MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة بين التمديد و الإبقاء: قراءة في مقتضيات المادة 316 من مدونة الحقوق العينية الجديدة

     

شكيب حيمود
باحث في سلك الدكتوراه-قانون الأعمال-



التقييد الاحتياطي لدعوى القسمة بين التمديد و الإبقاء: قراءة في مقتضيات المادة 316 من مدونة الحقوق  العينية الجديدة
أولا:الإطـــــــــار القـــــــانوني

    قبل مناقشة الإشكال موضوع عنوان هذه المقالة لا بد من إطلاع القارئ على مجموع النصوص القانونية المؤطرة له، حيث صدر بتاريخ 24 نوفمبر 2011 القانون       رقم 08-39    بمثابة مدونة للحقوق العينية، جاءت لتنظم أحكام هذه الحقوق بالعقارات المحفظة و غير المحفظة أو تلك التي في طور التحفيظ. و من ضمن ما جاءت به مقتضى المادة 316 التي نصت على مايلي: " لا تقبل دعوى القسمة إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء و تم تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ"
 و كذا المادة 13: " إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها اتجاه الغير إلا من تاريخ تقيدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا."
   كما صدر بنفس التاريخ القانون 07-14 المعدل و المتمم لظهير 12 غشت 1913 بشأن نظام التحفيظ العقاري و الذي نظم بمفاهيم و أجال جديدة قواعد التقييد الاحتياطي بصريح الفصول:

- الفصل 85 :" يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا.
 
يضمن طلب التقييد الاحتياطي من طرف المحافظ بالرسم العقاري إما:
- بناء على سند يثبت حقا على عقار و يتعذر على المحافظ تقييده على حالته؛
- بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها؛
- بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.
إن تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يحدد رتبة التقييد اللاحق للحق المطلوب الاحتفاظ به.
تبقى التنقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص تشريعية خاصة خاضعة لأحكام هذه النصوص."
الفصل 86: "  تحدد ................................
تنحصر في شهر مدة صلاحية التقييد الاحتياطي بناء على إدلاء الطالب بنسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.
يشطب على هذا التقييد الاحتياطي تلقائيا، بعد انصرام الأجل المذكور، ما لم يدل طالب التقييد بأمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية طبقا لأحكام الفصل 85 أعلاه.
يحدد مفعول التقييد الاحتياطي الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية في ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ صدوره، ما لم ينجز التقييد النهائي للحق، و تكون هذه المدة قابلة للتمديد بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع، و يستمر مفعول هذا التمديد إلى حين صدور حكم نهائي.
...."

ثانيـا:قراءة في المقتضــــــــيات القــــــــــانونية

   باستقراء المقتضيات القانونية أعلاه، اشترط المشرع لقبول دعوى قسمة عقار خاضع لنظام الرسوم العقارية أن تأتي على الشكل  التالي:

ــ  أن يرفع مقال القسمة ضد جميع الشركاء المقيدين بالرسم العقاري.
ــ    أن يتم تقييد مقال الدعوى احتياطيا بالرسم العقاري.

 
من هنا ينطلق الإشكال المتعلق بتقييد دعوى القسمة احتياطيا بالرسم العقاري، فهل تقيد    و كفى؟  أم لا بد للمدعي  يلجأ إلى رئيس المحكمة الابتدائية  لطلب التمديد عملا بأحكام الفقرة الرابعة من المادة 86 من قانون التحفيظ العقاري؟

  مما لا شك فيه أن التقييد الاحتياطي هو مكنة منحها القانون لكل من يدعي حقا على عقار محفظ. و مفهوم الادعاء هنا أجمع الفقه و القضاء معا بشأنه أنه حق نشأ صحيحا أو حق ينتظر تصحيحه الأطراف أو القضاء، و تعذر تقييده تقييدا نهائيا بالرسم العقاري ؛ كعدم تحديد النصيب المشاع المبيع ، أو عدم تسليم البائع للمشتري نظير الرسم العقاري ... إلى غير ذلك من الحالات الكثيرة.

   و لما كان التقييد بصحيح الفصل 65 من قانون التحفيظ العقاري هو إنشاء للحق العيني أو نقله أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه . فمتى تعذر على المرتقب انتقال الحق العيني له عملا بأحكام الفصل المذكور، أن يبادر إلى الاستفادة من الفصل 85 سالف الذكر.

   فإن طالب قسمة لعقار محفظ، ألزمه مشرع مدونة الحقوق العينية سلوك مؤسسة التقييد الاحتياطي جبرا تحت طائلة عدم سماع دعواه قضاء. و من هنا لم يكن أمامه اللجوء لذلك مجرد مكنة كما يستفاد من صريح الفصل 85 .

إن المشرع لما عدل مقتضيات التقييد الاحتياطي بموجب القانون 07-14 و أتى به أكثر تشددا في الشكليات؛ أراد بذلك التضييق على مدعي الحق العيني و حماية المالك المقيد، باعتبار الأخير أولى بذلك من المدعي. حتى يثبت الأخير أو يصحح مذخله للعقار.

