مقدمة عامة
يشكل موضوع السياسة الخارجية أحد أهم مواضيع العلاقات الدولية, لارتباطها الوثيق بالسياسة الدولية وتقاطعها في كثير من مجالات الدراسة مع نظرية العلاقات الدولية, فبينما تنكب نظريات العلاقات الدولية بدراسة البنى وعمليات النظام بكليته سعيا لإيجاد تفسيرات لعمل النظام الدولي[1], فإن السياسة الخارجية تهتم بفواعل النظام الدولي, وهكذا فالنظام في السياسة الخارجية يعبر عن مجموعة تفاعلات للوحدات المترابطة, في ما يشكل سلوك هذه الوحدات مجال البحث في السياسة الخارجية.
إن فهم نظريات ومقاربات السياسة الخارجية يساعد على فهم السلوك الخارجي للدولة وذلك من خلال تفاعلاتها مع محيطها الدولي والاقليمي[2], مما يعني أن السياسة الخارجية توجه للبيئة الخارجية للدولة, حيث يسعى صناع القرار الخارجي تحقيق مجموعة من الاهداف والغايات الاقتصادية, الامنية, الاجتماعية والسياسية, بشكل يتناسب مع مخرجات السياسة الداخلية للدولة وهو ما يؤكده كلارك وايت بقوله " السياسة الخارجية مثل السياسة الداخلية, يتم صنعها داخل الدولة, ولكن عكس السياسة الداخلية فانه يتم تنفيذها في البيئة الخارجية للدولة".
واعتبارا ان السياسة الخارجية موجهة بدرجة اكبر نحو البيئة الدولية فإنها غالبا ما تتأثر بالمتغيرات الدولية والاقليمية التي تطرأ عليها, حيث تعد الازمات والنزاعات بكل اشكالها من ابرز التحديات التي تواجه السياسة الخارجية للدول, نظرا لما يحمله ذلك من تهديديات وانعكاسات مباشرة أو غير مباشرة على امنها القومي, وبالتالي يمكن القول ان السياسة الخارجية لدولة ما, مؤشر يعبر عن مدى نجاعة وفعالية الدولة على الساحة الدولية.
ومع تعدد القضايا العالمية وتشابك مصالح الفاعلين الدوليين, وتنامي دور الوحدات العاملة في النظام الدولي( الدولتية وغير الدولتية),اثرت بشكل ملحوظ على ملامح السياسة الخارجية مما زاد من تعقيد مخرجات القرار الخارجي للدول (ضعف الامكانيات المادية والبشرية, تعدد الجبهات, تشابك المصالح...), حيث اصبحت معها الدول غير قادرة على مجابهة كل القضايا العالمية المستجدة, وبالتالي لم تعد الدولة وحدها من تحتكر عملية صنع السياسة الخارجية, حيث اصبحت مطالبة وبقوة الاشياء الى اشراك العديد من الفواعل غير الرسمية كالأحزاب السياسية, مراكز الابحاث والدراسات,
المنظمات غير الحكومية, القطاع الخاص, المجتمع المدني, الراي العام...
وعلى غرار دول العالم, وللتأقلم مع متغيرات البيئة الخارجية الاقليمية والعالمية, أصبحت الحاجة ملحة لصانع السياسة الخارجية المغربية استثمار مؤهلات الفاعلين غير الرسمين, وتوظيفها للمساهمة في تكريس قوة الدولة والتأثير في مواقف وسلوكيات الدول الاخرى, بما يتناسب وتحقيق المصالح
القومية.
وبناءا عليه, تنطلق هذه الدراسة من فرضية مفادها :
- أن الفاعلين غير الرسميين لهم دور مهم وتأثير على صناع السياسة الخارجية المغربية.
ونظرا لتعدد الفاعلين غير الرسميين وتنامي دورها في التأثير على صناع السياسة الخارجية المغربية, خصوصا بعد تولي الملك محمد السادس مقالد السلطة, اضافة الى ما استجد به دستور 2011 في هذا المجال, فإن الدراسة ستركز على دور بعض الفواعل غير الرسمية ( الاحزاب السياسية, مراكز الدراسات والابحاث, المجتمع المدني), التي تساهم بشكل مباشر او غير مباشر في التأثير على صناع القرار السياسي بما يحقق أهداف وأولويات السياسة الخارجية المغربية, وايضا تسليط الضوء على امكانيات هذه الفواعل في صنع السياسة الخارجية و للأدوار الدبلوماسية التي تلعبها من خلال الدفاع والترافع عن القضايا الوطنية في مختلف المحافل الاقليمية والدولية, وللإجابة على الاشكالية المطروحة فإننا سنعتمد التقسيم التالي:
- المبحث الاول: سنتناول فيه الاطار المفاهيمي للسياسة الخارجية ومسار تطورها(المطلب الاول),وتسليط الضوء على اهم متغيرات السياسة الخارجية المغربية منذ تولي الملك محمد السادس مقاليد السلطة( المطلب الثاني).
- المبحث الثاني: ويهدف الى ابراز تأثير هذه الفواعل في صنع السياسة الخارجية المغربية(المطلب الاول),وكذا ابراز اهم المعيقات والتحديات المنتظرة واستشراف المستقبل(المطلب الثاني).
المطلب الاول : التأصيل المفاهيمي للسياسة الخارجية ومسار تطورها
ان تحديد مفهوم السياسة الخارجية كنظرية للدراسة والتحليل, لازالت تثير الكثير من الجدل بين الباحثين والمفكرين في العلوم السياسية والعلاقات الدولية, أثر ذلك على اية محاولة لتعريف محدد ودقيق للسياسة الخارجية, وذلك نظرا لطبيعتها المعقدة وتعدد اهدافها, والى التداخل المعرفي بينها وبين بعض المفاهيم المشابهة لها من قبيل: السياسة الدولية, السياسة الداخلية, الدبلوماسية والعلاقات الدولية...
الفقرة الاولى : تعريف السياسة الخارجية
تعبر السياسة الخارجية بشكل عام عن مجموعة من السلوكيات, المواقف والانشطة التي تعتمدها دولة ما في تفاعلاتها مع باقي الوحدات او الفاعلين الدوليين بهدف تحقيق مزيد من مصالحها القومية او المحافظة عليها ,ومن خلال استقراءنا للعديد من التعريفات التي وردت في مجموعة من الدراسات الاكاديمية, يلاحظ اختلاف المدارس والمفكرين وتباين المقاربات المعتمدة في هذه التعريفات, فهناك من يعتبرها بمثابة خطة/قواعد العمل(تخطيط),وبين من يفهمها سلوكيا بمعنى الفعل( تنفيذ),وبين من يزاوج بين الامرين(خطة وتنفيذ)[3], وعليه سنحاول بإيجاز ايراد البعض منها كما يلي:
- يعرف Mercel Merel مارسيل ميرل السياسة الخارجية بكونها " ذلك الجزء من نشاط الدولة الموجه للخارج, الذي يهتم بالمسائل الواقعة ما وراء الحدود"[4].
- أما جيمس روزنو James Rosneau فيعرفها " مجموعة التصرفات السلطوية التي تتخذها او تلتزم باتخاذها الحكومات إما للمحافظة على الجوانب المرغوب فيها في البيئة الدولية أو لتغيير الجوانب غير المرغوب فيها"[5].
- أما تشارلز هيرمان Charles Herman يرى أن السياسة الخارجية " مجموعة من السلوكيات الرسمية المتميزة التي يتبعها صانعو القرار الرسميون في الحكومة أو من يمثلونهم والتي يقصدون بها التأثير في سلوك الوحدات الخارجية"[6].
- بينما يؤكد باتريك مورجان Patrick Morgan بأنها " التصرفات الرسمية المحددة التي يقوم بها صانعو القرار السلطويون في الحكومة الوطنية, أو ممثلوهم بهدف التأثير في سلوك الفاعلين الدوليين الاخرين"[7].
- كما يعرف ويليام والاس williams wallas السياسة الخارجية بكونها " مجموعة ثابتة من السلوكيات أو المواقف التي تتبناها الدولة اتجاه المحيط الخارجي"[8].
- أما فريق الابحاث لمعهد بروكينغر, فيعرف السياسة الخارجية " المسار السياسي المركب والديناميكي الذي تتبعه الدولة في علاقاتها مع الدول الاخرى".
- بينما نجد قاموس بنغوين للعلاقات الدولية يعرفها بكونها النشاط الذي يترتب عنه تصرفات, ردود أفعال وتفاعلات الوحدة الدولية[9].
- عبارة عن انشطة, سلوكيات, مواقف وتصرفات عقلانية.
- تصدر عن السلطات الحكومية المحددة في الدستور أو عن ممثليهم.
- موجهة نحو الخارج (علاقات الدولة مع العالم الخارجي).
- التأثير في المحيط الدولي.
- تحقيق أهداف محددة آنية أو مستقبلية.
عرفت دراسة السياسة الخارجية مجموعة من التطورات التي مست الجوانب الفكرية والمنهجية, هذه التطورات ساهمت في بلورة فهم جديد لتفسير عمليات السياسة الخارجية ومهدت لتتبع سلوك الفواعل في عالم السياسة الدولية, الأمر الذي ادى الى ظهور مقاربات مختلفة في دراسات السياسة
الخارجية ,غير انها تمحورت حول مدرستين اساسيتين لتفسير وفهم السياسة الخارجية وهي : المدرسة التقليدية والمدرسة الحديثة.
1- المدرسة التقليدية
سيطرت هذه المدرسة على دراسة السياسات الخارجية لمدة طويلة, حيث اعتبرت ان السياسة الخارجية عبارة عن برنامج عمل تتبعها القيادات السياسية ازاء العالم الخارجي, وبأن ظاهرة السياسة الخارجية لا يمكن ان تخضع للدراسة العلمية والتحليل العلمي[10], بل تقتصرت على مجرد وصف السياسات الخارجية سواء من حيث تحديد الاساليب الفنية التي تتبعها الدول أو من حيث الاهداف التي تسعى الى تحقيقها, وتتمثل أهم الافكار الاساسية التي جاءت بها هذه المدرسة في :
_ أن الدولة الوحدة الرئيسية للتحليل في السياسية الخارجية.
_ أن القضية المحورية في السياسة الخارجية للدولة يتمثل في الامن العسكري.
_ عناصر قوة الدولة هو المحرك الرئيسي لفهم السياسة الخارجية للدول.
_ التركيز على السياسات الخارجية للدول الكبرى بدل الانفتاح على الدول الصغرى.
2 _ المدرسة الحديثة
منذ الخمسينات, عرفت ظاهرة السياسة الخارجية تطورات جذرية فكرية ومنهجية, خاصة مع بروز الاتجاه السلوكي, ساهمت في بلورة منظور حديث, قادها كل من هارولد ومارجريت, وجيمس روزنو وتشارلز هيرمان, وقد أثمرت هذه المحاولات عن منهجية متكاملة تعاطت مع تفسير السياسة الخارجية تفسيرا علميا وبأبعادها المختلفة[11], مستفيدة من الانتقادات التي وجهت للمدرسة التقليدية, وايضا من مواكبتها للمستجدات التي عرفتها البيئة الدولية من قبيل تعدد القضايا الدولية, تزايد الوحدات العاملة في المحيط الدولي و ظهور فواعل جديدة غير دولتية ذات تأثير قوي في المحيط الدولي, الامر الذي ادى الى تجديد مقاربات دراسة السياسة الخارجية بشكل يتماشى مع هذه المستجدات, ومن اهم التصورات التي جاءت بها هذه المدرسة نذكر :
_ أن ظاهرة السياسة الخارجية قابلة للتحليل العلمي( الوصف, التفسير والتنبؤ العلمي).
_ تعدد وحدات التحليل في السياسة الخارجية.
_ اعتماد مقاربات منهجية ونقدية للوصول الى تفسير شامل.
_ تعدد القضايا المحورية للسياسة الخارجية.
_ اعتماد دراسات التحليل المقارن.
المطلب الثاني : السياسة الخارجية المغربية: الانفتاح في خدمة دمقرطة القرار الخارجي
يجمع الكثير من الاكاديميين والاساتذة المختصين في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالمغرب, أن المملكة المغربية منذ تولية الملك محمد السادس العرش, عرفت دينامية مجتمعية غير مسبوقة احدثت رجة على مستوى إعادة رسم ملامح النسق السياسي المغربي, بعدما اضحى النقاش السياسي والحقوقي يعتمر كل مناحي الحياة السياسية, هذا النقاش تزامن مع الارتدادات لموجات الربيع العربي, هذه الدينامية تفاعل معها النظام السياسي بقدرة عالية من الجرأة والمسؤولية, وكان من نتائجه إصلاح دستوري أعاد به بناء أجواء من الثقة بين النظام ومختلف الفاعلين, هذا الاصلاح انتج تحولات مهمة على مستوى عملية صنع السياسة الداخلية والخارجية, بل الاكثر من ذلك, استشعر النظام السياسي بضرورة الاستثمار في السياسة الخارجية المغربية التي أصبح عليها أن تواكب التغييرات الداخلية عبر اعتماد اسلوب جديد يشمل تغييرا في الفكر والمنهجية والممارسة[12].
الفقرة الاولى : مستجدات الوثيقة الدستورية في مجال السياسية الخارجية
إن المتصفح للوثيقة الدستورية الجديدة, سيقف منذ الوهلة الاولى على الحضور الوازن للتوجهات الكبرى للسياسة الخارجية المغربية, التي سبق وأن أكد عليها مرارا الملك محمد السادس في خطبه منذ توليه العرش, ترتكز اساسا على إعادة بناء الديبلوماسية وتأهيلها, وانفتاحها على مختلف الفاعلين, وذلك باستثمار التحولات الديمقراطية التي يعرفها المغرب, وموقعه الجيوستراتيجي كشريك يحظى بثقة واهتمام دوليين, وتقاطع مصالحه مع مصالح القوى الدولية والاقليمية, وفي هذا الصدد, تلتزم المملكة المغربية في ديباجة دستورها على العمل من أجل :
- تعميـق أواصـر الإنتمــاء إلـــى الأمة العربية و الإسلامية و توطيــد وشـائج الأخوة والتضامن مع شعوبها الشقيقة.
- تقوية علاقات التعــاون و التضامن مع الشعـوب و البلدان الإفريقية، ولاسيمـا بلدان الساحل والصحراء.
- تعزيز روابط التعاون و التقارب و الشراكة مع بلدان الجوار الأورو- متوسطي.
- توسيع و تنويع علاقات الصداقة والمبادلات الإنسانية والإقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية مع كل بلدان العالم.
- تقوية التعاون "جنوب جنوب ".
إن التعاطي الديبلوماسي مع التوجهات الكبرى للسياسة الخارجية المغربية, ولكسب رهان النجاعة والفعالية في تحقيقها في علاقاته مع محيطه الدولي والاقليمي, ولمواكبة القضايا التي افرزتها التحولات العميقة المستجدة في الساحة الدولية, وتطور حركة الاحداث الفاعلة والمؤثرة في العلاقات الدولية[13], يقتضي اولا توسيع من دائرة صنع القرار الخارجي, والانفتاح على مختلف الفاعلين, كما يقتضي ايضا اعادة ترتيب أولويات سياستنا الخارجية وتجديد توجهاتها بما يتطلبه ذلك من تكامل وانسجام بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية, وتكييف استراتيجيته الديبلوماسية باستمرار لمواكبة مختلف التغييرات الاقليمية والدولية, وهو ما أكد عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش[14], حينما قال " إن وسيلتنا لبلوغ هذه الأهداف الكبرى هي الحكم القويم الذي تتكامل فيه السياسة الداخلية القائمة على تعبئة كل امكانياتنا الذاتية, مع سياسة خارجية قادرة على التفاعل مع التحولات الدولية المتسارعة, وذلك بالاستثمار الامثل للتطور الديمقراطي للمغرب ورصيده الحضاري, وموقعه الجيو-استراتيجي المتميز, كشريك دولي وقطب جهوي, لحسن الجوار والاعتدال والتسامح".
فعلى مستوى دائرة صنع السياسة الخارجية المغربية, فقد كرست الوثيقة الدستورية المكانة المحورية والمتميزة للملك في تدبير المجال الخارجي[15], وتأثيره القوي في تحديد الخيارات الكبرى للسياسة العامة بالبلاد[16], باعتباره يشكل مرجعا لكل السلطات, لما يتميز به النظام السياسي المغربي من خصوصيات تجعل من مهام الملك مستمدة من الدور الذي كان يلعبه السلطان الشريف متجاوزا في غالب الاحيان كل المؤسسات, في حين يقدم السلطان كمؤسسة الوحيدة القارة والدائمة[17], مما تسمح له بقيادة الدولة المغربية داخليا وخارجيا, وكخلاصة يمكن القول أن استئثار الملك بمجال السياسة الخارجية, يتأسس على مرجعيتين: مرجعية قانونية / دستورية, واخرى ترتبط بمرجعية يمتزج فيها الكاريزمي بالديني[18].
دون ان نغفل في هذا الباب انفتاح الوثيقة الدستورية أيضا على فاعلين اخرين (رسميين وغير رسميين), سواء من اسندت لهم اختصاصات صريحة وفق منطوق المقتضيات الدستورية, أو غير صريحة تستمدها من نصوص دستورية تتعلق بالمؤسستين الملكية والتنفيذية[19], ومن خلال ما تقتضيه بعض الانظمة الداخلية هذا من جهة[20], ومن جهة اخرى ما يستشف من منطوق الفصل 52 من وجوب الامتثال للحمولة الدلالية للقرارات والتوجيهات التي تصدرها السلطة العليا من خلال الخطب الملكية لما تحملها من توجيهات واسناد الاوامر وتعيين الاولويات حول القضايا المصيرية المرتبطة بالسياسة الخارجية[21], وخاصة قضية وحدتنا الترابية التي يتعين على جميع الفاعليين الرسميين وغير الرسميين التجند الدائم للدفاع عنها والترافع عن قضايا المغرب العادلة ومصالحه العليا, وفي هذا الاطار, أكد جلالة الملك في خطابه بمناسبة الذكرى السادسة لاعتلائه العرش " ولكي يكون لنا حضورنا الوازن في معتركه, فإننا مطالبون بتفعيل الديبلوماسية الموازية, والبرلمانية والحزبية والاقتصادية والثقافية والجمعوية, وذلك في نطاق خطة متكاملة ومتناسقة..."[22].
