MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



نسخة من مقال الطعن بالإلغاء ومقال إيقاف تنفيذ قرار إداري المدلى بهما من طرف النقيب عبد الرحمان بنعمرو امام محكمة النقض و اللتان ترصدان الخروقات الدستورية والقانونية للمحاكمة التأديبية للقاضي الهيني

     



نسخة من مقال الطعن بالإلغاء ومقال إيقاف تنفيذ قرار إداري المدلى بهما من طرف النقيب عبد الرحمان بنعمرو امام محكمة النقض و اللتان ترصدان الخروقات الدستورية والقانونية للمحاكمة التأديبية للقاضي الهيني
مقال من أجل الطعن بالإلغاء  مع تسوية الوضعية الإدارية والمالية

الرباط في 4-9-2014
 
 
مقال من أجل الطعن بالإلغاء
 مع تسوية الوضعية الإدارية والمالية
مرفوع
إلى السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض
الغرفة الإدارية
لفائدة: السيد محمد الهيني –قاض- الساكن برقم  179 الشقة رقم 1 كيش الأوداية تمارة
نائبه النقيب الأستاذ عبد الرحمان بنعمرو
المحامي بهيئة الرباط والمقبول للترافع أمام محكمة النقض.
ضد
  • الدولة في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط
  •  وزارة العدل والحريات الممثلة بوزيرها بصفته هاته وبصفته    نائبا لرئيس المجلس الأعلى للقضاء بكتابة المجلس الأعلى للقضاء بوزارة العدل والحريات  
  • الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة المالية بالرباط                                                  
 
                  
سيادة الرئيس الأول:
 
يتشرف العارض بأن يعرض على مجلسكم الموقر
 
أنه يطعن بالإلغاء للشطط في استعمال السلطة ضد القرارالصادرعن المجلس الأعلى للقضاء في دورة ماي 2014 والقاضي في حق الطاعن  باتخاذ قرار الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة ثلاثة أشهر والحرمان من الأجر مع النقل من المحكمة الإدارية بالرباط بصفة مستشار بها إلى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة بصفة نائبا للوكيل العام للملك بها، موضوع قرار وزير العدل- بصفته تلك- عدد 710/5 المؤرخ في11/8/2014المبلغ إليه والمتوصل به بتاريخ 3/9/2014.  
وذلك قصد سماع القرار:
شكـلا:
حيث إن القرار المطعون فيه بلغ للعارض ( رفقته نسخة مصادق عليها منه وثيقة رقم 1)
 
وحيث انه بإيداع المقال الحالي داخل الأجل القانوني ،بعد أداء الرسوم القضائية عن الشق المتعلق بتسوية الوضعية، بكتابة ضبط هذه  المحكمة ، يكون الطعن بالإلغاء وتسوية الوضعية قد استوفى شروط قبوله هصفة ومصلحة وأهلية وأجلا وأداءا.
 
موضوعا
حيث ينبغي عرض وقائع النازلة (أولا) ثم بيان وسائل الطعن بالإلغاء  (ثانيا )وطلب تسوية الوضعية الفردية(ثالثا)   :
أولا  عرض الوقائع:
   كتب السيد محمد الهيني بتاريخ 23/03/ 2014 بصفته مواطنا غيورا ومحبا لوطنه وملكه على صفحته على الفايسبوك خاطرة أدبية عنونها"لا نريد أسدا وهي عبارة عن رسالة لوزير العدل والحريات حول مواصفات مدير الشؤون المنتظر جاء فيها ما يلي :
"لا نريد أسدا"
مواصفات مدير الشؤون المدنية المنتظر" لا نريد أسدا ولا نمرا"
 رسالة إلى زميلي الوزير:
   سيدي الوزير؛ ننتظر منكم تعيين مدير الشؤون المدنية  بوزارة العدل والحريات في انتظار تكريس استقلالية الإدارة القضائية عن وزارتكم من خيرة قضاة المملكة الذين راكموا تجربة واسعة في إدارة المحاكم فكرا وتنظيما وتدبيرا وحكمة وتبصر، وتميزوا بجرأة وغيرة على استقلال القضاة والدفاع عن حقوق القضاة، وحملوا مشعل العلم وتميزوا بكتاباتهم وأحكامهم، وأشاعوا جو الثقة في المحيط القضائي وسطروا معالم إدارة مواطنة وقضاء قريب روحا وممارسة من المواطنين .
   لكن اعذرني فما سمعته عن قرب تعيين مسؤول قضائي في محكمة درجة ثانية متخصصة استفزني للحديث لكم ، لأن معايشتنا له كقضاة جعلتني أتحمس للتنفير منه ، فيكفي أن يكون خروجه غير المشرف من هذه المحكمة للحكم عليه،فلا خبرة قضائية راكمها ، ولا تجربة أغناها،كان ديدانه الإدارة وكان صديقه الكتابة والتجني على القضاة، وإطلاق التهم المجردة عنهم ، يفرح ببت روح الفرقة بين القضاة ، وتحرير استفسارات ضدهم،يكره روح الإبداع والاجتهاد،يعادي نشر المعلومة القانونية والقضائية، باب المحكمة موصدة في وجه المرتفقين والمواطنين،حطم جدار ثقة القضاة في أنفسهم ،الاستقلالية عنده أضغات أحلام وأماني ،والعدالة عدالة السماء لا الأرض، الاجتهاد نقمة والكسل نعمة،والمحبة والثقة بين القضاة وقود نار، وفرق تسد شعاره،القضاء يحسبه إدارة ،والإدارة قضاء،والمواطن يحتاج إلى قضاء آخر، لأن القضاء بطبعه إداري،القضاء ليس منطق ربح وخسارة ، القضاء لا يسير بفكر تجارة واستثمار
   سيدي الوزير ؛
لا نريد أسدا ولا نمرا، نريد قاضيا مقتدرا تستفيد منه الإدارة ولا يستفيد منها ،نريد قاضيا يحصن المنصب ولا يحصنه المنصب ، نريدا باحثا ومفكرا مجتهدا ،زاهدا في جمع المال،حاضا على العلم ،مخلصا للمواطنين، نريد قاضيا نزيها يقتات من قوت يومه ومن عرق جبينه،يقدر المسؤولية حق قدرها ".
بتاريخ 8/4/2014 استمعت المفتشية العامة للقاضي المتابع
وبتاريخ 15/4/2014 تمت متابعته من طرف وزير العدل والحريات
وبتاريخ 24/4/2014 استمع إليه السيد المقرر فأنكر المنسوب إليه
وبتاريخ 22/4/2014 تمت إحالته على المجلس بمقرر وزير العدل
وبتاريخ   3/6/2014عرض على المجلس الأعلى للقضاء التمس تمكينه من أجل لإعداد دفاعه فاستجيب للطلب
وبتاريخ 17/6/2014انعقدت الجلسة الثانية للمجلس الأعلى للقضاء
وبتاريخ بلغ 3/9/2014 بلغ  بالقرار موضوع الطعن .
 
 
ثانيا :  وسائل  الطعن بالإلغاء
1-في  شأن قبول الطعن :
وحيث إن القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء تقبل الطعن عن طريق دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة قياسا على الفصل 114 من الدستور وانسجاما مع  الفصل 118 منه الناص على أن  "حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون.
كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة"
وحيث إن الفصل 118 المذكور  يتأسس على قاعدة دستورية وطنية ودولية مؤداها عدم جواز تحصين أي قرار إداري من الطعن ،وهذه قاعدة بديهية ومن مسلمات وأبجديات القضاء الإداري ،ولا يحتاج الطعن لأي نصوص تنظيمية تقر الحق فيه ،لأنه من النظام العام،لكن فعالية هذا الحق وليس ممارسته يتوقف على الارتقاء بالغرفة الإدارية بمحكمة النقض إلى مصاف هرم قضائي إداري يطلق عليه مجلس الدولة أو المحكمة الإدارية العليا
و هذه القاعدة استقر عليها قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض والمحاكم الإدارية حتى قبل صدور الدستور ،لكون الطعن بالإلغاء من النظام العام وعنوان الشرعية وسيادة القانون
ولاشك أن سمو القاعدة الدستورية،على ماعداها من نصوص قانونية،يشكل تكريسا للشرعية وسيادة للقانون،باعتبارهما من مبادئ دولة الحق والقانون التي تأبى تحصين أي قرار إداري ،مهما علا شأنه،وتعددت مصادره،واختلفت مجالاته من الرقابة القضائية،لكون القضاء هو الحامي الطبيعي والحارس الأمين للحقوق والحريات .
وهكذا جاء في حكم للمحكمة الإدارية بوجدة صادر بتاريخ 8-3-2000"إن الطعن بالإلغاء ضد المقررات الإدارية يهدف إلى حماية الشرعية، ولا ينفلت منه أي مقرر إداري ولو تعلق الأمر بمقرر صدر في إطار قانون،ينص على عدم قابليته للطعن، مادام أن مبدأ مراقبة الشرعية يعتبر مبدأ دستوريا".
كما جاء في حكم للمحكمة الإدارية بأكادير صادر بتاريخ 20-7-1995 "تعتبر دعوى الإلغاء بمثابة دعوى القانون العام لإلغاء القرارات الإدارية عموما، أي يمكن أن توجه ضد أي قرار إداري دونما حاجة إلى نص قانوني صريح.
وحيث إنه لا يقبل وفقا لروح قانون 41-90 تحصين أي قرار من مراقبة قاضي المشروعية وحرمان المواطن في دولة الحق والقانون ،ضمانا لحقوقه وحرياته من مراقبة أعمال الإدارة،عن طريق دعوى الإلغاء التي تمارسها هيئة مستقلة عن الإدارة،تتكون من قضاة تابعين للسلطة القضائية،ولا يخضعون للتسلسل الرآسي أو لأي نوع من الوصاية،ويستعملون اختصاصاتهم من أجل حماية المواطن والإدارة معا".
وقد طبقت محكمة النقض ذات المبدأ في "قضية وليام وول" حيث لم يقبل إدعاء الإدارة،بكون القرار غير قابل للطعن ، بعلة أن النص المستند عليه هو نص عام،لا يمكن الاحتجاج به لأن إرادة المشرع في استبعاد دعوى الإلغاء لم تكن واضحة.
نفس المبدأ أكده قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط صادر بتاريخ 27/12/2006 جاء فيه "إذا كان الفصل 12 من ظهير 27/04/1919 بشأن تنظيم الوصاية على الجماعات السلالية وضبط تدبير الإدارة للأملاك الجماعية،قد نص على عدم قابلية مقررات مجلس الوصاية للطعن، فإن هذا المنع لا يمكن أن ينسحب أثره على دعوى الطعن بالإلغاء،الذي يمكن القضاء الإداري من بسط رقابته على مشروعية القرارات الإدارية، وفحص مدى مطابقتها للقانون.
وقد توج هذا المسار القضائي الرائد للقضاء الإداري بالمغرب،في منع وحظر تحصين أي قرار الإداري من الإفلات من الرقابة القضائية،بتأكيد الدستور الجديد الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 29 يوليوز 2011،على هذا المبدأ لأول مرة في الفصل 118 منه،بأن" كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه
أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة. "
وإذا كان الدستور قد ارتقى بقاعدة عدم تحصين القرارات الإدارية من الطعن إلى مستوى القاعدة الدستورية ذات القيمة الأسمى، والتي تحتل مركزا قياديا ورئيسيا في هرم التراتبية التشريعية، فإن أي نص قانوني لا ينضبط لمفهوم القاعدة الدستورية، يكون مشوب بعيب عدم الدستورية 
وحيث إن المجلس الأعلى للقضاء  من الناحية العضوية والمادية يعتبر هيئة إدارية تصدر قرارات إدارية ، وقراراته التي تمس بالمراكز القانونية للغير،هي قرارات إدارية صادرة عن سلطة إدارية بمفهوم المادة 8 من قانون المحاكم الإدارية،ولا مبرر إطلاقا لاستثنائها من الخضوع لرقابة الإلغاء في غياب نص صريح يحظر ذلك، كما أنها ليست قرارات قضائية لسبب بديهي،هو عدم صدورها عن جهة قضائية تتمتع باختصاصات السلطة القضائية ،ليس فقط لوجود وزير العدل ضمن تشكيلتها بصفته رجل ينتمي للسلطة التنفيذية الموضوعة الإدارة رهن إشارته وإنما أيضا وبصفة أساسية للإجراءات والسلطات المخولة له  كسلطة تأديبية مهنية تتمتع بامتيازات السلطة العامة بإصدار قرارات انفرادية قابلة للتطبيق المادي المباشر.
وحيث إن حضور غالبية القضاة ضمن تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء  لا يساهم في  إضفاء الصبغة القضائية عليها.
وهكذا على  سبيل المقارنة اعتبرت المحكمة الإدارية بوجدة بموجب حكمها الصادر بتاريخ 27/11/2002"إن حضور مستشار من محكمة النقض أعمال المجلس التأديبي لهيئة الصيادلة،لا يضفي على مقترحات أو مقررات المجلس صيغة القرارات القضائية،لانعدام السند القانوني، وعليه،فلا يمكن اعتبار القرارات الصادرة عن المجالس أو اللجان التي يترأسها قضاة،بحكم قوانينها التنظيمية قرارات قضائية، وإنما تبقى قرارات إدارية بطبيعتها قابلة للطعن فيها أمام الجهات القضائية المختصة،وأن القرارات التي تصدرها هذه الأخيرة،هي المعتبرة قرارات قضائية، وليس العكس"- حكم عدد205/2002

وقد أكد الاجتهاد القضائي الحديث للغرفة الإدارية بمحكمة النقض على جواز الطعن في قرارات المجلس الأعلى للقضاء في قضية القاضي الشنتوف ضد الوكيل القضائي للمملكة الذي جاء فيه "إن المقررات المتعلقة بالوضعية الفردية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قابلة للطعن بسبب الشطط في إستعمال السلطة أمام أعلى هيئة قضائية إدارية بالمملكة"قرار رقم 600 صادر بتاريخ 20/6/2013 في الملف عدد1515/4/1/2013،منشور بموقع العلوم القانونية..

 
ويكون القرار الإداري الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء ،معيبا وقابلا للطعن بالإلغاء،كسائر القرارات الإدارية الصادرة عن مختلف الجهات الإدارية الأخرى ،في خمس حالات نص عليها القانون رقم 41-90 من خلال المادة 20 منه وهي:
-عيب عدم الاختصاص؛
 -عيب الشكل؛
-عيب مخالفة القانون؛
-عيب الانحراف في استعمال السلطة؛
- عيب السبب.
ومن هنا يظهر أنه لا خصوصية في أسباب الرقابة تميز العمل الرقابي القضائي على أعمال المجلس الأعلى للقضاء،عن باقي الهيئات الإدارية الأخرى التي تنتمي للقانون العام،وإن كان ذلك لا يمنع من الحديث عن خصوصية في منهج الرقابة وسلطة القاضي الإداري إزاءها،في ،بالنظر للصلاحيات والسلطات-سواء التقديرية أو المقيدة منها-التي يملكها المجلس،والتي تخوله إصدار قرارات تنظيمية وفردية تختلف مجالاتها ،وتتعدد صورها،وتتميز أساليبها،وتدق إشكالياتها،وتتفرع تأثيراتها على الحريات والحقوق،مما يستلزم رقابة ذات بعد متفرد تراعي خصوصية القطاع،وطبيعة العمل – سواء على مستوى مراقبة الشرعية أو الملاءمة- محاولة لصنع وابتكار رقابة قضائية ذات مدلول وإطار خاص،تصون الحريات وتحفظ الحقوق ،وتضمن الأمن القانوني والقضائي،وفقا لمرتكزات دعوى الإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة باعتبارها آلية لحماية الشرعية والمشروعية الدستورية، بما تعنيه من سيادة القانون ومساواة الجميع أمام أحكامه .
وحيث خلال المحاكمة  التأديبية أثارت هيئة الدفاع المشكلة من خيرة نقباء وشباب قضاة المغرب الذين نعتز بمرافعاتهم القيمة عدة دفوع  انصبت على خروقات دستورية  مسطرية وموضوعية  تهدم عناصر المتابعة لم يعرها المجلس أي اهتمام لأننا كنا في مسطرة محسومة مسبقا بالإدانة وكأننا كنا نصارع السحاب  -مما يبين حقيقة الطبيعة القانونية للمجلس من كونه مجرد جهة إدارية دستورية بفكر ونفس غير دستوريين لا يختلف في شيء عن باقي الهيئات الإدارية التأديبية بحيث أنه لا يتمتع بالصفة القضائية .
ومن هذه الدفوع  المثارة أمام المجلس الأعلى للقضاء خرق علنية المحاكمة التأديبية وعدم حيادية  تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء بحكم رآسته من طرف وزير العدل رجل السلطة التنفيذية ، وبعدم صلاحيته لترأس جلسة التأديب لانعدام مقومات الحياد والعدالة وانتهاك قرينة البراءة وخرق واجب التحفظ والمس باختصاصات المجلس والمؤسسة الملكية وخرق واجب الحياد والعدالة بعدم تحريك متابعة المشتكى به في الشكاية المقابلة والشطط في استعمال السلطة ،والدفع بعدم قانونية تشكيل الهيئة لكون المنتدب للقيام بمهام أمين سر المجلس لم يحصل على ظهير التعيين بعد من طرف جلالة الملك باعتباره رئيس السلطة القضائية، والدفع بإيقاف البت في المتابعة إلى حين البت في ملف محضر 20 يوليوز في مرحلة الاستئناف لما يشكله ذلك من تأثير على استقلال القضاء ،والدفع ببطلان المتابعة لصدورها عن جهة غير مختصة وهو الوزير في غيبة أعضاء المجلس المعينون بقوة القانون،والدفع ببطلان المتابعة لعدم تسجيل الشكاية أساس المتابعة بالطرق القانونية ،والدفع بعدم اختصاص المجلس للنظر في الوقائع موضوع المتابعة والاعتداء على اختصاص مطلق للقضاء في الموضوع، لأن السب والقذف مجاله القانون الجنائي وليس القانون التأديبي ،والدفع بسقوط المتابعة بحكم انعقاد ونفاذ الصلح بإشهاد ثلاث قضاة ومستشارين عليه مشهود لهم بالكفاءة والتجربة والأخلاق والنزاهة،وأخيرا الدفع بعدم توفر عناصر التجريم التأديبي لتعلق فعل المتابعة بحرية التعبيرالمكفولة دستوريا .
  وحيث تعتبر المساءلة  والمحاسبة الدستورية الجوهر الحقيقي لأي نظام قانوني؛ لأن التأديب هو نظام قانوني يستهدف تخليق الممارسة القضائية  بهدف صون قواعد سير العدالة وحماية حقوق المتقاضين دون إغفال حماية الأمن القانوني للقاضي الذي يعد شرطا لازما لرد أي تأثير على استقلاليته عبر بوابة المتابعات التأديبية غير المؤسسة والباطلة .
 وحيث إن خضوع النظام التأديبي القضائي لحكم القواعد الدستورية ولضمانات حقوق المتقاضين، بصفة عامة ، كفيل بإقرار محاكمة تأديبية عادلة.
  وهكذا جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط صادر بتاريخ 21-3-2013 في الملف رقم 534-5-2012 "إن الضمانات القضائية الدستورية الواردة في الباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة القضائية قابلة للتطبيق على مسائل الزجر الإداري - بمختلف أنواعه سواء التي تصدره الهيئات الإدارية العادية أو الهيئات الإدارية المستقلة المعبر عنها بالهيئات الناظمة، المعتبرة هيئات شبه قضائية ، سيرا على ما أقرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قرارها  رقم 58188-00 الصادر بتاريخ 27-8-2002 ومجلس الدولة الفرنسي بموجب "قرار ديديي" الصادر بتاريخ 3-12-1999 - ولاسيما قرينة البراءة وقواعد المحاكمة العادلة .
وهكذا سنعرض تباعا للعيوب الخمس التي تشوب قرار المجلس الأعلى للقضاء  موضوع الطعن والتي لم يسلم منها أي واحد .
 
الوسيلة الأولى:عيب عدم الاختصاص
-عدم اختصاص الوزير بشأن إصدار القرارات الإدارية التأديبية لتعلق ذلك باختصاص الملك بواسطة ظهير
وحيث يقصد بالاختصاص، القدرة قانونا على مباشرة عمل إداري معين في مجال محدد وطبقا لنصوص القانون، أما عيب عدم الاختصاص فيقصد به مخالفة القواعد التي تحدد الجهة الإدارية  المختصة في إصدار قرار ما، بحيث يصدر القرار الإداري عن جهة ليست لها الصفة القانونية في ذلك، و بذلك يكون القرار المذكور قابلا للإلغاء بسبب عدم مشروعيته
وحيث إن قرار الوزير المبلغ  للقاضي للعارض خرق مبدأ توازي الشكليات في الميدان  الإداري.
وحيث إن طالب الإلغاء عين بمقتضى ظهير لم يكن من الممكن جعل حد لمهامه إلا طبقا لمبدأ توازي الشكليات أي بناء على ظهير آخر.
(قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 94 بتاريخ 30 ماي 85
الملف الإداري عدد 762/96)
وحيث  أكدت محاكم الموضوع هذا الاتجاه المستقر عليه "إن الموظف المعين بظهير يجب أن يعزل بظهير احتراما لقاعدة توازي الشكليات.
على الرغم من إشارة إدارة الأمن الوطني في محضر تبليغها للمستأنف عليه ( عميد الشرطة) لمقرر العزل بأنه تم إعداد مشروع ظهير بعزل المعني بالأمر، فهذا لا يفيد أن الطاعن تم عزله  بمقتضى ظهير، ذلك أن الإدارة المذكورة عمدت إلى تنفيذ اقتراح المجلس التأديبي المتمثل في عزل الطاعن الذي لا يعدو أن يكون مجرد عمل تحضيري من دون انتظار موافقة الجناب الشريف على هذا الاقتراح، مما يجعل القرار المطعون فيه يشكل تجاوزا في استعمال السلطة  لعيب عدم الاختصاص وموجبا بالتالي للإلغاء.

قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 144 بتاريخ 28/03/2007 في الملف رقم 26/06/5

وحيث بذلك يكون قرار الوزير المبلغ للعارض موضوع قرار المجلس الأعلى للقضاء  خرق مبدأ توازي الأشكال وفيه اعتداء فاضح على اختصاصات المؤسسة الملكية لعدم صدور أي ظهير شريف في الموضوع يقررتنفيذ العقوبة لأن الشكل القانوني للموافقة يكون من خلال الظهير الشريف فقط دون غيره ولا يمكن أن تحل بتاتا أي ذكر للموافقة الملكية دون إثباتها وفق الطريق القانوني محلها الشيء الذي يكون معه قيام وزارة العدل بتنفيذ اقتراح المجلس الأعلى للقضاء المتمثل في إيقاف العارض ونقله وحرمانه من ترقيته والذي لا يعدو أن يكون مجرد عمل تحضيري من دون انتظار موافقة الجناب الشريف على هذا الاقتراح بظهير شريف، مما يجعل القرار المطعون فيه يشكل تجاوزا في استعمال السلطة  لعيب عدم الاختصاص وموجبا بالتالي للإلغاء.
 
 
 
- عدم اختصاص المجلس الأعلى للقضاء بالنظر في المتابعات التأديبية القضائية لعدم دستورية إحالة العارض  على المجلس الأعلى للقضاء:
  حيث استقر الفقه والقضاء على أنه رغم خلو التشريع من أي نص يخول المجالس التأديبية سلطة رقابة دستورية القوانين فإن من واجبها  التصدى لذلك إذا دفع أمامها بعدم دستورية قانون أو أى تشريع فرعى أدنى مرتبة يطلب أحد الخصوم تطبيقه فى الدعوى المطروحة عليها، سندها فى تقرير اختصاصها هذا إلى أنه يعتبر من صميم وظيفتها القضائية القائمة على تطبيق القانون فيما يعرض عليها من منازعات،  فإذا تعارض القانون المطلوب تطبيقه فى الدعوى مع الدستور وجب عليها أن تطبق حكمه وتغفل حكم القانون وذلك إعمالاً لمبدأ سيادة الدستور وسموه على التشريعات الأخرى.
وحيث إنه في نازلة الحال تكتسي رقابة دستورية قانون المتابعة التأديبية وسند انعقاد المحاكمة أهمية قصوى مستمدة من واجب صون دستور 2011  وحمايته من الخروج على أحكامه باعتباره القانون الأسمى الذي يرسى الأصول والقواعد التى يقوم عليها نظام الحكم،  وأن هذا الهدف لا يتحقق على الوجه الذى يعنيه المشرع الدستوري إلا إذا انبسطت رقابة محكمة النقض  على فحص مدى انسجام المقتضيات المنظمة للتأديب ( الباب الخامس من ظهير 11 نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء ) مع الضمانات المكرسة دستوريا في باب السلطة القضائية ولاسيما المادة 112.
   وحيث إن ما يجعل البت في الدفع أمرا ضروريا هو التراجع عن  الالتزام مؤسسة وزير العدل في شخص الوزير السابق النقيب محمد الناصري (رحمه الله)  القاضي الدستوري الذي أكد غير ما مرة على إيقاف المتابعات التأديبية للقضاة، حرصا على حقهم في الطعن، وبما ينسجم ومنطوق دستور 2011 .
   وحيث إنه وأمام هذا التراجع الخطير دونما مبرر وجيه، كان  لزاما على المجلس احتراما للدستور، أن يبت في هذا الدفع لتبيان السند المعتمد في تحريك المتابعات التأديبية حفاظا  على الأمن القانوني  للقضاة، وصونا لهم من أي شطط؛
وحيث إن أوجه عدم الدستورية تتجلي واضحة من كون ظهير 11 نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء في بابه الخامس المتعلق بالمسطرة التأديبية ( المادة 58 وما يليها ) المعتمدة في المحاكمة التأديبية في حق القاضي الدكتور الهيني أضحت متعارضة من حيث الضمانات المخولة للقضاة مع مقتضيات الباب من الدستور.
   وحيث إن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع القانونية التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغاؤها ، فإذا ألغيت قاعدة قانونية وحلت محلها قاعدة قانونية جديدة فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها ؛ وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين القانونيتين ، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل أى من القانونين القديم أو الجديد تخضع لحكمه ، فما نشأ منها وترتبت آثاره فى ظل القانون القديم يظل خاضعاً له، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره فى ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده، وأنه بتطبيق هذه القواعد على واقعة الدعوى يتبين أن الدستور النافذ منذ يوليوز 2011 بمنحه القضاة الحق في الطعن، وتعليق ذلك على صدور القوانين التنظيمية المنظمة للسلطة القضائية يكون قد عطل مقتضيات الباب الخامس من ظهير نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء، وحال دون تطبيقها في الزمن لأن من شأن ذلك أن يسلب القضاة حقا دستوريا مرتبطا بضماناتهم الدستورية، وهذا هو التوجه الذي دفع النقيب محمد الناصري وهو للإشارة رحمه الله الفقيه والعضو المبرز في المجلس الدستوري  يعلن إيقاف التأديب إلى حين إخراج القوانين التنظيمية المنظمة للسلطة القضائية إلى حيز التنفيذ .
  وحيث إن الأفعال المنسوبة للمؤازرجاءت في ظل دستور يوليوز 2011 الذي أكسبه حقا في الطعن لا يمكن لقانون أدنى ( ظهير 1974 ) أن يلغيه .
وحيث فضلا عما ذكر فقد استقر قضاء النقض على أن صيانة الحقوق المكتسبة من المبادئ العامة التي لا تسمح للسلطات الإدارية بالتراجع في مقرراتها التي اتخذتها في نطاق القوانين والتنظيمات الجاري بها العمل، وقت صدورها وخولت المستفيد منها وضعية ادارية معينة،
 (القـــرار رقم 63 صادر في 2 مـارس 1979 ملف إداري عدد 60862).
    وحيث ولئن نص  الفصل 178 من الدستور على أنه في انتظار تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية يستمر المجلس الأعلى للقضاء في ممارسة صلاحياته  فإن ذلك لا يعني سوى استمرار هذا في ممارسة مهامه فيما لا يتعارض مع الدستور، و دون أن يؤدي ذلك إلى تطهير ما يخالفه من قوانين أو تحصينها من عدم الدستورية .
وحيث بالتأسيس على ما سبق يستتبع القول بكون المحاكمة التأديبية للقاضي الدكتور الهيني المستندة على نصوص ( المادة 58 وما يليها من قانون ظهير 11 نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء ) مخالفة للدستور ( لاسيما المادة 114 ) ؛ مما يتعين التصريح بإلغاء القرار المطعون فيه
.
هذا وتعتبر إحالة القاضي العارض على المجلس الأعلى للقضاء غير دستورية، على أساس أن دستور 2011 قد نص في الفصل 114  منه على  كون المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قابلة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام أعلى هيئة قضائية ادارية بالمملكة.
لأنه ولئن كان الفصل 178 من الدستور ينص على أن المجلس الأعلى للقضاء يستمر في ممارسة صلاحياته إلى أن يتم تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، فان اعتماد التأويل الديمقراطي والحقوقي للدستور فقد كان المأمول من مجلسكم الموقر تأخير البت في الملف إلى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية ضمانا للمساطر و مزايا التشكيلة الجديدة للمجلس المذكور.
و في نفس المنحى تنص المبادئ التوجيهية التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة 8 لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في هافانا من 27 أغسطس الى 7 أيلول سبتمر 1990 بخصوص  الاجراءات التأديبية.
كما يتعين أن تعالج الشكاوى التي تقدم ضدهم و تدعي أنهم تجاوزوا بوضوح نطاق المعايير المهنية، معالجة سريعة و منصفة و في اطار اجراءات ملائمة، ويكون لهم الحق في الحصول على محاكمة عادلة ، و يخضع القرار لمراجعة مستقلة.
و قد سبق للمجلس الاعلى للقضاء  في عهد وزير العدل السابق المرحوم  محمد الطيب الناصري، أن قرر تأخير البت في الملفات التأديبية الى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل ضمان حق القضاة في الطعن في مقرراته .
   للأسف، ففي الوقت الذي بح الجميع في المطالبة باحترام التزام سابق لمؤسسة وزير العدل، رغم أن العدل وقتذاك كان مجردا عن الحريات) على عهد المشمول برحمة الله النقيب الناصري بإيقاف المتابعات التأديبية انسجاما مع الوثيقة الدستورية، نفاجأ اليوم بمنحى تنقيبي/ تفتيشي يطارد الكلمة والصورة ويهب صاحبها قربانا للتأديب بمتابعات مطاطة تستفيد من فراغ مهول في الأسانيد القانونية، والتمظهرات الواقعية لواجب الوقار والكرامة.
  لقد بات القضاة  يخافون من أن التحول  جميعا إلى وليمة لواجب الوقار والكرامة، مثلما باتوا يخشون أن تكون الوليمة مطبوخة على نار الانتقام؛ إذ لم يسبق أن عرف القضاء المغربي إحالات على خلفية الأفكار والمعتقدات كما هو الحال اليوم .
وحيث اعتبارا لذلك يكون بت المجلس في المتابعة التأديبية غير مقبول لمخالفته الدستور وضمانات الوضعية الفردية للقضاة ومآل القرار موضوع الطعن الإلغاء
 
- بطلان المتابعة لصدورها عن جهة غير مختصة وهو الوزير في غيبة أعضاء المجلس المعينون بقوة القانون:
  وحيث  إن الجهة المختصة بمتابعة القضاة تأديبيا طبقا للمادة 61  من النظام الأساسي لرجال القضاء هي لجنة المتابعة المكونة من الأعضاء المعنيين بقوة القانون والتي تمثل المجلس الأعلى للقضاء برئاسة نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء وزير العدل ، بحيث لا يملك وزير العدل تسطير المتابعة لوحده، مما يجعل المتابعة الحالية باطلة .
وهكذا نصت المادة 61  من النظام الأساسي للقضاة على ما يلي :

»
ينهى وزير العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء الأفعال المنسوبـة للقاضي، ويعين بعد استشارة الأعضاء المعينين بقوة القانون مقررا يجب أن تكون درجته أعلى من درجـة القاضي المتابع.
 يحق لهذا الأخير الإطلاع على الملف وعلى جميع مستندات البحث باستثناء نظرية المقرر.
 يشعر القاضي علاوة على ذلك قبل ثمانية أيام على الأقل بتاريخ اجتماع المجلس الأعلى للقضاء للنظر فـي قضيته.
 يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يأمر بإجراء بحث تكميـلي قبـل البت في القضية.
 يمكن للقاضي المحال على المجلس الأعلى للقضاء أن يؤازر بأحد زملائه أو أحد المحامين، ويحـق للمساعد المعين الإطلاع على المستندات كما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية.
 يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يوقف النظر عند وجود متابعـة جنائية إلى أن يقع البت فيها بصفة غير قابلة للطعن" ونصت المادة 60 من نفس القانون على أنهتصدر العقوبات بعـد استشارة المجلس الأعلى للقضاء بقرار لوزير العدل بالنسبة لعقوبات الدرجة الأولى وبظهير بالنسبة لعقوبات الدرجة الثانية "

- الجهة المختصة بمتابعة القضاة تأديبيا:
أول ما ينبغي ملاحظته أن رجال القانون ، وحتى بعض القضاة ، يعتقدون أن وزير العدل هو الذي يقرر إحالة القضاة إلى المجلس الأعلى للقضاء ومتابعتهم تأديبيا ، وسبب ذلك يعود إلى قراءة ظاهرية للفقرة الأولى من المادة 61 من النظام الأساسي لرجال القضاء .لكن بقراءة تحليلية للمادة المذكورة يتضح أن متابعة القضاة تأديبيا تمر عبر مراحل ثلاث:
المرحلة الأولى:
 ينهي وزير العدل إلى علم المجلس الأعلى للقضاة الأفعال المنسوبة إلى القاضي و المستخلصة من البحث الذي تجريه المتفشية العامة التابعة لوزارة العدل ،وبما أن المجلس الأعلى للقضاء لا يكون منعقدا بصورة دائمة ، إذ يعقد دورتين في السنة ، فإن الأعضاء المعينين بقوة القانون وهم: الرئيس الأول لمحكمة النقض ، والوكيل العام للملك لديها ، ورئيس الغرفة الأولى ، يشكلون بقوة القانون لجنة دائمة برئاسة وزير العدل تمثل المجلس المذكور.
 المرحلة الثانية :
 تقوم اللجنة المذكورة - بهذه الصفة - بدراسة الأفعال المنسوبة للقاضي من خلال ما يحيله عليها وزير العدل من أبحاث وتقارير فتقرر :
إما حفظ ملف القضية إذا تبين لها عدم جدية الشكوى المقدمة ضد القاضي أو أن الفعل لا يشكل مخالفة تأديبية ، أو عدم وجود وسائل مادية تنبث هذه الأفعال في حق القاضي، أو أن الفعل المنسوب إليه يشكل جريمة ولم يصدر بعد قرار بمتابعته جنائيا .
و إما متابعة القاضي بالأفعال المنسوبة إليه ، وإحالته إلى المجلس الأعلى للقضاء لينظر في قضيته .
 
المرحلة الثالثة:
 وفي هذه الحالة أي بعد تقرير متابعة القاضي، يقوم وزير العدل بـ :
  • تعيين مقرر تكون درجته أعلى من درجة القاضي المتابع . يقوم بإجراء بحث بخصوص الأفعال المنسوبة إليه .
  • إشعار القاضي بإحالته للمحاكمة التأديبية ، وتعريفيه باسم وصفة القاضي المقرر في قضيته .
  • توقيف القاضي عن مزاولة مهامه إذا توبع جنائيا أو ارتكب خطأ خطيرا.
    وإذا كنا قد أنكرنا على وزير العدل الحق في متابعة القاضي تأديبيا، فإن سندنا في ذلك يعود إلى أن المادة 61  من النظام الأساسي للقضاة حصرت مهمة وزير العدل في إخبار المجلس الأعلى للقضاء بالأفعال المنسوبة إلى القاضي، وإذا كانت المادة المذكورة قد أعطت لوزير العدل حق تعيين المقرر " الذي يعتبر مفتاح المتابعة التأديبية " فإنها علقت صلاحية الوزير على استشارة أعضاء المجلس المعينين بقوة القانون، وهذه الاستشارة لا تنصب على تعيين المقرر ، وإنما تنصب على الأفعال المنسوبة إلى القاضي و التي يرفعها وزير العدل إلى المجلس ، والاستشارة هنا كمصطلح قانوني لا تعني مجرد إبداء وجهة النظر وإنما تعني النظر و التداول ، وحتى التصويت إن اقتضى الأمر ذلك ، وبصورة أوضح فإنها تعني : دراسة الأفعال المنسوبة للقاضي من قبل اللجنة المكونة من الأعضاء الدائمين بالمجلس واتخاذ قرار بشأنها. وبهذا المعنى وردت عبارة "بعد الاستشارة "في عدد من نصوص النظام الأساسي لرجال لقضاء منها :

- المادة 60  التي تنص على أنه: « تصدر العقوبات بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء بقرار لوزير العدل بالنسبة لعقوبات الدرجة الأولى .
المادة 63 -الفقرة الثالثة- التي تنص على أنه: « يمكن أن تصدر ضد المعني بالأمر .............عقوبة العزل ....... بظهير بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء». و لا أحد يجادل في أن المقصود من إستشارة المجلس الأعلى للقضاء هو تداول المجلس المجلس المذكور في المسألة.
   وبذلك يمكن القول أن الجهة المختصة بمتابعة القضاة تأديبيا طبقا للمادة61 من النظام الأساسي لرجال القضاء هي لجنة المتابعة المكونة من الأعضاء المعنيين بقوة القانون والتي تمثل المجلس الأعلى للقضاء برئاسة وزير العدل طبعا وليس وزير العدل وحده لعدم إقامة الوزير الدليل على الاستشارة بما يثبتها قانونا ،لأن المشرع قدر أهمية وقيمة الرأي والمقومات الفنية التي تملكها الهيئة المعنية، بحيث يكون من شأن إغفاله تفويت الغاية التشريعية التي من أجلها ألزم المشرع استشارتها أو أخذ رأيها.
وهكذا اعتبرت محكمة النقض  في قرار لها بتاريخ 25 مايو 1979 " أن القانون يوجب على الهيئة الإدارية أن لا تتخذ العقوبة الإدارية، إلا بعد أن يستشير رئيس المصلحة لمديرية التجارة الداخلية التابعة لوزارة التجارة، أو عند الاقتضاء رئيس المصلحة الخارجية ، وتضاف نسخة من هذه الاستشارة إلى الملف يعتبر المقرر الذي اتخذ بدون استيفاء الإجراء الذكور مشوبا بالشطط في استعمال السلطة ويتعين إلغاؤه.[1]"
ولا يكفي لصحة قرار العقوبة استيفاء الإدارة لاستطلاع رأي لجنة مشورة،حسبما ألزمها المشرع بذلك، بل يجب لتقرير مشروعية القرار الصادر بتلك العقوبة، صحة تشكيل تلك اللجنة من الأعضاء المنصوص عليهم قانونا، مع ضرورة صحة انعقادها من حيث نصاب الأعضاء، ومكان الانعقاد، وبرئاسة الشخص الذي حدده القانون بصفته.[2]
ويؤدي التغاضي عن طلب الاستشارة إلى بطلان القرار، لكون ذلك يؤدي إلى تفويت المصلحة التي عنى المشرع بتحقيقها،" مما يكون معه القرار موضوع الطعن حليفه الإلغاء .
 
-عدم اختصاص المجلس للنظر في الوقائع موضوع المتابعة والاعتداء على اختصاص مطلق للقضاء في الموضوع، لأن السب والقذف مجاله القانون الجنائي وليس القانون التأديبي :
  حيث نص الفصل 58 من النظام الأساسي للقضاة على أنه " يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو بالوقار أو الكرامة خطأ من شأنه أن يكون محل متابعة تأديبية".
   وحيث إن الخطأ المهني القضائي هو الخطأ الذي يقع من القاضي أثناء ممارسة عمله أو بمناسبته،وبهذا التعريف يخرج عن  ماهية الخطأ المهني التصرفات والالتزامات والعقود الصادرة عن القاضي في المجال الأسري  والعقاري  والمدني  كالبيع والشراء والكراء  والرهن ونحوه ،لأنه يبرمها بصفته كمواطن له نفس الحقوق وعليه من الالتزامات،وهكذا فإن وقوع خلاف أو منازعة قانونية أو قضائية بشأنها يخول للطرف المتضرر اللجوء للقضاء ،ولا يمكنه التشكي أمام المجلس الأعلى للقضاء لأنه مجلس تأديبي مهني يحاكم تصرفات مهنية وليس محكمة ،ومن ثم لا يملك الفصل في المنازعات القانونية والقضائية المثارة سواء بين القضاة أنفسهم أو بينهم وبين غيرهم من المواطنين،لأن تخويله النظر في مثل هذه القضايا فيه مصادرة لاختصاص القضاء الأصيل والطبيعي للفصل فيها ،لان اختصاص القضاء متصل بالنظام العام ،وهو اختصاص مطلق لا يمكن أن تشاركه فيه أي جهة إدارية آخرى تحت طائلة اعتبار البت فيه قرار إداري مشوب بالشطط في استعمال السلطة لخرق قواعد الاختصاص ؛ على أن هذه القاعدة البديهية يحدها قيدين استثنائيين مهمين أولاهما أن ارتكاب أفعال أو تصرفات غير أخلاقية ولو كانت خارج ممارسة المهنة تندرج في إطار الخطأ التأديبي ما لم يشكل الأمر جرما جنائيا ،نفس الأمر ينطبق على الجرائم القصدية المرتكبة من طرف القاضي التي تعد في جميع الأحوال خطأ تأديبيا ،وهنا يتعين إيقاف البت في المتابعة التأديبية إلى حين الانتهاء المسطرة الزجرية تحت طائلة عدم المشروعية.
كما أن إبداء القاضي لرأي معين بمناسبة مقال أو ندوة معينة لا يمكن أن يعتبر مساسا بالوقار أو الكرامة ،لأن هذا المفهوم يتعلق بالمظهر اللائق أو السلوك المشين الماس بسمعة القضاء أو بأدبياته ورسالته،فالرأي المندرج ضمن حرية التعبير المكرسة دستوريا يمكن أن يقع تحت طائلة مخالفة واجب التحفظ في حالتي إبداء الآراء السياسية أو النقابية والخروج عن مقتضيات التجرد بمناسبة قضية رائجة.
وفي هذا الإطار ينص  الفصل 25 من الدستور على أن  حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكاله حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة".فالإبداع هو إنتاج الخيال ،وتستعمل فيه الدلالة الرمزية والتصويرية، ولا يمكن قراءته بالقانون الجنائي ولا القانون التأديبي ، إذ الأدب هو موضوع اللذة والقراءة النقدية ، وهو خيال حر وجمال لا يحاكم عليه الأديب .
 وحيث إن  حرية النقد صورة من صور حرية الرأي والتعبير ، تتيح للإفراد بطريقة غير مباشرة المشاركة في الحياة العامة والإسهام في مواجهة المشكلات وإدارة شؤون الوطن .
 وهكذا جاء في قرار صادر عن محكمة النقض :
"القذف لا يتحقق الا بنسبة واقعة معينة مشينة الى الشخص المقذوف على سبيل التأكيد, أما مجرد انتقاد شخص دون توجيه اتهام له بما يشينه وذلك بالتساؤل عن طبيعة التسيير المالي للنادي محل النزاع فلا يعتبر قذفا حتى لو تضمن اسمه, اذ هو مجرد ممارسة لحرية التعبير''.
 قرار محكمة النقض عدد 1643/10 صادر بتاريخ 25 نونبر 2009"

كما جاء في قرار قيم للمحكمة الدستورية المصرية ما مؤداه أن "الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو المكلفين بالخدمة العامة باعتبار أن هذه الأعمال من الشؤون العامة التي لا يجوز أن يكون الاهتمام بالاستقامة في أدائها والالتزام بضوابطها ومتطلبتها وفقا للقانون مقصورا على فئة من المواطنين دون أخرى، بما مؤداه أن يكون انتقاد جوانبها السلبية وتعرية نواحي التقصير فيها وبيان أوجه مخالفة القانون في مجال ممارستها، حقا لكل مواطن وفاء بالمصلحة العامة التي يقتضيها النهوض بالمرافق العامة وأداء المسئولية العامة على الوجه الأكمل، ولأن الوظيفة العامة وما يتصل بها من الشئون العامة لا تعدو أن تكون تكليفا للقائمين عليها. والتزامهم الأصلي في شأنها مقصور على النهوض بتبعاتها بما لا مخالفة فيه للقانون .
وهكذا فإن نقد الأشخاص المكلفون بمهام إدارة عمومية أو مرفق إداري بشأن أعمالهم لا يقع تحت طائلة التأثيم طبقا لما استقر عليه القضاء المقارن بكون من لا تتسع نفسيته للنقد أن يلزم بيته وألا يقبل بأن يكون مسؤولا، وما  خلص إليه قرار شهير لمحكمة النقض الفرنسية بأنه ﻻ يمكن لمن يتولى المناصب و المسؤولية في تسير الشأن العام أن يحصن سياساته من النقد حتى لو تضمن عبارات تقدح في كفاءته و قدرته على حسن اﻻدارة.
ومن المهم الإشارة في الأخير أن التأديب ليس ملكية خاصة لجهة المتابعة تستعمله متى تشاء وبدون ضوابط قانونية وإنما نظام قانوني يستهدف تخليق الممارسة القضائية بهدف حماية حقوق وحريات المتقاضين وصيانة قواعد سير العدالة. لكن يبدو أن الانقلاب على مسلسل إصلاح منظومة العدالة قد تطور ، ما دام أن وزارة العدل قد جعلت رؤوس القضاة المحركين لدينامية هذا الإصلاح هدفا للمتابعات التأديبية والاستدعاءات الترهيبية من طرف المفتشية العامة التابعة لها،وهكذا أصبح التأديب مدخلا للتأثير على استقلالية القضاء كمؤسسة والقضاة كأفراد لكبح جماح الجرأة والشجاعة الأدبية للقاضي وجعله آلية صماء لقضاء التعليمات.
وحيث تبعا لذلك يكون القرار الإداري الصادر عن المجلس الأعلى حليفه الإلغاء
 
 
الوسيلة الثانية :عيب الشكل
وحيث من المقرر في فقه القانون الإداري أن القرار الإداري يجب أن يصدر في إطار الاختصاص المحدد قانونا للإدارة، ووفقا للإجراءات التي حددها المشرع، وعلى الشكل المرسوم له قانونا.
ويعرف عيب الشكل بعدم احترام القواعد الإجرائية أو الشكليات المحددة لإصدار القرارات الإدارية في القوانين والنصوص التنظيمية، وهكذا فإن صدور القرارات الإدارية دون التزام الهيئة الادارية المختصة بالشكليات القانونية المقررة قانونا أو دون اتباع الإجراءات المقررة قانونا أو مخالفة لها، فإنه يصيبها عيب الشكل، وتجعلها قابلة للإلغاء لعدم المشروعية.
وقواعد الشكل ليست إجراءات ثانوية أو اختيارية أو مجرد طقوس وأوضاع شكلية خاضعة لرغبات الإدارة ومشيئتها، وإنما إجراءات جوهرية مرتبطة بضمانات حماية حقوق الأفراد والجماعات يترتب عنها البطلان.
  1. عدم احترام قاعدة علنية المحاكمة التأديبية :
    توفرعلانية المحاكمة للإعلام خصوصا والجمهور عموما فرصة لمعرفة كيفية تطبيق القانون من قبل السلطة القضائية، إذ الأصل هو علانية المحاكمة ، فقد جاء في الفقرة (1) من المادة 11 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948" كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى ان يثبت ارتكابه لها قانونا، في محاكمة علنية تكون قد توفرت فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عنه"، وجاء في الفقرة (1) من المادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، "الناس سواسية امام القضاء، ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجة اليه او في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، ان تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة وحيادية".
  وبناء على ما تقدم فان الأصل في المحاكمات هو العلنية وان الاستثناء هو جعلها سرية، أي عدم السماح للجمهور بحضورها؛ وقد جاء في الفقرة (1) من المادة (14) من العهد الدولي الخاص المذكور اعلاه ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمات كلها أو بعضها لدواعي الاداب العامة أو النظام العام أوالامن القومي في مجتمع ديمقراطي او لمقتضيات حرمة الحياة، او في ادنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية؛ وبالتالي فإن تغطية وسائل الإعلام للمحاكمة، بغض النظر عن نوعيتها، سواء أكانت مكتوبة أم مسموعة أم مرئية ينسجم ومبدأ علنية المحاكمة التي تشكل إحدى ضمانات المحاكمة العادلة اعتبارا لكونها سلطة رابعة ، على الا يؤدّي تواجدها داخل قاعات المحاكم إلى التشويش على سير إجراءاتها .
وإليكم نظرة القانون المقارن عن الموضوع:
    فاذا كان النظام الأساسي للقضاة لم يتناول موضوع علنية المحاكمة التأديبية العادلة بشكل مطلق كما سبق ذكره، فان القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للقضاء بفرنسا الصادر بتاريخ 22 دجنبر 1958 كان في بداية الأمر ينص في فصله 57 على أن اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء تكون سرية، وترجمة لهذا الفصل فقد أصدر المجلس المذكور بتاريخ 7-2-1981 و هو ينظر في طلب جعل جلسات المجلس التأديبي علنية مقررا جاء في تعليلاته "ان المجلس قرر رفض الطلب بعلة ان الفصل 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان لا تطبق أمام المجالس التأديبية ، كما أن الفصل 57 من القانون 22 دجنبر 1958 المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة كان ينص على جلسات المجلس الأعلى للقضاء تكون سرية.
و انطلاقا من هذا المقرر يبدو أن المجلس الأعلى للقضاء في فرنسا كان يميز بين قواعد المحاكمة التأديبية وبين قواعد المحاكمات الزجرية و المدنية و الادارية بشكل عام، واعتبر أن الفصل السادس من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان لا ينطبق على المحاكمات التأديبية وبالتالي فانه لم ينتصر لعلنية المحاكمة التأديبية الخاصة بالقضاء .
ونظرا للانتقادات التي تعرض لها هذا التوجه من طرف بعض الفقه فقد عمد المشرع الفرنسي بتاريخ 25 يونيو 2001 الى تعديل الفصل 57 من قانون 22 دجنبر 1958 بمقتضى الفصل 19 منه والذي جاء فيه : أن جلسات المجلس التأديبي تكون علنية ، غير أنه كلما كان حماية الأمن العام أو الحياة الخاصة ، أو نظرا لوجود ظروف خاصة من شأنها أن تشكل تهديدا على العدالة ، فانه يمكن منع الولوج الى قاعة الاجتماعات خلال مدة الجلسة كلها أو جزء منها "و أن مداولات المجلس التأديبية تكون سرية ، مع ضرورة اصدار القرار الذي يجب ان يكون معللا بشكل علني.
   وبعد استعراض التصورات المفصلية للمشرع الفرنسي لقواعد المحاكمة التأديبية العادلة وخاصة ما يتعلق بعلنية جلسات المجلس الأعلى للقضاء ، يمكننا استنتاج نفس المبدأ من خلال ما تناوله النظام الداخلي للمجلس الأعلى للقضاء بالمغرب -بغض النظر عن الخوض في قيمته الدستورية و الأسئلة التي طرحها من طرف بعض الحقوقيين و فقهاء القانون الدستوري – والذي نص في المادة 9 منه على أنه يمكن لنائب رئيس المجلس أن يستعين بالكاتب العام للوزارة الذي يحضر اجتماعات المجلس دون أن يشارك في المناقشات والتصويت ، ذلك أن السماح للكاتب العام للوزارة بالحضور لاجتماعات المجلس دون المشاركة في المناقشات و التصويت لا يعتبر هو الاخر دليلا على سرية الاجتماعات و لا يمكن ان يستشف منه المنع بالنسبة لغيره .
لهذا يبقى في نظرنا مبدأ علنية مناقشات المجلس الأعلى للقضاء يعد أهم مقومات المحاكمة التأديبية العادلة خصوصا في الحالة التي يتمسك فيها القاضي المتابع بذلك، وهي الإمكانية التي يمكن تصورها بالسماح لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها بالحضور ومتابعة كل أطوارها، لأنها تشكل لا محالة ضمانة إضافية تعكس الشفافية و الرقابة المجتمعية على المحاكمات التأديبية للقضاة ، وما يدعم هذا التوجه أيضا ما انتهت اليه توصيات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة بنشر المقررات التأديبية ، وعدم وجود أي مقتضى قانوني يفرض السرية على اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء، سيرا على التوجه الذي اعتمدته أفضل التجارب الدولية في العديد من الدول الأوروبية .
وحيث إن رفض المجلس الأعلى للقضاء الدفع بخرق العلنية  ضدا على الدستور يجعل المحاكمة سرية وتفتقد لأبسط الضمانات القانونية ،مما يبعث الشك والريبة على أدائها والضمانات المرتبطة بها ويؤدي بها إلى البطلان والإلغاء.
 
