MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة: القضاء المستعجل في القضايا الأسرية - الحضانة والنفقة نموذجا- تحــت إشــــراف: الدكتور إدريس الفاخوري

     

جامعة محمد الأول
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
وجدة

شعبة القانون الخاص
وحدة التكوين والبحث
تشريعات الأسرة والهجرة



من إعـداد الطالب:
محمـد أمـزيـان

أعضاء لجنة المناقشة:


-الدكتور: إدريس الفاخوري أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بوجدة مشرفا رئيسـا
-الدكتورة: دنيا مباركة أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بوجدة عضوا
-الدكتور: عبد الواحد الحمداوي أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بوجدة عضوا


السنة الجامعية: 2008-2009



رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة: القضاء المستعجل في القضايا الأسرية  - الحضانة والنفقة نموذجا- تحــت إشــــراف: الدكتور إدريس الفاخوري
مقدمة

الأصل في وظيفة القضاء أنها تفصل في النزاعات المرفوعة إليها بوجه بات، وأن حكمها يضع حدا نهائيا للخصومة القائمة بين الطرفين، غير أن بلوغ هذه الغاية تقتضي استقصاء أوجه دفاع الخصوم، وفحص أدلتهم، وسماع بياناتهم، وإلى غير ذلك من الإجراءات التي تستوجبها الدعاوى العادية، وإتمام ذلك يأخذ عادة وقتا طويلا كثيرا ما يستغله الخصوم من أجل الحيلولة دون الوصول إلى الحقيقة .
ولما كانت مثالب القضاء العادي كثيرة تؤدي في بعض الأحيان إلى إهدار حقوق الأطراف، ، فإن مؤسسة القضاء المستعجل كان لها نصيب أكبر في الاحتواء على العديد من الحالات التي تقتضي صيانتها في وقت لا يتطلب البطء والتأخير، وذلك من أجل اجتناب المخاطر الناتجة عن الفصل في الدعاوى الموضوعية بإجراءات عادية، عن طريق اتخاذ إجراءات سريعة لحفظ الحق ريثما يقع البت في أصل النزاع، سواء سبق أن تعهدت محكمة الأصل بالنزاع أم لم تتعهد به بعد .
ولهذا فأهم دعامة يقف عليها القضاء المستعجل هي فكرة الاستعجال، فيكون بذلك الأساس الذي يقوم عليه مغاير للنظام الذي يرتكز عليه القضاء العادي، حيث إن هذا الأخير يتسم بطول الانتظار والطابع البطيء، وهو قضاء يستغرق عند النظر في الدعوى شهورا، وقد تصل إلى سنوات في بعض الأحيان لكي يفصل فيها بحكم موضوعي ليضع حدا للمنازعة بين الطرفين، عكس القضاء المستعجل الذي يتميز بالسرعة .
ومن هذا المنطلق ظهر القضاء المستعجل لكي يصون الحقوق الجديرة بالحماية، وعرفه البعض بأنه : "إجراء مختصر واستثنائي يسمح للقاضي باتخاذ قرار وقتي في المسائل المتنازع عليها والتي لا تحتمل التأخير في إصدار القرار بدون حصول ضرر...". في حين قال البعض بأنه : " قضاء يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلا مؤقتا لا يمس الحق، وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح الطرفين المتنازعين".
وقد نظم المشرع المغربي المساطر المتعلقة بهذا النوع من القضاء في قانون المسطرة المدنية ضمن المواد 149 إلى 154، وأولاه أهمية خاصة نظرا للدور الذي يقوم به في فض المنازعات بشكل فوري ومستعجل، فمناط اختصاصه هو توفر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع ، ذلك أنه لا يلجأ إليه إلا إذا توفر عنصر الاستعجال الذي يبرر الحصول على الحماية القضائية بإجراءات مختصرة، تختلف عن إجراءات الدعاوى العادية. كما أن الخصم لا يطلب من هذا القضاء إلا حماية مؤقتة فهو قضاء وقتي إلى أن يفصل القضاء العادي في موضوع النزاع بحكم حاسم .
ونظرا للخصائص التي يتميز بها، وأهميته في الحياة العملية، كان لزاما أن يتدخل في الكثير من القضايا التي تتطلب التيسير والتعجيل، والتي لا تحتمل التطويل والتأخير، ومن بين أهم هذه القضايا تلك المتعلقة بالمنازعات الأسرية. بحيث نجد مشرع مدونة الأسرة ، أعطى للقضاء بصفة عامة هامشا مهما وسلطة تقديرية له، وأسند له الكثير من المهام في تطبيق مقتضيات المدونة لمعالجة قضايا الأسرة.
ومن أهم ما يمكن أن يقف عنده كل متتبع مواد المدونة هو حرص المشرع على الفصل في النزاعات الأسرية في أقرب الآجال ، ولم يقف المشرع عند تقليص أمد النزاعات فحسب، بل تعدى ذلك إلى السرعة في إيصال الحقوق لأصحابها وتحقيق العدالة في أمد قصير.
ولضمان السرعة في البت في القضايا الأسرية، واقتناعا من مؤسسة القضاء المستعجل بالدور الإيجابي الذي يقوم به، أصبح يتدخل في الكثير من هذه القضايا، وله حضور قوي في قضاء الأسرة، رغم أن المبادئ التي تنظمه جاءت ضمن القانون الإجرائي.
لكن باعتبار أن قانون المسطرة المدنية يعتبر بمثابة الشريعة العامة التي يرجع إليها في غياب الحكم في نص قانوني خاص، فإنه في ظل قانون الأحوال الشخصية الملغى، لم يكن هناك نص خاص يقر بتطبيق المسطرة الاستعجالية على قضاياه، ورغم ذلك نجد لهذا القضاء حيز مهما في معالجة هذه القضايا، على اعتبار أن نظام الأسرة يعتبر ضمن حقوق الله التي تستوجب الفورية والسرعة في القضايا المرتبطة به، والحفاظ على كل مكوناتها نظرا للارتباط الوثيق بين كل أطرافها.
ومشرع مدونة الأسرة لم تكن هذه الأمور غائبة عنه، بل كرسها بمقتضيات وقواعد قانونية صريحة وضمنية كذلك، يفهم من خلالها أنه جاء بفلسفة جديدة ترمي إلى عدم التطويل والتأخير، وكذا تكريس مبدأ المرونة والتيسير في اقتضاء الحقوق، وفي الإجراءات المتبعة لتحقيق الهدف المطلوب من كل صاحب مصلحة على حق معين، عكس ما كانت عليه مدونة الأحوال الشخصية الملغاة ، والتي كانت مساطرها تتسم بالبطئ والتأخير شيئا ما، حيث كان أحد الفقهاء في ظل هذا القانون ينادي بأن تكون جميع قضايا الأحوال الشخصية متصفة بالطابع الإستعجالي.
وبإلقاء نظرة على بعض القضايا الأسرية في التشريع المغربي، يتضح بجلاء أن العديد منها يختص فيها القضاء الاستعجالي، سواء في إطار اختصاصه العضوي أو في نطاق اختصاصه الوظيفي.
ويبرز هذا بشكل أكثر في المنازعات المتعلقة بمسألة الحضانة والنفقة، هكذا نجد أن المادة 179 من المدونة منحت لقاضي الأمور المستعجلة دورا مهما في تطبيقها، وذلك في حالة امتناع النائب الشرعي عن السماح بالسفر بالمحضون وإصرار الحاضنة على الانتقال به إلى الخارج، بحيث يحق لهذه الأخيرة أن تسلك المسطرة الاستعجالية وذلك بصريح مقتضيات المادة 179، مع العلم أن هذا النص هو الوحيد الذي يحيل على اختصاص القضاء المستعجل دون غيره، وقد تعدى هذا الأخير اختصاصه العضوي بمقتضى المادة المذكورة، ليشمل اختصاصه الوظيفي في الكثير من القضايا التي تشعبت عن مقتضيات هذه المادة.
وأمام التوجه الجديد الذي اتخذه المشرع في مدونة الأسرة بخصوص مراعاة المصلحة الفضلى للطفل المحضون، فإن القضاء المستعجل كان حريصا على حماية هذه المصلحة، خصوصا إذا كان هناك نزاع بين الزوجين ويؤثر سلبا على مصالح الأبناء، حيث يتدخل بحكم وظيفته التي يتميز بها رغم عدم وجود نص صريح يقر بسلوك المسطرة الاستعجالية.
ومن بين أهم الحالات التي يتدخل فيها تلك المتعلقة بحماية الحقوق الطبيعية للمحضون، كصلة رحم الابن بأحد أبويه، وكذا حماية حقه في التمدرس والتعليم، واللذين يعتبران ذا أهمية كبرى في حياة الطفل ومستقبله. بل وقد تعدى ذلك من خلال قضائه بإرجاع الطفل المحضون إلى من هو أحق به، وذلك تبعا لمراعاة مصلحة الطفل المحضون وترجيحها عند تطبيق الأحكام المتعلقة بالحضانة.
وبما أنه ليس هناك ما يمنع من اللجوء إلى القضاء المستعجل، فإن هذا الأخير كرس توجها فريدا من خلال قضائه لحماية سكن الحاضنة مع محضونها، بالإضافة إلى قضايا أخرى كان لهذا الجهاز القضائي نصيب في إعطاء الحلول لها، نظرا لما تحتاجه من عناية مؤقتة جديرة بالحماية.
وعند تصفح المقتضيات المتعلقة بالنفقة، نجد أن المشرع كان حريصا على الاعتناء بمساطر التقاضي لضمان تسريعها وتبسيطها، حيث أصبغ عليها الطابع الإستعجالي عند البت فيها، وذلك من خلال الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية.
وقد اختلف الفقه والقضاء حول صاحب الاختصاص في طلبات النفقة ، وزاد هذا الاختلاف حدة عند القضاء بالنفقة المؤقتة بين مؤيد للقضاء الإستعجالي وآخر مناهض له.
ولما كانت قضايا النفقة لها طابع معيشي واجتماعي، فكان من الضروري أن تتسم بالصبغة الإستعجالية حتى عند تنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها.
* دواعي اختيار الموضوع
- الأهمية التي يكتسيها القضاء المستعجل نظرا لما يتميز به من السرعة والعجلة في البت في القضايا.
- إن موضوع القضاء المستعجل ودوره في القضايا الأسرية من المواضيع التي تغري كثيرا بالبحث والدراسة من أجل معرفة مدى التقدم الذي يحرزه هذا النوع من القضايا في سبيل تحقيق وتعزيز مكاسب مكونات الأسرة.
- جدة الموضوع والتي تبرز من خلال قلة الكتابات في الشق المتعلق بتطبيق المسطرة الإستعجالية على المنازعات الأسرية.
- نظرة القضاء الإستعجالي تجاه القضايا الأسرية.
* إشكالية البحث:
إن الإشكالية الرئيسية لهذا البحث هي: إلى أي حد يمكن القول بأن القضاء المستعجل حافظ على استقرار الأسرة؟ وكيف تعامل هذا الجهاز القضائي مع النزاعات المرتبطة بالحضانة وقضايا النفقة؟.
* خطة البحث:
سأنهج لتحليل موضوع الدراسة نهجا يتسم بتحليل النصوص ومحاولة استقراء المضامين بشكل يوازي الجانب العملي، والاستشهاد بالأوامر والقرارات القضائية لمعرفة مكامن القصور والخلل ومكامن الصواب، وفي سبيل ذلك يقتضي تقسيم هذا البحث على الشكل التالي:
الفصل الأول: مظاهر تدخل القضاء الإستعجالي لحماية المحضون
الفصل الثاني: حدود تدخل قاضي المستعجلات في قضايا النفقة

الفصل الأول

مظاهر تدخل القضاء الاستعجالي لحماية المحضون
يعتبر القضاء المستعجل مؤسسة استثنائية هدفها صيانة الحقوق المهددة بالأخطار وتوفير الحماية الوقتية للمكتسبات إلى حين الفصل في أصل دعواها، بشرط توفر عنصر الاستعجال وكذا عدم المساس بجوهر النزاع.
فمن بين الخصائص التي يتميز بها القضاء المستعجل البساطة في الإجراءات والمرونة وقلة تكلفة الرسوم، وسرعة البت في كل ما يعرض عليه من النزاعات التي يخشى عليها فوات الوقت، وذلك بهدف حماية حقوق الأطراف حماية مؤقتة وعاجلة في انتظار الفصل في موضوع الدعوى الذي يترك أمره لمحكمة الموضوع.
وبما أن القضايا الأسرية عموما ومادة الحضانة على وجه التحديد، وما تتميز بها من أهمية كبرى نظرا للطابع الحساس لها، فإن العمل القضائي الاستعجالي لم يخرج اختصاصه منها، بل كان حاضرا بقوة على مستوى جميع الحقوق المتعلقة بالحضانة.
ولعل أبرز مجال تدخل قاضي الأمور المستعجلة في قضايا الحضانة تتجلى في الطلبات المتعلقة بالسفر بالمحضون، حيث منح له المشرع أن يستصدر إذنا يعطي للحاضنة حق السفر بالمحضون خارج المغرب. كما تظهر مواطن تدخله في القضايا الأخرى المتعلقة بهذا السفر (المبحث الأول).
وبما أن هذا الجهاز القضائي الاستثنائي يتدخل في بعض القضايا بحكم وظيفته واقتناعا منه بأن بعض الحقوق الأخرى التي تمس المحضون تحتاج إلى حماية وقتية وسريعة، فإنه قد حافظ على الكثير منها وذلك في سبيل مصلحة الطفل المحضون (المبحث الثاني).

المبحث الأول: اللجوء إلى القضاء الاستعجالي عند السفر بالمحضون

أحاط المشرع حق الطفل في الحضانة بالعديد من الضمانات أهمها مصلحة الطفل، وأوكل للقضاء مسؤولية حماية وتكريس هذه المصلحة عن طريق السلطة التقديرية الواسعة التي يتمتع بها بمقتضى نصوص المدونة.
وقد كرس القضاء المغربي من خلال إعمال هذه السلطة على مستوى حماية حق المحضون من تبعات بعده على نائبه الشرعي، وكذا ضمان قيام هذا الأخير بواجباته تجاهه، الصبغة الاستعجالية على القضايا المرتبطة بالسفر بالمحضون، مما دفع المشرع بأن يأتي بمستجد يخول للحاضنة إمكانية سلوك المسطرة الاستعجالية من أجل استصدار إذن للسفر بالمحضون، وهذا لا يتأتى إلى بتوفر الشروط المنصوص عليها في المادة 179 (المطلب الأول).
ووعيا من القضاء المستعجل بحماية مكان ممارسة الحضانة، ومما قد يترتب عنه من إشكالات كثيرة عند أخذ الطفل المحضون من هذا المكان والانتقال به خارج المغرب، فإنه اتخذ خطوات كثيرة وجريئة عن طريق تدابير تحفظية ومؤقتة تحول دون السفر بالابن إلى الخارج (المطلب الثاني).

المطلب الأول: تدخل القضاء الاستعجالي عند امتناع النائب الشرعي عن السماح بالسفر بالمحضون

منح المشرع بمقتضى الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 179 من المدونة للحاضنة إمكانية اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة للاستصدار إذن للسفر بالمحضون في حالة امتناع النائب الشرعي عن ذلك، ولعل مرد هذا الامتناع هو حرمانه من مراقبة وتفقد أحوال المحضون (الفقرة الأولى). إلا أن تدخل القضاء المستعجل لمنح هذا الإذن لا يكون إلا إذا توفر شرط عرضية السفر وكذا ضمان عودة المحضون (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: امتناع النائب الشرعي عن السفر بالمحضون خارج المغرب

تنص المادة 179 من مدونة الأسرة على ما يلي:"يمكن للمحكمة بناء على طلب من النيابة العامة، أو النائب الشرعي للمحضون، أن تضمن في قرار إسناد الحضانة، أو في قرار لاحق، منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب، دون موافقة نائبه الشرعي.
تتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة مقر المنع، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ ذلك.
في حالة رفض الموافقة على السفر بالمحضون خارج المغرب، يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن بذلك.
لا يستجاب لهذا الطلب، إلا بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن عودة المحضون إلى المغرب".
يستشف من هذا النص، أنه بإمكان النائب الشرعي أن يطلب من محكمة الموضوع أن تستصدر في قرار إسناد الحضانة أو في قرار لاحق منع الحاضنة من السفر بالمحضون خارج البلاد، وفي حالة إصرار هذه الأخيرة عن ذلك وامتناع النائب الشرعي عن الانتقال بالمحضون إلى الخارج، يحق لها أن تلتجئ إلى القضاء الاستعجالي لاستصدار حكم لصالحها يمنح الإذن للسفر بالمحضون،حسب ما جاءت به الفقرة الثالثة من المادة 179 أعلاه.
ومرد امتناع النائب الشرعي عن ذلك هو الدور الذي يقوم به في التوجيه والإشراف على رعاية الأطفال ومراقبة تصرفاتهم وتهذيب أخلاقهم وتأديبهم، وذلك بتتبع سلوكاتهم طيلة مراحل نموهم ومراقبة علاقاتهم مع أصدقائهم . إذ القاعدة أن الحاضنة يجب أن تكون متواجدة بالمكان الذي يسكن فيه ولي الطفل حتى تسهل عليه مراقبة المحضون والقيام بشؤونه .
وبالرجوع إلى المادة المذكورة يتبين أنها أقرت مبدأ جواز السفر بالمحضون، أما الاستثناء هو المنع، ما دامت الفقرة أعلاه-الفقرة الثالثة- وردت فيها عبارة"في حالة رفض النائب الشرعي" أي مصطلح "في حالة" يقصد به الاستثناء وليس القاعدة، كما أنه بمفهوم المخالفة لهذه المقتضيات أنه يجوز السفر بالمحضون إذا لم يمتنع النائب الشرعي عن ذلك. وهذا عكس ما ذهب إليه أحد الباحثين عندما قال بأن الأصل في السفر بالمحضون إلى الخارج هو المنع ، فالمادة 179 تمنح حق اللجوء إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات للحاضنة وليس للنائب الشرعي، وذلك بصريح العبارة التي وردت في الفقرة الثالثة منها.
وهو ما نجد تطبيقها على مستوى العمل القضائي حيث قضت ابتدائية الرباط بما يلي : "...لا مجال للاستدلال بالفصل 179 من مدونة الأسرة، إذ أن هذا الفصل ينظم منع الحاضنة من السفر بالمحضون إلى خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي، بخلاف واقع الحال، فإن الطالبة هي الحاضنة التي تطلب منع الولي من السفر بالمحضونين...".
فما ذهبت إليه هذه المحكمة هو تكريس لنص صريح في المدونة عندما عللت حكمها بذلك، فحسب الفقرة الثالثة من 179 يتعين أن يكون رافع الدعوى أمام قاضي المستعجلات الحاضنة وليس النائب الشرعي، لكن بتوفر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع، وهما شرطان لانعقاد الاختصاص لهذه المؤسسة، لأن المشرع عندما أحال على القضاء المستعجل في إطار مقتضيات هذه المادة، يكون قد قدر أن حماية مصلحة المحضون في بعض الحالات، لا يمكن أن تتم إلا بضمان سرعة البت والتدخل القضائي لتوفير تلك الحماية اللازمة للمحضون بحيث قد يكون امتناع النائب الشرعي عن ذلك نتيجة مصالح معينة كتعارض –السفر- مع الزيارة وصلة الرحم وتفقد أحواله مثلا .
بيد أن هذه المصالح تختلف من قضية لأخرى، وفي بعض الحالات يمتنع الأب عن السفر بالمحضون، وإن كان هذا السفر سيحقق مصالح للطفل مريد الانتقال به، وهنا ينتفي الهدف من النيابة الشرعية على الأبناء،لأنه في هذه الحالة يتعسف في حق أبناءه إذا كانت لهؤلاء مصالح مهمة وراء ذلك السفر .حيث اعتبرت ابتدائية الرباط أن امتناع الأب عن الإذن والترخيص لابنه بالسفر لمتابعة علاجه يشكل تعرضا تعسفيا غير مسموح به قانونا، ومخالفا لما تقتضيه الولاية الأبوية وما تلزمه من العمل لمصلحة الابن، وقضت ذات المحكمة بأمر الترخيص الفوري لابنه بمغادرة التراب الوطني من أجل الخضوع للمراقبة الطبية مع اعتبار الأمر بمثابة إذن للابن المذكور في حالة امتناع الأب بمغادرة التراب الوطني.
إذن يتبين أنه إذا كان النائب الشرعي يمتنع عن السفر بالمحضون إلى الخارج نظرا لتعارض ذلك مع النيابة الشرعية، وكذا تفقد أحوال الطفل ومراقبته، فإنه في بعض الأحيان يتحتم عليه أن يسمح للحاضن السفر به، إذا اقتضت الضرورة ذلك، بشرط التأكد من الشروط المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 179 من مدونة الأسرة .
لكن، ومن خلال تتبع العمل القضائي –دائما في إطار القضاء المستعجل- نجد أن الطلبات التي تعرض عليه مختلفة، البعض منها لا تنطبق على المادة 179، كتلك التي ترمي إلى منح جواز السفر والإذن للسفر بالمحضون عندما يترك النائب الشرعي أو الأب المحضون العائلة كلها في المغرب عرضة للتشرد والضياع، فهو إذن امتناع ضمني على السماح له للسفر إلى الخارج والرجوع إلى حيث مقرهم.
ومن بين أهم هذه الحالات نورد أمرا صادرا عن ابتدائية الحسيمة جاء فيه:"... ومن ثم فإن عودة المدعى عليه لوحده إلى فرنسا دون بقية أفراد أسرته ينهض دليلا على سوء نيته ودليلا في الإضرار بزوجته وابنيه الصغيرين.
وحيث بذلك ومن منطلق أن القضاء المستعجل يملك حق اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأمومة والأطفال وحفظ المحضون مما قد يضره من جسمه ونفسه، فإنه والحالة ما ذكر يكون طلب المدعية يكتسي صبغة الاستعجال المتمثل في أن بقاءها وولديها في حين أن الزوج يوجد بالخارج سينجم عنه ضرر مادي ومعنوي سيهدد مستقبلها ومستقبل ولديها على نحو سيصعب تداركه في المستقبل..." .
عند قراءة هذا الحكم يبدو أنه لا ينطبق على المادة 179 بقدر ما هو وضع جديد يطرح أمام القضاء المستعجل ومرتبط بالسفر، لأنه ليس دائما الامتناع من النائب الشرعي عن السفر هو الذي يسمح باللجوء إلى القضاء الاستعجالي، بل تحتمه الضرورة والسرعة التي يتطلبها السفر بالمحضون.
كما نلاحظ أن النائب الشرعي (الأب) ترك أولاده وزوجته في المغرب وغادر إلى فرنسا دون أفراد عائلته، مما يتضح بأنه أراد أن يسيء لزوجته وأولاده ما دام أنه قام بذلك دون علم باقي أسرته، فهذا يتعارض مع الحضانة المشتركة بين الأبوين ما دامت العلاقة الزوجية قائمة .
وعليه، فالاتجاه الذي سلكه هذا الرأي كان محقا بما قضى به، رغم عدم وجود نص تشريعي يخول له البت في مثل هذه الطلبات بشكل استعجالي. لكن بحكم الوظيفة التي يتميز بها ، اقتضى الأمر أن يتدخل لحماية الحقوق الجديرة بذلك، ومن تم يكون قد أعطى صورة إيجابية لهذه المؤسسة من خلال اتخاذ إجراءات وقتية سريعة لا تحتمل التأخير، مراعاة بالأساس مصلحة الأبناء التي تنبع من الإطار الشمولي للمدونة والفلسفة العامة التي جاءت بها، ودون التقيد بالنصوص وحرفيتها.
وفي نفس السياق نجد القضاء المستعجل في بعض الأحيان يتخذ مسارا آخر ألا وهو الحكم بعدم الاختصاص في منح إذن السفر بالمحضون خارج المغرب مستندا في ذلك بأن حالة الاستعجال غير متوفرة، وأن المادة 179 من مدونة الأسرة لا تنطبق على مثل هذه الطلبات نظرا لاستمرار علاقة الزواج بين الطرفين .
في هذا الإطار، أعتقد أن ما علل به حكمه قائلا بأن المادة 179 من المدونة لا تنطبق على مثل هذه القضايا لاستمرار علاقة الزواج، كان محقا في ذلك، لأن المادة أعلاه تطبق ويتم الاستشهاد بها عندما تكون العلاقة الزوجية غير قائمة.
إلا أنه عندما قضى بعدم الاختصاص، فالرأي فيما أعتقد أنه لم يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الأولاد ولا مصالح الزوجين معا ، ذلك أن الزوج عمد أثناء عطلة الصيف التي يتم قضائها مع زوجته وأولاده في المغرب إلى أخذ وثائق السفر الخاصة بالزوجة وحرمها من السفر هي وأولادها، مع العلم أن مقرهما يوجد بفرنسا، وأن المغرب يتخذونه لقضاء عطلة الصيف فقط.
وبالتالي كان من الأجدر أن ينظر القضاء المستعجل إلى هذه القضية من زاوية إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، حفاظا على الوضع القار الذي تسعى الزوجة الرجوع إليه، والذي عمد الزوج إلى محاولة إلغائه بواسطة العدالة الذاتية المتمثلة في حرمانها عمدا من الأوراق الشخصية ، علما أنه لا يوجد أي سند قانوني أو طبيعي يخول لأي طرف مصادرة حق الزوجة في تملك وثائقها الشخصية .
كما أنه لم يستحضر مصالح الأولاد الذين ازدادوا بفرنسا ومقيمين هناك مع آبائهم، حيث إن مصلحتهم تقتضي أن يقيمان بنفس البلد مع أبيهم، حتى يتمكن من تفقد ومراقبة أحوالهم، بالمقابل تمتعهم بعطف والديهم معا، إذ أن وضعيتهم التي سيبقون عليها في المغرب ستضر بمصالحهم،خاصة وأن العلاقة الزوجية قائمة فإن المسؤولية واجبة عليهما ومشتركة بينهما، فلا يمكن ترك الأولاد في المغرب والرجوع إلى فرنسا لوحده، ففي هذه الحالة يتهرب من مسؤولية عقد الزواج والواجبات الملقاة على عاتقه، مما قد يؤدي إلى المتابعة الجنائية ما دام أنه يترك أولاده عرضة للتشرد والضياع .
ومن خلال كل هذا يبدو أن شرطي الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع متوافران في الأمر محل التعليق، ما دام أن الزوجة تريد السفر في أقرب وقت ممكن وأن العطل الصيفية في أغلب الأحيان لا تتعدى شهرين، وبالتالي فاللجوء إلى محكمة الموضوع من شأنه التأخير في منح الإذن لإنجاز جواز سفر الزوجة والأبناء للسلطات المختصة.
على أنه، حبذا لو استجاب القضاء المستعجل لطلب الزوجة لتمكينها بجواز سفرها، إذ أنه مجرد تدبير مؤقت للحفاظ على مصالحها ومصالح أولادها عن طريق إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، وبالتالي فليس- من وجهة نظري- هناك مساس بجوهر النزاع.
وترتيبا على ما سبق، يمكن القول بأنه يحق للنائب الشرعي أن يمنع الحاضنة من السفر بالمحضون،إذا كان يتعارض والولاية،أما إذا كانت هناك ضرورة قصوى تقتضي السفر به، وأصر النائب الشرعي على ذلك، فإنه قد يعتبر متعسفا في حقهما ويخول للزوجة إمكانية سلوك المسطرة الإستعجالية.
وأخيرا، أقول بأن الاختلاف الحاصل في العمل القضائي الاستعجالي راجع إلى القصور التشريعي لهذه المسائل المتعلقة بالسفر، وليس لعدم فهم مقتضيات المدونة، لأن القضاء عندما تعرض عليه النازلة فهو يكيفها حسب اقتناعه وارتياحه أمام كل قضية أنها تدخل في نطاق القضاء المستعجل أم لا.

