MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




وجهة نظر في جدل أحكام الميراث

     

إدريس حمادي

أستاذ مادة أصول الفقه



وجهة نظر في جدل أحكام الميراث
يقول سبحانه وتعالى على لسان رسوله الكريم: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ، وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}. (الذاريات 50-51)

– أبدأ هذا المقال باستعراض الآيات المقننة لأحكام الميراث، ثم بتحديد المجالات التي تعمل فيها هذه الآيات:

يقول سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} إلى قوله {وله عذاب مهين} (النساء 11-14). ثم قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} (النساء 176) إلى آخر الآية. وقوله: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} (النساء 7) مع قوله: {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (الأنفال 75).


عند التأمل في هذه الآيات نجدها تشتمل على كليات هي الأصل في تفاصيل الأحكام(1) ومن هذه الكليات قوله تعالى: {آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً} حيث يظهر منها أن للقرب والبعد من الميت تأثيرا في الميراث. وإذا أضفت هذه الجملة إلى بقية الآية أفادت أن ذلك مؤثر في زيادة السهم وقلته… وإذا ضُمت إلى قوله تعالى: {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} أفادت أن الأقرب نسبا في باب الإرث يمنع الأبعد، كمنع أبناء الميت أولادهم من الميراث…

هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن المجالات التي تعمل فيها هذه الآيات نجدها تنحصر في ثلاثة أقسام: الأولاد والوالدان، ثم الزوج والزوجة، ثم الإخوة والأخوات كما هو وارد في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ}، وقد بدأ الحق سبحانه الحديث في الآيتين بالورثة الذين لهم اتصال مباشر بالميت، حيث ذكر أولا الأولاد والوالدين، ثم ثنى بالزوج والزوجة لما لهما من اتصال به أيضا، ثم ثلث أخيرا بما له اتصال بالميت بواسطة كالإخوة والأخوات، وهم المسمون بالكلالة. والكلالة معناها قرابة يتركها الميت ليس من بينها الوالدان والأولاد، وقد سموا بالكلالة لأنهم كالدائرة المحيطة بالإنسان، أو كالإكليل المحيط بالرأس، في حين أن قرابة الولادة ليست كذلك، إذ فيها يتفرع البعض عن البعض ويتولد البعض من البعض، كالشيء الواحد يتزايد على نسق واحد(2)، ومعنى هذا أن لنا في الورثة ثلاثة أقسام: الوالدان والأولاد، ثم الزوجان، ثم الإخوة والأخوات.

وإن شئت قلت: إن قرابة الميت تنحصر في أربع مراتب: الأب والأم، والابن والبنت، وهذه المرتبة هي أقرب الأقارب، إذ لا واسطة بينهم وبين الميت. ثم الزوجان لاختلاط دمائهما بالزواج مع جميع الطبقات(3)، ثم الأخ والأخت، والجد والجدة، وهي تتقرب من الميت بواسطة واحدة هي: الأب أو الأم أو هما معا. ثم العم والعمة والخال و الخالة وهي تتقرب إلى الميت بواسطتين هما: أب الميت أو أمه، وجده أو جدته(4).

– هذا ولما كان القصد من هذا البحث ليس التعرض فيه لجميع أحكام الميراث، وإنما التعرض للبعض الذي يكثر اللغط حوله، وأعنى به قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} سوف يكون حديثنا قاصرا على تتبع المجالات التي يكون له فيها وجود، والمجالات التي لا وجود له فيها:

– وأبدأ بالقسم الأول من الورثة وأعني به الأولاد والآباء. والحالات التي يمكن تصورها في هذا القسم لا تخرج عن أربع حالات، حالتان يعمل فيهما قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} وهما:

أولا: أن يخلف الميت ذكرا واحدا وأنثى واحدة، أو يخلف ذكورا وإناثا، وحكم هذه الحالة هو ما نطق به قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}.

ثانيا: أن يخلف مع الأولاد آخرين كالزوجين وحكم هذه الحالة أيضا هو أن يأخذ الزوجان سهامهما والباقي بين الذكور والإناث: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}.