  1. الدفع بعدم قانونية تشكيل الهيئة
تعني القواعد المتعلقة بتشكيل الهيئة الإدارية ، قواعد صحة اجتماعها وتشكيلها عند إصدار القرار الإداري أو المداولة فيه، بحيث يجب أن تكون الهيئة مختصة، ولا يصح تغيير عضو بآخر.
 وحيث إن  المنتدب للقيام بمهام أمين سر المجلس لم يحصل على ظهير التعيين بعد من طرف جلالة الملك باعتباره رئيس السلطة القضائية.
3-خرق سرية المداولات
وحيث إن رئيس الجلسة التأديبية وزير العدل  والحريات بصفته نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء ارتكب مخالفات كبرى وخطيرة في تسيير الجلسة بحيث كان يجيب مباشرة الدفاع على الدفوع دون التداول بشأنها مع أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وكان يستفرد باتخاذ القرارات دون اعتبار لحرمة المجلس  وللأمانة الموضوعة على عاتقه بصفته ينوب عن أعلى سلطة في البلاد الملك باعتباره رئيس السلطة القضائية مما جعل هيئة الدفاع تسجل خرق سرية المداولات .
وحيث إن ما يثبت ذلك هو تصريح وزير العدل  والحريات لمختلف وسائل الإعلام بأنه إذا لم يعتذر القاضي المتابع فإنه  سيلتزم الحياد وصرح بعد الإدانة وصدور المقرر التأديبي بأنه فعلا التزم الحياد لعدم تقديم الاعتذار وأن أعضاء المجلس من بثوا في القضية دونه-المرفق -  .
  1. عدم إيقاف البت في المتابعة إلى حين النظر في شكاية العارض للارتباط والضم :
  وحيث تقدم القاضي المتابع الهيني بشكاية  لجهة المتابعة ترمي إلى متابعة القاضي مدير الشؤون المدنية محمد نميري من أجل الإخلال بالوقار والكرامة التي يتعين أن يتقيد بها القاضي في جميع الأحوال.
  وحيث  تبعا لمتابعته من طرف وزير العدل من أجل ما سمي بـ "الإخلال بالوقار والكرامة" التي يتعين أن يتقيد بها القاضي في جميع الأحوال بسبب نشره خاطرة أدبية حول "مواصفات مدير الشؤون المدنية المنتظر، لا نريد أسدا ولا نمرا"، والمندرجة في إطار حرية التعبير المضمونة دستوريا، والغير الموجهة لأي شخص إطلاقا ،والمتضمنة للعديد من المواصفات القيمة والمأمولة التي يجب توفرها في المدير المنتظر تعيينه في إطار مبادئ الشفافية والحكامة طبقا للفصل 154 وما يليه من الدستور، وبالنظر لما ورد في محضر الاستماع إلي من طرف  السيد المقرر والمؤرخ في 24-4-2014 من التماس العارض بمتابعة المعني المذكور حول ما فاه به في حقيه؛ والتي جاء فيها "أن الأستاذ محمد الهيني تركبه نية الاستقواء ببعض المغرضين والحاقدين بسوء نية وسبق إصرار ونفت السموم والترويج للترهات".
 وحيث إن العبارات الواردة بالشكاية والموجهة بحق العارض أساءت له بصفة مباشرة ولشخصه ولوقاره وكرامه، كما أساءت لوقار وكرامة زملائه المقصودين بالشكاية ،وشكلت طعنا في القيم والأخلاق القضائية للقضاة جميعا، فكيف يستساغ أن يوجه قاض ومدير إدارة مركزية بوزارة مسؤولة عن العدل والحريات بالمغرب لزميله وسائر زملائه القضاة بعبارات وألفاظ نابية - مثل -الحقد ؛ومعلوم أن الأحقاد نزغ من عمل الشيطان لا يستجيب له إلا من خفت أحلامهم وطاشت عقوله ، وهو مصدر للعديد من الرذائل مثل الحسد والافتراء والبهتان والغيبة، كما أن الحقد يغضب الرب عز وجل ويؤدي بصاحبه إلى الخسران المبين في الدنيا والآخرة ، و يوصف الحاقد بساقط الهمة ، ضعيف النفس ، واهن العزم ، كليل اليد .
- والمغرض هو من ينشر الأفكار والأطروحات ووجهات النظر بشكل كاذب وملفق عمدا وبسوء نية من أجل التأثير على السلوك الإنساني والدفع به إلى تقبل فلسفة ما أو معاداتها ؛
- ونفت السموم "كناية للأفعى" التي تنفت  وحدها السموم،وليس غيرها من بني البشر؛
- والترهات هي الأباطيل والهذيان والثرثرة والكلام الفارغ  بل الخرافة  واللغو والكلام الجاهل الذي لا يصدر إلا عن غير عاقل وأحمق في غير أتمه ؛
   فتكون بذلك العبارات المذكورة "مستعارة" من قاموس الألفاظ البديئة الجارحة والمخلة بالآداب والأخلاق العامة؛ التي لا يستعملها عامة الناس ولا خاصتهم، والتي لا يمكن أن تصدر عن شخص واع ومثقف بالأحرى قاض ومسؤول عن نفسه وعن غيره وعن مرفق إداري ، ومؤتمن على حقوق ومصالح المرافق العدلية والمهن القانونية والقضائية، وعلى حسن سلامة المساطر التشريعية والتنظيمية التي تعتمد مبادئ الأخلاق وحسن النية والحكامة والمسؤولية والمحاسبة. 
وحيث إن وصفه، ووصف زملائه القضاة والمستشارين ومنهم من مارس بمحكمة النقض  ـ المشهود لهم بالكفاءة والخبرة تنظيرا وممارسة وقضاء وإدارة ، وتربية وأخلاق ومواطنة  من طرف القاضي المدير ـ  بالشخص الحاقد والمغرض "والأفعى" النافتة للسموم،و اعتبار مضمن خاطرته صادر عن جهل وحمق "ترهات،ووفق مخطط وترصد وسبق إصرار،كمشروع كبير حشد له ما حشد من وجهة نظره،وكأنه ليس لهم ما يعملونه إلا هو  ، تنطبق عليه مقتضيات وأحكام السب والشتم والقدف،وتعد بمثابة تحقير في شخصه ونزاهته، رغم أنه وبشهادة جميع القضاة والرأي العام شخص وقور وفقيه  ودكتور وقاض محنك مجدد للقضاء الإداري سطر معالم قضاء إداري مواطن بجرأة وعلم متميزين نالت استحسان وتأييد  فقه القضاء الإداري والمنظمات الحكومية والجمعيات والهيآت الحقوقية الوطنية والدولية .
والتمس من الوزير ومن منطلق مسؤوليته في نيابته عن رئيس المجلس، واعتبارا لما ذكر وبالنظر لخطورة العبارات والأوصاف  والإشارات والإيحاءات البديئة والحقيرة  والمشينة المستعملة في شكاية السيد محمد نميري وتأثيرها على إسمه لأن الشكاية إسمية وكذا سمعته المعنوية، و سمعة زملائه القضاة ،وبالنظر لمسها بالأخلاق القضائية للقضاة جميعا التي تفرض خطاب اللياقة ومنتهى الأدب الجم في مخاطبة الزملاء خصوصا والمواطنين عموما كان من المتعين وسبقى من اللازم متابعته طبقا لمبدأ الحياد والمساواة أمام القانون حتى لا يصير المشتكي قاضيا محميا لا تنتهك حرمته .
   وحيث إن إيقاف سير المتابعة التأديبية إلى حين إفادة سلطة الإحالة على التأديب بمآل الشكاية التي تقدم بها العارض والتي نعى فيها على المشتكي عنفه اللفظي، وإهانته لبعض الزملاء، بما يجعله في مفهوم الشكاية داخلا في خانة الماس بالوقار والكرامة.
   ويستمد الطلب وجاهته من كون الفصل في دعوى د الهيني وثيقة الصلة بالبت في شكايته؛ إذ ثمة ارتباط عضوي قائم على وحدة مضمون التأديب وهو اللغة/الكلام، فإذا كانت خاطرة الهيني قد اعتبرت على لفظها العام، وعدم تكلمها عن اسم معين، والتزامها بحد أدنى من عبارات النقد الذي قيده الدكتور عند استهلال رسالته بالرغبة في النصح لغاية الإصلاح، ومع ذلك اعتبر خارقا للوقار، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه بحدة أخلاقية لا يمكن القفز عليها هو ما إذا كان يُتصور ممن حرك المتابعة، وهو يزن بميزان العدل، ويسوس بقسطاس الحياد، أن يُسقط منهجه في قراءة الخاطرة تأديبيا على شكاية الدكتور؟
إن الجواب عن هذا السؤال/الاشكال هو ما يمنح طلب إيقاف البت وجاهته المنطقية، إذ اللالتزام به هو أكبر مؤشر على حياد سلطة الإحالة من جهة، و على انسجام منطق التأديب من جهة أخرى.
  وإذا كنا نتمنى أن يكون الحفظ مآل الشكاية التي بنيت عليها متابعة الدكتور والتي شكلت في نفس الوقت موضوعا لشكايته المضادة، لأن من شأن ذلك أن يفيد في القول ببراءة الدكتور الهيني من المنسوب إليه، مادام الحفظ لن يخرج تعليله عن كون عبارتها لا تخل بوقار أو كرامة، وهذا المنطق في التفسير والمنهج في التأويل ما كنا نرجو أن يسود مجلس التأديب عند نظره في هذه القضية، والذي لا يمكن حدوثه دون الوقوع في التناقض ،حتى لا نقول الانحياز، إذ عدم الإلتفات لهذا الطلب تحت أي مبرر من المبررات، من شأن القفز عليه أن يبعث على الشعور بغبن اللامساواة قرين الظلم، مادام أنه حتى المساواة في الظلم أحيانا عدل.
 وحيث إنه إذا كان جواب السيد وزير العدل عن موجة السخط العارمة التي اجتاحت المشهد القضائي والحقوقي عقب إنزال عقوبة TNT ( توقيف، نقل، تجميد الترقية ) بالقاضي الهيني، من أنه التزم الحياد بعدما كان ينوي ارتداء جبة المحامي دفاعا عنه، يصلح للتسويق الإعلامي الآني، إلا أنه لا يمكن أن ينطلي على دارس قانون مبتدئ لا زال يتهجى قواعد مدخل دراساته  والذي لن يستوعب كيف أن إحدى الخصائص الأساسية للقاعدة القانونية : من قبيل العمومية والتجريد والمساواة لم تنتج نفس المفعول عند التطبيق على الشكاية التي تقدم بها د الهيني في مواجهة مدير الشؤون المدنية.
فلقد أكره د الهيني في سياق الدفاع عن نفسه، واختبار حيادية جهة المتابعة، أن يشتكي السيد مدير الشؤون المدنية  محمد نميري بعدما اطلع على شكاية هذا الأخير التي حركت على أساسها المتابعة، ناعيا فيها على هذا الأخير عنفه اللفظي، وإهانته لبعض الزملاء
و لما كان الطالب لم يتوصل بما يفيد مآل شكايته رغم توجيهه تذكيرا بهذا الخصوص بقي بدون جواب فقد كان  من حقه طلب إيقاف سير المتابعة التأديبية إلى حين توصله بالجواب؛إلا أنه رغم الشكاية، ورغم التذكير ورغم الإلحاح على إيقاف البت إلا أن إرادة الإدانة كانت أقوى من أي دفع، ولغاية كتابة هذه السطور، لا أحد يعلم أي تابوت حنطت فيه شكاية الهيني، وهناك من يتحدث عن الحياد ومبدأ المساواة أمام القانون المكرس دستوريا .
ماذا نسمى هذا؟ لن نمل من تكرار السؤال طالما ما قدم من أجوبة لحد الآن هو والعدم سواء.
وحيث إن عدم تحريك الوزير للمتابعة التأديبية يعد خرقا لواجب الحياد والعدالة، مما  كان يحتم على المجلس إيقاف البت في المتابعة إلى حين البت في شكايته ولما لم يفعل فقد خرق واجب الحياد ومس بأركان العدالة ووصم قراره بالتحيز الموجب لإلغاء قرار إدانته لعدم قيامه على أي أساس.
 
 
  1. عدم إيقاف البت في المتابعة إلى حين البت في ملف محضر 20 يوليوز في مرحلة الاستئناف لما يشكله ذلك من تأثير على استقلال القضاء:
وحيث إن الهيئة التي يترأسها الدكتور الهيني ومقررها هي التي بتت في ما يعرف بملفات محضر 20 يوليوز والتي صدر فيها أحكام وصلت لأكثر من 1800 حكم قضت جميعها بالحكم على الدولة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمعطلين .
وحيث إن وزير العدل صرح بمجرد صدور هذه الأحكام كما هو ثابت بشكل لا جدال فيها أن التوظيف المباشر هو عين الفساد""موقع هسبريس- محمد بن الطيب- الثلاثاء 28 ماي 2013 - 13:57-أكد مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، "أن التوظيف المباشر هو عين الفساد"، في رد مباشر على على قرار المحكمة الإدارية بالرباط والقاضي بشرعية محضر 20 يوليوز، ومطالبة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بتنفيذه".،ولم يكتف بذلك بل اعتبر القاضي الدكتور الهيني يقوم ببطولات وهمية كررها ضمنيا على مسامع القضاة الملحقين الفوج الأخير في حفل التنصيب  بتاريخ 20/2/2014 والمسجلة على الموقع الإلكتروني للوزارة حينما قال في حفل قضائي في كلمة تخلو من لباقة الحدث ""وأكد عليها في جوابه على سؤال شفوي بمجلس المستشارين(رفقته محضر مفوض قضائي مثبت لذلك  .
وحيث إن المتابعة الحالية  كان هدفها فقط استهداف القاضي المتابع والتأثير على استقلاليته من خلال بوابة المتابعات التأديبية المغلفة تحت ستار القانون ،وبصفة أساسية أيضا ترهيب وتخويف قضاة الاستئناف المعروضة عليهم قضايا المعطلين ،مما كان يوجب إيقاف المتابعة التأديبية إلى حين البت في استئناف هذه القضايا،ولما لم يفعل المجلس فقد أثر بقراره على استقلالية القضاء وجعل القرار موضوع الطعن مفتقد للأساس القانوني وواجب الإلغاء.
 
 
 
الوسيلة الثالثة:عيب السبب
حيث استقر الفقه والقضاء الاداريين على تعريف سبب القرار الاداري بأنه مجموعة العناصر الموضوعية القانونية والواقعية التي تشكل أساس وقائع القرار الاداري  وتقود رجل الادارة الى اتخاذ قراره على نحو معين، ومن ثمة فالمفروض في كل قرار اداري أن يستند في الواقع الى الدواعي التي أدت لاصداره والا كان القرار باطلا لفقدانه ركنا اساسيا هو سبب وجوده ومبرر اصداره ، فاذا ما انعدم الأساس الذي قام عليه القرار وقت صدوره فانه يغدو غير موجود ولو وجدت أسباب اخرى بعد ذلك يمكن أن تستند اليها الادارة اذا لم تكن هذه الاسباب قائمة وقت صدور القرار.
وحيث إن البين من المقرر المطعون فيه أنه اكتفى في تعليل العقوبة الصادرة في حق الطاعن ب " بناء على الإجراءات المتخذة في الملف "دون إيراد ماهية تلك السلوكات والتصريحات المبررة للعقوبة الصادرة في حق الطاعن وتكييفها القانوني ، كما أنها لم تدل للمحكمة بأي بيان مثبت لها ، مما يجعل القرار المذكور مشوبا بعيب السبب.
وحيث يشكل تعليل ونشر كل قرار إداري بما فيها القرار الصادر عن الهيئة الناظمة ضمانة أساسية من ضمانات حقوق الدفاع.
  1. تعليل القرار
حري عن البيان  أن الإدارة ملزمة بتعليل قراراتها [3]بمقتضى القانون رقم 01-03 الصادر بتاريخ 12 غشت 2002 دعما لمبدأ المشروعية وسيادة القانون.[4]
فالمادة الثانية من القانون المذكور تنص على أنه"تخضع للتعليل مع مراعاة أحكام المادتين 3 و 4 من هذا القانون، علاوة على القرارات الإدارية التي أوجبت النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل لتعليلها، القرارات الإدارية التالية:
ب-القرارات الإدارية القاضية بإنزال عقوبة إدارية أو تأديبية؛
فتعليل القرار الإداري  عندما يستوجبه القانون مثل نازلتنا يعتبر إجراءا شكليا جوهريا، يترتب على إغفاله بطلان القرار، بحيث يغذو القرار معيبا بعيب الشكل، وليس بعيب السبب، إذ أن عنصر الشكل يتحقق بمجرد ذكر الأسباب في صلب القرار الإداري، بغض النظر عن صحة هذه الأسباب أو عدم صحتها، وعلى العكس يتخلف عنصر الشكل عن القرار ويصبح معيبا بعدم المشروعية، إذا لم يتم تعليله رغم اشتراط القانون ذلك، حتى ولو كانت الأسباب التي بني عليها القرار صحيحة ومشروعة قانونا، إذ أن التعليل يعتبر في هذه الحالة من الضمانات الأساسية المقررة للخصوم، إذ يمكنهم من مراقبة مشروعية القرار وتدارك الخطأ الذي شابه وذلك عن طريق الطعن فيه.
وقد اعتبرت  محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 16-4-2008" إن الإشارة في بناءات القرار الإداري إلى محضر المجلس لا يغني عن الإفصاح في صلب القرار عن الأسباب المبررة لاتخاذه مما يعد خرقا للمقتضيات القانونية".[5]
ولكي يكون التعليل صحيحا ومتفقا مع القانون، فقد اشترط القضاء الإداري فيه"أن يكون كافيا ومنتجا في فهم الواقع، وأن يحتوي القرار على أسبابه في صلبه دون إحالة إلى قرار إداري آخر أو أوراق أخرى،[6] وأن لا يتضمن أسباب عامة أو غامضة أو مجهلة".[7]
وهكذا اعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط بموجب حكمها الصادر بتاريخ 29-9-2012" إن تجاهل الإدارة المطلوبة لقاعدة توازي الشكليات، ولمبدأ إلزامية تعليل القرارات الإدارية الزجرية  يجعل القرار المطعون فيه مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة  وحلفيه الإلغاء".[8]
وأقرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 13 -10-2011"أنه يتوجب على الإدارة تعليل قراراتها الإدارية الفردية القاضية بإنزال عقوبة إدارية طبقا للمادة الأولى من القانون 01-03 تحت طائلة عدم الشرعية، وذلك بأن تفصح في صلبه عن الوقائع والأفعال التي كانت السبب في اتخاذه والمقتضيات القانونية المبررة للقرار الإداري بشكل واضح يمكن المخاطب بها من معرفتها بمجرد قراءتها، وإذا لم تشر إليها في صلب القرار وإنما في محضر أو وثيقة أخرى فيتوجب إثبات إرفاقها به".[9]
وجاء في قرار للمحكمة الإدارية العليا صادر بتاريخ 29-1-1994"إذا أفصحت جهة الإدارة عن أسباب القرار فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة القضاء الإداري حتى ولو لم تكن الإدارة غير ملزمة قانونا بتسبيب قرارها، للمحكمة مراقبة مدى مشروعية تلك الأسباب، طالما أنها طرحت عليها، وأضحت بذلك عنصرا من عناصر الدعوى الثابتة في الأوراق، وما إذا كانت هذه الأسباب تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها جهة الإدارة، من عدمه. يقع عبء الإثبات في هذه الحالة على عاتق الجهة الإدارية التي تتمسك بهذه الأسباب".[10]
وهكذا جاء في قرار للمحكمة الإدارية العليا المصرية صادر بتاريخ 25-2-1967"إن رقابة القضاء الإداري لصحة الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب تجد حدها الطبيعي، في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصا سائغا، من أصول موجودة تنتجها ماديا أو قانونيا، فإذا كانت مستخلصة من أصول غير موجودة، أو لا تنتجها، أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا تنتج النتيجة التي يتطلبها القانون، كان القرار فاقدا لركن من أركانه، وهو ركن السبب، ووقع مخالفا للقانون، أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا وقانونيا، فقد قام القرار على سببه وكان مطابقا للقانون، وإذا كان للقضاء الإداري أن يراقب صحة الوقائع التي تكون ركن السبب، وصحة تكييفها القانوني إلا أن لجهة الإدارة حرية تقدير أهمية الحالة، والخطورة الناجمة عنها، والتصرف الذي تتخذه حاليا".[11]
 
ب-حول عمومية الوقائع موضوع المتابعة:
وحيث إن الملف خال من أي وسيلة إثبات تعزز المتابعة التأديبية،وأن ما تضمنه لا يعدو أن يكون مجرد خلق لاتهامات وهمية  عامة وتصريحات متناقضة لا تقوم على أساس صحيح من الواقع أو القانون .
وهكذا  اعتبرت محكمة النقض في العديد من قراراتها منها القرار الصادر بتاريخ 5 فبراير 1962 "إن الادعاءات العارية من كل برهان لا يسوغ أن تعتبر حجة".
كما جاء في حكم للمحكمة الإدارية بمراكش صادر بتاريخ 11 دجنبر  1996وحيث إن القرار التأديبي مبني على مجرد شكوك حول تصرفات الطاعن، وما نسب إليه من اتهامات خطيرة دون بيان لمدى ثبوت هذه الاتهامات يكون مفتقدا لركن السبب وبالتالي عرضة للإلغاء حكم عدد وحيث قضى المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 2 شتنبر 2009 "يتوجب على غرفة المشورة أن تكيف الوقائع المنسوبة إلى المتابع ،وهل يعتبر تصرفه إخلالا  من جانبه بمبادئ المهنة أم لا" نشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة الغرفة الإدارية الجزء السادس ص 151 .
جاء في قرار محكمة النقض المصرية" يشترط في الدليل أن يكون صريحا ،ودالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها ،فلا يكفي أن يكون ثبوتا عن طريق الاستنتاج ،مما تكشف من الظروف والقرائن العامة وغير المتناسقة والسائغة تصح لترتيب النتائج على المقدمات "
جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط صادر بتاريخ 5 يناير  1995وحيث إن الإدارة ذكرت أسباب لتبرير قرارها دون أن تدلي بما يثبت صحة هذه الأسباب من الناحية الواقعية ،الشيء الذي يجعل قرارها مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة مما يتعين معه الحكم بإلغائه.حكم عدد 7 ملف 82-94
كما جاء في قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 10 غشت 1984"إذا كانت للمجلس التأديبي صلاحية تقدير الحجج لتكوين قناعاته فإنه يجب أن يبني مقرره التأديبي على وقائع ثابتة ومعينة ومحددة فلا تكفي مجرد عموميات" مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 39 ص 162.
ب- حول عدم سلامة الوصف القانوني للمصرح المشتكي :
عدم التمييز بين المشتكي والشاهد والمصرح:
وحيث إن كلا من تقرير التفتيش وتقرير المقرر لم يقيما لم يقم أي تمييز للفروق القانونية بين المشتكي والشاهد والمصرح والضحية،لكونه اعتمد على شكاية المشتكي للتحقق من المخالفة التأديبية دون إبراز الطبيعة القانونية والوصف القانوني للتصريح المعتمد في نظره لتبرير استنتاجاته .
وحيث إن هذا الخلط في هذه المؤسسات القانونية التي تختلف اختلافا جذريا في تقدير تصريحاتها أثر على الوصف القانوني للوقائع وعلى سوء تقديرها.
وحيث إن تصريحات المشتكي لا تكتسي أي حجية قانونية في الإثبات لأنها دائما موضوع ريبة وشك نابعة من إرادة منحازة وحاقدة وعدوة .
وهكذا اعتبرت محكمة النقض قرار صادر بتاريخ 19 نونبر 1982 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31 ص 164أن تصريح المشتكي لا تعتبر شهادة ولا تقوم كعنصر في الإثبات ولا تكفي للإدانة .
كما اعتبر في قرار آخر صادر بتاريخ 14-4-1961 عدد 483"المشتكي لا يعتبر شاهدا إلا بعد أدائه اليمين القانونية،وبذلك يجب تحليفه إياها وإلا كان الحكم باطلا،مجموعة قرارات المجلس الأعلى في المادة الجنائية 1957-1961 ص 191 .
وهكذا اعتبر المجلس الدستوري في  قراره الصادر بتاريخ 24 أبريل 1998"إن التشكي وحده لا يعتبر حجة على الادعاء"القرارات الكبرى للمجلس الدستوري المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 30-2012.
وحيث إن الثابت من الحديث النبوي الشريف "أنه لو صدق الناس بدعواهم لداعى أناس دماء الناس وأموالهم" .
وحيث إن اتباع هذا النهج في الإثبات بتصديق المشتكين يشجع على المساومة لأنهم  هم من يمنحون صك البراءة أو الإدانة  وتوريط الأبرياء والاتجار في الشكايات لمجرد الرغبة في الانتقام،مما يضر بقدسية العدالة.
وحيث إن علماء النفس الجنائي يرون بأنه يجب الحذر في تلقي أقوال المشتكي " ،محمد الحسيني كروط ،المجني عليه في الخصومة، ص 347  جوزيف كرانيي :الدعوى الجنائية،مجلة العلوم الجنائية عدد 19 ص 7،أكرم نشأت إبراهيم،علم النفس الجنائي ص35 .
وحيث فضلا عن ذلك فالقرائن المرتكز عليها في التقرير لا تتوافر فيها شروط صحة القرائن،فلاهي قرائن متناسقة ولا قوية ولا منسجمة ولا صلة لها بالوقائع التأديبية وتسقطها التصريحات المتناقضة للمشتكي.
وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 15-10-2008"للقضاة كامل الصلاحية في تقدير مختلف وسائل الإثبات المعروضة عليهم ومن جملتها القرائن القضائية متى كانت القرائن قوية وخالية من اللبس ومستمدة من وقائع ثابتة بيقين ولا تقبل إثبات العكس"،الحسن هوداية وسائل الإثبات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى ،ص 39.
وحيث إن العيوب التي امتدت إلى تقريرالمفتشية تعكس حجم الخلل الذي يشوب صناعة التقارير الإدارية القضائية   من غياب التحري وإبراز الحقيقة والذود عنها لإنصاف المظلوم وإرجاع الحقوق_ والتي يترتب عنها البطلان لكون حيادية التقرير جزء من المحاكمة التأديبية العادلة .
وحيث إن الوقائع المتابع من أجلها القاضي المتابع غير ثابتة والتكييف المعطى لها من طرف الإدارة غير سليم والقرار المطعون فيه مبني على غير سبب وبالتالي فإنه متصف بالشطط في استعمال السلطة .
 إن لمحكمتكم الموقرة بصفتها  جهة قضائية السلطة القانونية لتقدير هذه الوقائع وتمحيصها وقول حكم القانون فيها حسب الظروف التي أحاطت بها ؛ لأن تقارير التأديب حسب الثابت فقها وقضاء لا تكتسي أي قيمة قانونية إذا جاءت محملة بالظنون والشكوك مفتقدة لعناصر الحياد والبحث والموضوعية والتحقيق القانوني الرصين لأنها من صنع الادارة وابتكارها الخالص.
وقد اعتبرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في حكم لها بتاريخ 20 يونيو 2011 "أن الضمانات المقررة في المحاكمات الجنائية تسري قواعدها بالنسبة لباقي أنواع المحاكمات التي تستدعي إجراء مداولات واتخاذ مقررات تأديبية أو زجرية المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 54 -55 ص 223.
وحيث إن مقومات المحاكمة التأديبية تقتضي ضرورة توفر عنصر الحياد في جميع أجهزة الجهاز التأديبي حتى يمكن الاطمئنان لقراره.
وحيث إنه من المتفق عليه فقها وقضاء أنه لابد لكل قرار من سبب ،والسبب هو تلك الوقائع المادية التي تبرر صدوره ،وعلى الإدارة إثبات ذلك ،بحيث إذا نعدم السبب انعدم القرار كله ، وبمعنى آخر فالعمل الذي ليس له سبب عمل لا يحميه القانون ،وإلا اعتبر تصرفها تجاوزا في استعمال السلطة وموجبا للتصريح بإلغائه.
حيث إن محكمة النقض وهي في سبيل التحقق من صحة قيام الوقائع التي تشكل سبب القرار يتصدى لها من زاويتين فمن ناحية يبحث في وجودها المادي ومن ناحية يتحقق من صحتها القانونية بالبحث فيما إذا كانت الوقائع محل المتابعة هي نفسها الوقائع التي يشترط القانون قيامها لإضفاء المشروعية على المقرر المتخذ
وحيث يلزم المطالبة بداية بالبحث في مشروعية المتابعة والإحالة و إنما أيضا توسيع نطاق صلاحية المجلس لتشمل مراقبة الملائمة.
حيث نص الفصل 58 من النظام الأساسي للقضاة على أنه " يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو بالوقار أو الكرامة خطأ من شأنه أن يكون محل متابعة تأديبية".
وحيث إن القاضي لا يمكن أن يسأل تأديبيا إلا عن الأخطاء الخطيرة المرتبطة بسلوكيات الوظيفة أو أعمالها ، و تلك قاعدة تهدف إلى تجنيب المجلس الموقر من النظر في الكثير من الأخطاء التي من شأن تحريك المتابعة بشأنها إضفاء مجرد تراكم عددي يضاعف من عمل المجلس ويأخذ من وقته ويبعده عن دراسة الملفات الشائكة التي تقتضي بحثا وتحقيقا معمقا ومداولات وقرارات حاسمة ينتظرها الجميع .
وحيث إن كثيرا من واجبات القاضي ترجع إلى الضمير و إلى المسلك العام ، لكن ذلك لا يمنع من مساءلته عن أفعال محددة وليس عن أفعال  عامة حتى لا يتم النفخ والتضخيم من  سلطة التأديب و إبعادها عن تحقيق أهدافها لتشمل أمور سطحية ومختلقة .
وحيث إن الأجدى والأنفع أن لا يتم إحالة جميع المخالفات على المجلس الأعلى للقضاء هذا بدون حصر و تحديد مواطن العثرات و مكامن الزلل بدون تساهل مما يسقطنا في خطر الجمود والتعميم وضررها على القاضي والعدالة أكثر من نفعها ، بأن ينصب روح عمل المجلس على ما يستحق ويصلح كأساس للعقاب بالنظر للاعتبارات العامة والغائية المستهدفة من تحقيق المصلحة القضائية وليس الردع بنوعيه العام و الخاص.
 
وفي هذا الصدد قال منتسكيو " إن القوانين غير المفيدة تضعف قيمة القوانين الضرورية ونقول في هذا المجال أن المتابعات غير الملائمة تضعف بل و تطرد المتابعات الضرورية" لأن ما يهمنا هو ضمان فاعلية الجزاء التأديبي وضمان عدم إسراف السلطة التأديبية.
وحيث إن ذلك يستلزم تقييم الوقائع والتصرفات ذات الطبيعة المبررة لفتح المتابعات حتى لا نقول مثل ما قال به بعض الفقه الفرنسي أن القاضي يرتكب خطأ عندما يرتكب خطأ.
Le juge commet une faute lorsq’il commet une faute
وحيث إن القاضي يجب أن تسود الثقة في استقامته والاطمئنان إلى نزاهته و أمانته و نقاء سريرته لارتباط ذلك بحسن سير العدالة .
  وحيث إن العنصر الأساسي من عناصر التطوير التي لا غنى عنها في تطوير نظم حديثة لتقويم العمل القضائي، أن هذه النظم لا يجب أن تقتصر على تقويم العنصر البشري، بل تمتد إلى منظومة العمل القضائي بكاملها وبحيث يكون دور المجلس الأعلى دافعاً للتوجيه والبحث عن أفضل الممارسات، فالأمر لا يدور دوماً بين الخطأ والصواب بل قد يتصل بالسلطة التقديرية للقاضي، وكيف يمكن إعمالها بشكل يتناسب مع احتياجات المجتمع وتوقعاته ومتطلبات تطوره .
وحيث إن اجتهاد محكمة النقض يمثل سياجاً يحفظ للنظام للقضائي أهم مقوماته من الاستقلال والحيدة والنزاهة، بما يؤكد مسؤولية النظام القضائي عن الحفاظ على المجتمع ومقوماته وقيمه ويلائم احتياجاته المتجددة ويدفع تطوره .
وحيث أن السوابق القضائية لمحكمتكم الموقرة ستكون ذات أهمية كبرى في إرشاد القضاة إلى ما يجب أن يكون عليه سلوك القاضي.
2- الدفع بعدم تحقق عناصر المخالفة الركن المادي والمعنوي:
وحيث إن تحريك المتابعة ضد القاضي الهيني بعد إبرام صلح لا يمكن الرجوع فيه طالما أن أطراف الخصومة يملكون ناصيتها ؛ يشكل إشارات واضحة ودالة على استهدافه  بسبب أحكامه ومواقفه المتعلقة باستقلال السلطة القضائية ومجلس الدولة
وحيث إن القضاء رسالة سامية ويجب على كل قاض كما درسنا شيوخنا في المعهد العالي للقضاء أن يقتات من قوت يومه ومن عرق جبينه كما ورد بالخاطرة ، إذ هذه العبارة ذاتها وردت في العديد من الخطب والرسائل الملكية السامية المتعلقة بتخليق المرفق العام ،الذي يعد التصريح الإجباري بالممتلكات أحد أهم مظاهره .
وحيث إن المقصود  بعبارة "معايشتنا له كقضاة الواردة بالخاطرة  تعني المخالطة أو المجاورة أو الاطلاع على الأحول ، وأنه شخصيا ــ الدكتور الهيني ــ يعايش قضاء مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة النقض الفرنسية والمحكمة الإدارية العليا المصرية ومحكمة النقض المصرية، مما يجعل المعايشة المقصودة في الخاطرة لا يقصد بها  الأشخاص وإنما المؤسسات وفضاءات العمل.
 وحيث إن عبارة محكمة درجة ثانية متخصصة لا تعني محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط ، طالما أن هناك محكمة أخرى بمراكش وثلاث محاكم استئناف تجارية وأقسام الجرائم المالية ، وغرف الجنايات الابتدائية والاستئنافية ، وغرف الأحداث المتعلقة بها وأقسام قضاء الأسرة إلخ ، ناهيك كون عبارة الخروج غير المشرف عن هذه المحكمة تشكل بحق دلالة رمزية لخروج أي فكر أو تصور افتراضي عن طبيعة الأشياء، مؤكدا بصفة قاطعة أن العبارات جميعها لا تخص شخصا بعينه وإنما تناقش حالات مرضية قد تصيب إدارتنا القضائية أو المركزية وقد تكون حاضرة فعلا جميعها أو بعضها في زمن معين ومكان معين .
 
3-محاكمة النوايا وتجريم الإبداع والخيال :
وقد قال العرب قديما "أعذب لشعر أكذبه" في إشارة إلى كون الإبداع الجيد وليد وصنو الخيال الجيد .
وحيث إن الخاطرة موجهة للسيد الوزير لاستحضار مواصفات المنصب ، وأنه لا يقصد منها مطلقا وبصفة نهائية وقطعية السيد محمد النميري مدير الشؤون المدنية ، المعين بعد خمسة عشر يوما من كتابة الخاطرة الأدبية، وليس هناك أي إيحاءات مباشرة أو غير مباشرة تخصه في الموضوع ،لأن علاقة القاضي الهيني معه كمسؤول قضائي تميزت دوما بالاحترام والتقدير المتبادل ،ولقد صرح له شخصيا بأنه كان دوما يرغب أن يعمل برفقته بمحكمة الاسئتناف ،كما لم تسجل أي خصومة أو حتى مجرد سوء تفاهم بينهما طيلة مدة رئاسته لمحكمة الاستئناف.
وعليه استقرت المحكمة الإدارية العليا المصرية على أنه"من المبادئ العامة الأساسية في المسؤولية العقابية، سواء كانت جنائية أم تأديبية، وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم من المتهم، وأن يقوم هذا الثبوت على أساس توفير أدلة كافية، لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها في ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه، ولا يسوغ قانونا أن تقوم الإدانة، تأسيسا على أدلة مشكوك في صحتها أو في دلالتها، وإلا كانت الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون مفرغة من ثبات اليقين".[12]
4-الخطأ البين في التقدير :
وحيث يعرف الخطأ الفادح في التقدير بأنه الخطأ الإداري الجسيم ذو الصفة الظاهرة، فالإدارة عندما تقوم بتكييف الوقائع ترتكب خطأ واضحا يتعارض مع المنطق السليم بشكل واضح.
ولقد تطور القضاء الإداري حول تمديد المراقبة لتشمل تقدير الإدارة لأهمية وخطورة السبب الذي تأسس عليه القرار الإداري، بحيث انتقل من رقابة المشروعية إلى توسيع  الامتداد إلى الملاءمة.
وحيث إن تقدير الجزاء التأديبى متروك للسلطة التقديرية للإدارة أي سلطة التأديب بشرط عدم جواز اساءة استعمال تلك السلطة من خلال عدم التناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الموقع عنها وهو ما يعبر عنه بالغلو فى تقدير الجزاء الذى يصم الإجراء التأديبى بعدم المشروعية ويجعله واجب الإلغاء،والتناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الموقع عنها إنما يكون على ضوء التحديد الدقيق لوصف المخالفة فى ضوء الظروف والملابسات المشكلة لأبعادها ، مؤدى ذلك أن جسامة العمل المادى المشكل للمخالفة التأديبية إنما يرتبط بما يترتب عليها من آثار وما تقتضيه الواجبات الوظيفية لمرتكبيها من الحرص والدقة فى أداء عمله تلافيا لوقوع هذه الآثار.
"إن للإدارة سلطة تقديرية في اتخاذ العقوبة المناسبة في حق الموظف حسب خطورة الأفعال المنسوبة إليه ومدى تأثيرها داخل المرفق العام، وأن هذه السلطة  لا رقابة للقضاء عليها ما لم يشبها غلو في التقدير.
لئن كان المستأنف عليه قد نسب إليه كون تصرفاته مشينة باعتباره يعاشر رفقاء السوء، وهذا له مساس بالمرفق العام الذي ينتمي إليه كرجل أمن، إلا أن معاقبته عن هذا التصرف غير اللائق بعقوبة العزل، ينم عن غلو في التقدير، إذ لا تتناسب هذه العقوبة بتاتا مع خطورة الفعل المرتكب من قبل الطاعن، مما يكون معه القرار المطعون فيه مشوبا بتجاوز السلطة وحري بالإلغاء".

قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 552 بتاريخ 25/07/2007 في الملف رقم 14/07/5

 
وحيث إن المعاقبة عن خاطرة ادبية بصرف النظر عن عدم وقوع الفعل في دائرة التأثيم بعقوبات ثلاثية فيه ما يؤكد عدم التناسب البين والخطأ الفادح في التقدير ،فعقوبة التوقيف تنصرف للمخطئ مهنيا والمتهاون في أداء التزاماته المهنية وليس لمجرد إبداء رأي قانوني في شأن إصلاح الإدارة القضائية
 
الوسيلة الرابعة:عيب مخالفة القانون
وحيث يقصد بهذا العيب، المخالفة المباشرة لأحكام القانون بشكل عام، كأن يخالف محل القرار القواعد الدستورية، أو القواعد التشريعية أو التنظيمية، بحيث يكون القرار الصادر في هذه الحالة، معيبا من حيث موضوعه أو مضمونه أو محله.
وتتمثل صورة الخطأ القانوني، في اتخاذ القرار الإداري بشكل مخالف لتفسير أو تطبيق القاعدة القانونية، كما يعتبر من صور مخالفة القانون، عدم احترام المبادئ العامة للقانون كمبدأ حق الدفاع، ومبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية، ومبدأ صيانة الحقوق المكتسبة ومبدأ المساواة،[13] وتكافؤ الفرص والعدالة والإنصاف، ومبدأ قوة الشيء المقضي به.
- إخلال المجلس بالحياد بسبب رفض الدفع بتجريح الوزير وبعدم صلاحيته لترأس جلسة التأديب لانعدام مقومات الحياد والعدالة وانتهاك قرينة البراءة وخرق واجب التحفظ و والمس باختصاصات المجلس والمؤسسة الملكية وخرق واجب الحياد والعدالة بعدم تحريك متابعة المشتكى به في الشكاية المقابلة والشطط في استعمال السلطة " .
  إن انتهاك قرينة البراءة من قبل جهة المتابعة؛ من خلال جواب وزير العدل على سؤال شفوي أمام مجلس المستشارين يمس بشكل خطير باختصاص المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية، ويطرح جدوى المحاكمة التأديبية؛ والمصادقة الملكية ؟؟؟ كما نتساءل عما إذا كان التأديب ملكية خاصة لجهة المتابعة ؟؟؟ أم هو نظام قانوني يروم تخليق الممارسة والفعل القضائيين ؟؟؟
   وحيث سبق للدكتور الهيني أن بعث بمراسلة لجهة المتابعة طلب منها رفع الاعتداء المادي على خرق مبدأ قرينة براءة قاض المكرسة دستوريا ودوليا  المسجلة على  البيان المنشور بالموقع الالكتروني للوزارة،مع ما يترتب عنه من آثار قانونية .
  وحيث وبالنظر لما ورد في جواب جهة المتابعة على السؤال الشفوي بمجلس المستشارين والمنشور في موقع الوزارة الإلكتروني؛  والذي جاء فيه “كان على المعني بالأمر إن كان يدعي الصلح فعلا أن يعتذر لمن رماه ظلما وزورا من سوء النعوث و الصفات ، كان عليه أن يعتذر عليه علانية كما أساء إليه علانية"
  وحيث لم يقف الأمر عند هذه الحد بل واصلت جهة المتابعة الدوس على قرينة البراءة من خلال تصريح وزير العدل للمواقع الإلكترونية وللجرائد والصحف الوطنية ،ونكتفي هنا بما ورد على لسان وزير العدل في جريدة الاتحاد الاشتراكي ليوم الإثنين 28-4-2014 عدد 10689 "إن المفتشية العامة للوزارة تأكد لها ثبوت تهمة عدم الالتزام بواجب الاحترام والوقار لرؤسائه، مؤكدا أن قرار الإحالة يندرج في صميم حرصه على سيادة علاقة الاحترام بين القضاة ، مؤكدا أن ما قام به القاضي الهيني يعد تجاوزا للحدود لا يمكن القبول به ،وأن أي تساهل مع هاته السلوكيات من شأنه أن يفتح باب التسيب ، فالقضاة إن لم يحترموا بعضهم البعض لن يحترمهم عامة الناس، خاصة وأن صورة القضاء لدى الناس يضيف الرميد ،أصبحت مشوهة بالنظر لما يعرفه الجسم القضائي من سلوكيات مشينة ، موضحا أن القاضي إذا تجاوز حدوده إزاء رئيسه أو زميله بنسبة عشرة في المائة فإن الناس سيتجاوزون حدودهم مع القضاة 6000 في المائة ،ومن هذا المنطلق يوضح الرميد أن التغاضي عن مثل هذه الأمور سيقود القضاء إلى الهاوية ، وهو ما لا يمكن أن يقبل به " .
   وحيث تأسيسا على الفصل 119 من الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع المكرسة لحماية مبدأ قرينة البراءة في مجال المتابعات التأديبية عامة وللقضاة على وجه خاص ،ولاسيما المادة 11 فقرة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 14 فقرة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ،والفقرة 17 من المبادئ الأساسية الدولية بشأن استقلال السلطة القضائية ، وتبعا للفصل السادس من الدستور الناص على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين ، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه ، وملزمون بالامتثال له،وصلة بقواعد الحكامة الجيدة للمرفق العمومي  التي تفرض إعلاء منطق احترام القانون وحماية الحق في المعلومة دون انتهاك لحقوق الاغيار، لاسيما إذا كانوا من حماة الحق والمدافعين عن الحقوق والحريات واستقلال السلطة القضائية ومفترض فيهم حماية حقوق وحريات المواطنين .
   وحيث إن هذا الخرق يشكل إهدارا لمبدأ قرينة البراءة المكرس وطنيا ودوليا بالنظر لما يشكله ذلك من اعتداء على اختصاص مؤسسة دستورية
"المجلس الأعلى للقضاء "، وعلى اختصاص المؤسسة الملكية باعتبار أن مولانا أمير المؤمنين هو رئيس السلطة القضائية وهو الجهة الوحيدة المخول لها النظر في إضفاء الصبغة التنفيذية على مقترحات المجلس،مما يكون معه التصريح المذكور يشكل خروجا من جهة المتابعة عن واجب التحفظ و الذي يستلزم عدم الإدلاء بتصريحات علنية تبرز بوضوح موقفها من قضايا معروضة على المجلس الأعلى للقضاء ،كما يشكل من ناحية أخرى إفشاء قبلي لسرية المداولات و خرق للمبادئ المنظمة لسير عمل المجالس العليا للقضاء في أفضل التجارب الدولية ، وهو ما يبرر التخوف من مسار المحاكمة التأديبية سواء بعد الخروقات القانونية المسجلة على المرحلة السابقة على المتابعة أو بعد اعلان وزارة العدل  لموقفنا الصريح و تأكيدها لثبوت الأفعال موضوع المتابعة ، والتماس تخفيف العقوبة وتقديم الاعتذار العلني، حتى قبل مصادقة جلالة الملك على مشروع جدول أعمال الدورة طبقا للمادة الثامنة من النظام الداخلي للمجلس الأعلى للقضاء.
  كما جاء في حكم لمحكمة القضاء الإداري المصري صادر بتاريخ 2/2/57 "قواعد تشكيل المجالس من النظام العام تتعلق بإجراء ردعي فيه الصالح العام، وهو حسن سير المحاكمات التأديبية، بحيث يعتبر الإخلال بها عيبا يبطل القرار الصادر عنه ومن ثم يتعين إلغاؤه.
وإذا قام أحد أعضاء المجلس بسبب من أسباب عدم الصلاحية أو الرد المنصوص عليها في المادة 315 من قانون المرافعات وجب عليه التنحي، إذ ليس أنفى للتهمة وأبقى لدواعي تطمين المحاكمين على مصائرهم، وأمكن لاقتلاع منابت القلق من نفوسهم من تنحي عضو المجلس من مهمته حتى تصدر الأحكام مبرأة من نوازع الهوى، ومصفاة من شوائب الميل ومعصومة من مزالق العنف. ولا مراء في أن المادة 87 من قانون موظفي الدولة الخاصة بوجوب التنحي عند عدم الصلاحية، إنما تضمنت في واقع الأمر أصلا مقررا من أصول المحاكمات الإدارية، كان مرددا في أحكام القضاء الإداري، فهي بهذه المثابة تلخص قاعدة كلية، ينبغي أن تسري على جميع المحاكمات التأديبية، ويتعين مراعاتها بغية توفير أول الضمانات في أية محاكمة جزائية كي لا تهدر بإصدار قيمة الأحكام، وذلك حتى ولو لم يرد نص مماثل في القوانين" [14]
وكما تشمل الإجراءات الواجبة أثناء اتخاذ القرار بالإضافة إلى صحة تشكيلة أعضاء الهيئة الادارية، ضرورة توفر النصاب القانوني لانعقاد الاجتماع أو الجلسات كما حدده القانون.
ويدخل ضمن القواعد المتعلقة بتشكيل الهيئات أيضا حياد الهيئة الناظمة، بحيث يمتنع على الرئيس أو الأعضاء المشاركة في إصدار قرار إداري بشأن وقائع معينة، أو مصالح لهم بها صلة مباشرة أو غير مباشرة، أو تم تجريحهم أو مخاصمتهم بشأنها، وإن كان هذا الجانب يتصل بعيب مخالفة القانون أكثر من عيب الشكل.
 
- الدفع بسقوط  وانقضاء الدعوى التأديبية لوقوع الصلح وتنازل المشتكي:
    وحيث يتضح من الإشهادات المتواجدة بالملف أنه ثمت صلح أجري حفاظا على وحدة الجسم القضائي من قبل لجنة تضم كلا من القيدومة دة احفوظ رئيسة الجمعية المغربية للقضاة والسيد رئيس نادي بقضاة المغرب ذ ياسين مخلي والعضو المؤسس للنادي ذ عبد الله الكرجي؛ إلا أننا فوجئنا بمتابعة المستشار الهيني من قبل السيد وزير العدل والحريات متذرعا بعدم توصله بأي صلح؟؟؟  رغم نفاذه أمام ثلاث قضاة وتداول الأمر إعلاميا وقضائيا؛ ورغم ما هو مستقر عليه في كافة التشريعات من كون الصلح لا يجوز الرجوع فيه، ولو باتفاق الطرفين، مما جعل القضية تبدوا مشخصنة وتطرح اكثر من علامات استفهام؟؟؟ بل وتجعل النظام التأديبي وغاياته في الميزان ؟؟؟
  حيث إن من المسلم به أن الصلح حاسم للنزاع، لا يجوز التراجع عليه، بصريح القانون الأم ( ق ل ع )، وبصرف النظر عن كون المجلس التأديبي ليس جهة اشتكاء للفصل في شكاية طرف اعتبر نفسه متضررا، فإن حشره بالبت في شبه سوء فهم بين قاضيين، يقتضي منه أن يعمل المنطق القانوني السليم في الفصل بينهما. وهو الاشهاد على سابق الصلح الثابت بين الطرفين والذي يحول عائقا قانونيا دون تحريك التأديب.
إن الاجابة عن هذا الطلب يقتضي استدعاء شهود اللائحة وهم: ذة أحفوض و ذ مخلي  و ذ الكرجي، والاستماع إلى شهادتهم في شأن المساعي الحميدة التي بدلت ردما للخلاف بين الزميلين، وما عاينوه من تراض بينهما وتصاف، تدوين ذلك في محضر، وعند الدفع يعدم التوصل بتنازل مكتوب كما سمعنا على لسان السيد الوزير من الطرف المشتكي لا بأس من استدعاء هذا الأخير للتأكد مما إذا كان يؤكده أم ينفيه، أم يتراجع عنه، والأكيد أن أخلاق القاضي ستسمو فيه، وأنه لن يملك إلا تأكيده، فكيفما كان الحال، ومهما بلغ الاختلاف فلن ينسينا الأمر أننا قضاة، وأنه لا يمكن للقاضي أن يتسبب في الأذى لزميله القاضي، وعنذئذ لا يمكن للمحكمة التأديبية إلا أن تشهد على الصلح، وتعتبر الدعوى غير ذات الموضوع ، أما التشبت بأنه الصلح لا يقيد جهة التأديب التي لها أن تحيل من تشاء إعمالا لسلطتها التقديرية، فإنه أمر غير مستساغ لكون انطلاقة القضية كما جرى التأكيد عليه في الرواية الرسمية وحتى داخل قبة البرلمان أن المتابعة تأسست على شكاية من أحد كبار القضاة، وإذا فكيف السبيل إذا ما كبر المشتكي بأخلاقه العالية وتنازل عن الشكاية، فبأي منطق سنبرر استمرار الدعوى التأديبية اللهم إلا إذا كنا فعلا نريد للدكتور أن يؤدب عن أمر خفي، وأن الشكاية لم تكن غير مبرر للإجهاز عليه .
   وحيث إن الشكاية تعتبر كأن لم تكن لتنازل المشتكي وإبرام صلح قضائي كان موضوع محضر وإعلان للرأي العام القضائي موقع من طرف القضاة السادة :رشيدة أحفوظ رئيسة الجمعية المغربية للقضاة ،ياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب ، عبد الله الكرجي عضو مؤسس لنادي قضاة المغرب ، والصلح غير قابل للرجوع عليه مطلقا ،لأن السيد المدير صرح للأساتذة بأن الأستاذ الهيني لم يكن يقصده بالمرة ؛ وبالتالي ارتفع سوء الفهم وسجلت جميع الصحف والجرائد الوطنية خبر نجاح لجنة المساعي الحميدة وزاره الطاعن  بمكتبه وأكد له رفع سوء الفهم بمعية الأستاذة أحفوظ ، لنفاجأ بفتح المسطرة من جديد بناء على اعتبارات غير قانونية، والتمس الأستاذ الهيني استدعاء لجنة الصلح للوقوف على حقيقة الأمر.
حيث إن الصلح بموجب الفصل 1098 من قانون الالتزامات والعقود " عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه، "
وحيث إنه باعتباره حاسما للنزاع فإنه لا يجوز الرجوع فيه حسبما استقر على ذلك قضاء النقض المغربي والمصري؛
كما نص الفصل 1107 منه على أنه لا يجوز الرجوع في الصلح ولو باتفاق الطرفين .
وهكذا مثلا ذهبت محكمة النقض المغربية في إحدى قراراتها إلى التأكيد على أن :
" عقد الصلح يعتبر التزاما بإرادة الطرفين ، لا يجوز الرجوع فيه وأن المحكمة لما ذهبت عكس هذا الاتجاه تكون قد خرقت مقتضيات الفصل 230 من ق.ل.ع.
( قرار المجلس الأعلى عدد : 724 المؤرخ في : 27/02/2002 ملف مــدنــي عدد : 114/1/2/99 )
وفي نفس الاتجاه أقرت محكمة النقض المصرية ما يلي:
" اذا كان انتهاء الخصومة بغير حكم فى الدعوى يرجع الى أسباب مختلفة نظم قانون المرافعات المصرى بعضها كما فى أحوال السقوط والانقضاء بمضى المدة والترك ، ولم ينظم البعض الآخر كما فى حالة الصلح بين طرفى الخصومة وحالة وفاة الخصم أو غيره اذا كان النزاع مما ينتهى بالوفاة كما فى دعاوى التطليق والطاعة والحضانة والضم ، وكان اغفال هذا التنظيم يعد نقصا تشريعيا يوجب على القاضى تكملته بالالتجاء الى المصادر التى نصت عليها المادة الأولى من القانون المدنى ومنها قواعد العدالة ، فان الحل العادل فى حالة حسم المنازعة صلحا أن يقضى فيها بانتهاء الخصومة المادة 553 من القانون المدنى- الطعن رقم 483 لسنة 42 ق جلسة 1981/11/30 س 32 ص  2169 - .
وحيث إنه  وبصرف النظر عن كون المجلس التأديبي ليس جهة اشتكاء للفصل في شكاية طرف اعتبر نفسه متضررا، فإن إكراهه على البت في شبه سوء فهم بين قاضيين، يقتضي منه أن يعمل المنطق القانوني السليم في الفصل بينهما .
 وحيث متى كانت الدعوى التأديبية رهينة في إثباتها على حجة حاسمة يجري عليها قانون خاص واجب التطبيق، وكانت الدعوى التأديبية محسومة بسابق الصلح بين الطرفين، فإنه يتعين على المجلس الموقر أن يقول بعدم قبولها بعد  الاشهاد على حصول الصلح الثابت بين الطرفين والذي يحول عائقا قانونيا دون تحريك التأديب .
وحيث إن الاستماع إلى شهود اللائحة حق أصيل من حقوق الدفاع، طالما أن شهادتهم عاملة في النزاع، بل وحاسمة له .
وببناء على ما تقدم يلتمس العارض بكل إلحاح التصريح بانقضاء الدعوى بالصلح.
واحتياطيا : الاستماع للشهود تأكيدا للدفع بعدم قبول الدعوى لوجود صلح .
 
10- بطلان المتابعة  والمحاكمة لخرق حقوق الدفاع :
نص الفصل 120 من الدستور على أن "لكل شخص في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول.
حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم".
وهكذا اعتبر المجلس الدستوري الفرنسي "أن حق الدفاع هو حق أساسي معترف به من طرف قوانين الجمهورية، وله قيمة دستورية، وبهذا يكون هذا المجلس، قد أرسى المبدأ القائل، بأنه لا يجوز توقيع أي جزاء، بدون أن يعلم به صاحب الأمر، وأن يقدم ملاحظاته بخصوص الوقائع المنسوبة إليه، وأن يطلع على الملف الخاص به"[15].
وفي هذا الاتجاه،نحت محكمة النقض بتاريخ 20 أبريل 1979 معتبرة" أن حقوق الدفاع، تعد من المبادئ العامة للقانون، تقضي على الإدارة قبل إصدار القرار المطعون فيه، اتخاذ ما يلزم من إجراءات،لإطلاع المعني بالأمر على المخالفات المنسوبة إليه، وتمكينه من تحقيق دفاعه عن نفسه، وذلك حتى في حالة عدم وجود أي نص تشريعي أو تنظيمي"[16].
كما جاء في حكم للمحكمة الإدارية بمراكش صادر بتاريخ 19-9-2001" إن عدم تمتيع الطاعن بحقه في الرد على المخالفات المنسوبة إليه، قبل اتخاذ القرار موضوع الطعن، يؤدي إلى إهدار مبدأ حق الدفاع،الذي يعتبر من المبادئ القانونية العامة التي يتعين احترامها قبل توقيع أي جزاء"[17].
كما اعتبر مجلس الدولة الفرنسي منذ قراره الصادر بتاريخ 5 ماي 1944، بأن حق الدفاع يعتبر من المبادئ العامة للقانون، كما أن المجلس الدستوري، اعتبر بموجب قراره الصادر بتاريخ 2 دجنبر 1976، أن حق الدفاع يكتسي قيمة دستورية، ويعتبر من المبادئ الأساسية المعترف بها من طرف قوانين الجمهورية[18].
وجاء في قرار للمجلس الدستوري صادر بتاريخ 17 يناير 1989 "لا يمكن لأي عقوبة، أن تفرض إلا إذا كان حامل الرخصة قد خول حقه في إبداء ملاحظاته، والاطلاع على الملف"[19].
وهكذا اعتبر اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 28 يوليوز 1989، أن مبدأ احترام حقوق الدفاع، يشكل أحد المبادئ الأساسية المعترف بها قانونا، ويطبق خصوصا في المجال الجنائي، بما يتضمنه ذلك من مسطرة منصفة، وعادلة تضمن التوازن بين حقوق الأطراف"، ومدى احترام هذا المبدأ إلى العقوبات الإدارية، كتلك التي تصدرها لجنة عمليات البورصة[20].
وجاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 20 أبريل 1979 "إن حقوق الدفاع هي من المبادئ العامة، تقضي على الإدارة قبل إصدار المقرر المطعون فيه،اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإطلاع المعني بالأمر على المخالفات المنسوبة عليه،وتمكينه من تحقيق دفاعه عن نفسه،وذلك حتى في حالة عدم وجود أي نص تشريعي أو تنظيمي"[21].
وقد اعتبر المجلس الدستوري الفرنسي، أن أي جزاء إداري لا يمكن توقيعه، ما لم يكن المدار في وضعية تسمح له بتقديم ملاحظاته على الأفعال المنسوبة إليه، والاطلاع على الملف الذي يهمه[22].
وهكذا تنص المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، على جملة مقتضيات تكفل حقوق الدفاع، منها الحق في أن يمنح المتهم الوقت المناسب، والتسهيلات اللازمة لإعداد الدفاع، والحق في أن يدافع عن نفسه، سواء بنفسه أو عن طريق الاستعانة بمدافع من اختياره، وأن يستفيد عند اللزوم بالمساعدة القضائية المجانية، والحق في سؤال الشهود، وأخيرا الحق في أن يستفيد مجانا بمترجم.
وهكذا قبل مجلس الدولة الفرنسي، في قراره الصادر بتاريخ 3 دجنبر 1999، مراقبة الوسيلة المثارة المتعلقة بتجاهل تطبيق الفصل السادس من الاتفاقية، وكذا خرق حقوق الدفاع، كما يتحقق بشكل أكبر من أن مسطرة توقيع العقوبة،لم تخرق مبدأ الحياد[23].
كما قضت محكمة النقض في قرار لها بتاريخ 23 أبريل 1963، بإلغاء قرار إداري بسبب عدم إتاحة الفرصة للمدار،لمناقشة الأفعال المنسوبة إليه، معتبرا أنه "بالنظر لنوعية العقوبة، والخطورة التي تشكلها، فإن هذا التدبير، لا يمكن اتخاذه من دون إتاحة الفرصة للمعني بالأمر، لمناقشة الأفعال المنسوبة إليه، وأن الملاحظات وتنبيهات الانضباط الموجهة من طرف الإدارة، لا يمكن اعتبارها قد أتاحت له فرصة إبداء ملاحظاته الدفاعية.
هدر الضمانات السابقة على تحريك المتابعة
وحيث إنه من مفارقات المشهد القضائي المغربي أن الوضع الاعتباري لرجالات السلطة القضائية لا يجد له انعكاسا في محاكماتهم التأديبية، فدونا عن باقي الموظفين، بل دونا حتى عن مجرمي الحق العام، ظل القضاة يئنون تحت نير المتابعات التأديبية التي يحتكر وزير العدل سلطة تحريكها بغير ضمانات تقيهم شر الشطط المحتمل في الزيغ بسلطة التأديب عن أهدافها التقويمية. والغريب في الأمر أن قرينة الإدانة هي أصل تابث يكفي أن تتوافر مجرد قرينة واهية حتى يوقف القاضي ويشهر به أبشع تشهير.
وظلت المفتشية العامة بخضوعها القانوني لسلطة الوزير، وبما راكمته من هالة في الوعي الجمعي للقضاة خارج أية مساءلة حقوقية، أو مناقشة قانونية لمدى انضباط إجراءاتها لمعايير المحاكمة العادلة،
وحتى ولو تعلق الأمر بمحاكمة بأبعاد حقوقية، وبمتابعة ومساندة مجموع الطيف المشكل لمنظومة العدالة، وبحضور وازن للنقباء الذين طالما اصطف إلى جانبهم المحامي الرميد للدفاع عن الحق والقانون، لم يكلف هذا الأخير وهو وزير العدل عناء الرد على ما أثير في قضية الدكتور الهيني من دفع ببطلان المتابعة التأديبية كنتيجة لإجراءات باطلة، عساه يمنح للعقوبة القاسية شرعيتها القانونية التي تمنحها مسوغ القبول لدى المخاطبين بمنطوقها.
 فكلنا يعلم أن سلطة المتابعة التأديبية مقيدة بقواعد ومبادئ قانونية صارمة تمخضت عن جدلية الضمان ( ضمانات التأديب ) والفعالية ( حسن سير المرفق) تحت رقابة المجلس الموقر باعتباره سلطة قضائية؛
وأن الضمانات السابقة على التأديب هي من الأهمية بحيث يؤدي الإخلال بها إلى جعل المتابعة المستندة عليها حليفة البطلان كما هو الأمر في نازلة الحال؛هذا وقد تجسد على مستوى كافة المراحل:
-أ- على مستوى مرحلة المفتشية العامة :
  ـــ عدم توجيه استدعاء يتضمن موضوع الاستماع ؛
  ـــ عدم انصراف الأجل المعقول بين تاريخ الإشعار و تاريخ أول جلسة للاستماع ؛
ـــ رفض المفتشية العامة لطلب المؤازرة المقدم من طرف المحامين و القضاة و ممثل نادي قضاة المغرب ؛
ـــ عدم تمكين مؤازرنا من الاطلاع على وثائق ؛
-الدفع بعدم بيان موضوع الاستدعاء ووسائل الإثبات المؤيدة له وبما يفيد قرار الوزير باتخاذ إجراء الاستماع ،خرق حقوق الدفاع –الفصل 120 من الدستور -والحق في المعلومة-الفصل 27 - للمستمع إليه وللجمعية المهنية التي ينتمي إليها ،المس بالأمن القانوني للقاضي والمتقاضون "السلامة المعنوية".
-الدفع برفض مؤازرة المحامين والقضاة :
- الدفع بخرق قاعدة علنية إجراءات الاستماع ؛
- الدفع بعدم التمكين من دليل الاستماع وحقوق المستمع إليه"الميثاق"
-الدفع بعقد جلسة الاستماع في وقت انعقاد الجلسة القضائية التي يترأسها المؤازر؛ مع عدم وجود سنذ قانوني يعتبر هذ التغيب مبررا .
-الدفع بعدم التمكين من نسخة الشكاية :
-الدفع بالتعسف في استعمال حق الاستماع في غياب قرائن على ارتكاب المخالفة:
-الدفع بخرق قاعدة المساواة أمام القانون وأمام هيئة التفتيش ،وخرق واجب الحياد بعدم الاستماع للمشتكي استغلالا لمنصبه الوظيفي:
-الدفع بإتلاف محضر الاستماع أمام المفتشية العامة، وعدم تمكيننا من نسخة منه:
- بطلان تقرير المفتشية للموضوعية والحياد من خلال العبارات المستعملة في التقرير
-ب- على مستوى مرحلة التقرير:
- بطلان تقريرالمقرر:
-تعيين مقرر من مؤسسة النيابة العامة التي تتبع مباشرة وزير العدل وهو رئيسها حاليا مما يؤكد شبهة عدم الحياد
-المقرر حرر تقريره بوصفه وكيلا عاما للملك وليس مقررا وهذا واضحا من مراسلته للوزير مما يجعل الملف خاليا من أي تقرير يذكر من الوجهة القانونية
-تضمن التقرير تزويرا للتصريحات على مستوى المستنتجات بتحريفه الوقائع حين أشار بأن الاستاذ الهيني صرح بأنه لم يعايش أي رئيس محكمة متخصصة ما عدا نميري؟؟؟؟؟؟
 - خرق واجب الحياد والعدالة بعدم الاستماع للمشتكي لاستغلال منصبه الوظيفي .
- وتجاوزه حدود المتابعة المعين للبحث فيها تبعا للمهمة الموكلة إليه والمتعلقة بالشكاية بشأن الخاطرة إلى بحث في تصريح بشأن خرق المفتشية لحقوق الدفاع دون تبيان مصدر هذا التصريح والذي أوحى إليه بالبحث فيه مما يبين أن التقرير موجه ومتحيز .
 - الدفع برفض مؤازرة المحامين والقضاة
- الدفع بخرق قاعدة المساواة أمام القانون وأمام المقرر ،وخرق واجب الحياد والعدالة بعدم الاستماع للمشتكي لاستغلال منصبه الوظيفي 
- الدفع بعدم التمكين من الاطلاع على تقرير المفتشية ومحضر الاستماع
- عدم التمكين من نسخة من الشكاية أساس المتابعة
- الدفع بعدم التمكين من نسخة التقرير
- خرق المقرر لواجب الحياد من خلال :
- عدم استدعاء المشتكي المدير لتأكيد الشكاية أو نفيها لاعتقاده أنه فوق القانون سيمس وقاره وكرامته بالاستماع إليه
- عدم توثيق محضر الجلسة الثانية للتقرير المنعقدة بمكتبه ببني ملال يوم الاثنين 24 أبريل 2014
- تحريف الوقائع بالإشارة أن الاستاذ الهيني صرح بأنه لم يعايش أي رئيس محكمة متخصصة ما عدا نميري؟؟؟؟؟؟
-عدم استدعاء أطراف الصلح للاستماع إليهم
-عدم الاستماع لرئيس المحكمة والرئيس الأول رغم تقديم الطلب بذلك فيما يخص وقار وأخلاق القاضي الهيني
- تجاوز المقرر لحدود اختصاصه تبعا للمهمة الموكلة إليه والمتعلقة بالشكاية بشأن الخاطرة إلى بحث في تصريح بشأن خرق المفتشية لحقوق الدفاع دون تبيان مصدر هذا التصريح .
- عدم بحث المقرر أو إعداده تقرير بشأن خرق المفتشية لحقوق الدفاع
- عدم تضمين التقرير مضمن محاضر لجنة الصلح ومضمون انتهاك الوزير لقرينة البراءة .
-عدم تضمين التقرير مضمن تقرير الخبرة الاستشارية النقدية للخاطرة.
- عدم القيام بإي إجراء تحقيق في النازلة ومنها إجراء خبرة قضائية نقدية أدبية بشأن الخاطرة .
ج-على مستوى مرحلة العرض على المجلس :
-عدم التمكين من تصوير ونسخ وثائق الملف التأديبي
ح-على مستوى جلسة المجلس الأعلى للقضاء
خرق مبدأ حقوق الدفاع لتقييد الدفاع بعشرة أعضاء الذين سيتولون المرافعة وطرد باقي الدفاع رغم إصرار هيئة الدفاع على حضورهم وعدم توليهم المرافعة ومن بينهم نقباء ومحامين أجلاء وقضاة محترمين  دون بيان أساس هذا التحديد ولا منطلقه ،لأنه لا يجوز قانونا طرد الدفاع بسبب إصراره على ممارسة حقه الطبيعي في الترافع وتوفير الـأمن القانوني للمتابع ،لأن الأصل هو أن المتابع من له صلاحية تحديد عدد المترافعين وليس المجلس وفي ذلك تدخل سافر في صلاحية وحقوق القاضي المتابع وإهانة لفريق الدفاع الذي اضطر للانسحاب احتراما لهيبة المجلس وتم غلق القاعة بإقرار السرية ضدا على علنية المحاكمات التأديبية  .
 
- الدفع بزورية تقريري المفتشية العامة والمقرر :
أ – بالنسبة لتقرير المفتشية العامة :
حيث بالرجوع إلى تقرير المفتشية العامة يتبين أنه طاله تزوير وذلك في صورة تحريف تصريحات المؤازر من خلال عدم الإشارة إلى تصريحه بكونه الخاطرة غير موجهة إطلاقا إلى أي شخص بعينه ، مضمنا بدلها عبارة كون "المؤازر أصر على عدم الجواب" ،  فضلا عن الإشارة إلى إطلاع المؤازر على مضمون الشكاية في حين أن رفض إطلاعه عليها كانت أهم أسباب انسحابه من جلسة الاستماع وفق ما تناقلته وسائل الإعلام في بلاغ للرأي العام .
  واعتبارا لكون التزوير جريمة عمدية ، وبالنظر لكون الركن المعنوي يستشف من وقائع الحال سيما سوء النية ، فإن ما يؤكد  تعمد التزوير هو إتلاف محضر الاستماع لعدم وجوده ضمن وثائق الملف ، فضلا عن التحامل الذي يظهر واضحا في التقرير المرفوع للوزير من خلال العبارات المستعملة به والتي تخلو من أية مهنية أو علمية تذكر من قبيل استعمال مصطلح "تصفية الحسابات" .
وقد تضمن التقرير أنه بعد تقديم ملتمس المؤازرة ، تم اقناعنا –إقناع الدفاع-بعدم وجود نص يسمح بهذه المؤازرة ، و أننا اقتنعنا بذلك ، علما أننا لم يسبق لنا أن أبديت أي موقف يمكن أن يستشف منه اقتناعنا بوجهة نظركم لا صراحة ولاضمنا ، ذلك أنني تمسكنا أمامكم بما تضمنه الفصل 30 من قانون المحاماة و الذي ينص على حق المحامين في المؤازرة و تمثيل الأطراف أمام الادارات العمومية ، فضلا على تمسكي بأفضل التجارب الدولية و التي اقرت على ضرورة احترام حقوق الدفع و التواجهية حتى أمام المفتشية العامة بحسب مقرر المجلس الاعلى للقضاء الفرنسي الصادر خلال شهر يوليوز 2013
فيعتبر بذلك ما ضمنتموه تزويرا للحقائق سيما وأن العديد من المؤازرين نددوا بعد ذلك في منابر إعلامية بالحرمان من الحق في الدفاع – يراجع التصريح المنشور بجريدة الأخبار ليومه الخميس 8 ماي 2014 و كذا التصريح المنشور يوم الثلاثاء 8 أبريل 2014 بنفس الجريدة . للسيد ياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب- .
 
ب – بالنسبة لتقرير المقرر:
ويتجلى التحريف في القول بكون المشتكي أكد شكايته، دون ذكر مصدر هذا التأكيد وهو الامر غير الثابت وثائق الملف، لأنه لم يسبق للمقرر بتاتا أن استمع للمشتكي رغم مطالبة المؤازر بذلك ، وامام ما ادلي له به (المقرر من إشهادات صادرة عن رئيسي جمعيتين مهنيتين وقاض آخر تؤكد وقوع صلح بين الطرفين .
كما يتجلى التحريف كذلك في ما تضمنه تقرير المقرر من أن المؤازر لم يعايش إلا ثلاث مسؤولين في حين أن محضر الإستماع الموقع عليه لا يتضمن ذلك، فضلا عن أنه لم يبين من أين استقى تصريح المؤازر بكون جلسة الاستماع بالمفتشية العامة كانت عبارة عن مشهد هزلي وعلى  الرغم من خروج ذلك عن حدود مهمته ، مما يوضح مدى تحامل المقرر وفق ما سنفصله في حينه .
هذا ويبلغ التحريف والتزوير مبلغه من خلال عدم تسجيل ما راج خلال الجلسة الثانية للاستماع بمكتب المقرر بمدينة بني ملال؛ مما يشكل إتلافا معنويا لوثيقة رسمية سيرا على نهج سلفه "المفتش العام" .
 
ثانيا: الدفوع الموضوعية :
يحسبون كل صيحة عليهم – صدق الله العظيم –
-الدفع بعدم شرعية المتابعة لعدم تعلقها بالوقائع
-حول انعدام الإثبات:
  • بطلان المتابعة  والمحاكمة لمحاكمة للإبداع الأدبي وخرق حرية التعبير:
وحيث إن الخاطرة هي مجرد نص إبداعي أدبي ينتمي إلى الأجناس الأدبية ويتضمن تعبيرات مجازية ، لأن الإبداع هو إنتاج الخيال ، ولا يمكن قراءته بالقانون الجنائي ولا القانون التأديبي ، إذ الأدب هو موضوع اللذة والقراءة النقدية ، وهو خيال حر وجمال لا يحاكم عليه الأديب . خرق حق القضاة في التعبير
  جاء دستور 2011 ليفتح صفحة جديدة في تاريخ المملكة المغربية من خلال المقتضيات السباقة التي عمل على تكريسها خاصة في الشق المتعلق بضمانات استقلال السلطة القضائية، ويعتبر الحق في التعبير من أهم الحقوق التي كرسها الدستور الجديد للقضاة حيث نص في الفصل 111 منه على أنه:
"للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية"، ومن الواضح أن هذا الحق مكفول للقضاة سواء من خلال نصوص وطنية أو دولية.
بداية يمكن تعريف حرية الرأي والتعبير بأنها الحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو العمل الفني بدون رقابة أو قيود حكومية، بشرط أن لا يمثل طريقة ومضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدولة، أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير. وغالبا ما ترتبط حرية الرأي والتعبير بحقوق وحريات أخرى مثل حق حرية العبادة وحرية الصحافة وحرية التظاهرات السلمية.
ويمكن التمييز بين حرية الرأي وحرية التعبير.
فحرية الرأي هي عملية فكرية يتولاها العقل، تعتمد على عدد من المقدمات والفرضيات لاستخلاص النتائج، أو الربط بين حوادث موضوعية أو زائفة، أو بيان الكل بالجزء أو الجزء بالكل، سواء كانت المحاولة صائبة أو خاطئة، أو جاء الرأي لإيضاح أو تفسير رأي آخر ، و بالتالي فإنه لا عبرة بالأفكار التي تبقى قيد الذهن، وللرأي ركنين: مرسل ومرسل إليه، وتشترط وجود هدف أو غاية من إبداء الرأي، و مرونة في ابدائه، بمعنى أنه يعرض ولا يفرض .
أما حرية التعبير، فتعني إخراج هذا الرأي الي الناس عبر وسائل التعبير المختلفة، من كتابة وفن وكلام وحتي عبر لغة الجسد ، وتندرج حرية التعبير ضمن منظومة حقوق الإنسان السياسية.
وحرية الرأي والتعبير مكفولة بمقتضى المواثيق الدولية العامة أو الخاصة وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تطرقت إليه المادة (19) ونصت على أنه" لكل شخص الحق في التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة دونما اعتبار للحدود".
كما نصت على هذا الحق المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي جاء فيه:
"أ-لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة.
ب-لكل شخص الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواءً على شكل مكتوب أو مطبوع، أو في قالب فني بأية وسيلة يختارها.
ج-تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون ، وأن تكون ضرورية:
لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم،
لحماية الأمن القومي ، أو النظام العام ، أو الصحة العامة ، أو الآداب العامة".
أما المواثيق الخاصة بالسلطة القضائية فنجد في مقدمتها مبادئ الأمم المتحدة بخصوص استقلال القضاء التي نصت في مادتها الثامنة على أنه:
"وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يحق لأعضاء السلطة القضائية، شأنهم في ذلك شأن المواطنين الآخرين، التمتع بحرية التعبير والاعتقاد والانتساب والتجمع، شريطة أن يتصرف القضاة دائماً في ممارستهم هذه الحقوق على نحو يحافظ على هيبة ووقار مناصبهم وعلى نزاهة واستقلال السلطة القضائية"
وبمقتضى هذا النص كما هو واضح ، يتمتع أفراد الجهاز القضائي ، نتيجة لهويتهم المهنية واستقلالهم الوظيفي ، بحرية المعتقد والفكر والكلام والتعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع والتنقل ، وهذه الحريات هي ضمانات لحقوق الإنسان الأساسية . ومن حق القضاة التمتع بهذه الحريات ليس كأفراد فحسب ولكن بصفتهم قضاة أيضا ، لأن هذه الحريات أساسية ومفيدة في مهمة القضاء.
وقد تم التنصيص على ذلك أيضا لقضاة النيابة العامة من خلال وثيقة مبادئ هافانا التي نصت في مبدئها الثامن على ما يلي:
"لأعضاء النيابة العامة شأنهم شأن غيرهم من المواطنين الحق في حرية التعبير والعقيدة وتشكيل الرابطات والانضمام إليها وعقد الاجتماعات ويحق لهم بصفة خاصة المشاركة في المناقشات العامة للأمور المتصلة بالقانون والنظام القضائي وتعزيز حقوق الانسان وحمايتها وكذلك الانضمام إلى منظمات محلية أو وطنية أو دولية أو تشكيلها وحضور اجتماعاتها دون أن يلحق بهم أي أدى من الوجهة المهنية بسبب عملهم المشروع أو عضويتهم في منظمة مشروعة وعليهم أن يتصرفوا دائما في ممارسة هذه الحقوق طبقا للقانون والمعايير والآداب المعترف بها لمهمتهم".
وقد ورد في هذا السياق في شرعة الأخلاقيات القضائية العالمية، المعروفة بشرعة بنغالور ما مفاده: "إن للقاضي الحق مثله مثل أي مواطن آخر في التعبير والتجمع شرط أن يحافظ على حياده واستقلاله وعلى كرامة الوظيفة القضائية":
وأكدت نفس الوثيقة على أنه يحق للقاضي:
"الكتابة والتدريس وإعطاء المحاضرات والمشاركة في الانشطة المتعلقة بالقانون أو إدارة القضاء أو المسائل ذات الصلة والمشاركة في الأنشطة التي لا تنقص من هيبة المنصب القضائي، أو تدخل في المهام القضائية للقاضي، وأن يشكل أو ينضم إلى جمعيات القضاة أو يشارك في هيئات من شأنها تمثيل مصالح القضاة".
وبالمغرب فإن الدستور السابق وإن لم ينص صراحة على حق القضاة في التعبير فإن هذا الحق كان مكفولا على المستوى النظري والأكاديمي من خلال الفصل التاسع من دستور 1996 الذي ضمن لجميع المواطنين التمتع بـ"حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع". بمن فيهم القضاة طالما لم يكن ينص على أي استثناء بهذا الخصوص، فإلى أي حد تمتع القضاة فعلا بحقهم في التعبير الحر في ظل الدستور السابق؟
لا شك أن التضييق الممارس على حرية القضاة في التعبير في ظل الدستور السابق كان يبرز من خلال العديد من المستويات فبالرغم من أنه من الناحية المبدئية كانت للقضاة الحرية في الاعتقاد والتعبير حسبما يفهم من ظاهر الفصل 22 من النظام الأساسي لرجال القضاء الذي منع إدراج أي إشارة تتعلق بالأفكار السياسية أو العقائدية في ملف القاضي، غير أنه من الناحية العملية لم يكن يخول للقضاة الحق في الإطلاع على المعلومات المدرجة في ملفهم حتى يتم التأكد من احترام هذه المقتضيات ، بل ويلاحظ أن وزارة العدل كانت ولا زالت المالكة لزمام مراقبة حرية القضاة في التعبير من خلال إخضاع إشارة القضاة إلى صفتهم القضائية في مؤلفاتهم سواء العلمية أو الأدبية أو الفنية لإذن مسبق لوزير العدل مما يعني أن هذا الأخير يمارس رقابة قبلية على ممارسة القضاة لحريتهم في التعبير.
أما في ظل الدستور الجديد ورغم أن المادة 111 منه صريحة في الاشارة إلى أنه: "للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية" .
فإن التنزيل الواقعي لهذا النص من خلال الممارسة كان يصطدم في كثير من الأحيان بالإعمال المفرط لسلاح واجب التحفظ ويمكن في هذا الصدد أن نشير لعدة مؤشرات لا تزال تبعث على كثير من القلق.
المؤشر الأول: أن المشرع الدستوري قيد حرية التعبير المعترف بها للقضاة بضرورة مراعاة واجب التحفظ، وإذا كان غياب تعريف تشريعي واضح ومحدد لمفهوم واجب التحفظ، هو أمر يعتبر ايجابيا لكون مهمة التعريف هي من اختصاص القضاء والفقه. إلا أن ذلك قد يعتبر سلبيا في نفس الوقت بالنظر إلى كون هذا المفهوم مطاط ويحتمل أكثر من تفسير، وتركه على هذا الحال يجعله مناطا للاستغلال من طرف عدة جهات تحاول الركوب علية للإجهاز على مكتسبات السلطة القضائية، وأحيانا لاستغلاله من أجل تحقيق أهداف خفية،
المؤشر الثاني في ظل الفترة الانتقالية التي تعرف تنزيل الدستور الجديد بدأت تظهر بعض المؤشرات التي تؤكد أن بعض الجهات تحاول استباق القوانين التنظيمية المتعلقة باستقلالية السلطة القضائية وإفراغ واجب التحفظ من محتواه ودلالاته. وهنا لا بد من التذكير بالتصريحات الصادرة عن وزير العدل والحريات التي أشهر من خلالها لأول مرة سلاح واجب التحفظ الوارد في المادة 111 من الدستور الجديد، حيث اعتبر أن طريقة حديث واشتغال نادي قضاة المغرب كجمعية مهنية مؤسسة في إطار الدستور الجديد تشكل خروجا عن واجب التحفظ،
ويمكن في هذا الصدد أن نبدي ملاحظتين أساسيتين بخصوص هذه التصريحات من حيث طبيعة الجهة الصادرة عنها، ومن حيث مضمونها.
فمن جهة أولى صدور مثل هذه التصريحات التي تحاول فرض مفهوم معين لواجب التحفظ عن وزير العدل والحريات يبقى مثارا لإشكاليات عديدة أهمها  كون مهمة تحديد التعاريف والمفاهيم ليست من مهمة السلطة التنفيذية عموما، ويكتسي هذا الأمر حساسية كبيرة خاصة إذا تعلق بتفسير مادة دستورية شديدة الحساسية كحق القضاة في التعبير لمساسها باستقلالية سلطة أساسية من السلطات المكونة للدولة وهي السلطة القضائية.
من جهة ثانية وبالوقوف عند مضمون هذه التصريحات يمكن تسجيل ملاحظة أساسية تتمثل في أن الوزير لم يكن موفقا في محاولته لتحديد مفهوم واجب التحفظ المتعلق بحرية التعبير لدى القضاة، حيث اعتمد تعريفا موسعا غير دقيق محاولا في ذلك الاجهاز على مكتسبات القضاة بهذا الخصوص، محاولا تمديد نطاق مفهوم واجب التحفظ الوارد في المادة 111 من الدستور في الشق المتعلق بحرية التعبير، على حق آخر يتعلق بحق القضاة في التجمع وتأسيس جمعيات مهنية رغم أن الدستور لم يقيد حق القضاة بهذا الخصوص إلا بمراعاة واجبات التجرد واستقلال القضاء، والشروط المحددة في القانون، وليس من بينها واجب التحفظ، الشيء الذي يفهم منه أن السلطة التنفيذية تحاول اضافة شرط جديد على ممارسة القضاة لحقهم في التجمع والاشتغال من خلال جمعيات مهنية، وهو ما يبدو من خلال مسودة مشاريع القوانين التنظيمية الجديدة التي حاولت فرض واجب التحفظ على القضاة عند ممارسة العمل الجمعوي في تنزيل غير سليم لمقتضيات الدستور الجديد.
من جهة ثالثة وإن سلمنا جدلا بإمكانية وزير العدل بوصفه وزيرا للحريات أيضا في إبداء رأيه بخصوص مفهوم واجب التحفظ، فإنه لا مناص من الاعتراف بأنه من غير المستساغ إعطاء واجب التحفظ مفهوما واسعا، لأن في ذلك نسف لنطاق حرية التعبير المخولة للقضاة، إذ يعتبر واجب التحفظ من أكثر الواجبات المفروضة على القضاة إثارة للجدل، وهو أول ما يواجه به القضاة عند ممارستهم لحقهم في التعبير أو عند دفاعهم عن حقوقهم المهنية، لذا ينبغي حصر هذا المفهوم ليشمل فقط :
مجال ممارسة المهام القضائية: فمن المعلوم أنه لا يقبل من القضاة إبداء آرائهم بخصوص القضايا الرائجة المعروضة عليهم لأن في ذلك مساس بحقوق المتقاضين وتأثير على السير العادي للعدالة، كما لا يقبل منهم إفشاء السر المهني عموما أو أسرار المداولة على وجه الخصوص.
ولا يمكن أن نقيس على ذلك الممارسة الجمعوية للقضاة لأن إلزامهم بالتحفظ بهذا الخصوص مساس خطير بحريتهم في التجمع، وهي الحرية المكفولة دستوريا، وعلى صعيد المواثيق والاتفاقيات الدولية، ومن شأن التسليم بهذا التأويل غير الديمقراطي للنص الدستوري تحويل جمعيات القضاة إلى  جمعيات صامتة عاجزة عن القيام بأي أدوار حقيقية للدفاع عن ضمانات استقلال السلطة القضائية بالشكل الذي تقره افضل التجارب الدولية في هذا الصدد.
بل وحتى بالرجوع إلى بعض الوثائق الدولية التي تطرقت لواجب التحفظ المفروض على حرية القضاة في التعبير يلاحظ أنه غالبا ما يتم ربطه بممارسة القضاة لمهامهم القضائية أو بمناسبة ذلك، وهكذا تؤكد مبادئ الأمم المتحدة لاستقلال السلطة القضائية في مادتها الخامسة عشر على أن القضاة ملزمون بالمحافظة على سر المهنة فيما يتعلق بمداولاتهم وبالمعلومات السرية التي يحصلون عليها أثناء أداء واجباتهم الأخرى خلاف الإجراءات العامة. ويشير تعريف الاتحاد العالمي للقضاة لواجب التحفظ بأنه يعني ممارسة القضاة لواجباتهم باعتدال وكرامة وباحترام لمهامهم ولأي شخص معني. وفي هذا الإطار اعتبر المجلس الأعلى للقضاء بفرنسا من صور إخلال القاضي بواجب التحفظ قيامه بإفشاء سرية  التحقيق الجنائي في قضية ما.
الشيء الذي يؤكد أن التعريف الديمقراطي لواجب التحفظ يقتضي حصر نطاقه على مجال ممارسة القضاة لمهامهم القضائية دون توسيعه ليشمل نشاطهم خارج إطار عملهم أو أي أنشطة جمعوية أخرى.
  • المتابعة تجريم لحق نقد الموظف العمومي وتكميم للأفواه وترهيب للصوت والكلمة الحرة والمسؤولة:
وحيث إن  حرية النقد صورة من صور حرية الرأي والتعبير ، تتيح للإفراد بطريقة غير مباشرة المشاركة في الحياة العامة والإسهام في مواجهة المشكلات وإدارة شؤون الوطن ،وهكذا جاء في قرار صادر عن محكمة النقض :
"القذف لا يتحقق الا بنسبة واقعة معينة مشينة إلى الشخص المقذوف على سبيل التأكيد, أما مجرد انتقاد شخص دون توجيه اتهام له بما يشينه وذلك بالتساؤل عن طبيعة التسيير المالي للنادي محل النزاع فلا يعتبر قذفا حتى لو تضمن اسمه, اذ هو مجرد ممارسة لحرية التعبير''. قرار عدد 1643/10 صادر بتاريخ 25 نونبر 2009 .
" نقد الموظف العام في أعماله وليس في شخصه- حول تجريم الرأي الواقع في القرون الوسطى :النقد المباح لأعمال الموظف العام الموظف" الذي لا يريذ النقد فليجلس في بيته"
"الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو المكلفين بالخدمة العامة باعتبار أن هذه الأعمال من الشئون العامة التي لا يجوز أن يكون الاهتمام بالاستقامة في أدائها والالتزام بضوابطها ومتطلبتها وفقا للقانون مقصورا على فئة من المواطنين دون أخرى، بما مؤداه أن يكون انتقاد جوانبها السلبية وتعرية نواحي التقصير فيها وبيان أوجه مخالفة القانون في مجال ممارستها، حقا لكل مواطن وفاء بالمصلحة العامة التي يقتضيها النهوض بالمرافق العامة وأداء المسئولية العامة على الوجه الأكمل، ولأن الوظيفة العامة وما يتصل بها من الشئون العامة لا تعدو أن تكون تكليفا للقائمين عليها. والتزامهم الأصلي في شأنها مقصور على النهوض بتبعاتها بما لا مخالفة فيه للقانون -تقديس الأشخاص المكلفين بخدمة عامة بخلاف الدستور
-الفايسبوك لا يحقق شرط العلنية لكونه مجال خاص ومحدود لا يكتسي الصبغة العمومية
 نقضت محكمة النقض بفرنسا قرارا قضائيا سابقا، يدين مواطنة فرنسية نشرت ألفاظ قدحية بحق مشغلتها على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ومطالبتها بالتعويض المادي والمعنوي.
واعتبرت المحكمة أن هذه الحجة والسب الذي بنيت عليه الدعوى لا يمكن أن يعتبر علنيا لكونه وضع على صفحة شخصية محدودة المتابعة وان المطلعين عليها هم اشخاص لا تجمعهم سوى روابط اجتماعية بسيطة.
كما أن الحيز الذي وضعت عليه هذه الاتهامات كان شخصيا وخاصا، بعكس المنابر المؤسساتية والجمعوية التي تضم عددا كبيرا من المتابعين والذي يحقق شرط العلنية.
 ولأن المنشور اعتبر غير علني لكون الاصدقاء المقربين فقط هم الوحيدون الذين بإمكانهم الاطلاع عليه، رفضت المحكمة متابعة التظلم كما رفضت التماس المشغلة بتغريم الموظفة التي صدر عنها هذا السلوك Arrêt n° 344 du 10 avril 2013 (11-19.530) - Cour de cassation - Première chambre civile - ECLI:FR:CCASS:2013:C100344 
 
1-عدم تضمن الخاطرة أي عبارات سب وشتم وقذف :
2-تجريم مبادئ الحكامة الجيدة للمرفق العمومي /المحاسبة والمسؤولية والشفافية :
3- سوء النية في التفسير لانعدام أي علاقة بين النمر كحيوان والنميري كإنسان
4-عنوان الخاطرة الرئيسي لم يرد فيه النمر وإنما "لا نريد أسدا"
5-الخاطرة نشرت قبل 15 يوما من تعيين المشتكي
6- لم يسبق للوزارة أن نشرت أسماء المرشحين للمنصب،وكإني بالهيني يعاقب على انعدام الشفافية وعلى العلم بالغيب
7- الخاطرة نشرت يوم 24 وليس يوم 25 كما جاء في تقرير المقرر
-8لم يصرح أي معلق على الخاطرة بأنها تعني شخصا بعينه وإنما  تعني فقط الرجل المناسب في المكان المناسب.
9- شهود الصلح يؤكدون انعدام علاقة الإسناد بين الخاطرة ونميري بإقرار المشتكي نفسه:
10-الخبرة النقدية للخاطرة المنجزة من طرف خبير في المجال الأدب والنقد والشعر تؤكد استحالة وجود أي رابط بين النمر ونميري، مما يطرح التساؤل عما إذا كانت المفتش العام والمقرر خبراء في النقد الأدبي للإفتاء في مجال لا يعنيهما في شيء، فإن نفس الأمر ينسحب على مجلسكم الموقر طالما أن المستقر عليه قضاء أن الأمور الفنية تخرج عن اختصاص القاضي .
11- طلب الاستماع للجنة الصلح ؛
12- طلب إجراء  خبرة جديدة أو بحث أو تقرير مضاد؛
13- استدعاء الخبير، وعند الاقتضاء الأمر بتعيين خبير:
حيث إنه احتراما للمستقر عليه قانونا وفقها وقضاء من كون استيضاح  أهل الخبرة في شأن استظهار بعض جوانب الوقائع المادية التي يستعصى على قاضي الموضوع إدراكها بنفسه من مجرد مطالعة الأوراق والتي لايجوز للقاضي أن يقضي في شأنها إستنادا لمعلوماته الشخصية وليس في أوراق الدعوى وأدلتها ما يعين القاضي على فهمها ، والتي يكون إستيضاحها جوهريا في تكوين قناعته في شأن موضوع النزاع، يقتضي الأمر بإجراء خبرة،
وحيث إن الخاطرة موضوع المتابعة التأديبية باعتبار أسلوب كتابتها، والأساليب المجازية المستعملة فيها، وعدم إمكانية تفسير معانيها بكيفية موضوعية من غير المختصين بالدراسات الأدبية فقد أجرى الطاعن خبرة ودية عليها أسندت للدكتور /محمد الكامل، اديب وناقد وشاعر، أنجز في شأنها تقريرا ( رفقته نسخة منه ) خلص إلى أنه لا مجال للقول بأن المقصود بما جاء في الخاطرة هو السيد مدير الشؤون المدنية الأستاذ النميري،
وحيث إن الخبرة المنجزة مستوفية لعناصرها المتطلبة قانونا، من حيث صدورها من مختص، وأنه ولئن كان غير مسجل في جدول الخبراء، فلا يعيب خبرته في شيء متى استدعاه المجلس للاستماع إلى إفادته وتأكيد خبرته بعد أدائه اليمين القانونية،
وحيث إنه لا يجوز للمجلس أن يستبعد خبرة غلا بمسوغ، متلما لا يمكنه الفصل في مسألة فنية دون الاستعانة براي أهل الاختصاص،
وحيث متى ارتأى المجلس الموقر أن يستبعد الخبرة المرفقة، فإن عليه أن يامر بخبرة مضادة، يعين للقيام بها أستاذا في كلية الآداب بالرباط للقول مما إذا كانت الخاطرة تعني شخصا بعينه، أو تشكل مساسا بالوقار أو إخلالا بالكرامة،
وحيث إن من شأن رفض هذا الطلب أن يحرم المجلس من الاستئناس برأي فني متخصص  ومحايد، فضلا عن كونه سيعد انتصارا لقراءة متعسفة للخاطرة الأدبية موضوع المتابعة،
و حيث من ناتج ما ذكر يلتمس العارض انتداب أستاذ  متخصص في الدراسات الأدبية لأداء اليمين القانونية أمام المجلس بهدف إجراء خبرة بشروطها الشكلية  على الخاطرة موضوع المتابعة ، بعد الاستماع إلى تصريحات  الأطراف
 
وحيث إن هناك أسئلة محرجة لا يقوم للركن المادي للخطأ قائمة بدون الجواب عنها : من ذكر اسم المشتكي في الخاطرة؟ من قرأها أصلا من القضاة ؟ من فهمها؟ من فسرها وأولها ؟ من توصل إلى أن المشتكي هو المعني بها؟ ألم نسيء إليه بهذا الملف؟ ألم نحشره حشرا في ثنايا السطور؟
وحيث  شكلت القراءة وإشكالية التأويل أحد المباحث الأساسية في الدراسات النقدية، وافترقت في معالجتها إلى مدارس واتجاهات، فالنص الأدبي خاصة حمال أوجه، والكاتب الجيد هو الذي يجعله مشرعا على تخوم المعنى.
هل سيكون الدكتور الهيني ضحية النص الملتبس؟ هل سنتعسف في القراءة،؟ هل سندشن مبحثا جديدا في الدرس الأدبي هو القراءة التأديبية للنص ؟
وينبغي أن نعترف أن المجال الطبيعي لموضوع المتابعة هو تخصص قائم الذات أسس مثنه نقاد محنكون هم رواد الدرس الأدبي المغربي: أمثال اليابوري والحجمري، ومفتاح، وكيليطو، وغيرهم ممن يملكون أدوات قراءة النصوص لاستنطاقها، وإبراز جماليتها، وأبعادها الدلالية. من أمثال رولان بارث، جاك دريدا، باختين،
....إننا أيها السادة رجال قانون، لا محترفي نقد، وأنه حين نحاكم الابداع فينبغي أن نمتلك أدواته، وأن رجلا اسمه محمد نور كتب اسمه بمداد من نور حينما حقق وهو نائب عام مع الدكتور طه حسين في شأن الشكايات التي انهالت عليه بازدراء الدين الاسلامي في كتابه " في الشعر الجاهلي " فقرر حفظها بتعليل ماتع ختمه بالقول: " مما تقدم يتضح أن غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدي على الدين بل ان العبارات الماسة بالدين التي أوردها في بعض المواضع من كتابه إنما قد أوردها في سبيل البحث العلمي مع اعتقاده ان بحثه يقتضيها، وحيث أنه من ذلك يكون القصد الجنائي غير متوفر، فلذلك تحفظ الأوراق اداريا".
 وحيث إن مؤلف سيرة حمار وهو ناطق سابق باسم القصر الملكي يعكس هذا الوجه المشرق للتأويل المتنور "نظرت في مرآة،فإذا أنا حمار كامل الأوصاف لا أختلف عن الحمير إلا في شيء أضحى مصدر معاناتي هو قدرتي على التفكير ،فإذا كان الأمر سيهون لو حرمت من التفكير وعشت حياة الحمير لا أختلف عنها في شيء ،والحال أني سوف أعيش وسط الحمير حمارا يأتي ما تأتي ويحمل من الأثقال ما تحمل ،ويختلف عنها في شيء ،قدرته على التفكير ،ويؤلمه ألا يحسن التعبير عما يجيش به صدره من أحاسيس ويمتلئ به من رؤى .وها هنا تبدأ مغامراتي التي أريد أن أبثك إياها أيها القارئ فلا تنأ عني.غلاف المؤلف..وفي موضع آخر من المؤلف ص 51يقول "أنه إذا انكشف أمري فلن يغفروا لي ذلك ،لأنهم في حاجة لمعبود يعبدونه وفق مواصفات وضعوها ،فإذا تبينوا اني لا أستجيب لتلك المواصفات ثاروا علي،واقتصوا مني ،وأخبرني أنهم شداد في المغالبة ،غلاظ عند المغضبة ،وحدثني عن حياته ،وجعلوه سادنا لنعبدهم ،قيما على معبودهم ،وقد أدرك ما يبتغون ،فجاراهم ما يريدون ،وقد وعدني أن يعلمني بعضا من لسان الحمير ،وإليه الفضل في ما تعلمت من لسانها وطرائقها.."سيرة حمار للأستاذ حسن أوريد،منشورات دار الأمان الرباط ،مطبعة النجاج الجديدة الدار البيضاء الطبعة الأولى 2014.
وحيث إن لغة ابن المقفع واستعمال الحيوانات كرموز أدبية وكأبطال لرواية تفي بالغرض وباللغة المجازية المستعملة للوصول للهدف المنشود وهو تحريك الضمائر الحية وبعث الاصلاح .
وحيث ورد في مؤلف د أحمد طحان :الحمار على رأس القافلة دار المعرفة بيروت لبنان الطبعة الأولى 2008 في مقدمة الكتاب ص 7 ورد "في التاريخ العربي أن جملا معتدا بنفسه خرج من القافلة وشرد في الصحراء بعيدا عن أصحابه ورفاقه ..عندما لحق به صاحبه ساله مستغربا :لماذا فعلت ذلك؟قال الجمل وهو يهم بإكمال رحيله:أنا لا أقبل المسير في قافلة الحمار على رأسها .ورغم المحاولات والجهود بقي الجمل شاردا ،وكأنه يقول لصاحبه المفجوع بأن الذاكرة لا تكذب.هذا الكتاب عن الحمار ذاته ،ثم عن ذاكرته وعن سبب هروبه،فهو تاريخ لواقع يعيشه المؤلف في عالم ملي بالغرائب والصراعات والكذب ،التي وإن سجلتها الذاكرة ،لا يقبلها العقل إلا على طريقة "الحمار على رأس القافلة"والكتاب هو المحاولة الأولى في الأدب العربي الحديث للتوأمة بين الرواية والمقال في فن واحد هو "الرقال"والحاجة أم الاختراع كما عرف ذلك ابن المقفع وكتب فيه..1-الحروب القذرة ".
لكن ولسبب ما نفاجأ بملف تأديبي فتح خندقا عميقا في دواخلنا جميعا، هزم حيادنا، وبعثر أوراقنا، وزعزع ثقتنا في بعضنا البعض، إذ كيف لكلام عابر، منثور بعفوية على البساط الأزرق، يمتح من المخيلة الغيورة على الوطن، التواقة للتغيير بعبق الربيع المغربي الزاهر دستورا من صنع أمير المؤمنين، كلام لا يخدش كرامة، ولا يهتك ستار الشرف، ولا يسقط تاج الوقار، كلام هو اليوم دستورنا جميعا : الكفاءة لمن يستحق، والرقابة على الجميع، والمسؤولية صنو المحاسبة.
من يقول اليوم بعكس ما اجترحه الدكتور الهيني،؟؟؟ لماذا سن مرسوم التعيين في المناصب العليا؟؟؟ لماذا نفتخر اليوم بأن تكافأ الفرص وإسناد المسؤولية على سند من الاستحقاق لم يعد مطلبا بل غدا ممارسة متوجة بالشفافية.
وأنه إن كان الأمر كذلك فلأننا في دولة لا في غابة، فطبيعي أن لا يتولى أمر المسؤولية نمر أو أسد ، فلان أو علان، إلا إذا كان أسدا في غيرته على المرفق، نمرا في اقتناص أفضل السبل نجاعة للرقي بنا لما يصبوا له عاهل البلاد، وشعب البلاد في رؤية قضاء قوي يرسي دعائم دولة الحق بضمان سيادة القانون.
والدكتور الهيني، الذي يرسي بممارسته المهنية الراشدة، وتكوينه القانوني الرصين، معالم قضاء شاب، صاعد، هو مستقبل غدنا المشرق، لا يمكنه أن يقذف زميلا، أو يسب قاضيا، فبالأحرى أن يقفز في الفراغ لينال من رئيسه السابق،

إن المشكل اليوم أن خاطرة لم يلق لها أحد بال إلا ممن ابتلوا بلعنة الفايس، تحولت إلى قضية رأي عام، قضية لم يتصور أطرافها أن تستحيل إلى كرة ثلج كبرت بسرعة الفعل ورد الفعل، ونتمنى أن تتوقف حتى لا تأخذ أكثر ما أخذته من أبعاد.
وأن القضاة اليوم، والمؤمنون بدستور 2011، وكل الغيورين على مصلحة الوطن يتطلعون إلى غلق هذا الملف الذي استنزفنا مجانا وبدون سابق إنذار، وأن الخاسر الأكبر سيكون هو وجه القضاء، الذي جبل أعضاؤه على التسامح فيما بينهم، ولم يسجل لهم التاريخ أن كانوا أطرافا في شكاية، فبالأحرى شهودا على التأديب.
وحيث إن محكمتكم الموقرة بما لأعضائها من حنكة مشهودة، وتجربة معهودة، سوف لن يقبل أن يسجل عليها التاريخ أنها جعلت من قرارها في هذا القضية ختما على أقلام القضاة، و لجاما لألسنتهم التي إن أخرست عن قول الحق سقطت عنهم الولاية.
الوسيلة الخامسة:الانحراف في استعمال السلطة
حيث إن المقصود بعيب الانحراف في استعمال السلطة مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف واستعمال المصلحة العامة مطية لتحقيق أغراض أخرى غير المصلحة المذكورة ذات طبيعة ذاتية للانتقام والتشفي والتنكيل بالمخاطب بالقرار الاداري

وحيث ينص الفصل 109 من الدستور على أنه يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء; ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط.
وحيث إنه حينما يدان القاضي بناء على الأحكام التي أصدرها ضمن الهيئة القضائية التي يعمل بها  ولاسيما الأحكام الصادرة في قضايا محضر 20 يوليوز والأحكام الصادرة ضد وزارة العدل والمواقف الدستورية المتعلقة بالدفاع عن استقلال السلطة القضائية عن وزارة العدل ومطلب إحداث مجلس الدولة فإن الأمر يشكل انتهاكا دستوريا فاضحا لمبدأ استقلال القضاء ولحرية التعبير،وحينما تنعدم ابسط ضمانات المحاكمة العادلة المكرسة دستوريا ودوليا ومن بينها قرينة البراءة وحقوق الدفاع فلاشك أن ذلك يعتبر انتكاسة دستورية ومذبحة للقانون والقضاة بالمغرب تعود بنا لسنوات ما قبل هيئة الإنصاف والمصالحة لا يمكن السكوت عنها ، لاننا نفاجأ اليوم بمنحى تنقيبي و تفتيشي يطارد الكلمة ويهب صاحبها قربانا للتأديب بمتابعات مطاطة تستفيد من فراغ مهول في الأسانيد القانونية، والتمظهرات الواقعية لواجب الوقار والكرامة.
لقد بتنا نخاف من أن نتحول جميعا إلى وليمة لواجب الوقار والكرامة، مثلما بتنا نخشى أن تكون الوليمة مطبوخة على نار الانتقام. إذ لم يسبق أن عرف القضاء المغربي إحالات على خلفية الأفكار والمعتقدات كما هو الحال اليوم،فهل يعقل أن يتابع قاض عن ذكر إسم حيوان في خاطرة رغم أن الخاطرة  موضوع المتابعة عبارة عن تأملات تضمنت العديد من المواصفات التي يجب توفرها في المدير المنتظر تعيينه في إطار مبادئ الشفافية والحكامة طبقا للفصل 154 وما يليه من الدستور غير موجهة إطلاقا ونهائيا لأي شخص بعينه وأنه تم استعمال أساليب لغوية مجازية تعبر عن حالة  يعاني منها مشكل التعيين في المناصب العليا على مستوى المديريات المركزية .  
 وحيث  ظلت الوقائع المشكلة للمخالفة التأديبية فارغة ؛ و سندها الظن والتخمين وتبتعد كليا عن الجزم واليقين ، وغير آبهة بكون "الحق في التغيير" أهم مظنة لـ "حرية التعبير" ، وغير قادرة على التمييز بين قواعد الحكامة الجيدة للمرافق القضائية والإدارية وبين تقديس الأشخاص وتحصينهم من النقد بالمخالفة للدستور؟ وغير معتبرة لما استقر عليه القضاء المقارن بكون من لا تتسع نفسيته للنقد أن يلزم بيته وألا يقبل بأن يكون مسؤولا، وما  خلص إليه قرار شهير لمحكمة النقض الفرنسية بأنه ﻻ يمكن لمن يتولى المناصب و المسؤولية في تسير الشأن العام أن يحصن سياساته من النقد حتى لو تضمن عبارات تقدح في كفاءته و قدرته على حسن اﻻدارة.
وحيث إنه من واجب  وزير العدل  والحريات  ووزارته والمجلس الموقر الإجابة على الأسئلة التالية التي تشكل دليلنا في الانتقام كوسائل إثبات دامغة والتي ستعتمدها المحكمة للتحقق من الانتقام ومخالفة قاعدة تخصيص الأهداف لأغراض ذاتية أنانية حزبية مقيتة يستعمل فيها السياسي سطوة القانون لمعاقبة القاضي والمس باستقلاليته .
-لماذا صرح  مباشرة بعد حكم المعطلين أن التوظيف المباشر عين الفساد ،وأن ذ الهيني يقوم ببطولة وهمية كررها على مسامع الملحقين القضائيين وأعضاء مجلس المستشارين كما أوضح ذلك الدفاع؟
هل يعقل أن تصرح  بإدانة قاض في البرلمان وقصاصات الأخبار قبل محاكمته ؟وهل يعقل أن تطالبه بالاعتذار خلال مراحل المحاكمة ؟ألا يعتبر ذلك إدانة مسبقة ؟وهل يجوز التفاوض مع المتابع قانونا ؟حتى في غيبة أعضاء المجلس؟متى كان القاضي يتفاوض مع المتابع ؟وكيف ستدافع  عنه وتنصب نفسك محاميا عنه إن اعتذر وأنت  عضو في تشكيلة الهيأة؟وهل من المقبول ممن نصب نفسه خصما للمتابع منذ البداية أن يكون محاميا عنه؟؟ولما ستلتزم  الحياد إن لم يعتذر ؟وهل ممارسة الحياد يعتبر إخلالا بتكوين الهيئة وبسرية البت لأن عضوا لم يشارك في المداولات؟وهل وظيفته هي الحياد ؟ كما أن الدفاع عن المتابع من طرف الوزير يطرح سؤال عن في مواجهة من سيتم الدفاع لأن أعضاء المجلس أعضاء وليس أعداء كما جاء على لسان المستشار ذ الكرجي.
وهنا يحق لنا التساؤل لماذا رفض المجلس استدعاء شهود الصلح؟ ،ولماذا رفض إجراء خبرة أدبية على الخاطرة رغم أنه لا يفقه في علم الأدب ؟ولماذا رفض الدفع بزورية تقرير المفتشية والمقرر ؟ولماذا تمت مجازاة المقرر بالمنصب الجديد؟؟؟أسئلة ستبقى معلقة لاستباق الإدانة في النفوس؟مما جعل الدفاع لا يطالب بالبراءة كطلب أصلي وإنما يطالب بإلغاء قرار الإدانة المسبقة من طرف الوزير المنشور على الموقع الإلكتروني والذي رفض سحبه رغم إعذاره وإنذاره وبالرغم من مراسلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الموضوع في منحى خطير يعزز ثقافة الاستبداد وعدم القطع مع ممارسات الماضي.  
وحيث إن غياب المنطق القانوني وسيطرة الأفكار المسبقة كان هو الفيصل ،لذلك فإن إصدار قرار بتوقيف العارض لمدة ثلاثة أشهر بدون أجر قرار جائر وباطل ومفتقد لأي أساس قانوني ،لأن العقوبة توحي بخطورة الوقائع في ذهن الوزير فقط وليس في وقائعها الحقيقية،لأن الأمر بعيد جدا عن الأخطاء المهنية الوظيفية المتعلقة بمصلحة المرفق القضائي ، مما شكل ذلك صدمة كبرى وانتكاسة  دستورية وقانونية وأخلاقية اعتبرتها بمثابة مذبحة لحق القضاة الشرفاء والنزهاء في التعبير تستهدف ترهيبهم وتخويفهم  وتكميم أفواههم وقطع رزق عيالهم  وانتهاك كرامتهم من طرف من يخشى  كعادته ودأبه الصوت الحر للقاضي والدفاع عن استقلال السلطة القضائية ويعشق خطاب التمجيد المنزعج من الأفكار والمواقف الحقوقية المتنورة لتنزيل المقتضيات الدستورية.ومما زاد الطين بلة هو الحرمان من الترقية التي لم يدر في خلد المتابع في يوم ما أن ما قدمه للقضاء في المحكمة الإدارية بالرباط بشهادة رئيسيها من أحكام واجتهادات كما وكيفا لن يكون له أي مفعول يذكر ،لأن في ذلك عندهم يتساوى المجتهد وغير المجتهد ،وفي ذلك رغبة يائسة  لتحطيم المعنويات وقتل الاجتهاد ،وهكذا يخشى أن يصير الحرمان من الترقية بمثابة آلية جديدة للتأثير على استقلال القضاء وتشجيع الفساد ولو بصورة غير مباشرة.
عدم مشروعية قرار النقل التلقائي من القضاء الاداري لقضاء النيابة العامة
وحيث ينص الفصل 108 من الدستور على أنه لا يعزل قضاة الأحكام ولا ينقلون إلا بمقتضى القانون.
وحيث  يبقى القرار الصادم والذي شكل فاجعة لمختلف الحقوقيين هو النقل الإجباري والتلقائي من القضاء الإداري للنيابة العامة وهو أشبه بعملية انتحارية افتقدت فيه البوصلة وظهرت معالم الخطة المعدة مسبقا -كما صرحت بذلك  المنظمات الحقوقية إبان المتابعة في العديد من الملتقيات العلمية والندوات الثقافية - للإطاحة به من هذا النوع من القضاء المتخصص كنوع من العقاب على الجرأة والشجاعة الأدبية والاجتهادات المبدئية الحامية للحقوق والحريات في مواجهة شطط الإدارة - في انتهاك صريح لمبدأ عدم جواز تعدد العقوبات الإدارية  .
 وحيث إن الخاطرة موضوع المتابعة ليست لها أي علاقة بالقضاء الإداري بحيث لن تنصب على التظلم من حكم أو إجراء قضائي أو المس بحقوق مواطن،كما تم انتهاك مبدأ دستوري آخر أكثر أهمية يتعلق بحصانة القاضي من النقل الذي يتفرع عنه حصانة المحاكم المتخصصة بغرض النيل من استقلال القضاء واعتبار القضاة قضاة صاحب الجلالة قضاة لوزارة العدل تابعين لها ملحقين بها يأتمرون بأوامرها،و لاسيما أن إحالته على النيابة العامة رغم عدم خبرته بها  لأننه لم يزوال أعمالها بها طيلة مساره القضائي المتميز الممتد لأكثر من 15 سنة فيه إهدار للمال العام وقتل للتخصص والتكوين الدقيق وتعميق للارتجالية  وسيطرة الأهواء الشخصية، فيه ما يوحي بأن القضاء الإداري قضاء الحقوق والحريات أصبح ملكا للوزارة محفظا باسمها تبقي من تشاء به وتطرد من تشاء بدون ضوابط ومعايير موضوعية إلا مشيئتها وإرادتها المشوبة بالانحراف في استعمال السلطة بشكل فاضح يفقأ العين،كما أنه  إشارة إلى القضاة الاداريين بوجوب فرملة اجتهاداتهم لتكون وفق السياق العام الذي ترتضيه السلطة التنفيذية لتحصين قراراتها الإدارية من الطعن ،وكذا تدريب القاضي المتابع على تعلم تقنيات قضاء التعليمات لمحو معالم الاستقلالية ومحاربة قضاء المواطنة المستقل الكفئ والنزيه لصالح قضاء الإدارة،وهو ما جعل زميله الأستاذ العبدلاوي القاضي المدان عن غير وجه حق عن مجرد صورة حية لواقع مرير يتمثل في عدم وجود مكاتب بالمحكمة  شهد به الوزير أن يعتبر أن " الإبعاد عن القضاء الإداري يظهر بجلاء أن المتابعة التأديبية لم تكن أبدا من اجل الخاطرة بل انتقاما من الإبداع الذي أبنتم عليه في عملكم ، و خوفا مما قد يأتي من قرارت تؤسس لمبدأ الشرعية الذي أصبح يقض مضاجع البعض"
وحيث إن  ضمان تخصص النيابة العامة وكفاءتها يستلزم عدم نقل قضاتها إلا بطلب منهم حماية لقاعدة حصانة القاضي من النقل التي لا موجب ولا غاية لحصرها في قاضي الحكم ،وفي المقابل فإن نقل القاضي المتخصص أو العادي للنيابة العامة يبقى أمرا غير مشروع لأن ذلك يستلزم توفير تكوين خاص وقدرات خاصة قد لا تتوافر فيه لأن القضاء صنعة واحتراف لا يتقنه إلا من خبر قضاياه وإشكالياته ودقائقه،فضلا عن حماية اختصاص المحاكم وضمان احترافية القضاة وجودة الخدمة القضائية حتى لا يتم إهدار المال العام وقتل للتخصص بخلفيات يعلمها العام والخاص ولا تنطلي على ذي أهلية قانونية وقضائية،فليس ذلك انتقاصا من قضاء على قضاء ولا تسلط من قاض على قاض وإنما التسلط والانتقاص هو الطعن في القواعد القانونية الدستورية ولاسيما حصانة القاضي من النقل والذي تتفرع عنه حصانة المحاكم المتخصصة .
قضاء النيابة العامة ليس جهة تأديب :
وحيث إن  قضاء النيابة العامة ليس جهة تأديب حتى يحال إليه القضاة المؤدبون ،بل قضاء متخصص يحتاج لقضاة بخلفيات دستورية وقانونية وحقوقية لا بخلفيات تأديبية ،فالقاضي الذي لا يصلح لصنف معين من القضاء لا يصلح لجميع الجهات القضائية ،لذلك تعتبر الإحالة للنيابة العامة استهانة كبرى لهذا الجهاز وأعضائه وانتقاص خطير منه وضرب في استقلاليته ولجودة الخدمات التي يقدمها والنجاعة القضائية المتوخاة منه ،لأن القاضي الذي لا قبل له بالنيابة العامة ويفتقد للتكوين يجب أن يعمل في القضاء الذي صرفت عليه أموال طائلة من الدولة في التكوين التخصصي فيه ،لذلك فإن عدم احترام قرارات المجلس الأعلى للقضاء لطبيعة تكوين القاضي ولتخصص المحاكم فيه  مسا خطيرا بمبدأ الحماية الفعالة لحقوق المتقاضين وحرياتهم ويأتي على رأسها حقهم في قضاء كفئ ومتخصص،لأن أزمة القضاء اليوم ليست فقط إشكالية تخليق وإنما وبصفة أساسية وأولية أزمة ضعف التكوين والتكوين المستمر،لكن يبقى المقلق  والمثير هو غياب الفكر الدستوري لدى القائمين على شؤون العدالة فالمحاكم بالنسبة إليهم جهة واحدة والقضاة مثلهم مثل غيرهم ، لا يختلفون إلا في التأديب لا في الاجتهاد والإبداع ،أفليس القاضي كائن حقوقي بطبعه يستلزم حماية دستورية لاستقلاله وللضمانات التي يتمتع بها بعيدا عن وصاية عمرت طويلا للوزارة العدلية نتمنى أن تزول غير مأسوف عليها ليتأسس المجلس الأعلى للسلطة القضائية كجهة ناظمة حصرية ووحيدة للشأن القضائي وللقضاة،ليطمئن المتقاضين أن قضاتهم لا يخضعون إلا لضميرهم والقانون وليس لوزارة الرميد أو غيره ؟.
وحيث إن قرار المجلس الأعلى للقضاء موضوع الطعن  بالإلغاء  جاء خاليا من بيان الأسباب والأسانيد الواقعية والقانونية التي تبرر اتخاذ القرار بالنقض ، ذلك أنه لم يتضمن أي سند أو حجة أو دليل يبرر النتيجة التي انتهى إليها بشكل يبين أنه صدر بناء على تخمين و ظن وليس على جزم ويقين.
وحيث إن التعليل يعتبر ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة، فوجوده عنصر من العناصر القانونية والشرعية،ذلك أنه يقوي الثقة في نزاهة العدالة و يبعث على الاطمئنان على مصداقيتها.
و حيث إن عدم تقديم المجلس الأعلى للقضاء   لتفسير معين لطرح  الدفوع الشكلية والموضوعية المقدمة من طرف هيئة الدفاع  وعدم الارتكان للحجج والدلائل المقدمة امامه من شهادة شهود الصلح والتنازل وتقرير الخبرة وتقديرها  تقديرها بشكل  يتماشى مع المنطق السليم و مع ما يحمله مضمونها، يعتبرمعه القرار منعدم ومنقطع الأسباب والتعليل من الأسباب التي تبيح الطعن بالإلغاء .
وحيث إن القرارات تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين
وحيث إن المجلس الأعلى للقضاء حرف  الوقائع و أهمل شهادة شهود الصلح وتنازل المشتكي عن شكايته وتصريحه بكون الخاطرة لا تعنيه و تقرير الخبرة ومحضر المعاينة ولم تقم بأي تحقيق من جانبه  للفصل في الدعوى و أساءت تطبيق القانون.
 
و حيث إنه من المستقر عليه في اجتهادمحكمة النقض الموقرة الموقر أنه:
 
"..يعد عدم الجواب على دفع أثير بصفة انتظامية وله تأثير على ما قضت به بمثابة نقصان التعليل يوازي انعدامه."
 
(قرار رقم 658 صادر بتاريخ 03/11/1982، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى) عدد 92ص5)
 
و أن:
 
 " عدم الجواب على مستنجات الأطراف المقدمة بصفة صحيحة ينزل منزلة عدم التعليل"
 
(قرار عدد 82 صادر بتاريخ 16/01/1975 في الملف عدد 29005، منشور (بمجلة القضاء والقانون)
 
و أن :
 
"الواجب المسطري يقضي بالبحث في الوسيلة التي أثارها المستأنف في وجه استئنافه وبإجراء المسطرة فيها مع خصمه إلى النهاية والجواب عنها وإلا كان الحكم ناقص التعليل".
 
(قرار اجتماعي عدد 3 صادر بتاريخ 11/12/1967 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 1)
  مما يجعل القرار المطعون فيه معيبا غير مرتكز على أساس قانوني صحيح وناقص التعليل الموازي لانعدامه وخارقا للقانون د مما يبرر التصريح إلغاءه و إبطاله.
ثالثا:حول طلب تسوية الوضعية الإدارية والمالية :
وحيث إن مصطلح "الوضعية الفردية" كما ورد في الفصل الثامن من القانون رقم 41-90 بإحداث محاكم إدارية يشمل جميع الحالات التي تعتري الموظف وهو يعمل مع الإدارة سواء فيما يرجع لترقيته أو تأديبه أو حصوله على أجوره ومستحقاته.
القاضي الإداري وهو يناقش هذه الوضعية يقتصر على مراقبة مدى احترام الإدارة للمشروعية ومدى تقيدها بالقوانين والأنظمة المعمول بها(قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 734 بتاريخ 17/10/1996 ملف إداري عدد 570/95 – 569/95)
 وحيث أقرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض على أن المدعي حرا بين اختيار سلوك دعوى الإلغاء أو سلوك دعوى القضاء الشامل في مجال الوضعية الفردية
(قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 828 المؤرخ في 23/11/ 2005 الملف الإداري عدد 597/4/1/2004)
وحيث إن البت في الوضعية الفردية يكون مستوفيا بالبت في المقرر الإداري الذي أوجد هذه الوضعية. (قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 1645 بتاريخ 12/6/97
ملف إداري 557 عدد 5/1/96)
وحيث كان من نتائج القرار العقابي التأديبي موضوع الطعن حرمان العارض من حق الترقي كحق ثابت وأكيد قانونا وسابق على المتابعة التأديبية اكتسبه  بقوة القانون بمجرد التسجيل في اللائحة للترقي للدرجة الأولى حسب المرفق المدلى به ووجود المنصب المالي بعد استيفاءه للشروط النظامية للترقية ونيله نقطة 3/3 في جميع السنوات الخمس الماضية وشهادة تقدير واعتراف بكفاءته وجديته وانضباطه المهني وسمعته وسلوكه داخل المحكمة وخارجها  من طرف رؤسائه المباشرين وغير المباشرين ،مع العلم بأن التسجيل في اللائحة المذكورة لا يتم إلا بعد دراسة عميقة للقيمة المهنية لكل مرشح وأخذ النقط التي حصل عليها بعين الاعتبار، فالقاضي الإداري يراقب مدى تقيد الإدارة باحترام مبدأ مساواة موظفيها أمام القانون وأمام الفرص المتاحة، كما يراقب عدم انحرافها في استعمال عناصر السلطة التقديرية التي تتوفر عليها. (قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 1733 بتاريخ 30/11/2000 ملف إداري عدد  1735/4/1/2000)
وحيث إنه فضلا عما أثير من دفوعات ووسائل لهدم أركان المتابعة فإن كل من المتابعة  وسرعتها القياسية البرقية التي لم تتجاوز في كل إجراءاتها شهرا واحدا ،والعقوبة نفسها بصرف النظر عن بطلانها للشطط في استعمال السلطة لا يمكن أن تحرم العارض من الترقية ويكون لها أثر ومفعول رجعي لوقائع لاحقة عليها لأن قاعدة الرجعية كمبدأ دستوري يجعل المتابعة وآثارها لا تنصب إلا على المستقبل ولا تمتد آثارها للماضي ،فضلا عن أن قاعدة عدم المساس بالحقوق المكتسبة تحظر ذلك ،دون إغفال أن قاعدة عدم تعدد العقوبات الإدارية  تحرم عقوبة إضافية ،لأن الحرمان من الترقية هو في حقيقة الأمر تدحرج من الدرجة وهو ما يجعل الحرمان من الترقية المتعلقة بالدرجة الأولى والإبقاء على العارض في الدرجة الثانية تدحرجا  مخالفا للقانون ومشوبا بالشطط في استعمال السلطة .
وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض " يكون المقرر المطعون فيه متسما بالشطط في استعمال السلطة ،لأنه جمع بين عقوبتي الإقصاء عن العمل لمدة ثلاثة أشهر والتدني من درجة إلى درجة وهما من العقوبات المنصوص عليها في الفصل 66 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.
هذه العقوبات تتخذ في حق الموظف بصفة تسلسلية حسب خطورة ما نسب إليه من مخالفات الفصل 66 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية"
 (قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 384 بتاريخ 18/05/1984 ملف إداري عدد 91051)
وحيث ينص  الفقرة 2 من الفصل 110 على أن القاضي يتولى التطبيق العادل للقانون
وحيث ينص الفصل 117 من الدستورعلى أنه  يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون.

وحيث ينص الفصل 118 من الدستورعلى أن   حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون. وحيث ينص الفصل

كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة.

وحيث ينص الفصل 119 من الدستورعلى أنه  يعتبر كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة-تأديبية- بريئا، إلى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي، مكتسب لقوة الشيء المقضي به.


الفصل 120 من الدستورعلى أنه  لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول
حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم.

وحيث ينص الفصل 123 من الدستورعلى أنه  تكون الجلسات علنية ماعدا في الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذك
وحيث ينص الفصل 125 من الدستورعلى أنه  تكون الأحكام معللة وتصدر في جلسة علنية، وفق الشروط المنصوص عليها في القانون.

وحيث إن القاضي سيدي الرئيس السادة الأعضاء المحترمين لا يمكنه أن يحمي حقوق وحريات المواطنين ويصون الأمن القانوني والقضائي وهو مفتقد للحماية الذاتية لحماية استقلاله كمرتكز دستوري لفائدة المتقاضين للاحتماء بقضاء مستقل ومحايد وكفئ ،ويبقى الأمل معلقا على اجتهاد قضائي إداري وفقا للمسار المشرق الذي خطته الغرفة الادارية باقتداروالذي من شأنه يعيد الاعتبار للقاعدة الدستورية والقانونية  لحماية الأمن القانوني والقضائي  للقضاة من منطلق القضاء المواطن لتخليق وتهذيب الادارة ورد شططها وانحرافها لتسلك جادة الصواب وطريق المشروعية  ،وما ذلك على الله بعزيز.
لهذه الأسباب ولغيرها من الأسباب التي يمكن لمحكمتكم الموقرة أن تثيرها ولو تلقائيا إن اقتضى نظرها ذلك، يلتمس العارض من سيادتكم التفضل بالتصريح
في الشكـل: بقبول الطعن بالإلغاء وتسوية الوضعية الادارية والمالية للطاعن .
في الموضوع:
أولا:في دعوى الإلغاء للشطط في استعمال السلطة:
 باعتبار الطعن والتصريح بإبطال جميع أجزاء  قرار المجلس الأعلى موضوع الطعن بالالغاء الصادر في دورة ماي 2014 والقاضي باتخاذ قرار الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة ثلاثة أشهر والحرمان من الأجر مع النقل من المحكمة الإدارية بالرباط بصفة مستشار بها إلى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة بصفة نائبا للوكيل العام للملك بها، موضوع قرار وزير العدل- بصفته تلك- عدد 710/5 المؤرخ في11/8/2014المبلغ إليه والمتوصل به بتاريخ 3/9/2014.    مع كل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية.
ثانيا:في  دعوى تسوية الوضعية الادارية والمالية
بتسوية الإدارية والمالية للقاضي الطاعن وذلك بترقيته للدرجة الأولى إسوة بزملائه برسم دورة ماي 2014 مع ما يترب عن ذلك من آثار قانونية تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 5000 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ  مع النفاذ المعجل والصائر . 
تحـت جميع التحفظات
الأستاذ.
 
 
المرفقات:

- نسخة القرار الإداري  المطعون فيه

-نسخة من الملف التأديبي وتصريحات وزير العدل والحريات للصحف والمواقع الإلكترونية والموقع الإلكتروني للوزارة

.

 

 
 
 


[1] - أورده: إبراهيم زعيم الماسي: المرجع العملي في الاجتهاد القضائي الإداري، مرجع سابق ص 152.
[2] - هذا الاتجاه استقر عليه القضاء الإداري المصري: للتعمق راجع، عبد العزيز عبد المنعم خليفة:مرجع سابق ص 34.
[3] - وقد اقتدى المشرع المغربي بالقانون الفرنسي رقم 587 الصادر بتاريخ 11 يوليو 1979 الذي أوجب فيه المشرع على الإدارة تسبيب جميع القرارات الإدارية الفردية التي من شأنها إلحاق الضرر بالأفراد.
[4]- محمد الأعرج: إيجابيات قانون رقم 01/03 المتعلق بإلزام إدارات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية، مقال، منشور م المغربية للأنظمة القانونية والسياسية عدد. 3-4 (2003) ، ص. 25-35.
نكاوي سعيد: تعليل القرارات الإدارية، دراسة مقارنة، دار نشر المعرفة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2003.
إدريسي عبد الله: نظرات في تعليل القرارات الإدارية شكلا ومضمونا، حصيلة قضائية وآفاق، ندوة المحاكم الإدارية ودولة القانون، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، العدد الخامس 1996ص 43.
- قرار عدد 522 غير منشور.[5]
[6] - محكمة القضاء الإداري في 11-5-1965، ذكره سامي جمال الدين، مرجع القضاء الاداري ص 228.
[7] - محكمة القضاء الإداري في 4-3-1956، ذكره سامي جمال الدين، مرجع سابق ص 228.
[8]- ملف رقم 182-5-2012 حكم غير منشور.
[9] - قرار عدد 59 في الملف عدد 1160-4-1-2009، مجلة محكمة قضاء النقض عدد 75 ص 268.
[10]- مجدي محمود محب حافظ: مرجع  القضاء الاداري ص 2403 .
[11]- مجدي محمود محب حافظ: مرجع سابق ص 2423.
[12] - حكم صادر بتاريخ 1-4-1979 الطعن 280 لسنة 34ق، ذكره: سامي جمال الدين مرجع سابق ص 822.
[13] - جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ30/11/2000" إن القاضي الإداري يراقب مدى تقيد الإدارة باحترام مبدأ مساواة موظفيها أمام القانون وأمام الفرص المتاحة، كما يراقب عدم انحرافها في استعمال عناصر السلطة التقديرية التي تتوفر عليها. قرار عدد 1733 ملف إداري عدد  1735/4/1/2000 غير منشور
- حكم منشور بمجموعة أحكام محكمة القضاء الإداري المصري السنة 11 ص 224.[14]
[15] - conseil d’état, Les pouvoires de l’administration dans le domaines des sanctions, Section du rapport et des etudes, La documentation francaises p 60.
[16] - أورده: إدريس بوزرزايت: الزجر الإداري مرجع سابق ص 219، أشار إليه أيضا : عبد الإله الإدريسي: دور القضاء الإداري المغربي في حماية الموظف العمومي، دراسة في اجتهـادات = =
= = المحاكم الإدارية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق وجدة السنة الجامعية 2000- 2001 ص 73.
كما اعتبرت محكمة الاستئناف الإدارية" أن رفض الإدارة اختيار الموظف أحد الأشخاص للدفاع عنه أمام المجلس التأديبي بدعوى أنه ينتمي إلى هيئة نقابية يجعل القرار الإداري المتخذ في حق الموظف المذكور متسما بتجاوز السلطة لخرق حقوق الدفاع الذي يشكل ضمانة من الضمانات المنصوص عليها في الفصل 67 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي لا يستثني المنتمي إلى هيئة نقابية من أن يكون مدافعا عن الموظف "قرارعدد 351 بتاريخ 04/03/2009 في الملف رقم 170/07/5، المنتقى من عمل القضاء في المنازعات الإدارية، مرجع سابق ص 37.
[17] - حكم عدد 113 ملف رقم 24-2001 غير منشور.
[18]-  Courrier juridique des affaires sociales et des sports, n 88 septembre octobre 2011, dossier les sanctions administratives.
[19] - Courrier juridique des affaires sociales et des sports, n 88 septembre octobre 2011, dossier les sanctions administratives.
[20]  -Martin Colet: op cit p333..
[21] - أورده عبد الإله الإدريسي: دور القضاء الإداري المغربي في حماية الموظف العمومي - دراسة في اجتهادات المحاكم الإدارية - رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق وجدة السنة الجامعية 2000- 2001 ص 73.
[22] - حكم المجلس الدستوري الصادر في 19 يناير 1989، وذلك لضمان المساواة بين الأطراف حكم المجلس الدستوري الصادر في 28 يوليوز 1989، أنظر:
- Moderne )F( :Sanctions administratives et protection des libertés individuelles au regard de la convention européenne des droits de l’Homme, op .cit p 22
[23] -  Martin Colet :op cit p335.


