MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



منازعات الملك الخاص للدولة " نزع الملكية والإعتداء المادي نموذجا "

     

عمر الكعابي
إطار بوزارة الإقتصاد والمالية
باحث أكاديمي



رفقنه نسخة للتحميل

  
مقدمة:
 
تتسم نزاعات الدولة بالتعدد والتنوع، حيث تقوم الوكالة القضائية للمملكة بالدفاع عن قضايا الدولة باستثناء النزاعات التي تكون طرفا فيها مديرية أملاك الدولة، المديرية العامة للضرائب، الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة والخزينة العامة للمملكة وهي نزاعات تتعلق بمجال اختصاص كل من هذه المديريات، وقد ورد في التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات تحت عنوان "تدبير المنازعات القضائية للدولة" بتاريخ نونبر 2015، أن المعدل السنوي للقضايا المتعقلة بالمنازعات القضائية للدولة والمسجلة أمام المحاكم في الفترة ما بين 2008 و 2013 يناهز 30.000 قضية سنويا[1]، وتعد مديرية أملاك الدولة من الإدارات العمومية التي تشهد ارتفاعا مستمرا في عدد الملفات السنوية المتعلقة بالمنازعات القضائية، فقد جعلها التقرير السالف الذكر تحتل المرتبة الرابعة من حيث عدد ملفات المنازعات القضائية، وهو ما يبين مدى أهمية نزاعات الملك الخاص للدولة.
وتهدف مديرية أملاك الدولة إلى توفير الرصيد العقاري اللازم لتأمين مواكبة فعالة لمختلف الأوراش والمخططات القطاعية، بحيث يبلغ الرصيد العقاري للدولة (الملك الخاص) حوالي 1.703.677 هكتارا بقيمة افتتاحية مسجلة بالمخطط المحاسبي للدولة تقدر بحوالي 567 مليار درهم[2]، وحيث أن توفير الرصيد العقاري للدولة الملك الخاص يستوجب سلوك مسطرة الاقتناء بالمراضاة، إلا أن مديرية أملاك الدولة في بعض الحالات تضطر إلى سلوك مساطر قضائية تتمثل في نزع الملكية من أجل المنفعة العامة المنظمة بمقتضى القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، ولا يخفى عليكم الاهتمام التي تحظى به مسطرة نزع الملكية بالنظر إلى كونها تمس بحق الملكية، المقدس دستوريا، وهو ما دفع جلالة الملك إلى تخصيص جزء من الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه أمام البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للولاية التشريعية العاشرة والذي جاء فيه: "فالعديد من المواطنين يشتكون من قضايا نزع الملكية، لأن الدولة لم تقم بتعويضهم عن أملاكهم أو لتأخير عملية التعويض لسنوات طويلة تضر بمصالحهم أو لأن مبلغ التعويض أقل من ثمن البيع المعمول به، وغيرها من الأسباب، كما أن نزع الملكية يجب أن يتم لضرورة المصلحة العامة القصوى وأن يتم التعويض طبقا للأسعار المعمول بها، في نفس تاريخ القيام بهذه العملية مع تبسيط مساطر الحصول عليه، ولا ينبغي أن يتم تغيير وضعية الأرض التي تم نزعها، وتحويلها لأغراض تجارية، أو تفويتها من أجل المضاربات العقارية".
إلا أنه بسبب طول مسطرة نزع الملكية، وحالة الاستعجال التي تطبع إنجاز المشاريع موضوع المنفعة العامة، قد تعمد بعض الإدارات العمومية إلى وضع يدها على عقارات مملوكة للغير من أجل إقامة مشاريع معينة، بحيث أن وضع اليد هذا يتم في غالب الأحيان دون سلوك مسطرة الاقتناء بالمراضاة، أو مسطرة نزع الملكية المنصوص عليهما قانونا، وهذا ما يصطلح عليه بالاعتداء المادي على الملكية العقارية، ويتسبب هذا السلوك في نشوب العديد من المنازعات القضائية التي تفضي إلى إثقال كاهل الخزينة جراء المبالغ المهمة التي يحكم بها ضد الدولة والتي يفوق معدلها السنوي 550 مليون درهم سنويا، حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات المشار إليه أعلاه.
والمعلوم أن نزع الملكية والاعتداء المادي موضوعان مرتبطان بحق الملكية الذي لا يمكن المساس به إلا طبقا للقانون، وهو ما يطرح الإشكالية التالية:
 مدى موازنة القانون بين المصلحة العامة وحقوق الأفراد بخصوص المسطرة المنصوص عليها لنزع الملكية، ومدى تمكن القضاء من تعويض الأفراد عن الأضرار اللاحقة بهم نتيجة الاعتداءات المادية التي تطال أملاكهم العقارية؟ وكذا مدى تحقيق الموازنة بين هذا التعويض وبين حماية المال العام من تعسف الأفراد في استعمال حقهم في  الحصول على تعويضاتهم؟
لمناقشة هذه الإشكالية سنتطرق للموضوع وفقا للتصميم التالي:
الفصل الأول: النزاعات المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة أمام القضاء لاستعجالي وقضاء         الموضوع.
المبحث الأول : المقتضيات القانونية المؤطرة لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة
المبحث الثاني : ماهية المنفعة العامة في مسطرة نزع الملكية
المبحث الثالث :  دعوى نقل الحيازة ( الإستعجالي)
المبحث الرابع : دعوى نقل الملكية وتحديد التعويض النهائي (الموضوع)
المبحث الخامس : المشاكل العملية التي تطرحها مسطرة نزع الملكية.
الفصل الثاني : الإشكاليات العملية للاعتداء المادي على ضوء العمل القضائي الإداري
المبحث الأول : تحديد المقصود من دعاوى الاعتداء المادي وتمييزها عن دعاوى نزع الملكية
المبحث الثاني : الاختصاص القضائي في نظرية الاعتداء المادي
المبحث الثالث : دور القضاء الإستعجالي في وقف الاعتداء المادي
المبحث الرابع : الاعتداء المادي ونزع الملكية وإشكالية الجمع بينهما
المبحث الخامس : إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة العمومية
 
 
الفصل الأول
 النزاعات المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة
أمام القضاء لاستعجالي وقضاء الموضوع.
 
لقد خول المشرع لمديرية أملاك الدولة إمكانية المساس بحق الملكية كلما دعت الضرورة لذلك، لكنه في المقابل قيد هذا المساس بسلوك مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، والتي تعتبر بمثابة  طريق استثنائي لتوفير الرصيد العقاري للدولة، ومن ثم فإن اللجوء إلى مسطرة نزع الملكية لا يكون ممكنا إلا إذا جاء تنفيذا لعمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية مثلا (التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط أو بمشاريع تتعلق بإنشاء تجهيزات عمومية)، ذلك أن نزع ملكية العقارات لا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة العامة، كما لا يمكن إجراؤه إلا طبقا للكيفيات المقررة بمقتضى القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، والمعلوم أن نزع الملكية ليس حكرا للجميع بل يقتصر على الأشخاص العامة المعنوية وبعض الهيئات العامة في إطار انجاز عمليات معينة طبقا لما هو محدد في الفصل 3  من القانون الوارد أعلاه[3].
وقبل التطرق إلى موضوع نزع الملكية وجبت الإشارة إلى أن وزير الاقتصاد والمالية لم تعد له صلاحية تسيير الملك الخاص للدولة، بل صارت من اختصاص مدير أملاك الدولة[4]، ومن تم أسندت له مهام تمثيل الدولة أمام القضاء فيما يخص الدعاوى المتعلقة بأملاك الدولة بمقتضى ظهير 6 غشت 1915[5] الخاص بالمرافعات المتعلقة بالعقارات الخاصة بالدولة لدى المحاكم العدلية، وهو ما أقره الفصل 515 من ق م م الذي نص على :" ترفع الدعوى ضد: ...... مديرية أملاك الدولة، في شخص مدير أملاك الدولة فيما يخص النزاعات التي تهم الملك الخاص للدولة"، وهو ما ذهبت إليه مجموعة الاجتهادات القضائية  نذكر منها على الخصوص ما قضت به المحكمة الإدارية بوجدة في أمرها الإستعجالي عدد 24 بتاريخ 12 أكتوبر 1994، الذي جاء فيه:" أن لمدير الأملاك المخزنية الصفة في نزع الملكية للمنفعة العامة والتقاضي بشأنها متى تعلق الأمر بالملك الخاص للدولة"[6]
وقبل التطرق إلى موضوع نزع الملكية بشكل تفصيلي وجب الوقوف على المقتضيات القانونية المؤطرة لنزع الملكية لأجل المنفعة وهو ما سنتناوله من خلال المبحث الأول.
 
المبحث الأول : المقتضيات القانونية المؤطرة لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة:
 
إن تكريس أهمية حق الملكية العقارية يجد أساسه دستوريا، انطلاقا من الفصل 6 من الدستور المغربي لفاتح يوليوز 2011، والذي نص على "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة و الجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له..."،
في حين نص الفصل 35  من الدستور والمتعلق بحق الملكية على أنه "يضمن القانون حق الملكية، ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون، إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون".
كما يجد أساسه قانونا، من خلال القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و الاحتلال المؤقت، والذي نص في فصله الأول على أنه "لا يجوز نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا إلا إذا أعلنت المنفعة العامة وطبقا للكيفيات المقررة قانونا".
فإذا كانت السلطة العامة في إشرافها على المرافق العمومية وفي تنفيذها لمخططاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التنموية، مضطرة إلى توفير الرصيد العقاري اللازم لإنشاء هذه المرافق العمومية، فإنه يجدر بها سلوك مسطرة الاقتناء بالمراضاة والتي  يستعصي عليها سلوكها في غالب الأحيان، مما تضطر معه إلى سلوك مسطرة نزع الملكية التي تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة، وذلك حتى لا يتعرض نشاط الدولة عموما للشلل وبرامجها للتعثر، وبهذا فإن المشرع أباح للسلطة المكلفة بنزع الملكية أن تلجأ إلى مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، لكن ذلك يبقى رهينا باحترامها للإجراءات الإدارية المقررة قانونا[7]، والتي نظمها المشرع في القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت.
وباستقرائنا لهذه الفصول نجد أن المشرع اتجه نحو عقلنة هذه الإجراءات بإدراجها ضمن مرحلة أولية أسماها بالمرحلة الإدارية، وهي مرحلة تسبق بالضرورة المرحلة القضائية بحيث تقوم أثناءها مديرية أملاك الدولة بإعداد الملف الإداري لعملية نزع الملكية المتضمن للوثائق اللازمة في هذا الشأن، هذا وأن كل عيب يشوبها يجعل مآل مسطرة نزع الملكية أمام القضاء هو رفض الطلب.
 
