MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




الزمن القضائي

     



الزمن القضائي

فرش:

جاء في إحدى الخطب الملكية

"إننا نتوخى من جعل القضاء في خدمة المواطن، قيام عدالة متميزة بقربها من المتقاضين، وببساطة مساطرها وسرعتها، ونزاهة أحكامها، وحداثة هياكلها، وكفاءة وتجرد قضاتها، وتحفيزها للتنمية، والتزامها بسيادة القانون، في إحقاق الحقوق ورفع المظالم".

 
كما جاء في الرسالة الملكية لمؤتمر العدالة سنة 2018

"لعلَّ الرفع من أداء العدالة يظل في مقدمة الانشغالات نظراً لما هو منتظر منها، سواء لدى الأفراد أو من قبل المجتمع. ولا سبيل لتحقيق ذلك إلاَّ بتطوير الإدارة القضائية حتى تدعم جهود القضاة. وقد أبانت التجربة على الدور الذي تلعبه المحكمة الرقمية في هذا المجال".



فهده الكلمات تحمل في طياتها دعوة إلى ضرورة إرساء جميع قواعد البت في النزاعات داخل آجالات قصيرة، وتحقيق جميع مقومات اختصار الزمن القضائي.

والأكيد أن المفهوم الجديد لاستحقاق الحقوق أضحى يتجاوز مجرد تمكين صاحب الدعوى من حقه؛ بل أصبح ينفرد بعنصر الزمن كمحدد رئيسي في عدم إهدارها، ولعل التنصيص على البت في الدعاوى المعروضة على القضاء داخل آجال معقولة في الدستور ما هو إلا تأكيد على سمو هذا المبدأ ومكانته الرفيعة، لينضاف إلى باقي مقومات النجاعة القضائية. "يونس القاجو ".

إلا أن اختصار الزمن القضائي يستوجب عدم المساس بالمحاكمة العادلة مسطريا ودفاعا، كي تتحقق العدالة الناجعة، وبلوغ إنتاج قضائي بقيمة مضافة نوعا وكما.

لا يمكن إنكار الإكراهات المرتبطة بالعنصر البشري، وبالتمثلات الذهنية المترسخة لدى عديد من المتقاضين، إلا أننا في زمن يوفر آليات قانونية وعلمية لتحقيق الخدمة القضائية المطلوبة في آجال مقبولة وتجاوز بطء التقاضي.

المنجز:

في ورش تدبير الزمن القضائي بادر المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى إصدار قرار بتحديد الآجال الاسترشادية للبت في القضايا، أردفه بدورية حول هذه الآجال الاسترشادية، كما أحدث التنظيم الهيكلي الجديد للمجلس بنية إدارية متخصصة في مجال التحديث والرقمنة، من بين مهامها دعمُ رقمنةِ المحاكم، وتمكينُ القضاة من برمجيات تساعدهم على إنجاز مهامهم، ومواكبتهم بالتكوين اللازم على استعمالها، وتحليل احتياجات المحاكم في مجال الرقمنة، وذلك بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالعدل،
 
وهو ما سيساعد يقينا القضاة في تحقيق إختصار الزمن القضائي للبت في القضايا، إلى جانب ما تقوم به محكمة النقض من نشر لأحكامها رقميا، الشيء الذي يساهم في معرفة القضاة لتوجهات محكمة النقض وهو أمر يساهم في إختصار الزمن القضائي أيضا.

المطلوب:

إن الزمن القضائي أمر لا يتدخل فيه القضاء فقط، بل تطاله منهجية عمل الدفاع وجميع المهن الملامسة للمساطر القضائية.

وعليه فإنه أصبح من اللازم تطوير أنظمة معلوماتية تسمح بمباشرة إجراءات التقاضي عن بعد، كإيداع المقالات والمذكرات، وتقارير الخبرة، والإستدعاءات والتبليغات، عبر أصناف البريد الإلكتروني، والتواصل الرقمي، للتقليص من حالات التنقل إلى المحاكم، وهو أمر لن يتحقق إلا برقمنة قطاع العدل إدارة وتدبيرا، والخفض من نسبة التعاملات الورقية، الشيء الذي سيساهم أيضا في ترشيد النفقات.

إن الرقمنة المطلوبة يجب أن تطال أيضا أرشيفات محاكم الموضوع، خاصة على مستوى الأحكام والقرارات القضائية، على نهج تجربة محكمة النقض التي تساهم في اختصار الوقت في الحصول على قراراتها إذ يتم استخراجها بناء على طلب الدفاع من نظامها المعلوماتي دون الرجوع إلى مكاتب أرشيفها وهدر الوقت في البحث عن ملفاتها.

والشيء بالشيء يذكر فقد أصبح على محكمة النقض العمل على تطوير نهجها في نشر قراراتها رقميا بنشر جزء أكبر من القرارات التي تصدرها وفي حينه، وذلك لزيادة القدرة على الاطلاع على توجهاتها الحديثة، واستغلالها من القضاة والمحامين، للحصول على أحكام لن يضيع الوقت الكثير خلال ممارسة حق الطعن فيها.

كما أصبح من اللازم الاستفادة من تقنية التوقيع الإلكتروني - على نهج عدد من الإدارات المغربية - وذلك بتنسيق بين هيئات المحامين ووزارة العدل، من أجل توفير بريد إلكتروني وتوقيع إلكتروني موثوقان لكل محام يسمح له بآداء مهامه عن بعد بشكل رسمي وآمن.

ختم:

إن تدبير الزمن القضائي كما جاء في الكلمات الملكية المذكورة بداية، لن يخدم مصالح المتقاضي فقط، بل سيساهم في جلب استثمارات أجنبية نوعية، على اعتبار أن من المؤشرات المعتمدة دوليا في تصنيف الدول في جلب الاستثمار، نجد مؤشر أسلوب تدبير المنازعات، ورقمنة المحاكم بهدف اختصار مدة التقاضي، وهدا سيحققه فقط تدبير الزمن القضائي باستغلال بنيات الرقمنة.
 




الاثنين 4 مارس 2024

تعليق جديد
Twitter