الفقرة الثانية: عرضية السفر وضمان عودة المحضون

من بين المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة حماية لحق المحضون من تبعات بعده على نائبه الشرعي المادة 179، بحيث سمحت للحاضنة سلوك المسطرة الاستعجالية في حالة امتناع النائب الشرعي عن السفر بالمحضون. ويستجاب لطلب السفر بالمحضون عند توفر شرطي عرضية السفر و ضمان عودة المحضون. فبمجرد انتفاء هذين الشرطين لا يستجاب لطلب الانتقال بالمحضون إلى الخارج.
ونتيجة للعديد من الإشكالات التي كانت تعرض على ساحة القضاء، فقد أحسن المشرع صنعا عند إيراده هذا المقتضى.حيث راعى المصلحة الكبرى للأسرة، لأنه وفق بين جميع أطراف ومكونات الأسرة من نائب شرعي وحاضن ومحضون، لكن دون المساس بالمصلحة الأساسية التي ينفرد بها هذا الأخير، على اعتبار أن مقاصد المادة 179تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف: مصلحة الحاضن و مصلحة المحضون ومصلحة النائب الشرعي.
فأما مصلحة الحاضن فتتجلى في عدم عزله عن المحضون خصوصا إذا كانت أما والطفل صغيرا، فلا تقدر على السفر لوحدها وترك ابنها لوحده في المغرب، فهي مسألة عاطفية ومعنوية أكثر من كل شيء.
ونفس الشيء بالنسبة للمحضون فمصلحته تتجلى في عدم تركه بعيدا عن حاضنه وإلا من شأن ذلك سيضره الفراق ، و تنتج عن ذلك عواقب وخيمة وخطيرة والحال أنه لا زال صغيرا يحتاج لأمه.
أما مصلحة النائب الشرعي فتتمثل في مراقبته للمحضون وتفقد أحواله، لأن السفر يتعارض والنيابة الشرعية.
يتبين أن هناك مصالح على مستوى ثلاثة أطراف، لا يمكن النيل بمصلحة طرف معين دون أن تمس الطرف الآخر، لكن بإيراد مقتضيات المادة 179 من المدونة خصوصا الفقرتين الأخيرتين منها، يكون المشرع قد استحضر المصلحة المتعلقة بالطفل المحضون أكثر من كل شيء ، لأن مصالحه أحق بالرعاية والاعتناء و يتعين أن تكون لها الأسبقية في الحماية، وتأتي بعد ذلك الروابط التي تربطه بكل من الحاضنة والولي . بمعنى أن الأمر في منح إذن السفر بالمحضون لا يكون في جميع الحالات، بل يمنح فقط للضرورات القصوى والتي توجد فيها مصلحة كبيرة تطغى على المصالح الثلاث السابقة .
وبما أن المشرع أعطى الصلاحية للقضاء للتأكد من توفر عرضية السفر وضمان عودة المحضون من عدمها من خلال كل قضية على حدة، فإنما وضع على عاتقه مسؤولية كبيرة لأن هذه المبررات لم ينص عليها المشرع على سبيل الحصر أو على سبيل المثال، بل ترك له المجال واسعا، لأنه أقدر بالمعطيات المحيطة به وبالقضية والأطراف أيضا أثناء سريان الدعوى أمامه.
ولما كانت الضرورات تقدر بقدرها، فمتى رفض النائب الشرعي سفر المحضون صحبة أمه خارج الوطن أو كان غائبا لا يعرف له مكان يمكن الاتصال به ، وكانت هناك ظروف خاصة تحتم ذلك السفر فإنه يحق للقضاء المستعجل منح هذا الإذن، لكن بمراعاة المصلحة التي من أجلها أرادت الحاضنة السفر، وبشرط أن تكون أهم وأخطر من عدم إعطاء هذا الإذن أو رفضه.
هكذا قرر القضاء الاستعجالي بأن الابن في حاجة ضرورية للسفر إلى باريس للخضوع للمراقبة ولاستكمال العلاج، وأن تخلفه عن الموعد المحدد له سيلحق به لا محالة ضررا فادحا، إذ قد تنتكس حالته الصحية وتنعدم بها لذلك فائدة ما خضع له من عملية وعلاجات سابقة .
فمن خلال هذا الحكم، يتبين أن وجود شرط عرضية السفر من عدمه، مهمة ملقاة على القضاء فما على المدعى أو الحاضن إلا أن يثبت سبب سفره ثم يقوم القضاء المستعجل بتكييف ذلك السبب هل هو عرضي أم لا.
وعليه، فمن المبررات التي يرتكز عليها قاضي الأمور المستعجلة لمنح إذن مغادرة المغرب بالمحضون السفر من أجل العلاج واستكماله في أوربا ، إذا كانت هناك وسائل تساعد على ذلك كما إذا كانت الوضعية المادية للزوجين تسمح لهم بالسفر من أجل ذلك، فالتمريض وحماية حياة صحة الأطفال من بين واجبات الزوجين، حسب ما جاء في المادتين 54و189 من مدونة الأسرة.
بمعنى أن الالتزامات الملقاة على عاتق الأبوين لحماية مصالح الأطفال ورعايتهم، تحتم عليهم أن تشمل جميع جوانب الحياة ومن بينها التطبيب، ولعل القضاء المستعجل عندما استجاب لهذا الطلب، اتخذ خطوة حسنة في هذا الإطار، لأنه حتى وإن تم اتخاذ إجراءات التقاضي العادية، فمن شأنها تعطيل الأهداف المنشودة من الانتقال إلى أوربا ألا وهي العلاج والاستشفاء والتداوي في وقت محدد وفي أقرب الآجالات. على أن اتخاذ المسطرة الاستعجالية واللجوء إلى رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه أو الرئيس الأول ، ليس هدفا في حد ذاته، بقدر ما هو تقصير في الإجراءات من أجل الحصول على حكم قضائي في أقرب وقت ممكن ، والإذن للسلطات المختصة بالسماح للمعني بالأمر مع محضونه لعبور المنطقة الحدودية دون منعهم بدليل أن الطفل المحضون لا زال قاصرا ويحتاج إلى نائبه الشرعي.
وهناك حالة أخرى شبيهة للقضية أعلاه، كيفها القضاء المستعجل على أنها تدخل في نطاق عرضية السفر، وبإمكان الحاضنة الرجوع بالمحضون إلى المغرب. لكن مريد الاستشفاء هنا ليس المحضون بل الحاضنة هي التي تريد السفر إلى الخارج للتداوي. إذ جاء في أمر استعجالي ما يلي: "وحيث التمست الإذن لها بإنجاز جواز سفر لبنتها لأنها مضطرة للسفر إلى فرنسا للتداوي، ولأنها لا تجد من يرعاها عند سفرها بحكم أن زوجها طلقها...وحيث إن مصلحة المحضونة في البقاء بجانب والدتها، وأن هذه الأخيرة أدلت بما يفيد استشفائها بفرنسا على فترات متقطعة ...، فتكون بذلك قد أثبتت واقعة انتقالها المتقطع لفرنسا، ومسألة عرضية سفرها للبلد المذكور...وحيث أكدت أيضا خلال الجلسة أنها متزوجة بعد طلاقها من زوج مغربي يستقر بوجدة" .
يتبين أن ما ذهب إليه القضاء عند تعليله للأمر الاستعجالي قد كرس تطبيق المادة 179، خصوصا الفقرة الأخيرة منها، على اعتبار أن مقر الحضانة موجود بالمغرب ، وأن المحضون لا يمكن عزله عن أمه التي أثبتت عرضية السفر من خلال الانتقال المتقطع إلى فرنسا من أجل الاستشفاء، ولكونها كانت دائما تسافر إلى فرنسا للتداوي. وعززت إثباتها بوثائق من المستشفى المقصودة، ويستشف من ضمان عودتها من خلال مقرها الموجود بالمغرب، وأنها متزوجة من زوج آخر بعد أن طلقت من أب المحضون، فهذا دليل على أنه ضمان لعودتها إلى المغرب وإلى زوجها.
ولعل القضاء المستعجل بمجرد تأكده من عنصر الاستعجال وشرط عدم المساس بجوهر النزاع، وكذا اقتناعه من توفر الشروط المنصوص عليها في المادة 179، فإنه لاشك أن يقضي وبأمر السلطات المختصة لمنح جواز السفر بالمحضون إلى الخارج ، ما دام أن السلطة مخولة له من خلال عدم تحديد المشرع المقصود بعرضية السفر وضمان عودة المحضون، بل يستنبطها من خلال القضية المحيطة به .
ففي جميع الأحوال سواء كان مريد السفر من أجل هدف معين الحاضن أو المحضون، فإن المصلحة التي يجب أخذها بعين الاعتبار تلك التي تمس هذا الأخير، لأنه لا يمكن أن يفارق حاضنه، بل يتحتم عليه أن يسافر معه، مما يجعل القول بمنح إذن السفر بالمحضون إلى الخارج مبررا، ذلك أن القاضي هنا مطمئن إلى منح هذا الإذن ما دام أن السفر مجرد عرضي، بالإضافة إلى وجود تعهد من طرف الحاضنة أمام المحكمة بإرجاع المحضون.
وأخيرا يمكن القول، بأن القضاء الاستعجالي يقوم بدور كبير في تفعيل مقتضيات المادة 179 لأنها تفرعت منها الكثير من الحالات برزت على ساحة القضاء، إلا أن هذا الأخير –القضاء المستعجل- كانت فعاليته إيجابية بشأن حماية المحضون عندما يتعلق الأمر بمنح إذن السفر به، إذ أن القول بمنح هذا الإذن من عدمه يدور مع مصلحة المحضون وجودا وعدما.
ويبقى المجال مفتوحا أمام القضاء الاستعجالي للاستجابة للطلب، وذلك من خلال القضايا التي تعرض عليه ومن خلال تكييف كل نازلة على حدة للقول بوجود عرضية السفر من انتفائها. ولعل من بين الظروف التي تسمح بذلك الاستشفاء والسفر في إطار بعثة ثقافية أو رياضية تسهر عليها السلطات العمومية أو من أجل قضاء الحاضنة مصالحها وتصفية أمورها كتسوية أوراقها في البلد الذي كانت تقيم فيه قبل طلاقها .
كما أن الضمانات التي يأخذها قاضي الأمور المستعجلة بعين الاعتبار،التعهد من طرف الحاضنة أمام القضاء بالرجوع بالمحضون ، وكذا التوفر على وظيفة قارة أو سكن أو مؤسسات أو شركات مهمة، أو تقديم كفالة مالية مهمة ، أو كانت الحاضنة متزوجة بعد طلاقها بزوج آخر مقيم بالمغرب، فهذا دليل على أنها سترجع إلى المغرب .

المطلب الثاني: دور القضاء المستعجل في منع السفر بالمحضون

إن تدخل القضاء الاستعجالي في النزاعات المتعلقة بحق الحضانة كان له دور هام في سبيل تحقيق الهدف المنشود والمتمثل في الحفاظ على مصلحة المحضون، حيث أصبغ على قضايا السفر بالمحضون الطابع الاستعجالي في الكثير منها، وقام بدور فعال من أجل حماية المحضون من السفر إذا لم تتوفر هناك مبررات معقولة تقتضي معه منح الإذن للانتقال به (الفقرة الأولى).
واقتناعا من القضاء المستعجل بالدور الوظيفي الذي يقوم به في إطار التدابير المؤقتة والتحفظية، وما يتطلبه الطفل المحضون من حماية، فإنه أصبح يستجيب للطلبات المتعلقة باستصدار أوامر تهدف إلى إغلاق الحدود في وجه الطفل المحضون (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: عدم وجود مبررات للسفر بالمحضون

تنص الفقرة الأولى من المادة 149 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:"يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ، أو الأمر بالحراسة القضائية، أو أي إجراء آخر تحفظي،...".
وتنص الفقرتين الأخيرتين من المادة 179 من مدونة الأسرة على ما يلي:"في حالة رفض الموافقة على السفر بالمحضون خارج المغرب، يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن بذلك.
لا يستجاب لهذا الطلب، إلا بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن عودة المحضون إلى المغرب".
يستفاد من خلال النصين السابقين أن نطاق المادة 149 من قانون المسطرة المدنية أشمل وأعم من المادة 179 من مدونة الأسرة، بمعنى أن مجال اختصاص قاضي الأمور المستعجلة في المادة 149 غير محدد، حيث يبقى له الحق في البت بأي إجراء مستعجل في أي مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف، ومختصا أيضا في أي إجراء تحفظي، لأن مجال هذا الاختصاص مرتبط بالظروف والوقائع وما يستجد من النزاعات التي يحتاج البت فيها إلى استعجال أكثر من ارتباطه بالنصوص التشريعية .
لكن رغم عدم إمكانية حصر حدود نطاق اختصاص القضاء المستعجل، فإن المشرع ما فتئ يرسم بعض الحدود، وذلك بالتنصيص على بعض حالات اختصاص القضاء المذكور في بعض القوانين الخاصة كمدونة الأسرة ،التي ورد فيها نص واحد يحيل على اختصاص قضاء الأمور المستعجلة، ألا وهو المادة 179 المذكورة .
ذلك أن شروط انعقاد الاختصاص للقضاء الاستعجالي يستشفها القاضي من خلال وقائع الدعوى التي تروج أمامه، سيما وأن المادة 179 من المدونة تفرعت منها قضايا عديدة ومتشعبة، بل وقد اتخذ القضاء المستعجل خطوات مهمة بشأنها، لأن اختصاصه هذا لا تقيده إلا الشروط المتطلبة قانونا والتي تخول له حق البت في القضية.
وفي هذا السياق ذهب أحد الباحثين إلى أن الأصل لا يشترط توافر الاستعجال في الدعاوى التي يختص قاضي الأمور المستعجلة بنظرها بمقتضى نص صريح في القانون، اللهم إلا إذا كان النص الخاص قد اشترط الاستعجال لاختصاص القاضي المستعجل بالنظر فيها، ذلك أن القانون حين يسند إلى القضاء المستعجل اختصاصا بنظر دعوى معينة يكون قد افترض توافر الاستعجال قانونا في تلك الدعوى، فكأنه تكفل بتقدير الاستعجال بنفسه وأعفى القاضي المستعجل من تقديره وهذا كله ما لم يصرح أو يفهم من النص خلافه .
على اعتبار أن عنصر الاستعجال ينشأ من طبيعة الحق المطلوب صيانته، وفي الظروف المحيطة به، لا من صنع الخصوم والأطراف، فقاضي الأمور المستعجلة لا يترك لمشيئتهم أو اتفاقهم ، ولهذا لم يحدد المشرع في المادة 179 من المدونة الضوابط التي يعتمد عليها صاحب المصلحة حصريا، بل ترك ذلك لتقدير القاضي لمعرفة توفر عرضية السفر من عدمه، إذ يصل إليه عن طريق ظروف وقائع الدعوى الواردة في المقال الافتتاحي، ويستشفه من مناقشة الطرفين في الحصول على حكم في الدعوى بأسرع ما يمكن ، ولهذا يجب أن يستند في ذلك على مبررات معقولة تخول له حق منح إذن السفر بالمحضون، خاصة وأن تطبيق المادة 179 من المدونة محصور ومقيد بتوفر الشروط المتطلبة لذلك، فعلى رئيس المحكمة الابتدائية أو من يقوم مقامه أو الرئيس الأول أن يبرزها ويبينها في الحكم مع مراعاة مصلحة المحضون.
وفي هذا السياق جاء في أمر استعجالي صادر عن ابتدائية الحسيمة ما يلي:"... حيث تعرض الدعوى إلى الموافقة للمدعية للسفر بالمحضون خارج المغرب رفقة أبنائها الثلاثة، رغبة من المدعية في زيارة والدها الذي تدعي أنه مريض ولا يستطيع الحضور إلى أرض الوطن... وحيث إن مجرد رغبة المدعية في زيارة والدها المريض لا يشكل حالة استعجال تجيز لها السفر رفقة أبنائها من المدعى عليه، وحرمان هذا الأخير من حق تتبع أحوالهما والإشراف عليهما، ما دام الأمر لا يتعلق بضرورة تقتضيها مصلحة المحضون... " .
الملاحظ في هذا الأمر أن المدعية أرادت أن تسافر إلى أوربا لمجرد زيارة والدها التي تدعي أنه مريض ولا يستطيع الحضور إلى أرض الوطن، لكن دون إثبات الصفة العرضية لذلك، وكذا ضمان عودة المحضون، كمن يريد السفر إلى الخارج لقضاء العطلة مثلا، ويكون هذا السفر متعارضا وصلة الرحم مع النائب الشرعي، لأن في مثل هذه الحالات لا تتسم فيها أية صبغة استعجالية أو مبرر معقول يخول الاستجابة لذلك كي يتحقق عنصر الاستعجال، لأن هذا الأخير لا يقوم إلا إذا كان السفر عرضيا بموجب الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة ، بالإضافة إلى وجود رفض من طرف النائب الشرعي عن ذلك، لأنه يقوم بتعهد المحضون والإطلاع على أحواله ومن شأن السفر به لا يتأتى له ذلك، ويحول دون ممارسة هذه المهمة.
وعليه فالركيزة الأساسية التي تعتمد عليها المادة 179 من المدونة هي مراعاة مصلحة الطفل، لأن التشدد في الشروط في حالة امتناع النائب الشرعي عن السفر بالمحضون ، وإمكانية سلوك المسطرة الاستعجالية لاستصدار إذن بذلك، إنما هي شروط لصالح الطفل المحضون، لكي لا يكون ضحية لأسباب أبوية. وبالتالي أعطت المادة الصلاحية للقضاء للتدخل والبت في مثل هذه القضايا في أسرع وقت وبناء على اقتناعه الذي يرعى دون شك مصلحة الطفل المحضون.
أما إذا لم يتبين للقضاء المستعجل أي خطر يهدد مصالح الابن وبالتالي انتفاء عنصر الاستعجال، ورأى بأن القضية تمس جوهر النزاع، فإنه لا محالة سيحكم بعدم الاختصاص ويرفع يده عن القضية نظرا لعدم وجود مبررات للقول بذلك، وانتفاء أحد عناصر اختصاصه، وهذا ما كرسته ابتدائية تمارة عندما قضت: "... لم تضع يدنا البتة على أي خطر يهدد ابني الطرفين يقتضي السفر بهما خارج أرض الوطن،...خاصة أن الثابت من الطلب نفسه أن سفر الطالبة بإبنيها من المطلوب لا يكتسي صفة عرضية تبرر لجوءها إلينا في نطاق الفقرتين الثالثة والرابعة ...
وحيث إن البت في الطلب...ينطوي على مساس بالموضوع لارتباطه بصلاحيات المدعى عليه تجاه ابنيه القاصرين المستمدة، مما أسنده المشرع إليه من الولاية عليهما بمقتضى المادة 231 من مدونة الأسرة والمندرجة ضمنها السماح أو عدم السماح بالسفر بهما إلى الخارج،...".
ومن المعلوم أن القضاء الاستعجالي مهمته إسعاف الخصوم، وأنه قضاء سريع يطوي الآجال ويختصر المراحل، يمكن اللجوء إليه في أي وقت دون التقيد بالإجراءات المسطرية العادية من أجل استصدار قرار يصون الحقوق ويحمي المصالح ، مراعيا في ذلك ركن الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع، وهذا ما لا يتوفر في الأمر أعلاه، إذ أن الحاضنة لم تبرز الهدف الذي من أجله تريد السفر والانتقال بالولدين إلى خارج الوطن وبالتالي انتفاء عنصر الاستعجال، الذي يمنح الصلاحية للقاضي للنظر في القضية، وكما تبين من أوراق الملف أن الأمر يمس جوهر الحق الذي يتعلق بالنيابة الشرعية، وهذا كله يوحي منطقيا بأن يرفع يده عن هذه القضية ويقضي بعدم الاختصاص.
على اعتبار أن الأوامر الاستعجالية الصادرة عن المحاكم الابتدائية قابلة للاستئناف ، فإذا رأت محكمة الدرجة الثانية أن الحكم الابتدائي لم يبرز عرضية السفر وكذا ضمان عودة المحضون إلى الخارج، وعدم إظهار شرطي الاستعجال وعدم المساس بالجوهر، فإنه ستتصدى له، وهذا ما تنبهت إليه استئنافية الجديدة عندما اعتبرت أن الاستجابة لطلب المستأنف عليها من طرف قاضي المستعجلات الابتدائي دون التأكد من الشرطين المذكورين - عرضية السفر بالمحضون وضمان وعودته-، يكون تعليل حكمه تعليلا فاسدا ومعيبا ما دام أن الحاضنة عاجزة عن إثبات الصفة العرضية، فضلا على أنها لم تقدم أية ضمانات تجعل قاضي المستعجلات يصدر أمره الاستعجالي وهو مطمئن إلى أن المحضون سيعود إلى المغرب، إضافة إلى أن من شأن الأمر المطعون فيه تعطيل المقتضيات المتعلقة بالتمكين من زيارة الابن المحضون .
وعليه، فإن القضاء الاستعجالي له دور فعال في منح الإذن للسفر بالمحضون من عدمه، وهذا لا يتأتى إلا عن طريق معرفة وجود مصلحة للطفل المحضون ، لكي لا يتعرض لخطر قد يهدد حياته أو استقراره أو مستقبله، وبالتالي فلمعرفة هذه المصلحة يجب تمحيص أوراق ملف القضية المعروضة على القضاء جيدا، وهذا من صلاحيات قضاء الموضوع، إلا أن القضاء المستعجل ومن خلال تفحصه لأوراق القضية ظاهريا فقط فإنه كان في مثل هذه القضايا في مستوى يحمد له، نظرا لأن قضايا السفر بالمحضون كثيرة ومتشابهة ومتشعبة أيضا، حيث تعامل مع هذه الطلبات بنوع من المرونة لصالح الطفل المحضون، فإذا لم تبرز مبررات معقولة –خصوصا إذا كان هناك امتناع من النائب الشرعي عن السفر بالمحضون- فإنه يرفع يده عن القضية ويدفع بعدم الاختصاص.

الفقرة الثانية: إغلاق الحدود في وجه الطفل المحضون

عند قراءة المادة 179 من مدونة الأسرة وخاصة الفقرة الأولى منها، يتبين أنها تخول للمحكمة أن تستصدر قرارا يرمي إلى منع السفر بالمحضون إلى الخارج-منع مغارة التراب الوطني- دون موافقة نائبه الشرعي، بشرط أن يكون بناء على طلب هذا الأخير أو من طرف النيابة العامة .
فالملاحظة الأولى التي يمكن أن نستشفها من هذا المقتضى، هي أن مقرر المنع الصادر من المحكمة يواجه به الحاضن لكي لا يسافر بالمحضون خارج المغرب، وليس النائب الشرعي، كما أن القاعدة العامة بشأن استصدار مقرر المنع هو قضاء الموضوع حسب الفقرة الأولى.
ومن خلال تتبع العمل القضائي، نلاحظ أن القضاء المستعجل كثيرا ما تعرض عليه قضايا تتعلق بمطالبته لاستصدار أمر بإغلاق الحدود في وجه الطفل المحضون، غير أن تدخله هذا في إطار الاستعجال العام الذي نصت عليه المواد 149 وما بعدها من قانون المسطرة المدنية وليس المادة 179 من مدونة الأسرة.
هكذا جاء في أمر لابتدائية الرباط ما يلي :" ... وحيث إن المدعية باعتبارها حاضنة لابنها واستنادا للمادة 169 من مدونة الأسرة، والتي تعطي للأم واجب العناية بشؤون المحضون، وأن لا يبيت إلا عند حاضنه.. وأن حالة الاستعجال تبقى قائمة للبت في النازلة خاصة وأنه... متقاعد وليس هناك ضمانات للعودة به إلى المغرب، مما يتعين معه الإستجابة للطلب، وذلك درء لكل ضرر وحماية للطرف المحضون...
لهذه الأسباب نأمر بإغلاق الحدود في مواجهة الطفل -ج-ومنعه من مغادرة أرض الوطن".
فمن المعلوم أن الغاية من ابتكار هذا القضاء المختص في الأمور المستعجلة هي إيجاد حلول للنزاعات الجانبية التي لا ترجع لأصل الحق ولا تؤثر فيه أبدا، وإنما يجعله مكملا لقضاء الموضوع، مسهلا لمأموريته، باتخاذ الأوامر التي تخدم الحماية القضائية الواجبة للحقوق .
ولعل من بين الأوامر التي تخدم هذه الحماية الأمر أعلاه، وذلك حفاظا على الوضع القار الذي يعرفه مكان الحضانة الموجود بالمغرب، ومن شأن إخراج المحضون خارج التراب الوطني، أن يحرم المدعية من حضانة محضونها فعليا ما دام أنها تستقر بالمغرب، وبالتالي حرمانها من حقها المخول لها قانونا، يشكل خطرا داهما ومحدقا يبرر تدخل القضاء الاستعجالي لمنع وقوع هذا الضرر .
فرغم عدم وجود نص صريح يقر سلوك المسطرة الاستعجالية لاستصدار أمر بإغلاق الحدود، لكن قاضي الأمور المستعجلة سد هذا القصور التشريعي، وذلك من خلال اقتناعه بأن مصلحة المحضون تقتضي ذلك، لأن القاضي إنما يحكم بما يطمئن إليه قلبه ويستريح له ضميره، والقاضي الذي يرى الحق في جانب وتقف حرفية النصوص الشرعية أو القانونية حائلا بينه وبين الوصول إلى ذلك الحق إنما يبرهن على عجزه لأن هذه النصوص ما جعلت ولا وضعت إلا لخدمة الحق وتحقيق العدالة .
فالأمر الصادر بإغلاق الحدود يتم تبليغه من طرف النيابة العامة للسلطات المختصة المتمثلة في الشرطة الحدودية الجوية والبحرية المتواجدة بالمطارات والموانئ المغربية والمعابر الترابية ، والتي تقوم بمراقبة جوازات السفر والأوراق والوثائق القانونية التي تخول للشخص حق السفر خارج البلاد، وعبور الحدود السالفة الذكر.
إن الملاحظة العامة التي يمكن أن استنتجها من خلال الأمرين أعلاه، أن الحاضنة هي التي تطلب من القضاء المستعجل استصدار أوامر بإغلاق الحدود في وجه الطفل المحضون، مخافة منها بأن يأخذه والده ويغادر به الوطن، بمعنى أن تدخل القضاء المذكور في هذا المجال جاء نتيجة تحقق شرط الاستعجال المتمثل في الخطر الحقيقي الذي يهدد حقا مشروعا جديرا بالحماية السريعة، ويجب مواجهته على وجه السرعة والبت فيه عاجلا، لأن سلوك المسطرة القضائية العادية، قد لا يمكن من تلافي تحقق هذا الخطر وسيهدد الحق المطلوب ألا وهو حق الأم في حضانة أولادها ما دام أن الشرع والقانون منح لها هذا الحق ، على اعتبار أن الأب لا يحق له أن يأخذ أبناءه إلى الخارج وينفرد بهم هناك ما دام أن مكان الحضانة موجود بالمغرب.
بيد أنه كلما توفر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع في القضية التي تعرض على قاضي الأمور المستعجلة بشأن المطالبة بإغلاق الحدود في وجه الطفل المحضون، أمكن له إصدار ذلك، إذا رأى المصلحة الفضلى للطفل .
وهو ما قضت به ابتدائية الرباط –قسم قضاء الأسرة في أمر استعجالي جاء فيه:"... ونظرا لحالة الاستعجال القصوى ومخيفة بأن المدعى عليه يهرب بإبنه خارج الوطن نظرا لكونه له جواز أجنبي وجنسية سعودية، وحتى لا تضيع حقوق الأم والطفل كذلك وحرمانه من حنان أمه، وتطبيقا لمقتضيات الفصل 151 من قانون المسطرة المدنية، وأخذا كذلك بالمادة 179 من المدونة ونظرا لحالة الاستعجال القصوى ارتأينا النظر في الطلب..
نأمر بإغلاق الحدود المغربية في مواجهة الابن... ومنعه مغادرة التراب الوطني رفقة...".
عند قراءة هذا الأمر قراءة متأنية، نجد أنه سلك نفس الاتجاه الذي اتخذته الأوامر القضائية السابقة الرامية إلى إغلاق الحدود في وجه الابن، خاصة وأن والده يحمل جنسية سعودية مما قد يترتب عن ذلك نتائج خطيرة في حالة السفر من ذلك حرمان الأم من تربية ابنها، كما أن هذا الأخير سيحرم أيضا من حنان أمه إذا غادر خارج المغرب ومتوجها نحو الديار السعودية، فالقضاء استحضر الفلسفة العامة التي بنت عليها مدونة الأسرة في إطار الحفاظ على مصلحة الطفل، واتخذ تدبيرا مؤقتا لمنع الأب من السفر بالطفل من خلال أمر السلطات الإدارية المختصة بمنع السفر بالطفل إذا أراد والده ذلك.
لكن عندما علل القضاء الاستعجالي أمره القضائي قائلا:"... وأخذا كذلك بالمادة 179 من المدونة .." فأعتقد أن هذا التعليل لا مجال له في هذا الحكم، وأن المادة 179 لا يجوز الاستدلال بها في مثل هذه القضايا، على اعتبار أن نفس المادة في فقرتها الأولى أقرت للمحكمة بناء على طلب من النيابة العامة أو النائب الشرعي للمحضون، أن تضمن في قرار إسناد الحضانة أو في قرار آخر لاحق، منع السفر بالمحضون خارج البلاد، دون موافقة النائب الشرعي لهذا الأخير.
وبالتالي فهذه الفقرة جاءت من أجل حماية الطفل المحضون لاستمرارية مراقبته من طرف النائب الشرعي وممارسة نيابته الشرعية على الوجه العادي، لأن السفر خارج المغرب قد يتعارض ذلك مع مراقبة وتتبع أحواله. وعليه، فإنها لا تنطبق عليها هذه النازلة، لأن الأب هو الذي يهدد الأم بالهروب بإبنهما إلى السعودية حسب ما جاء في الحيثيات.
كما أن الفقرة ما قبل الأخيرة من نفس المادة المذكورة سمحت للحاضن سلوك المسطرة الاستعجالية لاستصدار الإذن للسفر بالمحضون في حالة رفض النائب الشرعي بشرط إثبات عرضية السفر و ضمان عودة المحضون. إذن، إن هذه المادة يتم تفعيلها عندما تكون العلاقة الزوجية غير قائمة، لأنها تتحدث عن الحاضن والمحضون والنائب الشرعي فهي صفات تكتسب عند انتهاء العلاقة الزوجية ويصبح الابن محضونا والأم حاضنة، والأب نائب شرعي ، أما إذا كانت العلاقة الزوجية قائمة فإن إعمال المادة 179 لا تنطبق على هذه الحالة ما دامت أنها صريحة من خلال مقتضياتها كما سبقت الإشارة إلى ذلك، هذا من جهة.
من جهة أخرى، حتى وإن سلمنا أن المادة أعلاه، تطبق أثناء قيام العلاقة الزوجية، فإن الفقرة الأخيرة منها تخول سلوك المسطرة الاستعجالية في حالة رفض النائب الشرعي عن الانتقال بالمحضون خارج المغرب، بمعنى أن القضية التي نحن بصدد التعليق عليها قضت بإغلاق الحدود في وجه الابن لمنع السفر به من طرف أبيه، على اعتبار أن الوضع في هذه الحالة معكوس لمقتضيات المادة 179، أي أن الحاضنة هي التي تطالب القضاء الاستعجالي بإغلاق الحدود وليس النائب الشرعي.
بيد أن حق تدخل القضاء الاستعجالي في مثل هذه القضايا تخوله المادة 149 من قانون المسطرة المدنية وليس المادة 179 ، ما دام أن الأولى تدخل في إطار الاستعجال العام، في حين الثانية تدخل في نطاق الاستعجال الخاص، بحيث أن هذا الأخير مقيد بتحقق الشروط المنصوص عليها في المادة 179 إلى جانب شرط الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع، والحال أنه لم تتوفر في هذه النازلة، ولو شرط واحد من الشروط التي تتضمنها المادة179 . وبالتالي فالأمر بإغلاق الحدود في وجه الطفل لمنعه من السفر إلى الديار السعودية يندرج ضمن الحالات العامة التي يبت فيها قاضي المستعجلات وفقا للمادة 149 من المسطرة المدنية وليس المادة 179 من المدونة.
لكن كيفما كان الحال، يبقى العمل القضائي الاستعجالي في هذا الشأن عمل محمود، ما دام أنه تصدى للإشكال المطروح أمامه بشكل مستعجل، بالرغم من عدم وجود نص صريح، إذ كان جريئا في ذلك، وواعيا بالدور الإيجابي الذي يمكن أن يطلع به القضاء المستعجل، ومهمة هذه المؤسسة في قضايا الأسرة عامة والحضانة خاصة ، حيث إن الاختلافات الواردة في سلطة هذا القضاء بخصوص تعليل أحكامهم راجع في ذلك إلى القصور التشريعي بخصوص هذا المقتضى، لأنه لو كانت هناك مقتضيات صريحة لما كان هذا التضارب على مستوى العمل القضائي الذي يبقى كمؤسسة ذات مفعول إيجابي نحو القضايا الأسرية عامة.

المبحث الثاني: دور القضاء المستعجل في حماية الحقوق الأخرى للمحضون

تعتبر الحضانة من صور الولاية على الصغير، جعل القانون والشرع أمرها إلى أبويه عند قيام الرابطة الزوجية، وإلى أحدهما حسب الأحوال عند انتهائها، إلا أنه قد تحدث بعض المنازعات بين الأبوين، مما يجب معها أن لا تنعكس سلبا على وضعية الطفل وحقه في التمتع بجميع حقوقه واستمراريته في العلاقة مع والديه المتنازعين في جو هادئ وآمن.
ولتحقيق هذه الغاية أوكل المشرع للقضاء مسؤولية حماية وتكريس مصلحة الطفل المحضون في مجال السلطة التقديرية التي يستقل بها. ووعيا منه بأهمية هذه المصلحة، كرس من خلال تطبيق المقتضيات المتعلقة بحقوق الطفل المحضون الطابع الاستعجالي، خصوصا إذا كان هناك نزاع حول المحضون يؤدي إلى تغيير وضعيته وزعزعة استقراره (المطلب الأول).
ورغم سكوت مشرع مدونة الأسرة عن إضفاء الصبغة الاستعجالية بشأن بعض الحقوق المتعلقة بالمحضون وخاصة حق صلة الرحم وحق السكن، فإن للقضاء المستعجل دورا كبيرا في حماية هذه الحقوق (المطلب الثاني).

المطلب الأول: التدخل الاستعجالي عند تغيير وضعية المحضون

يهدف القضاء المستعجل إلى مواجهة القضايا التي يحتاج البت فيها إلى استعجال وسرعة حتى لا تلحق بذوي المصلحة أضرار قد يسببها بطء الإجراءات والتأخير في المساطر، ومن بين أهم هذه القضايا تلك النزاعات الأسرية بين الأبوين، حيث اتخذ القضاء المستعجل عندما ينتج عن هذه الصراعات تغيير وضعية المحضون تدابير مؤقتة وتحفظية من أجل حماية بعض أهم حقوق الطفل المحضون، خاصة إذا تعلق الأمر بحق التمدرس وذلك حماية له ولمستقبله (الفقرة الأولى).
كما يظهر تدخل قاضي الأمور المستعجلة في القضايا المتعلقة بإرجاع الطفل المحضون إلى من له الحق فيه، إذا ما استأثر به أحد الأبوين عن غير وجه حق (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دور القضاء المستعجل في ضمان حق التمدرس

يكتسي التعليم أهمية بالغة في حياة الفرد نظرا لما له من فوائد ومزايا لا مثيل لها، إذ حضي باهتمام كبير سواء على مستوى المجتمع الدولي أو على المستوى الوطني. فهو إجباري حسب الفصل الأول من الظهير المتعلق بالتعليم الإجباري الذي جاء فيه:"التعليم الأساسي حق وواجب لجميع الأطفال المغاربة ذكورا وإناثا البالغين ست (6) سنوات، تلتزم الدولة بتوفيره لهم مجانا في أقرب مؤسسة تعليمية عمومية لمكان إقامتهم ويلتزم الآباء والأولياء بتنفيذه إلى غاية بلوغهم تمام الخامسة عشر من عمرهم".
ونظرا للأهمية الكبرى لهذا الحق، فقد أولته مدونة الأسرة اهتماما خاصا حيث أشارت إليه في أكثر من مادة، من ذلك المادة 54 التي جاء في بندها السابع ما يلي:"للأطفال على أبويهم الحقوق التالية:
7-التعليم والتكوين الذي يؤهلهم للحياة العملية وللعضوية النافعة في المجتمع، وعلى الآباء أن يهيئوا لأولادهم قدر المستطاع الظروف الملائمة لمتابعة دراستهم حسب استعدادهم الفكري والبدني".
ونفس الشئ ما نصت عليه المادة 169 في الفقرتين الأولى والثانية حيث جاء فيهما:" على الأب أو النائب الشرعي والأم الحاضنة، واجب العناية بشؤون المحضون في التأديب والتوجيه الدراسي...
وعلى الحاضن غير الأم، مراقبة المحضون في المتابعة اليومية لواجباته الدراسية" .
يستفاد من هذه النصوص أن حق التمدرس يجب أن يحضى بعناية فائقة وبحماية مشتركة بين الأب والأم –الحاضن والنائب الشرعي- لما فيه من مصلحة المحضون أساسا، فإذا كان هناك خلاف بينهما ونتج عنه مساس لهذا الحق، يرفع الأمر إلى القضاء ما دام أن هذا الأخير منحه المشرع صلاحيات عديدة لحماية والسهر على حقوق الطفل .
ذلك أن القضاء ما وضع إلا خدمة للنصوص القانونية ولإحقاق الحق ولإبطال الباطل من خلال تطبيقه للمقتضيات القانونية وكذا من الوظيفة التي يتميز بها كجهاز قضائي لإبراز مهامه في القضايا الأسرية .
فكل هذه الصلاحيات ليست على مستوى قضاء الموضوع فقط، بل حتى القضاء الاستعجالي يقوم بدور كبير في تفعيل مقتضيات المدونة وعلى وجه التحديد حماية حق التمدرس والحفاظ عليه، لأنه لا مانع من اللجوء وسلوك المسطرة الاستعجالية لاستصدار أمر يقضي بالحفاظ على مصالح الطفل لاستمراريته في التعليم ومتابعة دروسه والحفاظ على هذا الحق المعنوي والطبيعي، ما دام أن طبيعة القضاء المستعجل تبقى دائما قضائية وذلك من خلال الأحكام والأوامر الوقتية التي تصدر عن هذه المؤسسة الاستثنائية، وكذا من وسائل الحماية القانونية التي ترمي إلى منع ضرر واقعي أو قانوني يهدد الحقوق أو المراكز القانونية .
ونظرا لما لأهمية التعليم ونظرة القضاء الاستعجالي إليه من الزاوية الإيجابية اقتضى الأمر في بعض الحالات الاستعجالية القصوى أن يبت في القضية على حالته من أجل اتخاذ إجراء وقتي لتسجيل البنت في المدرسة حماية لمستقبلها .
فالقضاء المستعجل عند بته في هذه القضية راعى مصلحة البنت في التعليم ورجحها عن مصالح الأبوين، رغم أن العلاقة الزوجية لازالت قائمة، لأن الحق في التعليم يعتبر ضرورة ملحة في حياة الإنسان وأضحى من أوجب الواجبات ومكفولا بحماية مختلف التشريعات والقوانين، على اعتبار أن حرمان البنت من مواصلة تعليمها من شأنه أن يفوت عليها فرصة متابعة دراستها ويحدث لها ضررا محدقا لا يمكن تداركه .
فتدخل القضاء المستعجل هذا، تبرره الاعتبارات الإنسانية، والنتائج الوخيمة التي قد تترتب عن عدم اتخاذ إجراء وقتي، يحمي الابن من الضرر الذي قد يصيبه أثناء انقطاعه عن الدراسة، بحيث أن النزاع الموجود بين الزوجين يجب أن لا يؤثر على حياة الطفل ويذهب ضحية لذلك ، لأنه حتى وإن كانت العلاقة الزوجية قائمة فإنه لا مانع من استصدار أمر يقضي بنقل البنت من مدرسة إلى أخرى قريبة لمسكن أمها، فهذا ليس فيه مساس بجوهر النزاع بقدر ما هو إجراء قابل للتعديل عند إنهاء العلاقة الزوجية، خاصة وأن الأبناء يحتاجون إلى عطف أمهم وحنانها، لأن بقاءهم معها وعدم وجود ما يسمح بمتابعة الدراسة في المؤسسة التعليمية القريبة لمسكن الأم يشكل عرقلة لاستئناف الدراسة نظرا لاشتراط موافقة ولي الأبناء لنقلهم من مدرسة إلى أخرى .
فالملاحظ أن وظيفة القضاء المستعجل في هذه المناسبة تتمثل في رفع الضرر الذي يلحق البنت، خاصة متى تأخر طويلا الحسم في جوهر النزاع سيما في الظروف التي يعيشها قضاؤنا من التأخر في البت والفصل في النزاع، والحال أن الحرمان من الدراسة ومن متابعتها قد تلحق ضررا بالتلميذ.
إذ أن التغيب عن حضور الدرس لحصة أو لحصتين أحيانا قد يؤثر كثيرا في مسايرة التلميذ للدروس الملقاة لاحقا، فبالأحرى لو تم التغيب لشهور طويلة أو لسنوات. حيث إن هذا الانقطاع لا يستفيد منه أي واحد من الأبوين، على اعتبار أنه حتى وإن دفع المدعى عليه بأن العلاقة الزوجية قائمة والحضانة مشتركة بينهما، فإن الأمر ليس له مساس بجوهر النزاع المتعلق بإسناد الحضانة، ولم يتطرق أبدا إليه بل قام بوقف الضرر ورفعه مؤقتا، كما أنه لم يحسم بهذه الكيفية أو تلك في مدى مشروعيته، الذي يبقى معلقا على الموقف الذي سوف يتخذه قاضي الموضوع بشأن إسناد الحضانة، بقدر ما أنه اتخذ إجراء وقتيا جديرا بالحماية، ألا وهو منح الإذن للانتقال بالبنت من مدرسة لأخرى التي هي قريبة للأم خاصة وأن البنت لا زالت صغيرة تحتاج إلى أمها في شتى الحالات.
ومن المتفق عليه أن الأحكام المستعجلة مؤقتة، إذ يقضى بها لمواجهة الخطر الطارئ الذي يداهم الحقوق، -كحق التعليم والتمدرس- ونتيجة لهذه الطبيعة الوقتية للأحكام المستعجلة فإنها لا تلزم محكمة الموضوع عند نظر الحق المتمثل في إسناد الحضانة عند انتهاء العلاقة الزوجية، كما انه إذا زالت العلة والأسباب التي بنيت عليها هذه الأحكام فإنها تنهار معها . ومع ذلك، وفي التطبيق العملي قد تبقى هذه الأوامر الاستعجالية طويلة أو تستقر بصفة نهائية إذا انتهت العلاقة الزوجية بالطلاق وأسندت الحضانة للأم. بالتالي استمرارية الطفل في الدراسة.
يضاف إلى كل هذه الحالات التي قد تعترض سبيل استمرارية الطفل في الدراسة، حالات أخرى من ذلك إرادة أحد الطرفين تلقي الابن التعليم والتكوين العلماني والعصري، في حين يريد الآخر تلقي تكوينا دينيا ، أو يثار نزاع بينهما حول الطفل أثناء مرحلة الامتحانات . فهنا يمكن رفع الأمر إلى القضاء الإستعجالي لحماية

هذا الحق الطبيعي في أسرع وقت ممكن.
وعليه، فكلما كان هناك ضرر محدق قد يؤثر سلبا على حياة الطفل الآنية أو المستقبلية في نفس الوقت نتيجة انفصاله أو توقفه عن المدرسة، يمكن للقضاء بصفة عامة وقاضي المستعجلات بصفة خاصة استصدار أمر وقتي كلما توفرت شروط اختصاصه لرفع الضرر المحدق المتمثل في الانقطاع عن الدراسة، على اعتبار أن حق التعليم قد نصت عليه جميع القوانين من ذلك مدونة الأسرة وبالتالي يجب الحفاظ عليه قدر الإمكان.
على أن تدخل القضاء المستعجل في ذلك جاء نتيجة وعيه بحقوق الطفل والتمتع بها بشكل عادي وسليم دون أن تكون هناك نصوص صريحة تخول له الحق في البت، وبالتالي كان من الأجدر على المشرع المغربي أن ينص وبشكل صريح، إسناد الاختصاص إلى قاضي المستعجلات كلما رأى بأن مصلحة الطفل في التمدرس مهددة، مع العلم أن هذا الحق لا يمكن جبره إذا مرت سنين أو شهور والطفل محروم منه.

الفقرة الثانية: إرجاع الطفل لمن هو أحق به

يقوم القاضي في الدعاوى الأسرية بدور المصلح الاجتماعي ويحاول الإصلاح إن استطاع، وعندما ينظر في هذه القضايا، يجب عليه أن لا يتعامل معها بنفسية القاضي الذي يبت في قضية مدنية صرفة ، بقدر ما أن يتعامل معها بنوع من المرونة التي يستمدها من خلال السلطات التقديرية التي يتمتع بها، والمنبثقة من النصوص القانونية لمدونة الأسرة .
ولعل أبرز مجال استعمال هذه الصلاحية تتمثل في مادة الحضانة، وخصوصا تقدير مصلحة المحضون من عدمها، لأن هذه القضايا تثير إشكالات عدة ومتنوعة، كان لقضاء الموضوع عموما والقضاء المستعجل على وجه الخصوص دورا إيجابيا في معالجتها.
ومن بين الحالات التي يتدخل فيها القضاء المستعجل لحماية مصلحة الطفل هو إرجاعه إلى من هو أحق به، إذا استأثر به أحد الأبوين بوجه غير قانوني خاصة عندما تكون العلاقة الزوجية قائمة، وتقتضي مصلحة الطفل أن يوجد مع أحد الأبوين دون الآخر.
هكذا قرر رئيس المحكمة الإبتدائية بتمارة ما يلي :"... وحيث إن هذا الابن ما زال في طور الرضاع... ومن ثم فإن مصلحته الصحية والنفسية وكذا الجسدية تستوجب بقاءه تحت حضانة والدته، وهي مصلحة لا تحتمل الانتظار... وحيث إن تسليم الابن للطالبة... إنما هو مجرد إجراء وقتي لدفع الخطر المحدق بهذا الابن إلى أن يحسم قضاء الموضوع...".
فعند قراءة هذا الأمر الاستعجالي يتبين أنه قضى بإسناد حضانة مؤقتة إلى الأم، واتخذ إجراء وقتيا يحمي مصلحة الطفل التي أقرتها مدونة الأسرة في أكثر من مادة، دون الاستحقاق بالحضانة بصفة نهائية ومطلقة، لأن القضاء المستعجل في هذه القضية كان مقتنعا بأن الطفل المحضون يحتاج إلى حماية لازمة وأن مصلحته تقتضي استصدار حكم مؤقت يهدف إلى حمايته من الأضرار التي قد تصيبه جراء الافتراق عن أمه، كما أن تدخله جاء نتيجة الحفاظ على مصالح مشروعة، لا يمكن الاستغناء عنها باعتبارها ذات طابع معنوي وعاطفي تربط الطفل بأمه، وأن افتراقهما يؤدي إلى نتائج خطيرة قد تؤثر على حياة الطفل المستقبلية، سيما وأنه لا زال صغيرا يحتاج إلى أمه لكي ترعاه وتقوم بشؤونه ومصالحه، ذلك أن الحضانة بين ذراعي الأم أكثر دفئا منها بين ذراعي الغير .
فضلا على ذلك، أن إسناد الحضانة للأم مؤقتا ليس هدفا في حد ذاته، أو أن هذا الإجراء يروم إلى تقرير حق الحضانة بصفة مطلقة بقدر ما هو إجراء وقتي يحمي الطفل بالأساس، على اعتبار أن الصفة الوقتية ميزة أساسية من مميزات الحكم الاستعجالي الذي يصدر لمواجهة ظرف استثنائي عاجل لا يحتمل التأخير، إذ هو ظرف قابل للتغيير والتبديل بطبيعته .
ذلك أن العلاقة الزوجية لا زالت قائمة لكن الزوجين مفترقين، مما يحتم معه اتخاذ تدبير مؤقت إلى أن يقول قضاء الموضوع كلمته، فمن شأن إتباع المسطرة العادية في التقاضي تعطيل تحقيق مصلحة الطفل التي تقتضي تواجده مع أمه، والتي على أساسها يحدد الحق في الحضانة.
وهذا ما أقره المجلس الأعلى عندما قضى بأنه :"... حيث إن المحكمة لما اعتبرت أن عنصر الاستعجال متوفر في النازلة، وقضت بتسليم المحضون الذي لا يتجاوز عمره سنتين إلى والدته بصفة مؤقتة لما يحتاجه في هذه المرحلة من رعاية الأم وقيامها بشؤونه، تكون قد قدرت حالة الاستعجال تقديرا صحيحا، ولم يكن في قضائها أي مساس بحق الحضانة ما دام صرف الحضانة إلى الأم في هذه المرحلة كان بصفة مؤقتة..." .
وتبعا لما هو أعلاه، فإذا أسندت الحضانة مؤقتا إلى الأم فلا يحق للأب أن ينتزع الابن من أمه، سيما وأنها تحضنه بصفة قانونية بناء على مقرر قضائي،وهنا نجد القضاء المستعجل حاضرا في هذه الحالة حيث قضى بما يلي: "... وحيث إن خرق مقتضيات المادة المتحدث عنها (المادة 171) عن طريق حضانة طفل من قبل والده بدون سند قانوني ولا حكم قضائي يسمح له بذلك، وضدا على رغبة الأم في الحضانة، خاصة وأن سن المحضون دون السابعة من عمره هو مس بالمشروعية وبالحماية القانونية المقررة لتنظيم أوضاع الحضانة يترتب مع حصول ذلك قيام حالة الاستعجال في النازلة تبرر تدخل قاضي المستعجلات لحماية الأوضاع القانونية القائمة وتفعيلها...".
فحضانة الطفل و الإنفراد به بدون سند قانوني من طرف الأب قد يضر بالمحضون، ويصبح عرضة لأضرار لا يمكن تفاديها مستقبلا، خصوصا وأنه لا زال صغيرا يحتاج إلى أمه، وهذه الأخيرة هي الأولى به وبحضانته، سيما إذا كان هناك مقرر قضائي يخول لها الحق في ذلك لأن حضانة الأب للطفل المحضون بدون سند ولا قانون يكون غير ذا صبغة قانونية، تقتضي معه تدخل القضاء المستعجل لرفع الضرر وإزالته عن طريق إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.
وبالتالي كان محقا فيما ذهب إليه عندما قضى بتمكين الأم من ابنها المحضون الذي خوله لها الشرع والقانون. لكن الإشكال المطروح ،هل من حق الأب أن يطالب القضاء الاستعجالي باسترجاع ابنه المحضون، عندما تحضنه الأم عن غير حق؟.
ففي هذه الحالة، ورغم عدم وجود نص صريح خاص، يقر باللجوء إلى القضاء المستعجل لاستصدار أمر بإرجاع المحضون لأبيه فإنه يتدخل بحكم وظيفته التي خولها إياه المشرع في قانون المسطرة المدنية كلما توفرت شروط اختصاصه، ورأى بأن مصلحة المحضون تكون مهددة إذا ما استمر مع أمه، حيث جاء في أمر استعجالي ما يلي :"... وحيث إن طلب الرجوع ورد الحالة إلى ما كانت عليه من المسائل الاستعجالية التي تكون إجراء تحفظيا لحماية المعرض للخطر... وحيث إن مصلحة الطفل تقتضي إرجاعه إلى والده لأن وجوده مع والدته أحدث له ضررا متمثل في توقفه عن متابعة دراسته...".
وما يحسب لهذا الحكم، هو أنه راعى مصلحة الطفل المتمثلة في متابعة الدراسة عندما قضى بتسليمه لأبيه، حيث إن تواجده مع أمه قد أحدث له ضررا حسب ما يتضح من الأمر أعلاه، ذلك أن الأمر بتقديم الطفل لمن هو أحق به يدور مع مصلحته وجودا وعدما، فإذا اقتضى الأمر أن يبقى الطفل مع الأب، فإنه لا مانع من ذلك إذا كانت هناك مصلحة للطفل المحضون، بل يمكن أن تسند له حتى الحضانة إذا كانت هناك مصلحة.
وفي هذا الإطار قضى المجلس الأعلى بما يلي : "لما كان الابن المحضون قد تجاوز سبع سنوات وأمه تزوجت بغير قريب محرم من المحضون وظل يقيم مع أبيه أربع سنوات في حياة هادئة، وامتنع كليا عن الذهاب مع أمه كما يستفاد من المحضر الإخباري المنجز في النازلة، فإن المحكمة لما قضت بإرجاع الابن إلى أمه بعلة أنه لا يوجد حكم بإسقاط الحضانة لم تراع مصلحة المحضون التي على أساسها يحدد الحق في الحضانة..."
يعني أنه يمكن أن تسند الحضانة للأب إذا رأى القضاء ذلك، فهي سلطة تقديرية تمنح له بمقتضى المادة 186 التي تؤكد على مراعاة المحكمة مصلحة المحضون في تطبيق مواد الباب المتعلق بالحضانة، أي أنه لا مانع من إسناد الحضانة للأب إذا كانت هناك مصلحة المحضون، فعندئذ لا يمكن للأم أن تنزع الطفل من والده، حيث قد يرقى إلى فعل جرمي يعاقب عليه القانون الجنائي في المادة 476 التي جاء فيها ما يلي: "من كان مكلفا برعاية طفل، وامتنع من تقديمه إلى شخص له الحق في المطالبة به، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة" .
وأخيرا، يمكن القول بأن مؤسسة القضاء الاستعجالي كانت جريئة فيما ذهبت إليه، إذ لم تكن حبيسة النص ومقيدة بمقتضيات القوانين المؤطرة لوضعية معينة فقط، بل وفي إطار أن الاستعجال مسألة واقع فإنه قد أبرز الغاية من خلق هذه المؤسسة، بمعنى أنه حتى وإن لم تنص مدونة الأسرة على أنه يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات بشـأن إرجاع الطفل وتسليمه لمن هو أحق به فإنه ليس هناك ما يمنع سلوك هذه المسطرة ما دام الأمر يتعلق بحق مهدد بالخطر، لأن إقدام أحد الأبوين بتغيير وضعية المحضون بأخذه من الحاضن دون سلوك الطرق القانونية لتغيير تلك الوضعية يضفي على النزاع صبغة الاستعجال ويبرر تدخل القضاء المستعجل عن طريق إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه للحفاظ على المراكز القانونية الجديرة بالحماية.

المطلب الثاني: موقف القضاء المستعجل من صلة الرحم وحق السكن

اتخذ العمل القضائي بشأن صلة الرحم بالمحضون، طريقا جليا في إضفاء الصبغة الاستعجالية على الطلبات المتعلقة به، وأصبح قاضي الأمور المستعجلة يتدخل في مثل هذه القضايا بحكم وظيفته، رغم عدم وجود نص صريح سواء في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة أو في ظل مدونة الأسرة، وذلك عن طريق تمكين الطفل المحضون من زيارة وصلة الرحم مع من له الحق في ذلك (الفقرة الأولى).
ووعيا من هذا الجهاز القضائي الاستثنائي بحماية مصلحة الطفل المحضون وارتباطه الشديد بحاضنه، فإنه ما فتئ يتدخل في القضايا المرتبطة بحق سكناه مع حاضنه حماية من طرده من مسكن الحضانة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: سلوك المسطرة الاستعجالية في قضايا صلة الرحم

الحضانة حسب المادة 163 حفظ الولد مما قد يضره والقيام بتربيته ومصالحه، فهي من واجبات الأبوين معا عندما تكون العلاقة الزوجية قائمة ، فالأصل فيها تمارس في كنف الأبوين، أما إذا حصل أن تولى حضانته أحدهما دون الآخر ، فلا ينبغي أن يكون مانعا لأحد الأبوين من رؤية الصغير والاطلاع على أحواله والعناية به .
إذ أن الحضانة من الحقوق الثابتة للأبناء قبل أن تكون للأبوين، إلا أنه في بعض الأحيان قد ينفرد أحد الأبوين بالابن دون أن يمكن الطرف الآخر برؤيته وصلة الرحم به، وهذا الإشكال مطروح كثيرا على ساحة القضاء، سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية- في حالة مغادرة الزوجة بيت الزوجية- أو عند انتهائها، فمصلحتهم تقتضي العمل على استقرارهم حتى يتوفر لهم الأمان والاطمئنان وتهدأ نفوسهم، عن طريق اتصالهم بأقاربهم وأبويهم.
ومن أجل ذلك ارتأى مشرع مدونة الأسرة تنظيم حق الزيارة بالاتفاق بين الأبوين، أو عن طريق القضاء بمقتضى المادتين 181-182، وذلك تفاديا لإشكالات كثيرة كانت عالقة في ظل مدونة الأحوال الشخصية بشأن كيفية زيارة المحضون ورؤيته، وكذا تنفيذ الحكم الصادر في ذلك.
وبتتبع العمل القضائي نجده يسلك المسطرة الإستعجالية بشأن قضايا صلة الرحم،رغم أن مشرع قانون الأسرة المغربي، لم يول لذات الموضوع نصوصا قانونية خاصة، تقر البت في مثل هذه القضايا على وجه السرعة والاستعجال، أو حتى تطبيق المسطرة الاستعجالية بشأنها رغم موضوعها يتصل بالمشاعر الإنسانية سواء تعلق الأمر بالمحضون، أو بمن له حق زيارته .
على اعتبار أن تدخل القضاء الاستعجالي، يكون سواء عند قيام العلاقة الزوجية أو عند انتهائها، ذلك أنه في بعض الحالات تكون الزوجة خارج بيت الزوجية، بسبب نزاع ما، مما يستتبعه استئثار أحدهما بالأولاد ويمتنع عن تمكين الطرف الآخر من الرؤية، وفي هذه الحالة يحق لهذا الأخير اللجوء إلى القضاء الاستعجالي لاستصدار حكم قضائي بشأن صلة الرحم. وغالبا ما يستجاب لهذا الطلب، نظرا لأهمية الزيارة وتفقد أحوال الطفل ، إذ اعتبرت ابتدائية بركان بأن حرمان الزوج من رؤية ابنه، يشكل خطرا عاجلا لا يحتمل الانتظار إلى حين صدور حكم قضائي في الموضوع والمبادرة إلى تنفيذه ، لأن ذلك سيأخذ وقتا قد يسبب ضررا لا يمكن تلافيه مما يجعل القضاء الاستعجالي مختصا للبت في الطلب، خاصة وأنه ليس من شأنه أن يمس بالحقوق الموضوعية ولا بالمراكز القانونية للأطراف، وإنما ذلك مراعاة لمصلحة الأبوة والبنوة لكون الابن لا يحتمل أية مسؤولية فيما يدور بين الزوج وزوجته من منازعات قضائية وغير قضائية.
هكذا تكون عناصر اختصاص القضاء المستعجل متوفرة بطبيعتها في مثل هذه الطلبات ذلك أن لكل واحد من الأبوين ممارسة حق صلة الرحم وزيارة أبنائه في كل وقت ما دام الأمر يتعلق بحق طبيعي يمارس في كل الأحوال، بل هو حق ديني قبل أن يكون قانوني ، يجب أن ينعم به الآباء جميعا دون عائق ، ومن حق كل منهما الاطلاع على أحوال الأطفال ورعايتهم في كل وقت وحين، إذ أن الخلاف القائم بين الزوجين يجب أن يقتصر عليهما فقط دون أن يطال الأطفال لكي لا يتأثروا بالنزاع القائم بينهما ويصبحون ضحية لآبائهم.
فالمبررات التي جعلت القضاء يتدخل في مثل هذه القضايا تتمثل في الحقوق المعنوية والعاطفية التي يجب الحفاظ عليها في أي وقت، فمثلا عندما تستأثر الأم بطفلها وتحرم الأب من زيارته فهذا يشكل تعسفا في حق الأب والابن يقتضي معه البت فيه بشكل سريع ومستعجل، ذلك أن صلة الرحم حق في الطبيعة وفي القانون الوضعي، وبالتالي فعدم اتصال الأب بفلذات كبده تشكل حالة استعجالية قصوى تقتضي تدخل القضاء الاستعجالي لاتخاذ التدابير لتمكين المحروم من حق الاتصال بالأبناء من الوصول إليه .
ونفس الشيء بالنسبة للأم التي تطالب القضاء بصلة الرحم مع ابنها يقتضي معه البت باستعجال لتمكينها بولدها إذا توفرت شروط اختصاص القضاء المستعجل، ورأى مصلحة الابن مهددة بخطر حرمانه من أمه، ذلك أن صلة الرحم جاءت ليس لصالح الأم أو الأب، بل جاءت لحماية حقوق الطفل وضمان حسن تنشئته واستقراره ومن تطبيقاتها قرر رئيس المحكمة الابتدائية بسلا ما يلي:"... وحيث إن صلة رحم الولدين بوالدتهما لمن شأنه بعث الاستقرار النفسي للولدين، الأمر الذي يضفي صبغة استعجالية على الطلب ... " .
وعليه، فاقتناع القضاء المستعجل بالحقوق المادية والمعنوية للطفل، ومدى التأثر الذي قد يلحقه من جراء عدم زيارة واستزارة أمه، تقتضي معه الاستجابة لمثل هذه الطلبات وتمكين الأم من ممارسة حقها المتمثل في رؤية أولادها شأنها في ذلك شأن الأب على حد سواء. بل اتخذت نفس المحكمة بسلا مسارا جد متطورا بخصوص هذا المجال، حيث مكنت الأم بصلة الرحم بولدها، في السجن المدني بسلا حيث قضت بما يلي: "... نأمر المدعى عليه بتمكين المدعية من صلة الرحم بابنها ب و ج بالسجن المدني بسلا وذلك بزيارتهما لها كل يوم أربعاء من كل أسبوع ابتداء من الساعة 12 بعد الزوال..." .
فالقضاء الاستعجالي من خلال اجتهاده هذا في إطار الفصول 149 وما بعدها من قانون المسطرة المدنية، إنما وظيفته هي التي خولت له البت في هذه القضايا وليس بنص خاص، رغم أن تنظيم الزيارة من اختصاص محكمة الموضوع كقاعدة عامة. لكن هذا لا يعني أن النص القانوني قد انتزع الاختصاص للقضاء المستعجل، ومنحه لقضاء الموضوع بالشكل المطلق، بل المبدأ في الاختصاص هي محكمة الموضوع. لكن ما دام أن صلة الرحم من الحقوق المعنوية والنفسية فيجب التعامل معها بنوع من المرونة فيمكن أن يختص بها حتى القضاء الاستعجالي ما دام هو الاستثناء وفرع من الأصل.
ذلك أن اختصاصه هذا مجرد تدبير مؤقت وأن الأحكام الاستعجالية تتميز بالصفة الوقتية قابلة للتغيير والتعديل ولا حجية لها أمام قضاء الموضوع . وفي نفس السياق فإنه حتى الأحكام الصادرة عن قضاء الموضوع بشأن الزيارة وصلة الرحم قابلة للتعديل والتغيير ، تبعا لتغير الظروف وحفاظا على مصلحة الطفل المحضون لأن من شأن عدم مراعاة مصلحته، قد يعرض الحكم للطعن سواء بالطرق العادية أو غير العادية .
وفي هذا الموضوع قضى المجلس الأعلى بأنه:"... والطاعنان أثارا أمام المحكمة بأن الظروف التي وقع فيها تنظيم الزيارة المقرر بالحكم الصادر بتاريخ 01/03/2004 في الوقت الذي كانت فيه المحضونة المزدادة بتاريخ 14/02/2002 ما زالت رضيعة قد تغيرت بحيث أصبحت طفلة يمكن نقلها خارج المنزل والعناية بها، وأن حاضنتها أصبحت تمنعهما من دخول منزلها لصلة الرحم بالمحضونة ...، والمحكمة لما لم ترد على هذه الدفوع وتبحث فيما إذا كانت هناك ظروف مستجدة أم لا، وترتب على ضوء ذلك إمكانية مراجعة الحكم الأول وتعديله أم لا. وقضت على النحو المذكور تكون قد خرقت القانون ولم تجعل لقضائها أساسا قانونيا مما يعرض قرارها للنقص..." .
وأخيرا، يمكن القول بأن مؤسسة القضاء المستعجل قامت بدور كبير بخصوص هذه القضايا، لأن الأمر هنا في غاية الأهمية نظرا للاعتبارات الإنسانية بين الآباء وأولادهم، مما يجعل هذا القضاء كلما توفرت شروط اختصاصه يبت مؤقتا في مثل هذه القضايا التي لها حساسية خاصة لارتباطها الشديد بما هو عاطفي ومعنوي.
ذلك أن اختصاصه الوظيفي هو الذي جعله يضع يده على مثل هذه الطلبات التي تقتضي السرعة في البت، سيما وأن قضائنا لازال يعاني من البطء والتأخير في الحسم في الكثير من القضايا.
ورغم أن هذا الاجتهاد كان حتى في ظل مدونة الأحوال الشخصية ، إلا أن المشرع المغربي عند سنه مدونة الأسرة لم ينص وبشكل صريح على اختصاص قاضي المستعجلات بشأن الرؤية أو الزيارة أخذا بعين الاعتبار ما اتخذه القضاء بخصوص هذه القضايا، والاستفادة من القصور الذي كان في ظل التشريع القديم.
ولهذا حبذا لو أضاف المشرع الصبغة الإستعجالية على طلبات صلة الرحم ويتجنب التضارب القائم بشأن الاختصاص من عدمه ، لأن تنصيص المشرع على انعقاد الإختصاص بشأنها للقضاء المستعجل، يكون قد افترض عنصر الاستعجال وبالتالي تذليلا لكثير من الصعوبات المفترضة والمعروضة على ساحة القضاء.

الفقرة الثانية: دور القضاء المستعجل في حماية مسكن الحضانة

كان للقضاء المستعجل فعالية هامة في موضوع سكنى الحاضنة في ظل مدونة الأحوال الشخصية، حيث صدرت منه الكثير من الأوامر رغم عدم وجود نص بخصوص سكنى الحاضنة (أولا).
إلا أنه بعد صدور مدونة الأسرة، حسمت في موضوع مسكن الحضانة عن طريق إيراد نص صريح بذلك (ثانيا).
htmlspecialchars_decode('"') 
أولا:مسكن الحضانة في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة htmlspecialchars_decode('"')

شكلت سكنى الحاضنة معضلة اجتماعية واقتصادية عانى منها المجتمع المغربي بفعل استخفاف الناس بالميثاق الغليظ وإقدامهم على الطلاق لأتفه الأسباب، مما جعلها مأساة حقيقية بالنظر إلى أزمة السكن وارتفاع ثمن الكراء، الأمر الذي انعكس سلبا ليس على الحاضنة فقط بل على المحضون بالدرجة الأولى .
وأمام القصور الذي كان يعتري مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية الملغاة بالأساس سيما وأنها أشارت إلى موضوع السكنى في فصلين فقط دون التوضيح أكثر ، أدى ذلك إلى اختلاف بين أراء الفقهاء بين مؤيد ومعارض بشأن أحقية الحاضنة في اعتمار سكن الحاضنة.وقد تجاوز هذا الإشكال بعده القانوني إلى بعد اقتصادي واجتماعي .
وأمام زخم الاتجاهات بشأن ذلك، أقر القضاء عموما وقاضي المستعجلات خصوصا اتجاها اقتضته الضرورة من خلال اعترافه واقتناعه بأهمية المعطى الاجتماعي داخل الحياة الأسرية كمرتكز أساسي في سبيل حسم النزاعات القضائية في مادة الأحوال الشخصية ، من خلال قضائه بأحقية الحاضنة باعتمار سكن الزوجية، هكذا قضى رئيس المحكمة الابتدائية بالقنيطرة بما يلي:
"... وحيث إنه في الحكم بالإفراغ جلب البلاء للمحضون والتشويش عليه وزعزعة استقراره بصفة نهائية، وفي بقائه بمحل والده... نوع من الطمأنينة ووسيلة للتخفيف من سلبيات الطلاق بالتبعية فإن حمايته حماية لمن يرعاه.
فالمطلقة راعية للقاصر المحضون والقضاء الاستعجالي حام للقصر ومن يحميهم ويحضنهم..." .
ومن خلال الحكم أعلاه تبين أن القضاء الاستعجالي اتخذ مسارا لم تنص عليه مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، ولم تورد نصوصا خاصة به، بل أشارت فقط في الفصل 127 بأنه تجب للأولاد على الأبوين النفقة وما يتبعها من السكن وإلى غير ذلك على قدر حال المنفق وعوائد المجتمع الذي يعيشون فيه، لذلك فإن حق السكن المقرر شرعا لصالح الأولاد يمتد بالنتيجة للحاضنة كإطار لحفظ الولد مما قد يضره والقيام بتربيته ومصالحه، وبالتالي فإن إفراغ المطلقة الحاضنة يعني حرمان محضونها من حق السكنى المخول لهم بمقتضى الفصلين 127 و118 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة.
كما أن رئيس المحكمة الابتدائية لم ينظر إلى الموضوع من زاوية الحاضنة بقدر ما أنه نظر إليه من جانب المحضون بالبحث عما يحقق له الاستقرار الاجتماعي والنفسي بالدرجة الأولى، مع اعتبار أن حماية حق الحاضنة هو في حقيقة أمره حماية لحق المحضون كما جاء في الأمر أعلاه، على أنه إذا وصفت الحاضنة بأنها محتلة وحكم عليها بالإفراغ، فذاك الحكم يسري أيضا على المحضون وهو ما لا يستقيم مع القول بأنه محتل بدون سند، إذ أنه في ملك أبيه الملزم بالإنفاق عليه وتوفير سكن له .
وفي هذا السياق قرر المجلس الأعلى في أحد قراراته ما يلي :"... طبقا لمقتضيات الفصل 127 من مدونة الأحوال الشخصية، فإن السكنى هي من مشمولات نفقة الأولاد وحق من حقوقهم، وأن الحاضنة ما دامت ملتصقة بمحضونيها، فهي تسكن معهما بصفتها هاته، ولا حق لها في التنازل عن حق محضونيها. ولهذا فإن المحكمة عندما اعتبرت موافقة الطاعنة على تحديد النفقة والتزامها بالإفراغ، يفقدها حقها في السكنى مع أولادها وحكمت بإفراغها تكون قد خالفت الفصل 127 المذكور وعرضت قرارها للنقض..".
ورغم ما اتخذه المجلس الأعلى من خلال القرار أعلاه لحماية الحاضنة ومحضونها من أجل الاستمرار في سكن الزوجية، إلا أنه سرعان ما تراجع عن هذا القرار، ونحى مسلكا آخر يقر بإفراغ الحاضنة واعتبارها محتلة بدون سند، وأجنبية ولا حق لها في المطالبة بشيء يتعلق بشخصها .
فالتضارب القائم على مستوى قرارات المجلس الأعلى ينطبق كذلك على مستوى المحاكم الدنيا وعلى وجه التحديد القضاء الاستعجالي، حيث قضى هذا الأخير بطرد المطلقة الحاضنة من سكن الزوجية لاحتلالها بدون سند موضحا في ذلك أن انتهاء هذه العدة يفرز واقعا قانونيا جديدا، نتيجة للتغيير الحاصل في صفة المطلقة الحاضنة، من زوجة في حكم الشرع أثناء العدة إلى شخص أجنبي عن الزوج بعد انتهائها. مضيفا في ذلك بأنه من خلال الواقع القانوني الجديد بما يحمله من مستجدات ومتغيرات يجرد حق الحاضنة من الاستمرار والبقاء ببيت الزوجية ويجعلها بالتالي محتلة بدون سند ولاحق ولا عبرة ولا اعتداد إن كان الأبناء المحضونين يقطنون بالمحل أم لا .
وأخيرا يمكن القول بأن إضفاء الصبغة الاستعجالية على مثل هذه الطلبات جاء نتيجة وضع حد للعواقب الوخيمة التي قد تعترض صاحب الحق في السكن سواء المطلق، أو الحاضنة ومحضونها، سيما وأن هذه الأخيرة، إذا تم طردها من مسكن الزوجية قد تصبح عرضة للتشرد والضياع مع محضونها وتنتج عنه أضرار وأخطار لا تحمد عقباها.
وفي جميع الأحوال فإنه اجتهاد إيجابي في زمن عدم وجود نص صريح يقضي بإفراد الحاضنة سكن خاص لها مع محضونها ، لأنه لو كان الأمر كذلك لما وقع هذا التضارب على مستوى القضاء، وهو ما جعل المشرع المغربي عند سنه مدونة الأسرة أن يتنبه إليه.
htmlspecialchars_decode('"') 
ثانيا: حماية مسكن الحضانة في ظل مدونة الأسرة htmlspecialchars_decode('"')

على عكس ما ذهبت إليه مدونة الأحوال الشخصية الملغاة التي كان يشوبها قصور بشأن مسكن الحضانة، والذي نتج عنه إصدار أحكام قضائية مناصرة لحق المرأة المطلقة الحاضنة في اعتمار مسكن الزوجية بعد العدة، وأخرى مناهضة لهذا الاتجاه.
حيث جاءت مدونة الأسرة بتدخل تشريعي صريح لحسم هذا الخلاف، ووضعت حدا للإشكال المطروح عن طريق المادة 168 ، التي أقرت استقلالية واضحة بين مصاريف سكنى المحضون وبين أجرة النفقة والحضانة وغيرها من التكاليف، وفي حالة عدم تملك الأب لأي مسكن تعين عليه وجوبا أن يهيء لهم مسكنا يتناسب ووضعيتهم، وإلا فإنه ملزم بسداد المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه، وتحدد المحكمة وسائل تنفيذ الحكم في هذا الجانب بما فيها اقتطاع مصاريفه من منبع الريع أو الأجر الذي يتقاضاه .
ويكون المشرع المغربي قد سلك نفس ما اتخذته التشريعات المقارنة بخصوص سكنى الحاضنة، حيث أقر التشريع الجزائري بوجوب توفير الأب لسكن ملائم للحاضنة لممارسة حضانتها، وإن تعذر ذلك فعلى الأب دفع بدل الإيجار، وتبقى الحاضنة في بيت الزوجية حتى تنفيذ الأب للحكم القضائي المتعلق بالسكن .
ولعل الأبعاد من وراء الحديث على الحاضنة بشأن أحقيتها في اعتمار السكن مع محضونها هو أن الحضانة مقررة بسبب عجز المحضون عن قضاء أموره وتدبيرها، ومدارها نفعه ومصلحته وحفظه ورعايته، إذ أنه لا يتصور أن يكون للحاضنة مأوى مستقل عن المسكن الذي يقيم فيه المحضون ولو قامت علاقة جوار بينهما، خصوصا في الطور الأول من حياته، والقول بخلاف ذلك إهدار لمصلحته التي هي ذات الاعتبار الأول .
وأمام هذه الحماية التي أولاها المشرع للمحضون، وتزامنا مع سد الثغرة التي كانت في ظل مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، يطرح تساؤل حول ما إذا كان القضاء الاستعجالي ما زال مختصا بشأن أحقية الحاضنة في اعتمار سكن مطلقها من عدمه مع وجود نص صريح بالمدونة يقر باستقلالية سكنى المحضون؟.
وفي هذا الصدد قضى رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط بما يلي :" ... وحيث إن المدعى أدلى بنسخة حكم ابتدائي تقضي بتحديد أجرة سكن المحضون... وحيث إن هذا الأخير قد أودع مقابل الواجبات الحالة تنفيذا لهذا الحكم بالنسبة للأشهر الحالة، مما يجعل الشرط الواقف لإفراغ المحضون قد توفر طبقا للمادة 168 من م أ.
وحيث إن بقاء المدعى عليها بالمحل موضوع الطلب أصبح غير قانوني، وبالتالي تعتبر محتلة بدون سند وأن استئنافها للحكم القاضي بواجبات السكن لا يبرر تواجدها بالمحل وتعتبر دفعا لا يرتكز على أساس ولا يلتفت إليه..."
هكذا يتبين أن رئيس المحكمة الابتدائية عند قضائه في الأمر أعلاه بإفراغ الحاضنة من محل المدعى قد استند على مقتضيات المادة 168 من مدونة الأسرة، ذلك أنه ما دام أن المطلق قد نفذ الحكم القاضي بتحديد أجرة سكن المحضون، فإنه يمكن القول بعدم أحقية الحاضنة باعتمار محل مطلقها، لأن واجباته قد التزم بها أمام محضونه.
وعليه فيحق للمطلق أن يلجأ إلى قاضي الأمور المستعجلة بطلب طردها (الحاضنة)، بشرط أن يتوافر في الدعوى ركنا الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع، كما إذا لم يكن له مسكن يأويه وكان في حاجة شديدة لمسكن الزوجية وبشرط أن تكون ظاهر الأوراق واضحة الدلالة على أن من حقه أن يطرد الحاضنة، أما إذا تخلف الشرطان، فإنه يحكم بعدم اختصاصه بنظر الدعوى .
وأخيرا يمكن القول بأن المادة 168 التي تقر حماية المحضون في السكن ، لم تكن مقتضياتها في ظل نصوص مدونة الأحوال الشخصية حيث ظلت الأم الحاضنة وأطفالها عرضة للضياع والتشرد، وكانت هذه الأم تطرد من بيت الزوجية مباشرة بعد الطلاق وفي أحسن الأحوال بعد انتهاء العدة ثم تفرغ المسكن وتصدر المحاكم ضدها أحكاما قضائية بالطرد باعتبارها محتلة بدون سند أو حكم بالإفراغ . أما الآن فتوفير السكن للمحضون واجب على المطلق وهذا يتناسب مع الوضع الاجتماعي الذي كان يعيشه قبل الطلاق .

الفصل الثاني
حدود تدخل قاضي المستعجلات في قضايا النفقة


من المتفق عليه أن النفقة تعتبر من أهم الآثار التي تترتب عن عقد الزواج، ولذلك أولاها المشرع وأحاطها بالعديد من مظاهر الحماية نظرا لطبيعتها المعيشية والاجتماعية، حيث نظمها المشرع في القسم الثالث من الكتاب الثالث المتعلق بالولاة ونتائجها، ضمن المواد من 187 إلى 205 من مدونة الأسرة.
ولعل أبرز مظاهر الحماية تلك الصبغة المعيشية والاستعجالية التي تحظى بها الدعاوى المرتبطة بها، حيث عمل المشرع من خلال مدونة الأسرة إلى جانب قانون المسطرة المدنية على الاهتمام بها من خلال حرصه على الاعتناء بمساطر التقاضي لضمان تسريعها وتبسيطها.
وتبعا لذلك، جاء المشرع بمقتضى الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية يهدف إلى البت باستعجال في القضايا المرتبطة بالنفقة.
وقد اختلف الفقه والقضاء حول الاستعجال الوارد بهذا الفصل، حيث وقع تباين في الآراء حول المختص في قضايا النفقة، وبرز هذا الاختلاف بشكل أكثر حول دعاوى النفقة المؤقتة.
وإيمانا من المشرع بالخصائص التي تتميز بها النفقة فقد اهتم بها اهتماما بالغا خصوصا فيما يتعلق بالجانب التنفيذي لها، حيث أقر بأن الأحكام الصادرة في النفقة مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني. وبهذا يكون قد أحاطها بحماية مستعجلة أثناء تنفيذها.
ومن هذا المنطلق تقتضي دراسة طبيعة هذا الفصل تقسيمه إلى مبحثين وذلك وفقا للشكل الآتي:

المبحث الأول: البت على وجه الاستعجال في قضايا النفقة

المبحث الثاني: الحماية الإستعجالية للأحكام القاضية بالنفقة أثناء التنفيذ

المبحث الأول: البت على وجه الاستعجال في طلبات النفقة

إن تحديث المنظومة القانونية للأسرة المغربية، عن طريق إيجاد أرضية كفيلة لضمان التطبيق الأمثل لمقتضيات مدونة الأسرة، وتكامل هذه الأخيرة مع القوانين الإجرائية الأخرى اقتضى الأمر موازاة لذلك استصدار عدة نصوص تشريعية منها مدونة الأسرة وكذا تغيير بعض فصول قانون المسطرة المدنية، ومن جملة المستجدات التي أتى بها المشرع الفصل 179 مكرر من هذا الأخير.
حيث جاء نتيجة لما تتميز به قضايا النفقة من أهمية خاصة والتي تعتبر كمورد لسد رمق فئة مهمة من الفئات الاجتماعية، لأنها تتعلق بطلبات معيشية يومية آنية وملحة ضرورية، مما يستوجب النظر في قضاياها والحسم فيها على وجه الاستعجال نظرا لصبغتها المعيشية والاجتماعية.
وبين تاريخ رفع دعوى النفقة إلى غاية تنفيذ الحكم الصادر فيها أقر المشرع النفقة المؤقتة لصاحب الحق فيها، إلا أن السؤال المطروح من هو صاحب الاختصاص فيها؟ هل القضاء المستعجل أم قضاء الموضوع؟
وعلى هذا الأساس سأقسم هذا المبحث إلى مطلبين وفقا للشكل التالي:
المطلب الأول: الطابع المعيشي والاستعجالي لقضايا النفقة
المطلب الثاني: النفقة المؤقتة بين قضاء الموضوع والقضاء الاستعجالي

المطلب الأول: الطابع المعيشي والاستعجالي لقضايا النفقة

أضحت دعوى النفقة موضوع اهتمام من طرف الفقه والقضاء، نظرا لخصوصيتها التي تتميز بها سواء على مستوى الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية، أو على مستوى المواد من 187 إلى 205 من مدونة الأسرة.
وبناء على هذه المقتضيات وقراءة مضمونها تظهر بجلاء الصبغة المعيشية والاجتماعية لقضايا النفقة (الفقرة الأولى)، ونظرا لهذه الخصوصية التي تنفرد بها هذه الطلبات عن باقي القضايا الأخرى أصبغ عليها المشرع الطابع الاستعجالي أثناء النظر في قضاياها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الصبغة المعيشية لقضايا النفقة

قرر المشرع نظرا لما للنفقة من طابع معيشي ولأنها مقترنة بضروريات الحياة اليومية للزوجة والأبناء ولطول المسطرة العادية للحكم فيها، البت فيها بشكل استعجالي، ذلك أنه من خصائص النفقة تلك الصبغة المعيشية التي تستنبط من خلال تحديد العناصر التي تدخل في تكوين النفقة من خلال الفصل 118 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة من مسكن وطعام وكسوة وتمريض وكل ما يعتبر من الضروريات في العرف. على أن مدونة الأسرة قد أفردت لحق السكن مقتضى خاص له وأبقت على العناصر الأخرى.
إن المشرع وإن لم ينص صراحة على الطابع المعيشي الذي تتسم به النفقة، فإنه عند قراءة المادة 189 قراءة متأنية والبحث في طبيعة العناصر المكونة لها نخلص إلى أنه قد أضفى عليها الطابع المعيشي ضمنيا بحكم مشمولاتها التي تعتبر من الأشياء التي لا يمكن العيش بدونها .
ذلك أن الغذاء والكسوة والعلاج كلها أشياء لا يمكن تصور الحياة العادية للإنسان بدونها، ورغم غياب هذا الطابع الذي تتميز به قضايا النفقة في مقتضيات مدونة الأسرة، إلا أن القضاء المغربي قد استدرك هذا القصور واصطبغ هذه الطلبات بالصبغة المعيشية اقتناعا منه لأهميتها في حياة من له الحق في ذلك .
على اعتبار أن بت القضاء في طلبات النفقة بغض النظر عن مستحقيها، يقتضي منه استحضار مجموعة من الاعتبارات من ذلك استحضار البعد الحمائي لها، حماية للأطفال ولأمهم من التشرد ومن تفشي ظاهرة جنوح الأحداث والانحراف، وكذا اللجوء إلى الفساد وطرق أبواب التسول والتعاطي لكل ما من شأنه أن يعيلها وأطفالها ولو كان باعتماد طرق غير مشروعة ، بحيث أن المشرع انطلق من الواقع لخلق قواعد قانونية كفيلة بحماية الطفل والزوجة، وخاصة إذا لم يكن لهما مورد رزق.
ذلك أن النزاعات المتعلقة بالنفقة في وقتنا الحاضر تعتبر سببا رئيسيا للكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، والتي يكون لها تأثير خطير على الأسرة التي هي نواة المجتمع، فالزوجة مثلا عندما لا تجد ما تسد به رمق أطفالها، قد تسلك طريقا غير سوي للحصول على المال، وقد تحتويها إحدى شبكات الدعارة، والأطفال نتيجة لكل هذا قد يصبحون مشردين ومهملين ومع الأيام وقساوة الزمن يتكون لهم الطبع الإجرامي ويصبحوا مجرمين .
وعلى هذا الأساس، أكد المشرع على ضرورة الإسراع في إصدار الأحكام الخاصة بها وضمان حسن واستمرار تنفيذها، لذلك نص في الفقرة الأخيرة من المادة 190 من مدونة الأسرة على أنه: "يتعين البت في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل أقصاه شهر واحد". إذ يعتبر هذا المقتضى مظهرا من مظاهر الحماية التي جاء بها المشرع بخصوص قضايا النفقة المتمثلة في المساطر المتعين سلوكها للحصول عليها أمام القضاء، لأن تحقيق هذه الحماية -خاصة القانونية منها- مقيدة بتذليل الصعوبات والعراقيل التي كثيرا ما كانت تعترض القضاء من تعقيد للمساطر وطول الإجراءات، والتي تنتج عن كثرة الدفوع المثارة أثناء رواج الدعوى أمام المحكمة، مما يتطلب بحثا وتدقيقا حتى تتمكن هذه الأخيرة من الوقوف على صحة تلك الدفوع، وإلى غير ذلك من العراقيل الأخرى التي قد تعترض تسريع هذه المسطرة .
ومن خلال كل هذا، أقر المشرع بين بدء رفع الدعوى أمام المحكمة إلى حين انتهائها نفقة مؤقتة حماية للزوجة والأولاد ، كإجراء وقتي يبت فيه في أجل شهر خاصة عندما تكون الدعوى رائجة أمام القضاء، اقتناعا منه أن النفقة لها طابع اجتماعي معيشي محض، ولعل إيجابيات هذا المقتضى هي أن أجل شهر الممنوح قانونا كضمانة قوية ومفيدة للأبناء والزوجة، وأن إحساس المطلق بأنه يؤدي مبلغا مسبقا قبل البت في موضوع الدعوى يجعله يتدبر أمره قبل الطلاق، كي لا يبقى هذا الأخير فكرة شاردة صدرت منه في وقت طيش ونزوة، وأنه مجرد الإدلاء بنسخة الحكم وقبل التسجيل يؤدي إلى التنفيذ ومن شأن ذلك أن يعفى المنفق عليها من طول الإجراءات .
وبالتالي فطول الإجراءات المسطرية في دعوى النفقة من شأنه أن يخرج المنفق عليها عن جادة الطريق لتسلك سبيل الإنحراف في سبيل لقمة العيش، مما يزكي ضرورة العمل بالفصل 179 مكرر بشكل مستمر .
إلا أن أجل شهر المنصوص عليه سواء في مدونة الأسرة أو قانون المسطرة المدنية لم يرتب عليه المشرع أي جزاء إذا لم يتم احترامه، ولعل غياب هذا الجزاء هو الذي دفع البعض بالقول أنه مجرد أجل تحفيزي واستنهاضي الغاية منه التسريع من سرعة البت لا غير. خاصة وأن هناك مجموعة من العراقيل تحد من احترام هذا الأجل، من ذلك تعقد إجراءات التبليغ وما يترتب عن هذه الأخيرة من إشكالات عملية سواء داخل المغرب أو خارجه . إضافة إلى واقع وظروف العمل القضائي بأقسام قضاء الأسرة التي تحتاج إلى الكثير من الدعم سواء منها الإمكانات المادية أو البشرية .
ذلك أن الأجل المنصوص عليه في المادة 190 من المدونة لا يعدو أن يكون أجلا تنظيميا لا يلزم القضاء باحترامه خاصة وأن المشرع المغربي لم يرتب على مخالفته أي جزاء .
وكل ما هناك، أن هدف المشرع من تحديد أجل شهر للبت في قضايا النفقة هو الأخذ بعين الاعتبار الطابع المعيشي لدين النفقة متبنيا موقفا صارما تجاه الأزواج المهملين ، ومستحضرا في ذلك، الوقت الذي تأخذه القضايا أمام المحكمة مما تقتضي معه ضرورة التنصيص على القضاء بالنفقة المؤقتة في أفق الحكم نهائيا في النفقة العادية.
وعلى هذا الأساس كان لزاما أن يذيل هذه القضايا بالصبغة الاستعجالية التي تقتضيها طلبات النفقة للحكم فيها في أقرب وقت ممكن نظرا للدور الاجتماعي والإنساني والمعيشي لها.

الفقرة الثانية: مفهوم الاستعجال في طلبات النفقة

كانت مدونة الأحوال الشخصية الملغاة تنص في الفصل 119 على أن طلبات النفقة يبت فيها بصفة استعجالية، كما أن الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية جاء فيه ما يلي:"يبت في طلبات النفقة باستعجال، وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن".
فعبارة الاستعجال الواردة في هذه المقتضيات جاءت غامضة، حيث إن المشرع لم يوضح المقصود بها، بل جاءت كقاعدة عامة وشاملة لسائر مراحل البت في طلبات النفقة، انطلاقا من مرحلة البحث عن حصر وجمع العناصر الكافية لتقويم مقدارها، ونوعها إلى مرحلة الحكم، ثم مرحلة التنفيذ على المسودة رغم كل طعن .
وعليه، فهل فعلا سيتم تطبيق المسطرة الاستعجالية بشأن هذه القضايا بدءً من وضع المقال الافتتاحي إلى غاية التنفيذ، أم أن المشرع قد قصد من ذلك التسريع في المساطر وحث القضاء على البت في قضاياها في أقرب الآجال؟.
هكذا ذهب الأستاذ أحمد الخمليشي إلى أن الصفة الاستعجالية التي تتميز بها هذه الطلبات تتمثل في إحالة هذه الأخيرة على أقرب جلسة بمجرد اتصال المحكمة بها، وكذا تقليص الفترات التي تمنح للأطراف للإدلاء بأجوبتهم ووسائل دفاعهم إلى أقصى حد ممكن، فلا تتعدى فسحة تمكينهم من ممارسة ما لهم من حق الدفاع، ورفض طلبات التأخير إلا لأسباب تراها المحكمة جدية يمس رفضها بحقوق الدفاع.
فالمقصود بالاستعجال المنصوص عليه في الفقرة أعلاه -حسب هذا الرأي- هو الإسراع في مسطرة النفقة ليس إلا. ومرد عدم اختصاص القضاء المستعجل في قضايا النفقة هو تشعب الكثير من النزاعات والدفوع المتصلة بالموضوع التي تثار بشأنها، والتي تدخل في إطار اختصاص قضاء الموضوع .
ونفس الإتجاه كرسه قسم قضاء الأسرة لدى ابتدائية الرباط حيث قضى في أمر استعجالي بما يلي :"... وبالنظر في موضوع الطلب فإنه يتعلق بالنفقة والتي هي تتعلق بقضاء الموضوع ومحددة في فصول المدونة بدقة، وكان على المدعية مطالبتها أمام قاضي الموضوع وليس القضاء الاستعجالي مما يتعين والحالة هاته التصريح بعدم الإختصاص...".
إلا أن رأيا آخر يذهب عكس ذلك، حيث يؤيد تطبيق المسطرة الاستعجالية في هذه القضايا، واستند البعض على مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 179 من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها ما يلي:"تطبق في قضايا الأحوال الشخصية مقتضيات القسم الثالث والبابين الأول والثاني من القسم الرابع إذا لم تكن مخالفة لمقتضيات هذا الباب" .
بمعنى أن الباب الثاني من القسم الرابع يتضمن المقتضيات المتعلقة بالمستعجلات، وبما أن قضايا النفقة تدخل في إطار الأحوال الشخصية فإنه بالإمكان تطبيق المسطرة الاستعجالية بشأنها ما دام أن القانون الإجرائي قد أحال عليها، لأن ليس هناك نص يمنع من اللجوء إلى القضاء المستعجل بقدرما أنه أشار بشكل صريح إلى تطبيق هذه المقتضيات.
وقياسا على كثرة القضايا التي يبت فيها القضاء المذكور-والتي قد أشرت إليها في الفصل الأول- رغم عدم وجود نص صريح يقر بتطبيق المسطرة الاستعجالية بشأنها، أو حتى تسريع المساطر فيها ، فإنه ما فتئ يستجيب للكثير من الطلبات، فمن باب أولى أن تكون قضايا النفقة ضمنها، مع العلم أن المشرع قد أصبغ عليها الصفة الاستعجالية، وبالتالي فبإمكان انعقاد الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلات في طلبات تحديد النفقة وأدائها بصفة مؤقتة، ولو الإستناد على عبارة "البت باستعجال" التي أوردها المشرع، ما دام أنه افترض فيها عنصر الاستعجال، بشرط احترام الركن الآخر المتعلق بعدم المساس بجوهر النزاع.
بل حتى هذا الشرط الأخير اعتبره البعض متجاوزا ، على اعتبار أن كثيرا من النزاعات تمس بالجوهر وتعرض مع ذلك على القضاء الاستعجالي، وقد درج على التصريح باختصاصه والبت فيها . معتبرا في ذلك أن عدم المساس بالجوهر كعنصر من عناصر اختصاص القضاء المستعجل لم يبق له ذلك المفهوم الواسع، بل أصبح محددا و مقيدا بكون الدفع بأن النزاع يمس بالجوهر يجب أن يكون جديا، بمعنى من شأنه التأثير في القرار الذي يمكن أن تصدره محكمة الموضوع لو عرض عليها النزاع، فإن الدفع يعتبر غير جدي لأن هدف القضاء بصفة عامة هو الوصول إلى تحقيق العدالة بجميع الطرق التي حددها القانون وليس التشبث بالشكليات إلى درجة ضياع الحقوق .
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ أحمد أبو الوفا: "... أن الاعتبارات القانونية والعملية التي تبرر التعامل مع الشرطين المذكورين بشيء من المرونة وعدم التشدد قد تعلو عن تلك التي تتعلق بفكرة المساس بجوهر النزاع وفكرة الاستعجال، وحتى لا يكون الفهم الضيق لهذين الشرطين سببا لإهدار كثير من الحقوق، ومطية لإفراغ القضاء المستعجل من مفهومه، والقعود به عن تحقيق أهدافه...".
ومن هنا يتعين توسيع دائرة اختصاص القضاء المستعجل، لأن الإكتفاء بالقول بأن مناط تحركه غير جائز فيما هو موضوعي، وغير مستعجل دون تمطيط هذا الاختصاص من شأنه أن يجعل هذا القضاء جافا وعديم الإرادة، بعكس الحال إذا تم البت في الطلب ولو بإجراء وقتي، فإن ذلك سوف يؤدي إلى حماية وقتية قد تصبح فيما بعد حماية دائمة متى حسم القضاء في موضوع الطلب، كما أن الأخذ بذلك لا محال سيقلل من عدد الأحكام القاضية بعدم الاختصاص نظرا للمساس بالموضوع .
على اعتبار قضاء الموضوع قد يستطيع أن يتدارك الخطورة، ولكن نظام القضاء الاستعجالي بما يتوفر لديه من إمكانيات تتضح أبدع صورها في إشكالية الاستغناء عن استدعاء الأطراف يستطيع أن يوفر ضمانة أقوى وحماية أكثر . خاصة وأن الاستعجال اتسع نطاقه وأصبحت قواعده راسخة ومستقرة قابلة لاستيعاب ما يطرأ من حالات وما يجد من وضعيات يتعين البت فيها على وجه السرعة، تمشيا مع الأهداف التي أفرزت هذا النوع من القضاء وتجاوبا مع الأغراض المتوخاة من الأوامر والقرارات الصادرة في مادة المستعجلات، وكثرة القضايا الاستعجالية في القضايا الأسرية دون أن ينص عليها المشرع الأسري أو يوحي عليها ولو ضمنيا.
ومن هذا المنطلق، فإنه ما يجب الاهتمام به في هذا المجال، العمل على استقلالية جهاز القضاء الاستعجالي وتمييزه عن كل الجهات الأخرى، قصد تغطية الفراغ الحاصل في المحاكم، بسبب أن الاستعجال لا يمارسه مبدئيا إلا رئيس المحكمة الابتدائية أو من يقوم مقامه فإذا تحقق هذا، فإنه سيحقق النتائج والمرامي المقصودة من سن هذا النظام، وسيؤدي إلى تقلص ملحوظ في نسبة النزاعات والمشاكل التي تعرض على القضاء بصفة عامة .
وعلى هذا الأساس فإمكانية اختصاص القضاء المستعجل في طلبات النفقة مربوط ومكفول بتحديث وتطوير القواعد والمؤسسات القانونية للقضاء المستعجل عن طريق الاستقلالية التامة لهذا الجهاز القضائي.

المطلب الثاني: النفقة المؤقتة بين قضاء الموضوع والقضاء المستعجل

إن دعاوى النفقة كغيرها من الدعاوى الأخرى قد تتشعب لارتباطها بطلبات أخرى، وتستغرق وقتا طويلا، لا يستطيع خلالها طالب النفقة مواجهة ظروف الحياة، ولهذا كرس المشرع إمكانية الحكم بالنفقة المؤقتة ريثما يصدر الحكم في الموضوع.
إلا أن الإشكال المطروح، هو الاختصاص بالأمر بالنفقة المؤقتة، حيث عرف هذا الموضوع اختلافا وتباينا في الرأي إن على مستوى الفقه أو على مستوى القضاء، بين قائل باختصاص قضاء الموضوع بشأنها، (الفقرة الأولى) وبين رأي مخالف لذلك يقر بأن الاختصاص راجع للقضاء المستعجل (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الرأي القائل باختصاص قضاء الموضوع

تعتبر النفقة من أهم الآثار التي تترتب عن العلاقة الزوجية، حيث أحاطها المشرع بالعديد من مظاهر الحماية ، وذلك نظرا للطابع الاجتماعي والمعيشي
الذي تتميز بها، إلى جانب تغطيتها لكل ما هو ضروري للحياة العادية للإنسان .
ولهذا أفرد المشرع سواء في مدونة الأسرة أو قانون المسطرة المدنية مقتضيات خاصة بها، حرصا منه على تيسير وتبسيط الإجراءات المتبعة في التقاضي بشأنها.
هكذا جاء الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية بما يلي:"يبت في طلبات النفقة باستعجال وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن.
ريثما يصدر الحكم في موضوع دعوى النفقة للقاضي أن يحكم بنفقة مؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر من تاريخ طلبها مع اعتبار صحة الطلب والحجج التي يمكن الاعتماد عليها.
وينفذ هذا الحكم قبل التسجيل وبمجرد الإدلاء بنسخة منه".
عند قراءة هذا النص يتبين أن القضايا المرتبطة بالنفقة يبت فيها باستعجال، ودون التطويل في الإجراءات بشأنها، والقضاء بالنفقة المؤقتة تدخل في زمرة الطلبات المتعلقة بالنفقة، إلا أن كل ما في الأمر هو الاختلاف الحاصل حول المقصود بالاستعجال المذكور في الفصل أعلاه.
ذلك أنه وقع خلاف كبير بين الفقهاء والمهتمين بالشأن القانوني، بل حتى توجه العمل القضائي كرس اتجاهين بشأن المسطرة المتعبة في قضايا النفقة المؤقتة، على اعتبار أن كل واحد من هؤلاء له فهم خاص للنص القانوني حسب اقتناعه ومبرراته.
وما يهمنا في هذا الموضوع ، هو الاتجاه الذي يقر بسلوك المسطرة العادية بشأن طلبات النفقة المؤقتة، بمعنى أن قضاء الموضوع هو المختص في مثل هذه القضايا خصوصا وأن المشرع عند سنه لقانون المسطرة المدنية –سواء في ظل الفصل 179 القديم أو المعدل- لم يبين مفهوم الاستعجال الذي أورده في قانون المسطرة المدنية، مما نتج عنه تأويلات بخصوص المفهوم. حيث اعتبر أصحاب هذا الرأي أن تفسير الصياغة التشريعية التي جاء بها المشرع "باستعجال" لا تعني اختصاص قضاء الأمور المستعجلة للبت في قضايا النفقة المؤقتة، بقدر ما أن هدف المشرع من خلال اقتناعه بأن هذه الطلبات مرتبطة بالجانب المعيشي يجب الإسراع في البت بشأنها . وهو نفس الشيء ما ذهب إليه البعض عند القول بأن التنصيص بعبارة "باستعجال" في الفقرة الأولى من الفصل 179 مكررقانون م م لا يمكن تأويلها للتذرع بعرض الطلب الرامي إلى استصدار قرار بشأن النفقة المؤقتة على السيد رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات أو من يقوم مقامه أو الرئيس الأول، والحال أن المقصود من ورود هذه الكلمة على هذا الشكل هو البت في القضايا المتعلقة بالنفقة المؤقتة على وجه سريع .
هكذا قرر رئيس المحكمة الابتدائية بالقصر الكبير ما يلي:".... حيث إن المدعية تهدف من دعواها إصدار أمر يقضي على المدعى عليه بأداء نفقة لولده عن سنتين اثنتين اعتبار من تاريخ... وهو تاريخ انتهاء عدتها، مع ترك تقديرها للمحكمة... وحيث إن الفصل 179 من قانون المسطرة المدنية المحتج به من طرف المدعية ينص على ما يلي:.. وحيث يتبين من الفصل المذكور أن تحديد النفقة المؤقتة هو من اختصاص قاضي الموضوع بعد اطلاعه على الحجج التي يمكن الاعتماد عليها... ولا يجب الخلط هنا بين اختصاص قاضي المستعجلات الذي ينحصر دوره في البت في الإجراءات الوقتية المتسمة بعنصر الاستعجال مع عدم مساسها بجوهر الحق والمواد التي يتعين فيها بشكل استعجالي أي بشكل سريع، فالفرق بينهما واضح، ولا يمكن تجاهله.....
هذا فضلا عن كون طلب المدعية هو احتمالي يدخل في علم الغيب لأنه يتعلق بنفقة مؤقتة عن سنتين ابتداء من 22/4/1991 الذي لازلنا لم نصل إليه، وقاضي المستعجلات غير مختص للنظر في الطلبات الاحتمالية...." .
يتجلى من خلال هذا الحكم أن قاضي الأمور المستعجلة عند قضاءه بعدم الاختصاص بشأن النفقة المؤقتة استند على مبدأين: يتمثل الأول في أن الطلبات المتعلقة بالنفقة تدخل ضمن اختصاص قاضي الموضوع بناء على نص خاص وهو الفصل 179 م م. أما المبدأ الثاني فيتجلى في أن الطلب يتعلق بفترة زمنية مستقبلية، فهو إذن طلب احتمالي وقاضي المستعجلات غير مختص للنظر في الطلبات الاحتمالية لأنها تدخل في عالم الغيب.
وبخصوص هذا المبدأ الأخير لقي انتقادا شديدا من أحد المهتمين مؤاخذا في ذلك بأنه قد يكون المقصود بالطبيعة الاحتمالية لطلبات النفقة المستقبلية، في نظر الأمر أعلاه هو أن طالبتها لم يلحقها بعد من جراء عدم توصلها بنفقتها عن زمن لم يأت بعد أي ضرر، وهذا غير صحيح -حسب هذا الرأي-لما هو مقرر ومتفق عليه فقها واجتهادا من أنه ليس ضروريا لتوافر حالة الاستعجال أن يكون الضرر قد تحقق واقعا، والمدعى قد تضرر فعلا، بل يكفي أن تكون مصالحه وحقوقه معرضة لضرر محتمل متوقعا، كما أن تحديد المدة المطلوب بنفقتها هو الذي يبرز وقتيتها وعدم ديمومتها.
ولا يخفى على أحد من أن طلبات النفقة المؤقتة هدفها مواجهة ظروف الحياة، ومتطلباتها الآنية والمستقبلية الضرورية، أوردها المشرع لحماية الزوجة والأبناء، إلا أنها لا تتحقق إلا بتوافر الشروط المتطلبة فيها والتي تتمثل في أن تكون في إطار دعوى النفقة وبناء على طلب من صاحب الشأن، إضافة إلى ثبوت موجب من موجبات الإنفاق .
ورغم توافر هذه الشروط، إلا أننا نلاحظ في بعض الحالات أن القضاء الاستعجالي يدفع بعدم الاختصاص مقتنعا بأن طلبات النفقة المؤقتة هي من اختصاص قضاء الموضوع على اعتبار أن مقتضيات الفصل 179 من ق م م تعتبر كتوجيه عام، بمعنى أن جميع طلبات النفقة بما فيها قضايا النفقة المؤقتة يجب أن يعجل البت فيها، لأن مقتضيات الفصل السابق جاءت عامة وشاملة لجميع القضايا المرتبطة بالنفقة، ذلك أنه إذا تعلق الأمر بدعوى الموضوع كدعوى الزيادة في النفقة مثلا أو دعوى الإنفاق أساسا َتوََجبَ على القضاء الأسري أن لا يتوانى في اتخاذ ما يراه كفيلا بتحقيق غاية المشرع المتمثلة في الإسراع في البت، بمعنى أنه في جميع الأحوال هناك إرادة تشريعية تحث قضاء الموضوع على عدم التباطئ .
وفي هذا الصدد يقول أحد الباحثين :"فالمشرع المغربي أعطى للمتقاضين بناء على التعديل الوارد على الفصل 179 المشار إليه إمكانية أخرى أكثر سرعة هادفا إلى استصدار أمر ينفذ قبل التسجيل وبمجرد الإدلاء بنسخة منه، في حالة إذا استدعى الطرف المدعى عليه ولم يتوصل باستدعاء أو عين في حقه وكيل غيبي لجهل عنوانه، أو شيء من هذا القبيل مما يقيد القاضي المعروض عليه النزاع ومن تم البت في النازلة بالشكل المطلوب من طرف المشرع...".
وأضاف قائلا:"...بأنه لا داعي إلى القول بأن الأوامر المؤقتة ليست هي الأوامر الوقتية، باعتبار أن هذه الأخيرة يمكن التراجع عنها لسبب من الأسباب قد تطرأ بعد فرضها وتكون موجبة لفسخها.
في حين أن الأوامر المؤقتة تستمد طبيعتها من اسمها، ومن تم لا يمكن التراجع عنها، بل وجب خصمها من أصلها...".
وخلص الباحث إلى أن الأسلم هو عرض الطلبات الرامية إلى استصدار قرار بشأن النفقة المؤقتة على السيد قاضي الموضوع المعروض عليه الطلب الأصلي لها لتحقيق المراد من التعديل المذكور.
ويبقى هذا الرأي قابلا للنقاش ما دام أن المشرع لم يوضح المقصود بالاستعجال رغم وجود اختلافات على ساحة القضاء في ظل التشريع القديم، لكن بإنشاء أقسام قضاء الأسرة، قد يكون هناك منفذا لإيجاد هذه الحلول في أفق الاستقلالية الذاتية لهذه الأقسام وتحويلها إلى محاكم مستقلة مستقبلا ومتوفرة على قضاء مستعجل بها.

الفقرة الثانية: الرأي القائل باختصاص القضاء المستعجل

عكس ما ذهب إليه الاتجاه الذي يقر باختصاص قضاء الموضوع، هناك رأي آخر يقر بسلوك المسطرة الاستعجالية بشأن طلبات النفقة المؤقتة، وقد استند هذا الاتجاه على العبارات التي جاء بها المشرع من خلال " البت فيها باستعجال"، حيث أتاحت الفرصة لأنصار القضاء الاستعجالي لمنح الاختصاص في طلبات النفقة المؤقتة إلى رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات أو من يقوم مقامه، لأن العبارة أعلاه يقصد بها سلوك المسطرة الاستعجالية، وهذا ما قضى به رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط في أحد أوامره حيث جاء فيه ما يلي :"وحيث إن المتفق عليه فقها واجتهادا أنه يحق اللجوء إلى قاضي المستعجلات، وذلك لتحديد نفقة مؤقتة في انتظار محكمة الموضوع، إلا أن هذه الإمكانية رهينة بتوفر شرطين أولهما ألا يكون هناك نزاع في مبدأ استحقاقها وثانيهما أن تكون هناك حالة استعجال قصوى تكمن في وجود المستحق في حالة اضطرار وعوز".
هكذا صرح رئيس المحكمة الابتدائية بأنه حتى وإن كان مبدأ استحقاق النفقة غير متنازع فيه، فإن طالبة النفقة المؤقتة، لم تثبت إعسارها، مما ينتفي معها عنصر الاستعجال، ولذلك قضى بعدم الاختصاص نظرا لعدم توفر عنصر الاستعجال، بمعنى أنه أقر بأن الاختصاص في القضاء بالنفقة المؤقتة يعود إليه، إلا أن ما دفعه بأن يرفع يده عن هذه القضية هو انتفاء عنصر الاستعجال الذي يتمثل في عدم إثبات الطالبة عسرها وعوزها.
إن القضاء الاستعجالي لا ينعقد له الاختصاص إلا بتوافر شروط اختصاصه التي تتمثل في عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع، فإذا انتفت هذه الشروط أو إحداها رفع قاضي الأمور المستعجلة يده عن القضية، وبما أن الحكم أعلاه استند على عدم توفر عنصر الاستعجال للقضاء بعدم الاختصاص، فإن هناك رأي آخر في نفس الاتجاه –والذي يرى بأن الاختصاص في القضاء بالنفقة المؤقتة يعود للقضاء المستعجل- ارتكز على أن القضية تمس جوهر النزاع حيث جاء في أحد الأوامر ما يلي :".. وحيث لئن كان المبدأ المتفق عليه فقها وقضاء يقضي باختصاص قضاء المستعجل بنظر طلب النفقة الوقتية، فإن ذلك يتوقف على قيام شرطين، أولهما الاستعجال وثانيهما عدم المساس بأصل الحق بما يقتضيه هذا الشرط الأخير من أن تكون النفقة وقتية لا دائمة وأن يكون حق الطالب والسبب الذي ينبني عليه غير متنازع فيه جديا... وحيث إن الطلب أعلاه أنصب على نفقة دائمة وانقلب بالتالي إلى طلب موضوعي خارج عن ولاية القضاء المستعجل، إذ تعدى النفقة الوقتية التي يمكن لقاضي المستعجلات أن يأمر بها وفق ما تقتضيه ظروف حال الطالبة إلى أن يحسم موضوعا في أصل المديونية ...".
وعلى هذا الأساس صرح رئيس المحكمة الابتدائية بعدم الاختصاص، لأن الطلب يمس بأصل الحق الذي هو النفقة الموضوعية، لكن عند قراءة الأمر أعلاه جيدا نستخلص أنه كرس التوجه المؤيد لاختصاص القضاء المستعجل بشأن طلبات النفقة المؤقتة، وما حال دون الأمر بذلك هو عدم توفر أحد عناصر اختصاصه فقط لا غير .
ومن المعلوم أن دور القضاء المستعجل يقوم على ثلاث ركائز أساسية تتمثل في اختصار الإجراءات والمواعيد وزيادة في السرعة واقتصاد في التكاليف ، على اعتبار أن القضاء الاستعجالي جاء كضرورة حتمية لحل الإشكالات العالقة التي كان يتطلبها واقعنا الحالي وظروف العصر الحاضر من ضرورة إيصال الحقوق إلى أصحابها بسرعة دون إبطاء في الإجراءات، أو إجهادا في التكاليف أو إضاعة للجهد في سبيل السير العادي لشؤون الحياة كلها .
على أن القضايا الأسرية لا تخرج عن هذا النطاق لما لها من أهمية في حياة الأسرة، ومن تهديد لأمنها واستقرارها، فكانت حكمة المشرع أن يتم الفصل في بعض الطلبات على وجه الاستعجال، ولعل قضايا النفقة المؤقتة من أبرز الطلبات التي يسند الاختصاص بشأنها إلى رئيس المحكمة الابتدائية .
وقد كرس هذا الرأي أيضا الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمراكش حيث اقتنع بأن بقاء الطالبة بدون نفقة يشكل حالة استعجال، جاء في هذا القرار ما يلي :"... وأنه يجب ملئ هذا الفراغ بكل استعجال باستجابة للطلب الذي يبدو مستندا على أساس صحيح لا سيما أنه من الثابت أن السيدة... اعتادت أن تعيش في البذخ والبعد من مشاكب القوت وأن له عدة خدم معبئين لخدمتها وصيانة منزلها الشاسع الأطراف... وحيث إن لدنيا العناصر الكافية استنادا إلى الحالة المادية للمحجر عليه وحاجيات زوجته لمواجهة تكاليف عيشها ومنزلها لتحديد نفقتها المؤقتة في 80 درهما.."
إن القرار أعلاه يؤكد بأن الاختصاص يعود لقاضي المستعجلات بشأن القضاء بالنفقة المؤقتة، وقد ذهب إلى حد بعيد عندما قضى بتمكين الزوجة التي كانت تعيش في وضعية مادية جيدة، إلا أنها أصبحت فيما بعد ليس كذلك، بسبب صدور حكم على زوجها بالتحجير، وبالتالي قضى القضاء الاستعجالي بتمكين الطالبة بنفقة مؤقتة، نظرا لأن القاضي المكلف بالمحاجير خلف وضعية غير قانونية يجب استدراكها وملئ الفراغ الناتج عن ذلك بتحديد نفقة مؤقتة للزوجة وذلك حماية للحقوق الظاهرة وضمانا لاستقرار الأوضاع والمراكز القانونية.
هكذا نجد العديد من الآراء سواء على مستوى الفقه أو القضاء تذهب في اتجاه اختصاص القضاء بالنفقة المؤقتة يعود لرئيس المحكمة الابتدائية أو من يقوم مقامه أو الرئيس الأول، وذلك ضمانا للسرعة التي تتميز بها المسطرة الاستعجالية.
ويعزز البعض آراءه بما جاء في الفصل 179 من قانون المسطرة المدنية خاصة الفقرة الأولى منه، والتي قضت بما يلي:"تطبق في قضايا الأحوال الشخصية مقتضيات القسم الثالث والبابين الأول والثاني من القسم الرابع إذا لم تكن مخالفة لمقتضيات هذا الباب"، ذلك أن الباب الأول من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية يتعلق بالأوامر المبنية على الطلب والمعاينات، أما الباب الثاني من نفس القسم فيتعلق بالمستعجلات ، وهذا ما يوحي بأن الاختصاص في مثل هذه الطلبات ينعقد للقضاء المستعجل طبقا للباب الثاني من القسم الرابع الذي ينظم المساطر المتبعة في القضايا الاستعجالية.
بمعنى أن الفصل 179 المذكور صريح في تطبيق المساطر الخاصة بالإستعجال في مثل هذه القضايا إذا لم تكن مخالفة لمقتضيات الباب الذي ورد في الفصل المذكور، وبالتالي فالرأي فيما أعتقد أن الباب الثالث الذي وردت فيه المساطر المتعلقة بالأحوال الشخصية ومنها قضايا النفقة المؤقتة، لا يتضمن أي مسطرة أو إجراء مخالف للمساطر الخاصة بالإستعجال، بل العكس كان من الأجدر على القضاء المستعجل أن يأخذ بعين الاعتبار الإحالة على المساطر الاستعجالية ، وهو يبت في طلبات النفقة المؤقتة مع مراعاة شرطا الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع، أي بمجرد أن تظهر له حاجة المدعى الملحة إلى النفقة وانعدام المورد الآخر للرزق وكون أن النفقة وقتية لا دائمة، إضافة إلى حق المدعى والسبب الذي يبنى عليه طلبه غير متنازع فيه جديا ، فإنه يمكن له أن يحسم فيها.
هذا ما ذهب إليه القضاء المصري حيث كرس تطبيق المسطرة الاستعجالية بشأن النفقة المؤقتة لكن بتوفر الشروط المتطلبة فيها معتبرا في ذلك أن مناط الاستعجال في النفقات المؤقتة أن تثبت الحاجة الملحة لطالبها وأن تظهر أنه ليس له مورد رزق في الحياة سوى الاستحقاق أو الحساب الذي يطلب تقدير النفقة منه، ووجه عدم المساس بالموضوع أن يكون أصل الحق غير مذكور وأن يظهر من ظروف الدعوى أنه يحتمل هذا التقدير الموقوت، وأن لا يقوم مانع قانوني من الآراء معجلا، فإذا ظهر أن للطالب مواد أخرى انتفى الاستعجال، وإذا قام نزاع في أصل الحق وفي صحة الأداء امتنع القضاء المستعجل من التصدي للمسألة حرصا على سلامة الموضوع .
وبالمقابل للفصل 179 من ق م م،نجد المشرع الجزائري ينص في المادة 57 مكرر من قانونه الأسري على ما يلي:" يجوز للقاضي الفصل على وجه الاستعجال بموجب أمر على عريضة في جميع التدابير المؤقتة ولا سيما ما تعلق منها بالنفقة والحضانة والزيارة والمسكن".
وقد ذهب القضاء الجزائري في اتجاه اختصاص القضاء المستعجل بشأن النفقة المؤقتة وذلك طبقا للمادة 57 مكرر. حيث قضت المحكمة العليا بأن قاضي الاستعجال مختص للحكم للزوجة وللأبناء بنفقة قبل الفصل في الدعوى من حيث الموضوع .
فحبذا لو اتخذ العمل القضائي الاستعجالي المغربي نفس المنحى، مع العلم أن هناك كثير من الإيحاءات التي ترشد القاضي المستعجل بانعقاد الاختصاص له، وذلك من قبيل الإحالة على المساطر الخاصة للمستعجلات، وكذا مفهوم الاستعجال الوارد بالفصل 179 المذكور، إضافة إلى مسألة في غاية الأهمية ألا وهي إيراد المشرع مصطلحي "الأوامر" و "الأحكام"، وبالتالي قد يعتمد القاضي المستعجل على مفهوم "الأمر" كقرينة تمنحه الاختصاص، مادام أنه يصدر أمرا وليس حكما، لأنه لو قصد المشرع أن البت في قضايا النفقة المؤقتة من اختصاص قضاء الموضوع دون غيره فما هو الداعي من إيراد مصطلح "الأمر"؟ .
إضافة إلى كل هذا، هناك رأي آخر يتمثل في استفادة قاضي الموضوع من المسطرة الاستعجالية، ذلك أن الاختصاص المخول لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة في إطار الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية ينتقل إلى قاضي الموضوع في إطار نفس الفصل عندما يتعلق الأمر بالحالة المنصوص عليها في الفصل 179 أعلاه، بدليل أن قاضي الموضوع إذا استفاد من هذه المسطرة يكون قد استكمل جميع الأدوات التي تؤهله لكي يلتجئ إليه المتقاضي طالب النفقة المؤقتة باعتباره أيضا أكثر إحاطة بالملف من غيره .

المبحث الثاني: الحماية الإستعجالية للأحكام القاضية بالنفقة أثناء التنفيذ

يعتبر تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية هدفا يسعى لبلوغه كل من لجأ إلى القضاء للمطالبة بحقوقه، فالتنفيذ هو الوسيلة التي تترجم هذه الأحكام والقرارات إلى واقع ملموس، ذلك أن الحماية القضائية للحقوق لا تنعقد إلا بتمام تنفيذ الأحكام.
وقد اهتمت التشريعات الوطنية كغيرها المقارنة بالتنفيذ، وأعطت له أهمية بالغة خاصة في القوانين الإجرائية، حيث ميزت بين ثلاث أنواع من التنفيذ، تنفيذ عادي، وتنفيذ معجل، وتنفيذ مؤجل.
وبما أن قضايا التنفيذ تكتسي أهمية في القضايا الأسرية عامة وطلبات النفقة خاصة، فإن المشرع جعل الأحكام الصادرة عن هذه الأخيرة مشمولة بالتنفيذ المعجل بقوة القانون، نظرا لما لها من طابع اجتماعي معيشي وضمانا لمن له الحق فيها، حيث أضفى السرعة والعجلة في تنفيذ حكم النفقة من خلال مقتضيات المسطرة المدنية وكذا مدونة الأسرة (المطلب الأول).
وبما أن قضايا التنفيذ تعترضها بعض الإشكالات والمنازعات، فإن قضايا النفقة لا تخلو من هذه المنازعات وإثارة الصعوبة بشأنها، الأمر الذي يتطلب لضمان تنفيذ الأحكام القاضية بالنفقة وفض النزاعات المتعلقة بالدعاوي المدنية عامة وقضايا النفقة خاصة، تفعيل مؤسسة قاضي التنفيذ، (المطلب الثاني).

المطلب الأول: شمول الأحكام القاضية بالنفقة بالنفاذ المعجل القانوني

يعتبر التنفيذ المعجل القانوني من بين مظاهر الحماية التي أقرها مشرع القانون الإجرائي على بعض الأحكام والقرارات التي لها أهمية خاصة، تقتضي معها العجلة في التنفيذ ولا تحتمل التأخير، حيث أورد المشرع في قانون المسطرة المدنية الكثير من القضايا المشمولة بالنفاذ المعجل القانوني، ومن بين أبرز هذه القضايا تلك الأحكام الصادرة في طلبات النفقة، إذ أكد أنها تنفذ على الأصل نظرا للخصوصيات التي تنفرد بها.
وعليه فما هو مفهوم النفاذ المعجل القانوني الذي تتميز به هذه القضايا؟ (الفقرة الأولى)، وهل يمكن إيقاف التنفيذ المعجل القانوني من طرف القضاء مع وجود نص صريح يمنع ذلك (الفقرة الثانية)؟.

الفقرة الأولى: مفهوم النفاذ المعجل القانوني

القاعدة العامة في التشريع المغربي أن الأحكام غير الحائزة على قوة الأمر المقضي به ليست لها القوة التنفيذية ما دامت قابلة للطعن فيها بالتعرض والاستئناف، أو تم الطعن فيها فعلا بإحدى هاتين الوسيلتين، حيث إن قوتها التنفيذية تبقى معطلة حتى تحوز قوة الأمر المقضي به.
وإذا كان تقرير هذه القاعدة أملاها حرص المشرع على وجوب تأكيد حق الدائن تأكيدا كاملا قبل أن يسمح له باقتضاء حقه جبرا، فقد راعى أن تأخير التنفيذ حتى يحوز الحكم قوة الأمر المقضي به قد يضر في بعض الأحيان بمصلحة الدائن ضررا بليغا .
ولهذا سمح المشرع في بعض الحالات الاستثنائية بالتنفيذ المعجل للأحكــام

لأسباب تتعلق إما بصفات الدائن أو بصفات الدين .
وقد تعرض في المادة 147 ومواد أخرى متفرقة من قانون المسطرة المدنية لهذا النوع من التنفيذ ، وميز بين نوعين من التنفيذ نفاذ معجل قانوني مقرر بإرادة المشرع المباشرة ونفاذ معجل قضائي يرجع لإرادة القاضي وسلطته .
وتبعا لذلك، فأين تدخل أحكام النفقة في هذين النوعين؟.
للجواب على هذا السؤال، لابد من الإشارة إلى أن الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية نص على ما يلي:"يبت في طلبات النفقة باستعجال وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن".
عند قراءة هذا الفصل يتضح أن الأحكام الصادرة في قضايا النفقة مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني، ولا تكون متوقفة على السلطة التقديرية للقاضي، ولا أن ينص عليها في منطوق الحكم، ولا حاجة للمحكوم له طلب نفاذها معجلا، لأنه نفاذ بقوة القانون، لأن جميع أنواع النفاذ تستمد وجودها من القانون، بل لأنه يستمد منه مباشرة .
فالنفاذ المعجل يثبت للأحكام القابلة للتنفيذ الجبري الذي ينصب على أحكام الإلزام دون الأحكام المقررة أو المنشأة ، بمعنى تشمل الأحكام التي تنطوي على عنصر إلزام شيء ما مما يجوز اقتضاؤه جبرا، كالحكم بتقدير النفقة أو زيادتها، وعليه فلا مجال للقول بإمكانية التنفيذ المعجل بالنسبة للأحكام التي ترفض تقرير أو زيادة نفقة، ويستوي أن تكون هذه الأحكام أو الأوامر موضوعية أو وقتية .
وتظهر الحكمة من إشمال أحكام النفقة بهذا النوع من النفاذ المعجل، أن صدور الحكم قائم على حالة استعجالية تقتضيها الظروف المعيشية، فكان لزاما أن ينسجم الحكم مع هذه الحالة التي يراعى لتنفيذها السرعة والعجلة، وإلا لما كان لوصف هذه الأحكام بكونها تستدعي الاستعجال أية أهمية أو فائدة، ولما أدت الوظيفة التي قررت من أجلها .
على اعتبار أن المشرع كان أكثر تجاوبا مع صاحب الحق في النفقة، بسبب إلمامه واقتناعه بالوضع المعيشي لمثل هذه القضايا، والوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي قد يتخبط فيه، والذي لا يحتمل الانتظار باعتبار أن النفقة تعد كمصدر عيش له، وبالتالي كان لزاما الأخذ بإشمال قضايا النفقة بالتنفيذ المعجل وفقا للفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية.
هكذا فإقرار المشرع لقاعدة النفاذ المعجل القانوني لأحكام النفقة، يظهر الرعاية والامتياز اللذين خص بهما مستحق النفقة .
على أن إصباغ الأحكام القاضية بالنفقة بالنفاذ المعجل، لم يكن بنص صريح يشير إلى أن هذه الأحكام مشمولة بهذا النوع من النفاذ، بل أشار إليها ضمنيا فقط وذلك من خلال الفقرة الأولى من الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية التي جاء فيها:"يبت في طلبات النفقة باستعجال وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن". وفي هذا الصدد يقول الأستاذ محمد السماحي:"... نجد الفصل ... قد تعرض لآثار الحكم الصادر في النفقة، وهو إن لم يستعمل اصطلاح النفاذ المعجل المتعارف عليه في قانون المسطرة المدنية، إلا أنه قد قصد ترتيب نفس آثاره بالنسبة لهذا النوع من الأحكام، وبقوة القانون..." .
فعند قراءة الفقرة الواردة في الفصل أعلاه، نستنتج أنها أفادت شيئين. الأول إجراء مسطري القيام به من اختصاص القاضي الذي تعرض عليه النزاعات بشأن النفقة ليصدر أمره فيها، والثاني إجراء تنفيذي والقيام به من اختصاص قسم التنفيذ، وهذا الأمر يعتبر سلاحا قويا بيد الساهر على تنفيذه سيما إذا تعلق الأمر بنفقة وقتية ومستقبلية، والتي هي قوام الحياة، فبتنفيذه تتمكن الحاضنة مثلا من القيام بشؤون محضونها والمحافظة على نفسه، على اعتبار أن أول ما جاءت به المقاصد الشرعية المحافظة على النفس، وهذا لا يتأتى إلا من خلال الإنفاق عليها والقيام بضرورياتها .
ولتعزيز المشرع هذا النوع من الأحكام وإشمالها بالتنفيذ المعجل أورد في المادة 191 من مدونة الأسرة خاصة الفقرة الثانية منها ما يلي:"الحكم الصادر بتقدير النفقة، يبقى ساري المفعول إلى أن يصدر حكم آخر يحل محله، أو يسقط حق المحكوم له في النفقة"، بمعنى أن المشرع حدد حجية الحكم القاضي بالنفقة عندما قضى بأن الاستئناف لا يؤثر في إيقافها حتى يصدر حكم آخر يحل محله، أي أنه قرر إشمال هذا النوع من الأحكام بالنفاذ المعجل وإن لم يصطلح عليها بالتنفيذ المعجل بشكل صريح .
وعلى هذا الأساس، إذا كانت الدعوى تتعلق بطلب نفقة، سواء كانت للزوجة أو لمحضونها وجب على المحكمة البت فيها بشكل استعجالي، وينفذ الحكم الصادر في هذه القضايا تنفيذا معجلا، قبل تسجيله، وبمجرد الإدلاء بنسخة منه .
وإذا كانت هذه الأهمية الكبرى التي تتميز بها الأحكام القاضية بالنفقة، فما مدى إمكانية إيقافها من طرف القضاء رغم أنها مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني؟.

الفقرة الثانية: مدى إمكانية إيقاف حكم النفقة المشمول بالنفاذ المعجل القانوني

النفاذ المعجل صورة من صور الحماية المؤقتة يحمي الحق الظاهر ، فكل حكم صادر في قضايا النفقة مشمول بالنفاذ المعجل ويصلح أن يكون سندا للتنفيذ ولو كان ابتدائيا ، وذلك نظرا للأهمية التي أشرت إليها في الفقرة السابقة.
لكن ومراعاة للعجلة التي تتميز بها الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل، يقتضي معه التساؤل حول إمكانية إيقافها من طرف القضاء، إذا اقتضت الضرورة ذلك.
وبالرجوع إلى مقتضيات قانون المسطرة المدنية خصوصا الفصل 147 منها حيث قضى في الفقرتين الثالثة والرابعة بما يلي:".... غير أنه يمكن تقديم طلبات إيقاف التنفيذ المعجل بمقال مستقل عن الدعوى الأصلية أمام المحكمة التي تنظر في التعرض أو الاستئناف.
تستدعي المحكمة، بمجرد ما يحال عليها هذا المقال الذي يجب أن لا يضاف إلى الأصل، الأطراف للمناقشة والحكم في غرفة المشورة حيث يمكن لهم أن يقدموا ملاحظاتهم شفويا أو كتابيا، ويجب أن تبت المحكمة داخل ثلاثين يوما..".
وجاءت الفقرة الأخيرة من نفس الفصل بما يلي:"لا تطبق مقتضيات الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة من هذا الفصل إذا كان التنفيذ المعجل بقوة القانون".
هكذا يتبين من خلال الفقرات السابقة أن المشرع نص بشكل صريح بأن الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل القانوني لا يجوز إيقافها، ولا يمكن أن تطبق في حقها المقتضيات التي تخص النفاذ المعجل القضائي، معنى هذا أن المشرع قد أفرد أحكاما خاصة للنفاذ المعجل القضائي دون القانوني.
وفي هذا السياق، هل بالإمكان إيقاف تنفيذ الأحكام القاضية بالنفقة والتي تنفذ بقوة القانون؟ أم أن القضاء لا يحق له ذلك؟.
هكذا نجد المجلس الأعلى قضى بأن:"الأوامر الصادرة في طلبات النفقة تنفذ بقوة القانون الأمر الذي يجرد محكمة الاستئناف من سلطة البت في طلبات إيقاف النفقة....." .
فالمجلس الأعلى في هذه القضية نقض قرار محكمة الاستئناف الذي بت في قضية تتعلق بالنفقة والتي تكون مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني، رغم أن هذا الأخير لا يجوز البت فيه إطلاقا عن طريق إيقافه، وذلك طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 147 المذكور التي أقرت بأنه لا يمكن تطبيق المساطر المتبعة في طلبات إيقاف التنفيذ المعجل الوجوبي وكذا الجوازي على طلبات التنفيذ المعجل القانوني.
ذلك أن التنفيذ المعجل القضائي يمكن إيقافه عن طريق رفع طلباته إلى غرفة المشورة للبت فيه على وجه السرعة وفي أجل لا يتعدى ثلاثين يوما .
فقصد المشرع من منع إيقاف التنفيذ المعجل بقوة القانون هو حماية المحكوم له من الأضرار التي قد تصيبه من جراء البطء والتأخير في التنفيذ، وبالتالي افترض في قضايا النفقة أن تكون مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني نظرا لطبيعتها المعيشية والاجتماعية، فإذا تم إثارة هذه المسطرة أمام المحكمة -غرفة المشورة- فإنه قد تنتفي الغاية والقصد من الخصائص التي تنفرد بها قضايا النفقة ، خاصة وأن المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل 179 مكرر من قانون المسطرة المدنية ذهب إلى حد بعيد، عند القضاء بالنفقة المؤقتة، وأشار إلى أن الحكم الصادر فيها ينفذ قبل التسجيل وبمجرد الإدلاء بنسخة منه ، بمعنى أنه أقر التنفيذ على الأصل أو المسودة التي يحررها القاضي بخطه أو بإملائه والمشتملة على منطوق الحكم وأسبابه قبل تهييئها من طرف كتابة الضبط واتخاذها للشكل النهائي .
وفي هذا الإطار، وأمام الحماية التي اقرها المشرع للمحكوم له عند تنفيذ الحكم القاضي بالنفقة، ورغم الامتيازات التي تم إيرادها أعلاه والدواعي من وراء منع إيقاف تنفيذ حكم النفقة، فإننا نجد رئيس استئنافية ورزازات قضى بإيقاف النفاذ المعجل في الحكم القاضي بالنفقة إلى حين البت في استئناف نفس الحكم .وذلك بعد أن كرس المجلس الأعلى نفس التوجه في أحد قراراته ،حيث خرج عن مقتضيات الفصل147 المذكور أعلاه ، التي أقرت عدم إيقاف التنفيذ المعجل القانوني، وذلك لاعتبارات تتعلق بالنظام العام أكثر من التمسك بالمقتضيات المسطرية، بمعنى أعطى الامتياز لفكرة النظام على حساب المبادئ القانونية العامة لأحكام التنفيذ المعجل بقوة القانون، وكذا التخفيف من صرامة المقتضيات المتعلقة بإيقاف التنفيذ المعجل في الفقرة الأخيرة من الفصل 147 المذكور، التي تمنع إيقاف النفاذ المعجل القانوني .
وتتعلق هذه القضية في أن الولد المحكوم له بالنفقة مولود لأقل من المدة الأدنى للحمل، أي أقل من ستة أشهر من تاريخ عقد الزواج، وبالتالي لا يلحق نسبه الموجب للنفقة على طالب إيقاف التنفيذ، بحيث يقتضي معه العدول عن القواعد الإجرائية والاستجابة لطالب الإيقاف، لأن رفض إيقاف تنفيذ هذا الحكم يشكل إقرار تنفيذ حكم صدر لفائدة شخص بشيء لا يستحقه، لأنه ولد في أقل من مدة الحمل، وهي قاعدة لا تقرها شريعة من الشرائع .
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ محمد الصقلي عند تعليقه على هذا القرار:"... بأنه من العدل الاستجابة لطلب إيقاف تنفيذه، معتبرا أن حالة هذه النازلة من الحالات التي تجد سندها في النص المسطري الذي قيد الفقرة الثانية من الفصل 179 التي جاء فيها ما يلي:مع اعتبار صحة الطلب و الحجج التي يمكن اعتمادها... ومن حق المحكمة الواضعة يدها على القضية أن تراقب مدى صلاحية الطلب والحجج وأن تبت على ضوء القيدين المشار إليهما، الأمر الذي يستلزم القول بأن الأحكام الصادرة بالنفقة، وإن كانت تنفذ بقوة القانون، فإنها تخضع لمسطرة إيقاف التنفيذ المعجل بعد الطعن فيها بالاستئناف.... وأنه متى اختل شرط من الشرطين المذكورين وكان مآل الحكم المطعون فيه هو الإلغاء أو النقض فإنه يستجيب لطلب الإيقاف صونا للحقوق وتحقيقا للعدالة..".
ولهذا فإمكانية رفع الأمر إلى القضاء لتدارك الموقف الذي قد يصدر عن المحكمة الابتدائية، يبقى صعب التحقق نظرا للصعوبات والعراقيل التي تحول دون تحقيق الأهداف من ذلك، وكذا صراحة الفقرة الأخيرة من الفصل 147 المذكور وبالتالي يبقى المنفذ الوحيد الذي قد يسلكه المتضرر من الحكم هو إيقاف التنفيذ للصعوبة بدل من إيقاف التنفيذ ، ما دام أن الأول يهدف إلى نفس الغاية بمعنى كليهما يؤديان إلى الإيقاف ، وهذا ما نجده مكرس في العمل القضائي حيث اعتبر هذا الأخير بأنه يمكن إيقاف تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون عن طريق إثارة صعوبات في تنفيذه .
ذلك أن هذا الأخير قد منعته القواعد الإجرائية من إيقافه لأن توجه القرارات السابقة الذكر ما هي إلا استثناءات تم فيها تغليب النظام العام على حساب القواعد الإجرائية ليس إلا .

المطلب الثاني: دور القضاء المستعجل في البت في منازعات تنفيذ قضايا النفقة

تعرض المشرع المغربي للصعوبات في تنفيذ الأحكام القضائية في الفصول 26، 149، و468، 482 و491 من قانون المسطرة المدنية، ويقصد بالصعوبات في التنفيذ عامة كل ما يعترض تنفيذ الحكم القضائي سواء كانت ذات طابع واقعي أو طابع قانوني، لكن التمييز الذي دأب عليه الفقه هو الصعوبات الموضوعية والصعوبات الوقتية.حيث إن هذه الأخيرة ينعقد الاختصاص بشأنها لقاضي الأمور المستعجلة.
وعليه، فما هو دور القضاء المستعجل أثناء إثارة الصعوبات الوقتية أثناء تنفيذ الأحكام القاضية بالنفقة (الفقرة الأولى)؟.وهل مازال الوقت لم يحن لتفعيل مؤسسة قاضي التنفيذ لتفادي الكثير من الإشكالات والتخفيف من العبئ الموجود على كاهل القضاء المستعجل (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى:البت في الصعوبات الوقتية المتعلقة بتنفيذ حكم النفقة

إن الصعوبات في التنفيذ من أكثر القضايا المعروضة على القضاء باستمرار ، بحيث يكاد لا يخلو أي ملف تنفيذي من إثارة هذا الإشكال إلى درجة أن أصبح موضوع الصعوبات ملفتا للنظر ومحط بحث من قبل الفقه والقضاء على حد سواء .
وقد أشار المشرع المغربي إلى الصعوبات الوقتية التي قد تعترض التنفيذ في الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية ، إضافة إلى مواد أخرى كالمادة 436 من نفس القانون، إلا أنه لم يعرف الصعوبة في التنفيذ، تاركا هذه المهمة إلى الفقه والقضاء لتحديد مفهومها.
فقد عرفها البعض بأنها تلك المنازعات التي يثيرها الأطراف المنفذ لهم أو المحكوم عليهم، أو العون المكلف بالتنفيذ وذلك بهدف إيقاف عملية وإجراءات التنفيذ .
في حين اعتبرها البعض بأنها تلك التي ترمي إلى اتخاذ إجراء وقتي يقضي بوجودها، وبإيقاف نفاذ السند التنفيذي مؤقتا، إلى غاية النظر في أصل النزاع، وإلى حين البت موضوعيا في أمر هذه الصعوبة .
فبالرجوع إلى مقتضيات المسطرة المدنية، نجد أن المشرع قد أسند مهمة الفصل فيها للقضاء الإستعجالي ، وذلك من أجل اتخاذ الحماية الوقتية التي يبررها الخطر الداهم الذي يتعرض له حق صاحب المصلحة في رفع الإشكال الوقتي، إذ أن هذا الخطر هو الذي يشكل ركن الاستعجال الذي اعتبره المشرع متوافر بقوة القانون في كافة صعوبات التنفيذ المستعجلة .
ذلك أن الصعوبات التي تثار أمام القضاء المستعجل في النزاعات الوقتية المعروضة عليه بالنسبة لتنفيذ حكم نهائي أو مشمول بالنفاذ المعجل وقابل للتنفيذ، يقتضي أن تتوفر فيه الشروط المتطلبة لذلك، من بينها توفر عنصر الاستعجــال ،

وعدم المساس بجوهر النزاع وكذا جدية الطلب .
فأما عنصر الاستعجال المنصوص عليه في الفصل 149 المذكور هو الذي يخول لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات أو من يقوم مقامه أو الرئيس الأول، أن يضع يده على القضية، لدفع ضرر مؤكد عن طالبه، وعلى من يدعي الصعوبة أن يثبت الاستعجال وعلى خصمه أن يدفع بعدم توفره على ذلك لأنه من النظام العام .
مع العلم أن هناك من يقول بأن طبيعة هذه الصعوبة هي نفسها التي تخلق الاستعجال، لأن كل حكم اكتسى قوة الشيء المقضي به أو كل سند قابل للتنفيذ أثيرت حوله صعوبة في تنفيذه، يتعين البت في تلك الصعوبة المثارة على وجه الاستعجال .
بمعنى أن إشكالات التنفيذ تعتبر مستعجلة بطبيعتها، لأنها تتضمن دائما ضررا عاجلا يتمثل بالنسبة لطالب التنفيذ مثلا في تعطيل قوة سند تنفيذية .
وبتتبع العمل القضائي الاستعجالي في القضايا الأسرية نجده قد تمسك بما سنه المشرع من ضرورة توفر شرط الاستعجال في دعاوى الصعوبات الوقتية المتعلقة بتنفيذ الحكم القاضي بالنفقة، وإن كان هذا الحكم مشمول بالنفاذ المعجل القانوني.
على أن الاختصاص يعود إما لرئيس المحكمة الابتدائية أو للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف عندما يكون النزاع معروضا على محكمة هذا الأخير .
هكذا قضى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط أن طلب الصعوبة وإن كان يدخل ضمن القضايا الاستعجالية التي يخضع البت فيها رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات، فإنه في حالة وجود نزاع معروض أمام محكمة الاستئناف مارس هذه المهام رئيسها الأول طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 149 من ق.م.م.
وقد يتبادر إلى الذهن بأن الأحكام القاضية بالنفقة لا يمكن إيقافها بصريح الفقرة الأخيرة من الفصل 147 من ق.م.م، التي أقرت عدم إيقاف التنفيذ المعجل القانوني.إلا أن هناك وسيلة أخرى ألا وهي إيقاف التنفيذ لصعوبة تعتريه، ذلك أن هذا الأخير يدخل في نطاق الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية، ويختلف في مجمله عن عدم إيقاف التنفيذ في إطار الفصل 147 من نفس القانون، كما أن آثار الصعوبة تنسحب على جميع الأحكام، كانت نهائية أو مشمولة بالنفاذ المعجل، بينما الثاني يقتضي المطالبة به في الحكم المطعون فيه فقط .
وهو نفس الشيء ما ذهب إليه الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف بالرباط حيث قضى : "... وحيث إن هناك اختلافا بينا وأساسيا بين الأساس القانوني للصعوبة في التنفيذ وإيقاف التنفيذ، وحيث إن الأحكام بالنفقة إن كانت مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون.ولا يمكن إيقاف تنفيذها طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 147 من ق م م فإن ذلك لا يمنع من تقديم طلب الصعوبة في التنفيذ بشأنها في حالة ما إذا كانت هناك أسباب جدية يمكن اعتمادها لتقديم هذا الطلب".
بمعنى أن القواعد الإجرائية صريحة في أن الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون لا يمكن إيقافها تبعا للفصل 147 المذكور، حيث يحق لطالب الإيقاف أن يسلك مسطرة إيقاف التنفيذ للصعوبة وذلك طبقا للفصلين 149 و436 من ق م م، لأنه إذا أثار إيقاف تنفيذ الحكم القاضي بالنفقة طبقا للفصل 147 فإن القضاء المستعجل لا يستجيب له، وإلا سيكون قد خالف القواعد المسطرية .
ومن المعلوم أن اختصاص القضاء المستعجل يقيده شرط الاستعجال المشار إليه أعلاه وكذا عدم المساس بجوهر النزاع. فإذا رأى القاضي المذكور بأن دعوى الصعوبة تمس جوهر النزاع فإنه لا محالة سيحكم بعدم الاختصاص ، أو رفضها وعدم قبولها حسب الأحوال.
وفي هذا الصدد قرر الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط في دعوى نفقة نص القاضي الابتدائي في حكمه على عدم شمله بالنفاذ المعجل معللا ذلك بوجود نزاع حول نسب الابن المستحق، فأثارت المحكوم لها والدة الطفل صعوبة في التنفيذ ملتمسة الأمر به على اعتبار أن أحكام هذا الصنف من القضايا التي تعتبر مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، إلا أن الرئيس المذكور لم يجد بدا من رفضها بعد أن اتضح له أن القاضي الابتدائي تصدى بحق أو بغير حق لموضوع النفاذ المعجل وناقشه وعلل موقفه بخصوصه. مما يجعل استجابته للطلب منطوية على مساس صارخ بحجية الحكم.
فالنظر في طلب الصعوبة قد يكون في بعض الأحيان في جزئية فقط دون أن يطال الحكم بأكمله، كمن يطالب بإيقاف تنفيذ حكم نظرا للصعوبة القانونية التي تعتري جزئية منه فقط، كمثال على ذلك، الزوج الذي يطالب بوجود صعوبة في تنفيذ حكم قضى بالنفقة، رغم أن زوجته استصدرت بعد ذلك حكما بالتطليق للشقاق، وبالتالي فهنا تظهر صعوبة جزئية تعتري تنفيذ هذا الحكم-السند- فيما يخص استخلاص نفقة الزوجة-المطلقة-ابتداء من تاريخ تطليقها للشقاق، يقتضي معه الأمر بإيقاف إجراءات استيفاء النفقة ابتداء من تاريخ التطليق .
وهنا يتبين أنه من العدل أن يحكم القضاء المستعجل لصالح طالب الصعوبة، على اعتبار أن الزوجة قد أصبحت أجنبية عنه، فلا مجال للقول بالنفقة عليها، مما يتضح بجلاء أنه من البديهي أن يستجيب القاضي المذكور لهذا الطلب تحقيقا للعدالة والاستقرار في المعاملات.
إضافة إلى شرط الاستعجال وكذا عدم المساس بجوهر النزاع، هناك شرط آخر نص عليه الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية وهو أن تكون الصعوبة جدية ، بمعنى أن رئيس المحكمة عند النظر في الوثائق المدلى بها له حق الاطلاع عليها على وجه الاستئناس ويتحسس فيه وجه الصواب في الإجراء المطلوب منه ، فإذا تبين له وجه الصعوبة الجدية أمكن له البت فيها.
هكذا جاء في أمر استعجالي صادرعن رئيس المحكمة الابتدائية بتمارة ما يلي : "وحيث إن مباشرة إجراءات التنفيذ المنصبة على مستحقات الإبن المتمثلة في النفقة وأجرة الحضانة وواجب السكن... تعتريه بالنظر لمقتضيات الحكم المشار إليه صعوبة قانونية، علما بأن السند المنفذ بمقتضاه لم يحدد هذه المسحقات بناء على طلب المدعى عليها، وإنما تلقائيا عقب قضائه بالتطليق بين الطرفين للشقاق... وحيث يرسخ قيام الصعوبة... أن المطلوبة لا تنازع البتة في عيش الإبن في كنف والده منذ... إلى الآن في جوابها... أو في ردها على دعوى إسقاط الحضانة وحيث نرى تبعا لذلك ولما تقدم أن الصعوبة المثارة تنبني على أساس من الجد... والأمر بإيقاف إجراءات تنفيذ الحكم الأنف الذكر في شقه المتعلق بنفقة الإبن وأجرة الحضانة وواجب سكناه...".
وعلى هذا الأساس فإذا كانت الادعاءات المطلوبة المتعلقة بوجود صعوبة جدية فإنه لا محالة سيستجيب القضاء المذكور للطلب، أما إذا كانت مجرد وسيلة للمماطلة والتسويف فإنه في هذه الحالة لا يلتفت إليها ويغض النظر عن الطلب.
وأمام هذه الحالات التي تعرض على القضاء بشأن إيقاف تنفيذ الأحكام القاضية بالنفقة لصعوبات تعتريها، إضافة إلى قضايا أخرى تهدف إلى نفس الغاية، كانت معها مؤسسة القضاء الاستعجالي كمرجع للنظر في الطلبات المتعلقة بإيقاف التنفيذ للصعوبة، إلا أن هذه القضايا تشعبت كثيرا، وأصبح القضاء المذكور، غير قادر على استيعاب الكثير منها نظرا لكثرة الملفات المعروضة عليهم في هذه القضايا أو غيرها، إلى جانب مهمتهم الإدارية باعتبارهم كرؤساء المحاكم.
ولهذا كان من الأجدر على المشرع أن يستحدث مؤسسة قاضي التنفيذ كمؤسسة مستقلة بذاتها، تختص في كل ما يتعلق بقضايا التنفيذ وضمان استمراريتها والنظر في كل ما من شأنه أن يعرقل الهدف المنشود من إصدار الأحكام في القضايا المدنية عامة والأسرية خاصة و على وجه التحديد طلبات النفقة.

الفقرة الثانية: تفعيل مؤسسة قاضي التنفيذ

إن الهدف من اللجوء إلى القضاء هو اقتضاء الحقوق وتنفيذ الحكم القضائي، غير أن هذا التنفيذ يعرف بطء وصعوبات تؤثر سلبا على حجية الأحكام القضائية، حيث إن هذه العوائق معظمها مرتبطة بشخص المنفذ عليه، إذ يسعى دائما إلى عرقلة التنفيذ، وذلك عن طريق صعوبات يثيرها أثناء التنفيذ، أوفي شكل دعاوى فرعية يقوم بها، إلى جانب ممارسته لصعوبات التنفيذ، كالطعن في التبليغ وصحته مثلا ، أو في شكل شكايات كيدية ضد الشخص المكلف بالتنفيذ، أو اللجوء إلى طرق الطعن التي من شأنها عرقلة هذا التنفيذ .
وأمام هذه المعوقات إضافة إلى حالات أخرى يواجهها طالب التنفيذ، تؤثر سلبا على القضايا عامة، والأحكام الصادرة في القضايا الأسرية خاصة، وذلك نظرا لما لها من خصوصيات تتميز وتنفرد بها عن القضايا المدنية الأخرى، وبالتالي تبقى تلك الأحكام الصادرة بشأنها مجردة من الهدف المنشود من اللجوء إلى القضاء، سيما ما يتعلق بتنفيذ الأحكام القاضية بالنفقة، فرغم شمول هذه الأخيرة بالنفاذ المعجل القانوني، إلا أنه قد يجد المحكوم عليه منفذا عن طريق إثارة إيقاف التنفيذ للصعوبة، من أجل التأخير في التنفيذ وعرقلته، وبالمقابل يكون المحكوم له لم يصل إلى مبتغاه من رفع دعواه.
والمتمعن في الجهات القضائية المختصة للبت في منازعات التنفيذ، يجدها متعددة وغير متناسقة ، بحيث يختص رئيس المحكمة الابتدائية في صعوبات التنفيذ، وذلك طبقا للفصل 149 من ق.م.م ، وترجع صلاحية البت فيها للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف إذا كان النزاع معروضا على محكمته .
كما يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده طبقا للفصل436 من نفس القانون ،
كما يختص قاضي الموضوع في الصعوبات الموضوعية استنادا إلى الفصلين26 482 من ق.م.م.
وترجع صلاحية النظر في صعوبات التنفيذ المشارة إليه في بيع منقولات القاصر وادعاء الغير ملكيتها طبقا للفصل 203 من نفس القانون.
وتنفرد غرفة المشورة بالبت في إيقاف التنفيذ المعجل وفقا لمقتضيات الفصل 147 من ق.م.م .
فثمة جهات عدة ينعقد لها الاختصاص للنظر في قضايا التنفيذ، مما قد تحول دون معرفة تحديد صاحب الاختصاص في إشكالات التنفيذ بشكل دقيق .
وعليه فكان لزاما على المشرع أن يفكر في خلق مؤسسة قاضي التنفيذ في جميع القضايا، لأنه أصبح يفرض نفسه بإلحاح خاصة عند ظهور مساطر فرعية من أجل التسويف والمماطلة في التنفيذ كمساطر الصعوبات غير الجدية والتأخير من طرف المحاكم للبت في الدعاوى المرتبطة بالتنفيذ الذي يؤدي إلى الإضرار بمصالح طالبيه، إضافة إلى أسباب تتمثل في الامتناع التلقائي كرد فعل طبيعي من طرف المحكوم عليه وتملصه من التنفيذ الناتج عن عنصر انعدام الثقة بين المواطن وجهاز القضاء .
هكذا جاء في الفقرة الثالثة من الفصل 429 من قانون المسطرة المدنية ما يلي:"يكلف قاض بمتابعة إجراءات التنفيذ يعين من طرف رئيس المحكمة الابتدائية باقتراح من الجمعية العامة...".
إلا أن ما أتى به المشرع لم يكن كافيا لتغطية كل الصعوبات المتعلقة بالتنفيذ، لأن القاضي المنصوص عليه في هذا الفصل يقوم فقط بمتابعة وتتبع إجراءات التنفيذ، وليس بقاضي التنفيذ بالمفهوم الصحيح له ، على اعتبار أن هذا الأخير يتمتع بالكثير من الصلاحيات ويتكلف بكل ما له علاقة بالتنفيذ سواء تعلق الأمر بالصعوبات الوقتية أو الأوامر الولائية أو المسائل المستعجلة، إذ أن كل ما يتعلق بالتنفيذ، يرجع إلى هذا القاضي .
وهذا ما نجده غائبا في التشريع المغربي، إذ لا زال هناك قصور تشريعي على مستوى القواعد المسطرية المغربية، مما يحتم تفعيل مؤسسة قاضي التنفيذ حتى تكون مستقلة بذاتها، وذلك من أجل تدعيم رقابة القضاء على كافة إجراءات التنفيذ، حيث يكون لهذه المؤسسة الإشراف الفعال والمتواصل على هذه الإجراءات في كل خطوة من خطواته، وكذا الإشراف على الأشخاص القائمين بها .
وبهذا يكون قد وحد كل المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد جهاز واحد أو قاض واحد، بحيث يكون هذا القاضي مختصا دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ، وبالفصل في جميع الصعوبات المتعلقة به سواء كانت صعوبات موضوعية أو وقتية، وسواء كانت من الخصوم أم من الغير ، ومن ثم تبقى القضية بيد القضاء منذ تحريك الدعوى إلى صدور الحكم، وإلى أن يقع تنفيذ ذلك الحكم، وبالتالي سيكون القضاء رقيبا على القضية حكما وتنفيذا.
فالأخذ بهذا النظام أصبح ضرورة ملحة، وذو أهمية بالغة، خاصة وأن التشريعات المقارنة كفرنسا ومصر مثلا ، اهتمت به غاية الاهتمام، فأعطت هذه المؤسسة نتائج إيجابية، خاصة في القضايا المتعلقة بالأمور المستعجلة، حيث رفعت عبئا كبيرا على كاهل القضاء المستعجل ، فقاضي التنفيذ سيختص بصفته قاضيا للأمور المستعجلة بكل المنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء كانت قانونية أو واقعية أو تلك التي نص عليها الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية، إضافة إلى منازعات أخرى.
إن حدود هذه المؤسسة القضائية تبتدئ من تاريخ صيرورة الحكم قابلا للتنفيذ جبريا، وتنتهي بانتهاء التنفيذ، فلقاضي التنفيذ الهيمنة الكاملة في هذه الحدود من الناحية الإدارية كرئيس لمحكمة التنفيذ، ومن الناحية القضائية كقاض .
وبالتالي سيكون لهذه المؤسسة انعكاسا إيجابيا على الأجهزة القضائية الأخرى خاصة رؤساء المحاكم، حيث ستخفف عليهم العبء، ويقلص كثرة المنازعات المعروضة عليهم، ذلك أن القواعد التي يمكن أن تسري على الأوامر الصادرة عن هذه المؤسسة هي نفسها التي تطبق على الأوامر الاستعجالية، بمعنى أن حجيتها وقتية، بحيث تكون قاصرة على ذات النزاع المعروض على قاضي التنفيذ .
ويقوم هذا القاضي بالفصل في الإشكال بوصفه قاضيا للمستعجلات، إذ أن سلطته تكون هي نفس سلطة القاضي المستعجل طبقا للقواعد العامة وهو يصدر في الصعوبة الوقتية أمرا وقتيا يوقف التنفيذ أو يهدف إلى استمراره، وينبني هذا الأمر على أساس الظاهر من المستندات بشرط عدم المساس بأصل الحق وهو يحكم في الإشكال من ظاهر المستندات، فهو لا يؤسس قضاءه على المساس بأصل الحق الموضوعي لطالب التنفيذ أو حقه في التنفيذ أو صحة أو بطلان الإجراءات أو قابلية مال معين للتنفيذ، ولكن ذلك لا يمنعه من بحث ادعاءات الخصوم بحثا سطحيا يتحسس به وجه الجد في المنازعة.
ويحكم قاضي التنفيذ برفض الإشكال إذا اتضح له أن إجابة الطلب الوقتي تمس الموضوع، أو إذا وجد أن الإشكال مؤسس على ما يمس حجية الحكم المستشكل فيه كما أنه يرفض الإشكال الذي يستلزم إيجابته تفسير الحكم .
هكذا فمن شأن منح قاضي التنفيذ سلطات واسعة في إدارة التنفيذ إداريا وتحت مراقبته الفعلية، وسلطات قضائية كبيرة للسير بإجراءات التنفيذ حسب ما تهدف إليه الصيغة التنفيذية للأحكام ، والتمتع بجميع الصلاحيات التي لقاضي أمور المستعجلات، وهو ينظر في منازعات التنفيذ، فعلى هذا الشكل سيحقق لا محالة تطورا هاما في حقل القضاء المستعجل ودور هذا الأخير في القضايا الأسرية، والسير بها قدما من أجل تحقيق الأهداف المنشودة من سن مدونة الأسرة وذلك حفاظا على أطراف العلاقة الأسرية من خلال الإلمام بكل قضية على حدة من طرف المتخصص في التنفيذ – قاضي التنفيذ- للوصول إلى حقيقة تنفيذ الأحكام ومدى جدية الصعوبات المثارة بشأنها.

خاتمة

من خلال ما سبق يمكن القول أن أهم خاصية تمتاز بها الدعاوى الأسرية تلك الصبغة الإستعجالية عند البت فيها، لكونها من القضايا التي لا تحتمل التأخير وتقبل الفورية، على اعتبار أنها تجعل حقوق الأفراد محلا لها ولا يمكن الاستغناء عنها. ولأجل ذلك، كان للقضاء المستعجل كما تبين من هذا البحث، دورا في غاية الأهمية بما قام به عند بته في القضايا الأسرية، إذ نجده كرس عدة اجتهادات ، حيث درج عليها من خلال الوظيفة التي تخول له البت في بعض القضايا التي تحتاج إلى حماية مؤقتة لا تحتمل التطويل والتأخير.
ولهذا نجد أن هذه المؤسسة القضائية التي تتميز بمساطر خاصة، استطاعت كثيرا أن تعيد الثقة في النفوس، إذ أصبح كل طرف متضرر من العلاقة الأسرية يقبل على هذا الجهاز القضائي نظرا للدور الكبير الذي أضحى يقوم به، وذلك من خلال صد كل محاولة عند نشوب النزاع بين الزوجين تهدف إلى المساس بمصلحة الطفل المحضون بصفة خاصة.
وقد أناط مشرع مدونة الأسرة لقاضي الأمور المستعجلة أن يبت في الحالة التي تريد فيها الحاضنة السفر بمحضونها ويمتنع النائب الشرعي عن ذلك، ولا يستجيب لطلبها إلا إذا توفر عرضية السفر وضمان عودة المحضون، ورغم أن المشرع ترك المجال واسعا لهذا النوع من القضاء لتقدير مدى توفر الشرطين من عدمهما، فإنه تعامل معهما بنوع من الفعالية والمرونة لصالح الطفل حسب كل قضية على حدة مع العلم أن هذه المادة المذكورة تشعبت منها الكثير من القضايا كمنح جواز السفر للأبناء وكذا تسجيلهم بجواز سفر أمهم، إضافة إلى الأمر بإغلاق الحدود في وجه الطفل المحضون وذلك تفاديا للنقل المشروع لهؤلاء الأطفال.
وعند تصفح هذا البحث يتبين أن القضاء المستعجل ذهب إلى حد بعيد في بعض القضايا التي تستوجب العجلة والفورية، رغم أن المشرع في مدونة الأسرة لم يثر ولو ضمنيا بتدخل هذا القضاء، إلا أنه بحكم وظيفته أبرز الدور الذي يقوم به من أجل اتخاذ التدابير المؤقتة خاصة عندما يتعلق الأمر بحقوق الطفل، حيث كرس اجتهادات عديدة بشأن قضايا صلة الرحم و أضفى الصبغة الإستعجالية على هذه القضايا نظرا للارتباط المعنوي والعاطفي بين الآباء والأبناء عن طريق أمره بتمكين الطرف المتضرر من الآباء لرؤية ابنه المحضون، بل أبعد من ذلك يأمر في بعض الحالات الإستعجالية التي تقتضي التدخل الفوري بإسناد الحضانة مؤقتا للأب أو الأم حسب الأحوال والظروف التي تستلزم حماية الطفل حماية مؤقتة وعاجلة.
فالكثير من القضايا التي صار القضاء المستعجل يبت فيها وذلك إما باتخاذ تدابير مؤقتة أو إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه أو القيام بإجراءات تحفظية، كلها من أجل الحفاظ على كيان الأسرة وحماية مصالح الطفل المحضون خصوصا إذا تعلق الأمر بحقوقه الطبيعية كالتمدرس أو السكن مع حاضنه.
هكذا نجد أن قاضي المستعجلات ما فتئ يبت حتى في القضايا المتعلقة بالنفقة المؤقتة رغم أن المشرع أحجم عن التنصيص عليها والإشارة إليها بشكل صريح، وهو ما جعل هذا الجهاز القضائي، أن يكرس اتجاهين بشأن طلبات النفقة المؤقتة، حيث الاختلاف القائم راجع للنصوص التشريعية المنظمة لهذه المقتضيات، أصبح قاضي الأمور المستعجلة يكرس اجتهاداته حتى في منازعات تنفيذ الأحكام القاضية بالنفقة، رغم غياب نص صريح يوضح مدى إمكانية تدخله في مثل هذه القضايا، عدا الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية.
ذلك أن مناط اختصاص القضاء المستعجل هو شرط الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع، إلا أن الحديث عن هذا النطاق في القضايا الأسرية أصبح متجاوزا مهما وسع المشرع من اختصاص القضاء الإستعجالي في مجال الروابط الأسرية، حيث يظل اختصاصه محددا طالما أن هذه الاختصاصات تبقى مقيدة بالشروط المحددة مسبقا، لتدخل القضاء المستعجل في مثل هذه القضايا. إلى جانب أن مدونة الأسرة لم تستفد من الاجتهادات الإيجابية والسلبية لهذا الجهاز القضائي في الكثير من القضايا، باستثناء المادة 179. ورغم ذلك ظل هذا القضاء محتفظا بمهامه تجاه هذه القضايا، رغم بعض التضاربات والاختلافات حول نظرته لبعض من الطلبات وهذا راجع إلى القصور التشريعي سواء في القانون الإجرائي أو الموضوعي.
ومن أجل تجاوز ذلك أقترح ما يلي:
- إسناد الاختصاص لرئيس قسم قضاء الأسرة للبت في القضايا الإستعجالية الأسرية.
- استفادة قاضي الموضوع –قاضي الأسرة- من المسطرة الإستعجالية في قضايا الأسرة.
- ضرورة إيراد نص في المدونة يقر باختصاص قاضي المستعجلات في كل حالة تستوجب العجلة والفورية.
- إعادة النظر في المادة 179 من المدونة لتشمل اختصاص قاضي المستعجلات حتى في الحالات التي تثار أثناء قيام العلاقة الزوجية.
- التنصيص صراحة على اختصاص القضاء المستعجل في قضايا النفقة المؤقتة.
- ضرورة التخفيف من تعقد القواعد الإجرائية عند تطبيقها على الدعاوى الأسرية، إذ أن هذه النصوص الإجرائية تفرغ الضمانات الواردة في مدونة الأسرة من محتواها، خصوصا تلك المتعلقة بالمساطر الإستعجالية، وكذا إجراءات التنفيذ المعجل.
- إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ الخاص بقضايا الأسرة.

قائمة المراجع

المراجع العامة
-أحمد أبو الوفا، إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية بمقتضى قانون أصول المحاكمات اللبناني، الطبعة الثانية، 1980، الدار الجامعية للطباعة.
-أحمد الخمليشي، التعليق على قانون الأحوال الشخصية،الجزء الثاني آثار الولادة والأهلية والنيابة الشرعية،الطبعة الأولى 1994، دار نشر المعرفة، الرباط.
-أحمد نصير الجندي، مبادئ القضاء في الأحوال الشخصية، طبعة 1992، دون ذكر المطبعة، القاهرة، مصر.
-إدريس الفاخوري، العمل القضائي الأسري ،الجزء الأول، الزواج انحلال ميثاق الزوجية،الطبعة الأولى 2009،مطبعة الأمنية ، الرباط.
-إدريس الفاخوري، قانون الأسرة المغربي، الجزء الأول، أحكام الزواج، الطبعة الأولى 2005، مطبعة دار الجسور،وجدة.
-الأمر في القانون المغربي، دليل عملي مصحوب بنماذج، منشورات وزارة العدل، المملكة المغربية، بدون ذكر باقي البيانات.
-الأمراني زنطار الحسن، حقوق المرأة من خلال تحفة ابن عاصم ومدونة الأحوال الشخصية، الطبعة الأولى 2000، مطبعة الاحمدية للنشر، الدار البيضاء.
-الفصايلي الطيب، الوجيز في القانون القضائي الخاص، الجزء الأول، التنظيم القضائي، الدعوى، الطلبات الدفوع الطبعة الأولى 1998، مؤسسة إيزيس للنشر الجامعي، الدار البيضاء.
-رشيد مشقاقة، قاضي التنفيذ، الطبعة الأولى 2000، مطبعة دار السلام، الرباط.
-سائح سنقوقة، قانون الإجراءات المدنية نصا وتعليقا، وشرحا وتطبيقا، الطبعة الأولى 2001، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر.
-سعيد أزكيك، إهمال الأسرة في التشريع المغربي، مطبعة الهلال العربية 1992، دون ذكر الطبعة.
-صلاح الدين جمال الدين، مشكلة حضانة الأطفال في زواج الأجانب دراسة مقارنة طبعة 2004 مطبعة دار الفكر الجامعي.
-عبد الباسط جميعي، نظرية الاختصاص في قانون المرافعات الجديد وتعديلاته، دار الفكر العربي، طبعة 1973، دون ذكر باقي البيانات.
-عبد الحميد الشواربي، الأحكام العامة في التنفيذ الجبري، الطبعة الأولى2002، مطبعة عصام جابر، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر.
-عبد الرحيم الصقلي، طرق معالجة الإدعاءات الواردة على صعوبة تنفيذ الأحكام المدنية، دراسة تأصيلية وتحليلية مقارنة، الطبعة الأولى 2006، مطبعة الكرامة،الرباط.
-عبد السلام حادوش، إدماج المرأة في التنمية في محك السياسة الشرعية، الطبعة الأولى 2001، مطبعة ألطو بريس طنجة.
-عبد العزيز توفيق، التعليق على مدونة الأحوال الشخصية بقضاء المجلس الأعلى ومحاكم النقض العربية خلال أربعين سنة، دون ذكر سنة الطبع، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
-عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في الأحوال الشخصية والعقار من 1957 إلى سنة 2000، الطبعة الأولى 2002، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
-عبد العزيز حضري، القانون القضائي الخاص، طبعة 2005، مطبعة طه حسين وجدة.
-عبد الفتاح مراد، عبد المنشاوي، المشكلات العملية في قاضي التنفيذ، الطبعة الأولى 1988، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر.
-عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، الاختصاص والدعوى، الأحكام وطرق الطعن فيها، التحكيم الحجز التنفيذي والحجز لدى الغير، الطبعة الرابعة ابريل 2004، مطبوعات المعرفة، مراكش.
-عبد الكريم شهبون،شرح مدونة الأحوال الشخصية المغربية، الجزء الأول، الزواج والطلاق، الولادة ونتائجها، الطبعة الثانية، دون ذكر سنة الطبع، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط
–عمارة بلغيث، الوجيز في الإجراءات المدنية، دون ذكر الطبعة، مطبعة دار العلوم، عنابة، الجزائر.
-فتحي والي، التنفيذ الجبري، وفقا لمجموعة المرافعات المدنية والتجارية وقانون الحجز الإداري، طبعة 1980، دار النهضة العربية، القاهرة.
-قرارات المجلس الأعلى، أهم القرارات الصادرة عن غرفة الأحوال الشخصية والميراث، الجزء الأول، مطبعة الأمنية الرباط 2007.
-محمد السماحي، نظام التنفيذ المعجل للأحكام المدنية في القانون المغربي، طبعة 1985، مؤسسة بشرة للطباعة والنشر، الدار البيضاء.
-محمد الكشبور، أحكام الحضانة دراسة في الفقه المالكي وفي مدونة الأسرة، الطبعة الأولى 2004، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
-محمد الكشبور، الوسيط في قانون الأحوال الشخصية، الطبعة الرابعة 1999، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
-محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية،الطبعة الأولى2001،مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء،
-محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، الجزء الأول، الزواج، الطبعة الأولى2006،مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء.
-محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، الجزء الثاني، انحلال ميثاق الزوجية، الطبعة الأولى 2006، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
-محمد الكشبور، قانون الأحوال الشخصية،الزواج والطلاق، الطبعة الأولى1991، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
-محمد بفقير، قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي، الطبعة الأولى 2008، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
-محمد بلهاشمي التسولي، الطبيعة القانونية لغرفة المشورة، الطبعة الأولى 2002، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش.
-محمد علي السرطاوي، شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني القسم الثاني والثالث، مطبعة الجامعة الأردنية عمان، طبعة 1995.
-محمود مصطفى يونس، تيسير إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، الطبعة الأولى 2000، دار النهضة العربية، القاهرة.
-معوض عبد التواب، موسوعة الأحوال الشخصية حسب آخر التعديلات، الجزء الأول، الطبعة الرابعة 1988، دار الوفاء المنصورة، مصر.
-هشام كامل زوين، محكمة الأسرة في ضوء قانون الأحوال الشخصية الجديد، علما وعملا، الطبعة الأولى 2002، دار الكتاب الذهبي مصر.
-وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، الجزء السادس، طبعة 1996، دار الفكر دمشق.
-يوسف بنباصر، مدونة الأسرة، المسار والتطلعات، سلسلة بنباصر للدراسات القانونية والأبحاث القضائية، السنة الثالثة، العدد الثامن، مطبعة دار القلم، الرباط.
-يوسف دلاندة، دليل المتقاضي في مادة شؤون الأسرة (الزواج والطلاق)، الطبعة الأولى 2007، دار هومة للطباعة، الجزائر.
المراجع الخاصة
-أحمد عبد الكريم سلامة، الاستعجال في المرافعات المدنية الدولية من قانون المرافعات إلى القانون الدولي الخاص، محاولة لنظرية عامة، الطبعة الأولى 1988، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر.
-حسن الرميلي، مؤسسة الرئيس، الاختصاص والمساطر الخاصة بالاستعجال ومسطرة الأمر بالأداء، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى.
-سيف النصر سليمان محمد،مرجع القاضي والمتقاضي في القضاء المستعجل، الطبعة الثانية 1991، مطبعة زهران ، المكتبة القانونية ،الأزهر،مصر.
-عبد العالي العضراوي، سلسلة تطور اجتهاد مؤسسة القضاء الاستعجالي في المغرب –البداية والمسار- الطبعة الأولى 2001، مطبعة دار القلم، الرباط.
-عبد الفتاح مراد، المشكلات العملية في القضاء المستعجل، دون ذكر تاريخ الطبعة ولا المطبعة، مصر.
-عبد اللطيف هداية الله، القضاء المستعجل في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء الطبعة الثالثة 1998.
-عز الدين الديناصوري، حامد عكاز، القضاء المستعجل وقضاء التنفيذ في ضوء الفقه والقضاء، الطبعة الخامسة لسنة 1996، مطبعة الفنية للتجديد، الإسكندرية، مصر.
-كريم بلحرش، القضاء الاستعجالي، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1995
-محمد عبد اللطيف، القضاء المستعجل، الطبعة الرابعة 1977، دون ذكر المطبعة.
-محمد عبد اللطيف، القضاء المستعجل، منازعات التنفيذ الوقتية، الطبعة الرابعة 1977، دار النهضة العربية القاهرة، مصر.
-محمد علي راتب وآخرون، قضاء الأمور المستعجلة، المجلد الأول، الطبعة السادسة، دار النهضة للطباعة، دون ذكر سنة الطبعة.
-محمد علي راتب وآخرون، قضاء الأمور المستعجلة، المجلد الثاني، الطبعة السادسة، دار النهضة للطباعة، دون ذكر سنة الطبعة.
-محمد منقار بنيس، القضاء الاستعجالي، الطبعة الثانية 1998، مطبعة الأمنية الرباط.
الرسائل والأطروحات
-أحمد البنوضي، دور النيابة العامة في قضايا الأسرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2005/2006.
-أديبة بواضيل، المصلحة الفضلي للطفل في الروابط الدولية الخاصة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة البحث والتكوين في الأسرة والطفولة، كلية الحقوق جامعة محمد بن عبد الله، فاس السنة الجامعية 2005/2006.
-الطيب برادة، التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، السنة الجامعية
-جليلة دريسي، إشكالية الحضانة في الزواج المختلط، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في تشريعات الأسرة والهجرة،كلية الحقوق،جامعة محمد الأول، السنة الجامعية 2007/2008 .
-جمال أمركي، النظام القانوني للتنفيذ الجبري، دراسة في ضوء قانون المسطرة المدنية المغربي والمقارن، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في القانون المدني، كلية الحقوق، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2005-2006.
-جميلة صابر، منازعات التنفيذ في المواد المدنية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1998/1999.
-حفان نبيل، قواعد الاختصاص النوعي في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني، كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية، 2002/2003.
-رشيد حماد، سلطة القاضي التقديرية في تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2006/2007.
-سميرة الزباخ، حماية حق السكن في مدونة الأسرة، حق المرأة في مسكن الزوجية ومسكن الحضانة نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية الحقوق، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2006-2007.
-سهام تيزاوي،السفر بالمحضون،، دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في تشريعات الأسرة والهجرة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2007/2008.
-صلاح الدين الطاوس، زيارة المحضون، دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في تشريعات الأسرة والهجرة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2007/2008.
-عبد الإله المرابط، الحماية القانونية والقضائية للنفقة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في تشريعات الأسرة والهجرة،كلية الحقوق،جامعة محمد الأول، السنة الجامعية 2007/2008.
-عبد المجيد غميجة، موقف المجلس الأعلى من ثنائية القانون والفقه في مسائل الأحوال الشخصية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال جامعة محمد الخامس، السنة الجامعية 1999/2000.
-عثمان دحمان، الصبغة الاستعجالية لقضايا الأسرة بين متطلبات الحماية وواقع العمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2007/2008.
-غزلان بلبول، نفقة الزوجة وحمايتها القانونية في مدونة الأسرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2006/2005.
-لطيفة الشدادي، الإجراءات المسطرية لطلبات النفقة بين القانون والواقع، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2006/2007.
-محمد بن طيب، تنفيذ الأحكام في المادة الأسرية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في تشريعات الأسرة والهجرة،كلية الحقوق،جامعة محمد الأول، السنة الجامعية 2007/2008.
-محمد شبيب، إيقاف تنفيذ الأحكام المدنية في التشريع المغربي،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، السنة الجامعية، 1999/2000.
-هشام علالي،التبليغ في مدونة الأسرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في تشريعات الأسرة والهجرة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2007/2008.
-وفاء اللودة، الحماية القضائية للمحضون في مدونة الأسرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2005/2006.

المقالات
-إبراهيم بحماني، الطفل والنفقة، نظرات في الفقه والقانون، العدد 5، سنة 1997.
-إبراهيم بحماني، دور القضاء في حماية حقوق المرأة، التقرير السنوي للمجلس الأعلى 2006، مركز النشر والتوثيق القضائي، الطبعة الأولى 2008، مطبعة الأمنية، الرباط.
-أحمد أبو الوفا، مدى حاجة القضاء المستعجل إلى التطوير والتحديث، ندوة القضاء المستعجل المنعقدة في الفترة من 5 إلى 7 فبراير 1986، تحت رعاية المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية التابع لمجلس وزراء العدل العرب، دار النشر المغربية، الدار البيضاء.
-أحمد الورفلي، الزواج المختلط ومصلحة المحضون، لمحة عامة، مجلة القضاء والتشريع، عدد 1 أبريل 2002.
-أحمد محمد مليجي، حول القضاء المستعجل ونظرة المشرع إليه في دولة الإمارات العربية المتحدة، ندوة القضاء المستعجل المنعقدة في الفترة من 5 إلى 7 فبراير 1986 بالرباط، تحت رعاية المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية التابع لمجلس وزراء العدل العرب، دار النشر المغربية، الدار البيضاء.
-أحمد نهيد، تدخل النيابة العامة في مدونة الأسرة، مجلة المحامي، عدد مزدوج44-45.
-إدريس العلوي العبدلاوي، قضاء الأمور المستعجلة في التشريع المغربي، المجلة المغربية للقانون المقارن، العدد الثاني، سنة 1983.
-إدريس العلوي العبدلاوي، مدى حاجة القضاء المستعجل إلى التطوير والتحديث، ندوة القضاء المستعجل المنعقدة في الفترة من 5 إلى 7 فبراير 1986 بالرباط تحت رعاية المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية التابع لمجلس وزراء العدل العرب، دار النشر المغربية، الدار البيضاء.
-إدريس الفاخوري، بعض مظاهر قيم حقوق الإنسان في مدونة الأسرة، أشغال الأيام الدراسية حول مدونة الأسرة المنظمة من طرف المعهد العالي للقضاء، سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، العدد5 ، شتنبر، 2004.
-إدريس الفاخوري، تطبيق تعديلات مدونة الأسرة الأحوال الشخصية أمام المحاكم وصعوبة المهام، مجلة الإشعاع، عدد 23، يونيو 2001.
-الحسين زعرض، موقف القضاء الاستعجالي المغربي من طلبات النفقة المؤقتة، مجلة الإشعاع، العدد الثامن السنة الرابعة، دجنبر 1992.
-المجدوبي الحسن، مقابلة بين قرارين والفصلين 147و 149 من قانون المسطرة المدنية، مجلة المحاكم المغربية عدد 91 دجنبر 2001.
-المنتصر الداودي، مدى حاجة القضاء المستعجل إلى التطوير والتحديث، ندوة القضاء المستعجل المنعقدة في الفترة من 5 إلى 7 فبراير بالرباط تحت رعاية المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية التابع لمجلس وزراء العدل العرب، دار النشر المغربية، الدار البيضاء.
-حساين عبود، القضاء بالنفقة المؤقتة، مقال منشور في قضايا الأسرة من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، الندوة الجهوية الثانية المقيمة بالقصر البلدي بمكناس 8-9 مارس 2007، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى 2007.
-حساين عبود، سكنى المحضون، قراءة في المادة 168 من مدونة الأسرة، قضايا الأسرة من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، الطبعة الأولى 2007، مطبعة الأمنية، الرباط.
-حميدو زكية،حماية الطفل عبر مكان ممارسة الحضانة، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية،الجزء 41 ،رقم 01، سنة2000 .
-رشيد الصباغ، القضاء المستعجل ونظرة المشرع المغربي إليه، ندوة القضاء المستعجل المنعقدة بالرباط تحت رعاية المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية التابع لمجلس وزراء العدل العرب، وذلك أيام 5-6-7 فبراير 1986، دار النشر المغربية، الدار البيضاء.
-رشيد مشرك،القضاء الإستعجالي في قضايا الأسرة، مقال منشور في برنامج الحلقات الدراسية الجهوية المنظمة لفائدة قضاة الأسرة بإفران، تحت عنوان حلقات دراسية حول مدونة الأسرة ودور الوساطة، وذلك أيام 7-8-9-10 فبراير 2006، بإفران المنظمة من طرف المعهد العالي للقضاء ورابطة التربية على حقوق الإنسان.
-رشيد مشقاقة، القاضي الإستعجالي متى لا يجوز له التصريح بعدم الاختصاص، وجهة نظر قانونية، الطبعة الأولى 1997، مطبعة بابل للطباعة والنشر والتوزيع،الرباط.
-رشيد مشقاقة، النفقة المؤقتة بين قضاء الموضوع والقضاء الاستعجالي، وجهة نظر قانونية، شركة بابل للطباعة والنشر الرباط، الطبعة الأولى1997.
-رشيد مشقاقة، الوضعية القانونية للزوجين قبل الطلاق وبعده، وجهة نظر قانونية، طبعة 1997، مطبعة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط.
-رشيد مشقاقة، سكنى الزوجية بعد انتهاء فترة العدة، قراءة في قرار المجلس الأعلى منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 146، مجلة المحاماة، العدد 20، يوليوز 2003.
-رشيد مشقاقة، مشروع قاضي التنفيذ من جهة نظر المؤلف، مداخلة ألقيت في يوم دراسي حول موضوع محكمة الرئيس، وذلك يوم 24 يونيو 2000 بالمعهد الوطني للدراسات القضائية، نشرة محكمة الاستئناف بالرباط، عدد خاص، ماي 2004.
-زهور الحر، دور القضاء في تفعيل مقتضيات قانون الأسرة، الأيام الدراسية حول مدونة الأسرة، سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية عدد 5 شتنبر 2004، منشورات المعهد العالي للقضاء، وزارة العدل.
-سفيان ادريوش، دور النيابة العامة في قضاء الأسرة، مجلة القصر، العدد 9، شتنبر 2004.
-صالح سموح، إيجابيات وسلبيات تعديل الفصل 119 من مدونة الأحوال الشخصية، مجلة المحاكم المغربية، العدد 68/69 مزدوج، يناير-أبريل 1994.
-عبد السلام حادوش، معيار ظروف الاستعجال بين الفقه والقانون، مجلة الإشعاع، العدد 28 فبراير 2004
-عبد السلام زوير، مستجدات مدونة الأسرة، دراسة لبعض الحالات الخاصة، مجلة القصر، العدد 11 ماي 2005.
-عبد العزيز حضري، قضاء الأسرة: التجديد وحدوده، مدونة الأسرة عام من التطبيق، الحصيلة والآفاق، الندوة الوطنية المنعقدة بكلية الحقوق بوجدة، يومي 17/18 فبراير 2005، سلسلة الندوات، العدد الأول، منشورات مجموعة البحث في قانون الأسرة.
-عبد الله العبدوني، مؤسسة قاضي التنفيذ، أي اختيار يحقق الآمال المرجوة من الإصلاح المنشود، مداخلة ألقيت في يوم دراسي حول موضوع محكمة الرئيس، وذلك يوم 24 يونيو 2000 بالمعهد الوطني للدراسات القضائية، نشرة محكمة الاستئناف بالرباط، عدد خاص ماي 2004.
-عبد الله الهلالي، في القضاء المستعجل، مجلة القضاء والقانون التابعة لوزارة العدل بتونس، العدد الثاني، فبراير 1984.
-عبد الله درميش، موقع القضاء المستعجل من القضاء بصفة عامة، مداخلة في ندوة القضاء المستعجل المنعقدة في 5، 6، 7 فبراير 1986 بالرباط تحت رعاية المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية التابع لمجلس وزراء العدل العرب، دار النشر العربية، الدار البيضاء.
-عبد الله روحمات، الأمر بتحديد الالتزامات المترتبة على الطلاق من العمل الولائي إلى العمل القضائي، مجلة الإشعاع، العدد 28 فبراير 2004.
-عبد المالك التبر، بعض التعديلات الواردة في قانون المسطرة المدنية الجديد، مجلة المحاكم المغربية، العدد 10، سنة 1975.
-عبد المالك زعزاع، الإجراءات الشكلية في قضاء الأسرة، مجلة الفرقان، العدد 50، سنة 2004.
-عبد المجيد الفرسي، العوامل المؤثرة في الاجتهاد القضائي، الآليات-المصادر، مجلة المنتدى، العدد الرابع، 2004.
-عبد المجيد غميجة، مميزات دعوى الأحوال الشخصية على ضوء تعديلات ظهائر 10-09-1993، تعديلات مدونة الأحوال الشخصية بظهائر 10 شتنبر 1993، حصيلة أولية، أشغال اليوم الدراسي المنظم من قبل شعبة القانون الخاص بتعاون مع مؤسسة فريدرش إبرت بالرباط. يوم 8 مارس 1997، سلسلة الندوات رقم1، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الخامس- السويسي.
-عبد الواحد الجراري، اتجاهات في العمل القضائي الاستعجالي للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد، العدد 15، النصف الأول من سنة 1984.
-عبد الواحد بن مسعود، مسؤولية قاضي الأسرة في مدونة الأسرة، مجلة الملف، العدد الرابع، شتنبر 2004،
-عمر سامي، تعليق على قرار بإيقاف تنفيذ حكم صدر في مادة النفقة، مجلة المحامي، عدد 22، سنة 1993.
-فاتح كمال، حماية حق تمدرس الطفل أثناء النزاع الأسري من خلال التشريع المغربي، مجلة الملف، عدد 11، أكتوبر 2007 .
-ليلى المريني، مؤسسة قاضي التنفيذ، مداخلة ألقيت في يوم دراسي حول موضوع محكمة الرئيس، وذلك يوم 24 يونيو 2000 بالمعهد الوطني للدراسات القضائية، نشرة محكمة الاستئناف بالرباط، عدد خاص، ماي 2004.
-محمد الخضراوي، دور المجلس الأعلى في حماية حقوق المرأة ، مجلة المنتدى ،العدد الرابع، يوليوز 2004.
-محمد السعيد بنسلام، حول تطبيق التعديل الوارد في الفصل 179 من قانون المسطرة المدنية، مجلة المحامي عدد 12، سنة 1988.
-محمد السماحي، موقع القضاء المستعجل من القضاء بصفة عامة، ندوة القضاء المستعجل المنعقدة بالرباط تحت رعاية المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية أيام 5-6-7 فبراير 1986 التابع لمجلس وزراء العدل العرب، دار النشر المغربية ، الدار البيضاء.
-محمد الصقلي، تنفيذ حكم النفقة، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 39، سنة 1986.
-محمد العلوي، الإشكاليات العملية المطروحة في مادة النفقة على ضوء مستجدات مدونة الأسرة، مداخلة ألقاها في يوم دراسي، مدونة الأسرة بعد سنتين من التطبيق، بمقر المحكمة الابتدائية بالناظور يوم 30/06/2006 (غير منشورة).
-محمد الغماد، صعوبة التنفيذ، مجلة الملحق القضائي، عدد مزدوج 7 -8، فبراير 1983 .
-محمد الكشبور، التلميذ المطرود من المدرسة أمام القضاء المستعجل، (تعليق على أربع أوامر استعجالية). مجلة الإشعاع عدد 16، دجنبر 1997.
-محمد المجدوبي الإدريسي، قاضي متابعة إجراءات التنفيذ مقارنة بقاضي التنفيذ، مداخلة ألقيت في يوم دراسي حول موضوع محكمة الرئيس، وذلك يوم 24 يونيو 2000 بالمعهد الوطني للدراسات القضائية، نشرة محكمة الاستئناف بالرباط، عدد خاص، ماي 2004.
-محمد بولمان، بعض ملامح الصعوبة في تنفيذ الأحكام، مجلة المحامي، عدد 23، سنة 1993.
-محمد زلايجي، تكاليف سكنى المحضون في قانون الأسرة بين الإبقاء والإلغاء، مدونة الأسرة عام من التطبيق، الحصيلة والآفاق، الندوة الوطنية المنعقدة بكلية الحقوق بوجدة يومي 17-18 فبراير 2005، سلسلة الندوات، العدد الأول، منشورات البحث في قانون الأسرة.
-محمد سلام، تعليق التنفيذ المعجل على تقديم كفالة، مجلة القصر، العدد الثاني، ماي 2002.
-مصطفى التراب، نظرات حول القضاء المستعجل، مداخلة في يوم دراسي حول موضوع محكمة الرئيس التي أقيمت في المعهد الوطني للدراسات القضائية وذلك بتاريخ 24/06/2008، نشرة محكمة الاستئناف بالرباط، عدد خاص، الطبعة الأولى 2004، دار السلام، الرباط.
-مليكة حفيظ، رعاية حقوق الطفل أثناء الحياة الزوجية وحماية حقوقه عند انتهائها، مقال منشور ببرنامج الحلقات الدراسية الجهوية المنظمة لفائدة قضاة إفران، في ندوة مدونة الأسرة ودور الوساطة، المنظمة من طرف المعهد العالي للقضاء ورابطة التربية على حقوق الإنسان، أيام 7-8-9-10 فبراير 2006.
-نجيب شوقي، الاختصاص المحلي لأقسام قضاء الأسرة، مدونة الأسرة بعد ثلاث سنوات من التطبيق، الحصيلة والمعوقات، أشغال الندوة المنظمة من طرف مجموعة البحث في القانون والأسرة، يومي 15/16 مارس 2007 بكلية الحقوق بوجدة، سلسلة الندوات2، مطبعة الجسور، وجدة 2008.
-نجيب شوقي، تنفيذ الأحكام في المادة المدنية، تجليات الخلل ومقاربة الحلول، مجلة الحقوق المغربية، عدد مزدوج الثاني والثالث، السنة الثانية، ماي 2007.
-يحيى بكاي، زيارة المحضون بين طموح التشريع وعوائق تطبيقي، مداخلة ألقيت في ندوة مدونة الأسرة بعد ثلاث سنوات من التطبيق، المنظمة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الأول، وجدة يومي 15 و 16 مارس 2007، الطبعة الأولى 2008، مطبعة الجسور وجدة.
-يوسف بنباصر، سكنى المطلقة الحاضنة بعد العدة، حق طبيعي أم احتلال بدون سند؟ سلسلة بنباصر للدراسات القانونية والأبحاث القضائية، دراسات، أحكام وتعاليق، طبعة 2002، مطبعة دار القلم الرباط.
-يوسف وهابي، اختصاصات النيابة العامة في مدونة الأسرة الجديدة، مجلة الملف، عدد 3 ابريل 2004.
-يونس الزهري، مسطرة وقف تنفيذ الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل القضائي، مجلة المحاكمة، العدد الثاني، مارس- ماي 2007.

المجلات
-مجلة الإشعاع عدد 17 سنة 1998.
-مجلة الإشعاع، العدد الثامن، السنة الرابعة، دجنبر 1992.
-مجلة القصر، عدد 19، يناير 2008.
-مجلة القضاء والقانون، عدد 128.
-مجلة القضاء والقانون عدد 135- 136 .
-مجلة المحاكم المغربية، عدد 2
-مجلة المحاكم المغربية، عدد 25.
-مجلة المحاكم المغربية عدد 55.
-مجلة المحكمة العليا، العدد الأول 2005.
-مجلة المحامي عدد 5، السنة الرابعة 1984.
-مجلة المحامي عدد 8.
-مجلة الملف عدد 2 نونبر 2003.
-مجلة الملف، عدد 9، نونبر 2006.

Les ouvrages :
-Abdelleh Boudahrain .manuel de procédure civile (droit judiciaire privé).edition1986,imprimerie Cartographie,Casablanca.
-Hervé Croze, Christian Morel, Olivier Fradin, procédure civile, manuel pédagogique et pratique, 3ème édition 2005, imprimerie Lexis Nexis, Paris
-Jean Paul razon, les institutions judiciaires,la procédure civile du Maroc,1ere édition 1988, imprimerie Najah Jadida, Casablanca.
-Jean-paul branlard,l’essentiel des regles de procedure civile,2eme édition,gualino édition, paris,2004.
-Les innovations introduites par le projet de réforme, revue du femme, édition spéciale, Octobre 2003.
-Marie-Claire FobletsJean-Yres Carlier,le code marocaine de la famille,incidences au regard du droit international privé en europe Bruylant,Bruxelles,Belgique,2005
-Omar monir, la moudawana le nouveau droit de la famille au Maroc, impression najah Jadida, 2005
-Roger perrot-philipe théry ; procedures civiles d’exécution, deuxième édition 2005, dalloz,paris.
-Solus, Perrot, droit judiciaire privé, procédure de première instance, librairie du recueil Sirey.Delta.1991



فهرس

مقدمة 1
الفصل الأول: تجليات تدخل القضاء الاستعجالي لحماية المحضون 8
المبحث الأول: اللجوء إلى القضاء الاستعجالي عند السفر بالمحضون 9
المطلب الأول: تدخل القضاء الاستعجالي عند امتناع النائب الشرعي عن السفر بالمحضون 9
الفقرة الأولى: شرط امتناع النائب الشرعي 10
الفقرة الثانية: عرضية السفر وضمان عودة المحضون 17
المطلب الثاني: دور القضاء المستعجل في منع السفر بالمحضون 23
الفقرة الأولى: عدم وجود مبررات للسفر بالمحضون 24
الفقرة الثانية: إغلاق الحدود في وجه الطفل المحضون 30
المبحث الثاني: دور القضاء المستعجل في حماية الحقوق الأخرى للمحضون 37
المطلب الأول: التدخل الاستعجالي عند تغيير وضعية المحضون 37
الفقرة الأولى: ضمان حق التمدرس 38
الفقرة الثانية: إرجاع الطفل لمن هو أحق به 44
المطلب الثاني: موقف القضاء المستعجل من صلة الرحم وحق السكن 51
الفقرة الأولى: سلوك المسطرة الاستعجالية في قضايا صلة الرحم 51
الفقرة الثانية: دور القضاء المستعجل في حماية مسكن الحضانة 58
الفصل الثاني: حدود تدخل قاضي المستعجلات في قضايا النفقة 66
المبحث الأول: البت على وجه الاستعجال في طلبات النفقة 67
المطلب الأول: الطابع المعيشي والاستعجالي لقضايا النفقة 67
الفقرة الأولى: الصبغة المعيشية لقضايا النفقة 68
الفقرة الثانية: مفهوم الاستعجال في طلبات النفقة 72
المطلب الثاني: النفقة المؤقتة بين قضاء الموضوع والقضاء المستعجل 77
الفقرة الأولى: الرأي القائل باختصاص قضاء الموضوع 77
الفقرة الثانية: الرأي القائل باختصاص القضاء المستعجل 83
المبحث الثاني: الحماية الإستعجالية للأحكام القاضية بالنفقة أثناء التنفيذ 91
المطلب الأول: شمول الأحكام القاضية بالنفقة بالنفاذ المعجل القانوني 91
الفقرة الأولى: مفهوم النفاذ المعجل القانوني 92
الفقرة الثانية: مدى إمكانية إيقاف حكم النفقة المشمول بالنفاذ المعجل القانوني 96
المطلب الثاني: دور القضاء المستعجل في البت في منازعات تنفيذ قضايا النفقة 101
الفقرة الأولى:البت في الصعوبات الوقتية المتعلقة بتنفيذ حكم النفقة 102
الفقرة الثانية: تفعيل مؤسسة قاضي التنفيذ 109
خاتمة 116
قائمة المراجع 116
فهرس 116



النسخة الحاملة للهوامش




الاربعاء 19 ديسمبر 2012

تعليق جديد
Twitter