– وأما الحالتان اللتان لا يعمل فيهما قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} فهما:

ما تمت الإشارة إليهما بقوله تعالى: {فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} حيث يتبين من الآية أن النساء إذا كن منفردات بالإرث كان الحكم فيهن ما ذكره وهو النصف للواحدة، والثلثان للجمع، وسكت عن الثنتين فاختلف فيهما… والجمهور من الصحابة وغيرهم على أن لهما الثلثين كالجمع، وعليه العمل من عهد النبيﷺ، كما في حديث جابر قال: “جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول اللهﷺ فقالت: يارسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا، ولا تنكحان إلا ولهما مال فقال: “يقضي الله في ذلك”، فنزلت آية المواريث: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} الآية، فأرسل رسول اللهﷺ إلى عمهما فقال: “أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقى فهو لك”(5) ويلاحظ في هذه الحالة أن البنتين قد ورثا أكثر من عمهما إذ أن نصيب كل منهما يساوي 8/24 بينما نصيب عمهما 24/5

أما الحالة الثانية التي لا يعمل فيها قوله: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} فهي ما إذا خلف الميت دكورا فقط، وهذه الحالة لم تذكر في الآية، لأنه لما علم أن لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ، وعلم أن للبنت الواحدة النصف، علم منه أن للابن الواحد الكل، وإذا كان للواحد الكل، فإن كانوا أكثر من واحد لم يحسن حرمان بعضهم ولا ترجيح بعضهم، فيكون المال مشتركا بينهم بالسوية”(6).

– هذا بالنسبة للأولاد وأما بالنسبة للأبوين فيقول سبحانه: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ}.

يتبين من الآية أن للأبوين ثلاثة أوجه، وجه لا يطبق فيه قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} وهو:

أن يترك الولد الميت مع والديه أولادا، ذكرانا أو إناثا، فههنا يكون لكل واحد من الأبوين السدس فهما إذن متساويان، وكذلك هو الأمر إذا ترك ولدا دكرا واحدا. وهذا الوجه هو المشار إليه بقوله سبحانه: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ}.

– أما الوجهان اللذان يطبق فيهما قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} فهما:

أولا أن يترك الولد الميت مع الأبوين بنتا واحدة فههنا يكون للبنت النصف، ولكل واحد من الأبوين السدس بحكم هذه الآية. والسدس الباقي للأب بالتعصيب ويلاحظ هنا أن الأب أخذ ضعف ما اخذته الأم. فللأم سدس وللأب سدسان واحد بالفرض والآخر بالتعصيب جريا على ما نطق به قوله {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}، ثم يلاحظ من جهة أخرى أن البنت قد أخذت أكثر من الأب.

ثانيا أن لا يكون مع الوالدين أحد من الأولاد ولا يكون هناك وارث سواهما وهو المراد من قوله سبحانه: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} فهاهنا للأم الثلث وذلك بالفرض، والباقي للأب، ومعنى هذا أن مجموع المال لهما، وقسمته بينهما جارية على قوله: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}.

هذا إذا لم يكن للميت وارث غير الأبوين، أما إذا ورثه أبواه مع أحد الزوجين فذهب أكثر الصحابة وغيرهم إلى أن الزوج يأخذ نصيبه، ثم يدفع ثلث ما بقي للأم، ويدفع الباقي للأب جريا على قوله: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}.

– هذا عن القسم الأول من أقسام الورثة. أما القسم الثاني وهم الوارثون بسبب الزوجية، فهذا القسم هو الذي يقول فيه الحق سبحانه: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}. وهنا نجد حظ الرجل مثل حظ الأنثيين.

فالزوج يرث النصف من زوجته الميتة إن لم يكن لها ولد، والزوجة ترث الربع من زوجها الميت إن لم يكن له ولد، والنصف ضعف الربع.

كذلك إذا كان للزوجة الميتة ولد فإن الزوج يرث من زوجته الربع، وهي ترث منه الثمن إن كان له ولد، والربع ضعف الثمن.