فمن غير المنطقي أن يخضع المالك المقيد بالرسم العقاري على الشياع رفقة ملاك آخرين ، طالب القسمة لهذه الشكليات الضيقة جدا في الأجال.

  و إذا استثنى المشرع من المقتضيات أعلاه التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص خاصة، كالتقييد الاحتياطي بمقتضى الفصل 10-618 من قانون الإلتزامات و العقود، و ذلك المنصوص عليه في المادة 173 من مدونة الحقوق العينية ... إلخ، فإنه سكت و لم يحدد شكليات معينة لذلك التقييد المؤقت في الفصل 316 سالف الذكر.

 إذن فهل يستفيذ طالب القسمة من تقييد احتياطي مرة واحدة حتى صدور حكم حائز لقوة الشيئ المقضي به ، مع سكوت للمشرع بشأن ذلك؟ أم هل يجبر بسلوك مقتضيات الفصل 86 و تمديد تقييده احتياطيا؟

   هناك فريق من السادة القضاة و المحافظين على الأملاك العقارية و السادة المحامون  يرى أن دعوى القسمة و إن كانت كاشفة للحق و غير منشأة له، فإنها مع ذلك تدخل في عموم الإدعاء المنصوص عليه في الفصل 85 من  ظهير التحفيظ و الفصل 13 من مدونه الحقوق العينية ؛باعتبار أن المدعي يريد من خلالها إنشاء رسم عقاري جديد و تغيير الوضعية الراهنه للرسم العقاري موضوع الملكية المشاعة، و بالتالي متى قيد دعواه احتياطيا عملا بأحكام الفصل 316 أعلاه بالرسم العقاري، سواء مباشرة بالمقال الافتتاحي في المحافظات العقارية التي يقبل السادة رؤساء المحاكم الابتدائية التابعة لنفوذهم تمديد هذا التقييد بموجب أوامر رئاسية، أو متى تم ذلك مباشرة بناء على أمر لرئيس المحكمة بناء على طلب مدعم بمقال الدعوى شأن بعض محاكم المملكة. فإن تمديد هذا التقييد إجراء جوهري تحت طائلة عدم قبول دعوى القسمة. و بالتالي فإن السادة المحافظون ملزمون بالتشطيب تلقائيا على التقييد الاحتياطي إذا لم يبادر المدعي للتمديد قبل انصرام الشهر أو ثلاثة أشهر حسب الحالة عملا دائما بأحكام الفصل 86.

    غير أن هناك فريق ثان لا ثالث له يقول أن دعوى القسمة هي دعوى كاشفة للنصيب المشاع، و أن المدعي هو بالضرورة مالك مقيد بالرسم العقاري المراد تقسيمه قضاء.     و بالتالي فإن المشرع لما نص على ضرورة التقييد احتياطيا تحت طائلة عدم القبول إنما أراد بذلك ضمان تنفيذ الحكم المرتقب صدوره و عدم تفاجئ المستفيدين منه من تغير أحد الملاك المقيدين و استحالة التنفيذ جراء ذلك، و بالتالي يكون التقييد الاحتياطي تقنية قانونية للسادة المحافظون لتطبيق الحكم القاضي بالقسمة على الرسم العقاري على الحالة التي كان فيها قبل التقييد الاحتياطي و لو تغير بعض الملاك أثناء سريان الدعوى.
        و المحكمة هنا عند البت في الدعوى تكتفي فقط بالإطلاع على شهادة المحافظ على الأملاك العقارية و قد نصت على التقييد الاحتياطي للدعوى، دون أن تلزم المدعي بأن يدلي ما يفيد تمديد هذا التقييد المؤقت. حيث إذا فترضنا أن التقييد تم بناء على أمر قضائي، و بتت محكمة القسمة بحكم تمهيدي بتعيين خبير قبل انصرام ثلاثة أشهر، تكون قد حكمت في الشكل و من غير المنطقي أن تأتي بعد ذلك و تقضي عند الحكم القطعي بعدم القبول لعدم وقوع التمديد.

   صحيح أن المشرع لم يفصل في المادة 316 في شكليات هذا التقييد الاحتياطي عكس ما نص عليه في الفصل 173 من نفس المدونة، و بالتالي ترك الباب مفتوحا لكل فريق للتأويل و ترجيح مبرراته القانونية. و إن كنا نميل للرأي الثاني إعمالا لمنطق قانوني.

  و في انتظار ما سيصدر عن محكمة النقض من قرارات ترجح هذا الفريق أو ذلك. ارتأينا أن نساهم بهذا المقال المتواضع حتى يطفو النقاش على السطح للاتفاق على تفسير واحد أو اقتراح تعديل للمادة 316 بنص صريح على تقييد احتياطي لدعوى القسمة مرة واحدة حتى صدور حكم بات.



تيزنيت في 28 ماي 2013 الساعة 00 و 27 دقيقة.



الاثنين 24 يونيو 2013
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter