في أي مرحلة لتقويم الاختلالات والبحث عن الحلول البديلة، خاصة في بيئة تتميز بتحولات سريعة ومفاجئة سواء على المستوى المحلي أو الدولي. ويقدم مخطط (1973 - 1977) أبرز مثال لهذه السياسة، فقد تم التخلي عن المشاريع الاستثمارية المبرمجة في المخطط نظرا للصعوبات المالية الناتجة عن الانخفاض المفاجئ لأسعار المواد الأولية، خاصة الفوسفاط الذي عول عليه المغرب أثناء وضع المخطط، وكذا نتيجة ارتفاع أسعار البترول في السوق الدولية، وتزامن هذه المعطيات مع ارتفاع تكاليف الدفاع عن الوحدة الترابية.        إن هذه العوامل مجتمعة لم تأخذ بعين الاعتبار أثناء وضع المخططات لإيجاد حلول لها في الوقت المناسب، وتقديم البدائل الممكنة والمتاحة، الشيء الذي جعل تنفيذها يعتريه النقص في غالب الأحيان.
لقد كانت أهداف هذه المخططات طموحة، إلا أنه مع مرور الوقت بدأت تبدو وكأنها عبارة عن متمنيات أكثر منها أهدافا حقيقية قابلة للإنجاز على أرض الواقع، وهو ما جعل مسألة ترجمة الاستراتيجيات إلى مخططات عمل أمرا صعبا لعدم أخذ إكراهات الموارد ومدة الإنجاز بعين الاعتبار، كما أن وضع برامج طموحة دون دراسة قبلية للوضع الاقتصادي والمالي زاد من صعوبة التنفيذ، ويمثل مشروع السكك الحديدية الرابط بين مراكش والجديدة أبرز مثال على ذلك.
        إضافة إلى هذه العوامل، فإن أهم نقص شاب هذه المخططات يتجلى في غياب التقييم، الذي وإن تم تداركه خلال مخطط التنمية لسنة (2000 – 2004)، فقد جاء بعيد عن العلمية والرصد الحقيقي للمشاكل. فغياب ثقافة التقييم لدى الفاعلين ساهم في عدم فعالية التخطيط، فالمخططات التنموية توضع دون دراسة وتقييم للمخططات السابقة للاستفادة من الأخطاء وتدارك الاختلالات.
    إن غياب التقييم مرتبط بعوامل لا تقل أهمية كعدم توفر نظام معلوماتي فعال، وكذا نقص الدراسات الأساسية التي تسمح بتشخيص وتحليل محددات ظاهرة معينة، أو قطاع معين، أو جزء من التراب تسمح بتحديد وبرمجة الاحتياجات وتبني المشاريع التنموية المناسبة.
        كما أن من العوامل التي ساهمت في عدم نجاح سياسة التخطيط في المغرب، عدم انسجام المخططات على المستوى الوطني بمثيلتها على المستوى المحلي، وعدم التقائيتها، وهذا ناتج عن غياب ثقافة التخطيط على المستوى المحلي الذي يعاني من ضعف التنظيم التقني والمالي، وكذا تهميش السلطة المركزية لسلطة واختصاصات الفاعلين المحليين الذين تحولوا بفعل الواقع إلى أجهزة تنفيذية للحكومة.
        ومع مجيء حكومة إدريس جطو، تم تبني سياسة جديدة قائمة على تبني مخططات قطاعية متوسطة وبعيدة المدى في ميادين مختلفة، (مخطط المغرب الأخضر، مخطط الإقلاع الصناعي، مخطط رواج ....إلخ)، وكذا مأسسة فاعلين جدد، وإنشاء صناديق تنموية ذات طابع خاص أو عام، وخلق وكالات تنموية، كما تم اتخاذ مجموعة من التدابير لتحسين مناخ الأعمال في المغرب.
        هذه الرؤية الجديدة للتنمية جعلت مختلف الفاعلين في صلب المخططات التنموية للدولة، فقد دشن المغرب سياسة جديدة تنبني على التعاقد والشراكة بين القطاع العام والخاص أثناء وضع الاستراتيجيات القطاعية، كما حولت نظرة الفاعلين العموميين لدور الدولة من دولة متدخلة إلى دولة ضابطة، تراقب سير المشاريع، وتوفر التمويل اللازم لها، كما تعمل على احتواء المشاريع الاجتماعية التي لا يقبل عليها الخواص لضعف فائدتها، كالمشاريع السكنية مثلا.
        لقد شكلت المبادرة الوطنية أهم تجسيد لهذه المقاربة الجديدة المبنية على التشخيص القبلي للوضعية الاجتماعية، وكذا إشراك المجتمع المدني في وضع المخططات والاستراتيجيات الكفيلة بتجاوز هذه المعضلة، غير أن نتائج هذه الاستراتيجية كما سبق وبينا جاءت محدودة.
 
