MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



نحو حكامة جيدة للفعل الجمعوي بالمغرب

     

محمد البكوري، دكتور في الحقوق
باحث في الحكامة و المجتمع المدني



نحو حكامة جيدة للفعل الجمعوي بالمغرب

 
عرف الواقع السياسي المغربي منذ سنة 2011 في إطار ما سمي بالربيع العربي  " رجة " من " الرجات الكبرى" المرتبطة بصيروراته التاريخية، وهي "الرجة" التي أثرت بشكل كبير على مجمل المؤسسات الفاعلة في دينامية الحقل السياسي المغربي، بما فيها تلك التي تحمل الطابع " المدني " ، أي مؤسسات و هيـأت المجتمع المدني، والتي ورغم ماسمي  بالاستثناء المغربي على مستوى ضمان انتقالية سلسة وخروج امن من بوثقة احتجاج مفعل أساسا منها وعبرها و لها كمؤسسات تواقة للتغيير والرفع من آليات التحول الديمقراطي، حيث انها ظلت وسيلة وغاية في مجمل الشعارات المرفوعة إبان مطالب حركة 20 فبراير، وسيلة جماعية و غاية تشاركية، إذ رغم ذلك تمكنت من ربح رهانات كبرى،كان أولها دسترة الفاعل الجمعوي وتمكنه من الوصول إلى مأسسة  واضحة  عبر  النص  على انشاء مجلس الشباب و العمل الجمعوي وكذا عقلنة تدخلاته و غاياته.

إن هذه الثلاثية ( دسترة،مأسسة،عقلنة) المؤطرة للفعل الجمعوي، كانت من أبرز نتائج المطالبات الإحتجاجية لسنة 2011،فليس من السهل جعل المجتمع المدني يحظى بمكانة دستورية رائدة، رغم أنه نفس الفاعل الذي ظل يحارب منذ الإستقلال على المستوى القانوني أساسا،حيث أن معضم التشريعات التي تم سنها على صعيد الفعل الجمعوي ظلت تشريعات " مدجنة " و " محبطة " و " متآكلة " و " حذرة " وموقفة لنبض كل إرادة جمعوية جادة، ورغم أن بعض الخطوات التي تم الحسم فيها من فوق مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، سعت أساسا إلى إغناء و إثراء التجربة الجمعوية، من حيث الإسهام المكثف في المبادرات التنموية في شتى تجلياتها ، وبالتالي إظهار الفاعل الجمعوي لقدرات هائلة كشريك لا محيد عنه على صعيد  برامج المبادرة، التي عملت منذ البداية على البحث عن أسس تفعيل التنمية البشرية المستدامة و الخروج من براثين " السكتة القلبية الاجتماعية "  وذلك عبر منفذ امن هو " الحكامة الجيدة "  كعلاج لكل الإختلالات التي جايلت الحياة السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية ببلادنا طيلة خمسة العقود الأخيرة من القرن العشرين و ماتلاها من سنوات في بداية الألفية الثالثة.

هنا يبرز المجتمع المدني كمساهم أساسي في تفعيل الحكامة الجيدة وكعنصر من عناصرها وكلبنة رئيسية لبناء صرح المغرب المأمول. ولتحقيق ذلك لا بد للمجتمع المدني أن يقف وقفة تأمل أمام نفسه من حيث مراجعة هياكله و قوانينه الأساسية، أي توفير شروط الحكامة كمنطلقات لتغيير داخلي، حيث انبثاق تسيير فعال و تدبير معقلن، إداريا،ماليا،تنظيميا وهيكليا، أي أن الحكامة الجمعوية كأداة  هي حكامة داخلية، في حين أن الحكامة الجمعوية كغاية هي حكامة خارجية. هذه الأخيرة تتبلور من خلال تداخل آليات المجتمع المدني كعنصر من عناصر الحكامة عبر اواليات تشاركية مع الدولة و القطاع الخاص و المواطن.

هكذا أضحى الفعل الجمعوي ببلادنا مكونا أساسيا غير رسمي، ما فتئ مفهومه في سياق المجتمع المدني، يعرف عدة تطورات عبر مساراته التاريخية، كما تنوعت أدواره خلال العقود الأخيرة وأصبح مفهوما متعدد التدخلات و الأدوار  والمكونات، كما برزت حيويته و ديناميته في قدرته الفائقة على غرس المبادئ التطوعية لدى المواطنين في تدبيرهم للشأن العام و تزكية المشاركة المدنية في نفوسهم، و بالتالي تدعيم أسس الحكامة التشاركية.
 




الاربعاء 8 يناير 2014

تعليق جديد
Twitter