وقبل الوقوف على المسطرة القضائية وجبت الإشارة ولو بشكل مقتضب إلى المراحل التي تمر منها المسطرة الإدارية والتي تبتدئ باستصدار المرسوم المعلن للمنفعة العامة أو مقرر التخلي، ونشره بالجريدة الرسمية وإحدى الجرائد المأذون لها بنشر الإعلانات القانونية بقصد إشهاره، كما يتم إيداعه ببعض المصالح الإدارية المتمثلة أساسا في مكتب الجماعة من أجل تمكين المعنيين به من الإطلاع عليه وإبداء ملاحظاتهم، بالإضافة إلى إيداع المشروع المذكور لدى المحافظة العقارية إذا كان العقار المستهدف بنزع الملكية محفظا أو في طور التحفيظ، ولدى كتابة ضبط المحكمة الإدارية التابع لها موقع العقارات في حالة ما إذا كانت هذه الأخيرة غير محفظة، على أن تبادر مديرية أملاك الدولة بعد النشر المذكور، إلى تحديد قيمة العقار موضوع نزع الملكية، عن طريق جمع اللجنة الإدارية للتقييم[8]، وهو التعويض الذي تقترحه مديرية أملاك الدولة على المنزوعة ملكيتهم في إطار مسطرة الاقتناء بالمراضاة.
لكن أمام رفضهم لمبلغ التعويض المقترح تضطر مديرية أملاك الدولة إلى تقديم دعوى نزع الملكية أمام المحكمة الإدارية المختصة بموجب مقال استعجالي يرمي إلى الإذن بالحيازة، ومقال في الموضوع يهدف إلى نقل الملكية مقابل إيداع التعويض الذي سبق للجنة الإدارية للتقييم أن اقترحته، إلا أنه تجب الإشارة إلى أن التعويض المقترح من طرف هذه اللجنة  يبقى مجرد اقتراح يتوقف نفاذه على قبوله من طرف الجهة المنزوعة ملكيتها وهو ما أكده القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) عدد 170  بتاريخ 13 مارس 2003 في الملف عدد 2001/4/1/2001 والذي نص على: "وحيث إن الحكم المستأنف قد اعتمد في تحديد التعويض على ما قدرته اللجنة الإدارية للتقييم في حين أن ما تقدره هذه اللجنة هو مجرد اقتراح يتوقف نفاذه على قبوله من طرف المنزوعة منه الملكية كما يتبين من الفصل 42 من القانون 81-7 وأنه لا يوجد بالملف ما يفيد قبوله من طرف هذا الأخير وأن المحكمة عندما لم تأمر بإجراء خبرة لتحديد التعويض المستحق، لم تجعل لما قضت به أساس قانونيا ويتعين إلغاء حكمها"[9].
أما فيما يتعلق بالاختصاص النوعي في قضايا نزع الملكية، فإن المحاكم الإدارية هي صاحبة الاختصاص الحصري والمؤهلة للنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية التنظيمية المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وذلك بمقتضى المواد 8 و 38 من القانون رقم
41.90 المُحدث للمحاكم إدارية.[10]
في إطار دراستنا لموضوع نزع الملكية يتوجب علينا الإشارة إلى أن المرحلة الإدارية لا تعرف أية إشكالات عملية على مستوى التطبيق وذلك لكون المشرع المغربي  نظمها بشكل دقيق في القانون رقم  81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، وبهذا فإننا ارتأينا تركيز الاهتمام على المرحلة القضائية والتي سنتناولها على نحو من التفصيل على ضوء أهم الاجتهادات القضائية الصادرة في هذا الشأن، ولكن قبل ذلك يتوجب علينا تحديد مفهوم المنفعة العامة، وهذا ما سنتناوله في المبحث الموالي.
المبحث الثاني : ماهية المنفعة العامة في مسطرة نزع الملكية
 
لقد تفادت التشريعات المعاصرة تحديد مفهوم المنفعة العامة معتبرة ذلك  من اختصاص الفقه والقضاء، ويعد القانون المدني الفرنسي الصادر سنة 1804 أقدم نص استعمل هذا المفهوم بهذه الصيغة، كما أن التصريح العالمي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1978 قد استعمل مفهوم الضرورة العامة وذلك في فصله 17 الذي جاء فيه "بأن حق الملكية مقدس ولا يمكن أن يحرم أي أحد منه إلا إذا فرضت ذلك قطعا الضرورة العامة بصورة قانونية وشرط تعويض عادل ومسبق [11]
أما المشرع المغربي فهو أيضا لم يعرف مفهوم المنفعة العامة المبررة لنزع الملكية، بل اقتصر على محاولة إعطاء نماذج المنفعة العامة على سبيل المثال مستعملا صيغة عامة وواسعة، وذلك لارتباط مفهوم المنفعة العامة بتدخل الدولة المتزايد في شتى المجالات.
وقد جاء في القرار الصادر عن محكمة النقض بتاريخ   04 أبريل 1991 تحت عدد 94 في الملف 8202/88، ما يلي "لكن حيث أن المنفعة العامة التي تنزع الملكية من أجل تحقيقها ليست محصورة فيما سرده الطاعن، فهو نفسه أشار في أخر الوسيلة إلى ما يفيد أن هناك إنشاء حي صناعي كما في النازلة إذ من شأن إحداثه أن يوفر للمنطقة انتعاشا صناعيا وتجاريا كما يؤدي إلى تشغيل اليد العاملة كما من شأنه أن يساعد على إبقاء الأحياء السكنية بعيدة عن كل تلوث بيئي وبالتالي توفير الراحة والهدوء للسكان فالوسيلة على غير أساس".[12]
وإذا كان المشرع المغربي قد علق نزع الملكية على تحقيق المنفعة العامة، فإنه ترك تحديد هذه المنفعة للإدارة ولم يقيدها بقيود محددة، لكن رغم توفر الإدارة على السلطة التقديرية في تصورها للمنفعة العامة إلا أن هذا لا يجعلها في منأى عن المراقبة القضائية في حالة ما إذا تبث سوء نيتها، فالقضاء مطالب بحماية مصالح الأفراد عن طريق مراقبة شروط توفر المنفعة العامة.
 
المبحث الثالث :  دعوى نقل الحيازة :
 
إذا كانت المرحلة الإدارية تشكل مرحلة تمهيدية في مسطرة نزع الملكية فإن المرحلة القضائية هي المرحلة التكميلية لهذه المسطرة باعتبار السلطة القضائية هي الحامية للملكية الخاصة، من جميع الاعتداءات التي يمكن أن تطالها حتى لو صدر هذا الاعتداء من السلطة العامة نفسها أو أحد مؤسساتها، وحتى تتمكن الإدارات العمومية من إنجاز المنفعة، فإن المشرع خول لمديرية أملاك الدولة الحق في إثارة دعوى استعجالية للإذن بالحيازة، دون انتظار الحكم القاضي بنزع الملكية، ومرد ذلك إلى ما يستغرقه هذا الحكم من وقت طويل قد يتعارض والتوجه الذي تقتضيه أسس المنفعة العامة، غير أنه إذا كان المشرع قد استهدف من خلال تنصيصه على هذا المقتضى التسريع  لتمكين الإدارة من وضع يدها على العقارات موضوع نزع الملكية فإن هذا لا يعني كونها أصبحت مالكة للعقار، بل إن نقل الملكية يبقى رهينا بسلوك دعوى نقل الملكية والتي سنتطرق لها بنوع من التفصيل في المبحث الرابع.
وتعتبر دعوى الحيازة المنصوص عليها في قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة تطبيقا من تطبيقات القضاء المستعجل الواردة أحكامه في قانون المسطرة المدنية ما عدا في حالات الاستثناءات التي تم النص عليها صراحة في قانون نزع الملكية والتي تقتضيها طبيعة هذه الدعوى، وبذلك فهي تندرج ضمن اختصاصات رئيس المحكمة الإدارية أو القاضي الذي ينيبه عنه لهذه الغاية بوصفه قاضيا للمستعجلات بإصدار الأمر بالإذن بالحيازة. [13]
إن توافر عنصر الاستعجال هو شرط أساسي لقبول الدعوى الاستعجالية وهو عموما مفترض بنص القانون في دعوى الحيازة، وهو ما يؤكده الأمر القضائي عدد 7 الصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 14 فبراير 1995 في ملف عدد 39/94 والذي نص على ما يلي: " لكن حيث أن دعوى نقل الحيازة هي دعوى استعجالية وأن الاستعجال مفروض من طرف المشرع وأن نازع الملكية لا يكلف بإثباته ولا للمدعي عليه الحق في التمسك بانعدامه"[14].
إلى جانب عنصر الاستعجال فقد اشترط المشرع شرطا  آخر يتمثل في عدم المساس بجوهر الحق المدعى فيه، والذي يعتبر متوافرا في هذه الدعوى على اعتبار أن قاضي المستعجلات يأذن في الحيازة وليس في نقل الملكية، وبذلك فدعوى نقل الحيازة تقتصر فقط على وضع اليد على العقار دون أن تمتد إلى نقل الملكية[15].
ويرجع اختصاص البت في دعاوى نقل الحيازة إلى المحاكم الإدارية بموجب القانون المحدث للمحاكم الإدارية[16] وهو ما أكده الحكم القضائي عدد 95 الصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 21 يناير 2010 في ملف عدد 317/13/2009 والذي جاء فيه: "النزاع الناشئ عن تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وهو من اختصاص المحكمة الإدارية نوعيا للبت فيه"[17].
ويتعين على مديرية أملاك الدولة بعد صدور المرسوم القاضي بنزع الملكية، تقديم مقال استعجالي لدى المحكمة الإدارية التي يقع العقار موضوع نزع الملكية ضمن دائرة نفوذها، والذي يرمي إلى نقل حيازة هذا العقار، مقابل إيداع أو دفع التعويض المقترح من طرف لجنة التقييم[18]، ويرفق مقال نقل الحيازة بنسخة من المرسوم المعلن عن المنفعة مع الإشارة إلى الجريدة الرسمية التي صدر فيها، ونسخة من شهادة التقييد في الدفاتر العقارية إذا كان العقار محفظا أو في طور التحفيظ، وشهادة تثبت النشر والإعلان، ونسخة من سجل الملاحظات، ونسخة من محضر اللجنة الإدارية للتقييم.
كما أن قبول المقال الرامي إلى الإذن بالحيازة رهين بتقديم دعوى نقل الملكية وذلك بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 18 من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت[19]، وهو ما أكدته محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) في قرارها عدد 293، الصادر بتاريخ 18 أبريل 1996، في الملف الإداري عدد 242/5/1/95 والذي جاء فيه : "إن المحكمة قد تأكدت قبل إصدار الإذن بالحيازة... عن كون المدعية الأصلية أدلت بما يفيد إقامة دعوى في الموضوع لدى المحكمة على اعتبار أن الإذن بالحيازة المؤقت منوط بتقديم هذه الدعوى"[20].
وقد خول المشرع لنازع الملكية إمكانية تقييد الأمر الإستعجالي احتياطيا لدى المحافظة العقارية متى تعلق الأمر بعقارات محفظة أو تسجيله بسجل التعرضات إذا ما كان العقار في طور التحفيظ، أما بالنسبة للعقارات غير المحفظة فيتم تسجيل الأمر الاستعجالي بالسجل الخاص الذي تمسكه كتابة الضبط بالمحكمة الإدارية، وهو ما نصت عليه الفقرة الأولى والثالثة من الفصل 25 من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت[21].
ويقوم قاضي المستعجلات بمراقبة كافة الإجراءات القانونية وكذا مدى احترام الآجال المخصصة لذلك[22]، وأداء التعويض وفقا لمقتضيات الفصل 19 من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية[23]، ليأمر بعد ذلك القاضي المختص بنقل الحيازة وهو ما سارت عليه المحكمة الإدارية بفاس في الحكم القضائي عدد 23، الصادر بتاريخ 25 دجنبر 2009، ملف عدد 20/1/2009 الذي جاء فيه: "وحيث قدرنا من خلال الوثائق المدلى بها أن الطلب المسجل داخل السنتين المنصوص عليها بالفصل 17 من القانون 81-7 بمقارنة تاريخ نشر المرسوم أعلاه بالجريدة الرسمية عدد 5674 الذي هو 16/10/2008 وتاريخ إيداع الطلب بهاته المحكمة الذي هو 29/01/2009 وأنه لا وجود لما يجعل مسطرة نزع الملكية باطلة، مما يبقى معه طلب استصدار الإذن بالحيازة الفورية مؤسس"[24].
وهو ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بالرباط في الأمر الاستعجالي عدد 747 الصادر بتاريخ 27 يونيو 2012، في الملف رقم 615/1/2012 والذي تضمن في حيثياته ما يلي: "وحيث إن مقتضيات الفصل 24 من القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة توجب على قاضي المستعجلات الإذن في الحيازة لنازع الملكية متى تبين له بأن المسطرة المنصوص عليها في الفصول  8-9-10 و 12 من القانون أعلاه قد تمت بصورة صحيحة، وحيث إنه بعد تفحصنا للوثائق المعزز للطلب في الملف تبين لنا بأن المدعية قد سلكت جميع الإجراءات الإدارية المنصوص عليها في الفصول المشار إليها أعلاه، والمتمثلة في التعليق والإيداع والنشر وباقي الإجراءات الأخرى مما لا يسعنا والحالة هذه سوى الاستجابة للطلب بالتفصيل الوارد لاحقا في منطوق هذا الحكم"[25]
بعدما تطرقنا إلى دعوى نقل الحيازة سنخصص المبحث الموالي لدعوى نقل الملكية.
 