مقال يرمي إلى إيقاف تنفيذ قرار الإداري

الرباط في 4-9-2014
 
 
 مقال يرمي إلى إيقاف تنفيذ قرار الإداري
 
مرفوع
إلى السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض
الغرفة الإدارية
لفائدة: السيد محمد الهيني -قاض- الساكن برقم  179 الشقة رقم 1 كيش الأوداية تمارة
نائبه النقيب الأستاذ عبد الرحمان بنعمرو
المحامي بهيئة الرباط والمقبول للترافع أمام محكمة النقض.
ضد
  1. الدولة في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط
 
  1. وزارة العدل والحريات الممثلة بوزيرها بصفته هاته وبصفته    نائبا لرئيس المجلس الأعلى للقضاء بكتابة المجلس الأعلى للقضاء بوزارة العدل والحريات  
  2. الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة المالية بالرباط                                                  
 
                  
سيادة الرئيس الأول:
 
يتشرف العارض بأن يعرض على محكمتكم الموقرة
 
أنه تقدم  بطعن بالإلغاء للشطط في استعمال السلطة ضد القرارالصادرعن المجلس الأعلى للقضاء في دورة ماي 2014 والقاضي بحث الطاعن  باتخاذ قرار الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة ثلاثة أشهر والحرمان من الأجر مع النقل من المحكمة الإدارية بالرباط بصفة مستشار بها إلى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة بصفة نائبا للوكيل العام للملك بها، موضوع قرار وزير العدل- بصفته تلك- عدد 710/5 المؤرخ في11/8/2014المبلغ إليه والمتوصل به بتاريخ 3/9/2014.
ويهدف من وراء دعواه الحالية إلى إيقاف تنفيذ القرار أعلاه مع النفاذ المعجل ومع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية  
وذلك قصد سماع القرار:
شكـلا:
حيث إن القرار المطعون فيه بلغ للعارض ( رفقته نسخة مصادق عليها منه وثيقة رقم 1)
 
وحيث انه بإيداع المقال الحالي داخل الأجل القانوني ، بكتابة ضبط هذه  المحكمة ، يكون مقال إيقاف التنفيد قد استوفى شروط قبوله صفة ومصلحة وأهلية وأجلا وأداءا.
 
موضوعا
حيث ينبغي عرض وقائع النازلة (أولا) ثم بيان وسائل طلب إيقاف التنفيذ  (ثانيا):
أولا  عرض الوقائع:
   كتب السيد محمد الهيني بتاريخ 23/03/ 2014 بصفته مواطنا غيورا ومحبا لوطنه وملكه على صفحته على الفايسبوك خاطرة أدبية عنونها"لا نريد أسدا وهي عبارة عن رسالة لوزير العدل والحريات حول مواصفات مدير الشؤون المنتظر جاء فيها ما يلي :
"لا نريد أسدا"
مواصفات مدير الشؤون المدنية المنتظر" لا نريد أسدا ولا نمرا"
 رسالة إلى زميلي الوزير:
   سيدي الوزير؛ ننتظر منكم تعيين مدير الشؤون المدنية  بوزارة العدل والحريات في انتظار تكريس استقلالية الإدارة القضائية عن وزارتكم من خيرة قضاة المملكة الذين راكموا تجربة واسعة في إدارة المحاكم فكرا وتنظيما وتدبيرا وحكمة وتبصر، وتميزوا بجرأة وغيرة على استقلال القضاة والدفاع عن حقوق القضاة، وحملوا مشعل العلم وتميزوا بكتاباتهم وأحكامهم، وأشاعوا جو الثقة في المحيط القضائي وسطروا معالم إدارة مواطنة وقضاء قريب روحا وممارسة من المواطنين .
   لكن اعذرني فما سمعته عن قرب تعيين مسؤول قضائي في محكمة درجة ثانية متخصصة استفزني للحديث لكم ، لأن معايشتنا له كقضاة جعلتني أتحمس للتنفير منه ، فيكفي أن يكون خروجه غير المشرف من هذه المحكمة للحكم عليه،فلا خبرة قضائية راكمها ، ولا تجربة أغناها،كان ديدانه الإدارة وكان صديقه الكتابة والتجني على القضاة، وإطلاق التهم المجردة عنهم ، يفرح ببت روح الفرقة بين القضاة ، وتحرير استفسارات ضدهم،يكره روح الإبداع والاجتهاد،يعادي نشر المعلومة القانونية والقضائية، باب المحكمة موصدة في وجه المرتفقين والمواطنين،حطم جدار ثقة القضاة في أنفسهم ،الاستقلالية عنده أضغات أحلام وأماني ،والعدالة عدالة السماء لا الأرض، الاجتهاد نقمة والكسل نعمة،والمحبة والثقة بين القضاة وقود نار، وفرق تسد شعاره،القضاء يحسبه إدارة ،والإدارة قضاء،والمواطن يحتاج إلى قضاء آخر، لأن القضاء بطبعه إداري،القضاء ليس منطق ربح وخسارة ، القضاء لا يسير بفكر تجارة واستثمار
   سيدي الوزير ؛
لا نريد أسدا ولا نمرا، نريد قاضيا مقتدرا تستفيد منه الإدارة ولا يستفيد منها ،نريد قاضيا يحصن المنصب ولا يحصنه المنصب ، نريدا باحثا ومفكرا مجتهدا ،زاهدا في جمع المال،حاضا على العلم ،مخلصا للمواطنين، نريد قاضيا نزيها يقتات من قوت يومه ومن عرق جبينه،يقدر المسؤولية حق قدرها ".
بتاريخ 8/4/2014 استمعت المفتشية العامة للقاضي المتابع
وبتاريخ 15/4/2014 تمت متابعته من طرف وزير العدل والحريات
وبتاريخ 24/4/2014 استمع إليه السيد المقرر فأنكر المنسوب إليه
وبتاريخ 22/4/2014 تمت إحالته على المجلس بمقرر وزير العدل
وبتاريخ   3/6/2014عرض على المجلس الأعلى للقضاء التمس تمكينه من أجل لإعداد دفاعه فاستجيب للطلب
وبتاريخ 17/6/2014انعقدت الجلسة الثانية للمجلس الأعلى للقضاء
وبتاريخ 3/9/2014 بلغ بالقرار موضوع الطعن .
 
 
ثانيا :  وسائل طلب إيقاف التنفيذ
1-في  شأن قبول الطلب :
وحيث إن القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء تقبل الطعن عن طريق دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة قياسا على الفصل 114 من الدستور وانسجاما مع  الفصل 118 منه الناص على أن  "حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون.
كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة"
وحيث الفصل 118 المذكور  يتأسس على قاعدة دستورية وطنية ودولية مؤداها عدم جواز تحصين أي قرار إداري من الطعن ،وهذه قاعدة بديهية ومن مسلمات وأبجديات القضاء الإداري ،ولا يحتاج الطعن لأي نصوص تنظيمية تقر الحق فيه ،لأنه من النظام العام،لكن فعالية هذا الحق وليس ممارسته يتوقف على الارتقاء بالغرفة الإدارية بمحكمة النقض إلى مصاف هرم قضائي إداري يطلق عليه مجلس الدولة أو المحكمة الإدارية العليا
و هذه القاعدة استقر عليها قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض والمحاكم الإدارية حتى قبل صدور الدستور ،لكون الطعن بالإلغاء من النظام العام وعنوان الشرعية وسيادة القانون
ولاشك أن سمو القاعدة الدستورية،على ماعداها من نصوص قانونية،يشكل تكريسا للشرعية وسيادة للقانون،باعتبارهما من مبادئ دولة الحق والقانون التي تأبى تحصين أي قرار إداري ،مهما علا شأنه،وتعددت مصادره،واختلفت مجالاته من الرقابة القضائية،لكون القضاء هو الحامي الطبيعي والحارس الأمين للحقوق والحريات .
وهكذا جاء في حكم للمحكمة الإدارية بوجدة صادر بتاريخ 8-3-2000"إن الطعن بالإلغاء ضد المقررات الإدارية يهدف إلى حماية الشرعية، ولا ينفلت منه أي مقرر إداري ولو تعلق الأمر بمقرر صدر في إطار قانون،ينص على عدم قابليته للطعن، مادام أن مبدأ مراقبة الشرعية يعتبر مبدأ دستوريا".
كما جاء في حكم للمحكمة الإدارية بأكادير صادر بتاريخ 20-7-1995 "تعتبر دعوى الإلغاء بمثابة دعوى القانون العام لإلغاء القرارات الإدارية عموما، أي يمكن أن توجه ضد أي قرار إداري دونما حاجة إلى نص قانوني صريح.
وحيث إنه لا يقبل وفقا لروح قانون 41-90 تحصين أي قرار من مراقبة قاضي المشروعية وحرمان المواطن في دولة الحق والقانون ،ضمانا لحقوقه وحرياته من مراقبة أعمال الإدارة،عن طريق دعوى الإلغاء التي تمارسها هيئة مستقلة عن الإدارة،تتكون من قضاة تابعين للسلطة القضائية،ولا يخضعون للتسلسل الرآسي أو لأي نوع من الوصاية،ويستعملون اختصاصاتهم من أجل حماية المواطن والإدارة معا".
وقد طبقت محكمة النقض ذات المبدأ في "قضية وليام وول" حيث لم يقبل إدعاء الإدارة،بكون القرار غير قابل للطعن ، بعلة أن النص المستند عليه هو نص عام،لا يمكن الاحتجاج به لأن إرادة المشرع في استبعاد دعوى الإلغاء لم تكن واضحة.
نفس المبدأ أكده قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط صادر بتاريخ 27/12/2006 جاء فيه "إذا كان الفصل 12 من ظهير 27/04/1919 بشأن تنظيم الوصاية على الجماعات السلالية وضبط تدبير الإدارة للأملاك الجماعية،قد نص على عدم قابلية مقررات مجلس الوصاية للطعن، فإن هذا المنع لا يمكن أن ينسحب أثره على دعوى الطعن بالإلغاء،الذي يمكن القضاء الإداري من بسط رقابته على مشروعية القرارات الإدارية، وفحص مدى مطابقتها للقانون.
وقد توج هذا المسار القضائي الرائد للقضاء الإداري بالمغرب،في منع وحظر تحصين أي قرار الإداري من الإفلات من الرقابة القضائية،بتأكيد الدستور الجديد الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 29 يوليوز 2011،على هذا المبدأ لأول مرة في الفصل 118 منه،بأن" كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه
أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة. "
وإذا كان الدستور قد ارتقى بقاعدة عدم تحصين القرارات الإدارية من الطعن إلى مستوى القاعدة الدستورية ذات القيمة الأسمى، والتي تحتل مركزا قياديا ورئيسيا في هرم التراتبية التشريعية، فإن أي نص قانوني لا ينضبط لمفهوم القاعدة الدستورية، يكون مشوب بعيب عدم الدستورية 
وحيث إن المجلس الأعلى للقضاء  من الناحية العضوية والمادية يعتبر هيئة إدارية تصدر قرارات إدارية ، وقراراته التي تمس بالمراكز القانونية للغير،هي قرارات إدارية صادرة عن سلطة إدارية بمفهوم المادة 8 من قانون المحاكم الإدارية،ولا مبرر إطلاقا لاستثنائها من الخضوع لرقابة الإلغاء في غياب نص صريح يحظر ذلك، كما أنها ليست قرارات قضائية لسبب بديهي،هو عدم صدورها عن جهة قضائية تتمتع باختصاصات السلطة القضائية ،ليس فقط لوجود وزير العدل ضمن تشكيلتها بصفته رجل ينتمي للسلطة التنفيذية الموضوعة الإدارة رهن إشارته وإنما أيضا وبصفة أساسية للإجراءات والسلطات المخولة له  كسلطة تأديبية مهنية تتمتع بامتيازات السلطة العامة بإصدار قرارات انفرادية قابلة للتطبيق المادي المباشر.
وحيث إن حضور غالبية القضاة ضمن تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء  لا يساهم في  إضفاء الصبغة القضائية عليها.
وهكذا على  سبيل المقارنة اعتبرت المحكمة الإدارية بوجدة بموجب حكمها الصادر بتاريخ 27/11/2002"إن حضور مستشار من محكمة النقض أعمال المجلس التأديبي لهيئة الصيادلة،لا يضفي على مقترحات أو مقررات المجلس صيغة القرارات القضائية،لانعدام السند القانوني، وعليه،فلا يمكن اعتبار القرارات الصادرة عن المجالس أو اللجان التي يترأسها قضاة،بحكم قوانينها التنظيمية قرارات قضائية، وإنما تبقى قرارات إدارية بطبيعتها قابلة للطعن فيها أمام الجهات القضائية المختصة،وأن القرارات التي تصدرها هذه الأخيرة،هي المعتبرة قرارات قضائية، وليس العكس"- حكم عدد205/2002

وقد أكد الاجتهاد القضائي الحديث للغرفة الإدارية بمحكمة النقض على جواز الطعن في قرارات المجلس الأعلى للقضاء في قضية القاضي الشنتوف ضد الوكيل القضائي للمملكة الذي جاء فيه "إن المقررات المتعلقة بالوضعية الفردية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قابلة للطعن بسبب الشطط في إستعمال السلطة أمام أعلى هيئة قضائية إدارية بالمملكة"قرار رقم 600 صادر بتاريخ 20/6/2013 في الملف عدد1515/4/1/2013،منشور بوقع العلوم القانونية..

 
ويكون القرار الإداري الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء ،معيبا وقابلا للطعن بالإلغاء،كسائر القرارات الإدارية الصادرة عن مختلف الجهات الإدارية الأخرى ،في خمس حالات نص عليها القانون رقم 41-90 من خلال المادة 20 منه وهي:
-عيب عدم الاختصاص؛
 -عيب الشكل؛
-عيب مخالفة القانون؛
-عيب الانحراف في استعمال السلطة؛
- عيب السبب.
ومن هنا يظهر أنه لا خصوصية في أسباب الرقابة تميز العمل الرقابي القضائي على أعمال المجلس الأعلى للقضاء،عن باقي الهيئات الإدارية الأخرى التي تنتمي للقانون العام،وإن كان ذلك لا يمنع من الحديث عن خصوصية في منهج الرقابة وسلطة القاضي الإداري إزاءها،في ،بالنظر للصلاحيات والسلطات-سواء التقديرية أو المقيدة منها-التي يملكها المجلس،والتي تخوله إصدار قرارات تنظيمية وفردية تختلف مجالاتها ،وتتعدد صورها،وتتميز أساليبها،وتدق إشكالياتها،وتتفرع تأثيراتها على الحريات والحقوق،مما يستلزم رقابة ذات بعد متفرد تراعي خصوصية القطاع،وطبيعة العمل – سواء على مستوى مراقبة الشرعية أو الملاءمة- محاولة لصنع وابتكار رقابة قضائية ذات مدلول وإطار خاص،تصون الحريات وتحفظ الحقوق ،وتضمن الأمن القانوني والقضائي،وفقا لمرتكزات دعوى الإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة باعتبارها آلية لحماية الشرعية والمشروعية الدستورية، بما تعنيه من سيادة القانون ومساواة الجميع أمام أحكامه .
وحيث خلال المحاكمة  التأديبية أثارت هيئة الدفاع المشكلة من خيرة نقباء وشباب قضاة المغرب الذين نعتز بمرافعاتهم القيمة عدة دفوع  انصبت على خروقات دستورية  مسطرية وموضوعية  تهدم عناصر المتابعة لم يعرها المجلس أي اهتمام لأننا كنا في مسطرة محسومة مسبقا بالإدانة وكأننا كنا نصارع السحاب  -مما يبين حقيقة الطبيعة القانونية للمجلس من كونه مجرد جهة إدارية دستورية بفكر ونفس غير دستوريين لا يختلف في شيء عن باقي الهيئات الإدارية التأديبية بحيث أنه لا يتمتع بالصفة القضائية .
ومن هذه الدفوع  المثارة أمام المجلس الأعلى للقضاء خرق علنية المحاكمة التأديبية وعدم حيادية  تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء بحكم رآسته من طرف وزير العدل رجل السلطة التنفيذية ، وبعدم صلاحيته لترأس جلسة التأديب لانعدام مقومات الحياد والعدالة وانتهاك قرينة البراءة وخرق واجب التحفظ والمس باختصاصات المجلس والمؤسسة الملكية وخرق واجب الحياد والعدالة بعدم تحريك متابعة المشتكى به في الشكاية المقابلة والشطط في استعمال السلطة ،والدفع بعدم قانونية تشكيل الهيئة لكون المنتدب للقيام بمهام أمين سر المجلس لم يحصل على ظهير التعيين بعد من طرف جلالة الملك باعتباره رئيس السلطة القضائية، والدفع بإيقاف البت في المتابعة إلى حين البت في ملف محضر 20 يوليوز في مرحلة الاستئناف لما يشكله ذلك من تأثير على استقلال القضاء ،والدفع ببطلان المتابعة لصدورها عن جهة غير مختصة وهو الوزير في غيبة أعضاء المجلس المعينون بقوة القانون،والدفع ببطلان المتابعة لعدم تسجيل الشكاية أساس المتابعة بالطرق القانونية ،والدفع بعدم اختصاص المجلس للنظر في الوقائع موضوع المتابعة والاعتداء على اختصاص مطلق للقضاء في الموضوع، لأن السب والقذف مجاله القانون الجنائي وليس القانون التأديبي ،والدفع بسقوط المتابعة بحكم انعقاد ونفاذ الصلح بإشهاد ثلاث قضاة ومستشارين عليه مشهود لهم بالكفاءة والتجربة والأخلاق والنزاهة،وأخيرا الدفع بعدم توفر عناصر التجريم التأديبي لتعلق فعل المتابعة بحرية التعبيرالمكفولة دستوريا .
  وحيث تعتبر المساءلة  والمحاسبة الدستورية الجوهر الحقيقي لأي نظام قانوني؛ لأن التأديب هو نظام قانوني يستهدف تخليق الممارسة القضائية  بهدف صون قواعد سير العدالة وحماية حقوق المتقاضين دون إغفال حماية الأمن القانوني للقاضي الذي يعد شرطا لازما لرد أي تأثير على استقلاليته عبر بوابة المتابعات التأديبية غير المؤسسة والباطلة .
 وحيث إن خضوع النظام التأديبي القضائي لحكم القواعد الدستورية ولضمانات حقوق المتقاضين، بصفة عامة ، كفيل بإقرار محاكمة تأديبية عادلة.
  وهكذا جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط صادر بتاريخ 21-3-2013 في الملف رقم 534-5-2012 "إن الضمانات القضائية الدستورية الواردة في الباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة القضائية قابلة للتطبيق على مسائل الزجر الإداري - بمختلف أنواعه سواء التي تصدره الهيئات الإدارية العادية أو الهيئات الإدارية المستقلة المعبر عنها بالهيئات الناظمة، المعتبرة هيئات شبه قضائية ، سيرا على ما أقرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قرارها  رقم 58188-00 الصادر بتاريخ 27-8-2002 ومجلس الدولة الفرنسي بموجب "قرار ديديي" الصادر بتاريخ 3-12-1999 - ولاسيما قرينة البراءة وقواعد المحاكمة العادلة .
لكن، حيث لما كانت القرارات الإدارية تتمتع بامتياز الأولوية في تنفيذها، دون أن ينال الطعن بالإلغاء من ذلك الامتياز، وأنه في مقابل ذلك ينشأ لفائدة المخاطب بتلك القرارات حق تقديم طلب قضائي مواز من أجل تعليق آثارها إلى حين البت في الطعن بالإلغاء وفقا لما تنص عليه المادة 24 من القانون المحدثة بموجبه محاكم إدارية .
وحيث إنه وقف تنفيذ القرار الإداري يجوز للقضاء به الأمر به حين تدعو الضرورة إليه لتفادي نتائج يتعذر تداركها  لو لم يقض بوقف تنفيذه وان يكون الادعاء المتصل بمبدا المشروعية قائما على اسباب جدية .
وحيث إن سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها وأساس ذلك هو الرابطة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على أساس وزن القرار الإداري بميزان القانون ويكون مناطه التحقق من احترام مبدأ المشروعية من عدمه ، لذا يتوجب على القضاء الاداري ألا يعمد إلى إيقاف القرار الإداري إلا بتوفر شرطين هما : قيام عنصر الاستعجال أي أن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها ، وأن يتصل بمبدأ المشروعية أي أن يكون الطلب في هذا الشأن قائما بحسب الظاهر على أسباب جدية ، ولقد استقر اجتهاد القضاء الإداري على أن النتائج التي يتعذر تداركها هي قوام وقف التنفيذ ، وأن الوقف باعتباره خروجا عن الأصل المتمثل في سريان القرار الإداري ما بقي قائما لم يسحب أو يقضى بإلغائه لا يسوغ إلا حين تدعو ضرورة ملحقة لتفادي نتائج يتعذر تداركها لو لم يقض بوقف تنفيذه ولا يتسنى الحكم به إلا حين يصاحب القرار من الظروف والملابسات ما يتعذر تداركه من النتائج ، وعندما يثبت أن القرار يخلق وضعا يتعين مواجهته ودرء خطره وأن الاستمرار في تنفيذه يرتب نتائج يتعذر تداركها أو معالجة آثارها .
 
حول شرط الاستعجال
وحيث إن التعذر المقصود في توفر شرط الاستعجال هو ذلك المتعلق بنتائج يستحيل أو يمتنع معها إصلاحها عينا بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه من نفس النوع والجنس أو النتائج التي يمتنع قانونا إصلاحها عينا بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه من نفس النوع والجنس أو النتائج التي يمتنع قانونا إصلاحها وهي تلك التي لا يعوضها مال ولا يتسنى إصلاحها بالتعويض عنها ماديا.
وحيث إن مناط عنصر الاستعجال في طلب إيقاف تنفيذ قرار إداري، هو الضرر الذي يمكن أن يلحق بالمركز القانوني للطاعن والذي لا يمكن تداركه في المستقبل لو تم تنفيذ القرار في مواجهته.
وحيث إن إيقاف قاض عن ممارسة مهامه لمدة ثلاثة أشهر بدون أجر هو ضرر كبير يلحق به شخصيا علميا ومهنيا باعتباره مجتهد وشغوف بالعمل والاجتهاد وماديا باعتبار أن العمل هو مصدر قوت يومه الوحيد  وقوت أسرته ماديا ومعنويا  وبمصالح المرفق القضائي الذي يعمل به لا سيما وأنه رئيس غرفة،فضلا عن مصالح المواطنين المتقاضين ،فهذه العقوبات الثلاثية غير المشروعة وغير المستندة لأي أساس قانوني أو واقعي بمثابة عقاب جماعي لا يوجد أي رابط بينها وبين المصلحة القضائية التي تتأذى من الإيقاف وتعتر سير المرفق ،فضلا عن أنه لا يوجد أي رابط بينها وبين الخاطرة موضوع الشكاية لا سيما وأن المشتكي نفسه صرح للجنة الوساطة والصلح لرفع الخلاف المفتعل أن القاضي المتابع لا يقصده بتاتا في خاطرته حسب الثابت من الإشهادات المرفقة بالملف.
وحيث إن الوقف عن العمل لا يمكن تداركه لأن عقبة الزمن لا ترجع للوراء ولا يمكن لأي تعويض مهما بلغ أن يفي القاضي الموقوف شططا وتعسفا ضدا على مبدأ استقلالية القضاء كرامته وصورته أمام زملائه القضاة والمحامين والمواطنين ،فمبدأ رفع الوصم المهني والاجتماعي للقاضي المتابع وأيضا للقاضي المشتكي  يحتم أيضا بإيقاف الوقف المؤقت لغاية البت النهائي في دعوى الموضوع ،لاسيما وأن المتابعة مبنية على مجرد رأي يندرج في إطار حرية التعبير ولا تتعلق بأخطاء مهنية مرتبطة بالمرفق يمكن أن يشكل استمرار القاضي في رسالته العلمية في المحكمة ضررا بل الضرر الوحيد الموجود والواجب رفعه هو التضحية بقاض- خلال كل هذه المدة الطويلة جدا والممتدة لثلاثة أشهر وكأنه ارتكب أبشع الأخطاء - نزيه ومجد ومثابر شاب عرف بدماثة أخلاقه وعلمه واجتهاداته  الرصينة وشجاعته الأدبية والقضائية بين العام والخاص في المحكمة ، وملتقيات المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية ، وكليات الحقوق ومعاهد التكوين وبدفاعه المستميت عن استقلال السلطة القضائية وعن مطلب إحداث مجلس الدولة مؤمنا دائما بأن القاضي كائن حقوقي بطبعه ،فشاءت الأقدار أن تحيله السلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل للتأديب لا لشيء إلا لأنه أبى خطاب تمجيد الإصلاح واختط لنفسه سبيل الدفاع بإيمان وعزم لا يلين عن مبادئ القضاء ورسالته واستقلاليته حسب الدستور عن السلطة التنفيدية مقتنعا أن زمن التسلط قد انتهى إلى غير رجعة ليحتكم الجميع لشرعية سيادة القانون وسلطة القضاء .

وهكذا جاء في قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط "إن نقل المستأنف عليه إلى مدينة أخرى بمقتضى القرار المطلوب إيقاف تنفيذه وإن كان يجد سنده ظاهريا في تغليب المصلحة العامة، فإن ذلك قد يؤثر في وضعيته الإدارية بشكل يصعب تداركه بعد أن يفقد الامتيازات التي كان يتمتع بها لو تم تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه بالإلغاء، هذا فضلا عن توفر جدية دعوى الإلغاء كشرط متوفر في النازلة أيضا" قرار القرار عدد 11 بتاريخ 10/01/2007 في الملف رقم 07/06/5.

 
 
 
 
 
حول شرط الجدية
وحيث يقصد بشرط الجدية  المتصل بمبدأ المشروعية أن يكون الطلب في هذا الشأن قائما بحسب الظاهر على أسباب جدية
سنتعرض له تباعا بتفصيل  بمناقشة العيوب الخمس التي تشوب قرار المجلس الأعلى للقضاء  موضوع الطعن والتي لم يسلم منها أي واحد،والتي  تشكل في آن واحد  شرط الجدية في طلب إيقاف التنفيذ  .
 
 
الوسيلة الأولى:عيب عدم الاختصاص
-عدم اختصاص الوزير بشأن إصدار القرارات الإدارية التأديبية لتعلق ذلك باختصاص الملك بواسطة ظهير
وحيث يقصد بالاختصاص، القدرة قانونا على مباشرة عمل إداري معين في مجال محدد وطبقا لنصوص القانون، أما عيب عدم الاختصاص فيقصد به مخالفة القواعد التي تحدد الجهة الإدارية  المختصة في إصدار قرار ما، بحيث يصدر القرار الإداري عن جهة ليست لها الصفة القانونية في ذلك، و بذلك يكون القرار المذكور قابلا للإلغاء بسبب عدم مشروعيته
وحيث إن قرار الوزير المبلغ  للقاضي للعارض خرق مبدأ توازي الشكليات في الميدان  الإداري.
وحيث إن طالب الإلغاء عين بمقتضى ظهير لم يكن من الممكن جعل حد لمهامه إلا طبقا لمبدأ توازي الشكليات أي بناء على ظهير آخر.
(قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 94 بتاريخ 30 ماي 85
الملف الإداري عدد 762/96)
وحيث  أكدت محاكم الموضوع هذا الاتجاه المستقر عليه "إن الموظف المعين بظهير يجب أن يعزل بظهير احتراما لقاعدة توازي الشكليات.
على الرغم من إشارة إدارة الأمن الوطني في محضر تبليغها للمستأنف عليه ( عميد الشرطة) لمقرر العزل بأنه تم إعداد مشروع ظهير بعزل المعني بالأمر، فهذا لا يفيد أن الطاعن تم عزله  بمقتضى ظهير، ذلك أن الإدارة المذكورة عمدت إلى تنفيذ اقتراح المجلس التأديبي المتمثل في عزل الطاعن الذي لا يعدو أن يكون مجرد عمل تحضيري من دون انتظار موافقة الجناب الشريف على هذا الاقتراح، مما يجعل القرار المطعون فيه يشكل تجاوزا في استعمال السلطة  لعيب عدم الاختصاص وموجبا بالتالي للإلغاء.

قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 144 بتاريخ 28/03/2007 في الملف رقم 26/06/5

وحيث بذلك يكون قرار الوزير المبلغ للعارض موضوع قرار المجلس الأعلى للقضاء  خرق مبدأ توازي الأشكال وفيه اعتداء فاضح على اختصاصات المؤسسة الملكية لعدم صدور أي ظهير شريف في الموضوع يقررتنفيذ العقوبة لأن الشكل القانوني للموافقة يكون من خلال الظهير الشريف فقط دون غيره ولا يمكن أن تحل بتاتا أي ذكر للموافقة الملكية دون إثباتها وفق الطريق القانوني محلها الشيء الذي يكون معه قيام وزارة العدل بتنفيذ اقتراح المجلس الأعلى للقضاء المتمثل في إيقاف العارض ونقله وحرمانه من ترقيته والذي لا يعدو أن يكون مجرد عمل تحضيري من دون انتظار موافقة الجناب الشريف على هذا الاقتراح بظهير شريف، مما يجعل القرار المطعون فيه يشكل تجاوزا في استعمال السلطة  لعيب عدم الاختصاص وموجبا بالتالي للإلغاء.
 
 
 
- عدم اختصاص المجلس الأعلى للقضاء بالنظر في المتابعات التأديبية القضائية لعدم دستورية إحالة العارض  على المجلس الأعلى للقضاء:
  حيث استقر الفقه والقضاء على أنه رغم خلو التشريع من أي نص يخول المجالس التأديبية سلطة رقابة دستورية القوانين فإن من واجبها  التصدى لذلك إذا دفع أمامها بعدم دستورية قانون أو أى تشريع فرعى أدنى مرتبة يطلب أحد الخصوم تطبيقه فى الدعوى المطروحة عليها، سندها فى تقرير اختصاصها هذا إلى أنه يعتبر من صميم وظيفتها القضائية القائمة على تطبيق القانون فيما يعرض عليها من منازعات،  فإذا تعارض القانون المطلوب تطبيقه فى الدعوى مع الدستور وجب عليها أن تطبق حكمه وتغفل حكم القانون وذلك إعمالاً لمبدأ سيادة الدستور وسموه على التشريعات الأخرى.
وحيث إنه في نازلة الحال تكتسي رقابة دستورية قانون المتابعة التأديبية وسند انعقاد المحاكمة أهمية قصوى مستمدة من واجب صون دستور 2011  وحمايته من الخروج على أحكامه باعتباره القانون الأسمى الذي يرسى الأصول والقواعد التى يقوم عليها نظام الحكم،  وأن هذا الهدف لا يتحقق على الوجه الذى يعنيه المشرع الدستوري إلا إذا انبسطت رقابة محكمة النقض  على فحص مدى انسجام المقتضيات المنظمة للتأديب ( الباب الخامس من ظهير 11 نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء ) مع الضمانات المكرسة دستوريا في باب السلطة القضائية ولاسيما المادة 112.
   وحيث إن ما يجعل البت في الدفع أمرا ضروريا هو التراجع عن  الالتزام مؤسسة وزير العدل في شخص الوزير السابق النقيب محمد الناصري (رحمه الله)  القاضي الدستوري الذي أكد غير ما مرة على إيقاف المتابعات التأديبية للقضاة، حرصا على حقهم في الطعن، وبما ينسجم ومنطوق دستور 2011 .
   وحيث إنه وأمام هذا التراجع الخطير دونما مبرر وجيه، كان  لزاما على المجلس احتراما للدستور، أن يبت في هذا الدفع لتبيان السند المعتمد في تحريك المتابعات التأديبية حفاظا  على الأمن القانوني  للقضاة، وصونا لهم من أي شطط؛
وحيث إن أوجه عدم الدستورية تتجلي واضحة من كون ظهير 11 نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء في بابه الخامس المتعلق بالمسطرة التأديبية ( المادة 58 وما يليها ) المعتمدة في المحاكمة التأديبية في حق  القاضي الدكتور الهيني أضحت متعارضة من حيث الضمانات المخولة للقضاة مع مقتضيات الباب من الدستور.
   وحيث إن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع القانونية التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغاؤها ، فإذا ألغيت قاعدة قانونية وحلت محلها قاعدة قانونية جديدة فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها ؛ وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين القانونيتين ، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل أى من القانونين القديم أو الجديد تخضع لحكمه ، فما نشأ منها وترتبت آثاره فى ظل القانون القديم يظل خاضعاً له، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره فى ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده، وأنه بتطبيق هذه القواعد على واقعة الدعوى يتبين أن الدستور النافذ منذ يوليوز 2011 بمنحه القضاة الحق في الطعن، وتعليق ذلك على صدور القوانين التنظيمية المنظمة للسلطة القضائية يكون قد عطل مقتضيات الباب الخامس من ظهير نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء، وحال دون تطبيقها في الزمن لأن من شأن ذلك أن يسلب القضاة حقا دستوريا مرتبطا بضماناتهم الدستورية ، وهذا هو التوجه الذي دفع النقيب محمد الناصري وهو للإشارة رحمه الله عضو مبرز في المجلس الدستوري  يعلن إيقاف التأديب إلى حين إخراج القوانين التنظيمية المنظمة للسلطة القضائية إلى حيز التنفيذ .
  وحيث إن الأفعال المنسوبة للمؤازرجاءت في ظل دستور يوليوز 2011 الذي أكسبه حقا في الطعن لا يمكن لقانون أدنى ( ظهير 1974 ) أن يلغيه .
وحيث فضلا عما ذكر فقد استقر قضاء النقض على أن صيانة الحقوق المكتسبة من المبادئ العامة التي لا تسمح للسلطات الادارية بالتراجع في مقرراتها التي اتخذتها في نطاق القوانين والتنظيمات الجاري بها العمل، وقت صدورها وخولت المستفيد منها وضعية ادارية معينة،
 (القـــرار رقم 63 صادر في 2 مـارس 1979 ملف إداري عدد 60862).
    وحيث ولئن نص  الفصل 178 من الدستور على أنه في انتظار تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية يستمر المجلس الأعلى للقضاء في ممارسة صلاحياته  فإن ذلك لا يعني سوى استمرار هذا في ممارسة مهامه فيما لا يتعارض مع الدستور، و دون أن يؤدي ذلك إلى تطهير ما يخالفه من قوانين أو تحصينها من عدم الدستورية .
وحيث بالتأسيس على ما سبق يستتبع القول بكون المحاكمة التأديبية للقاضي الدكتور الهيني المستندة على نصوص ( المادة 58 وما يليها من قانون ظهير 11 نونبر 1974 بمثابة النظام الأساسي لرجال القضاء ) مخالفة للدستور ( لاسيما المادة 114 ) ؛ مما يتعين التصريح بإلغاء القرار المطعون فيه
.
هذا وتعتبر إحالة القاضي العارض على المجلس الأعلى للقضاء غير دستورية، على أساس أن دستور 2011 قد نص في الفصل 114  منه على  كون المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قابلة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام أعلى هيئة قضائية ادارية بالمملكة.
لأنه ولئن كان الفصل 178 من الدستور ينص على أن المجلس الأعلى للقضاء يستمر في ممارسة صلاحياته إلى أن يتم تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، فان اعتماد التأويل الديمقراطي والحقوقي للدستور فقد كان المأمول من مجلسكم الموقر تأخير البت في الملف إلى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية ضمانا للمساطر و مزايا التشكيلة الجديدة للمجلس المذكور.
و في نفس المنحى تنص المبادئ التوجيهية التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة 8 لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في هافانا من 27 أغسطس الى 7 أيلول سبتمر 1990 بخصوص  الاجراءات التأديبية.
كما يتعين أن تعالج الشكاوى التي تقدم ضدهم و تدعي أنهم تجاوزوا بوضوح نطاق المعايير المهنية، معالجة سريعة و منصفة و في اطار اجراءات ملائمة، ويكون لهم الحق في الحصول على محاكمة عادلة ، و يخضع القرار لمراجعة مستقلة.
و قد سبق للمجلس الاعلى للقضاء  في عهد وزير العدل السابق المرحوم  محمد الطيب الناصري، أن قرر تأخير البت في الملفات التأديبية الى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل ضمان حق القضاة في الطعن في مقرراته .
   للأسف، ففي الوقت الذي بح الجميع في المطالبة باحترام التزام سابق لمؤسسة وزير العدل، رغم أن العدل وقتذاك كان مجردا عن الحريات) على عهد المشمول برحمة الله النقيب الناصري بإيقاف المتابعات التأديبية انسجاما مع الوثيقة الدستورية، نفاجأ اليوم بمنحى تنقيبي/ تفتيشي يطارد الكلمة والصورة ويهب صاحبها قربانا للتأديب بمتابعات مطاطة تستفيد من فراغ مهول في الأسانيد القانونية، والتمظهرات الواقعية لواجب الوقار والكرامة.
  لقد بات القضاة  يخافون من أن التحول  جميعا إلى وليمة لواجب الوقار والكرامة، مثلما باتوا يخشون أن تكون الوليمة مطبوخة على نار الانتقام؛ إذ لم يسبق أن عرف القضاء المغربي إحالات على خلفية الأفكار والمعتقدات كما هو الحال اليوم .
وحيث اعتبارا لذلك يكون بت المجلس في المتابعة التأديبية غير مقبول لمخالفته الدستور وضمانات الوضعية الفردية للقضاة ومآل القرار موضوع الطعن الإلغاء
 
- ببطلان المتابعة لصدورها عن جهة غير مختصة وهو الوزير في غيبة أعضاء المجلس المعينون بقوة القانون:
  وحيث  إن الجهة المختصة بمتابعة القضاة تأديبيا طبقا للمادة 61  من النظام الأساسي لرجال القضاء هي لجنة المتابعة المكونة من الأعضاء المعنيين بقوة القانون والتي تمثل المجلس الأعلى للقضاء برئاسة نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء وزير العدل ، بحيث لا يملك وزير العدل تسطير المتابعة لوحده، مما يجعل المتابعة الحالية باطلة .
وهكذا نصت المادة 61  من النظام الأساسي للقضاة على ما يلي :

»
ينهى وزير العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء الأفعال المنسوبـة للقاضي، ويعين بعد استشارة الأعضاء المعينين بقوة القانون مقررا يجب أن تكون درجته أعلى من درجـة القاضي المتابع.
 يحق لهذا الأخير الإطلاع على الملف وعلى جميع مستندات البحث باستثناء نظرية المقرر.
 يشعر القاضي علاوة على ذلك قبل ثمانية أيام على الأقل بتاريخ اجتماع المجلس الأعلى للقضاء للنظر فـي قضيته.
 يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يأمر بإجراء بحث تكميـلي قبـل البت في القضية.
 يمكن للقاضي المحال على المجلس الأعلى للقضاء أن يؤازر بأحد زملائه أو أحد المحامين، ويحـق للمساعد المعين الإطلاع على المستندات كما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية.
 يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يوقف النظر عند وجود متابعـة جنائية إلى أن يقع البت فيها بصفة غير قابلة للطعن" ونصت المادة 60 من نفس القانون على أنهتصدر العقوبات بعـد استشارة المجلس الأعلى للقضاء بقرار لوزير العدل بالنسبة لعقوبات الدرجة الأولى وبظهير بالنسبة لعقوبات الدرجة الثانية "

- الجهة المختصة بمتابعة القضاة تأديبيا:
أول ما ينبغي ملاحظته أن رجال القانون ، وحتى بعض القضاة ، يعتقدون أن وزير العدل هو الذي يقرر إحالة القضاة إلى المجلس الأعلى للقضاء ومتابعتهم تأديبيا ، وسبب ذلك يعود إلى قراءة ظاهرية للفقرة الأولى من المادة 61 من النظام الأساسي لرجال القضاء .لكن بقراءة تحليلية للمادة المذكورة يتضح أن متابعة القضاة تأديبيا تمر عبر مراحل ثلاث:
المرحلة الأولى:
 ينهي وزير العدل إلى علم المجلس الأعلى للقضاة الأفعال المنسوبة إلى القاضي و المستخلصة من البحث الذي تجريه المتفشية العامة التابعة لوزارة العدل ،وبما أن المجلس الأعلى للقضاء لا يكون منعقدا بصورة دائمة ، إذ يعقد دورتين في السنة ، فإن الأعضاء المعينين بقوة القانون وهم: الرئيس الأول لمحكمة النقض ، والوكيل العام للملك لديها ، ورئيس الغرفة الأولى ، يشكلون بقوة القانون لجنة دائمة برئاسة وزير العدل تمثل المجلس المذكور.
 المرحلة الثانية :
 تقوم اللجنة المذكورة - بهذه الصفة - بدراسة الأفعال المنسوبة للقاضي من خلال ما يحيله عليها وزير العدل من أبحاث وتقارير فتقرر :
إما حفظ ملف القضية إذا تبين لها عدم جدية الشكوى المقدمة ضد القاضي أو أن الفعل لا يشكل مخالفة تأديبية ، أو عدم وجود وسائل مادية تنبث هذه الأفعال في حق القاضي، أو أن الفعل المنسوب إليه يشكل جريمة ولم يصدر بعد قرار بمتابعته جنائيا .
و إما متابعة القاضي بالأفعال المنسوبة إليه ، وإحالته إلى المجلس الأعلى للقضاء لينظر في قضيته .
 
المرحلة الثالثة:
 وفي هذه الحالة أي بعد تقرير متابعة القاضي، يقوم وزير العدل بـ :
  • تعيين مقرر تكون درجته أعلى من درجة القاضي المتابع . يقوم بإجراء بحث بخصوص الأفعال المنسوبة إليه .
  • إشعار القاضي بإحالته للمحاكمة التأديبية ، وتعريفيه باسم وصفة القاضي المقرر في قضيته .
  • توقيف القاضي عن مزاولة مهامه إذا توبع جنائيا أو ارتكب خطأ خطيرا.
    وإذا كنا قد أنكرنا على وزير العدل الحق في متابعة القاضي تأديبيا، فإن سندنا في ذلك يعود إلى أن المادة 61  من النظام الأساسي للقضاة حصرت مهمة وزير العدل في إخبار المجلس الأعلى للقضاء بالأفعال المنسوبة إلى القاضي، وإذا كانت المادة المذكورة قد أعطت لوزير العدل حق تعيين المقرر " الذي يعتبر مفتاح المتابعة التأديبية " فإنها علقت صلاحية الوزير على استشارة أعضاء المجلس المعينين بقوة القانون، وهذه الاستشارة لا تنصب على تعيين المقرر ، وإنما تنصب على الأفعال المنسوبة إلى القاضي و التي يرفعها وزير العدل إلى المجلس ، والاستشارة هنا كمصطلح قانوني لا تعني مجرد إبداء وجهة النظر وإنما تعني النظر و التداول ، وحتى التصويت إن اقتضى الأمر ذلك ، وبصورة أوضح فإنها تعني : دراسة الأفعال المنسوبة للقاضي من قبل اللجنة المكونة من الأعضاء الدائمين بالمجلس واتخاذ قرار بشأنها. وبهذا المعنى وردت عبارة "بعد الاستشارة "في عدد من نصوص النظام الأساسي لرجال لقضاء منها :

- المادة 60  التي تنص على أنه: « تصدر العقوبات بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء بقرار لوزير العدل بالنسبة لعقوبات الدرجة الأولى .
المادة 63 -الفقرة الثالثة- التي تنص على أنه: « يمكن أن تصدر ضد المعني بالأمر .............عقوبة العزل ....... بظهير بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء». و لا أحد يجادل في أن المقصود من إستشارة المجلس الأعلى للقضاء هو تداول المجلس المجلس المذكور في المسألة.
   وبذلك يمكن القول أن الجهة المختصة بمتابعة القضاة تأديبيا طبقا للمادة61 من النظام الأساسي لرجال القضاء هي لجنة المتابعة المكونة من الأعضاء المعنيين بقوة القانون والتي تمثل المجلس الأعلى للقضاء برئاسة وزير العدل طبعا وليس وزير العدل وحده لعدم إقامة الوزير الدليل على الاستشارة بما يثبتها قانونا ،لأن المشرع قدر أهمية وقيمة الرأي والمقومات الفنية التي تملكها الهيئة المعنية، بحيث يكون من شأن إغفاله تفويت الغاية التشريعية التي من أجلها ألزم المشرع استشارتها أو أخذ رأيها.
وهكذا اعتبرت محكمة النقض  في قرار لها بتاريخ 25 مايو 1979 " أن القانون يوجب على الهيئة الإدارية أن لا تتخذ العقوبة الإدارية، إلا بعد أن يستشير رئيس المصلحة لمديرية التجارة الداخلية التابعة لوزارة التجارة، أو عند الاقتضاء رئيس المصلحة الخارجية ، وتضاف نسخة من هذه الاستشارة إلى الملف يعتبر المقرر الذي اتخذ بدون استيفاء الإجراء الذكور مشوبا بالشطط في استعمال السلطة ويتعين إلغاؤه.[1]"
ولا يكفي لصحة قرار العقوبة استيفاء الإدارة لاستطلاع رأي لجنة مشورة،حسبما ألزمها المشرع بذلك، بل يجب لتقرير مشروعية القرار الصادر بتلك العقوبة، صحة تشكيل تلك اللجنة من الأعضاء المنصوص عليهم قانونا، مع ضرورة صحة انعقادها من حيث نصاب الأعضاء، ومكان الانعقاد، وبرئاسة الشخص الذي حدده القانون بصفته.[2]
ويؤدي التغاضي عن طلب الاستشارة إلى بطلان القرار، لكون ذلك يؤدي إلى تفويت المصلحة التي عنى المشرع بتحقيقها،" مما يكون معه القرار موضوع الطعن حليفه الإلغاء .
 
-عدم اختصاص المجلس للنظر في الوقائع موضوع المتابعة والاعتداء على اختصاص مطلق للقضاء في الموضوع، لأن السب والقذف مجاله القانون الجنائي وليس القانون التأديبي :
  حيث نص الفصل 58 من النظام الأساسي للقضاة على أنه " يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو بالوقار أو الكرامة خطأ من شأنه أن يكون محل متابعة تأديبية".
   وحيث إن الخطأ المهني القضائي هو الخطأ الذي يقع من القاضي أثناء ممارسة عمله أو بمناسبته،وبهذا التعريف يخرج عن  ماهية الخطأ المهني التصرفات والالتزامات والعقود الصادرة عن القاضي في المجال الأسري  والعقاري  والمدني  كالبيع والشراء والكراء  والرهن ونحوه ،لأنه يبرمها بصفته كمواطن له نفس الحقوق وعليه من الالتزامات،وهكذا فإن وقوع خلاف أو منازعة قانوينة أو قضائية بشأنها يخول للطرف المتضرر اللجوء للقضاء ،ولا يمكنه التشكي أمام المجلس الأعلى للقضاء لأنه مجلس تأديبي مهني يحاكم تصرفات مهنية وليس محكمة ،ومن ثم لا يملك الفصل في المنازعات القانونية والقضائية المثارة سواء بين القضاة أنفسهم أو بينهم وبين غيرهم من المواطنين،لأن تخويله النظر في مثل هذه القضايا فيه مصادرة لاختصاص القضاء الأصيل والطبيعي للفصل فيها ،لان اختصاص القضاء متصل بالنظام العام ،وهو اختصاص مطلق لا يمكن أن تشاركه فيه أي جهة إدارية آخرى تحت طائلة اعتبار البت فيه قرار إداري مشوب بالشطط في استعمال السلطة لخرق قواعد الاختصاص ؛ على أن هذه القاعدة البديهية يحدها قيدين استثنائيين مهمين أولاهما أن ارتكاب أفعال أو تصرفات غير أخلاقية ولو كانت خارج ممارسة المهنة تندرج في إطار الخطأ التأديبي ما لم يشكل الأمر جرما جنائيا ،نفس الأمر ينطبق على الجرائم القصدية المرتكبة من طرف القاضي التي تعد في جميع الأحوال خطأ تأديبيا ،وهنا يتعين إيقاف البت في المتابعة التأديبية إلى حين الانتهاء المسطرة الزجرية تحت طائلة عدم المشروعية.
كما أن إبداء القاضي لرأي معين بمناسبة مقال أو ندوة معينة لا يمكن أن يعتبر مساسا بالوقار أو الكرامة ،لأن هذا المفهوم يتعلق بالمظهر اللائق أو السلوك المشين الماس بسمعة القضاء أو بأدبياته ورسالته،فالرأي المندرج ضمن حرية التعبير المكرسة دستوريا يمكن أن يقع تحت طائلة مخالفة واجب التحفظ في حالتي إبداء الآراء السياسية أو النقابية والخروج عن مقتضيات التجرد بمناسبة قضية رائجة.
وفي هذا الإطار ينص  الفصل 25 من الدستور على أن  حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكاله حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة".فالإبداع هو إنتاج الخيال ،وتستعمل فيه الدلالة الرمزية والتصويرية، ولا يمكن قراءته بالقانون الجنائي ولا القانون التأديبي ، إذ الأدب هو موضوع اللذة والقراءة النقدية ، وهو خيال حر وجمال لا يحاكم عليه الأديب .
 وحيث إن  حرية النقد صورة من صور حرية الرأي والتعبير ، تتيح للإفراد بطريقة غير مباشرة المشاركة في الحياة العامة والإسهام في مواجهة المشكلات وإدارة شؤون الوطن .
 وهكذا جاء في قرار صادر عن محكمة النقض :
"القذف لا يتحقق الا بنسبة واقعة معينة مشينة الى الشخص المقذوف على سبيل التأكيد, أما مجرد انتقاد شخص دون توجيه اتهام له بما يشينه وذلك بالتساؤل عن طبيعة التسيير المالي للنادي محل النزاع فلا يعتبر قذفا حتى لو تضمن اسمه, اذ هو مجرد ممارسة لحرية التعبير''.
 قرار محكمة النقض عدد 1643/10 صادر بتاريخ 25 نونبر 2009"

كما جاء في قرار قيم للمحكمة الدستورية المصرية ما مؤداه أن "الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو المكلفين بالخدمة العامة باعتبار أن هذه الأعمال من الشؤون العامة التي لا يجوز أن يكون الاهتمام بالاستقامة في أدائها والالتزام بضوابطها ومتطلبتها وفقا للقانون مقصورا على فئة من المواطنين دون أخرى، بما مؤداه أن يكون انتقاد جوانبها السلبية وتعرية نواحي التقصير فيها وبيان أوجه مخالفة القانون في مجال ممارستها، حقا لكل مواطن وفاء بالمصلحة العامة التي يقتضيها النهوض بالمرافق العامة وأداء المسئولية العامة على الوجه الأكمل، ولأن الوظيفة العامة وما يتصل بها من الشئون العامة لا تعدو أن تكون تكليفا للقائمين عليها. والتزامهم الأصلي في شأنها مقصور على النهوض بتبعاتها بما لا مخالفة فيه للقانون .
وهكذا فإن نقد الأشخاص المكلفون بمهام إدارة عمومية أو مرفق إداري بشأن أعمالهم لا يقع تحت طائلة التأثيم طبقا لما استقر عليه القضاء المقارن بكون من لا تتسع نفسيته للنقد أن يلزم بيته وألا يقبل بأن يكون مسؤولا، وما  خلص إليه قرار شهير لمحكمة النقض الفرنسية بأنه ﻻ يمكن لمن يتولى المناصب و المسؤولية في تسير الشأن العام أن يحصن سياساته من النقد حتى لو تضمن عبارات تقدح في كفاءته و قدرته على حسن اﻻدارة.
ومن المهم الإشارة في الأخير أن التأديب ليس ملكية خاصة لجهة المتابعة تستعمله متى تشاء وبدون ضوابط قانونية وإنما نظام قانوني يستهدف تخليق الممارسة القضائية بهدف حماية حقوق وحريات المتقاضين وصيانة قواعد سير العدالة. لكن يبدو أن الانقلاب على مسلسل إصلاح منظومة العدالة قد تطور ، ما دام أن وزارة العدل قد جعلت رؤوس القضاة المحركين لدينامية هذا الإصلاح هدفا للمتابعات التأديبية والاستدعاءات الترهيبية من طرف المفتشية العامة التابعة لها،وهكذا أصبح التأديب مدخلا للتأثير على استقلالية القضاء كمؤسسة والقضاة كأفراد لكبح جماح الجرأة والشجاعة الأدبية للقاضي وجعله آلية صماء لقضاء التعليمات.
وحيث تبعا لذلك يكون القرار الإداري الصادر عن المجلس الأعلى حليفه الإلغاء
 
 
الوسيلة الثانية :عيب الشكل
وحيث من المقرر في فقه القانون الإداري أن القرار الإداري يجب أن يصدر في إطار الاختصاص المحدد قانونا للإدارة، ووفقا للإجراءات التي حددها المشرع، وعلى الشكل المرسوم له قانونا.
ويعرف عيب الشكل بعدم احترام القواعد الإجرائية أو الشكليات المحددة لإصدار القرارات الإدارية في القوانين والنصوص التنظيمية، وهكذا فإن صدور القرارات الإدارية دون التزام الهيئة الادارية المختصة بالشكليات القانونية المقررة قانونا أو دون اتباع الإجراءات المقررة قانونا أو مخالفة لها، فإنه يصيبها عيب الشكل، وتجعلها قابلة للإلغاء لعدم المشروعية.
وقواعد الشكل ليست إجراءات ثانوية أو اختيارية أو مجرد طقوس وأوضاع شكلية خاضعة لرغبات الإدارة ومشيئتها، وإنما إجراءات جوهرية مرتبطة بضمانات حماية حقوق الأفراد والجماعات يترتب عنها البطلان.
  1. عدم احترام قاعدة علنية المحاكمة التأديبية :
    توفرعلانية المحاكمة للإعلام خصوصا والجمهور عموما فرصة لمعرفة كيفية تطبيق القانون من قبل السلطة القضائية، إذ الأصل هو علانية المحاكمة ، فقد جاء في الفقرة (1) من المادة 11 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948" كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى ان يثبت ارتكابه لها قانونا، في محاكمة علنية تكون قد توفرت فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عنه"، وجاء في الفقرة (1) من المادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، "الناس سواسية امام القضاء، ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجة اليه او في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، ان تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة وحيادية".
  وبناء على ما تقدم فان الأصل في المحاكمات هو العلنية وان الاستثناء هو جعلها سرية، أي عدم السماح للجمهور بحضورها؛ وقد جاء في الفقرة (1) من المادة (14) من العهد الدولي الخاص المذكور اعلاه ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمات كلها أو بعضها لدواعي الاداب العامة أو النظام العام أوالامن القومي في مجتمع ديمقراطي او لمقتضيات حرمة الحياة، او في ادنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية؛ وبالتالي فإن تغطية وسائل الإعلام للمحاكمة، بغض النظر عن نوعيتها، سواء أكانت مكتوبة أم مسموعة أم مرئية ينسجم ومبدأ علنية المحاكمة التي تشكل إحدى ضمانات المحاكمة العادلة اعتبارا لكونها سلطة رابعة ، على الا يؤدّي تواجدها داخل قاعات المحاكم إلى التشويش على سير إجراءاتها .
وإليكم نظرة القانون المقارن عن الموضوع:
    فاذا كان النظام الأساسي للقضاة لم يتناول موضوع علنية المحاكمة التأديبية العادلة بشكل مطلق كما سبق ذكره، فان القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للقضاء بفرنسا الصادر بتاريخ 22 دجنبر 1958 كان في بداية الأمر ينص في فصله 57 على أن اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء تكون سرية، وترجمة لهذا الفصل فقد أصدر المجلس المذكور بتاريخ 7-2-1981 و هو ينظر في طلب جعل جلسات المجلس التأديبي علنية مقررا جاء في تعليلاته "ان المجلس قرر رفض الطلب بعلة ان الفصل 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان لا تطبق أمام المجالس التأديبية ، كما أن الفصل 57 من القانون 22 دجنبر 1958 المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة كان ينص على جلسات المجلس الأعلى للقضاء تكون سرية.
و انطلاقا من هذا المقرر يبدو أن المجلس الأعلى للقضاء في فرنسا كان يميز بين قواعد المحاكمة التأديبية وبين قواعد المحاكمات الزجرية و المدنية و الادارية بشكل عام، واعتبر أن الفصل السادس من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان لا ينطبق على المحاكمات التأديبية وبالتالي فانه لم ينتصر لعلنية المحاكمة التأديبية الخاصة بالقضاء .
ونظرا للانتقادات التي تعرض لها هذا التوجه من طرف بعض الفقه فقد عمد المشرع الفرنسي بتاريخ 25 يونيو 2001 الى تعديل الفصل 57 من قانون 22 دجنبر 1958 بمقتضى الفصل 19 منه والذي جاء فيه : أن جلسات المجلس التأديبي تكون علنية ، غير أنه كلما كان حماية الأمن العام أو الحياة الخاصة ، أو نظرا لوجود ظروف خاصة من شأنها أن تشكل تهديدا على العدالة ، فانه يمكن منع الولوج الى قاعة الاجتماعات خلال مدة الجلسة كلها أو جزء منها "و أن مداولات المجلس التأديبية تكون سرية ، مع ضرورة اصدار القرار الذي يجب ان يكون معللا بشكل علني.
   وبعد استعراض التصورات المفصلية للمشرع الفرنسي لقواعد المحاكمة التأديبية العادلة وخاصة ما يتعلق بعلنية جلسات المجلس الأعلى للقضاء ، يمكننا استنتاج نفس المبدأ من خلال ما تناوله النظام الداخلي للمجلس الأعلى للقضاء بالمغرب -بغض النظر عن الخوض في قيمته الدستورية و الأسئلة التي طرحها من طرف بعض الحقوقيين و فقهاء القانون الدستوري – والذي نص في المادة 9 منه على أنه يمكن لنائب رئيس المجلس أن يستعين بالكاتب العام للوزارة الذي يحضر اجتماعات المجلس دون أن يشارك في المناقشات والتصويت ، ذلك أن السماح للكاتب العام للوزارة بالحضور لاجتماعات المجلس دون المشاركة في المناقشات و التصويت لا يعتبر هو الاخر دليلا على سرية الاجتماعات و لا يمكن ان يستشف منه المنع بالنسبة لغيره .
لهذا يبقى في نظرنا مبدأ علنية مناقشات المجلس الأعلى للقضاء يعد أهم مقومات المحاكمة التأديبية العادلة خصوصا في الحالة التي يتمسك فيها القاضي المتابع بذلك، وهي الإمكانية التي يمكن تصورها بالسماح لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها بالحضور ومتابعة كل أطوارها، لأنها تشكل لا محالة ضمانة إضافية تعكس الشفافية و الرقابة المجتمعية على المحاكمات التأديبية للقضاة ، وما يدعم هذا التوجه أيضا ما انتهت اليه توصيات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة بنشر المقررات التأديبية ، وعدم وجود أي مقتضى قانوني يفرض السرية على اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء، سيرا على التوجه الذي اعتمدته أفضل التجارب الدولية في العديد من الدول الأوروبية .
وحيث إن رفض المجلس الأعلى للقضاء الدفع بخرق العلنية  ضدا على الدستور يجعل المحاكمة سرية وتفتقد لأبسط الضمانات القانونية ،مما يبعث الشك والريبة على أدائها والضمانات المرتبطة بها ويؤدي بها إلى البطلان والإلغاء.
 
  1. الدفع بعدم قانونية تشكيل الهيئة
تعني القواعد المتعلقة بتشكيل الهيئة الإدارية ، قواعد صحة اجتماعها وتشكيلها عند إصدار القرار الإداري أو المداولة فيه، بحيث يجب أن تكون الهيئة مختصة، ولا يصح تغيير عضو بآخر.
 وحيث إن  المنتدب للقيام بمهام أمين سر المجلس لم يحصل على ظهير التعيين بعد من طرف جلالة الملك باعتباره رئيس السلطة القضائية.
3-خرق سرية المداولات
وحيث إن رئيس الجلسة التأديبية وزير العدل  والحريات بصفته نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء ارتكب مخالفات كبرى وخطيرة في تسيير الجلسة بحيث كان يجيب مباشرة الدفاع على الدفوع دون التداول بشأنها مع أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وكان يستفرد باتخاذ القرارات دون اعتبار لحرمة المجلس  وللأمانة الموضوعة على عاتقه بصفته ينوب عن أعلى سلطة في البلاد الملك باعتباره رئيس السلطة القضائية مما جعل هيئة الدفاع تسجل خرق سرية المداولات .
وحيث إن ما يثبت ذلك هو تصريح وزير العدل  والحريات لمختلف وسائل الإعلام بأنه إذا لم يعتذر القاضي المتابع فإنه  سيلتزم الحياد وصرح بعد الإدانة وصدور المقرر التأديبي بأنه فعلا التزم الحياد لعدم تقديم الاعتذار وأن أعضاء المجلس من بثوا في القضية دونه-المرفق -  .
  1. عدم إيقاف البت في المتابعة إلى حين النظر في شكاية العارض للارتباط والضم :
  وحيث تقدم القاضي المتابع الهيني بشكاية  لجهة المتابعة ترمي إلى متابعة القاضي مدير الشؤون المدنية محمد نميري من أجل الإخلال بالوقار والكرامة التي يتعين أن يتقيد بها القاضي في جميع الأحوال.
  وحيث  تبعا لمتابعته من طرف وزير العدل من أجل ما سمي بـ "الإخلال بالوقار والكرامة" التي يتعين أن يتقيد بها القاضي في جميع الأحوال بسبب نشره خاطرة أدبية حول "مواصفات مدير الشؤون المدنية المنتظر، لانريد أسدا ولا نمرا"، والمندرجة في إطار حرية التعبير المضمونة دستوريا، والغير الموجهة لأي شخص إطلاقا ،والمتضمنة للعديد من المواصفات القيمة والمأمولة التي يجب توفرها في المدير المنتظر تعيينه في إطار مبادئ الشفافية والحكامة طبقا للفصل 154 وما يليه من الدستور، وبالنظر لما ورد في محضر الاستماع إلي من طرف  السيد المقرر والمؤرخ في 24-4-2014 من التماس العارض بمتابعة المعني المذكور حول ما فاه به في حقيه؛ والتي جاء فيها "أن الأستاذ محمد الهيني تركبه نية الاستقواء ببعض المغرضين والحاقدين بسوء نية وسبق إصرار ونفت السموم والترويج للترهات".
 وحيث إن العبارات الواردة بالشكاية والموجهة بحق العارض أساءت له بصفة مباشرة ولشخصه ولوقاره وكرامه، كما أساءت لوقار وكرامة زملائه المقصودين بالشكاية ،وشكلت طعنا في القيم والأخلاق القضائية للقضاة جميعا، فكيف يستساغ أن يوجه قاض ومدير إدارة مركزية بوزارة مسؤولة عن العدل والحريات بالمغرب لزميله وسائر زملائه القضاة بعبارات وألفاظ نابية - مثل -الحقد ؛ومعلوم أن الأحقاد نزغ من عمل الشيطان لا يستجيب له إلا من خفت أحلامهم وطاشت عقوله ، وهو مصدر للعديد من الرذائل مثل الحسد والافتراء والبهتان والغيبة، كما أن الحقد يغضب الرب عز وجل ويؤدي بصاحبه إلى الخسران المبين في الدنيا والآخرة ، و يوصف الحاقد بساقط الهمة ، ضعيف النفس ، واهن العزم ، كليل اليد .
- والمغرض هو من ينشر الأفكار والأطروحات ووجهات النظر بشكل كاذب وملفق عمدا وبسوء نية من أجل التأثير على السلوك الإنساني والدفع به إلى تقبل فلسفة ما أو معاداتها ؛
- ونفت السموم "كناية للأفعى" التي تنفت  وحدها السموم،وليس غيرها من بني البشر؛
- والترهات هي الأباطيل والهذيان والثرثرة والكلام الفارغ  بل الخرافة  واللغو والكلام الجاهل الذي لا يصدر إلا عن غير عاقل وأحمق في غير أتمه ؛
   فتكون بذلك العبارات المذكورة "مستعارة" من قاموس الألفاظ البديئة الجارحة والمخلة بالآداب والأخلاق العامة؛ التي لا يستعملها عامة الناس ولا خاصتهم، والتي لا يمكن أن تصدر عن شخص واع ومثقف بالأحرى قاض ومسؤول عن نفسه وعن غيره وعن مرفق إداري ، ومؤتمن على حقوق ومصالح المرافق العدلية والمهن القانونية والقضائية، وعلى حسن سلامة المساطر التشريعية والتنظيمية التي تعتمد مبادئ الأخلاق وحسن النية والحكامة والمسؤولية والمحاسبة. 
وحيث إن وصفه، ووصف زملائه القضاة والمستشارين ومنهم من مارس بمحكمة النقض  ـ المشهود لهم بالكفاءة والخبرة تنظيرا وممارسة وقضاء وإدارة ، وتربية وأخلاق ومواطنة  من طرف القاضي المدير ـ  بالشخص الحاقد والمغرض "والأفعى" النافتة للسموم،و اعتبار مضمن خاطرته صادر عن جهل وحمق "ترهات،ووفق مخطط وترصد وسبق إصرار،كمشروع كبير حشد له ما حشد من وجهة نظره،وكأنه ليس لهم ما يعملونه إلا هو  ، تنطبق عليه مقتضيات وأحكام السب والشتم والقدف،وتعد بمثابة تحقير في شخصه ونزاهته، رغم أنه وبشهادة جميع القضاة والرأي العام شخص وقور وفقيه  ودكتور وقاض محنك مجدد للقضاء الإداري سطر معالم قضاء إداري مواطن بجرأة وعلم متميزين نالت استحسان وتأييد  فقه القضاء الإداري والمنظمات الحكومية والجمعيات والهيآت الحقوقية الوطنية والدولية .
والتمس من الوزير ومن منطلق مسؤوليته في نيابته عن رئيس المجلس، واعتبارا لما ذكر وبالنظر لخطورة العبارات والأوصاف  والإشارات والإيحاءات البديئة والحقيرة  والمشينة المستعملة في شكاية السيد محمد نميري وتأثيرها على إسمه لأن الشكاية إسمية وكذا سمعته المعنوية، و سمعة زملائه القضاة ،وبالنظر لمسها بالأخلاق القضائية للقضاة جميعا التي تفرض خطاب اللياقة ومنتهى الأدب الجم في مخاطبة الزملاء خصوصا والمواطنين عموما كان من المتعين وسبقى من اللازم متابعته طبقا لمبدأ الحياد والمساواة أمام القانون حتى لا يصير المشتكي قاضيا محميا لا تنتهك حرمته .
   وحيث إن إيقاف سير المتابعة التأديبية إلى حين إفادة سلطة الإحالة على التأديب بمآل الشكاية التي تقدم بها العارض والتي نعى فيها على المشتكي عنفه اللفظي، وإهانته لبعض الزملاء، بما يجعله في مفهوم الشكاية داخلا في خانة الماس بالوقار والكرامة.
   ويستمد الطلب وجاهته من كون الفصل في دعوى د الهيني وثيقة الصلة بالبت في شكايته؛ إذ ثمة ارتباط عضوي قائم على وحدة مضمون التأديب وهو اللغة/الكلام، فإذا كانت خاطرة الهيني قد اعتبرت على لفظها العام، وعدم تكلمها عن اسم معين، والتزامها بحد أدنى من عبارات النقد الذي قيده الدكتور عند استهلال رسالته بالرغبة في النصح لغاية الإصلاح، ومع ذلك اعتبر خارقا للوقار، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه بحدة أخلاقية لا يمكن القفز عليها هو ما إذا كان يُتصور ممن حرك المتابعة، وهو يزن بميزان العدل، ويسوس بقسطاس الحياد، أن يُسقط منهجه في قراءة الخاطرة تأديبيا على شكاية الدكتور؟
إن الجواب عن هذا السؤال/الاشكال هو ما يمنح طلب إيقاف البت وجاهته المنطقية، إذ اللالتزام به هو أكبر مؤشر على حياد سلطة الإحالة من جهة، و على انسجام منطق التأديب من جهة أخرى.
  وإذا كنا نتمنى أن يكون الحفظ مآل الشكاية التي بنيت عليها متابعة الدكتور والتي شكلت في نفس الوقت موضوعا لشكايته المضادة، لأن من شأن ذلك أن يفيد في القول ببراءة الدكتور الهيني من المنسوب إليه، مادام الحفظ لن يخرج تعليله عن كون عبارتها لا تخل بوقار أو كرامة، وهذا المنطق في التفسير والمنهج في التأويل ما كنا نرجو أن يسود مجلس التأديب عند نظره في هذه القضية، والذي لا يمكن حدوثه دون الوقوع في التناقض ،حتى لا نقول الانحياز، إذ عدم الإلتفات لهذا الطلب تحت أي مبرر من المبررات، من شأن القفز عليه أن يبعث على الشعور بغبن اللامساواة قرين الظلم، مادام أنه حتى المساواة في الظلم أحيانا عدل.
 وحيث إنه إذا كان جواب السيد وزير العدل عن موجة السخط العارمة التي اجتاحت المشهد القضائي والحقوقي عقب إنزال عقوبة TNT ( توقيف، نقل، تجميد الترقية ) بالقاضي الهيني، من أنه التزم الحياد بعدما كان ينوي ارتداء جبة المحامي دفاعا عنه، يصلح للتسويق الإعلامي الآني، إلا أنه لا يمكن أن ينطلي على دارس قانون مبتدئ لا زال يتهجى قواعد مدخل دراساته  والذي لن يستوعب كيف أن إحدى الخصائص الأساسية للقاعدة القانونية : من قبيل العمومية والتجريد والمساواة لم تنتج نفس المفعول عند التطبيق على الشكاية التي تقدم بها د الهيني في مواجهة مدير الشؤون المدنية.
فلقد أكره د الهيني في سياق الدفاع عن نفسه، واختبار حيادية جهة المتابعة، أن يشتكي السيد مدير الشؤون المدنية  محمد نميري بعدما اطلع على شكاية هذا الأخير التي حركت على أساسها المتابعة، ناعيا فيها على هذا الأخير عنفه اللفظي، وإهانته لبعض الزملاء
و لما كان الطالب لم يتوصل بما يفيد مآل شكايته رغم توجيهه تذكيرا بهذا الخصوص بقي بدون جواب فقد كان  من حقه طلب إيقاف سير المتابعة التأديبية إلى حين توصله بالجواب؛إلا أنه رغم الشكاية، ورغم التذكير ورغم الإلحاح على إيقاف البت إلا أن إرادة الإدانة كانت أقوى من أي دفع، ولغاية كتابة هذه السطور، لا أحد يعلم أي تابوت حنطت فيه شكاية الهيني، وهناك من يتحدث عن الحياد ومبدأ المساواة أمام القانون المكرس دستوريا .
ماذا نسمى هذا؟ لن نمل من تكرار السؤال طالما ما قدم من أجوبة لحد الآن هو والعدم سواء.
وحيث إن عدم تحريك الوزير للمتابعة التأديبية يعد خرقا لواجب الحياد والعدالة، مما  كان يحتم على المجلس إيقاف البت في المتابعة إلى حين البت في شكايته ولما لم يفعل فقد خرق واجب الحياد ومس بأركان العدالة ووصم قراره بالتحيز الموجب لإلغاء قرار إدانته لعدم قيامه على أي أساس.
 
 
  1. عدم إيقاف البت في المتابعة إلى حين البت في ملف محضر 20 يوليوز في مرحلة الاستئناف لما يشكله ذلك من تأثير على استقلال القضاء:
وحيث إن الهيئة التي يترأسها الدكتور الهيني ومقررها هي التي بتت في ما يعرف بملفات محضر 20 يوليوز والتي صدر فيها أحكام وصلت لأكثر من 1800 حكم قضت جميعها بالحكم على الدولة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمعطلين .
وحيث إن وزير العدل صرح بمجرد صدور هذه الأحكام كما هو ثابت بشكل لا جدال فيها أن التوظيف المباشر هو عين الفساد""موقع هسبريس- محمد بن الطيب- الثلاثاء 28 ماي 2013 - 13:57-أكد مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، "أن التوظيف المباشر هو عين الفساد"، في رد مباشر على على قرار المحكمة الإدارية بالرباط والقاضي بشرعية محضر 20 يوليوز، ومطالبة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بتنفيذه".،ولم يكتف بذلك بل اعتبر القاضي الدكتور الهيني يقوم ببطولات وهمية كررها ضمنيا على مسامع القضاة الملحقين الفوج الأخير في حفل التنصيب  بتاريخ 20/2/2014 والمسجلة على الموقع الإلكتروني للوزارة حينما قال في حفل قضائي في كلمة تخلو من لباقة الحدث ""وأكد عليها في جوابه على سؤال شفوي بمجلس المستشارين(رفقته محضر مفوض قضائي مثبت لذلك  .
وحيث إن المتابعة الحالية  كان هدفها فقط استهداف القاضي المتابع والتأثير على استقلاليته من خلال بوابة المتابعات التأديبية المغلفة تحت ستار القانون ،وبصفة أساسية أيضا ترهيب وتخويف قضاة الاستئناف المعروضة عليهم قضايا المعطلين ،مما كان يوجب إيقاف المتابعة التأديبية إلى حين البت في استئناف هذه القضايا،ولما لم يفعل المجلس فقد أثر بقراره على استقلالية القضاء وجعل القرار موضوع الطعن مفتقد للأساس القانوني وواجب الإلغاء.
 
 
 
الوسيلة الثالثة:عيب السبب
حيث استقر الفقه والقضاء الاداريين على تعريف سبب القرار الاداري بأنه مجموعة العناصر الموضوعية القانونية والواقعية التي تشكل أساس وقائع القرار الاداري  وتقود رجل الادارة الى اتخاذ قراره على نحو معين، ومن ثمة فالمفروض في كل قرار اداري أن يستند في الواقع الى الدواعي التي أدت لاصداره والا كان القرار باطلا لفقدانه ركنا اساسيا هو سبب وجوده ومبرر اصداره ، فاذا ما انعدم الأساس الذي قام عليه القرار وقت صدوره فانه يغدو غير موجود ولو وجدت أسباب اخرى بعد ذلك يمكن أن تستند اليها الادارة اذا لم تكن هذه الاسباب قائمة وقت صدور القرار.
وحيث إن البين من المقرر المطعون فيه أنه اكتفى في تعليل العقوبة الصادرة في حق الطاعن ب " بناء على الإجراءات المتخذة في الملف "دون إيراد ماهية تلك السلوكات والتصريحات المبررة للعقوبة الصادرة في حق الطاعن وتكييفها القانوني ، كما أنها لم تدل للمحكمة بأي بيان مثبت لها ، مما يجعل القرار المذكور مشوبا بعيب السبب.
وحيث يشكل تعليل ونشر كل قرار إداري بما فيها القرار الصادر عن الهيئة الناظمة ضمانة أساسية من ضمانات حقوق الدفاع .
  1. تعليل القرار
حري عن البيان  أن الإدارة ملزمة بتعليل قراراتها [3]بمقتضى القانون رقم 01-03 الصادر بتاريخ 12 غشت 2002 دعما لمبدأ المشروعية وسيادة القانون.[4]
فالمادة الثانية من القانون المذكور تنص على أنه"تخضع للتعليل مع مراعاة أحكام المادتين 3 و 4 من هذا القانون، علاوة على القرارات الإدارية التي أوجبت النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل لتعليلها، القرارات الإدارية التالية:
ب-القرارات الإدارية القاضية بإنزال عقوبة إدارية أو تأديبية؛
فتعليل القرار الإداري  عندما يستوجبه القانون مثل نازلتنا يعتبر إجراءا شكليا جوهريا، يترتب على إغفاله بطلان القرار، بحيث يغذو القرار معيبا بعيب الشكل، وليس بعيب السبب، إذ أن عنصر الشكل يتحقق بمجرد ذكر الأسباب في صلب القرار الإداري، بغض النظر عن صحة هذه الأسباب أو عدم صحتها، وعلى العكس يتخلف عنصر الشكل عن القرار ويصبح معيبا بعدم المشروعية، إذا لم يتم تعليله رغم اشتراط القانون ذلك، حتى ولو كانت الأسباب التي بني عليها القرار صحيحة ومشروعة قانونا، إذ أن التعليل يعتبر في هذه الحالة من الضمانات الأساسية المقررة للخصوم، إذ يمكنهم من مراقبة مشروعية القرار وتدارك الخطأ الذي شابه وذلك عن طريق الطعن فيه.
وقد اعتبرت  محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 16-4-2008" إن الإشارة في بناءات القرار الإداري إلى محضر المجلس لا يغني عن الإفصاح في صلب القرار عن الأسباب المبررة لاتخاذه مما يعد خرقا للمقتضيات القانونية".[5]
ولكي يكون التعليل صحيحا ومتفقا مع القانون، فقد اشترط القضاء الإداري فيه"أن يكون كافيا ومنتجا في فهم الواقع، وأن يحتوي القرار على أسبابه في صلبه دون إحالة إلى قرار إداري آخر أو أوراق أخرى،[6] وأن لا يتضمن أسباب عامة أو غامضة أو مجهلة".[7]
وهكذا اعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط بموجب حكمها الصادر بتاريخ 29-9-2012" إن تجاهل الإدارة المطلوبة لقاعدة توازي الشكليات، ولمبدأ إلزامية تعليل القرارات الإدارية الزجرية  يجعل القرار المطعون فيه مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة  وحلفيه الإلغاء".[8]
وأقرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 13 -10-2011"أنه يتوجب على الإدارة تعليل قراراتها الإدارية الفردية القاضية بإنزال عقوبة إدارية طبقا للمادة الأولى من القانون 01-03 تحت طائلة عدم الشرعية، وذلك بأن تفصح في صلبه عن الوقائع والأفعال التي كانت السبب في اتخاذه والمقتضيات القانونية المبررة للقرار الإداري بشكل واضح يمكن المخاطب بها من معرفتها بمجرد قراءتها، وإذا لم تشر إليها في صلب القرار وإنما في محضر أو وثيقة أخرى فيتوجب إثبات إرفاقها به".[9]
وجاء في قرار للمحكمة الإدارية العليا صادر بتاريخ 29-1-1994"إذا أفصحت جهة الإدارة عن أسباب القرار فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة القضاء الإداري حتى ولو لم تكن الإدارة غير ملزمة قانونا بتسبيب قرارها، للمحكمة مراقبة مدى مشروعية تلك الأسباب، طالما أنها طرحت عليها، وأضحت بذلك عنصرا من عناصر الدعوى الثابتة في الأوراق، وما إذا كانت هذه الأسباب تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها جهة الإدارة، من عدمه. يقع عبء الإثبات في هذه الحالة على عاتق الجهة الإدارية التي تتمسك بهذه الأسباب".[10]
وهكذا جاء في قرار للمحكمة الإدارية العليا المصرية صادر بتاريخ 25-2-1967"إن رقابة القضاء الإداري لصحة الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب تجد حدها الطبيعي، في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصا سائغا، من أصول موجودة تنتجها ماديا أو قانونيا، فإذا كانت مستخلصة من أصول غير موجودة، أو لا تنتجها، أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا تنتج النتيجة التي يتطلبها القانون، كان القرار فاقدا لركن من أركانه، وهو ركن السبب، ووقع مخالفا للقانون، أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا وقانونيا، فقد قام القرار على سببه وكان مطابقا للقانون، وإذا كان للقضاء الإداري أن يراقب صحة الوقائع التي تكون ركن السبب، وصحة تكييفها القانوني إلا أن لجهة الإدارة حرية تقدير أهمية الحالة، والخطورة الناجمة عنها، والتصرف الذي تتخذه حاليا".[11]
 
ب-حول عمومية الوقائع موضوع المتابعة:
وحيث إن الملف خال من أي وسيلة إثبات تعزز المتابعة التأديبية،وأن ما تضمنه لا يعدو أن يكون مجرد خلق لاتهامات وهمية  عامة وتصريحات متناقضة لا تقوم على أساس صحيح من الواقع أو القانون .
وهكذا  اعتبرت محكمة النقض في العديد من قراراتها منها القرار الصادر بتاريخ 5 فبراير 1962 "إن الادعاءات العارية من كل برهان لا يسوغ أن تعتبر حجة".
كما جاء في حكم للمحكمة الإدارية بمراكش صادر بتاريخ 11 دجنبر  1996وحيث إن القرار التأديبي مبني على مجرد شكوك حول تصرفات الطاعن، وما نسب إليه من اتهامات خطيرة دون بيان لمدى ثبوت هذه الاتهامات يكون مفتقدا لركن السبب وبالتالي عرضة للإلغاء حكم عدد وحيث قضى المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 2 شتنبر 2009 "يتوجب على غرفة المشورة أن تكيف الوقائع المنسوبة إلى المتابع ،وهل يعتبر تصرفه إخلالا  من جانبه بمبادئ المهنة أم لا" نشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة الغرفة الإدارية الجزء السادس ص 151 .
جاء في قرار محكمة النقض المصرية" يشترط في الدليل أن يكون صريحا ،ودالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها ،فلا يكفي أن يكون ثبوتا عن طريق الاستنتاج ،مما تكشف من الظروف والقرائن العامة وغير المتناسقة والسائغة تصح لترتيب النتائج على المقدمات "
جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط صادر بتاريخ 5 يناير  1995وحيث إن الإدارة ذكرت أسباب لتبرير قرارها دون أن تدلي بما يثبت صحة هذه الأسباب من الناحية الواقعية ،الشيء الذي يجعل قرارها مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة مما يتعين معه الحكم بإلغائه.حكم عدد 7 ملف 82-94
كما جاء في قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ 10 غشت 1984"إذا كانت للمجلس التأديبي صلاحية تقدير الحجج لتكوين قناعاته فإنه يجب أن يبني مقرره التأديبي على وقائع ثابتة ومعينة ومحددة فلا تكفي مجرد عموميات" مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 39 ص 162.
ب- حول عدم سلامة الوصف القانوني للمصرح المشتكي :
عدم التمييز بين المشتكي والشاهد والمصرح:
وحيث إن كلا من تقرير التفتيش وتقرير المقرر لم يقيما لم يقم أي تمييز للفروق القانونية بين المشتكي والشاهد والمصرح والضحية،لكونه اعتمد على شكاية المشتكي للتحقق من المخالفة التأديبية دون إبراز الطبيعة القانونية والوصف القانوني للتصريح المعتمد في نظره لتبرير استنتاجاته .
وحيث إن هذا الخلط في هذه المؤسسات القانونية التي تختلف اختلافا جذريا في تقدير تصريحاتها أثر على الوصف القانوني للوقائع وعلى سوء تقديرها.
وحيث إن تصريحات المشتكي لا تكتسي أي حجية قانونية في الإثبات لأنها دائما موضوع ريبة وشك نابعة من إرادة منحازة وحاقدة وعدوة .
وهكذا اعتبرت محكمة النقض قرار صادر بتاريخ 19 نونبر 1982 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31 ص 164أن تصريح المشتكي لا تعتبر شهادة ولا تقوم كعنصر في الإثبات ولا تكفي للإدانة .
كما اعتبر في قرار آخر صادر بتاريخ 14-4-1961 عدد 483"المشتكي لا يعتبر شاهدا إلا بعد أدائه اليمين القانونية،وبذلك يجب تحليفه إياها وإلا كان الحكم باطلا،مجموعة قرارات المجلس الأعلى في المادة الجنائية 1957-1961 ص 191 .
وهكذا اعتبر المجلس الدستوري في  قراره الصادر بتاريخ 24 أبريل 1998"إن التشكي وحده لا يعتبر حجة على الادعاء"القرارات الكبرى للمجلس الدستوري المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 30-2012.
وحيث إن الثابت من الحديث النبوي الشريف "أنه لو صدق الناس بدعواهم لداعى أناس دماء الناس وأموالهم" .
وحيث إن اتباع هذا النهج في الإثبات بتصديق المشتكين يشجع على المساومة لأنهم  هم من يمنحون صك البراءة أو الإدانة  وتوريط الأبرياء والاتجار في الشكايات لمجرد الرغبة في الانتقام،مما يضر بقدسية العدالة.
وحيث إن علماء النفس الجنائي يرون بأنه يجب الحذر في تلقي أقوال المشتكي " ،محمد الحسيني كروط ،المجني عليه في الخصومة، ص 347  جوزيف كرانيي :الدعوى الجنائية،مجلة العلوم الجنائية عدد 19 ص 7،أكرم نشأت إبراهيم،علم النفس الجنائي ص35 .
وحيث فضلا عن ذلك فالقرائن المرتكز عليها في التقرير لا تتوافر فيها شروط صحة القرائن،فلاهي قرائن متناسقة ولا قوية ولا منسجمة ولا صلة لها بالوقائع التأديبية وتسقطها التصريحات المتناقضة للمشتكي.
وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 15-10-2008"للقضاة كامل الصلاحية في تقدير مختلف وسائل الإثبات المعروضة عليهم ومن جملتها القرائن القضائية متى كانت القرائن قوية وخالية من اللبس ومستمدة من وقائع ثابتة بيقين ولا تقبل إثبات العكس"،الحسن هوداية وسائل الإثبات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى ،ص 39.
وحيث إن العيوب التي امتدت إلى تقريرالمفتشية تعكس حجم الخلل الذي يشوب صناعة التقارير الإدارية القضائية   من غياب التحري وإبراز الحقيقة والذود عنها لإنصاف المظلوم وإرجاع الحقوق_ والتي يترتب عنها البطلان لكون حيادية التقرير جزء من المحاكمة التأديبية العادلة .
وحيث إن الوقائع المتابع من أجلها القاضي المتابع غير ثابتة والتكييف المعطى لها من طرف الإدارة غير سليم والقرار المطعون فيه مبني على غير سبب وبالتالي فإنه متصف بالشطط في استعمال السلطة .
 إن لمحكمتكم الموقرة بصفتها  جهة قضائية السلطة القانونية لتقدير هذه الوقائع وتمحيصها وقول حكم القانون فيها حسب الظروف التي أحاطت بها ؛ لأن تقارير التأديب حسب الثابت فقها وقضاء لا تكتسي أي قيمة قانونية إذا جاءت محملة بالظنون والشكوك مفتقدة لعناصر الحياد والبحث والموضوعية والتحقيق القانوني الرصين لأنها من صنع الادارة وابتكارها الخالص.
وقد اعتبرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في حكم لها بتاريخ 20 يونيو 2011 "أن الضمانات المقررة في المحاكمات الجنائية تسري قواعدها بالنسبة لباقي أنواع المحاكمات التي تستدعي إجراء مداولات واتخاذ مقررات تأديبية أو زجرية المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 54 -55 ص 223.
وحيث إن مقومات المحاكمة التأديبية تقتضي ضرورة توفر عنصر الحياد في جميع أجهزة الجهاز التأديبي حتى يمكن الاطمئنان لقراره.
وحيث إنه من المتفق عليه فقها وقضاء أنه لابد لكل قرار من سبب ،والسبب هو تلك الوقائع المادية التي تبرر صدوره ،وعلى الإدارة إثبات ذلك ،بحيث إذا نعدم السبب انعدم القرار كله ، وبمعنى آخر فالعمل الذي ليس له سبب عمل لا يحميه القانون ،وإلا اعتبر تصرفها تجاوزا في استعمال السلطة وموجبا للتصريح بإلغائه.
حيث إن محكمة النقض وهي في سبيل التحقق من صحة قيام الوقائع التي تشكل سبب القرار يتصدى لها من زاويتين فمن ناحية يبحث في وجودها المادي ومن ناحية يتحقق من صحتها القانونية بالبحث فيما إذا كانت الوقائع محل المتابعة هي نفسها الوقائع التي يشترط القانون قيامها لإضفاء المشروعية على المقرر المتخذ
وحيث يلزم المطالبة بداية بالبحث في مشروعية المتابعة والإحالة و إنما أيضا توسيع نطاق صلاحية المجلس لتشمل مراقبة الملائمة.
حيث نص الفصل 58 من النظام الأساسي للقضاة على أنه " يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو بالوقار أو الكرامة خطأ من شأنه أن يكون محل متابعة تأديبية".
وحيث إن القاضي لا يمكن أن يسأل تأديبيا إلا عن الأخطاء الخطيرة المرتبطة بسلوكيات الوظيفة أو أعمالها ، و تلك قاعدة تهدف إلى تجنيب المجلس الموقر من النظر في الكثير من الأخطاء التي من شأن تحريك المتابعة بشأنها إضفاء مجرد تراكم عددي يضاعف من عمل المجلس ويأخذ من وقته ويبعده عن دراسة الملفات الشائكة التي تقتضي بحثا وتحقيقا معمقا ومداولات وقرارات حاسمة ينتظرها الجميع .
وحيث إن كثيرا من واجبات القاضي ترجع إلى الضمير و إلى المسلك العام ، لكن ذلك لا يمنع من مساءلته عن أفعال محددة وليس عن أفعال  عامة حتى لا يتم النفخ والتضخيم من  سلطة التأديب و إبعادها عن تحقيق أهدافها لتشمل أمور سطحية ومختلقة .
وحيث إن الأجدى والأنفع أن لا يتم إحالة جميع المخالفات على المجلس الأعلى للقضاء هذا بدون حصر و تحديد مواطن العثرات و مكامن الزلل بدون تساهل مما يسقطنا في خطر الجمود والتعميم وضررها على القاضي والعدالة أكثر من نفعها ، بأن ينصب روح عمل المجلس على ما يستحق ويصلح كأساس للعقاب بالنظر للاعتبارات العامة والغائية المستهدفة من تحقيق المصلحة القضائية وليس الردع بنوعيه العام و الخاص.
 
وفي هذا الصدد قال منتسكيو " إن القوانين غير المفيدة تضعف قيمة القوانين الضرورية ونقول في هذا المجال أن المتابعات غير الملائمة تضعف بل و تطرد المتابعات الضرورية" لأن ما يهمنا هو ضمان فاعلية الجزاء التأديبي وضمان عدم إسراف السلطة التأديبية.
وحيث إن ذلك يستلزم تقييم الوقائع والتصرفات ذات الطبيعة المبررة لفتح المتابعات حتى لا نقول مثل ما قال به بعض الفقه الفرنسي أن القاضي يرتكب خطأ عندما يرتكب خطأ.
Le juge commet une faute lorsq’il commet une faute
وحيث إن القاضي يجب أن تسود الثقة في استقامته والاطمئنان إلى نزاهته و أمانته و نقاء سريرته لارتباط ذلك بحسن سير العدالة .
  وحيث إن العنصر الأساسي من عناصر التطوير التي لا غنى عنها في تطوير نظم حديثة لتقويم العمل القضائي، أن هذه النظم لا يجب أن تقتصر على تقويم العنصر البشري، بل تمتد إلى منظومة العمل القضائي بكاملها وبحيث يكون دور المجلس الأعلى دافعاً للتوجيه والبحث عن أفضل الممارسات، فالأمر لا يدور دوماً بين الخطأ والصواب بل قد يتصل بالسلطة التقديرية للقاضي، وكيف يمكن إعمالها بشكل يتناسب مع احتياجات المجتمع وتوقعاته ومتطلبات تطوره .
وحيث إن اجتهاد محكمة النقض يمثل سياجاً يحفظ للنظام للقضائي أهم مقوماته من الاستقلال والحيدة والنزاهة، بما يؤكد مسؤولية النظام القضائي عن الحفاظ على المجتمع ومقوماته وقيمه ويلائم احتياجاته المتجددة ويدفع تطوره .
وحيث أن السوابق القضائية لمحكمتكم الموقرة ستكون ذات أهمية كبرى في إرشاد القضاة إلى ما يجب أن يكون عليه سلوك القاضي.
2- الدفع بعدم تحقق عناصر المخالفة الركن المادي والمعنوي:
وحيث إن تحريك المتابعة ضد القاضي الهيني بعد إبرام صلح لا يمكن الرجوع فيه طالما أن أطراف الخصومة يملكون ناصيتها ؛ يشكل إشارات واضحة ودالة على استهدافه  بسبب أحكامه ومواقفه المتعلقة باستقلال السلطة القضائية ومجلس الدولة
وحيث إن القضاء رسالة سامية ويجب على كل قاض كما درسنا شيوخنا في المعهد العالي للقضاء أن يقتات من قوت يومه ومن عرق جبينه كما ورد بالخاطرة ، إذ هذه العبارة ذاتها وردت في العديد من الخطب والرسائل الملكية السامية المتعلقة بتخليق المرفق العام ،الذي يعد التصريح الإجباري بالممتلكات أحد أهم مظاهره .
وحيث إن المقصود  بعبارة "معايشتنا له كقضاة الواردة بالخاطرة  تعني المخالطة أو المجاورة أو الاطلاع على الأحول ، وأنه شخصيا ــ الدكتور الهيني ــ يعايش قضاء مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة النقض الفرنسية والمحكمة الإدارية العليا المصرية ومحكمة النقض المصرية، مما يجعل المعايشة المقصودة في الخاطرة لا يقصد بها  الأشخاص وإنما المؤسسات وفضاءات العمل.
 وحيث إن عبارة محكمة درجة ثانية متخصصة لا تعني محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط ، طالما أن هناك محكمة أخرى بمراكش وثلاث محاكم استئناف تجارية وأقسام الجرائم المالية ، وغرف الجنايات الابتدائية والاستئنافية ، وغرف الأحداث المتعلقة بها وأقسام قضاء الأسرة إلخ ، ناهيك كون عبارة الخروج غير المشرف عن هذه المحكمة تشكل بحق دلالة رمزية لخروج أي فكر أو تصور افتراضي عن طبيعة الأشياء، مؤكدا بصفة قاطعة أن العبارات جميعها لا تخص شخصا بعينه وإنما تناقش حالات مرضية قد تصيب إدارتنا القضائية أو المركزية وقد تكون حاضرة فعلا جميعها أو بعضها في زمن معين ومكان معين .
 