– بعد هذا ينتقل الحق سبحانه إلى القسم الثالث من أقسام الورثة وهم الذين لهم اتصال غير مباشر بالميت كالإخوة والأخوات، حيث يقول سبحانه: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} (النساء12). وقد أطلق الحق سبحانه على هذا القسم اسم الكلالة وهم الذين ينسبون إلى الميت بواسطة”(7) كأن يكون للميت ورثة لا وجود للوالدين، ولا للأولاد فيهم. وفي هذه الآية نجد المفسرين يجمعون على أن المراد من الأخ والأخت هنا الأخ والأخت من أم، وكان سعد بن أبي وقاص يقرأ، وله أخ أو أخت من أم. وههنا نجد الحق سبحانه قد أثبت لكل واحد من الأخ والأخت السدس، وأثبت لهم الثلث إن كانوا عديدين، ومعنى هذا أنهم يأخذون فرض الأم الذي هو إما السدس أو الثلث(8). ويلاحظ أن قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} قد غاب في الإخوة والأخوات من الأم، إذ الذكور والإناث متساوون.

هذا عن الإخوة والأخوات لأم أما الإخوة والأخوات من الأب والأم، أو من الأب فقط، فنجد الحق سبحانه يتحدث عنهم في آخر آية من سورة النساء وهي قوله {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (النساء (174).

والمتأمل في الآية يجد أنها صرحت بما ترثة الأخت الواحدة (نصف) والأخ الواحد (كل المال) والأختيين (الثلثان) والإخوة المختلطة من الرجال والنساء (للذكر مثل حظ الأنثيين).

هذا ويلاحظ في هذه الآية أنها إنما تتحدث عن الأخوات الشقيقات، والأخوات لأب في حال كونهن أصحاب فروض، وأما الحديث عنهن كعصبة مع الغير إذا وجد معهن فرع مؤنث، فقد تولته السنة الشريفة حيث بينت:

أن الأخ إذا مات وترك بنتا وأختا لأبوين أو لأب فإن للبنت النصف، والأخت تأخذ النصف تعصيبا لقولهﷺ فيما رواه البخاري عن الأسود قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول اللهﷺ: النصف للبنت والنصف للأخت”.

وكذلك إذا مات وترك بنتا، وبنت ابن، وأختا لأبوين أو لأب، فإن البنت تأخذ النصف وابنة الابن تأخذ السدس تكملة الثلثين، والأخت تأخذ الباقي تعصيبا، بدليل ما جاء في صحيح البخاري أن ابن مسعود رضي الله عنه سئل عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال: “أقضي فيها بما قضى النبيﷺ: النصف للبنت ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وللأخت الباقي تعصيبا”.

والأمر مثله إذا ماتت الأخت وتركت أختيين واحدة شقيقة والأخرى لأم، فإن الأخت لأم ترث السدس فرضا والأخت الشقيقة أو لأب ترث الباقي تعصيبا.

ثم من جهة أخرى فإن الفروض إذا استغرقت التركة كلها ولم يبق شيء للأخت العاصبة فإنها لا ترث شيئا مثل سائر العصبة، وذلك كما لو تركت الأخت الميتة زوجا وبنتين وأما وأختا شقيقة، فإن البنتين تأخذان الثلثين والزوج يأخذ الربع، والأم تأخذ السدس، ولا يبقى شيء للأخت الشقيقة العاصبة(9).

ويلاحظ في هذه الحال أن الأخت الشقيقة كأنها أخ شقيق من كل الوجوه، فهي تشترك مع الجد في التعصيب… وتحجب الأخ لأب كما لو كان هناك أخ شقيق، وكذلك تحجب الأخت لأب، وابن الأخ الشقيق وهكذا سائر العصبات من بعد”(10).