 
المبحث الرابع : دعوى نقل الملكية وتحديد التعويض النهائي
 
لقد عهد المشرع بنقل الملكية إلى قاضي الموضوع، خلافا لدعوى نقل الحيازة التي تكون أمام القضاء الإستعجالي، وذلك في الحالات التي لا  تتوصل فيها  مديرية أملاك الدولة إلى اقتناء العقار موضوع نزع الملكية عن طريق الاتفاق بالمراضاة، مما تضطر معه إلى سلوك الطريق القضائي الذي يخول لها نزع ملكية العقارات من أجل المنفعة العامة بطريقة مشروعة، وذلك من خلال رفع دعويين إحداهما تتعلق بنقل الحيازة ترفع أمام القضاء الإستعجالي والأخرى تتعلق بنقل الملكية تثار أمام قضاء الموضوع بالمحكمة الإدارية التي يقع العقار المنزوع ملكيته ضمن دائرة نفوذها، ويتم تحديد التعويض عن نزع الملكية من طرف المحكمة والذي يجب ألا يشمل إلا الضرر الحالي، والذي يحدد حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية، وللإحاطة بهذا الموضوع سوف نقسمه إلى مطلبين، نخصص أحدهما لدراسة خصوصيات دعوى نقل الملكية على أن نتناول من خلال الثاني أحكام التعويض عن نزع الملكية على ضوء الاجتهادات القضائية.
المطلب الأول : خصوصيات دعوى نقل الملكية:
 
 تثار دعوى نقل الملكية من قبل مديرية أملاك الدولة وبعض أشخاص القانون العام  بصفتها مدعيا، وفقا لمقتضيات الفصل 03 من القانون 81- 7 المتعلق بنزع الملكية، والتي خولت حق نزع الملكية للدولة والجماعات المحلية، وإلى الأشخاص المعنويين الآخرين الجاري عليهم أحكام القانون، وقد نص الفصل 18 من نفس القانون في فقرته الأولى على: "يودع نازع الملكية لدى المحكمة الإدارية الواقع العقار في دائرة نفوذها طلبا يرمي إلى الحكم بنقل الملكية وتحديد التعويضات وذلك بمجرد استيفاء الإجراءات المتعلقة بمقرر التخلي والمنصوص عليها في الفصول 8 و9 و10 و12 أو بمجرد تبليغ المقرر المذكور في الحالة المنصوص عليها في المقطع 2 من الفصل 14 وبعد انصرام الأجل المشار إليه في المقطع 3 من الفصل المذكور"، يعد استيفاء الإجراءات الواردة في الفصول 8 و 9 و 10 و12 شرطا لازما لقبول دعوى نقل الملكية شكلا، وهو ما أكده الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط عدد 4527 بتاريخ 22 أكتوبر 2015 ملف عدد 18/7108/2015 الذي جاء في حيثياته ما يلي:" وحيث تبين للمحكمة بعد إطلاعها على الوثائق المدلى بها أن الطرف المدعي استوفى جميع الإجراءات الجوهرية المنصوص عليها في الفصول 8 و9 و10 و 12 من القانون 81-7 كما هو ثابت من خلال الوثائق مما يتعين والحالة هذه الاستجابة لطلب نقل الملكية"[26]
وهو ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بأكادير في حكمها الصادر بتاريخ 10 يونيو 2010 ملف عدد 0233-2009ش، والذي جاء فيه: "وحيث ثبت للمحكمة من خلال الإطلاع على الوثائق المرفقة بطلب نقل الملكية أن جميع التدابير قد احترمت وأجريت وفقا لما تقتضيه الفصول 8-9-10-12-17 من قانون نزع الملكية مما يتعين معه الاستجابة لطلب المدعية الرامي إلى نقل الملكية"[27]
ونظرا لأن التشريع المتعلق بنزع الملكية وُضع لضمان حقوق المالك وللمحافظة على الأموال العامة في آن واحد، ولكون قواعده لها مساس بالنظام العام، فإنه يجب على الهيئة القضائية أن تثير تلقائيا الإخلالات والعيوب التي تشوب المسطرة ولو لم يطلب ذلك من له المصلحة[28].
هذا، وأن رفع دعوى نقل الملكية، يجب أن يتم قبل انصرام أجل السنتين المواليتين لنشر مقرر التخلي، وإلا وجب التصريح برفض الطلب المتعلق بدعوى نقل الملكية، وذلك بمقتضى  الفقرة الثانية من الفصل 17 من القانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية[29]، وهو ما أكده الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط عدد 642، بتاريخ 3 مارس 2010 ملف عدد 1934/08 الذي جاء فيه: "حيث تقدم المدعي بدعواه هذه في إطار نزع الملكية، ملتمسا الحكم بنقل ملكية القطعة الأرضية المشار إلى بيانها في الوقائع أعلاه والتي تقرر نزع ملكيتها بموجب المرسوم عدد ... المؤرخ في ... والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 3854 بتاريخ 10/09/1996 لكن حيث إن المدعي لم يتقدم بدعواه الرامية إلى نقل ملكية القطعة المذكورة إليه إلا بعد مرور حوالي عشر سنوات من تاريخ نشر المرسوم المشار إليه أعلاه، مما يكون معه الطلب قد قدم خارج أجل السنتين المنصوص عليه في الفصل 17 من ظهير 06 ماي 1982 بشأن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت. وحيث أنه أمام هذه المعطيات يتعين الحكم بعدم قبول الطلب"[30]
وفي هذا الصدد قضت المحكمة الإدارية بالرباط بعدم قبول طلب نقل الملكية، في حكمها عدد 377 الصادر بتاريخ 6 ماي 1997 في الملف عدد 216/96 ت وعللت حكمها بما يلي: "لكن حيث إن المدعي لم يتقدم بدعواه هذه، الرامية إلى نقل ملكية القطعة المذكورة إليه إلا بعد مرور حوالي 10 سنوات من تاريخ نشر المرسوم المشار إليه أعلاه، مما يكون معه الطلب قد قدم خارج أجل السنتين المنصوص عليه في الفصل 17 من ظهير 6/5/1982 بشأن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت"[31]
أما على مستوى المصاريف القضائية الخاصة بنزع الملكية فقد خصها المشرع بأحكام خاصة حيث نص الفصل 28 من القانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية على أنه "تحدد المحكمة الإدارية المصاريف ويتحملها نازع الملكية"، في حين نص الفصل 36 من نفس القانون على: "تطبق أحكام الفصل 28 على مصاريف الاستئناف والنقض"، وتعتبر هذه الأحكام الهامة استثناء من المبادئ العامة المقررة في فصول 124 وما بعدها من قانون المسطرة المدنية المخصصة للمصاريف، وللقاعدة الواردة في الفصل 124 منها على الخصوص التي تجعل خاسر الدعوى هو الذي يتحمل مصاريفها سواء كان من الخواص أو إدارة عمومية[32].
وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) في قرارها عدد 636 الصادر بتاريخ 30 نونبر 2005 في الملف عدد 1329/4/3/2005 والذي نص على: "وحيث لئن نص الفصل 28 من القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت على تحمل نازع الملكية للمصاريف، أن هذا لا يعني وجوب تكليف هذا الأخير بأدائها مسبقا وإنما المقصود بذلك هو أن يتحملها هو بعد تحديدها وتصفيتها من طرف المحكمة عند النطق بالحكم البات في الجوهر وبالتالي يمكن للمحكمة تكليف المنزوعة ملكيته مؤقتا في الحكم التمهيدي بأداء واجب الخبرة إذا تأكد لها إما كونه نازع أمامها في التعويض المقترح أو أنه لا دليل بالملف على قبوله له ما دامت هذه المصاريف سيتحملها نازع الملكية في الأخير وأن المحكمة لعدم تطبيقها للمقتضيات القانونية المشار إليها أعلاه تكون قد عرضت حكمها للإلغاء". [33]
وفي هذا الإطار يثار التساؤل حول مدى إمكانية إقدام نازع الملكية على سحب دعوى نقل الملكية في حال ما إذا تم التوصل إلى اتفاق بالتراضي بين الطرفين، وهو ما نستشفه من الاجتهادات القضائية الصادرة في هذا الشأن ومنها القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) عدد 19 ق ت الصادر بتاريخ 4 يناير 2001 في الملف الإداري عدد 966/4/1/2000 والذي نص على:" حيث أنه يستفاد من محضر الاتفاق بالتراضي الموقع من طرف المنزوعة منه ملكيته والمشهود بصحة توقيعه أمام السلطة المحلية بتاريخ 28/3/2000  أنه قبل التعويض المقترح عليه من طرف اللجنة الإدارية للتقييم مقابل نزع ملكية القطعة الأرضية المذكورة أعلاه، لذلك يتعين الاستجابة لطلب المستأنفة الرامي إلى سحب دعواها"[34]
المطلب الثاني : التعويض النهائي عن نزع الملكية وآليات تحديده:
 