الفقرة الثانية : السياسة الخارجية المغربية : المبادئ والخيارات
إن التحولات المتسارعة والمتشابكة للعولمة, وما تطرحها من تداعيات اقليمية ودولية, تحتم على صناع القرار الخارجي بالمغرب امتلاك رؤية استراتيجية مستقبلية لسياسته الخارجية تواكب هذه المستجدات, قوامها الاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا الواقع العالمي الجديد, وتفادي كل الاثار السلبية المحتملة التي قد تعصف بمستقبل علاقات المغرب الخارجية, انطلاقا من القناعة أن كل تغيير يفرز وضعا ينعكس على مستوى العلاقات الدولية للدولة[23], وبناءا عليه, تعمل السياسة الخارجية المغربية وفق منظور استراتيجي للأمن الشمولي الذي تنصهر فيه مختلف الاهتمامات والابعاد الاقتصادية, السياسية, الثقافية, والانسانية, وترتكز في توجهات عملها الاساسية على مبادئ الجوار والتضامن والشراكة, وهو ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يؤكد على هذه الاختيارات في عدة مناسبات[24].
فرغم أن هذه الاختيارات تشكل في جوهرها امتدادا لسياسة والده الراحل الحسن الثاني, الذي يبدو أن تركته كان لها تأثير كبير على سياسات خلفه, إلا أن الملك محمد السادس استطاع أن يؤسس لسياسة خارجية خاصة به, ترتكز على رؤية سياسية واقعية واستراتيجية أكثر عقلانية وانفتاحا, تواكب الدينامية الجديدة للعلاقات الدولية, تأخذ بعين الاعتبار تعزيز حماية الكيان المادي والسياسي والثقافي للدولة المغربية, وتأمين بقائها ضد كافة الاخطار والتهديدات الخارجية القائمة والمحتملة, ومن جهة اخرى تسعى إلى تـأهيل الدبلوماسية المغربية سواء على مستوى الاولويات أو الأدوار.
إن الدبلوماسية باعتبارها آداة اساسية لتنفيذ أهداف السياسة الخارجية تحظى بأهمية خاصة لدى صانع القرار الخارجي, فوجود الأهداف وعوامل القوة لا يعني بأي حال من الأحوال سياسة خارجية فعالة, من دون إعادة النظر في الادوات الملائمة لتنفيذ تلك الأهداف, وفي هذا السياق يقول جلالة الملك " إن المكتسبات التي حققتها الديبلوماسية المغربية في عهد والدنا المنعم تعد بمثابة رصيد ثمين ألينا على أنفسنا منذ تولينا عرش أسلافنا الميامن, العمل على حسن استثماره والانكباب على تأهيل أدواته وآلياته, وفق معطيات التحولات الطارئة على محيطنا الداخلي والجهوي والاقليمي"[25].
وغني عن القول, أن طبيعة وحجم التأثيرات الخارجية الناتجة عن المتغيرات المستمرة التي تعرفها الساحة الدولية, جعلت من صانع القرار الخارجي المغربي يتجه الى إعادة ترتيب أولوياته وفرملة المحددات التي تحكم سياسته الخارجية, وجعلها تتناغم مع المصالح العليا والاستراتيجية للدولة, حيث باتت قضية استكمال وحدتنا الترابية تشكل اولوية من اولويات السياسة الخارجية, هذه المحددات تتأسس على ثبات مواقف المغرب السياسية تجاه القضايا العربية والاسلامية والاقليمية والدولية[26], وأيضا حسن استغلال موقعه الجيوسياسي وذلك عبر التنويع من قاعدة حلفائه[27], حيث أصبح موقع المغرب الاستراتيجي منطقة جذب ويحظى بأهمية بالغة من قبل مراكز القوى المؤثرة في السياسة الدولية, ومن هنا يمكن الحديث عن المحددات التالية :
- تمتين العلاقات مع بلدان الجوار وخاصة الدول المشكلة للاتحاد المغاربي, والرهان على إعادة بناءه وتفعيله على اسس سليمة, وإيجاد السبل الممكنة لإنهاء النزاع المفتعل حول اقاليمنا الجنوبية عبر ايجاد حل سياسي تحت السيادة الوطنية.
- تعزيز التواجد المغربي في افريقيا وإحياء دوره التاريخي عبر العودة الى هياكل منظمة الاتحاد الافريقي, وتطوير الشراكات مع الدول الافريقية وفق منطق رابح / رابح, ومواصلة الجهود التنموية عبر ضخ استثمارات مهمة في مختلف المجالات, بما يعزز الاستقرار والامن في المنطقة.
- توطيد العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي, وتطوير العلاقات الثنائية مع الدول العربية, تشمل عدة ميادين اقتصادية, ثقافية وسياسية.
- تحسين العلاقات وتطويرها مع دول الارومتوسطي, وبناء شراكة استراتيجية متعددة الابعاد, خاصة بعد حصول المغرب على ميزة الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي, هذا الوضع أهله لأن يضطلع بدور مهم على مستوى منطقة المتوسط.
- تعزيز الشراكة المغربية الامريكية, والعمل على تطوير التعاون السياسي, الامني, والاقتصادي, خصوصا بعد توقيع البلدين على اتفاقية التبادل الحر سنة 2006.
- ربط علاقات جديدة مع شركاء غير تقليديين, كالصين, روسيا, وأمريكا اللاتينية.
- دعم الدبلوماسية الاقتصادية, وتطوير الشراكات وجلب الاستثمارات وكسب مواقع جديدة, بالاضافة الى تعزيز التنسيق والتشاور مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين في القطاعين العام والخاص للتعريف بالمؤهلات التي يزخر بها المغرب.
- دعم الدبلوماسية الثقافية, من خلال تكثيف الانشطة الثقافية والفنية بالخارج, وتنظيم المعارض للتعريف بالرصيد الحضاري والثقافي للمغرب وتعزيز إشعاعه دوليا.
إن تزايد مظاهر الاضطراب واللاأمن, وتفاقم حدة الصراعات بين الفواعل المشكلة للنظام الدولي( فوضوية النسق الدولي), هذا الوضع اصبحت معها الدول غير قادرة على الاستجابة والتفاعل مع كل القضايا العالمية المستجدة, وبالتالي لم تعد الدولة تحتكر عملية صنع السياسة الخارجية وحدها فقط, بل اصبحت مطالبة وبقوة الى اشراك العديد من الفواعل غير الرسمية كالأحزاب السياسية, مراكز الابحاث والدراسات, المنظمات غير الحكومية, القطاع الخاص, المجتمع المدني, الراي العام...
المطلب الاول : تأثير الفواعل غير الرسمية في السياسة الخارجية المغربية
على الرغم من تعدد الفواعل غير الرسمية المؤثرة في صناع السياسة الخارجية, الا اننا سنحاول تسليط الضوء في هذه الورقة على بعضها فقط ( الاحزاب السياسة, مراكز الدراسات والابحاث, المجتمع المدني ), وابراز درجة تأثيرها في صنع السياسة الخارجية المغربية.
الفقرة الاولى : الاحزاب السياسية المغربية والسياسة الخارجية: رهانات كبيرة في غياب النجاعة
تشكل الاحزاب السياسية بشكل عام من ابرز الفواعل غير الرسمية المساهمة في صنع السياسة العامة, فمن خلال ادوارها الدستورية المتمثلة في تأطير المواطنين وتوجيههم ( التنشئة السياسية)[28] وتفاعلها مع المواطنين عبر تمثيلهم في السلطة ( الوساطة بين الحاكمين والمحكومين), وايضا دورها الرقابي على اعمال الحكومة, بالإضافة الى ان الدستور يضمن وبصفة خاصة للأحزاب في المعارضة المساهمة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية[29],كل هذه الادوار تجعلها أكثر المؤسسات مؤهلة للانخراط والمساهمة في رسم معالم وتوجهات السياسة الخارجية والتأثير في صناع القرار الخارجي.
وتجدر الاشارة هنا, أن دور الاحزاب السياسية في صنع معالم السياسة الخارجية يحددها طبيعة النظام السياسي, فكلما كان النظام السياسي ديمقراطيا الا وازداد تأثير الاحزاب على السياسة الخارجية عبر مشاركتها الواسعة في مختلف مراحل صنع السياسة الخارجية والعكس صحيح[30], ففي الانظمة التسلطية مثلا يلعب الحزب الوحيد دورا يعكس بشكل كبير سياسة الحكومة سواء الداخلية أو الخارجية باعتباره الناطق الرسمي والوحيد باسمها, ومن جهة اخرى هناك تباين بين تأثير الاحزاب السياسية المشاركة في تدبير الشأن العام, والاحزاب السياسية المتواجدة خارج السلطة ( أحزاب المعارضة), فالأحزاب السياسية المشاركة في السلطة يكون دورها في اعداد وصنع السياسة الخارجية أكبر من الاحزاب السياسية المعارضة, والسبب في ذلك يعود الى ان الحزب المشارك في السلطة يسعى قدر الامكان الى نهج سياسة خارجية تتلاءم مع مبادئه وافكاره الايديولوجية[31], فيما تكتفي احزاب المعارضة على الدعاية لأفكارها وبرامجها, وتقديم سياسات وبرامج بديلة من أجل كسب تأييد الرأي العام.