والخلاصة: إن من يتأمل فيما سبق ذكره يجد على الجملة، أن فلسفة الإسلام في توزيع التركة قائمة على التفاضل، ليس بين الرجال والنساء فقط بل حتى بين الرجال أنفسهم، وبين النساء أنفسهن، فعلى سبيل المثال نجد في القسم الأول من الورثة أن الأبناء يفضلون الآباء، ونجد في القسم الثاني أن الأزواج يفضلون الزوجات كما نجد في القسم الثالث المسمى بالكلالة أن الإخوة الأشقاء يفضلون الإخوة من الأم ويفضلون كذلك الإخوة من الأب”…

– والسؤال الآن هو: هل هذه الأحكام الواردة في هذه الآيات قابلة للتغيير أو هي كما وضعت إلى أن تقوم الساعة، بحكم أن القرآن خطاب للبشرية جمعاء من مبعث محمد عليه الصلاة والسلام إلى يوم الدين؟

يمكن القول بكامل الاطمئنان أن هذه الأحكام غير قابلة للتغيير لأسباب:

أولها أننا نجد الحق سبحانه يعقب على أحكام القسم الأول من الورثة بقوله: {آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا} يقول السيد محمد رشيد رضا في هذه الآية: إن ما ذكره من الأحكام فريضة من الله لا هوادة في وجوب العمل به من جهة، ومن جهة أخرى فإنكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا: أ آباؤكم أم أبناؤكم..”، ثم من جهة ثالثة” {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا} فهو لعلمه المحيط بشؤونكم، ولحكمته البالغة التي يقدر بها الأشياء قدرها ويضعها في مواضعها اللائقة بها، لا يشرع لكم من الأحكام إلا ما فيه المصلحة والمنفعة لكم، إذ لا يخفى عليه شيء من وجوه المصالح والمنافع وهو منزه عن الغرض والهوى اللذين من شأنهما أن يمنعا وضع الشيء في موضعه وإعطاء الحق لمستحقه”(11).

وبتعبير آخر: إن الخطاب في قوله تعالى: {آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً}. خطاب للورثة أعني لعامة المكلفين من حيث إنهم يرثون موتاهم، وهو كلام ملقى للإيماء إلى سر اختلاف السهام في وراثة الآباء والأبناء، ونوع تعليم لهم خوطبوا به بلسان “لا تدرون”.. والظاهر أن المراد بالانتفاع هو الانتفاع بالمال الموروث، وهو إنما يعود إلى الورثة دون الميت، وتقديم الآباء على الأبناء يشعر بكون الآباء أقرب نفعا من الأبناء… والأمر على ذلك بالنظر إلى آثار الرحم، واعتبار العواطف الإنسانية، فإن الإنسان أرأف بولده منه بوالديه، وهو يرى في بقاء ولده بقاء لنفسه دون بقاء والديه، فآباء الإنسان أقوى ارتباطا وأمس وجودا به من أبنائه، وإذا بني الانتفاع الإرثي على هذا الأصل كان لازمه أن يذهب الإنسان إذا ورث أباه مثلا بسهم أزيد منه إذا ورث ابنه مثلا (تبعا للمنفعة) وإن كان ربما يسبق إلى الذهن البدوي أن الأمر “بالعكس”(12) ثم إن قوله: {فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ} تأكيد بالغ أن هذه السهام المذكورة قدمت إليكم مفرزة معينة لا تتغير عما وضعت عليه”(13).

ثانيها نجد كذلك الحق سبحانه يصرح عقب القسم الثالث من أحكام الورثة الذين تتشوف – عادة – نفس الميت حالة الحياة والوارثين الأكثر قربا منه، إلى إقصائهم من الميراث بوسائل مفتعلة كالبيع الصوري، والدين، والوصية، بقوله: {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} (النساء 12) قال الإمام الرازي مفسرا ما يقصد بالوصية والدين الضارين بالورثة: “اعلم أن ظاهر الآية يقتضي جواز الوصية بكل المال، وبأي بعض منه… إلا أننا نقول إن هذا العموم مخصوص من وجهين: الأول في قدر الوصية، والثاني في الموصى له.