الهوامش

[1]- فاطمة مصلوحي، سياسة التشغيل وإشكالية البطالة. المجلة المغربية للسيايات العمومية، عدد مزدوج 3/2 -2008، (ص- ص، 50-51).
[2]- عبد السلام أديب، الأزمة الاقتصادية بالمغرب إلى أين؟ دراسة في ميكانيزمات الأزمة. منشورات النهج الديمقراطي، 2005. (ص، 4).
[3]- مولاي أحمد العمراني : اقتصاد المغرب من خلال برنامج التقويم الهيكلي. مطبعة النجاح الجديدة، طبعة، 2001. (ص، 29).
[4] - ميغيل هيرناندو دي لارامندي، السياسة الخارجية للمغرب. ترجمة عبد العالي بروكي. منشورات الزمن، 2005. (ص، 46).
[5]- نفس المرجع والصفحة.
[6]- ميغيل هيرناندو دي لارامندي، السياسة الخارجية للمغرب. ترجمة عبد العالي بروكي. مرجع سابق (ص، 43).
[7]- نفس المرجع والصفحة.
[8]- الحسن الثاني، ذاكرة ملك. كتاب الشرق الأوسط، الطبعة الثانية، 1993. (ص، 82).
[9]- المرجع نفسه، (ص، 8).
[10]- المغرب الممكن. إسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك. تقرير الخمسينية. مطبعة دار النشر المغربية، طبعة 2006، (ص، 140).
[11]- حياة زلماط، التنمية البشرية بالمغرب. مرجع سابق.
[12]- رضوان زهرو. سياسات المغرب الاقتصادية بين مطالب التوازن ورهان التنمية. مجلة مسالك، عدد مزدوج، 13-14/ 2010، (ص، 8).
[13]- حياة زلماط، التنمية البشرية بالمغرب. مرجع سابق.
[14]- مولاي أحمد العمراني ، اقتصاد المغرب من خلال برنامج التقويم الهيكلي. مرجع سابق، (ص، 58).
[15]- Mohamed HAZIM, Gestion du développement économique et social au maroc. Les cahiers au plan, n°33 janvier-février 2001. (p, 51).
[16]- حياة زلماط، التنمية البشرية بالمغرب. مرجع سابق.
[17]- Mohamed HAZIM, Gestion du développement économique et social au maroc. Les cahiers au plan, ibid. (p, 33).
[18]- مصطفى الكتيري، تأملات في التغيير والإصلاح بالمغرب. مطبعة دار النشر المغربية، طبعة 2002. (ص، 24).
[19]- Mohamed HAZIM, Gestion du développement économique et social au maroc. Ibid. (p, 33).
[20]- مصطفى الكتيري، تأملات في التغيير والإصلاح بالمغرب. مرجع سابق، (ص، 26).
[21]- هشام الهرش، المغرب في الاستراتيجية العالمية للتنمية البشرية. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، تخصص القانون الدولي والعلاقات الدولية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس. الموسم الجامعي 2006-2007، (ص، 59).
[22]- نفس المرجع والصفحة.
[23]- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية - والتنمية المحلية في المغرب -https://groups.google.com/forum/?fromgroups#!topic/fayad61/QYcAFBhCszo
[24]- طارق أتلالي، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية : أزمة استراتيجية أم أزمة حكامة؟ مسالك في الفكر والساسة والاقتصاد، عدد مزدوج 9/10 /2009. (ص، 25)
[25]- محمد كريم، الاقتصاد الاجتماعي بالمغرب، التنمية المعاقة وجدلية الاقتصاد والمجتمع. مطابع أفريقيا الشرق 2012. (ص، 78).
[26]- عبد الرحيم العماري، التقارير الدولية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، رهان تواصلي أم مشروع تنموي؟ المجلة المغربية للسياسات العمومية، عدد مزدوج 2/3/2008. (ص، 121).
[27]- نفسه، (ص، 122)
[28]- نفسه، (ص، 127).
[29]- نفسه، (ص، 128).
[30]- طارق أتلالي، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية : أزمة استراتيجية أم أزمة حكامة؟. مرجع سابق، (ص، 25).
[31]- Une revue de la littérature écrite sur l’expérience de la planification au Maroc montre que celle-ci a souvent souffert de la faiblesse des études diagnostique, de l’insuffisante implication des acteurs, des difficultés de coordination, entre intervenants, et de mise en cohérence des actions de développement, ou encore de la faible articulation de Plan entre les niveaux national et territorial. Mohamed HAZIM, Gestion du développement économique et social au Maroc. Les Cahiers au plan, n°33, Janvier-février 2011. (p, 51).



الجمعة 5 سبتمبر 2014

تعليق جديد
Twitter