فرغم ان السياسة الخارجية المغربية تبقى مجالا خاصا في يد القصر لعدة اعتبارات سبق الاشارة اليها في الفقرات السابقة, الا ان تتبع واستقراء واقع الممارسة الحزبية على مستوى السياسة الخارجية ودرجة تأثيرها على صناع السياسة الخارجية, يتبين ان التجربة المغربية مرت بثلاث فترات عرفت فيها الممارسة الحزبية مدا وجزرا على مستوى تأثيرها وتدخلها في عملية صنع السياسة الخارجية, وهي كالتالي :
1 _ مرحلة التوهج و إثبات الذات
حيث امتدت من قبيل الاستقلال الى وفاة محمد الخامس, تميزت هذه الفترة بنوع من التقارب الكبير بين توجهات المغفور له محمد الخامس واحزاب الحركة الوطنية وخاصة مع بعض قيادات حزب الاستقلال الذي كان يتوفر على نفوذ سياسي قوي, حيث شاركت احزاب الحركة الوطنية في المفاوضات مع كل من فرنسا واسبانيا من اجل نيل الاستقلال, وبعد الاستقلال سيتعزز موقع الاحزاب السياسية على مستوى تدبير مجال السياسة الخارجية, وهكذا سيتولى حزب الاستقلال حقيبة وزارة الخارجية في شخص احمد بلافريج في الحكومة الائتلافية الاولى والثانية[32], ومن بعده سيتقلد عبد الله ابراهيم رئاسة وزارة الخارجية في الحكومة الرابعة عن حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المنشق حديثا عن حزب الاستقلال[33].
هذه الفترة شكلت فرصة ذهبية للأحزاب السياسية لبلورة استراتيجيتها المناسبة لتدبير السياسة الخارجية والتي تتناسب مع افكارها وتصوراتها الايديولوجية القائمة على مبدأ التآزر والتضامن العربي والاسلامي, حيث شكلت أهم الانشغالات الرئيسية لدى الساسة المغاربة, كالقضية الفلسطينية, وحرب التحرير الجزائرية...., بيد أن مشاركة الاحزاب السياسية المغربية ومساهمتها في تدبير المجال الخارجي الى جانب القصر لم تكن وليدة الاستقلال, بل تعود الى ما قبل ذلك بكثير وخاصة عندما كان زعماء تلك الاحزاب منفيون في بعض العواصم الأوربية والعربية[34], أمثال المهدي بن بركة, علال الفاسي, عبد الرحيم بوعبيد, اعتبرت حينها مناسبة لإسماع المطالب الوطنية وتصوراتها لمستقبل المغرب وبحثا عن مساندة المجتمع الدولي للمطالب المغربية التحررية من حكومات القارة الأوروبية, ومن المنظمات الدولية, مثل هيئة الامم المتحدة, والجهوية كالجامعة العربية بالقاهرة.
2 _
مرحلة التراجع والخفوت
لقد تميزت هذه الفترة بالتصادم الحاد بين الراحل الحسن الثاني وأحزاب الحركة الوطنية, نتيجة تباين المواقف ( الايديولوجية) بين الاحزاب السياسية والمؤسسة الملكية حول مخرجات دستور 1962[35],نتج عنها دخول المغرب حالة الاستثناء سنة 1965 عقب اضطرابات الدار البيضاء, حينها سيتمكن الراحل الحسن الثاني من احتكار تدبير المجال الخارجي, وذلك عبر إبعاد الاحزاب السياسية عن تدبير السياسة الخارجية, حيث سيعمل على تعيين شخصيات من خارج الاحزاب " تكنوقراط " لتسييرها, وبالتالي اصبحت الوزارة الخارجية من الوزارات السيادية التي تقع في المجال المحفوظ للمؤسسة الملكية, وسيتكلف الملك بإعداد وصياغة التوجهات الكبرى لسياسة المغرب الخارجية سواء على مستوى تحديد نطاقها أو على مستوى قواعد اشتغالها, وهكذا سيتراجع نفوذ وقوة الاحزاب السياسية بشكل كبير على مستوى رسم معالم السياسة الخارجية, مما سيؤثر ذلك سلبا على الدور الديبلوماسي الرسمي للأحزاب في المجال الخارجي.
لقد شكل إبعاد الاحزاب السياسية من التدبير الرسمي للمجال الخارجي, فرصة لانتقاد التوجه الرسمي للسياسة الخارجية, خاصة تجاهلها لبعض القضايا العربية والاسلامية ( الصراع العربي الاسرائيلي, غزو العراق للكويت ), وأيضا عدم وضوح الرؤية السياسية حول قضية الوحدة الترابية[36], وأمام هذا الوضع الاستثنائي, ولكي تخرج الاحزاب السياسية من دائرة التهميش, والابعاد القصري عن المجال الخارجي, فإن الاحزاب السياسية وخاصة الاحزاب المعارضة, اهتدت الى فتح قنوات اخرى للتواصل مع العالم الخارجي, حيث اصبحت مشاركتها في صياغة السياسة الخارجية المغربية تتم من خارج القنوات الرسمية من خلال تدبير بعض الملفات التي تهم بالخصوص, السياسة العربية والاسلامية, تمتين العلاقات مع المجموعة الأوروبية, توضيح وتبديد المواقف الرسمية حول الصراع العربي_ الاسرائيلي.
وبالرغم من الانفراج السياسي الذي تمخض عن الاجماع الوطني حول قضية الصحراء سنة 1975[37], والذي أعاد الى الواجهة الدور الديبلوماسي للأحزاب السياسية, حيث سيعمل الملك الراحل الحسن الثاني على فتح قنوات الاتصال مع القيادات الحزبية بما فيها احزاب المعارضة, وإعادة الاعتبار للأحزاب السياسية في مجال السياسة الخارجية ولو شكليا عبر إشراكها في تنفيذ سياسة المغرب الخارجية, حيث سيكلف العديد من قياداتها بمهمات ديبلوماسية الى مختلف دول العالم, بهدف شرح السلوك الديبلوماسي المغربي اتجاه ملف استكمال الوحدة الترابية, هذه الدينامية ستنعكس على طبيعة تعاطي مواقف المغرب الرسمية مع القضايا العربية بشكل عام وقضية الصراع العربي_الاسرائيلي بشكل خاص,
3 _ مرحلة الصحوة
تمتد هذه الفترة من سنة 1998 الى فترة حكم الملك محمد السادس, سيعرف المغرب خلال هذه الفترة منعطفا مهما نحو تكريس المنهجية الديمقراطية في تدبير الشأن السياسي العام, حيث سيتم تعيين الحكومة بقيادة الاشتراكي عبر الرحمان اليوسفي, اذ تم إشراك أقطاب المعارضة اليسارية في الحكم, وبذلك سيتصالح النظام من جديد مع احزاب الحركة الوطنية, ومع المبادرات الديبلوماسية لبعض منها, خاصة على مستوى توظيف العلاقات الشخصية والتقارب الأيديولوجي للأحزاب السياسية اليسارية مع ممثلي الاحزاب والمنظمات الدولية, وهكذا ستتشكل وفود من قيادات حزبية في مهمات ديبلوماسية الى العديد من الدول والمنظمات[38], وذلك بحثا عن التأييد والدعم الديبلوماسي, والدفاع عن المواقف والمقترحات الرسمية المتعلقة بقضية الصحراء او القضايا العربية الاخرى, أو للتخفيف والحد من الضغوطات التي تمارس من طرف القوى الخارجية على سياسة المغرب.
لقد لعبت الاحزاب السياسية المغربية بمختلف أيديولوجيتها دورا محوريا في التأثير على صانع القرار الخارجي, حيث ستعرف المواقف الرسمية للمغرب على مستوى السياسة الخارجية بعض التغييرات, ومنها على الخصوص تراجع المغرب عن قرار الاستفتاء في الصحراء الذي تمخض عن توصيات قمة نيروبي الاولى والتي كان قد قبل بها الراحل الحسن الثاني[39], وايضا تراجع المغرب عن موقفه فيما يخص الحوار المصري الاسرائيلي بعد ان رحب به في البداية( لعب دور الوسيط)[40], كما تراجع عن دعمه للتدخل الاجنبي على العراق في حرب الخليج الاولى[41] والتخفيف من التزاماته اتجاه التحالف الخليجي الامريكي.