أما قدر الوصية فإنه لا يجوز الوصية بكل المال بدلالة القرآن والسنة، أما القرآن فالآيات الدالة على الميراث… ومعلوم أن الوصية بكل المال تقتضي نسخ آيات الميراث… وأما السنة ففي الحديث المشهور في هذا الباب وهو قوله عليه الصلاة والسلام: “الثلث والثلث كثير إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من تدعهم عالة يتكففون الناس” ثم قال في شرح الحديث:

“واعلم أن هذا الحديث يدل على أحكام: أحدها أن الوصية غير جائزة في أكثر من الثلث، وثاينهما أن الأولى النقصان من الثلث لقوله: “والثلث كثير” وثالثها أنه إذا ترك القليل من المال وورثته فقراء، فالأفضل أن لا يوصي بشيء لقوله عليه الصلاة والسلام: أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس”. ورابعها: فيه دلالة على جواز الوصية بجميع المال إذا لم يكن له وارث لأن المنع منه لأجل الورثة، فعند عدمهم وجب الجواز”(14).

أما الوجه الثاني الذي هو تخصيص عموم الآية في الموصى له، فيتجلى في أنه لا يجوز الوصية لوارث، قال عليه الصلاة السلام: “ألا لا وصية لوارث”. ثم قال في تشخيص الوصية الضارة بالورثة: “واعلم أن قوله تعالى: {غَيْرَ مُضَآرٍّ} نصب على الحال، أي أن يوصي بها وهو غير مضار.. والضرر في الوصية يقع على وجوه: أحدها أن يوصي بأكثر من الثلث، وثانيها أن يقر بكل ماله أو ببعضه لأجنبي، وثالثها أن يقر على نفسه بدين لا حقيقة له دفعا للميراث عن الورثة، ورابعها أن يقر بأن الدين الذي كان له على غيره قد استوفاه ووصل إليه، وخامسها أن يبيع شيئا بثمن بخس أو يشتري شيئا بثمن غال. كل ذلك لغرض أن لا يصل المال إلى الورثة، وسادسها أن يوصي بالثلث لا لوجه الله لكن لغرض تنقيص حقوق الورثة، فهذه أوجه الإضرار في الوصية(15).

ثم قال: واعلم أن العلماء قالوا: الأولى أن يوصي بأقل من الثلث. قال علي (كرم الله وجه): لأن أوصي بالخمس أحب إلي من الربع، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: “الإضرار في الوصية من الكبائر”. وقد استدل الإمام الرازي لهذا القول بدليلين نقلي و عقلي، أما النقلي فقوله عليه الصلاة والسلام: من قطع ميراثا فرضه الله، قطع الله ميراثه من الجنة” ومعلوم أن الزيادة في الوصية قطع من الميراث، وأما المعقول فهو أن مخالفة أمر الله عند القرب من الموت يدل على جراءة شديدة على الله تعالى وتمرد عظيم عن الانقياد لتكاليفه وذلك من أكبر الكبائر”(16).

هذا وكما تم التحذير من الإضرار بالأخوة والأخوات من الأم، تم التحذير كذلك بهذا التعقيب على الأخوة والأخوات من الأب والأم أو من الأب، حيث قال سبحانه: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي يبين الله أمور دينكم، ومن أهمها هذه الفرائض وأحكامها، كراهة أن تضلوا أو تفاديا من أن تضلوا، ونقل الرازي عن الجرجاني صاحب النظم أنه قال: “يبين الله لكم الضلالة لتعلموا أنها ضلالة فتتجنبوها”.

ثم أخيرا يقول سبحانه عقب بيان سهام المواريث كلها: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ندْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ ندْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (النساء 14) أي هذه أحكام الله قد بينها لكم لتعرفوها وتعملوا بها…”(17) فمن أطاع فله… و من عصى فله….