سبق القول أن جل التشريعات تكفل للفرد الحق في التملك، كما تعمل على صيانته من كل مساس به، وذلك من خلال إقرار لمبدأ التعويضات وهي آلية من شأنها العمل على تعزيز حقوق المنزوعة ملكيته في إطار مسطرة نزع الملكية، بحيث يعتبر التعويض عن نزع الملكية المقابل المادي الذي تقدمه الإدارة النازعة من أجل استئثارها بالملكية.
ويتم تحديد مبلغ التعويض عن نزع الملكية من قبل الهيئة القضائية التي تصدر الحكم القضائي القاضي بنزع الملكية، وفي معظم الأحوال، يكون هذا الموضوع مثار الخلاف الرئيسي بين الإدارة والأفراد المنزوعة ملكيتهم رغم أن المشرع حدد  بدقة عناصر وأسس تقدير التعويض عبر تبيان طبيعة الضرر الواجب تعويضه وخصائص دفع التعويض والتاريخ الذي يعتد به لاحتسابه، وتوخيا منه عدم تبذير الأموال العامة، وحرصا منه على التوصل إلى التعويضات التي تغطي مجموع الضرر الذي لحق بمنزوع الملكية، طرح المشرع من خلال القانون رقم 81-7 مجموعة من المقتضيات القانونية الدقيقة التي تحد من سلطة الهيئة القضائية وهي بصدد تحديد قيمة العقار المنزوع ملكيته[35].
هذه القواعد نظمها المشرع بمقتضى الفصل 20 من القانون رقم 81-7 المذكور أعلاه[36].
وفي هذا الصدد يطرح التساؤل عن التعويض المقترح من طرف مديرية أملاك الدولة خلال المرحلة الإدارية، ومدى حجيته؟ وهنا تلزم الإشارة إلى أن اللجنة الإدارية للتقييم التابعة لمديرية أملاك الدولة هي التي تنفرد  بمهمة تحديد ثمن للعقارات المنزوعة ملكيتها، وبعد الانتهاء من ذلك يتم ربط الاتصال بالمعنيين بالأمر قصد إبرام اتفاقا طبقا لما تنص عليه الفقرة الأولى من الفصل 42 من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت[37].
 وحيث إن هذه اللجنة ليست بهيئة استشارية تمارس عملا إداريا لصالح نازع الملكية، مادام اللجوء إليها يعد إلزاميا، وليست بمسطرة اختيارية من شأن نازع الملكية الاستغناء عنها أو عدم الأخذ بنتائجها، بل إنها مسطرة إجبارية يتوقف عليها استمرار نازع الملكية في عمله ومنصوص عليها في القانون، لكن ما هي القوة الإلزامية لتقرير لجنة التقويم سواء بالنسبة لنازع الملكية أو للمنزوعة أملاكهم أو بالنسبة للقاضي المختص؟[38]
بالرجوع إلى الاجتهادات القضائية الصادرة عن المحاكم المغربية المتعلقة بمدى حجية الثمن المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم، نجد أن القضاء المغربي اتجه نحو اعتبار التعويض الذي حددته اللجنة الإدارية للتقييم مجرد اقتراح يتوقف نفاذه على قبوله من طرف الجهة المنزوعة ملكيتها، وهو ما ذهبت إليه الغرفة الإدارية بالمحكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا) في قرارها عدد 170 المؤرخ في 13 مارس 2003 في الملف إداري القسم الثاني عدد 2001/1/4/2001 والذي جاء فيه :" وحيث إن الحكم المستأنف قد اعتمد في تحديد التعويض على ما قدرته اللجنة الإدارية للتقييم في حين أن ما تقدره هذه اللجنة هو مجرد اقتراح يتوقف نفاذه على قبوله من طرف المنزوعة منه الملكية كما يتبين من الفصل 42 من القانون 81-7 وأنه لا يوجد بالملف ما يفيد قبوله من طرف هذا الأخير وأن المحكمة عندما لم تأمر بإجراء خبرة لتحديد التعويض المستحق، لم تجعل لما قضت به أساس قانونيا ويتعين إلغاء حكمها." [39]
وبالتالي فإن التعويض المقدر من قبل اللجنة الإدارية للتقييم لا يلزم  المحكمة في شيء إذ بإمكانها أن ترفع من الثمن الذي حددته إلى مبلغ أعلى،  أو أن تعتبر أن الثمن المحدد من طرفها عادل وجد مناسب ويتعين المصادقة عليه، أو الأمر بإجراء خبرة للتأكد من القيمة الحقيقية للملك المنزوع دون أن يكون للمحكمة إمكانية الحكم بتعويض أقل من التعويضات المحددة من طرف لجنة التقويم[40]، وبهذا فإن الثمن المحدد من طرف هذه اللجنة لا يعدو أن يكون مجرد اقتراح لا يلزم المحكمة في شيء مادام لم يتم قبوله من طرف المنزوعة ملكيته، وهذا ما أكده القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 733/2 المؤرخ في 03 يوليوز 2014 في ملف إداري عدد 964/4/2/2013 والذي جاء في إحدى حيثياته: "حيث إن التعويض عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة يخضع في تقديره للمعايير وعناصر التقدير المنصوص عليها في المادة 20 من قانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت  والمحكمة في إطار تطبيقها لهذه المعايير والعناصر تملك مراقبة تقديرات اللجنة الإدارية للتقييم سواء أكان ذلك بطلب من المنزوعة ملكيته أم بدونه ما دام أن الأمر يتعلق بتطبيق القانون على واقع النزاع وبالتالي فإن المحكمة التي أيدت الحكم المستأنف القاضي بالرفع من التعويض المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم اعتمادا على عناصر التقدير الواردة بالمادة 20 المشار إليها وبمراعاة مواصفات العقار فإنها لم تخرق مقتضيات الفصل 3 من ق.م.م المحتج بخرقه واستعملت سلطتها التقديرية في تحديد التعويض المناسب دون أن تكون ملزمة بالأخذ بمقترح اللجنة الإدارية للتقييم الذي لا يعدو أن يكون مجرد اقتراح لم يقم دليل على موافقة الطرف المنزوعة ملكيته عليه فكان بذلك قرارها معللا تعليلا سليما وما بالوسيلة على غير أساس" [41].
وهنا لابد من الإشارة إلى أنه في حال ما إذا قررت المحكمة اللجوء للخبرة من أجل تحديد ثمن التعويض فإنه يتعين على الخبرة أن تنسجم مع مقتضيات الفصل 20 من قانون نزع الملكية المشار إليه أعلاه، كما أن الخبير بإمكانه أيضا تطبيق مجموعة من المعايير الفنية مثل التقييم عن طريق المقارنة والاعتماد على التقديرات والتصريحات الضريبية واحتساب نسبة تكلفة التجهيز[42].
وهذا ما نص عليه القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 277/3 بتاريخ 26 فبراير 2015 في ملف إداري عدد 801/4/32/2014 والذي جاء فيه: "إن تحديد التعويض الجابر للضرر الناتج عن نزع الملكية هو من صميم سلطة محكمة الموضوع شريطة مراعاتها  لعناصر التعويض المنصوص عليها في الفصل 20 من قانون رقم  81-7متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها الثابت ضمن وثائق الملف ولا رقابة عليها من طرف محكمة النقض إلا بخصوص التعليل، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بتأييدها للحكم المستأنف تكون قد تبنت تعليلاته الذي جاء فيه "... لكن حيث تبين للمحكمة من خلال إطلاعها على خلاصات تقرير الخبرة أن الخبير المعين حين تحديده للتعويض المقترح عن قيمة العقار المنزوعة ملكيته استند إلى موقعه ونوعه )بوري( وعدم توفره على أية أغراس  أو مشتملات وتواجده بمنطقة فلاحية والى كونه غير محفظ..." تكون قد أبرزت عناصر التقييم التي اعتمدتها في التعويض خلاف- الوارد بالوسيلة- تطبيقا لمقتضيات الفصل 20 من القانون رقم 7 / 81 المشار إليه..."[43].
وفي نفس الاتجاه نجد القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض  عدد 574/2 والمؤرخ في 29 ماي 2014 في ملف إداري عدد 8727/4/2/2012 والذي جاء فيه: "حيث أن المحكمة الاستئناف لما تبين لها بأن الخبير محمد الرحموني قد أوضح بأن العقار يوجد بدوار أولاد إبراهيم بقيادة وجماعة احد براشوة  بدائرة الرماني وأنه عبارة عن ارض فلاحية بورية مساحتها هكتار واحد و 15 أر  و 43 سنتيار و أنه ببحث شخصي استند فيه إلى المعلومات التي حصل عليها من المحافظة العقارية ومصلحة التسجيل واقترح تحديد مبلغ التعويض على أساس 40.000 درهم للهكتار الواحد واستنتجت من ذلك بأن الخبرة موضوعية وأكدت بان المبلغ المقترح من طرف اللجنة الإدارية مجرد اقتراح يتوقف نفاذه على قبوله من طرف المنزوعة ملكيته"[44].
وبالرغم من أهمية الاستعانة برأي الخبراء إلا أن القاضي ليس ملزما بالأخذ به، وإنما يبقى تقرير الخبرة على سبيل الاستئناس فقط، وفقا لما نصت عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 66 من قانون المسطرة المدنية[45]، وهذا ما أكده القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 952/2 بتاريخ 26 دجنبر 2013 في ملف إداري عدد 2785/4/2/2012 والذي جاء فيه :" لكن حيث إن المحكمة بتأييدها للحكم المستأنف تكون قد تبنت تعليلاته التي بالرجوع إليها يتبين أنها عللته بان تقارير الخبرة يؤخذ بها على سبيل الاستئناس وأن للمحكمة الأخذ بالمعطيات التقنية التي توفرها هذه التقارير دون أن تكون ملزمة بالنتيجة التي انتهت إليها وان التعويض في إطار نزع الملكية يحدد وفق العناصر المحررة في الفصل العشرين من القانون 81-7 الذي ينص على أن التعويض لا يشمل إلا الضرر الحالي والناشئ مباشرة عن نزع الملكية ولا يمكن أن يمتد إلى ضرر احتمالي أو غير مباشر... وبالتالي فان المحكمة المطعون في قرارها لم تخرق المقتضيات المحتج بها واعتمدت تعليلات الحكم المستأنف أمامها التي جاءت كافية وسليمة مما بقيت معه الوسائل غير مرتكزة على أساس إلا ما كان غامضا منها فهو غير مقبول" [46].
بعد التطرق إلى الخبرة وجب الوقوف على التاريخ الذي يتم اعتماده لتحديد قيمة التعويض عن الضرر، حيث أنه بالرجوع للمقتضيات النظامية المحددة للتاريخ المعتمد لاحتساب قيمة التعويض عن  نزع الملكية، والمنظمة بمقتضى الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 20 من القانون عدد 81-7 المشار إليه أعلاه، يتبين أن التعويض يجب أن يقدر حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية، وألا يتجاوز التعويض المقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي، أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة، وهذا ما استقرت عليه الاجتهادات القضائية الصادرة في الموضوع نذكر منها القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 532/2 المؤرخ في 19 شتنبر 2013 في ملف إداري عدد 1671/4/2/2012 والذي نص على: "حيث انه خلافا لما تم التمسك به فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما صرحت بأن تحديد التعويض بتاريخ صدور مرسوم نزع الملكية يقتضي تقديم مقال من أجل الإذن بالحيازة وآخر من أجل نقل الملكية داخل أجل ستة أشهر من تاريخ نشر مقرر التخلي بالجريدة الرسمية تكون قد طبقت وراعت مقتضيات المادة 20 من قانون نزع الملكية"[47]
 وتجدر الإشارة إلى أن قبول التعويض من طرف الجهة المدعى عليها يعتبر بمثابة نقل لملكية العقار موضوع النزاع ويدفع المحكمة بأن تقضي بنقل الملكية لصالح الطرف المدعي (نازع الملكية)، وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط من خلال الحكم رقم 2929 الصادر بتاريخ 27 يوليوز 2017 في ملف رقم 856/7112/2017 والذي جاء فيه :" وحيث إن الثابت من التزام بقبول التعويض الموقع عليه من طرف الجهة المدعى عليها بأن هذه الأخيرة توافق وتلتزم بقبول التعويض الممنوح لها عن العقار الذي خصص لإنشاء مرفق عام لصالح الجماعة المدعية، وحيث إن قبول التعويض عن فقد العقار يقابله الالتزام بنقل ملكية العقار لفائدة الجماعة المدعية في إطار القواعد العامة للالتزامات مما يعني أن طلب نقل الملكية له ما يبرره..." [48]
ومن خلال حديثنا عن التعويض، لا يمكننا المرور دون الوقوف على كيفية أداء هذا التعويض، الذي لا يخرج عن إحدى الصورتين : إما دفع التعويض مباشرة إلى المنزوعة ملكيتهم أو إيداعه لدى صندوق الإيداع والتدبير، حيث تعمد مديرية أملاك الدولة إلى الدفع المباشر للتعويض متى تم استيفاء كل الإجراءات القانونية اللازمة[49]، و قبول المنزوعة ملكيتهم للتعويض الاحتياطي والنهائي وعدم منازعتهم له، هذا فضلا على توفرهم على الوثائق المثبتة لملكيتهم بصفة نهائية وعدم وجود تعرضات بشأنها وكانت الوضعية القانونية للعقار سليمة، وقد تضطر مديرية أملاك الدولة في بعض الحالات إلى إيداع التعويض لدى صندوق الإيداع والتدبير، متى استدعى الأمر ذلك وفقا لما هو منصوص عليه الفصل 30 من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية[50].
ويتم إيداع التعويض لدى صندوق الإيداع والتدبير بموجب مقرر للإيداع تصدره السلطة النازعة للعقار، في حالة ما إذا استعصي عليها دفع التعويض فور صدور الحكم إما لوجود نزاع حول العقار محل النزع أو لعدم الإدلاء بالوثائق الكافية أو لعدم تعريف المعنيين بأنفسهم. 
فبعدما تطرقنا إلى الجانب المتعلق بالتعويض مع ما يحيط به من إشكاليات أوجبت تدخل القضاء في شكل اجتهادات قضائية لإيجاد الحلول الأنجع لها، فإن الأمر يستوجب علينا التطرق - ولو بشكل مقتضب تجنبا للإطالة- إلى بعض الإشكاليات العملية التي تشهدها مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وهو ما سنخصص له المبحث الموالي والأخير من هذا الفصل.
 
المبحث الخامس : المشاكل العملية التي تطرحها مسطرة نزع الملكية:
 
إذا كانت مسطرة اقتناء العقارات بالتراضي، لا تطرح مشاكل عملية لأنها مبنية على أساس رضا الطرفين، وقبول مالك العقار بالثمن المقترح، فإن مسطرة نزع الملكية عكس ذلك حيث تتسم إجراءاتها ببعض التعقيدات، كما أن إغفال أي شكلية من شكليات هذه المسطرة، أو إهمال أي إجراء جوهري قد يؤدي بالإدارة إلى الوقوع في اعتداء مادي على ملكية الغير، لذلك سنشير إلى بعض النقط  التي تثير مشاكل عملية خاصة بمسطرة نزع الملكية والتي سنوضحها وفق ما يلي:
  1. على مستوى إبرام الاتفاق بالتراضي:
 
بالإضافة لما يطرحه مشكل التكييف القانوني لإعلان المنفعة العامة، نجد أن المشرع قد ترك للجهة نازعة الملكية السلطة التقديرية الكاملة بخصوص  إبرام الاتفاق بالتراضي لنقل ملكية العقار موضوع نزع الملكية، وبذلك يبقى من صلب سلطتها التقديرية اختيار اللجوء إلى إبرام الاتفاق بالتراضي لنقل ملكية العقار موضوع نزع الملكية، أو الاستغناء عن هذا الإجراء[51].
هذا وأن إبرام الاتفاق بالمراضاة أثناء المسطرة الإدارية لنزع الملكية لا يؤثر على هذه الأخيرة، كما لا  يمكن التمسك به للطعن في هذه المسطرة، لكن هذا الأمر لم يعد يطرح مشاكل من الناحية العملية على مستوى نزاعات الملك الخاص للدولة، ويرجع الفضل في ذلك إلى كون مديرية أملاك الدولة، قد تخلت عن سلوك هذا الإجراء منذ صدور قانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية.
  1. على مستوى تغيير المنفعة العامة:
 
يعتبر تغيير تخصيص المنفعة العامة -الذي استلزم اللجوء إلى مسطرة نزع الملكية- من الحالات التي تطرح مشاكل على المجال العملي، لذلك فقد قيد المشرع تغيير هذا التخصيص باستصدار إذن بذلك بموجب مقرر إداري[52].
 فمن المبادئ العامة أن النصوص التشريعية أو التنظيمية لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها أو تمديد فترة مفعولها إلا بمقتضى إجراء من نفس النوع من لدن السلطة المختصة قانونا باتخاذ النصوص المذكورة، وأن القرار الذي يخالف هذا المبدأ يكون معرضا للإلغاء والإبطال[53].
وبذلك فإذا كان المشرع قد خول للإدارة نازعة الملكية حق تغيير التخصيص المقرر للعقارات المنزوعة’ فإنها في المقابل ملزمة بتفادي الانحراف والشطط، ذلك أن إنجاز أشغال لا تمت بصلة إلى المنفعة العامة المصرح بها، يعد تعسفا وشططا يفقد القرار الإداري المبني عليه مشروعيته، وهو ما أكده القرار الصادر عن محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) عدد 94  الصادر بتاريخ  4 أبريل 1991 الذي جاء فيه " قاعدة تخصيص الأهداف تقضي أن الهدف المعلن هو الذي يتم انجازه ولا يمكن الانحراف عنه حتى ولو كان لانجاز منفعة عامة أخرى"
  1. على مستوى التراجع عن نزع الملكية:
 
تطرق المشرع إلى إمكانية التراجع عن نزع الملكية في القانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، حيث نظمها بمقتضى الفصل 43 من نفس القانون [54].
وبالرجوع إلى العمل القضائي نجد أن المحكمة الإدارية بالرباط قد استجابت لطلب التنازل عن دعوى نقل الملكية رغم سبق حكمها بإجراء خبرة بموجب حكم تمهيدي، وذلك بعدما تقدم نازع الملكية بمذكرة ترمي إلى الإشهاد على تنازله عن دعواه لصدور مرسوم ثان (لاحق في التاريخ لتاريخ رفع الدعوى) تقرر بموجبه التراجع عن نزع ملكية العقار موضوع نزع الملكية، وهو الطلب الذي لم يلق منازعة صريحة من قبل المدعى عليه. [55]
كما قضت المحكمة  الإدارية بمكناس في حكمها عدد 432/2005/10 ش الصادر بتاريخ 8 دجنبر 2005 في ملف رقم 143/2005/10ش،  بأن "طلب التنازل عن نزع الملكية أو التراجع عن جزء منها لا يقبل إذا سبق للمحكمة أن حكمت بنقل الملكية".[56]
وتجدر الإشارة إلى أن التراجع عن نزع الملكية يستوجب التعويض عن الأضرار الناتجة، وهو ما يؤكده الحكم صادر عن المحكمة الإدارية بمكناس عدد 16 الصادر بتاريخ 08 أبريل 2002،في ملف رقم 00/51 الذي جاء فيه : " وحيث إنه في نازلة الحال وإن كانت الجهة المدعى عليها قد تصرفت في إطار مقتضيات الفصل 43 من قانون نزع الملكية التي تمنحها حق التراجع عن نزع الملكية لأي سبب من الأسباب فان ذلك لا يعفيها من المساءلة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن ممارسة هذا الحق طالما لم يقرن المشرع الحق في قرار التراجع بالمنع صراحة في الأحقية في الحصول على التعويض في حالة ترتيب الأضرار عن هذا التراجع"[57].
 
 
الفصل الثاني
الإشكاليات العملية للاعتداء المادي على ضوء العمل القضائي الإداري
 
 
رغم كون حق الملكية العقارية حق مقدس يكفله الدستور والقوانين والمواثيق الدولية، إلا أنه يظل المجال الخصب للاعتداء المادي، فتحت ذرائع الاستعجال وطول مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وتعقدها، تعمد بعض الإدارات أحيانا إلى الاستيلاء على أملاك الأفراد دون سند قانوني أو ترخيص من الملاك، مستغلة في ذلك هدف المصلحة العامة التي تستهدفها.
وقد سعى القضاء الإداري إلى إيجاد الحلول لعدد من الإشكاليات القانونية التي أبانت عنها الممارسة العملية، فحاول من خلال اجتهاده التوفيق بين المنفعة العامة التي هي مناط تدخل الإدارة وقدسية حق الملكية العقارية، وبذلك ساهم من دون شك في تراجع حالات الاعتداء المادي على الملكية العقارية حيث ظل حصنا منيعا ضد اعتداءات الإدارة على عقارات كل من الأشخاص الذاتية والاعتبارية على حد السواء مهما كانت الأسباب والمبررات، فإذا كان القانون يخول للإدارة من جهة امتياز نزع ملكية الأفراد جبرا عنهم كلما اقتضت ذلك المصلحة العامة، فإنه بالمقابل ألزمها بالتقيد بالمسطرة اللازمة لذلك وتعويض الملاك التعويض العادل [58]
ويلاحظ أن القضاء الإداري وبدافع الحرص على المال العام ولتفادي تحميل الإدارات العمومية في بعض الأحيان تعويضات مرتفعة عن تصرفها في إطار الاعتداء المادي، انتهى في بعض اجتهاداته إلى شرعنة هذه الأعمال والتصرفات عبر الحكم بنقل الملكية إلى الإدارة المعتدية مع تعويض الطرف المتضرر وهو ما اعتبره البعض توجها غير محمود سيفسح المجال واسعا  أمام الإدارات لاستباحة أملاك الأفراد في خرق سافر للدستور والقوانين المعمول بها [59].
 وتبرز أهمية الدعاوى المتعلقة بالاعتداء المادي بالنظر إلى كلفة المبالغ التي تم الحكم بها ضد الإدارة المغربية في إطار الاعتداء المادي على الملكية العقارية، حيث بلغت حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات خلال الفترة الممتدة من 2006 إلى 2013 ما يفوق 550 مليون درهم سنويا[60]، وقد بين التقرير أهم القطاعات الوزارية المعنية بالنزاعات المترتبة عن الاعتداءات المادية، والمبالغ المحكوم بها ضد الوزارات في مجال الاعتداء المادي لسنتي 2011 و 2012.
وقبل التطرق لموضوع الاعتداء المادي على الملكية العقارية وجب تحديد المقصود من دعاوى الاعتداء المادي وتمييزها عن دعاوى نزع الملكية.
 
المبحث الأول : تحديد المقصود من دعاوى الاعتداء المادي وتمييزها عن دعاوى نزع الملكية
 
كان للاجتهاد القضائي دور بارز ومهم في إبراز نظرية الاعتداء المادي، وقد أعطى الفقه المغربي اهتماما بالغا لدراسة هذه النظرية خصوصا بعد دخول قانون المحاكم الإدارية حيز التنفيذ، وقد تعددت التعريفات والمفاهيم التي أعطيت لهذه المؤسسة ، فقد عرفها الأستاذ مصطفى التراب بأنها " ارتكاب جهة من جهات الإدارة خطأ جسيم أثناء قيامها بعمل مادي يتضمن اعتداء على حرية فردية أو ملكية خاصة"[61]
وعرفه الأستاذ أمال المشرفي بأنه "تصرف يصدر عن الإدارة أثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي، ويتسم بعدم المشروعية الجسيم والظاهر لاعتدائه على حق الملكية الخاصة أو مساسه بحرية من الحريات العامة المصونة بالدستور"[62]
في حين عرفه الاجتهاد القضائي المغربي بأنه "كل عمل يستعصي إدخاله ضمن ممارسة السلطات العامة، ويتمثل في نشاط مادي تنفيذي عديم الصلة بأي نص قانوني تشريعي أو تنظيمي"[63].
واعتبرت المحكمة الإدارية بوجدة في أمرها استعجالي عدد 07/98 الصادر بتاريخ 2 أبريل 1998  أن الاعتداء المادي هو "القرار النافذ المعدوم أو الفعل المادي الذي تقوم به الإدارة والذي يتضمن اعتداء صارخا وجسيما في مخالفته للمشروعية ويقع على الملكية الخاصة أو الحرية الفردية"[64].
فعنصر المشروعية هو ما يميز نزع الملكية عن الاعتداء المادي، فإذا كانت مسطرة نزع الملكية تتسم بمجموعة من الإجراءات الإدارية والإشهارية والقضائية ومن بينها استصدار الأمر الاستعجالي بالحيازة مرورا إلى التعويض عن نقل الملكية، بشكل يضفي على تلك الإجراءات نوعا من المشروعية المستمدة من القانون، فإن الاعتداء المادي عكس ذلك هو إقدام الإدارات العمومية على احتلال ملك الغير ووضع يدها عليه دون سلوك أية مسطرة قانونية، الأمر الذي يدفع بمالك العقار إلى مقاضاتها  للحصول على التعويض، وهو ما أكده  حكم المحكمة الإدارية بمراكش عدد 453 بتاريخ 30 نونبر 2005 في الملف 408/10/2004، الذي جاء فيه: "وحيث بناء عليه يعتبر وضع يد الإدارة على عقار المدعي دون سلوكها المسطرة القانونية اعتداءا ماديا على حق الملكية وتعتبر بالتالي مسؤولة عما حصل للمدعي من أضرار من جراء ذلك"[65]
  وعموما، فإن الأحكام الصادرة في إطار قضايا الاعتداء المادي، لا يحكم فيها بالتعويض إلا بعد رفعها من ذي صفة ومصلحة، وتأييدها بالموجبات القانونية المثبتة للتملك حينئذ يتم استصدار حكم تمهيدي بإجراء خبرة لتحديد التعويض بعد إثبات كون الجهة المدعى عليها لم تمارس إجراءات نزع الملكية.
المبحث الثاني : الاختصاص القضائي في نظرية الاعتداء المادي
 