وبعد جلوس الملك محمد السادس على العرش سنة 1999, سيتعزز موقع الاحزاب السياسية في سلم تدبير المجال الخارجي, من خلال تنامي ظاهرة استشارة الملك للأحزاب السياسية في مختلف المحطات الدبلوماسية[42], وأيضا من خلال تنصيص الفصل السابع من الدستور 2011 على دور الاحزاب السياسية في تدبير الشأن العام مما يفتح المجال ضمنيا للأحزاب للمساهمة في مجال السياسة الخارجية[43], حيث سيعود تدبير وزارة الخارجية الى حظيرة الاحزاب, وهكذا اسندت رئاسة الوزارة لسعد الدين العثماني في حكومة عبد الإله بنكيران الاولى, وصلاح الدين مزوار عن حزب التجمع الوطني للأحرار في حكومة عبد الاله بنكيران الثانية, حيث سيخضع مجال السياسة الخارجية لعدة متغيرات داخلية وخارجية, فرضت قوتها على من يتحكمون في تدبير دواليب السياسة الخارجية, من انفتاح اكثر على فاعلين جدد وخاصة الاحزاب السياسية سواء من داخل الحكومة أو المعارضة, وفي هذا الاطار عقد وزير الخارجية والتعاون لقاءا تشاوريا بتاريخ 03/07/2012,مع قادة الاحزاب السياسية لاستحداث آليات للتشاور تؤسس لمساهمة الاحزاب في تدبير وإعداد السياسة الخارجية[44], عبر تقديم التصورات والبدائل الديبلوماسية التي تتبناها ازاء التوجهات الاستراتيجية للسياسة الخارجية الرسمية, او عبر المساهمة في الدفاع عن القضايا والمشاكل ذات الابعاد الدولية التي يكون فيها المغرب طرفا مباشرا أو غير مباشر فيها في مختلف المحافل الدولية والجهوية.
الفقرة الثانية : مراكز الابحاث والدراسات
تشكل مراكز الابحاث والدراسات في الدول الحديثة والديمقراطية احدى اهم المؤسسات الفاعلة والمؤثرة في صناع السياسة العامة بشكل عام والسياسة الخارجية بشكل خاص, لما تقدمه هذه المؤسسات من دراسات وابحاث, وما تؤديه من وظائف متعددة كتقييم البرامج, وتفسير السياسات وتحليلها, وتقديم النصح والمشورة لصانع القرار, ولأن صانع القرار السياسي عندما يستشعر أزمة ما أو تهديد يمس المصالح الوطنية, فإنه يتصرف وفق ما يتوفر عليه من معطيات ومعلومات متاحة والتي تفرضها طبيعة التطورات السياسية الدولية والاقليمية, بالإضافة الى ما يتمتع به صانع القرار من الذكاء والمناورة الديبلوماسية, والدراية بحقائق الواقع الدولي غير ان هذه المعلومات في غالب الاحيان تأتي من مصادر متعددة ومن بينها نجد المؤسسات البحثية الرسمية أو المستقلة " مراكز الفكر"[45].
وتعد عملية دراسة القضايا والمشكلات التي تواجه المجتمع والدولة وتحليلها، من أهم الأدوار التي تضطلع بها المراكز البحثية عموما؛ إذ تهدف من خلالها إلى معرفة الأسباب التي تكمن وراءها، وبلورة الرؤى والمقترحات العلمية المتعلّقة بها، ووضع الحلول المناسبة لها. وقد أصبح للمراكز البحثية دور رائد ومتقدم في قيادة السياسات العالمية، وصارت أداة رئيسة لإنتاج العديد من المشاريع الإستراتيجية الفاعلة. وهي الجهات الأساسية التي تستطيع رسم خطط المشاركة في تلك المشاريع[46].
إن الحديث عن دور مراكز الابحاث والدراسات في التأثير على صانع القرار الخارجي بالمغرب, يرتبط ارتباطا وثيقا ببنية صناعة هذا القرار وبيئته, وما تتيحه البيروقراطيات من هامش لاستثمار ما تقدمه تلك المراكز من معطيات وبدائل, وأيضا ما تكتنفه علاقة الديبلوماسي بالاكاديمي من التوتر حينا والغموض حينا اخر.
فالمغرب رغم حداثة هذه المراكز, فإن استشعار صانع القرار لأهميتها الاستراتيجية ودورها الاكاديمي, هو ما دفع الى تأسيس المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية سنة 2007, كأول مركز بحثي رسمي, عهد اليه القيام بالدراسات والتحليلات الاستراتيجية حول القضايا التي تحال عليه من طرف الملك, ورصد التحولات الدولية والاقليمية المتعددة الابعاد, وتحليل العناصر المتحكمة في هذه التحولات, وتنوير صانع القرار بالسياسات الاستراتيجية البديلة التي تتناسب والتحديات المطروحة من خلال انجاز العديد من الدراسات التحليلية للعديد من القضايا الوطنية والدولية[47], ومن ضمن مهامه المتعلقة باليقظة, فان المركز يشتغل على عشر محاور استراتيجية, يشتمل كل منها على ثلاثة مجالات لليقظة الاستراتيجية, ورصد حوالي ألف مؤشر استراتيجي.
كما يقوم المركز بتحليل ما يقارب 500 من المنشورات التي تصدر عن منظمات دولية ووطنية, وقد تمكن المركز الملكي للدراسات الاستراتيجية من مراكمة العديد من الإنجازات جعلته يتبوأ مركزا مهما ضمن المراكز البحثية على مستوى الشرق الاوسط وشمال افريقيا, كما تستوجب الاشارة هنا الى إحداث الاكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية كجهاز تشرف عليه وزارة الخارجية والتعاون الدولي, حيث تتولى الاكاديمية وبموجب المادة الثانية من مرسوم 2.11.103 الصادر في 11 ابريل 2011, القيام بالدراسات في المجال الدبلوماسي, والمساهمة في توضيح وتحليل واستباق الديناميات الاساسية للعلاقات الدولية, بارتباط مع السياسة الخارجية للمملكة[48].
وفي نفس الإطار, برز مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد OCP POLICY CENTER FOR THE NEW SOUTH, الممول من طرف المكتب الشريف للفوسفاط الذي تم تأسيسه سنة 2014, كأحد ابرز المراكز التي تقدم اضافات نوعية من خلال منظور ورؤية بلد من أجل جنوب جديد ومستقل, وخاصة القضايا الاستراتيجية الدولية والاقليمية التي تواجهها دول الجنوب كالقضايا الامنية والهجرة غير الشرعية, الارهاب الدولي, حقوق الانسان, كما يساهم المركز في تعميق البحث الاكاديمي وإثراء التفكير حول اربعة حقول بحثية تتعلق بالبيئة والامن الغذائي, الاقتصاد والتنمية الاجتماعية, والجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية[49], و ايضا المساهمة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية بشأن السياسات العامة التي تعتمدها الاقتصاديات الناشئة.
ولهذا الغرض يقوم المركز باختيار أجود البحوث العلمية المستقلة, ويعتمد على شبكة عريضة من الباحثين والاساتذة ذوي الخبرة والتجربة وطنيا ودوليا, وهو ما ساهم في تعزيز اشعاع المركز كمنصة مفتوحة, تتيح للمجتمع العلمي الاكاديمي والسلطات العمومية ومختلف الفاعلين الاقتصاديين خبرة مشهودة في مجال التفكير والتحليل[50], الشيء الذي أهل المركز لأن يحظى بمكانة متميزة على صعيد المراكز البحثية في شمال افريقيا والشرق الاوسط.
من جهة اخرى برزت مجموعة من المراكز البحثية المستقلة كالمركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات الذي يسعى الى النهوض بالبحث العلمي والمساهمة في صناعة القرارات وصياغة السياسات من خلال انجاز العديد من الدراسات والابحاث الرصدية والتشخيصية والاستراتيجية والاستشرافية[51], كما يهدف الى تحليل السياسات العامة ودراسة السيناريوهات وإعداد البدائل المنسجمة مع المصالح القومية للمغرب, وهناك ايضا مركز الدراسات والابحاث في العلوم الاجتماعية الذي أسسه الاستاذ الجامعي والوزير السابق عبد الله ساعف سنة 1993, والذي أضحى بدوره يحظى بمكانة متقدمة على مستوى آخر تصنيف[52] (TTCSP) لما يقدمه من انتاجات علمية وأكاديمية مهمة, حيث يشتغل بفضل فريق يضم حوالي 50 من الباحثين والأساتذة المتطوعين بجامعة محمد الخامس، وفق منهجية أساسها الاستقلالية وحرية البحث. ورغم قلة الموارد، فقد استطاع طيلة السنوات الماضية، أن يحتل المراكز الأولى في المغرب وفي المغرب العربي. ويصدر المركز ،بشكل دوري، “التقرير الإستراتيجي المغربي”، كما يقوم بإنجاز دراسات وأبحاث أكاديمية وميدانية في مجالات تقييم السياسات العمومية، وتتبع ورصد عوامل تقييم الديمقراطية والحريات العامة، والتنمية البشرية والاجتماعية والمجالية[53].