– الآن وقد كشفنا عن حقيقة هذا التفاضل في قسمة الميراث وعن كون هذه القسمة من الله… يمكننا أن نتساءل عن سر هذا التفاضل في الأرزاق من جهة، وعما يمكن أن يفضي إليه ذلك التفاضل من أضرار بالمقصد الأسمى الذي جاءت من أجله كل الأنبياء والرسل وأعني به العدالة الاجتماعية؟

قبل أن نبحث عن الإجابة يجب أن نلفت الأنظار إلى أن مثل هذا التساؤل قد طرحته مجموعة من النساء على الرسول عليه الصلاة والسلام. “قال مجاهد: قالت أم سلمة: يا رسول الله يغزو الرجال ولا نغزو، ولهم من الميراث ضعف مالنا، فليتناكنا رجالا” وقالت أخرى: “رب الرجال والنساء واحد، وأنت الرسول إلينا وإليهم، وأبونا آدم وأمنا حواء فما السبب في أن الله يذكر الرجال ولا يذكرنا؟” وقال جمع منهن: نحن أحوج لأنا ضعفاء وهم أقدر على طلب المعاش”(18).

وكان الجواب من الخالق جل جلاله بهذه الآية الكريمة: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (النساء 32) ومعناها كما يقول القفال رحمه الله: “إنه تعالى لما نهاهم في الآية المتقدمة عن أكل الأموال بالباطل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وعن قتل النفس {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، أمرهم في هذه الآية بما سهل عليهم ترك هذه المنهيات، وهو أن يرضى كل أحد بما قسم الله له، فإنه إذا لم يرض بذلك وقع في الحسد، وإذا وقع في الحسد وقع لا محالة في أخذ الأموال بالباطل، وفي قتل النفوس، فإذا رضي بما قدره الله أمكنه الاحتراز عن الظلم في النفوس والأموال”(19).

ثم كان الجواب مرة أخرى أكثر عمقا بنحو قوله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمةُُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (الزخرف 32) أي “أنا أوقعنا هذا التفاوت بين العباد في القوة والضعف، والعلم والجهل، والحذاقة والبلاهة، والشهرة والخمول، وإنما فعلنا ذلك لأنا لو سوينا بينهم في كل هذه الأحوال لم نجد أحدا يخدم أحدا، ولم يصر أحد منهم مسخرا لغيره، وحينئذ يفضي ذلك إلى خراب العالم وفساد نظام الدنيا”(20).

– هذا من جهة التفاضل في الأرزاق الذي لا تستقيم الحياة بدونه، وأما من جهة ما يترتب على هذه التفاوت من تفويت للعدالة الاجتماعية التي من أجلها جاء كل الأنبياء والرسل، فيلاحظ من خلال الشريعة كلها أن الحق سبحانه جبرا لهذا العطب في العدالة، يأمر بمختلف الأساليب أمر إيجاب، هؤلاء الذين وقع تفضيلهم بالرد من أرزاقهم على المستضعفين، وذلك من أجل أن يحصل التوازن الاجتماعي الذي عجزت البشرية بمختلف مذاهبها عن إحقاقه، حيث يقول مخاطبا قارون الثري الباغي على القوم: {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، أي لا يحب هؤلاء الذين يحترفون التكاثر في الأموال من طريق الاستيلاء على وسائل الإنتاج من جهة، واستغلال المستضعفين من جهة. وقال زيادة في بيان ذلك الذي يجب أن يكون عليه المجتمع الإسلامي: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ؟} (النحل 71) حيث يتبين من الآية أنها قد اشتملت على ثلاث قواعد هي التي يرسي عليها بناء العدالة الاجتماعية: مساواة في ملكية وسائل الإنتاج المشار إليها بقوله: “فهم فيه سواء” وبقوله في آية أخرى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} (البقرة (29) إذ هي نعمة من الله لا يد للإنسان فيها، ثم مراعاة ما يتمتع به بعض الأفراد من مواهب وقدرات من شأنها أن تفضي حتما إلى ذلك التفاوت في الأرزاق حيث يقول: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ}، ومراعاة ما ينقص الأخرين من هذه المواهب والقدرات، وذلك هو المشار إليه بقوله تعالى: {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}. ولا يخفى أن هذا لا يحصل إلا بفرض قوانين من شأنها أن لا تقضي نهائيا على امتيازات المفضلين، وأن تحقق الكرامة للمستضعفين، أو بتعبير آخر من شأنها أن تجعل المجتمع يتفيأ ظلال المقصد الأسمى المعبر عنه بقوله تعالى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ} (الحشر 7) كل ذلك بحكم أن هؤلاء الأغنياء لا يمكنهم كسب هذا الغنى بعيدا عن المجتمع وعن الفقراء(21). أخيرا يشار إلى وجوب فرض هذه القوانين من قبل السلطة التشريعية بقوله: {أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ؟}

– والأمر مثله في توزيع ثروات الموتى حيث يتم فيه مراعاة مبدأين كما يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله في كتابه القيم: (المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني) هما: وضع الوارث ومدى حاجته، ونوع العلاقة بينه وبين مورثه ذكرا كان أو أنثى.