تعد إشكالية الاختصاص من أعقد المشاكل التي تثيرها نظرية الاعتداء المادي، لذلك فقد أثرنا الوقوف عليها لاستظهار التطور الذي عرفه الاجتهاد القضائي على مستوى اختصاص المحاكم للبت في نزاعات الاعتداء المادي خلال مرحلة ما قبل إحداث المحاكم الإدارية وما بعدها.
ذهب المجلس الأعلى منذ تأسيسه سنة 1957 إلى اعتبار قضايا الاعتداء المادي تدخل ضمن اختصاص القضاء العادي الذي يبت فيها طبقا لقواعد القانون الخاص، ومرد ذلك إلى أن الإدارة عندما تقوم بالاعتداء المادي على حق الملكية فإنها تتجرد من امتيازاتها كسلطة عامة وتنزل إلى منزلة الأفراد، وبالتالي يتعين التعامل معها على هذا الأساس. [66]
وفي هذا الصدد أصدرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) قرارها بتاريخ 4 دجنبر 1958 في ملف عدد 667، اعتبر أن محكمة الاستئناف بالرباط قد خرقت طبيعة سلطاتها عندما فصلت في دعوى مرفوعة ضد الدولة المغربية تتعلق باستيلاء هذه الأخيرة على أرض الطاعنين بدون سند قانوني وهي تبت في المادة الإدارية، في حين كان عليها أن تبت فيها طبقا لقواعد القانون المدني و في إطار سلطاتها القضائية العادية، لكون الإدارة قامت بعمل مادي لا علاقة له بأي شكل من الأشكال بممارسة السلطات التي تختص بها. [67]
لم تطرح مسألة الاختصاص النوعي إشكالا قبل إنشاء المحاكم الإدارية لأن المغرب كان يعرف نظام وحدة القضاء، وبالتالي كان المتضرر من الاعتداء المادي للإدارة يرفع دعواه أمام المحاكم الابتدائية المختصة محليا، وكان القاضي يكيف طبيعة النزاع ويبت فيه إما في المادة الإدارية أو المادة المدنية حسب الحالات.
لكن هذا الوضع سيتغير بعد إنشاء المحاكم الإدارية، حيث حدث تضارب في الاتجاهات بين مختلف هذه المحاكم الإدارية، فمنها من بتت بعدم اختصاصها في هذا المجال، وهو اتجاه يؤيد بقاء الاختصاص للمحاكم العادية، ومنها من اعتبرت نفسها مختصة بالبت في دعاوى الاعتداء المادي.
فمن بين المحاكم التي بتت بعدم الاختصاص لكون المادة الثامنة من القانون 90.41 السالف الذكر، لم تنص على قضايا الاعتداء المادي، نجد المحكمة الإدارية بمكناس في أمر استعجالي الصادر عنها بتاريخ 14 يونيو1994 والذي جاء فيه  "طبقا للمادتين 8 و19 من القانون رقم 90.41  فإن المحكمة الإدارية سواء بصفتها قضاء موضوع أو في إطار القضاء الاستعجالي غير مختصة بنظر النزاعات المتعلقة بالأعمال المادية الصرفة للإدارة، ومنها أعمال التعدي المادية باستثناء ما إذا كانت الدعوى تهدف إلى التعويض عن المسؤولية الإدارية، ذلك أن الاعتداء المادي باعتباره عملا ماديا صرفا للإدارة لا صلة له مطلقا بالقرار الإداري الصادر عن السلطة الإدارية، ومن ثم فالإدارة بارتكابها اعتداءا ماديا تكون قد تخلت عن صفتها كسلطة إدارية متمتعة بالامتيازات المخولة لها قانونا ونزلت منزلة الخواص العاديين، وهو ما يجعل عملها هذا خاضعا للقانون الخاص وينبغي مقاضاتها بشأنه أمام المحاكم العادية، إذ أن القضاء العادي الإستعجالي هو المختص بالبت في مثل هذه النوازل بحكم أن القاضي العادي هو صاحب الولاية العامة والمؤهل بالدرجة الأولى لإصدار أوامر مباشرة بالقيام بعمل أو بالإمتناع عن عمل باعتباره حامي الحريات الفردية والملكية الخاصة بخلاف القاضي الإداري الذي يقضي ولا يدير...". [68]
  ولم يختلف موقف الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) في البداية عن موقف جل المحاكم الإدارية، وهذا ما نلمسه في قضية الحاج القاسم  ضد الدولة المغربية بتاريخ 12 أكتوبر 1995، في قراره عدد 393[69]، الذي أيد الحكم الصادر عن إدارية أكادير، الذي قضت بموجبه بعدم اختصاصها بالبت في دعوى رفع الاعتداء المادي.
بعد ذلك حولت المحاكم الإدارية الأخرى اتجاهها تحويلا جذريا، وأصبحت تمنح لنفسها اختصاص النظر في قضايا الاعتداء المادي، مرتكزة على الخطاب الملكي – من جهة – الذي ألقاه صاحب الجلالة بتاريخ 08 ماي 1990 بمناسبة إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وهو الخطاب الذي كان اللبنة الأساسية لإحداث المحاكم الإدارية بالمغرب. حيث جاء في إحدى فقراته :" .... نريد أن نكون دولة القانون ونحتفظ بالملكية الخاصة ولكن نتجاهل ذلك ونأتي ونتسلط على أراضي الناس، ونبني دون اعتماد لا على مسطرة نزع الملكية ولا اتصال بمحامي هذا ومحامي ذاك..."، بحيث اعتبرت أن إرادة المشرع كانت تسير في منحى إعطاء الاختصاص للمحاكم الإدارية بالنظر في قضايا الاعتداء المادي. [70]
 ومتأثرة بقرارات الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) –من جهة أخرى– والتي أيدت فيما بعد توجه هذه المحاكم في اختصاصها بالبت في دعاوى الاعتداء المادي.
وهكذا أصبحت المحاكم الإدارية هي المختصة فعليا بالبت في قضايا الاعتداء المادي وذلك بموجب عدة أحكام قضائية[71]، وتكرس هذا التوجه بالفعل أيضا من خلال قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا)  بتقرير اختصاص المحاكم الإدارية برفع الاعتداء المادي والتعويض عنه معتبرة أنه "يحق لهذه الأخيرة النظر في شقين متلازمين لدعوى واحدة تجمعها رابطة واحدة ولا يمكن فصل أحدهما عن الأخرى، وإلا فما هي الحكمة المتوخاة من إسناد الاختصاص فيما يخص رفع الاعتداء المادي للإدارة إلى المحاكم العادية في الوقت الذي كان من المفروض قانونا أن يكون الاختصاص في المجالين معا موكولا لجهة قضائية واحدة...." [72]
وتوالت قرارات محكمة النقض[73] التي تبين استقرارها على أن الاختصاص للنظر في رفع الاعتداء المادي الممارس من طرف الإدارة يعود للمحاكم الإدارية عملا بالفصل 8 من القانون رقم 41-90 الذي يعطي الاختصاص لهذه المحاكم للبت في طلبات التعويض عن الأضرار الناتجة عن الاعتداء المادي على أراضي الخواص انطلاقا من أن الفصل المذكور قابل لاستيعاب هذا الشق من الدعوى مادام الشقان معا متلازمين ومترابطين. [74]
وبما أن الاختصاص في قضايا الاعتداء المادي استقر للمحاكم الإدارية، فإننا نتساءل عن دور القضاء الإداري في وفق الاعتداء المادي؟ ونتساءل أيضا عن كيفية جبر الضرر عن الاعتداء المادي؟ وهو ما سنتناوله من خلال المبحثين المواليين.
المبحث الثالث : دور القضاء الاستعجالي في وقف الاعتداء المادي
 
يكمن دور القضاء المستعجل في درء ما يمكن أن لا تسعف الإجراءات العادية أمام قضاء الموضوع في تحقيقه من خطر داهم، نظرا لعنصر السرعة الذي يتميز به، وقد استقر الرأي على صلاحية هذا الأخير للتدخل في قضايا وقف الاعتداء المادي متى توفر عنصر الاستعجال وكان ذلك ممكنا حسب الظروف والحالات، وإذا كان القاضي الاستعجالي يملك حقا هامشا من الصلاحيات والسلطات التي تخول له توجيه الأوامر إلى الإدارة بوقف الاعتداء على الملكية العقارية، فإن هذه السلطات  قد تصطدم ببعض القواعد التي ترمي إلى حماية الملك العام باسم المنفعة العامة[75]، لذلك فإن منطق الأمور يستدعي التقيد بالقواعد العامة التي تحكم القضاء الاستعجالي، خصوصا ما نص عليه الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية. [76]
وهكذا جاء في القرار عدد 1349 الصادر عن محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) بتاريخ 2 أكتوبر 1997 الملف الإداري عدد 959/5/1/97  ما يلي: "إن من بين شروط قيام اختصاص قاضي المستعجلات توفر عنصر الاستعجال، وهو غير قائم في النازلة لأن الطلب قدم بعد إشراف الأشغال المنسوبة للإدارة والمنجزة في أرض الطاعن عن الانتهاء".[77]
لكن تدخل القضاء المستعجل مقيد أيضا بعدم المساس بأصل الحق، ومع ذلك فإن قاعدة عدم المساس بالجوهر لا تمنع قاضي الأمور المستعجلة من اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية حقوق الطرفين، وله من أجل ذلك أن يتناول بشكل عرضي بحث ظاهر الأوراق والمستندات المقدمة من الطرفين لمعرفة طبيعة النزاع.
عندما تقوم الإدارة باعتداء مادي على عقار فإن القاضي يجد نفسه متحررا من مبدأ فصل السلطات القضائية والإدارية، لأن تصرف الإدارة لا علاقة له بالنشاط الإداري، ولا يمت بصلة إلى أي نص تشريعي أو تنظيمي، وبذلك تنزل الإدارة من خلاله إلى منزلة الأفراد، لهذا يتدخل قاضي المستعجلات الذي يكون بإمكانه توجيه أوامر للإدارة بإيقاف الأعمال الإدارية المتجاوزة لحدود المشروعية، والحكم عليها بغرامة تهديدية إذا اقتضت الضرورة، كما لو أن الأمر يتعلق بفرد عادي. [78]
وكما ذكرنا فإن القضاء العادي قبل إحداث المحاكم الإدارية، اعتبر أن رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات هو المختص بالنظر في الطلبات الوقتية الرامية إلى إيقاف الاعتداء المادي، لكن ما يلاحظ على المستوى العملي هو أن القاضي العادي وهو ينظر في دعاوى الاعتداء المادي فإن أهم ما اصطدم به هو تطبيق الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية[79] الذي يمنع المحاكم من عرقلة عمل أو نشاطات الإدارات العمومية، وهو ما زكته محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) في بعض المناسبات منها قراره الصادر سنة 1982 والذي جاء فيه: "حيث أن طلب المدعي الرامي إلى طرد الدولة المغربية من القطعة الأرضية المملوكة له بمقتضى الرسم العقاري عدد ...... والتي شيدت عليها الإدارة مدرسة لتعليم البنات وأصبحت بذلك مرفقا عموميا يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة هي من صميم عمل الإدارة، من شأن الاستجابة له عرقلة عمل الإدارة العمومية وهو ما يمنع على محاكم المملكة النظر فيه ولو بصفة تبعية، ويخرج من اختصاصها الموضوع الذي يعتبر اختصاص قضاء الاستعجال مستمدا منه طبقا لأحكام الفصل 25 من ق م م، مما يعتبر معه الأمر الاستعجالي المستأنف القاضي بطرد الدولة المغربية غير مستند إلى أساس صحيح"[80].
ويتبين واضحا من خلال هذا القرار أن ما ذهب إليه المجلس الأعلى لا ينسجم مع ما قصده المشرع  بمقتضى الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية بحيث أن هذا الأخير لا يمكن أن يسري إلا على القرارات الإدارية وأعمالها المشروعة لا على الأعمال المادية غير المشروعة كما هو الشأن بالنسبة للاعتداء المادي، وهو ما حاول المجلس الأعلى من خلال الغرفة الإدارية  تصحيحه وتدارك خطأ موقفه السابق، حيث أنه عاد من جديد فأقر وبصفة صريحة باختصاص قاضي المستعجلات برفع الاعتداء المادي الممارس من جانب السلطة العامة أو من يقوم مقامها.
وبعد إنشاء المحاكم الإدارية صارت هي صاحبة الاختصاص للبت في قضايا الاعتداء المادي للإدارة، بحيث أصبح رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات هو المختص بالنظر في طلبات إيقاف الاعتداء المادي، وهو ما سارت عليه محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا)، وتبعته المحاكم الإدارية في نفس التوجه بما يقر اختصاصها في قضايا الاعتداء المادي، منها الأمر الاستعجالي عدد 2/94 بتاريخ 13 شتنبر 1994 ملف عدد 2/94 الصادر عن المحكمة الإدارية بمكناس ومما جاء فيه: "إن الاحتجاج بالفقرة الأولى من الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية لا تعني المحاكم الإدارية في شيء بل هي تهم المحاكم العادية التي لا تطبقها حسب الاجتهاد القضائي إلا إذا كان عمل الإدارة مشروعا".[81]
ويستمد القضاء الاستعجالي الإداري اختصاصه هذا من اختصاص المحكمة الإدارية نفسها كقضاء موضوع في مجال رفع الاعتداء المادي والتعويض عنه، لأن قضاء المستعجلات الإداري جزء من المحكمة الإدارية، ويستمد اختصاصه من اختصاصها، وفقا لمقتضيات الفصل 19 من القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية[82]، والمتعلق باختصاص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينوب عنه بصفته قاضيا للمستعجلات، وتطبق على الطلبات المرفوعة إلى القضاء الاستعجالي الإداري في مجال الاعتداء المادي القواعد العامة التي يخضع لها القضاء الاستعجالي عامة ومنها توفر شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق.
وفي هذا الصدد أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط الأمر الاستعجالي رقم 167 في ملف عدد 137/8س، والقاضي بإيقاف الأشغال الجارية من طرف الجماعة الحضرية على عقار المدعين، حيث جاء في حيثياته: "وحيث إن حق الملكية مضمون دستوريا ولا يجوز نزعه من يد صاحبه إلا وفق الإجراءات المقررة لقانون نزع الملكية المتمثلة في استصدار مرسوم نزع الملكية واستئذان القضاء الاستعجالي في حيازة العقار موضوع نزع الملكية والمطالبة بنقل ملكية مقابل التعويض المحدد قضاء، وأن الإخلال بهاته المقتضيات القانونية وحيازة العقار حيادا عليها يضفي صبغة الغصب والتعدي على تلك الحيازة التي لا يترتب عنها أي آثار قانونية ولو بطول أمدها سواء فيما يخص سقوط الحق بالتقادم أو اكتساب الملكية ويملك القضاء الاستعجالي حق التصدي لذلك الاعتداء المادي عن طريق إيقافه أو رفعه بحسب الأحوال".[83]
وهو ما ذهب إليه أمر استعجالي عدد 04 / 97  صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 01 أبريل 1997 ملف عدد 02/97 الذي جاء فيه: "وحيث أنه بذلك قدرنا أن الأشغال التي تقوم بها الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق – أشغال الحفر فوق أرض دون سلوك مسطرة نزع الملكية أو الاقتناء بالتراضي–  فوق أرض العارض خالية من أي سند شرعي مما يستوجب إصدار أمر بإيقافها".[84]
وهنا يطرح التساؤل حول مدى إمكانية الحكم بالغرامة التهديدية كإجراء يستهدف ضمان تنفيذ الحكم الصادر عن القضاء، وبالرجوع إلى المادة 7 من قانون المحاكم الإدارية[85] نجد أنها قد أحالت صراحة على تطبيق قانون المسطرة المدنية في كل ما لم يوجد فيه نص مخالف، وبالرجوع إلى الفصل 148 من ق م م نجده ينص على أنه: "إذا رفض المنفذ عليه أداء التزام بعمل أو خالف التزاما بالامتناع عن عمل أثبت عون التنفيذ ذلك في محضره، وأخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية ما لم يكن سبق الحكم بها...".
وهو ما سارت في اتجاهه الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابق)، في قرارها عدد 836 بتاريخ 01 يوليوز 1999 في الملف رقم 1331 / 1/ 98 الذي جاء فيه: "لكن حيث إن الهدف من الحكم بالغرامة التهديدية هو إشعار المحكوم عليه بأنه قد يتعرض إلى الحكم بتعويضات عن تماطله في تنفيذ حكم قضائي صادر ضده عندما تتم تصفية الغرامة التهديدية إلى تعويض، وحيث إن المشرع لم يستثن من الحكم بالغرامة التهديدية المرافق العمومية التابعة للدولة، وأن القضاء يدخل في اختصاصه ..." [86]
فقد أثبت الواقع العملي أن الإدارة في اعتدائها على ملكية الأفراد غالبا ما تسعى إلى فرض الأمر الواقع حينما لا تسلك الإجراءات الإدارية والقضائية التي نص عليها قانون نزع الملكية، فتعمد إلى مباشرة الأشغال وتشييد البناءات باسم المنفعة العامة، وعندئذ يغدو المبنى المشيد ملكا عموميا لا يستطيع القاضي الاستعجالي في إطار السلطات المخولة له أن يأمر بهدمها ولا إزالتها انسجاما مع قاعدة عدم المساس بالمباني العمومية، وهو ما جسده الأمر الاستعجالي رقم 92/95  ملف عدد 62/95 الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس بتاريخ 11 يوليوز 1995 الذي قضى بما يلي: " وحيث إنه إذا كان طرد الإدارة من عقار محفظ وضعت يدها عليه عن طريق الغصب والتعدي على الملكية الفردية حيادا عن القوانين المنظمة لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة موكول إلى رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات... فإن ذلك الطرد رهين بعدم قيام منشآت عامة بذلك العقار وتحقق انتفاع العموم بخدماتها، أما وقد ثبت بقاطع وجود مرافق عامة بالعقار المطلوب طرد الإدارة منه فإن هذا الطرد يستتبع لا محالة إزالة آثار تواجد الإدارة به والمتمثل في المرافق المحدثة به، وهو ما لا يستقيم ومبدأ عدم إمكانية إزالة أو هدم المنشآت العامة المنجزة فعلا مما يتعذر تنفيذه".[87]
ومهما كانت سلطات قاضي المستعجلات بخصوص قضايا الاعتداء المادي فإنه يمكن القول إجمالا أن تلك الصلاحيات غالبا ما يعقلها مبدأ عدم المساس بالمباني العمومية، لذلك فإن الأخذ بهذا المبدأ من شأنه أن يشجع الإدارة على إفراغ القانون 7.81 من محتواه، لذلك فإن القضاء الإداري صار يعتمد مبدأ التعويض كحل أخير في مثل هذه الحالات وهو ما سنتناوله في المبحث التالي.
 