واخيرا يمكن القول أن انخراط المراكز البحثية وتأثيرها في صناعة القرار السياسي الداخلي والخارجي, يرتبط ارتباطا وثيقا بمجموعة من المعايير والمؤشرات الذاتية والموضوعية, هذه المعايير يمكن من خلالها معرفة مدى تأثير مراكز الفكر في صانع القرار[54], ولعل من بين المؤشرات التي يمكن الوقوف عليها نذكر ما يلي :
- علاقة إدارة المركز بصانع القرار
- حجم مركز الفكر ومدى تأثيره
- جودة انتاجاته واتساع رقعة نفوذه
- طبيعة البيئة السياسية التي تحيط به
إن المتتبع لسيرورة تشكل المجتمع المدني بالمغرب, سيلاحظ جليا التطورات الملموسة التي عرفتها طبيعة الادوار المنوطة به, فقد أصبح يلعب دورا محوريا في ملامسة القضايا المجتمعية, بعد ما تراجعت الدولة عن تغطية الطلب الاجتماعي للمواطنين في مجالات اساسية[55], وهكذا سينتقل دور المجتمع المدني من تدبير القضايا المحلية المرتبطة بالمعيش اليومي للمواطن ( الميدان الاجتماعي/التضامني, والحقوقي), الى المساهمة في صياغة السياسات العامة والقطاعية من خلال إعداد وتقديم مذكرات مطلبية تتضمن عدة مقترحات وتصورات تعكس في الجوهر تطلعات المواطنين[56], مما يساهم في تمكين القطاعات العمومية من إعداد سياسات تنموية استراتيجية تنسجم وانتظارات المواطنين.
وبما أن منظمات المجتمع المدني تدخل ضمن الجماعات الفاعلة من غير الدول, كالشركات متعددة الجنسيات, جماعات الضغط..., التي أصبحت تحظى بدور كبير ومؤثر في الساحة الدولية, وخاصة بعد التغيرات التي عرفها العالم عقب انتهاء الحرب الباردة, وأحداث 11 سبتمبر 2001, هذه التغيرات ساهمت في بروز مكونات جديدة لفاعلين نافسوا الدولة في دورها التقليدي, مما حصل نوع من التفاعل بين الدّولة كفاعل شريك مع فاعلين من غير الدّول في صنع السياسة العامة[57], مما عزز من تعاظم دور هذه المؤسسات, بعدما أضحت هناك نزعة عالمية نحو تقوية المنظمات غير الحكومية وإعطائها أدوارا مؤثرة على مراكز اتخاذ القرارات السياسية الداخلية والخارجية[58], وسينحو المغرب في هذا الاتجاه, عندما نهج مقاربة جديدة قوامها تعزيز التنسيق والتشاور بين مختلف الفاعلين في العديد من القضايا التي ترتبط بمجال السياسة الخارجية.
غير أن اهتمامات مؤسسات المجتمع المدني بالمغرب لم تظل حبيسة المحلي/الوطني فقط, بل استطاع بفعل ما يتمتع به من مصداقية وقاعدة شعبية محترمة وما راكمه من تجارب ميدانية على نسج علاقات وطيدة ( علاقات تعاون/شراكة) بالمنظمات غير الحكومية على مستوى اوروبا وامريكا اللاتينية, هذا الانفتاح ساهم في تطوير كياناتها سواء على مستوى اتساع رقعة انشطتها أو على مستوى تعدد مواضيع اشتغالها, ومن بين ما تستهدف هذه المنظمات الضغط على الحكومات والتأثير على توجه سياسة الدول الداخلية والخارجية, وذلك باستخدام واستغلال مختلف الوسائل والامكانيات التي تتوفر عليها, بما في ذلك وسائل الاعلام والدعاية[59].
وهكذا استطاعت منظمات المجتمع المدني أن تغزو مجال السياسة الخارجية من بابها الواسع وذلك عبر الاشتغال على مواضيع ومجالات كانت الى عهد قريب من المجالات المحفوظة للديبلوماسية الرسمية, كقضية الصحراء والهجرة وحقوق الانسان, والترافع على القضايا الوطنية العادلة في المحافل والمنظمات الحقوقية الدولية, وخاصة قضية الصحراء واستكمال الوحدة الترابية, أو عبر ممارستها للدبلوماسية الشعبية المتمثلة في تعبئة الرأي العام من أجل الضغط على الحكومات من خلال أنظمتها السياسية الداخلية لإحداث تغييرات في مواقفها السياسية[60], كتراجع مجموعة من الدول الافريقية والعربية والأوروبية عن الاعتراف بالكيان الوهمي, ودعمها للمقترح السياسي المغربي الواقعي.
وايمانا منها بأهمية دور منظمات المجتمع المدني في تدعيم الدبلوماسية الرسمية, وفي إطار المقاربة التشاركية, تم التنصيص في الدستور الجديد 2011, على مساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام, والمنظمات غير الحكومية في اطار المقاربة التشاركية, في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية, وكذا في تفعيلها وتقييمها, وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة طبق شروط وكيفيات يحددها القانون[61], كما تم التنصيص ايضا على إحداث هيئات للتشاور, قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها[62], بل و الاكثر من ذلك فقد اتاحت الوثيقة الدستورية امكانية المساهمة والتـأثير للمواطن العادي من خارج الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في مجال السياسة الخارجية, عندما منح حق المواطنين والمواطنات بتقديم ملتمسات في مجال التشريع[63], وفي إطار الانفتاح على المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج, فقد تم التأكيد على واجب الدولة حماية حقوقهم ومصالحهم المشروعة, والسهر على تقوية مساهمتهم في تنمية وطنهم المغرب, وتمتين اواصر الصداقة والتعاون مع حكومات بلدان الاقامة[64].
المطلب الثاني : التحديات واستشراف المستقبل
إن انفتاح الوثيقة الدستورية على فاعلين جدد غير رسميين للمشاركة في مجال السياسة الخارجية, يأتي في سياق عام يتميز داخليا بارتفاع منسوب قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان, ومن جهة اخرى العمل على حشد الدعم الداخلي بخصوص القضايا المصيرية والاختيارات الاستراتيجية التي تتبناها الدولة, وخارجيا يتميز باتساع حدة النزاعات والصراعات وتعاظم التهديدات الدولية, وهكذا فإن الدولة من خلال اعتمادها للمقاربة التشاركية, فإنها تسعى الى إحداث آليات جديدة للتنسيق والتشاور, بحيث أصبح تدبير السياسة الخارجية بالطريقة التقليدية والاحادية, لم يعد يستجيب للتحولات العميقة والمستمرة التي تعرفها الساحة الدولية, مما استوجب معها الامر الانفتاح على رؤى وتصورات جديدة تعكس مختلف توجهات الفاعلين والمهتمين للشأن الخارجي.
غير أن واقع الممارسة, أثبت أن تأثير الفواعل غير الرسمية في صانع السياسة الخارجية المغربية, يتباين من فاعل لآخر, ويمثل هذا التباين انعكاسا مباشرا لطبيعة الاختلاف في الاسباب والدوافع التي تدخل في عمل كل فاعل على حدى, كما يعكس تباين الاستراتيجيات والوسائل التي يستخدمها كل فاعل للتأثير في صانع السياسة الخارجية على مستوى المبادرة والتفعيل, كما يرجع هذا الاختلاف ايضا الى طبيعة الامكانيات المادية والبشرية التي يعتمد عليها كل فاعل من اجل بلورة وصياغة قرارات بديلة يمكن ان يستفيد منها صانع القرار الخارجي.
وعلى الرغم من المقتضيات الدستورية المهمة التي جاء بها الدستور الجديد, والتي فتحت الباب لفاعلين غير رسميين بانخراطها في المشاركة في تدبير مجال السياسة الخارجية, الا أن تأثير هذه الفواعل يظل محدودا ولا يرقى الى مستوى تطلعات الفاعلين انفسهم, وذلك بسبب تعقد البيئة السياسية المنتجة للقرار السياسي بشكل عام, والقرار الخارجي بشكل خاص, اضافة الى وجود مجموعة من الاعتبارات تحد من هذا التأثير وهي :
- غياب التنسيق بين الاجهزة الحكومية المرتبطة بصناعة القرار الخارجي والفاعلين غير الرسميين, قد يفوت الفرصة على صانع القرار في انتاج قرارات غير دقيقة تغيب عليها بعض المعطيات الدقيقة والكافية.
- ضعف آليات التعاون والشراكة, بين مختلف الفاعلين في مجال السياسة الخارجية, في ظل غياب بنية تواصلية مستمرة ودائمة.
- ضعف البنيات المؤسساتية لعملية صنع القرار مما يفتح من هوامش اكبر للخطـأ في اتخاذ وتنزيل القرارات.
- صعوبة الحصول على المعلومات وخاصة المعلومات التي تعتبرها الدولة ذات حساسية وخاصة المعلومات المتعلقة بالدفاع الوطني, وحماية الامن الداخلي والخارجي.
- ضعف التمويل مما يقيد من عمل الفاعلين وتحركاتهم والسقوط في التمويل الاجنبي( منظمات المجتمع المدني, مراكز الابحاث والدراسات).