3-محاكمة النوايا وتجريم الإبداع والخيال :
وقد قال العرب قديما "أعذب لشعر أكذبه" في إشارة إلى كون الإبداع الجيد وليد وصنو الخيال الجيد .
وحيث إن الخاطرة موجهة للسيد الوزير لاستحضار مواصفات المنصب ، وأنه لا يقصد منها مطلقا وبصفة نهائية وقطعية السيد محمد النميري مدير الشؤون المدنية ، المعين بعد خمسة عشر يوما من كتابة الخاطرة الأدبية، وليس هناك أي إيحاءات مباشرة أو غير مباشرة تخصه في الموضوع ،لأن علاقة القاضي الهيني معه كمسؤول قضائي تميزت دوما بالاحترام والتقدير المتبادل ،ولقد صرح له شخصيا بأنه كان دوما يرغب أن يعمل برفقته بمحكمة الاسئتناف ،كما لم تسجل أي خصومة أو حتى مجرد سوء تفاهم بينهما طيلة مدة رئاسته لمحكمة الاستئناف.
وعليه استقرت المحكمة الإدارية العليا المصرية على أنه"من المبادئ العامة الأساسية في المسؤولية العقابية، سواء كانت جنائية أم تأديبية، وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم من المتهم، وأن يقوم هذا الثبوت على أساس توفير أدلة كافية، لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها في ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه، ولا يسوغ قانونا أن تقوم الإدانة، تأسيسا على أدلة مشكوك في صحتها أو في دلالتها، وإلا كانت الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون مفرغة من ثبات اليقين".[12]
4-الخطأ البين في التقدير :
وحيث يعرف الخطأ الفادح في التقدير بأنه الخطأ الإداري الجسيم ذو الصفة الظاهرة، فالإدارة عندما تقوم بتكييف الوقائع ترتكب خطأ واضحا يتعارض مع المنطق السليم بشكل واضح.
ولقد تطور القضاء الإداري حول تمديد المراقبة لتشمل تقدير الإدارة لأهمية وخطورة السبب الذي تأسس عليه القرار الإداري، بحيث انتقل من رقابة المشروعية إلى توسيع  الامتداد إلى الملاءمة.
وحيث إن تقدير الجزاء التأديبى متروك للسلطة التقديرية للإدارة أي سلطة التأديب بشرط عدم جواز اساءة استعمال تلك السلطة من خلال عدم التناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الموقع عنها وهو ما يعبر عنه بالغلو فى تقدير الجزاء الذى يصم الإجراء التأديبى بعدم المشروعية ويجعله واجب الإلغاء،والتناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الموقع عنها إنما يكون على ضوء التحديد الدقيق لوصف المخالفة فى ضوء الظروف والملابسات المشكلة لأبعادها ، مؤدى ذلك أن جسامة العمل المادى المشكل للمخالفة التأديبية إنما يرتبط بما يترتب عليها من آثار وما تقتضيه الواجبات الوظيفية لمرتكبيها من الحرص والدقة فى أداء عمله تلافيا لوقوع هذه الآثار.
"إن للإدارة سلطة تقديرية في اتخاذ العقوبة المناسبة في حق الموظف حسب خطورة الأفعال المنسوبة إليه ومدى تأثيرها داخل المرفق العام، وأن هذه السلطة  لا رقابة للقضاء عليها ما لم يشبها غلو في التقدير.
لئن كان المستأنف عليه قد نسب إليه كون تصرفاته مشينة باعتباره يعاشر رفقاء السوء، وهذا له مساس بالمرفق العام الذي ينتمي إليه كرجل أمن، إلا أن معاقبته عن هذا التصرف غير اللائق بعقوبة العزل، ينم عن غلو في التقدير، إذ لا تتناسب هذه العقوبة بتاتا مع خطورة الفعل المرتكب من قبل الطاعن، مما يكون معه القرار المطعون فيه مشوبا بتجاوز السلطة وحري بالإلغاء".

قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 552 بتاريخ 25/07/2007 في الملف رقم 14/07/5

 
وحيث إن المعاقبة عن خاطرة ادبية بصرف النظر عن عدم وقوع الفعل في دائرة التأثيم بعقوبات ثلاثية فيه ما يؤكد عدم التناسب البين والخطأ الفادح في التقدير ،فعقوبة التوقيف تنصرف للمخطئ مهنيا والمتهاون في أداء التزاماته المهنية وليس لمجرد إبداء رأي قانوني في شأن إصلاح الإدارة القضائية
 
الوسيلة الرابعة:عيب مخالفة القانون
وحيث يقصد بهذا العيب، المخالفة المباشرة لأحكام القانون بشكل عام، كأن يخالف محل القرار القواعد الدستورية، أو القواعد التشريعية أو التنظيمية، بحيث يكون القرار الصادر في هذه الحالة، معيبا من حيث موضوعه أو مضمونه أو محله.
وتتمثل صورة الخطأ القانوني، في اتخاذ القرار الإداري بشكل مخالف لتفسير أو تطبيق القاعدة القانونية، كما يعتبر من صور مخالفة القانون، عدم احترام المبادئ العامة للقانون كمبدأ حق الدفاع، ومبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية، ومبدأ صيانة الحقوق المكتسبة ومبدأ المساواة،[13] وتكافؤ الفرص والعدالة والإنصاف، ومبدأ قوة الشيء المقضي به.
- إخلال المجلس بالحياد بسبب رفض الدفع بتجريح الوزير وبعدم صلاحيته لترأس جلسة التأديب لانعدام مقومات الحياد والعدالة وانتهاك قرينة البراءة وخرق واجب التحفظ و والمس باختصاصات المجلس والمؤسسة الملكية وخرق واجب الحياد والعدالة بعدم تحريك متابعة المشتكى به في الشكاية المقابلة والشطط في استعمال السلطة " .
  إن انتهاك قرينة البراءة من قبل جهة المتابعة؛ من خلال جواب وزير العدل على سؤال شفوي أمام مجلس المستشارين يمس بشكل خطير باختصاص المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية، ويطرح جدوى المحاكمة التأديبية؛ والمصادقة الملكية ؟؟؟ كما نتساءل عما إذا كان التأديب ملكية خاصة لجهة المتابعة ؟؟؟ أم هو نظام قانوني يروم تخليق الممارسة والفعل القضائيين ؟؟؟
   وحيث سبق للدكتور الهيني أن بعث بمراسلة لجهة المتابعة طلب منها رفع الاعتداء المادي على خرق مبدأ قرينة براءة قاض المكرسة دستوريا ودوليا  المسجلة على  البيان المنشور بالموقع الالكتروني للوزارة،مع ما يترتب عنه من آثار قانونية .
  وحيث وبالنظر لما ورد في جواب جهة المتابعة على السؤال الشفوي بمجلس المستشارين والمنشور في موقع الوزارة الإلكتروني؛  والذي جاء فيه “كان على المعني بالأمر إن كان يدعي الصلح فعلا أن يعتذر لمن رماه ظلما وزورا من سوء النعوث و الصفات ، كان عليه أن يعتذر عليه علانية كما أساء إليه علانية"
  وحيث لم يقف الأمر عند هذه الحد بل واصلت جهة المتابعة الدوس على قرينة البراءة من خلال تصريح وزير العدل للمواقع الإلكترونية وللجرائد والصحف الوطنية ،ونكتفي هنا بما ورد على لسان وزير العدل في جريدة الاتحاد الاشتراكي ليوم الإثنين 28-4-2014 عدد 10689 "إن المفتشية العامة للوزارة تأكد لها ثبوت تهمة عدم الالتزام بواجب الاحترام والوقار لرؤسائه، مؤكدا أن قرار الإحالة يندرج في صميم حرصه على سيادة علاقة الاحترام بين القضاة ، مؤكدا أن ما قام به القاضي الهيني يعد تجاوزا للحدود لا يمكن القبول به ،وأن أي تساهل مع هاته السلوكيات من شأنه أن يفتح باب التسيب ، فالقضاة إن لم يحترموا بعضهم البعض لن يحترمهم عامة الناس، خاصة وأن صورة القضاء لدى الناس يضيف الرميد ،أصبحت مشوهة بالنظر لما يعرفه الجسم القضائي من سلوكيات مشينة ، موضحا أن القاضي إذا تجاوز حدوده إزاء رئيسه أو زميله بنسبة عشرة في المائة فإن الناس سيتجاوزون حدودهم مع القضاة 6000 في المائة ،ومن هذا المنطلق يوضح الرميد أن التغاضي عن مثل هذه الأمور سيقود القضاء إلى الهاوية ، وهو ما لا يمكن أن يقبل به " .
   وحيث تأسيسا على الفصل 119 من الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع المكرسة لحماية مبدأ قرينة البراءة في مجال المتابعات التأديبية عامة وللقضاة على وجه خاص ،ولاسيما المادة 11 فقرة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 14 فقرة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ،والفقرة 17 من المبادئ الأساسية الدولية بشأن استقلال السلطة القضائية ، وتبعا للفصل السادس من الدستور الناص على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين ، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه ، وملزمون بالامتثال له،وصلة بقواعد الحكامة الجيدة للمرفق العمومي  التي تفرض إعلاء منطق احترام القانون وحماية الحق في المعلومة دون انتهاك لحقوق الاغيار، لاسيما إذا كانوا من حماة الحق والمدافعين عن الحقوق والحريات واستقلال السلطة القضائية ومفترض فيهم حماية حقوق وحريات المواطنين .
   وحيث إن هذا الخرق يشكل إهدارا لمبدأ قرينة البراءة المكرس وطنيا ودوليا بالنظر لما يشكله ذلك من اعتداء على اختصاص مؤسسة دستورية
"المجلس الأعلى للقضاء "، وعلى اختصاص المؤسسة الملكية باعتبار أن مولانا أمير المؤمنين هو رئيس السلطة القضائية وهو الجهة الوحيدة المخول لها النظر في إضفاء الصبغة التنفيذية على مقترحات المجلس،مما يكون معه التصريح المذكور يشكل خروجا من جهة المتابعة عن واجب التحفظ و الذي يستلزم عدم الإدلاء بتصريحات علنية تبرز بوضوح موقفها من قضايا معروضة على المجلس الأعلى للقضاء ،كما يشكل من ناحية أخرى إفشاء قبلي لسرية المداولات و خرق للمبادئ المنظمة لسير عمل المجالس العليا للقضاء في أفضل التجارب الدولية ، وهو ما يبرر التخوف من مسار المحاكمة التأديبية سواء بعد الخروقات القانونية المسجلة على المرحلة السابقة على المتابعة أو بعد اعلان وزارة العدل  لموقفنا الصريح و تأكيدها لثبوت الأفعال موضوع المتابعة ، والتماس تخفيف العقوبة وتقديم الاعتذار العلني، حتى قبل مصادقة جلالة الملك على مشروع جدول أعمال الدورة طبقا للمادة الثامنة من النظام الداخلي للمجلس الأعلى للقضاء.
  كما جاء في حكم لمحكمة القضاء الإداري المصري صادر بتاريخ 2/2/57 "قواعد تشكيل المجالس من النظام العام تتعلق بإجراء ردعي فيه الصالح العام، وهو حسن سير المحاكمات التأديبية، بحيث يعتبر الإخلال بها عيبا يبطل القرار الصادر عنه ومن ثم يتعين إلغاؤه.
وإذا قام أحد أعضاء المجلس بسبب من أسباب عدم الصلاحية أو الرد المنصوص عليها في المادة 315 من قانون المرافعات وجب عليه التنحي، إذ ليس أنفى للتهمة وأبقى لدواعي تطمين المحاكمين على مصائرهم، وأمكن لاقتلاع منابت القلق من نفوسهم من تنحي عضو المجلس من مهمته حتى تصدر الأحكام مبرأة من نوازع الهوى، ومصفاة من شوائب الميل ومعصومة من مزالق العنف. ولا مراء في أن المادة 87 من قانون موظفي الدولة الخاصة بوجوب التنحي عند عدم الصلاحية، إنما تضمنت في واقع الأمر أصلا مقررا من أصول المحاكمات الإدارية، كان مرددا في أحكام القضاء الإداري، فهي بهذه المثابة تلخص قاعدة كلية، ينبغي أن تسري على جميع المحاكمات التأديبية، ويتعين مراعاتها بغية توفير أول الضمانات في أية محاكمة جزائية كي لا تهدر بإصدار قيمة الأحكام، وذلك حتى ولو لم يرد نص مماثل في القوانين" [14]
وكما تشمل الإجراءات الواجبة أثناء اتخاذ القرار بالإضافة إلى صحة تشكيلة أعضاء الهيئة الادارية، ضرورة توفر النصاب القانوني لانعقاد الاجتماع أو الجلسات كما حدده القانون.
ويدخل ضمن القواعد المتعلقة بتشكيل الهيئات أيضا حياد الهيئة الناظمة، بحيث يمتنع على الرئيس أو الأعضاء المشاركة في إصدار قرار إداري بشأن وقائع معينة، أو مصالح لهم بها صلة مباشرة أو غير مباشرة، أو تم تجريحهم أو مخاصمتهم بشأنها، وإن كان هذا الجانب يتصل بعيب مخالفة القانون أكثر من عيب الشكل.
 
- الدفع بسقوط  وانقضاء الدعوى التأديبية لوقوع الصلح وتنازل المشتكي:
    وحيث يتضح من الإشهادات المتواجدة بالملف أنه ثمت صلح أجري حفاظا على وحدة الجسم القضائي من قبل لجنة تضم كلا من القيدومة دة احفوظ رئيسة الجمعية المغربية للقضاة والسيد رئيس نادي بقضاة المغرب ذ ياسين مخلي والعضو المؤسس للنادي ذ عبد الله الكرجي؛ إلا أننا فوجئنا بمتابعة المستشار الهيني من قبل السيد وزير العدل والحريات متذرعا بعدم توصله بأي صلح؟؟؟  رغم نفاذه أمام ثلاث قضاة وتداول الأمر إعلاميا وقضائيا؛ ورغم ما هو مستقر عليه في كافة التشريعات من كون الصلح لا يجوز الرجوع فيه، ولو باتفاق الطرفين، مما جعل القضية تبدوا مشخصنة وتطرح اكثر من علامات استفهام؟؟؟ بل وتجعل النظام التأديبي وغاياته في الميزان ؟؟؟
  حيث إن من المسلم به أن الصلح حاسم للنزاع، لا يجوز التراجع عليه، بصريح القانون الأم ( ق ل ع )، وبصرف النظر عن كون المجلس التأديبي ليس جهة اشتكاء للفصل في شكاية طرف اعتبر نفسه متضررا، فإن حشره بالبت في شبه سوء فهم بين قاضيين، يقتضي منه أن يعمل المنطق القانوني السليم في الفصل بينهما. وهو الاشهاد على سابق الصلح الثابت بين الطرفين والذي يحول عائقا قانونيا دون تحريك التأديب.
إن الاجابة عن هذا الطلب يقتضي استدعاء شهود اللائحة وهم: ذة أحفوض و ذ مخلي و ذ الكرجي، والاستماع إلى شهادتهم في شأن المساعي الحميدة التي بدلت ردما للخلاف بين الزميلين، وما عاينوه من تراض بينهما وتصاف، تدوين ذلك في محضر، وعند الدفع يعدم التوصل بتنازل مكتوب كما سمعنا على لسان السيد الوزير من الطرف المشتكي لا بأس من استدعاء هذا الأخير للتأكد مما إذا كان يؤكده أم ينفيه، أم يتراجع عنه، والأكيد أن أخلاق القاضي ستسمو فيه، وأنه لن يملك إلا تأكيده، فكيفما كان الحال، ومهما بلغ الاختلاف فلن ينسينا الأمر أننا قضاة، وأنه لا يمكن للقاضي أن يتسبب في الأذى لزميله القاضي، وعنذئذ لا يمكن للمحكمة التأديبية إلا أن تشهد على الصلح، وتعتبر الدعوى غير ذات الموضوع ، أما التشبت بأنه الصلح لا يقيد جهة التأديب التي لها أن تحيل من تشاء إعمالا لسلطتها التقديرية، فإنه أمر غير مستساغ لكون انطلاقة القضية كما جرى التأكيد عليه في الرواية الرسمية وحتى داخل قبة البرلمان أن المتابعة تأسست على شكاية من أحد كبار القضاة، وإذا فكيف السبيل إذا ما كبر المشتكي بأخلاقه العالية وتنازل عن الشكاية، فبأي منطق سنبرر استمرار الدعوى التأديبية اللهم إلا إذا كنا فعلا نريد للدكتور أن يؤدب عن أمر خفي، وأن الشكاية لم تكن غير مبرر للإجهاز عليه .
   وحيث إن الشكاية تعتبر كأن لم تكن لتنازل المشتكي وإبرام صلح قضائي كان موضوع محضر وإعلان للرأي العام القضائي موقع من طرف القضاة السادة :رشيدة أحفوظ رئيسة الجمعية المغربية للقضاة ،ياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب ، عبد الله الكرجي عضو مؤسس لنادي قضاة المغرب ، والصلح غير قابل للرجوع عليه مطلقا ،لأن السيد المدير صرح للأساتذة بأن الأستاذ الهيني لم يكن يقصده بالمرة ؛ وبالتالي ارتفع سوء الفهم وسجلت جميع الصحف والجرائد الوطنية خبر نجاح لجنة المساعي الحميدة وزاره الطاعن بمكتبه وأكد له رفع سوء الفهم بمعية الأستاذة أحفوظ ، لنفاجأ بفتح المسطرة من جديد بناء على اعتبارات غير قانونية، والتمس الأستاذ الهيني استدعاء لجنة الصلح للوقوف على حقيقة الأمر.
حيث إن الصلح بموجب الفصل 1098 من قانون الالتزامات والعقود " عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه، "
وحيث إنه باعتباره حاسما للنزاع فإنه لا يجوز الرجوع فيه حسبما استقر على ذلك قضاء النقض المغربي والمصري؛
كما نص الفصل 1107 منه على أنه لا يجوز الرجوع في الصلح ولو باتفاق الطرفين .
وهكذا مثلا ذهبت محكمة النقض المغربية في إحدى قراراتها إلى التأكيد على أن :
" عقد الصلح يعتبر التزاما بإرادة الطرفين ، لا يجوز الرجوع فيه وأن المحكمة لما ذهبت عكس هذا الاتجاه تكون قد خرقت مقتضيات الفصل 230 من ق.ل.ع.
( قرار المجلس الأعلى عدد : 724 المؤرخ في : 27/02/2002 ملف مــدنــي عدد : 114/1/2/99 )
وفي نفس الاتجاه أقرت محكمة النقض المصرية ما يلي:
" اذا كان انتهاء الخصومة بغير حكم فى الدعوى يرجع الى أسباب مختلفة نظم قانون المرافعات المصرى بعضها كما فى أحوال السقوط والانقضاء بمضى المدة والترك ، ولم ينظم البعض الآخر كما فى حالة الصلح بين طرفى الخصومة وحالة وفاة الخصم أو غيره اذا كان النزاع مما ينتهى بالوفاة كما فى دعاوى التطليق والطاعة والحضانة والضم ، وكان اغفال هذا التنظيم يعد نقصا تشريعيا يوجب على القاضى تكملته بالالتجاء الى المصادر التى نصت عليها المادة الأولى من القانون المدنى ومنها قواعد العدالة ، فان الحل العادل فى حالة حسم المنازعة صلحا أن يقضى فيها بانتهاء الخصومة المادة 553 من القانون المدنى- الطعن رقم 483 لسنة 42 ق جلسة 1981/11/30 س 32 ص  2169 - .
وحيث إنه  وبصرف النظر عن كون المجلس التأديبي ليس جهة اشتكاء للفصل في شكاية طرف اعتبر نفسه متضررا، فإن إكراهه على البت في شبه سوء فهم بين قاضيين، يقتضي منه أن يعمل المنطق القانوني السليم في الفصل بينهما .
 وحيث متى كانت الدعوى التأديبية رهينة في إثباتها على حجة حاسمة يجري عليها قانون خاص واجب التطبيق، وكانت الدعوى التأديبية محسومة بسابق الصلح بين الطرفين، فإنه يتعين على المجلس الموقر أن يقول بعدم قبولها بعد  الاشهاد على حصول الصلح الثابت بين الطرفين والذي يحول عائقا قانونيا دون تحريك التأديب .
وحيث إن الاستماع إلى شهود اللائحة حق أصيل من حقوق الدفاع، طالما أن شهادتهم عاملة في النزاع، بل وحاسمة له .
 
وبناء على ما تقدم يلتمس العارض بكل إلحاح التصريح بانقضاء الدعوى بالصلح.
واحتياطيا : الاستماع للشهود تأكيدا للدفع بعدم قبول الدعوى لوجود صلح .
 
10- بطلان المتابعة  والمحاكمة لخرق حقوق الدفاع :
نص الفصل 120 من الدستور على أن "لكل شخص في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول.
حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم".
وهكذا اعتبر المجلس الدستوري الفرنسي "أن حق الدفاع هو حق أساسي معترف به من طرف قوانين الجمهورية، وله قيمة دستورية، وبهذا يكون هذا المجلس، قد أرسى المبدأ القائل، بأنه لا يجوز توقيع أي جزاء، بدون أن يعلم به صاحب الأمر، وأن يقدم ملاحظاته بخصوص الوقائع المنسوبة إليه، وأن يطلع على الملف الخاص به"[15].
وفي هذا الاتجاه،نحت محكمة النقض بتاريخ 20 أبريل 1979 معتبرة" أن حقوق الدفاع، تعد من المبادئ العامة للقانون، تقضي على الإدارة قبل إصدار القرار المطعون فيه، اتخاذ ما يلزم من إجراءات،لإطلاع المعني بالأمر على المخالفات المنسوبة إليه، وتمكينه من تحقيق دفاعه عن نفسه، وذلك حتى في حالة عدم وجود أي نص تشريعي أو تنظيمي"[16].
كما جاء في حكم للمحكمة الإدارية بمراكش صادر بتاريخ 19-9-2001" إن عدم تمتيع الطاعن بحقه في الرد على المخالفات المنسوبة إليه، قبل اتخاذ القرار موضوع الطعن، يؤدي إلى إهدار مبدأ حق الدفاع،الذي يعتبر من المبادئ القانونية العامة التي يتعين احترامها قبل توقيع أي جزاء"[17].
كما اعتبر مجلس الدولة الفرنسي منذ قراره الصادر بتاريخ 5 ماي 1944، بأن حق الدفاع يعتبر من المبادئ العامة للقانون، كما أن المجلس الدستوري، اعتبر بموجب قراره الصادر بتاريخ 2 دجنبر 1976، أن حق الدفاع يكتسي قيمة دستورية، ويعتبر من المبادئ الأساسية المعترف بها من طرف قوانين الجمهورية[18].
وجاء في قرار للمجلس الدستوري صادر بتاريخ 17 يناير 1989 "لا يمكن لأي عقوبة، أن تفرض إلا إذا كان حامل الرخصة قد خول حقه في إبداء ملاحظاته، والاطلاع على الملف"[19].
وهكذا اعتبر اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 28 يوليوز 1989، أن مبدأ احترام حقوق الدفاع، يشكل أحد المبادئ الأساسية المعترف بها قانونا، ويطبق خصوصا في المجال الجنائي، بما يتضمنه ذلك من مسطرة منصفة، وعادلة تضمن التوازن بين حقوق الأطراف"، ومدى احترام هذا المبدأ إلى العقوبات الإدارية، كتلك التي تصدرها لجنة عمليات البورصة[20].
وجاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ 20 أبريل 1979 "إن حقوق الدفاع هي من المبادئ العامة، تقضي على الإدارة قبل إصدار المقرر المطعون فيه،اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإطلاع المعني بالأمر على المخالفات المنسوبة عليه،وتمكينه من تحقيق دفاعه عن نفسه،وذلك حتى في حالة عدم وجود أي نص تشريعي أو تنظيمي"[21].
وقد اعتبر المجلس الدستوري الفرنسي، أن أي جزاء إداري لا يمكن توقيعه، ما لم يكن المدار في وضعية تسمح له بتقديم ملاحظاته على الأفعال المنسوبة إليه، والاطلاع على الملف الذي يهمه[22].
وهكذا تنص المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، على جملة مقتضيات تكفل حقوق الدفاع، منها الحق في أن يمنح المتهم الوقت المناسب، والتسهيلات اللازمة لإعداد الدفاع، والحق في أن يدافع عن نفسه، سواء بنفسه أو عن طريق الاستعانة بمدافع من اختياره، وأن يستفيد عند اللزوم بالمساعدة القضائية المجانية، والحق في سؤال الشهود، وأخيرا الحق في أن يستفيد مجانا بمترجم.
وهكذا قبل مجلس الدولة الفرنسي، في قراره الصادر بتاريخ 3 دجنبر 1999، مراقبة الوسيلة المثارة المتعلقة بتجاهل تطبيق الفصل السادس من الاتفاقية، وكذا خرق حقوق الدفاع، كما يتحقق بشكل أكبر من أن مسطرة توقيع العقوبة،لم تخرق مبدأ الحياد[23].
كما قضت محكمة النقض في قرار لها بتاريخ 23 أبريل 1963، بإلغاء قرار إداري بسبب عدم إتاحة الفرصة للمدار،لمناقشة الأفعال المنسوبة إليه، معتبرا أنه "بالنظر لنوعية العقوبة، والخطورة التي تشكلها، فإن هذا التدبير، لا يمكن اتخاذه من دون إتاحة الفرصة للمعني بالأمر، لمناقشة الأفعال المنسوبة إليه، وأن الملاحظات وتنبيهات الانضباط الموجهة من طرف الإدارة، لا يمكن اعتبارها قد أتاحت له فرصة إبداء ملاحظاته الدفاعية.
هدر الضمانات السابقة على تحريك المتابعة
وحيث إنه من مفارقات المشهد القضائي المغربي أن الوضع الاعتباري لرجالات السلطة القضائية لا يجد له انعكاسا في محاكماتهم التأديبية، فدونا عن باقي الموظفين، بل دونا حتى عن مجرمي الحق العام، ظل القضاة يئنون تحت نير المتابعات التأديبية التي يحتكر وزير العدل سلطة تحريكها بغير ضمانات تقيهم شر الشطط المحتمل في الزيغ بسلطة التأديب عن أهدافها التقويمية. والغريب في الأمر أن قرينة الإدانة هي أصل تابث يكفي أن تتوافر مجرد قرينة واهية حتى يوقف القاضي ويشهر به أبشع تشهير.
وظلت المفتشية العامة بخضوعها القانوني لسلطة الوزير، وبما راكمته من هالة في الوعي الجمعي للقضاة خارج أية مساءلة حقوقية، أو مناقشة قانونية لمدى انضباط إجراءاتها لمعايير المحاكمة العادلة،
وحتى ولو تعلق الأمر بمحاكمة بأبعاد حقوقية، وبمتابعة ومساندة مجموع الطيف المشكل لمنظومة العدالة، وبحضور وازن للنقباء الذين طالما اصطف إلى جانبهم المحامي الرميد للدفاع عن الحق والقانون، لم يكلف هذا الأخير وهو وزير العدل عناء الرد على ما أثير في قضية الدكتور الهيني من دفع ببطلان المتابعة التأديبية كنتيجة لإجراءات باطلة، عساه يمنح للعقوبة القاسية شرعيتها القانونية التي تمنحها مسوغ القبول لدى المخاطبين بمنطوقها.
 فكلنا يعلم أن سلطة المتابعة التأديبية مقيدة بقواعد ومبادئ قانونية صارمة تمخضت عن جدلية الضمان ( ضمانات التأديب ) والفعالية ( حسن سير المرفق) تحت رقابة المجلس الموقر باعتباره سلطة قضائية؛
وأن الضمانات السابقة على التأديب هي من الأهمية بحيث يؤدي الإخلال بها إلى جعل المتابعة المستندة عليها حليفة البطلان كما هو الأمر في نازلة الحال؛هذا وقد تجسد على مستوى كافة المراحل:
-أ- على مستوى مرحلة المفتشية العامة :
  ـــ عدم توجيه استدعاء يتضمن موضوع الاستماع ؛
  ـــ عدم انصراف الأجل المعقول بين تاريخ الاشعار و تاريخ أول جلسة للاستماع ؛
ـــ رفض المفتشية العامة لطلب المؤازرة المقدم من طرف المحامين و القضاة و ممثل نادي قضاة المغرب ؛
ـــ عدم تمكين مؤازرنا من الاطلاع على وثائق ؛
-الدفع بعدم بيان موضوع الاستدعاء ووسائل الإثبات المؤيدة له وبما يفيد قرار الوزير باتخاذ إجراء الاستماع ،خرق حقوق الدفاع –الفصل 120 من الدستور -والحق في المعلومة-الفصل 27 - للمستمع إليه وللجمعية المهنية التي ينتمي إليها ،المس بالأمن القانوني للقاضي والمتقاضون "السلامة المعنوية".
-الدفع برفض مؤازرة المحامين والقضاة :
- الدفع بخرق قاعدة علنية إجراءات الاستماع ؛
- الدفع بعدم التمكين من دليل الاستماع وحقوق المستمع إليه"الميثاق"
-الدفع بعقد جلسة الاستماع في وقت انعقاد الجلسة القضائية التي يترأسها المؤازر؛ مع عدم وجود سنذ قانوني يعتبر هذ التغيب مبررا .
-الدفع بعدم التمكين من نسخة الشكاية :
-الدفع بالتعسف في استعمال حق الاستماع في غياب قرائن على ارتكاب المخالفة:
-الدفع بخرق قاعدة المساواة أمام القانون وأمام هيئة التفتيش ،وخرق واجب الحياد بعدم الاستماع للمشتكي استغلالا لمنصبه الوظيفي:
-الدفع بإتلاف محضر الاستماع أمام المفتشية العامة، وعدم تمكيننا من نسخة منه:
- بطلان تقرير المفتشية للموضوعية والحياد من خلال العبارات المستعملة في التقرير
-ب- على مستوى مرحلة التقرير:
- بطلان تقريرالمقرر:
-تعيين مقرر من مؤسسة النيابة العامة التي تتبع مباشرة وزير العدل وهو رئيسها حاليا مما يؤكد شبهة عدم الحياد
-المقرر حرر تقريره بوصفه وكيلا عاما للملك وليس مقررا وهذا واضحا من مراسلته للوزير مما يجعل الملف خاليا من أي تقرير يذكر من الوجهة القانونية
-تضمن التقرير تزويرا للتصريحات على مستوى المستنتجات بتحريفه الوقائع حين أشار بأن الاستاذ الهيني صرح بأنه لم يعايش أي رئيس محكمة متخصصة ما عدا نميري؟؟؟؟؟؟
 - خرق واجب الحياد والعدالة بعدم الاستماع للمشتكي لاستغلال منصبه الوظيفي .
- وتجاوزه حدود المتابعة المعين للبحث فيها تبعا للمهمة الموكلة إليه والمتعلقة بالشكاية بشأن الخاطرة إلى بحث في تصريح بشأن خرق المفتشية لحقوق الدفاع دون تبيان مصدر هذا التصريح والذي أوحى إليه بالبحث فيه مما يبين أن التقرير موجه ومتحيز .
 - الدفع برفض مؤازرة المحامين والقضاة
- الدفع بخرق قاعدة المساواة أمام القانون وأمام المقرر ،وخرق واجب الحياد والعدالة بعدم الاستماع للمشتكي لاستغلال منصبه الوظيفي 
- الدفع بعدم التمكين من الاطلاع على تقرير المفتشية ومحضر الاستماع
- عدم التمكين من نسخة من الشكاية أساس المتابعة
- الدفع بعدم التمكين من نسخة التقرير
- خرق المقرر لواجب الحياد من خلال :
- عدم استدعاء المشتكي المدير لتأكيد الشكاية أو نفيها لاعتقاده أنه فوق القانون سيمس وقاره وكرامته بالاستماع إليه
- عدم توثيق محضر الجلسة الثانية للتقرير المنعقدة بمكتبه ببني ملال يوم الاثنين 24 أبريل 2014
- تحريف الوقائع بالإشارة أن الاستاذ الهيني صرح بأنه لم يعايش أي رئيس محكمة متخصصة ما عدا نميري؟؟؟؟؟؟
-عدم استدعاء أطراف الصلح للاستماع إليهم
-عدم الاستماع لرئيس المحكمة والرئيس الأول رغم تقديم الطلب بذلك فيما يخص وقار وأخلاق القاضي الهيني
- تجاوز المقرر لحدود اختصاصه تبعا للمهمة الموكلة إليه والمتعلقة بالشكاية بشأن الخاطرة إلى بحث في تصريح بشأن خرق المفتشية لحقوق الدفاع دون تبيان مصدر هذا التصريح .
- عدم بحث المقرر أو إعداده تقرير بشأن خرق المفتشية لحقوق الدفاع
- عدم تضمين التقرير مضمن محاضر لجنة الصلح ومضمون انتهاك الوزير لقرينة البراءة .
-عدم تضمين التقرير مضمن تقرير الخبرة الاستشارية النقدية للخاطرة.
- عدم القيام بإي إجراء تحقيق في النازلة ومنها إجراء خبرة قضائية نقدية أدبية بشأن الخاطرة .
ج-على مستوى مرحلة العرض على المجلس :
-عدم التمكين من تصوير ونسخ وثائق الملف التأديبي
ح-على مستوى جلسة المجلس الأعلى للقضاء
خرق مبدأ حقوق الدفاع لتقييد الدفاع بعشرة أعضاء الذين سيتولون المرافعة وطرد باقي الدفاع رغم إصرار هيئة الدفاع على حضورهم وعدم توليهم المرافعة ومن بينهم نقباء ومحامين أجلاء وقضاة محترمين  دون بيان أساس هذا التحديد ولا منطلقه ،لأنه لا يجوز قانونا طرد الدفاع بسبب إصراره على ممارسة حقه الطبيعي في الترافع وتوفير الـأمن القانوني للمتابع ،لأن الأصل هو أن المتابع من له صلاحية تحديد عدد المترافعين وليس المجلس وفي ذلك تدخل سافر في صلاحية وحقوق القاضي المتابع وإهانة لفريق الدفاع الذي اضطر للانسحاب احتراما لهيبة المجلس وتم غلق القاعة بإقرار السرية ضدا على علنية المحاكمات التأديبية  .
 
- الدفع بزورية تقريري المفتشية العامة والمقرر :
أ – بالنسبة لتقرير المفتشية العامة :
حيث بالرجوع إلى تقرير المفتشية العامة يتبين أنه طاله تزوير وذلك في صورة تحريف تصريحات المؤازر من خلال عدم الإشارة إلى تصريحه بكونه الخاطرة غير موجهة إطلاقا إلى أي شخص بعينه ، مضمنا بدلها عبارة كون "المؤازر أصر على عدم الجواب" ،  فضلا عن الإشارة إلى إطلاع المؤازر على مضمون الشكاية في حين أن رفض إطلاعه عليها كانت أهم أسباب انسحابه من جلسة الاستماع وفق ما تناقلته وسائل الإعلام في بلاغ للرأي العام .
  واعتبارا لكون التزوير جريمة عمدية ، وبالنظر لكون الركن المعنوي يستشف من وقائع الحال سيما سوء النية ، فإن ما يؤكد  تعمد التزوير هو إتلاف محضر الاستماع لعدم وجوده ضمن وثائق الملف ، فضلا عن التحامل الذي يظهر واضحا في التقرير المرفوع للوزير من خلال العبارات المستعملة به والتي تخلو من أية مهنية أو علمية تذكر من قبيل استعمال مصطلح "تصفية الحسابات" .
وقد تضمن التقرير أنه بعد تقديم ملتمس المؤازرة ، تم اقناعنا بعدم وجود نص يسمح بهذه المؤازرة ، و اننا اقتنعنا بذلك ، علما أننا لم يسبق لنا أن أبديت أي موقف يمكن أن يستشف منه اقتناعنا بوجهة نظركم لا صراحة ولاضمنا ، ذلك أنني تمسكنا أمامكم بما تضمنه الفصل 30 من قانون المحاماة و الذي ينص على حق المحامين في المؤازرة و تمثيل الأطراف أمام الادارات العمومية ، فضلا على تمسكي بأفضل التجارب الدولية و التي اقرت على ضرورة احترام حقوق الدفع و التواجهية حتى أمام المفتشية العامة بحسب مقرر المجلس الاعلى للقضاء الفرنسي الصادر خلال شهر يوليوز 2013
فيعتبر بذلك ما ضمنتموه تزويرا للحقائق سيما وأن العديد من المؤازرين نددوا بعد ذلك في منابر إعلامية بالحرمان من الحق في الدفاع – يراجع التصريح المنشور بجريدة الأخبار ليومه الخميس 8 ماي 2014 و كذا التصريح المنشور يوم الثلاثاء 8 أبريل 2014 بنفس الجريدة . للسيد ياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب - .
 
ب – بالنسبة لتقرير المقرر:
ويتجلى التحريف في القول بكون المشتكي أكد شكايته، دون ذكر مصدر هذا التأكيد وهو الامر غير الثابت وثائق الملف، لأنه لم يسبق للمقرر بتاتا أن استمع للمشتكي رغم مطالبة المؤازر بذلك ، وامام ما ادلي له به (المقرر من إشهادات صادرة عن رئيسي جمعيتين مهنيتين وقاض آخر تؤكد وقوع صلح بين الطرفين .
كما يتجلى التحريف كذلك في ما تضمنه تقرير المقرر من أن المؤازر لم يعايش إلا ثلاث مسؤولين في حين أن محضر الإستماع الموقع عليه لا يتضمن ذلك، فضلا عن أنه لم يبين من أين استقى تصريح المؤازر بكون جلسة الاستماع بالمفتشية العامة كانت عبارة عن مشهد هزلي وعلى  الرغم من خروج ذلك عن حدود مهمته ، مما يوضح مدى تحامل المقرر وفق ما سنفصله في حينه .
هذا ويبلغ التحريف والتزوير مبلغه من خلال عدم تسجيل ما راج خلال الجلسة الثانية للاستماع بمكتب المقرر بمدينة بني ملال؛ مما يشكل إتلافا معنويا لوثيقة رسمية سيرا على نهج سلفه "المفتش العام" .
 
ثانيا: الدفوع الموضوعية :
يحسبون كل صيحة عليهم – صدق الله العظيم –
-الدفع بعدم شرعية المتابعة لعدم تعلقها بالوقائع
-حول انعدام الإثبات:
  • بطلان المتابعة  والمحاكمة لمحاكمة للإبداع الأدبي وخرق حرية التعبير:
وحيث إن الخاطرة هي مجرد نص إبداعي أدبي ينتمي إلى الأجناس الأدبية ويتضمن تعبيرات مجازية ، لأن الإبداع هو إنتاج الخيال ، ولا يمكن قراءته بالقانون الجنائي ولا القانون التأديبي ، إذ الأدب هو موضوع اللذة والقراءة النقدية ، وهو خيال حر وجمال لا يحاكم عليه الأديب . خرق حق القضاة في التعبير
  جاء دستور 2011 ليفتح صفحة جديدة في تاريخ المملكة المغربية من خلال المقتضيات السباقة التي عمل على تكريسها خاصة في الشق المتعلق بضمانات استقلال السلطة القضائية، ويعتبر الحق في التعبير من أهم الحقوق التي كرسها الدستور الجديد للقضاة حيث نص في الفصل 111 منه على أنه:
"للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية"، ومن الواضح أن هذا الحق مكفول للقضاة سواء من خلال نصوص وطنية أو دولية.
بداية يمكن تعريف حرية الرأي والتعبير بأنها الحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو العمل الفني بدون رقابة أو قيود حكومية، بشرط أن لا يمثل طريقة ومضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدولة، أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير. وغالبا ما ترتبط حرية الرأي والتعبير بحقوق وحريات أخرى مثل حق حرية العبادة وحرية الصحافة وحرية التظاهرات السلمية.
ويمكن التمييز بين حرية الرأي وحرية التعبير.
فحرية الرأي هي عملية فكرية يتولاها العقل، تعتمد على عدد من المقدمات والفرضيات لاستخلاص النتائج، أو الربط بين حوادث موضوعية أو زائفة، أو بيان الكل بالجزء أو الجزء بالكل، سواء كانت المحاولة صائبة أو خاطئة، أو جاء الرأي لإيضاح أو تفسير رأي آخر ، و بالتالي فإنه لا عبرة بالأفكار التي تبقى قيد الذهن، وللرأي ركنين: مرسل ومرسل إليه، وتشترط وجود هدف أو غاية من إبداء الرأي، و مرونة في ابدائه، بمعنى أنه يعرض ولا يفرض .
أما حرية التعبير، فتعني إخراج هذا الرأي الي الناس عبر وسائل التعبير المختلفة، من كتابة وفن وكلام وحتي عبر لغة الجسد ، وتندرج حرية التعبير ضمن منظومة حقوق الإنسان السياسية.
وحرية الرأي والتعبير مكفولة بمقتضى المواثيق الدولية العامة أو الخاصة وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تطرقت إليه المادة (19) ونصت على أنه" لكل شخص الحق في التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة دونما اعتبار للحدود".
كما نصت على هذا الحق المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي جاء فيه:
"أ-لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة.
ب-لكل شخص الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواءً على شكل مكتوب أو مطبوع، أو في قالب فني بأية وسيلة يختارها.
ج-تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون ، وأن تكون ضرورية:
لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم،
لحماية الأمن القومي ، أو النظام العام ، أو الصحة العامة ، أو الآداب العامة".
أما المواثيق الخاصة بالسلطة القضائية فنجد في مقدمتها مبادئ الأمم المتحدة بخصوص استقلال القضاء التي نصت في مادتها الثامنة على أنه:
"وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يحق لأعضاء السلطة القضائية، شأنهم في ذلك شأن المواطنين الآخرين، التمتع بحرية التعبير والاعتقاد والانتساب والتجمع، شريطة أن يتصرف القضاة دائماً في ممارستهم هذه الحقوق على نحو يحافظ على هيبة ووقار مناصبهم وعلى نزاهة واستقلال السلطة القضائية"
وبمقتضى هذا النص كما هو واضح ، يتمتع أفراد الجهاز القضائي ، نتيجة لهويتهم المهنية واستقلالهم الوظيفي ، بحرية المعتقد والفكر والكلام والتعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع والتنقل ، وهذه الحريات هي ضمانات لحقوق الإنسان الأساسية . ومن حق القضاة التمتع بهذه الحريات ليس كأفراد فحسب ولكن بصفتهم قضاة أيضا ، لأن هذه الحريات أساسية ومفيدة في مهمة القضاء.
وقد تم التنصيص على ذلك أيضا لقضاة النيابة العامة من خلال وثيقة مبادئ هافانا التي نصت في مبدئها الثامن على ما يلي:
"لأعضاء النيابة العامة شأنهم شأن غيرهم من المواطنين الحق في حرية التعبير والعقيدة وتشكيل الرابطات والانضمام إليها وعقد الاجتماعات ويحق لهم بصفة خاصة المشاركة في المناقشات العامة للأمور المتصلة بالقانون والنظام القضائي وتعزيز حقوق الانسان وحمايتها وكذلك الانضمام إلى منظمات محلية أو وطنية أو دولية أو تشكيلها وحضور اجتماعاتها دون أن يلحق بهم أي أدى من الوجهة المهنية بسبب عملهم المشروع أو عضويتهم في منظمة مشروعة وعليهم أن يتصرفوا دائما في ممارسة هذه الحقوق طبقا للقانون والمعايير والآداب المعترف بها لمهمتهم".
وقد ورد في هذا السياق في شرعة الأخلاقيات القضائية العالمية، المعروفة بشرعة بنغالور ما مفاده: "إن للقاضي الحق مثله مثل أي مواطن آخر في التعبير والتجمع شرط أن يحافظ على حياده واستقلاله وعلى كرامة الوظيفة القضائية":
وأكدت نفس الوثيقة على أنه يحق للقاضي:
"الكتابة والتدريس وإعطاء المحاضرات والمشاركة في الانشطة المتعلقة بالقانون أو إدارة القضاء أو المسائل ذات الصلة والمشاركة في الأنشطة التي لا تنقص من هيبة المنصب القضائي، أو تدخل في المهام القضائية للقاضي، وأن يشكل أو ينضم إلى جمعيات القضاة أو يشارك في هيئات من شأنها تمثيل مصالح القضاة".
وبالمغرب فإن الدستور السابق وإن لم ينص صراحة على حق القضاة في التعبير فإن هذا الحق كان مكفولا على المستوى النظري والأكاديمي من خلال الفصل التاسع من دستور 1996 الذي ضمن لجميع المواطنين التمتع بـ"حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع". بمن فيهم القضاة طالما لم يكن ينص على أي استثناء بهذا الخصوص، فإلى أي حد تمتع القضاة فعلا بحقهم في التعبير الحر في ظل الدستور السابق؟
لا شك أن التضييق الممارس على حرية القضاة في التعبير في ظل الدستور السابق كان يبرز من خلال العديد من المستويات فبالرغم من أنه من الناحية المبدئية كانت للقضاة الحرية في الاعتقاد والتعبير حسبما يفهم من ظاهر الفصل 22 من النظام الأساسي لرجال القضاء الذي منع إدراج أي إشارة تتعلق بالأفكار السياسية أو العقائدية في ملف القاضي، غير أنه من الناحية العملية لم يكن يخول للقضاة الحق في الإطلاع على المعلومات المدرجة في ملفهم حتى يتم التأكد من احترام هذه المقتضيات ، بل ويلاحظ أن وزارة العدل كانت ولا زالت المالكة لزمام مراقبة حرية القضاة في التعبير من خلال إخضاع إشارة القضاة إلى صفتهم القضائية في مؤلفاتهم سواء العلمية أو الأدبية أو الفنية لإذن مسبق لوزير العدل مما يعني أن هذا الأخير يمارس رقابة قبلية على ممارسة القضاة لحريتهم في التعبير.
أما في ظل الدستور الجديد ورغم أن المادة 111 منه صريحة في الاشارة إلى أنه: "للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية" .
فإن التنزيل الواقعي لهذا النص من خلال الممارسة كان يصطدم في كثير من الأحيان بالإعمال المفرط لسلاح واجب التحفظ ويمكن في هذا الصدد أن نشير لعدة مؤشرات لا تزال تبعث على كثير من القلق.
المؤشر الأول: أن المشرع الدستوري قيد حرية التعبير المعترف بها للقضاة بضرورة مراعاة واجب التحفظ، وإذا كان غياب تعريف تشريعي واضح ومحدد لمفهوم واجب التحفظ، هو أمر يعتبر ايجابيا لكون مهمة التعريف هي من اختصاص القضاء والفقه. إلا أن ذلك قد يعتبر سلبيا في نفس الوقت بالنظر إلى كون هذا المفهوم مطاط ويحتمل أكثر من تفسير، وتركه على هذا الحال يجعله مناطا للاستغلال من طرف عدة جهات تحاول الركوب علية للإجهاز على مكتسبات السلطة القضائية، وأحيانا لاستغلاله من أجل تحقيق أهداف خفية،
المؤشر الثاني في ظل الفترة الانتقالية التي تعرف تنزيل الدستور الجديد بدأت تظهر بعض المؤشرات التي تؤكد أن بعض الجهات تحاول استباق القوانين التنظيمية المتعلقة باستقلالية السلطة القضائية وإفراغ واجب التحفظ من محتواه ودلالاته. وهنا لا بد من التذكير بالتصريحات الصادرة عن وزير العدل والحريات التي أشهر من خلالها لأول مرة سلاح واجب التحفظ الوارد في المادة 111 من الدستور الجديد، حيث اعتبر أن طريقة حديث واشتغال نادي قضاة المغرب كجمعية مهنية مؤسسة في إطار الدستور الجديد تشكل خروجا عن واجب التحفظ،
ويمكن في هذا الصدد أن نبدي ملاحظتين أساسيتين بخصوص هذه التصريحات من حيث طبيعة الجهة الصادرة عنها، ومن حيث مضمونها.
فمن جهة أولى صدور مثل هذه التصريحات التي تحاول فرض مفهوم معين لواجب التحفظ عن وزير العدل والحريات يبقى مثارا لإشكاليات عديدة أهمها  كون مهمة تحديد التعاريف والمفاهيم ليست من مهمة السلطة التنفيذية عموما، ويكتسي هذا الأمر حساسية كبيرة خاصة إذا تعلق بتفسير مادة دستورية شديدة الحساسية كحق القضاة في التعبير لمساسها باستقلالية سلطة أساسية من السلطات المكونة للدولة وهي السلطة القضائية.
من جهة ثانية وبالوقوف عند مضمون هذه التصريحات يمكن تسجيل ملاحظة أساسية تتمثل في أن الوزير لم يكن موفقا في محاولته لتحديد مفهوم واجب التحفظ المتعلق بحرية التعبير لدى القضاة، حيث اعتمد تعريفا موسعا غير دقيق محاولا في ذلك الاجهاز على مكتسبات القضاة بهذا الخصوص، محاولا تمديد نطاق مفهوم واجب التحفظ الوارد في المادة 111 من الدستور في الشق المتعلق بحرية التعبير، على حق آخر يتعلق بحق القضاة في التجمع وتأسيس جمعيات مهنية رغم أن الدستور لم يقيد حق القضاة بهذا الخصوص إلا بمراعاة واجبات التجرد واستقلال القضاء، والشروط المحددة في القانون، وليس من بينها واجب التحفظ، الشيء الذي يفهم منه أن السلطة التنفيذية تحاول اضافة شرط جديد على ممارسة القضاة لحقهم في التجمع والاشتغال من خلال جمعيات مهنية، وهو ما يبدو من خلال مسودة مشاريع القوانين التنظيمية الجديدة التي حاولت فرض واجب التحفظ على القضاة عند ممارسة العمل الجمعوي في تنزيل غير سليم لمقتضيات الدستور الجديد.
من جهة ثالثة وإن سلمنا جدلا بإمكانية وزير العدل بوصفه وزيرا للحريات أيضا في ابداء رأيه بخصوص مفهوم واجب التحفظ، فإنه لا مناص من الاعتراف بأنه من غير المستساغ إعطاء واجب التحفظ مفهوما واسعا، لأن في ذلك نسف لنطاق حرية التعبير المخولة للقضاة، إذ يعتبر واجب التحفظ من أكثر الواجبات المفروضة على القضاة إثارة للجدل، وهو أول ما يواجه به القضاة عند ممارستهم لحقهم في التعبير أو عند دفاعهم عن حقوقهم المهنية، لذا ينبغي حصر هذا المفهوم ليشمل فقط :
مجال ممارسة المهام القضائية: فمن المعلوم أنه لا يقبل من القضاة إبداء آرائهم بخصوص القضايا الرائجة المعروضة عليهم لأن في ذلك مساس بحقوق المتقاضين وتأثير على السير العادي للعدالة، كما لا يقبل منهم إفشاء السر المهني عموما أو أسرار المداولة على وجه الخصوص.
ولا يمكن أن نقيس على ذلك الممارسة الجمعوية للقضاة لأن إلزامهم بالتحفظ بهذا الخصوص مساس خطير بحريتهم في التجمع، وهي الحرية المكفولة دستوريا، وعلى صعيد المواثيق والاتفاقيات الدولية، ومن شأن التسليم بهذا التأويل غير الديمقراطي للنص الدستوري تحويل جمعيات القضاة إلى  جمعيات صامتة عاجزة عن القيام بأي أدوار حقيقية للدفاع عن ضمانات استقلال السلطة القضائية بالشكل الذي تقره افضل التجارب الدولية في هذا الصدد.
بل وحتى بالرجوع إلى بعض الوثائق الدولية التي تطرقت لواجب التحفظ المفروض على حرية القضاة في التعبير يلاحظ أنه غالبا ما يتم ربطه بممارسة القضاة لمهامهم القضائية أو بمناسبة ذلك، وهكذا تؤكد مبادئ الأمم المتحدة لاستقلال السلطة القضائية في مادتها الخامسة عشر على أن القضاة ملزمون بالمحافظة على سر المهنة فيما يتعلق بمداولاتهم وبالمعلومات السرية التي يحصلون عليها أثناء أداء واجباتهم الأخرى خلاف الإجراءات العامة. ويشير تعريف الاتحاد العالمي للقضاة لواجب التحفظ بأنه يعني ممارسة القضاة لواجباتهم باعتدال وكرامة وباحترام لمهامهم ولأي شخص معني. وفي هذا الإطار اعتبر المجلس الأعلى للقضاء بفرنسا من صور إخلال القاضي بواجب التحفظ قيامه بإفشاء سرية  التحقيق الجنائي في قضية ما.
الشيء الذي يؤكد أن التعريف الديمقراطي لواجب التحفظ يقتضي حصر نطاقه على مجال ممارسة القضاة لمهامهم القضائية دون توسيعه ليشمل نشاطهم خارج إطار عملهم أو أي أنشطة جمعوية أخرى.
  • المتابعة تجريم لحق نقد الموظف العمومي وتكميم للأفواه وترهيب للصوت والكلمة الحرة والمسؤولة:
وحيث إن  حرية النقد صورة من صور حرية الرأي والتعبير ، تتيح للإفراد بطريقة غير مباشرة المشاركة في الحياة العامة والإسهام في مواجهة المشكلات وإدارة شؤون الوطنجاء في قرار صادر عن محكمة النقض :
"القذف لا يتحقق الا بنسبة واقعة معينة مشينة إلى الشخص المقذوف على سبيل التأكيد, أما مجرد انتقاد شخص دون توجيه اتهام له بما يشينه وذلك بالتساؤل عن طبيعة التسيير المالي للنادي محل النزاع فلا يعتبر قذفا حتى لو تضمن اسمه, اذ هو مجرد ممارسة لحرية التعبير''. قرار عدد 1643/10 صادر بتاريخ 25 نونبر 2009 .
" نقد الموظف العام في أعماله وليس في شخصه- حول تجريم الرأي الواقع في القرون الوسطى :النقد المباح لأعمال الموظف العام الموظف" الذي لا يريذ النقد فليجلس في بيته"
"الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو المكلفين بالخدمة العامة باعتبار أن هذه الأعمال من الشئون العامة التي لا يجوز أن يكون الاهتمام بالاستقامة في أدائها والالتزام بضوابطها ومتطلبتها وفقا للقانون مقصورا على فئة من المواطنين دون أخرى، بما مؤداه أن يكون انتقاد جوانبها السلبية وتعرية نواحي التقصير فيها وبيان أوجه مخالفة القانون في مجال ممارستها، حقا لكل مواطن وفاء بالمصلحة العامة التي يقتضيها النهوض بالمرافق العامة وأداء المسئولية العامة على الوجه الأكمل، ولأن الوظيفة العامة وما يتصل بها من الشئون العامة لا تعدو أن تكون تكليفا للقائمين عليها. والتزامهم الأصلي في شأنها مقصور على النهوض بتبعاتها بما لا مخالفة فيه للقانون -تقديس الأشخاص المكلفين بخدمة عامة بخلاف الدستور
-الفايسبوك لا يحقق شرط العلنية لكونه مجال خاص ومحدود لا يكتسي الصبغة العمومية
 نقضت محكمة النقض بفرنسا قرارا قضائيا سابقا، يدين مواطنة فرنسية نشرت ألفاظ قدحية بحق مشغلتها على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ومطالبتها بالتعويض المادي والمعنوي.
واعتبرت المحكمة أن هذه الحجة والسب الذي بنيت عليه الدعوى لا يمكن أن يعتبر علنيا لكونه وضع على صفحة شخصية محدودة المتابعة وان المطلعين عليها هم اشخاص لا تجمعهم سوى روابط اجتماعية بسيطة.
كما أن الحيز الذي وضعت عليه هذه الاتهامات كان شخصيا وخاصا، بعكس المنابر المؤسساتية والجمعوية التي تضم عددا كبيرا من المتابعين والذي يحقق شرط العلنية.
 ولأن المنشور اعتبر غير علني لكون الاصدقاء المقربين فقط هم الوحيدون الذين بإمكانهم الاطلاع عليه، رفضت المحكمة متابعة التظلم كما رفضت التماس المشغلة بتغريم الموظفة التي صدر عنها هذا السلوك Arrêt n° 344 du 10 avril 2013 (11-19.530) - Cour de cassation - Première chambre civile - ECLI:FR:CCASS:2013:C100344 
 