المبحث الرابع : الاعتداء المادي و نزع الملكية وإشكالية الجمع بينهما.
 
إن سلوك الإدارة لمسطرة نزع الملكية لا أثر له على اعتدائها الذي قامت به في وقت سابق على العقارات موضوع نزع الملكية، إذ أن مباشرتها لتلك المسطرة لا يمكن بأي حال أن يصحح وضع يدها على عقارات الأفراد دون سلوك الإجراءات القانونية، ومن تم فالتعويض المستحق لمالك العقار المعتدى عليه يبقى قائما في إطار نظرية الاعتداء المادي وليس في إطار نزع الملكية.
وما دام  التعويض هو السبيل الوحيد أمام المتضرر، وما دامت إمكانية التعويض العيني مرتبطة بعدم وجود منشأة عامة التي لا يجوز هدمها ولو أحدثت عن طريق الاعتداء المادي، هذا المبدأ الذي غالبا ما تتذرع به الإدارة لمقاومة أية مسطرة أو دعوى في مواجهتها لرفع الاعتداء المادي بعلة أنها تهدف بالدرجة الأولى إلى خدمة الصالح العام.    
فإن التعويض عن الاعتداء المادي يستقل في تقديره عن القواعد المنصوص عليها في الفصل 20 من قانون نزع الملكية[88]، لأجله اعتمد القضاء الإداري على مجموعة من الأسس والمعايير المغايرة لتحديد التعويض عن الاعتداء المادي، وبذلك فمن حق المغصوبة ملكيتهم، طلب التعويض عن الأضرار الناشئة عن الاعتداء المادي، والمتمثلة في التعويض عن فقدان الرقبة والتعويض عن  الحرمان من الاستغلال، وهذا ما نستنتجه من الحكم رقم 04 الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 2 يناير 2006 في ملف عدد 700-02 ش ت، الذي نص على: " إن الاعتداء المادي يكون واضحا عندما تلجأ الإدارة إلى تنفيذ إجراء يتبين في ظاهره عدم إمكان إسناده إلى نص تشريعي أو تنظيمي، فإن المشرع حدد للإدارة الطرق القانونية لنزع ملكية الأراضي للمنفعة العامة، وأن وضع اليد في غياب المساطر المحددة قانونا يجعل واقعة الاعتداء المادي ثابتة ومسؤولية الإدارة قائمة عن مختلف الأضرار التي تنتج عن ذلك والتي تشمل التعويض عن فقدان الرقبة وعن الاحتلال غير المشروع وعن الحرمان من الاستغلال"[89]
 وقد أقرت المحاكم حدود التعويض عن كل منهما، حيث جعلت التعويض عن الحرمان من الاستغلال للملك المعتدى عليه ماديا، مقيدا بإتمام إقامة مرفق عمومي عليه، على اعتبار أن هذا التعويض يبتدئ منذ وضع اليد على العقار من طرف الإدارة المعتدية إلى غاية إتمام المرفق العمومي عليه، وهو ما جاء في الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 11 يونيو 2009، ملف عدد 76/13/2008 ق ش، الذي قضى بأن "التعويض عن الحرمان من الاستغلال يكون من تاريخ وضع اليد عليه إلى غاية إقامته المنشأة  العمومية. [90]
أما إذا تم إتمام إقامة مرفق عمومي، فإن القضاء لم يقر سوى الحق في المطالبة بالتعويض عن رقبة العقار الذي انتزع وذلك حماية للمال العام، وهو ما يؤكده القرار عدد 445 الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) بتاريخ 18 أبريل 2002 في الملف عدد 1629/4/4/2000 الذي جاء فيه: "لئن كان يحق للمالك أن يطلب تعويضا عن حرمانه من استغلال ملكه المعتدى عليه اعتداء ماديا وإزالة هذا الاعتداء، فإن ذلك مقيد بعدم إتمام مرفق عمومي عليه، حيث لا يمكنه حينئذ إلا المطالبة بالتعويض عن رقبة ما انتزع منه بصفة غير مباشرة حماية للمال العام مع تعويضه عن الحرمان من استغلال عقاره منذ الاعتداء المادي إلى إتمام إحداث المرفق العام عليه"[91]
 كما أن المحكمة الإدارية بالرباط  سارت في نفس الاتجاه بموجب  حكمها عدد 1016 بتاريخ 10 يوليوز 2006 ملف رقم 1028/03 ش ت والذي جاء فيه : "لئن كان يحق للمالك المستظهر بسند رسمي على ثبوت تملكه لعقاره المعتدى عليه ماديا أن يطالب برفع حالة الاعتداء المادي وبالتعويض عن حرمانه من استغلال ملكه فإن ذلك يبقى مقيدا بعدم تمام إنشاء المرفق العام عليه، إذ لا يمكنه حينئذ سوى المطالبة بالتعويض عن فقدان ملكه بصفة غير مباشرة حماية للمال العام وبالتعويض عن الحرمان من استغلال عقاره من تاريخ الاعتداء عليه إلى تاريخ تمام إحداث المرفق العام والشروع في إسداء خدماته للعموم"[92]
وإمعانا في حماية المعتدى على ملكه، ووصوله إلى الحق في التعويض عن الاعتداء المادي فقد أقر القضاء قاعدة عدم سقوط دعوى التعويض في مثل هذه الأحوال بالتقادم، وهو ما جسده الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بمراكش تحت عدد 763 بتاريخ 18 أكتوبر 2011 في الملف عدد 1380/12/2011 الذي أكدت فيه على ما يلي:"حيث استقر العمل القضائي في المادة الإدارية على اعتبار واقعة الاعتداء المادي المنسوبة للإدارة واقعة مستمرة ومتجددة في الزمن لا تخضع للتقادم المنصوص عليه في الفصل 106 المذكور، مما يتعين رد الدفع المثار بهذا الصدد"[93]
وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) في قراره رقم 698 الصادر عن الغرفة الإدارية بتاريخ 27 يونيو 2002 في الملف رقم 2203/4/1/2004 والذي جاء فيه: "... لكن حيث إن الأمر يتعلق باعتداء مادي ظل قائما طيلة سنوات، ومن المعلوم أن عملا غير مشروع من هذا النوع يرتب دائما الحق في التعويض وأن الأمر لا يتعلق بديون في ذمة الدولة للحديث عن التقادم الرباعي أو غيره من أنواع التقادم المتعلق بالديون، مما يعني أن دعوى التعويض في مثل هذه الأحوال تظل واردة ولا يمكن التمسك بأي حال من الأحوال بالتقادم المسقط المستدل به، مما يتعين اعتبار السبب غير منتج".[94]
والمعلوم أن مديرية أملاك الدولة تتكفل بملفات نزع الملكية، وبالملفات القضائية ذات الصلة والتي تفضي عند إتباع المسطرة الإدارية والقضائية إلى نقل ملكية العقار موضوع نزع الملكية وكذا بتحديد تعويض مالك العقار عن نزع الملكية، وفي أخر المطاف تتملك الدولة العقار المعني مقابل تعويض معقول، إلا أنه في بعض الحالات تلجأ الإدارة إلى وضع يدها على العقار قبل استكمال الشروط المحددة قانونا، الأمر الذي يترتب عنه نزاع قضائي بين صاحب العقار والإدارة، ونظرا لكون الدعوى المتعلقة بنزع الملكية تباشرها مديرية أملاك الدولة في حين أن دعوى الاعتداء المادي تدبر من طرف الإدارة المعنية والوكالة القضائية للمملكة، فقد لا يكون أحد الطرفين على علم بالدعوى الأخرى المدبرة من الطرف الآخر، ما يؤدي في بعض الحالات إلى صدور حكمين قضائيين يقران تعويضا مزدوجا عن نفس العقار.
وفي هذا الصدد نشير إلى أنه قد سبق لمديرية أملاك الدولة أن شهدت صدور حكمين قضائيين حائزين لقوة الشيء المقضي يقضيان بالتعويض عن نفس العقار، حيث قامت مديرية أملاك الدولة برفع دعوى نزع الملكية ضد مالك العقار بالمحكمة الإدارية بالرباط استصدرت بموجبها الحكم قضائي قضى "بنقل ملكية القطعة الأرضية موضوع نزع الملكية مقابل أداء التعويض النهائي قدره 7.533.000 درهم لفائدة المدعى عليه بصندوق الإيداع والتدبير داخل أجل شهر من التبليغ تحت طائلة ترتيب الفوائد القانونية"[95] والذي تم استئنافه من طرف مديرية أملاك الدولة وأصدرت بشأنه محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط قرارها الذي قضى " بتأييد الحكم المستأنف مع تعديله برفع التعويض المحكوم به إلى مبلغ 15.066.000,00 على أساس مبلغ 3000 درهم للمتر المربع"[96] والذي أيدته محكمة النقض [97]، في المقابل نجد أن مالك العقار سبق له أن رفع دعوى اعتداء مادي ضد الوكيل القضائي للمملكة ووزارة التعليم بالمحكمة الإدارية بالرباط  صدر فيها الحكم قضائي قضى "بأداء المدعى عليها لفائدة المدعين تعويضا مبلغه 10.044.000 درهم على أساس 2000 درهم للمتر المربع الواحد"[98]، والذي تم استئنافه من طرف الوكيل القضائي للمملكة و وأصدرت بشأنه محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط قرارها الذي قضى "بتأييد الحكم المستأنف، مع الحكم بنقل الملكية لفائدة الدولة الملك الخاص مقابل مبلغ التعويض المحكوم به"[99]، والذي أيدته محكمة النقض[100]، ويتبين أنه في نازلة الحال قد تم صدور حكمين يقران تعويضا مزدوجا عن نفس العقار.
وهذا الإشكال هو ما وقف عليه المجلس الأعلى للحسابات في تقريره حول تدبير المنازعات القضائية للدولة[101] حيث عزا صدور حكمين قضائيين يقضيان بتعويض مزدوج عن نفس العقار إلى ضعف التنسيق بين الوكالة القضائية والإدارة المعنية ومديرية أملاك الدولة، حيث جاء في التقرير ما يلي: "إن عدم احترام الإدارة للنصوص القانونية المؤطرة لمسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة، وغياب التنسيق بين مديرية أملاك الدولة والوكالة القضائية للمملكة والإدارة، قد يؤدي في بعض الحالات إلى صدور حكمين قضائيين بالتعويض عن نفس العقار موضوع النزاع"
 ولئن إن كان من حق مالك العقار المعتدى عليه الحصول على التعويض عن الاعتداء المادي فإنه لا يمكن له الجمع بين التعويض الناتج عن نزع الملكية والتعويض عن الاعتداء المادي، وهو ما أشار إليه المجلس الأعلى للحسابات في توصيته الصادرة في تقريره السالف الذكر، حيث دعا إلى "وضع آلية منتظمة وتكثيف التنسيق بين القطاعات المعنية بدعاوى الاعتداء المادي، ومديرية أملاك الدولة والوكالة القضائية للمملكة، من أجل توحيد الجهود والمساطر وتفادي صدور حكمين قضائيين بالتعويض عن نفس العقار موضوع هذه النزاعات"، وسيخول هذا التنسيق للإدارات العمومية والوكالة القضائية ومديرية أملاك الدولة إمكانية التحقق من وجود دعويين إحداهما تتعلق بنزع الملكية والأخرى بالاعتداء المادي، وبذلك فإن كانت إجراءات نزع الملكية التي سلكتها مديرية أملاك الدولة جاءت لاحقة على واقعة الاعتداء المادي، وأنه سبق أن صدر حكم بالتعويض  لفائدة المالك في إطار دعوى الاعتداء المادي فإن هذا سيمكن مديرية أملاك الدولة من إثارة هذا الدفع أمام المحكمة لتجنب صدور أحكام تقضي  بالتعويض مرتين عن نفس القطعة الأرضية، وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض في قرارها عدد  815 / 2 الصادر بتاريخ 05 دجنبر 2013 ملف إداري عدد 1383/4/2/2012 الذي جاء فيه "  .....تكون قد أبرزت بأن إجراءات نزع الملكية التي سلكتها الطالبة جاءت لاحقة على واقعة الاعتداء المادي، وأن القطعة الأرضية المطلوب نزع ملكيتها سبق أن حكم بالتعويض عنها لفائدة محمد موسى بن عبد السلام  )المطلوب في النقض(  في إطار دعوى الاعتداء المادي ولا يجوز الحكم بالتعويض مرتين عن نفس القطعة الأرضية، كما استبعدت المحكمة تطبيق مقتضيات الفصل 20 من قانون نزع الملكية لعدم تحقق شروط تطبيقه في النازلة، فكان بذلك القرار المطعون فيه معللا تعليلا سليما ولم يخرق المقتضى القانوني المحتج به "[102]
وهو ما يؤكده القرار الصادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 749/2 بتاريخ 03 يوليوز 2012، ملف عدد 1332/4/2/2012 الذي جاء فيه :" إن القول بوجود اعتداء مادي مع ثبوت سلوك الطاعنة للمسطرة القضائية وأكدتها في جميع مراحل الدعوى أدلت للمحكمة بحكم نهائي صادر في ملف نقل الملكية، وقضت بتعويضين عن نفس العقار تكون قد خرقت القانون وحقوق الدفاع مما يبرر نقض القرار المطعون فيه"[103]
أما على مستوى إشكالية الجمع بين دعوى نزع الملكية ودعوى الاعتداء المادي فإن الاجتهاد القضائي ذهب إلى اعتبار أن دعوى التعويض عن الاعتداء المادي تختلف عن دعوى نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، بحيث أن الأولى ترمي إلى المطالبة بالتعويض عن ضرر ناتج عن تصرف إداري متسم بالجسامة في عدم مشروعيته وماس بحق الملكية العقارية، ومن تم فهي تندرج في إطار دعوى المسؤولية عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، في حين أن دعوى نزع الملكية لأجل المنفعة العامة تندرج في إطار اختصاص المحاكم الإدارية المتمثل في النزاعات الناتجة عن تطبيق قانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وهو ما أكدته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) التي قضت في قرارها عدد 503 بتاريخ 12 أكتوبر 2005 في الملف الإداري عدد 1422/4/3/2004 بما يلي :" احترام الإدارة نازعة الملكية لكل الإجراءات القانونية المتعلقة بمسطرة نزع الملكية يجعل طلبها الرامي إلى نقل ملكية العقار موضوع مقرر التخلي سليما ومرتكزا على أساس ولا يحول الاستجابة له سبق الحكم للمنزوعة ملكيته بالتعويض عن قيمة العقار في إطار دعوى الاعتداء المادي لاختلاف الدعويين من حيث الموضوع والسبب والمحكمة لما قضت برفض دعوى المستأنفة بنقل الملكية بعلة كون الإدارة احتلت العقار وشيدت عليه مرفقا عموميا قبل سلوك مسطرة نزع الملكية لم تجعل لقضائها من أساس وخرقت المقتضيات القانونية المنصوص عليها في الفصل 18 وما بعده من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة والاحتلال المؤقت وعرضت حكمها للإلغاء"[104]
 