- تمكين جميع الفاعلين والمتدخلين في مجال السياسية الخارجية من الادوات والوسائل الضرورية الكفيلة بتطوير ادائها الدبلوماسي.
- اعتماد استراتيجية واضحة المعالم تؤطر تدخلات مختلف الفاعلين في ميدان السياسة الخارجية.
- تمكين الفاعلين من التمويل الكافي تكفل لهم الاضطلاع بدور اكبر في مجال السياسة الخارجية.
- تفعيل الشراكة الحقيقية بين الدولة عبر اجهزتها الرسمية ومختلف القوى الفاعلة في مجال الدبلوماسية.
- تنظيم دورات وورشات تكوينية في مجال العلاقات الدولية والدبلوماسية لفائدة المتدخلين في مجال السياسة الخارجية وخاصة على مستوى آليات الترافع والتفاوض.
1_مصطفى بوكرين, السياسة الخارجية للمملكة المغربية وحدود التوازن بين المؤسسات السياسية في ضوء دستور 2011,منشورات 2_المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية, مطبعة الامنية, الطبعة الاولى,الرباط,2012
3_حيث تشير الفقرة الثالثة من الفصل 12 من الدستور المغربي الجديد 2011, الى ما يلي: تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام, والمنظمات غير الحكومية, في إطار الديمقراطية التشاركية في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية, وكذا في تفعيلها وتقييمها, وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة...
4_حيدرعبد محسن شهد الجبوري و أحمد سالم بخيت الميالي, الجماعات الفاعلة من غير الدّول )دراسة قانونية في المفهوم والنشأة التاريخية),مجلة المحقق الحلى للعلوم القانونية والسياسية, الجزء الثاني,العدد,الثاني,2020
5_مرسوم رقم 2.11.103 الصادر في 7 جمادى الاولى 1432,( 11 ابريل 2011), بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.94.864, الصادر في 18 شعبان 1415,(20 يناير 1995), في شأن اختصاصات وزارة الشؤون الخارجية والتعاون وتنظيم وزارة الشؤون الخارجية والتعاون, نشر في الجريدة الرسمية ع/5937 بتاريخ 21 جمادى الاولى,( 25 ابريل 2011).
6_للمزيد اكثر حول المركز, انظر موقع المركز على الرابط التالي:http//www.ocppc.ma/about-us/ocppc
7_للمزيد اكثر, انظر الورقة التعريفية للمركز على الموقع الالكتروني التالي:http//www.cemrap.org.ma
8_نوال بهدين, الفاعلون في رسم معالم السياسة الخارجية المغربية وفق الدستور الجديد, المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية, ع/110-109
9_محمد عبد الله عودي, مراكز الدراسات والبحوث الغربية والعربية, ملحق 9, المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية, النجف الاشرف,2015
10_خالد وليد محمود, دور مراكز الابحاث في الوطن العربي: الواقع الراهن وشروط الانتقال الى فاعلية اكبر, سلسلة دراسات, المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات,الدوحة,قطر,2013
11_للاطلاع أكثر حول هذا المركز, انظر موقعه الالكتروني: http//www.ires.ma, وتجدر الاشارة هنا ان تأسيس المعهد أعلن عنه في خطاب ملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب, بتاريخ 20 غشت 2003.
12_فاطمة الزهراء هيرات, الملكية المغربية والسياسة الخارجية,مجلة مسالك, عدد مزدوج22/21,سنة 2012
13_فريد لمريني, الحركة الوطنية والمصير البئيس للتحديث السياسي, مجلة وجهة نظر, ع/ 30 ,خريف 2006
14_بهجت قرني وعلي الدين هلال دسوقي, السياسة الخارجية للدول العربية: وتحدي العولمة, ترجمة احمد مختار الجمال, المركز القومي للترجمة, طبعة الاولى,2016
15_مصطفى بوصبوعة, تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية, المجلة الجزائرية للسياسات العامة, ع/11,اكتوبر 2016
16_مازن اسماعيل الرمضاني, السياسة الخارجية: دراسة نظرية, مطبعة دار الحكمة,بغداد,1991
17_احمد النعيمي, تحليل السياسة الخارجية, دار زهران للنشر والتوزيع,عمان,2011
18_محمد سليم السيد. تحليل السياسة الخارجية, مكتبة النهضة المصرية,القاهرة,1989
19_إناس شيباني, في تحليل السياسة الخارجية: النماذج النظرية بين ضرورات التعدد ومساعي التكامل, اطروحة دكتوراه, جامعة الحاج لخضر, كلية الحقوق والعلوم السياسية,2018/2019,باتنة,الجزائر
20_غراهام ايفانز وجيفري نوينهام, قاموس بنغوين للعلاقات الدولية, مركز الخليج للأبحاث, دبي, ط/1,سنة 2004
21_محمد السنوسي, الاصلاح الدستوري وجغرافية السياسة الخارجية المغربية الجديدة, مؤلف جماعي, تنسيق سعد الدين العثماني, منتدى العلاقات العربية والدولية, الطبعة الاولى,2015
22_جيفري بيغمان, الدبلوماسية المعاصرة, ترجمة محمد صفوت حسن, دار الفجر للنشر والتوزيع, الطبعة الاولى,القاهرة,2014
23_السعدية لدبس, موقع المؤسسة الملكية في عملية صنع القرار الخارجي, مجلة مسالك, السنة 15,عدد5049/,2018
24_انظر الخطاب الذي وجهه جلالة الملك الى الامة بمناسبة الذكرى الخامسة لاعتلاء العرش, بتاريخ 30 يوليوز 2004.
25_انظر الفصل 42 و 55 و 54 و49 من دستور 2011
26_انظر الفصل 49 من دستور 2011, حول القضايا التي يتداولها المجلس الوزاري تحت الرئاسة الفعلية للملك (الفصل 48)
27_محمد معتصم, الحياة السياسية المغربية:1962- 1991,مؤسسة ايزيس للنشر, الطبعة الاولى,1992,الدار البيضاء
28_سعيد الصديقي, المؤسسة الملكية والسياسة الخارجية: قراءة في مفهوم المجال المحفوظ ومسارات التنفيذ, مجلة الدولية, العدد/3, 2007
29_انظر الخطاب الذي وجهه جلالة الملك الى الامة بمناسبة الذكرى السادسة لاعتلاء العرش بتاريخ 30 يوليوز 2005
30_انظر الخطاب الملكي الذي وجهه جلالة الملك الى الامة بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الرابعة لاعتلاء جلالته عرش اسلافه الميامن بتاريخ 30 يوليوز 2003.
31_مقتطف من الرسالة الملكية الموجهة الى النادي الديبلوماسي المغربي, منشورات النادي الدبلوماسي المغربي, اكتوبر 2000, الرباط
32_ادريس لكريني, السياسة الخارجية المغربية ما بعد دستور 2011,على الرابط التالي:www.alkhaleej.ae , بتاريخ 21/07/2017,تاريخ الزيارة 18/04/2021,على الساعة: 20:38.
33_انظر الفصل 12 من الدستور المغربي الجديد 2011
34_راجع الفصل السابع من الدستور المغربي 2011
35_راجع الفصل العاشر (10)من الدستور المغربي الجديد 2011
36_أحمد النعيمي, عملية صنع القرار في السياسة الخارجية: الولايات المتحدة الامريكية نموذجا, دار زهران للنشر والتوزيع, عمان, ,2001
37_محمد ضريف, الاحزاب السياسية المغربية 1934_1975,منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي, فبراير 1993
38_الفصل 13 من الدستور المغربي 2011
39_انظر الفصل 14 من الدستور المغربي 2011
40_انظر الفصل 16 من الدستور المغربي الجديد 2011
41_انظر الفصل السابع من الوثيقة الدستورية 2011
42_للمزيد اكثر حول المركز راجع الموقع الالكتروني للمركز على الرابط التالي: http//www.cerss.org/archives/3773
43_محمد سلام شكري, المجتمع المدني بالمغرب: من كائن التأسيس الى ممكن النضج, مجلة نوافذ الجزء الاول, العدد/65,يونيو 2018
-44Howard Wiarda. The news powerhouses think tanks and foreign policy. American foreign policy intersts.vol.30.n.2.2008
الهوامش
[1] - مصطفى بوصبوعة, تطور مقاربات تحليل السياسة الخارجية, المجلة الجزائرية للسياسات العامة, ع/11,اكتوبر 2016,ص.9
2- مصطفى بوصبوعة, مرجع سابق,ص.14
[3] - مازن اسماعيل الرمضاني, السياسة الخارجية: دراسة نظرية, مطبعة دار الحكمة,بغداد,1991,ص ص.23/24
[4] - احمد النعيمي, تحليل السياسة الخارجية, دار زهران للنشر والتوزيع,عمان,2011,ص.20
[5] - محمد سليم السيد. تحليل السياسة الخارجية, مكتبة النهضة المصرية,القاهرة,1989,ص.8
[6] - احمد النعيمي, مرجع سابق,ص.20
[7] - محمد سليم السيد, مرجع سابق,ص.9
[8] - إناس شيباني, في تحليل السياسة الخارجية: النماذج النظرية بين ضرورات التعدد ومساعي التكامل, اطروحة دكتوراه, جامعة الحاج لخضر, كلية الحقوق والعلوم السياسية,2018/2019,باتنة,الجزائر,ص.21
[9] - غراهام ايفانز وجيفري نوينهام, قاموس بنغوين للعلاقات الدولية, مركز الخليج للأبحاث, دبي, ط/1,سنة 2004,ص.245
[10] - محمد سليم السيد, مرجع سابق,ص.19
[11] - محمد سليم السيد, مرجع سابق,ص.17
[12] - محمد السنوسي, الاصلاح الدستوري وجغرافية السياسة الخارجية المغربية الجديدة, مؤلف جماعي, تنسيق سعد الدين العثماني, منتدى العلاقات العربية والدولية, الطبعة الاولى,2015,ص,126
[13] - السعدية لدبس, موقع المؤسسة الملكية في عملية صنع القرار الخارجي, مجلة مسالك, السنة 15,عدد5049/,2018,ص.83
[14] - انظر الخطاب الذي وجهه جلالة الملك الى الامة بمناسبة الذكرى الخامسة لاعتلاء العرش, بتاريخ 30 يوليوز 2004.