1-عدم تضمن الخاطرة أي عبارات سب وشتم وقذف :
2-تجريم مبادئ الحكامة الجيدة للمرفق العمومي /المحاسبة والمسؤولية والشفافية :
3- سوء النية في التفسير لانعدام أي علاقة بين النمر كحيوان والنميري كإنسان
4-عنوان الخاطرة الرئيسي لم يرد فيه النمر وإنما "لا نريد أسدا"
5-الخاطرة نشرت قبل 15 يوما من تعيين المشتكي
6- لم يسبق للوزارة أن نشرت أسماء المرشحين للمنصب،وكإني بالهيني يعاقب على انعدام الشفافية وعلى العلم بالغيب
7- الخاطرة نشرت يوم 24 وليس يوم 25 كما جاء في تقرير المقرر
-8لم يصرح أي معلق على الخاطرة بأنها تعني شخصا بعينه وإنما  تعني فقط الرجل المناسب في المكان المناسب.
9- شهود الصلح يؤكدون انعدام علاقة الإسناد بين الخاطرة ونميري بإقرار المشتكي نفسه:
10-الخبرة النقدية للخاطرة المنجزة من طرف خبير في المجال الأدب والنقد والشعر تؤكد استحالة وجود أي رابط بين النمر ونميري، مما يطرح التساؤل عما إذا كانت المفتش العام والمقرر خبراء في النقد الأدبي للإفتاء في مجال لا يعنيهما في شيء، فإن نفس الأمر ينسحب على مجلسكم الموقر طالما أن المستقر عليه قضاء أن الأمور الفنية تخرج عن اختصاص القاضي .
11- طلب الاستماع للجنة الصلح ؛
12- طلب إجراء  خبرة جديدة أو بحث أو تقرير مضاد؛
13- استدعاء الخبير، وعند الاقتضاء الأمر بتعيين خبير:
حيث إنه احتراما للمستقر عليه قانونا وفقها وقضاء من كون استيضاح  أهل الخبرة في شأن استظهار بعض جوانب الوقائع المادية التي يستعصى على قاضي الموضوع إدراكها بنفسه من مجرد مطالعة الأوراق والتي لايجوز للقاضي أن يقضي في شأنها إستنادا لمعلوماته الشخصية وليس في أوراق الدعوى وأدلتها ما يعين القاضي على فهمها ، والتي يكون إستيضاحها جوهريا في تكوين قناعته في شأن موضوع النزاع، يقتضي الأمر بإجراء خبرة،
وحيث إن الخاطرة موضوع المتابعة التأديبية باعتبار أسلوب كتابتها، والأساليب المجازية المستعملة فيها، وعدم إمكانية تفسير معانيها بكيفية موضوعية من غير المختصين بالدراسات الأدبية فقد أجرى الطاعن خبرة ودية عليها أسندت للدكتور /محمد الكامل، اديب وناقد وشاعر، أنجز في شأنها تقريرا ( رفقته نسخة منه ) خلص إلى أنه لا مجال للقول بأن المقصود بما جاء في الخاطرة هو السيد مدير الشؤون المدنية الأستاذ النميري،
وحيث إن الخبرة المنجزة مستوفية لعناصرها المتطلبة قانونا، من حيث صدورها من مختص، وأنه ولئن كان غير مسجل في جدول الخبراء، فلا يعيب خبرته في شيء متى استدعاه المجلس للاستماع إلى إفادته وتأكيد خبرته بعد أدائه اليمين القانونية،
وحيث إنه لا يجوز للمجلس أن يستبعد خبرة غلا بمسوغ، متلما لا يمكنه الفصل في مسألة فنية دون الاستعانة براي أهل الاختصاص،
وحيث متى ارتأى المجلس الموقر أن يستبعد الخبرة المرفقة، فإن عليه أن يامر بخبرة مضادة، يعين للقيام بها أستاذا في كلية الآداب بالرباط للقول مما إذا كانت الخاطرة تعني شخصا بعينه، أو تشكل مساسا بالوقار أو إخلالا بالكرامة،
وحيث إن من شأن رفض هذا الطلب أن يحرم المجلس من الاستئناس برأي فني متخصص  ومحايد، فضلا عن كونه سيعد انتصارا لقراءة متعسفة للخاطرة الأدبية موضوع المتابعة،
و حيث من ناتج ما ذكر يلتمس العارض انتداب استاذ  متخصص في الدراسات الأدبية لأداء اليمين القانونية أمام المجلس بهدف إجراء خبرة بشروطها الشكلية  على الخاطرة موضوع المتابعة ، بعد الاستماع إلى تصريحات  الأطراف
 
وحيث إن هناك أسئلة محرجة لا يقوم للركن المادي للخطأ قائمة بدون الجواب عنها : من ذكر اسم المشتكي في الخاطرة؟ من قرأها أصلا من القضاة ؟ من فهمها؟ من فسرها وأولها ؟ من توصل إلى أن المشتكي هو المعني بها؟ ألم نسيء إليه بهذا الملف؟ ألم نحشره حشرا في ثنايا السطور؟
وحيث  شكلت القراءة وإشكالية التأويل أحد المباحث الأساسية في الدراسات النقدية، وافترقت في معالجتها إلى مدارس واتجاهات، فالنص الأدبي خاصة حمال أوجه، والكاتب الجيد هو الذي يجعله مشرعا على تخوم المعنى.
هل سيكون الدكتور الهيني ضحية النص الملتبس؟ هل سنتعسف في القراءة،؟ هل سندشن مبحثا جديدا في الدرس الأدبي هو القراءة التأديبية للنص ؟
وينبغي أن نعترف أن المجال الطبيعي لموضوع المتابعة هو تخصص قائم الذات أسس مثنه نقاد محنكون هم رواد الدرس الأدبي المغربي: أمثال اليابوري والحجمري، ومفتاح، وكيليطو، وغيرهم ممن يملكون أدوات قراءة النصوص لاستنطاقها، وإبراز جماليتها، وأبعادها الدلالية. من أمثال رولان بارث، جاك دريدا، باختين،
....إننا أيها السادة رجال قانون، لا محترفي نقد، وأنه حين نحاكم الابداع فينبغي أن نمتلك أدواته، وأن رجلا اسمه محمد نور كتب اسمه بمداد من نور حينما حقق وهو نائب عام مع الدكتور طه حسين في شأن الشكايات التي انهالت عليه بازدراء الدين الاسلامي في كتابه " في الشعر الجاهلي " فقرر حفظها بتعليل ماتع ختمه بالقول: " مما تقدم يتضح أن غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدي على الدين بل ان العبارات الماسة بالدين التي أوردها في بعض المواضع من كتابه إنما قد أوردها في سبيل البحث العلمي مع اعتقاده ان بحثه يقتضيها، وحيث أنه من ذلك يكون القصد الجنائي غير متوفر، فلذلك تحفظ الأوراق اداريا".
 وحيث إن مؤلف سيرة حمار وهو ناطق سابق باسم القصر الملكي يعكس هذا الوجه المشرق للتأويل المتنور نظرت في مرآة،فإذا أنا حمار كامل الأوصاف لا أختلف عن الحمير إلا في شيء أضحى مصدر معاناتي هو قدرتي على التفكير ،فإذا كان الأمر سيهون لو حرمت من التفكير وعشت حياة الحمير لا أختلف عنها في شيء ،والحال أني سوف أعيش وسط الحمير حمارا يأتي ما تأتي ويحمل من الأثقال ما تحمل ،ويختلف عنها في شيء ،قدرته على التفكير ،ويؤلمه ألا يحسن التعبير عما يجيش به صدره من أحاسيس ويمتلئ به من رؤى .وها هنا تبدأ مغامراتي التي أريد أن أبثك إياها أيها القارئ فلا تنأ عني.غلاف المؤلف..وفي موضع آخر من المؤلف ص 51يقول "أنه إذا انكشف أمري فلن يغفروا لي ذلك ،لأنهم في حاجة لمعبود يعبدونه وفق مواصفات وضعوها ،فإذا تبينوا اني لا أستجيب لتلك المواصفات ثاروا علي،واقتصوا مني ،وأخبرني أنهم شداد في المغالبة ،غلاظ عند المغضبة ،وحدثني عن حياته ،وجعلوه سادنا لنعبدهم ،قيما على معبودهم ،وقد أدرك ما يبتغون ،فجاراهم ما يريدون ،وقد وعدني أن يعلمني بعضا من لسان الحمير ،وإليه الفضل في ما تعلمت من لسانها وطرائقها.."سيرة حمار للأستاذ حسن أوريد،منشورات دار الأمان الرباط ،مطبعة النجاج الجديدة الدار البيضاء الطبعة الأولى 2014.
وحيث إن لغة ابن المقفع واستعمال الحيوانات كرموز أدبية وكأبطال لرواية تفي بالغرض وباللغة المجازية المستعملة للوصول للهدف المنشود وهو تحريك الضمائر الحية وبعث الاصلاح .
وحيث ورد في مؤلف د أحمد طحان :الحمار على رأس القافلة دار المعرفة بيروت لبنان الطبعة الأولى 2008 في مقدمة الكتاب ص 7 ورد "في التاريخ العربي أن جملا معتدا بنفسه خرج من القافلة وشرد في الصحراء بعيدا عن أصحابه ورفاقه ..عندما لحق به صاحبه ساله مستغربا :لماذا فعلت ذلك؟قال الجمل وهو يهم بإكمال رحيله:أنا لا أقبل المسير في قافلة الحمار على رأسها .ورغم المحاولات والجهود بقي الجمل شاردا ،وكأنه يقول لصاحبه المفجوع بأن الذاكرة لا تكذب.هذا الكتاب عن الحمار ذاته ،ثم عن ذاكرته وعن سبب هروبه،فهو تاريخ لواقع يعيشه المؤلف في عالم ملي بالغرائب والصراعات والكذب ،التي وإن سجلتها الذاكرة ،لا يقبلها العقل إلا على طريقة "الحمار على رأس القافلة"والكتاب هو المحاولة الأولى في الأدب العربي الحديث للتوأمة بين الرواية والمقال في فن واحد هو "الرقال"والحاجة أم الاختراع كما عرف ذلك ابن المقفع وكتب فيه..1-الحروب القذرة ".
لكن ولسبب ما نفاجأ بملف تأديبي فتح خندقا عميقا في دواخلنا جميعا، هزم حيادنا، وبعثر أوراقنا، وزعزع ثقتنا في بعضنا البعض، إذ كيف لكلام عابر، منثور بعفوية على البساط الأزرق، يمتح من المخيلة الغيورة على الوطن، التواقة للتغيير بعبق الربيع المغربي الزاهر دستورا من صنع أمير المؤمنين، كلام لا يخدش كرامة، ولا يهتك ستار الشرف، ولا يسقط تاج الوقار، كلام هو اليوم دستورنا جميعا : الكفاءة لمن يستحق، والرقابة على الجميع، والمسؤولية صنو المحاسبة.
من يقول اليوم بعكس ما اجترحه الدكتور الهيني،؟؟؟ لماذا سن مرسوم التعيين في المناصب العليا؟؟؟ لماذا نفتخر اليوم بأن تكافأ الفرص وإسناد المسؤولية على سند من الاستحقاق لم يعد مطلبا بل غدا ممارسة متوجة بالشفافية.
وأنه إن كان الأمر كذلك فلأننا في دولة لا في غابة، فطبيعي أن لا يتولى أمر المسؤولية نمر أو أسد ، فلان أو علان، إلا إذا كان أسدا في غيرته على المرفق، نمرا في اقتناص أفضل السبل نجاعة للرقي بنا لما يصبوا له عاهل البلاد، وشعب البلاد في رؤية قضاء قوي يرسي دعائم دولة الحق بضمان سيادة القانون.
والدكتور الهيني، الذي يرسي بممارسته المهنية الراشدة، وتكوينه القانوني الرصين، معالم قضاء شاب، صاعد، هو مستقبل غدنا المشرق، لا يمكنه أن يقذف زميلا، أو يسب قاضيا، فبالأحرى أن يقفز في الفراغ لينال من رئيسه السابق،

إن المشكل اليوم أن خاطرة لم يلق لها أحد بال إلا ممن ابتلوا بلعنة الفايس، تحولت إلى قضية رأي عام، قضية لم يتصور أطرافها أن تستحيل إلى كرة ثلج كبرت بسرعة الفعل ورد الفعل، ونتمنى أن تتوقف حتى لا تأخذ أكثر ما أخذته من أبعاد.
وأن القضاة اليوم، والمؤمنون بدستور 2011، وكل الغيورين على مصلحة الوطن يتطلعون إلى غلق هذا الملف الذي استنزفنا مجانا وبدون سابق إنذار، وأن الخاسر الأكبر سيكون هو وجه القضاء، الذي جبل أعضاؤه على التسامح فيما بينهم، ولم يسجل لهم التاريخ أن كانوا أطرافا في شكاية، فبالأحرى شهودا على التأديب.
وحيث إن محكمتكم الموقرة بما لأعضائها من حنكة مشهودة، وتجربة معهودة، سوف لن يقبل أن يسجل عليها التاريخ أنها جعلت من قرارها في هذا القضية ختما على أقلام القضاة، و لجاما لألسنتهم التي إن أخرست عن قول الحق سقطت عنهم الولاية.
الوسيلة الخامسة:الانحراف في استعمال السلطة
حيث إن المقصود بعيب الانحراف في استعمال السلطة مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف واستعمال المصلحة العامة مطية لتحقيق أغراض أخرى غير المصلحة المذكورة ذات طبيعة ذاتية للانتقام والتشفي والتنكيل بالمخاطب بالقرار الاداري

وحيث ينص الفصل 109 من الدستور على أنه يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء; ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط.
وحيث إنه حينما يدان القاضي بناء على الأحكام التي أصدرها ضمن الهيئة القضائية التي يعمل بها  ولاسيما الأحكام الصادرة في قضايا محضر 20 يوليوز والأحكام الصادرة ضد وزارة العدل والمواقف الدستورية المتعلقة بالدفاع عن استقلال السلطة القضائية عن وزارة العدل ومطلب إحداث مجلس الدولة فإن الأمر يشكل انتهاكا دستوريا فاضحا لمبدأ استقلال القضاء ولحرية التعبير،وحينما تنعدم ابسط ضمانات المحاكمة العادلة المكرسة دستوريا ودوليا ومن بينها قرينة البراءة وحقوق الدفاع فلاشك أن ذلك يعتبر انتكاسة دستورية ومذبحة للقانون والقضاة بالمغرب تعود بنا لسنوات ما قبل هيئة الإنصاف والمصالحة لا يمكن السكوت عنها ، لاننا نفاجأ اليوم بمنحى تنقيبي و تفتيشي يطارد الكلمة ويهب صاحبها قربانا للتأديب بمتابعات مطاطة تستفيد من فراغ مهول في الأسانيد القانونية، والتمظهرات الواقعية لواجب الوقار والكرامة.
لقد بتنا نخاف من أن نتحول جميعا إلى وليمة لواجب الوقار والكرامة، مثلما بتنا نخشى أن تكون الوليمة مطبوخة على نار الانتقام. إذ لم يسبق أن عرف القضاء المغربي إحالات على خلفية الأفكار والمعتقدات كما هو الحال اليوم،فهل يعقل أن يتابع قاض عن ذكر إسم حيوان في خاطرة رغم أن الخاطرة  موضوع المتابعة عبارة عن تأملات تضمنت العديد من المواصفات التي يجب توفرها في المدير المنتظر تعيينه في إطار مبادئ الشفافية والحكامة طبقا للفصل 154 وما يليه من الدستور غير موجهة إطلاقا ونهائيا لأي شخص بعينه وأنه تم استعمال أساليب لغوية مجازية تعبر عن حالة  يعاني منها مشكل التعيين في المناصب العليا على مستوى المديريات المركزية .  
 وحيث  ظلت الوقائع المشكلة للمخالفة التأديبية فارغة ؛ و سندها الظن والتخمين وتبتعد كليا عن الجزم واليقين ، وغير آبهة بكون "الحق في التغيير" أهم مظنة لـ "حرية التعبير" ، وغير قادرة على التمييز بين قواعد الحكامة الجيدة للمرافق القضائية والإدارية وبين تقديس الأشخاص وتحصينهم من النقد بالمخالفة للدستور؟ وغير معتبرة لما استقر عليه القضاء المقارن بكون من لا تتسع نفسيته للنقد أن يلزم بيته وألا يقبل بأن يكون مسؤولا، وما  خلص إليه قرار شهير لمحكمة النقض الفرنسية بأنه ﻻ يمكن لمن يتولى المناصب و المسؤولية في تسير الشأن العام أن يحصن سياساته من النقد حتى لو تضمن عبارات تقدح في كفاءته و قدرته على حسن اﻻدارة.
وحيث إنه من واجب  وزير العدل  والحريات  ووزارته والمجلس الموقر الإجابة على الأسئلة التالية التي تشكل دليلنا في الانتقام كوسائل إثبات دامغة والتي ستعتمدها المحكمة للتحقق من الانتقام ومخالفة قاعدة تخصيص الأهداف لأغراض ذاتية أنانية حزبية مقيتة يستعمل فيها السياسي سطوة القانون لمعاقبة القاضي والمس باستقلاليته .
-لماذا صرح  مباشرة بعد حكم المعطلين أن التوظيف المباشر عين الفساد ،وأن ذ الهيني يقوم ببطولة وهمية كررها على مسامع الملحقين القضائيين وأعضاء مجلس المستشارين كما أوضح ذلك الدفاع؟
هل يعقل أن تصرح  بإدانة قاض في البرلمان وقصاصات الأخبار قبل محاكمته ؟وهل يعقل أن تطالبه بالاعتذار خلال مراحل المحاكمة ؟ألا يعتبر ذلك إدانة مسبقة ؟وهل يجوز التفاوض مع المتابع قانونا ؟حتى في غيبة أعضاء المجلس؟متى كان القاضي يتفاوض مع المتابع ؟وكيف ستدافع  عنه وتنصب نفسك محاميا عنه إن اعتذر وأنت  عضو في تشكيلة الهيأة؟وهل من المقبول ممن نصب نفسه خصما للمتابع منذ البداية أن يكون محاميا عنه؟؟ولما ستلتزم  الحياد إن لم يعتذر ؟وهل ممارسة الحياد يعتبر إخلالا بتكوين الهيئة وبسرية البت لأن عضوا لم يشارك في المداولات؟وهل وظيفته هي الحياد ؟ كما أن الدفاع عن المتابع من طرف الوزير يطرح سؤال عن في مواجهة من سيتم الدفاع لأن أعضاء المجلس أعضاء وليس أعداء كما جاء على لسان المستشار ذ الكرجي.
وهنا يحق لنا التساؤل لماذا رفض المجلس استدعاء شهود الصلح؟ ،ولماذا رفض إجراء خبرة أدبية على الخاطرة رغم أنه لا يفقه في علم الأدب ؟ولماذا رفض الدفع بزورية تقرير المفتشية والمقرر ؟ولماذا تمت مجازاة المقرر بالمنصب الجديد؟؟؟أسئلة ستبقى معلقة لاستباق الإدانة في النفوس؟مما جعل الدفاع لا يطالب بالبراءة كطلب أصلي وإنما يطالب بإلغاء قرار الإدانة المسبقة من طرف الوزير المنشور على الموقع الإلكتروني والذي رفض سحبه رغم إعذاره وإنذاره وبالرغم من مراسلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الموضوع في منحى خطير يعزز ثقافة الاستبداد وعدم القطع مع ممارسات الماضي.  
وحيث إن غياب المنطق القانوني وسيطرة الأفكار المسبقة كان هو الفيصل ،لذلك فإن إصدار قرار بتوقيف العارض لمدة ثلاثة أشهر بدون أجر قرار جائر وباطل ومفتقد لأي أساس قانوني ،لأن العقوبة توحي بخطورة الوقائع في ذهن الوزير فقط وليس في وقائعها الحقيقية،لأن الأمر بعيد جدا عن الأخطاء المهنية الوظيفية المتعلقة بمصلحة المرفق القضائي ، مما شكل ذلك صدمة كبرى وانتكاسة  دستورية وقانونية وأخلاقية اعتبرتها بمثابة مذبحة لحق القضاة الشرفاء والنزهاء في التعبير تستهدف ترهيبهم وتخويفهم  وتكميم أفواههم وقطع رزق عيالهم  وانتهاك كرامتهم من طرف من يخشى  كعادته ودأبه الصوت الحر للقاضي والدفاع عن استقلال السلطة القضائية ويعشق خطاب التمجيد المنزعج من الأفكار والمواقف الحقوقية المتنورة لتنزيل المقتضيات الدستورية.ومما زاد الطين بلة هو الحرمان من الترقية التي لم يدر في خلد المتابع في يوم ما أن ما قدمه للقضاء في المحكمة الإدارية بالرباط بشهادة رئيسيها من أحكام واجتهادات كما وكيفا لن يكون له أي مفعول يذكر ،لأن في ذلك عندهم يتساوى المجتهد وغير المجتهد ،وفي ذلك رغبة يائسة  لتحطيم المعنويات وقتل الاجتهاد ،وهكذا يخشى أن يصير الحرمان من الترقية بمثابة آلية جديدة للتأثير على استقلال القضاء وتشجيع الفساد ولو بصورة غير مباشرة.
عدم مشروعية قرار النقل التلقائي من القضاء الاداري لقضاء النيابة العامة
وحيث ينص الفصل 108 من الدستور على أنه لا يعزل قضاة الأحكام ولا ينقلون إلا بمقتضى القانون.
وحيث  يبقى القرار الصادم والذي شكل فاجعة لمختلف الحقوقيين هو النقل الإجباري والتلقائي من القضاء الإداري للنيابة العامة وهو أشبه بعملية انتحارية افتقدت فيه البوصلة وظهرت معالم الخطة المعدة مسبقا -كما صرحت بذلك  المنظمات الحقوقية إبان المتابعة في العديد من الملتقيات العلمية والندوات الثقافية - للإطاحة به من هذا النوع من القضاء المتخصص كنوع من العقاب على الجرأة والشجاعة الأدبية والاجتهادات المبدئية الحامية للحقوق والحريات في مواجهة شطط الإدارة - في انتهاك صريح لمبدأ عدم جواز تعدد العقوبات الإدارية  .
 وحيث إن الخاطرة موضوع المتابعة ليست لها أي علاقة بالقضاء الإداري بحيث لن تنصب على التظلم من حكم أو إجراء قضائي أو المس بحقوق مواطن،كما تم انتهاك مبدأ دستوري آخر أكثر أهمية يتعلق بحصانة القاضي من النقل الذي يتفرع عنه حصانة المحاكم المتخصصة بغرض النيل من استقلال القضاء واعتبار القضاة قضاة صاحب الجلالة قضاة لوزارة العدل تابعين لها ملحقين بها يأتمرون بأوامرها،و لاسيما أن إحالته على النيابة العامة رغم عدم خبرته بها  لأننه لم يزوال أعمالها بها طيلة مساره القضائي المتميز الممتد لأكثر من 15 سنة فيه إهدار للمال العام وقتل للتخصص والتكوين الدقيق وتعميق للارتجالية  وسيطرة الأهواء الشخصية، فيه ما يوحي بأن القضاء الإداري قضاء الحقوق والحريات أصبح ملكا للوزارة محفظا باسمها تبقي من تشاء به وتطرد من تشاء بدون ضوابط ومعايير موضوعية إلا مشيئتها وإرادتها المشوبة بالانحراف في استعمال السلطة بشكل فاضح يفقأ العين،كما أنه  إشارة إلى القضاة الاداريين بوجوب فرملة اجتهاداتهم لتكون وفق السياق العام الذي ترتضيه السلطة التنفيذية لتحصين قراراتها الإدارية من الطعن ،وكذا تدريب القاضي المتابع على تعلم تقنيات قضاء التعليمات لمحو معالم الاستقلالية ومحاربة قضاء المواطنة المستقل الكفئ والنزيه لصالح قضاء الإدارة،وهو ما جعل زميله الأستاذ العبدلاوي االقاضي المدان عن غير وجه حق عن مجرد صورة حية لواقع مرير يتمثل في عدم وجود مكاتب بالمحكمة  شهد به الوزير أن يعتبر أن " الإبعاد عن القضاء الإداري يظهر بجلاء أن المتابعة التأديبية لم تكن أبدا من اجل الخاطرة بل انتقاما من الإبداع الذي أبنتم عليه في عملكم ، و خوفا مما قد يأتي من قرارت تؤسس لمبدأ الشرعية الذي أصبح يقض مضاجع البعض"
وحيث إن  ضمان تخصص النيابة العامة وكفاءتها يستلزم عدم نقل قضاتها إلا بطلب منهم حماية لقاعدة حصانة القاضي من النقل التي لا موجب ولا غاية لحصرها في قاضي الحكم ،وفي المقابل فإن نقل القاضي المتخصص أو العادي للنيابة العامة يبقى أمرا غير مشروع لأن ذلك يستلزم توفير تكوين خاص وقدرات خاصة قد لا تتوافر فيه لأن القضاء صنعة واحتراف لا يتقنه إلا من خبر قضاياه وإشكالياته ودقائقه،فضلا عن حماية اختصاص المحاكم وضمان احترافية القضاة وجودة الخدمة القضائية حتى لا يتم إهدار المال العام وقتل للتخصص بخلفيات يعلمها العام والخاص ولا تنطلي على ذي أهلية قانونية وقضائية،فليس ذلك انتقاصا من قضاء على قضاء ولا تسلط من قاض على قاض وإنما التسلط والانتقاص هو الطعن في القواعد القانونية الدستورية ولاسيما حصانة القاضي من النقل والذي تتفرع عنه حصانة المحاكم المتخصصة .
قضاء النيابة العامة ليس جهة تأديب :
وحيث إن  قضاء النيابة العامة ليس جهة تأديب حتى يحال إليه القضاة المؤدبون ،بل قضاء متخصص يحتاج لقضاة بخلفيات دستورية وقانونية وحقوقية لا بخلفيات تأديبية ،فالقاضي الذي لا يصلح لصنف معين من القضاء لا يصلح لجميع الجهات القضائية ،لذلك تعتبر الإحالة للنيابة العامة استهانة كبرى لهذا الجهاز وأعضائه وانتقاص خطير منه وضرب في استقلاليته ولجودة الخدمات التي يقدمها والنجاعة القضائية المتوخاة منه ،لأن القاضي الذي لا قبل له بالنيابة العامة ويفتقد للتكوين يجب أن يعمل في القضاء الذي صرفت عليه أموال طائلة من الدولة في التكوين التخصصي فيه ،لذلك فإن عدم احترام قرارات المجلس الأعلى للقضاء لطبيعة تكوين القاضي ولتخصص المحاكم فيه  مسا خطيرا بمبدأ الحماية الفعالة لحقوق المتقاضين وحرياتهم ويأتي على رأسها حقهم في قضاء كفئ ومتخصص،لأن أزمة القضاء اليوم ليست فقط إشكالية تخليق وإنما وبصفة أساسية وأولية أزمة ضعف التكوين والتكوين المستمر،لكن يبقى المقلق  والمثير هو غياب الفكر الدستوري لدى القائمين على شؤون العدالة فالمحاكم بالنسبة إليهم جهة واحدة والقضاة مثلهم مثل غيرهم ، لا يختلفون إلا في التأديب لا في الاجتهاد والإبداع ،أفليس القاضي كائن حقوقي بطبعه يستلزم حماية دستورية لاستقلاله وللضمانات التي يتمتع بها بعيدا عن وصاية عمرت طويلا للوزارة العدلية نتمنى أن تزول غير مأسوف عليها ليتأسس المجلس الأعلى للسلطة القضائية كجهة ناظمة حصرية ووحيدة للشأن القضائي وللقضاة،ليطمئن المتقاضين أن قضاتهم لا يخضعون إلا لضميرهم والقانون وليس لوزارة الرميد أو غيره ؟.
وحيث إن قرار المجلس الأعلى للقضاء موضوع الطعن  بالإلغاء  جاء خاليا من بيان الأسباب والأسانيد الواقعية والقانونية التي تبرر اتخاذ القرار بالنقض ، ذلك أنه لم يتضمن أي سند أو حجة أو دليل يبرر النتيجة التي انتهى إليها بشكل يبين أنه صدر بناء على تخمين و ظن وليس على جزم ويقين.
وحيث إن التعليل يعتبر ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة، فوجوده عنصر من العناصر القانونية والشرعية،ذلك أنه يقوي الثقة في نزاهة العدالة و يبعث على الاطمئنان على مصداقيتها.
و حيث إن عدم تقديم المجلس الأعلى للقضاء   لتفسير معين لطرح  الدفوع الشكلية والموضوعية المقدمة من طرف هيئة الدفاع  وعدم الارتكان للحجج والدلائل المقدمة امامه من شهادة شهود الصلح والتنازل وتقرير الخبرة وتقديرها  تقديرها بشكل  يتماشى مع المنطق السليم و مع ما يحمله مضمونها، يعتبرمعه القرار منعدم ومنقطع الأسباب والتعليل من الأسباب التي تبيح الطعن بالإلغاء .
وحيث إن القرارات تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين
وحيث إن المجلس الأعلى للقضاء حرف  الوقائع و أهمل شهادة شهود الصلح وتنازل المشتكي عن شكايته وتصريحه بكون الخاطرة لا تعنيه و تقرير الخبرة ومحضر المعاينة ولم تقم بأي تحقيق من جانبه  للفصل في الدعوى و أساءت تطبيق القانون.
 
و حيث إنه من المستقر عليه في اجتهادمحكمة النقض الموقرة الموقر أنه:
 
"..يعد عدم الجواب على دفع أثير بصفة انتظامية وله تأثير على ما قضت به بمثابة نقصان التعليل يوازي انعدامه."
 
(قرار رقم 658 صادر بتاريخ 03/11/1982، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى) عدد 92ص5)
 
و أن:
 
 " عدم الجواب على مستنجات الأطراف المقدمة بصفة صحيحة ينزل منزلة عدم التعليل"
 
(قرار عدد 82 صادر بتاريخ 16/01/1975 في الملف عدد 29005، منشور (بمجلة القضاء والقانون)
 
و أن :
 
"الواجب المسطري يقضي بالبحث في الوسيلة التي أثارها المستأنف في وجه استئنافه وبإجراء المسطرة فيها مع خصمه إلى النهاية والجواب عنها وإلا كان الحكم ناقص التعليل".
 
(قرار اجتماعي عدد 3 صادر بتاريخ 11/12/1967 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 1)
  مما يجعل القرار المطعون فيه معيبا غير مرتكز على أساس قانوني صحيح وناقص التعليل الموازي لانعدامه وخارقا للقانون مما يبرر التصريح إلغاءه و إبطاله.
وحيث تنص  الفقرة 2 من الفصل 110 على أن القاضي يتولى التطبيق العادل للقانون
وحيث ينص الفصل 117 من الدستورعلى أنه  يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون.

وحيث ينص الفصل 118 من الدستورعلى أن   حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون. وحيث ينص الفصل

كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة.

وحيث ينص الفصل 119 من الدستورعلى أنه  يعتبر كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة-تأديبية- بريئا، إلى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي، مكتسب لقوة الشيء المقضي به.


الفصل 120 من الدستورعلى أنه  لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول
حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم.

وحيث ينص الفصل 123 من الدستورعلى أنه  تكون الجلسات علنية ماعدا في الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذك
وحيث ينص الفصل 125 من الدستورعلى أنه  تكون الأحكام معللة وتصدر في جلسة علنية، وفق الشروط المنصوص عليها في القانون.

وحيث إن القاضي سيدي الرئيس السادة الأعضاء المحترمين لا يمكنه أن يحمي حقوق وحريات المواطنين ويصون الأمن القانوني والقضائي وهو مفتقد للحماية الذاتية لحماية استقلاله كمرتكز دستوري لفائدة المتقاضين للاحتماء بقضاء مستقل ومحايد وكفئ ،ويبقى الأمل معلقا على اجتهاد قضائي إداري وفقا للمسار المشرق الذي خطته الغرفة الادارية باقتداروالذي من شأنه يعيد الاعتبار للقاعدة الدستورية والقانونية  لحماية الأمن القانوني والقضائي  للقضاة من منطلق القضاء المواطن لتخليق وتهذيب الادارة ورد شططها وانحرافها لتسلك جادة الصواب وطريق المشروعية  ،وما ذلك على الله بعزيز.
لهذه الأسباب ولغيرها من الأسباب التي يمكن لمحكمتكم الموقرة أن تثيرها ولو تلقائيا إن اقتضى نظرها ذلك، يلتمس العارض من سيادتكم التفضل بالتصريح
في الشكـل: بقبول طلب إيقاف التنفيذ.
في الموضوع:
 باعتبار الطلب والتصريح بإيقاف تنفيذ قرار المجلس الأعلى للقضاء موضوع الطعن بالإلغاء للشطط في استعمال السلطة الصادر في دورة ماي 2014 والقاضي باتخاذ قرار الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة ثلاثة أشهر والحرمان من الأجر مع النقل من المحكمة الإدارية بالرباط بصفة مستشار بها إلى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة بصفة نائبا للوكيل العام للملك بها، موضوع قرار وزير العدل- بصفته تلك- عدد 710/5 المؤرخ في11/8/2014المبلغ إليه والمتوصل به بتاريخ 3/9/2014،وكذا حرمانه من ترقيته للدرجة الأولى المستحقة بقوة القانون قبل المتابعة  مع كل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية والنفاذ المعجل .
تحـت جميع التحفظات
الأستاذ.
 
 
المرفقات:

- نسخة القرار الإداري  المطعون فيه

-نسخة من الملف التأديبي وتصريحات وزير العدل والحريات للصحف والمواقع الإلكترونية والموقع الإلكتروني للوزارة

.

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 


[1] - أورده: إبراهيم زعيم الماسي: المرجع العملي في الاجتهاد القضائي الإداري، مرجع سابق ص 152.
[2] - هذا الاتجاه استقر عليه القضاء الإداري المصري: للتعمق راجع، عبد العزيز عبد المنعم خليفة:مرجع سابق ص 34.
[3] - وقد اقتدى المشرع المغربي بالقانون الفرنسي رقم 587 الصادر بتاريخ 11 يوليو 1979 الذي أوجب فيه المشرع على الإدارة تسبيب جميع القرارات الإدارية الفردية التي من شأنها إلحاق الضرر بالأفراد.
[4]- محمد الأعرج: إيجابيات قانون رقم 01/03 المتعلق بإلزام إدارات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية، مقال، منشور م المغربية للأنظمة القانونية والسياسية عدد. 3-4 (2003) ، ص. 25-35.
نكاوي سعيد: تعليل القرارات الإدارية، دراسة مقارنة، دار نشر المعرفة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2003.
إدريسي عبد الله: نظرات في تعليل القرارات الإدارية شكلا ومضمونا، حصيلة قضائية وآفاق، ندوة المحاكم الإدارية ودولة القانون، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، العدد الخامس 1996ص 43.
- قرار عدد 522 غير منشور.[5]
[6] - محكمة القضاء الإداري في 11-5-1965، ذكره سامي جمال الدين، مرجع القضاء الاداري ص 228.
[7] - محكمة القضاء الإداري في 4-3-1956، ذكره سامي جمال الدين، مرجع سابق ص 228.
[8]- ملف رقم 182-5-2012 حكم غير منشور.
[9] - قرار عدد 59 في الملف عدد 1160-4-1-2009، مجلة محكمة قضاء النقض عدد 75 ص 268.
[10]- مجدي محمود محب حافظ: مرجع  القضاء الاداري ص 2403 .
[11]- مجدي محمود محب حافظ: مرجع سابق ص 2423.
[12] - حكم صادر بتاريخ 1-4-1979 الطعن 280 لسنة 34ق، ذكره: سامي جمال الدين مرجع سابق ص 822.
[13] - جاء في قرار لمحكمة النقض صادر بتاريخ30/11/2000" إن القاضي الإداري يراقب مدى تقيد الإدارة باحترام مبدأ مساواة موظفيها أمام القانون وأمام الفرص المتاحة، كما يراقب عدم انحرافها في استعمال عناصر السلطة التقديرية التي تتوفر عليها. قرار عدد 1733 ملف إداري عدد  1735/4/1/2000 غير منشور
- حكم منشور بمجموعة أحكام محكمة القضاء الإداري المصري السنة 11 ص 224.[14]
[15] - conseil d’état, Les pouvoires de l’administration dans le domaines des sanctions, Section du rapport et des etudes, La documentation francaises p 60.
[16] - أورده: إدريس بوزرزايت: الزجر الإداري مرجع سابق ص 219، أشار إليه أيضا : عبد الإله الإدريسي: دور القضاء الإداري المغربي في حماية الموظف العمومي، دراسة في اجتهـادات = =
= = المحاكم الإدارية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق وجدة السنة الجامعية 2000- 2001 ص 73.
كما اعتبرت محكمة الاستئناف الإدارية" أن رفض الإدارة اختيار الموظف أحد الأشخاص للدفاع عنه أمام المجلس التأديبي بدعوى أنه ينتمي إلى هيئة نقابية يجعل القرار الإداري المتخذ في حق الموظف المذكور متسما بتجاوز السلطة لخرق حقوق الدفاع الذي يشكل ضمانة من الضمانات المنصوص عليها في الفصل 67 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي لا يستثني المنتمي إلى هيئة نقابية من أن يكون مدافعا عن الموظف "قرارعدد 351 بتاريخ 04/03/2009 في الملف رقم 170/07/5، المنتقى من عمل القضاء في المنازعات الإدارية، مرجع سابق ص 37.
[17] - حكم عدد 113 ملف رقم 24-2001 غير منشور.
[18]-  Courrier juridique des affaires sociales et des sports, n 88 septembre octobre 2011, dossier les sanctions administratives.
[19] - Courrier juridique des affaires sociales et des sports, n 88 septembre octobre 2011, dossier les sanctions administratives.
[20]  -Martin Colet: op cit p333..
[21] - أورده عبد الإله الإدريسي: دور القضاء الإداري المغربي في حماية الموظف العمومي - دراسة في اجتهادات المحاكم الإدارية - رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق وجدة السنة الجامعية 2000- 2001 ص 73.
[22] - حكم المجلس الدستوري الصادر في 19 يناير 1989، وذلك لضمان المساواة بين الأطراف حكم المجلس الدستوري الصادر في 28 يوليوز 1989، أنظر:
- Moderne )F( :Sanctions administratives et protection des libertés individuelles au regard de la convention européenne des droits de l’Homme, op .cit p 22
[23] -  Martin Colet :op cit p335.



الاحد 14 سبتمبر 2014

تعليق جديد
Twitter