فالابن يتعرض حال الكبر والاكتساب لمسئولية الإنفاق على أبويه، بالإضافة إلى مسئولية الإنفاق على زوجته، ومسئولية تقديم المهر لها، في حين أن زوجته لا تتعرض لهذه المسئولية ولا تتحمل شيئا منها، فكانت العدالة تقتضي أن يكون له ضعف نصيبها.

وعندما يحدث العكس بأن يكون الولد هو المتوفى والأبوان هما الوارثان، فإن الأبوين لما كانا يتعرضان بدرجة واحدة لتلقي النفقة من ابنهما عندما كان حيا – متى كانا في حاجة إليها- كانت العدالة في توزيع ميراث الولد هنا أن يستوى الأب والأم في حقهما من ماله إذا مات.

وكذلك الحال عندما يترك المتوفى أخا أو أختا من أمه، وليس ثمة من هو أقرب منهما إلى الميت كالابن والأخ الشقيق. ذلك لأن أيا منهما لا يتعرض لتحمل مسئولية الإنفاق على أخيهما المتوفى عندما كان حيا، فهما متساويان في علاقتهما به من حيث الغنم والغرم. إذن فقد اقتضت عدالة التوزيع أن يكون نصيباهما متكافئين، سواء كانوا جمعا من الذكور والإناث أو كان الأخ واحدا والأخت واحدة كما سبق بیانه.

فقد ظهر لك جليا أن الذكورة والأنوثة لا مدخل لهما من حيث ذاتهما في تفاوت الأنصباء، ولو كان الأمر كذلك لا طرد الحكم، ولكان نصيب كل ذكر من الوارثين ضعف كل أنثى من الوارثات.

وقد رأيت أن الحكم يدور على محور آخر هو مدى حاجة الوارث، ونوع العلاقة السارية بينه وبين مورثه، كما اتضح لك من الأمثلة السابقة، فإذا اقتضت العدالة بينهما ومدى الحاجة التي تلاحق الوارث أن تكون حصة الذكر أكثر من الأنثى كان الحكم كذلك، وإذا اقتضى ذلك أن تتساوى الحصتان أو ان تفضل الأنثى على الذكر كان الحكم كذلك. والأمثلة التي ذكرناها خير شاهد على ما نقول”(22).


مراجع
---------------
1- الميزان في تفسير القرآن 4/219.
2- مفاتيح الغيب 9/222.
3- الميزان في تفسير القرآن 4/234.
4- نفسه.
5- أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم.
6- غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري 2/264.
7- مفاتيح الغيب 9/221.
8- تفسير المنار 4/424.
9- أنظر أحكام التركات والمواريث للشيخ محمد أبو زهرة ص 162.
10- نفسه ص 161.
11- تفسير المنار 4/420.
12- الميزان في تفسير القرآن 4/216.
13- نفسه 4/217.
14- مفاتيح الغيب 9/224.
15- نفسه 9/225.
16- نفسه 9/226.
17- الجامع لأحكام القرآن القرطبي 5/81.
18- انظر مفاتيح الغيب.
19- مفاتيح الغيب 10/80.
20- نفسه 27/209.
21- انظر الفصل الأخير من كتابنا: القرآن وماهية التغيير- النص الديني – الإنسان
22- انظر المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني” للدكتور محمد رمضان البوطي ص 108-109 دار الفكر دمشق – دار الفكر المعاصر لبنان – بيروت.



الثلاثاء 23 أبريل 2024

تعليق جديد
Twitter