[15] - انظر الفصل 42 و 55 و 54 و49 من دستور 2011
[16] - انظر الفصل 49 من دستور 2011, حول القضايا التي يتداولها المجلس الوزاري تحت الرئاسة الفعلية للملك (الفصل 48)
[17] - محمد معتصم, الحياة السياسية المغربية:1962- 1991,مؤسسة ايزيس للنشر, الطبعة الاولى,1992,الدار البيضاء.ص.12
[18] - سعيد الصديقي, المؤسسة الملكية والسياسة الخارجية: قراءة في مفهوم المجال المحفوظ ومسارات التنفيذ, مجلة الدولية, العدد/3, 2007,ص.101
[19] - السعدية لدبس, مرجع سابق,ص.80
[20] - من بين المقتضيات التي يقره النظام الداخلي لمجلس النواب مثلا, تكوين لجنة دائمة مختصة بقطاع السياسة الخارجية
[21] - السعدية لدبس, مرجع سابق,ص.79
[22] - انظر الخطاب الذي وجهه جلالة الملك الى الامة بمناسبة الذكرى السادسة لاعتلاء العرش بتاريخ 30 يوليوز 2005
[23] - محمد السنوسي, مرجع سابق,ص.125
[24] - انظر الخطاب الملكي الذي وجهه جلالة الملك الى الامة بمناسبة عيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الرابعة لاعتلاء جلالته عرش اسلافه الميامن بتاريخ 30 يوليوز 2003.
[25] - مقتطف من الرسالة الملكية الموجهة الى النادي الديبلوماسي المغربي, منشورات النادي الدبلوماسي المغربي, اكتوبر 2000, الرباط,ص.13
[26] - محمد السنوسي, مرجع سابق,ص.127
[27] - ادريس لكريني, السياسة الخارجية المغربية ما بعد دستور 2011,على الرابط التالي:www.alkhaleej.ae , بتاريخ 21/07/2017,تاريخ الزيارة 18/04/2021,على الساعة: 20:38.
[28] - راجع الفصل السابع من الدستور المغربي 2011
[29] - راجع الفصل العاشر (10)من الدستور المغربي الجديد 2011
[30] - أحمد النعيمي, عملية صنع القرار في السياسة الخارجية: الولايات المتحدة الامريكية نموذجا, دار زهران للنشر والتوزيع, عمان, ,2001,ص.445
[31] - أحمد النعيمي, مرجع سابق,ص.454
[32] - محمد ضريف, الاحزاب السياسية المغربية 1934_1975,منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي, فبراير 1993,ص ص.124_125
[33] - محمد ضريف, مرجع سابق,ص.143
[34] - محمد ضريف, مرجع سابق,ص.138
[35] - فريد لمريني, الحركة الوطنية والمصير البئيس للتحديث السياسي, مجلة وجهة نظر, ع/ 30 ,خريف 2006, ص.26
[36] - محمد معتصم, مرجع سابق,ص.81
[37] - بهجت قرني وعلي الدين هلال دسوقي, السياسة الخارجية للدول العربية: وتحدي العولمة, ترجمة احمد مختار الجمال, المركز القومي للترجمة, طبعة الاولى,2016,ص.474
[38] - يتعلق الامر بالزيارات التي قام بها كل من الامين العام لحزب الاصالة والمعاصرة الى دول امريكا اللاتينية, والامينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد للدول الاسكندنافية, والامين العام لحزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال الى دول الاتحاد الأوربي
[39] - محمد معتصم, مرجع سابق, ص.81
[40] - بهجت قرني وعلي الدين هلال دسوقي, مرجع سابق,ص.475
[41] - بهجت قرني وعلي الدين هلال دسوقي, مرجع سابق,ص.472
[42] - فاطمة الزهراء هيرات, الملكية المغربية والسياسة الخارجية,مجلة مسالك, عدد مزدوج22/21,سنة 2012,ص.37
[43] - انظر الفصل السابع من الوثيقة الدستورية 2011
[44] - نوال بهدين, الفاعلون في رسم معالم السياسة الخارجية المغربية وفق الدستور الجديد, المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية, ع/110-109,ص.142
[45] - محمد عبد الله عودي, مراكز الدراسات والبحوث الغربية والعربية, ملحق 9, المركز الاسلامي للدراسات الاستراتيجية, النجف الاشرف,2015,ص.10
[46] - خالد وليد محمود, دور مراكز الابحاث في الوطن العربي: الواقع الراهن وشروط الانتقال الى فاعلية اكبر, سلسلة دراسات, المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات,الدوحة,قطر,2013,ص.1
[47] - للاطلاع أكثر حول هذا المركز, انظر موقعه الالكتروني: http//www.ires.ma, وتجدر الاشارة هنا ان تأسيس المعهد أعلن عنه في خطاب ملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب, بتاريخ 20 غشت 2003.
[48] - مرسوم رقم 2.11.103 الصادر في 7 جمادى الاولى 1432,( 11 ابريل 2011), بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.94.864, الصادر في 18 شعبان 1415,(20 يناير 1995), في شأن اختصاصات وزارة الشؤون الخارجية والتعاون وتنظيم وزارة الشؤون الخارجية والتعاون, نشر في الجريدة الرسمية ع/5937 بتاريخ 21 جمادى الاولى,( 25 ابريل 2011).
[49] - للمزيد اكثر حول المركز, انظر موقع المركز على الرابط التالي:http//www.ocppc.ma/about-us/ocppc
[50] - انظر نفس المرجع
[51] - للمزيد اكثر, انظر الورقة التعريفية للمركز على الموقع الالكتروني التالي:http//www.cemrap.org.ma
[52] - التصنيف السنوي الذي تصدره جامعة بنسلفانيا الامريكية, والذي يعتمد على مؤشرات من بينها: قدرة المراكز في التأثير على الحياة العامة, وحضور دراساتها على مستوى الابحاث الاكاديمية والعلمية...
[53] - للمزيد اكثر حول المركز راجع الموقع الالكتروني للمركز على الرابط التالي: http//www.cerss.org/archives/3773
[54] -Howard Wiarda. The news powerhouses think tanks and foreign policy. American foreign policy intersts.vol.30.n.2.2008.p 11-12
[55] - محمد سلام شكري, المجتمع المدني بالمغرب: من كائن التأسيس الى ممكن النضج, مجلة نوافذ الجزء الاول, العدد/65,يونيو 2018,ص.84
[56] - حيث تشير الفقرة الثالثة من الفصل 12 من الدستور المغربي الجديد 2011, الى ما يلي: تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام, والمنظمات غير الحكومية, في إطار الديمقراطية التشاركية في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية, وكذا في تفعيلها وتقييمها, وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة...
[57] - حيدرعبد محسن شهد الجبوري و أحمد سالم بخيت الميالي, الجماعات الفاعلة من غير الدّول )دراسة قانونية في المفهوم والنشأة التاريخية),مجلة المحقق الحلى للعلوم القانونية والسياسية, الجزء الثاني,العدد,الثاني,2020,ص.433
[58] - نوال بهدين, مرجع سابق.ص.159
[59] - مصطفى بوكرين, السياسة الخارجية للمملكة المغربية وحدود التوازن بين المؤسسات السياسية في ضوء دستور 2011,منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية, مطبعة الامنية, الطبعة الاولى,الرباط,2012,ص,43
[60] - جيفري بيغمان, الدبلوماسية المعاصرة, ترجمة محمد صفوت حسن, دار الفجر للنشر والتوزيع, الطبعة الاولى,القاهرة,2014,ص.124
[61] - انظر الفصل 12 من الدستور المغربي الجديد 2011
[62] - الفصل 13 من الدستور المغربي 2011
[63] - انظر الفصل 14 من الدستور المغربي 2011
[64] - انظر الفصل 16 من الدستور المغربي الجديد