خاتمة:
في الختام، نشير إلى أن رقابة القضاء الإداري على قرارات إعلان المنفعة العامة عرفت تطوراً ملحوظاً، فبعد أن كانت تقف عند حد التأكد من وجود المنفعة العامة، واستيفاء الإجراءات الإدارية، تخطى القضاء الإداري ذلك الحد نحو تأسيس مراقبة ناجعة عن طريق فحص المشروعية الداخلية لقرار نزع الملكية، بحيث وسع من نطاق مراقبة الإدارة في مجال نزع الملكية لتمتد إلى السلطة التقديرية للإدارة، بما يسمح إقامة موازنة  بين المصالح المتعارضة المتمثلة في الفوائد التي سيحققها المشروع والمصالح الخاصة التي سيضر بها.
وقد جسد القضاء من خلال مقرراته التوجه الحديث الذي يسعى إلى جعل السلطة التقديرية للإدارة تمارس وفق ما تستدعيه المصلحة العامة تحت مراقبة القضاء لأي انحراف أو تعسف.
كما أن اتخاذ مسطرة نزع الملكية لتحقيق غير المصلحة العامة يوجب تفعيل دور القضاء أكثر من أي وقت مضى، وقد أضحى القضاء الإداري مطالبا بالانتقال من رقابة المشروعية إلى رقابة الملائمة.
لكن بالرغم من التطور الذي شهدته الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية، فإن جوانب القصور لازالت قائمة، لذلك فإننا لا نملك إلا أن نسلك مسلك الذين ينادون بضرورة القيام بالمزيد من الإصلاحات وبذلك نثير الملاحظات التالية:
  • إن تحديد أجل السنتين لرفع دعوى نقل الملكية يبقى أجلا طويلا من شأنه الإضرار بمصالح منزوعي الملكية، ومن تم يكون من اللازم تدخل المشرع لتقليص هذا الأجل إلى حد معقول.
  • إن التعويض كمقابل مادي لنزع الملكية كما حدده المشرع بمقتضى الفصل 20 من القانون 7.81 يبقى جد هزيل، وذلك بالنظر إلا أن القضاء كثيرا ما يعمد إلى المصادقة على التعويض المضمن بمحضر اللجنة الإدارية دون الاستعانة بوسائل التحقيق الممكنة، وخصوصا الخبرة، لذلك ندعو المشرع إلى جعل الاستعانة بإجراءات التحقيق في تحديد التعويض أمرا إلزاميا من أجل الوصول إلى تعويض عادل.
  • كما أن القضاء مطالب بالتصدي بقوة للاعتداء المادي للإدارة على الملكية العقارية حماية للمالكين، وجبر الضرر الناشئ عنه بترتيب تعويضات عادلة كجزاء للإدارة على عدم احترامها للشروط القانونية المنصوص عليها في قانون نزع الملكية.
 
[1] _تقرير المجلس الأعلى للحسابات،  حول تدبير المنازعات القضائية للدولة، الخاص بالفترة الممتدة بين 2006 و2013 الصادر في نونبر 2015،  والمنشور في الموقع :http://www.courdescomptes.ma/upload/MoDUle_3/File_3_228.pdf
[2] _ حسب التقرير المنجز من طرف وزارة الاقتصاد والمالية حول العقار العمومي المعبأ للاستثمار، المرفق بقانون المالية لسنة 2016
[3] _ نص الفصل 3 على:"يخول حق نزع الملكية إلى الدولة والجماعات المحلية وإلى الأشخاص المعنويين الآخرين الجارية عليهم أحكام القانون العام  أو الخاص أو الأشخاص الطبيعيين الذين تفوض إليهم السلطة العامة حقوقها للقيام بأشغال أو عمليات معلن أنها ذات منفعة عامة "
[4] _  راجع المرسوم رقم 2.07.995 الصادر بتاريخ 23 أكتوبر 2008 المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة الاقتصاد والمالية. ج ر عدد 5680 بتاريخ 6 نونبر 2008.
[5] _  منشور بالجريدة الرسمية عدد 208 الصادرة بتاريخ 23 أبريل 1917.
[6] _  أورده أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، ص 249.
[7]_للمزيد من التفاصيل راجع الفصول 6 ،8، ،9، 10 و 12 من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت.
 
[8]_للمزيد من التفاصيل راجع الفصل 42 من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت.
[9]_قرار غير منشور .
[10]_نصت المادة 8 على : "تختص المحاكم الإدارية كذلك بالنظر في النزاعات الناشئة .....عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات والضرائب ونزع الملكية لأجل المنفعة العامة..."          
     ونصت المادة 38 على: " تطبق أمام المحاكم الإدارية  في قضايا نزع الملكية القواعد الإجرائية المنصوص عليها في القانون المشار إليه أعلاه رقم 7.81، ويتولى اختصاصات قاضي المستعجلات رئيس المحكمة الإدارية أو القاضي الذي ينيبه عنه لهذه الغاية."
[11] _  أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، ص7.  
[12] _ نفسه.
[13] _ دروس في تدبير الملك الخاص للدولة، مرجع مديرية أملاك الدولة، 1997 .
[14] _ أورده محمد البقالي، نزع الملكية بين متطلبات الدولة وحماية حقوق الأفراد، رسالة ماستر بكلية الحقوق بوجدة
 [15]_ للمزيد من التفاصيل راجع محمد البقالي، نزع الملكية بين متطلبات الدولة وحماية حقوق الأفراد، رسالة ماستر بكلية الحقوق بوجدة، ص 31.
[16] _ للمزيد من التفاصيل راجع الباب السادس القانون رقم 90-41 المحدث بموجبه محاكم إدارية.
[17] _ أورده محمد البقالي، نزع الملكية بين متطلبات الدولة وحماية حقوق الأفراد، رسالة ماستر بكلية الحقوق بوجدة
[18] _ للمزيد من التفاصيل راجع الفصل 18 من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت.
[19] - نص الفصل 18 من القانون رقم 81-7 في فقرته الأولى على: " يودع نازع الملكية لدى المحكمة الإدارية الواقع العقار في دائرة نفوذها طلبا يرمي إلى الحكم بنقل الملكية وتحديد التعويضات وذلك بمجرد استيفاء الإجراءات المتعلقة بمقرر التخلي والمنصوص عليها في الفصول 8 و9 و10 و12 أو بمجرد تبليغ المقرر المذكور في الحالة المنصوص عليها في المقطع 2 من الفصل 14 وبعد انصرام الأجل المشار إليه في المقطع 3 من الفصل المذكور، ويودع نازع الملكية كذلك لدى المحكمة المذكورة التي تبت في الأمر هذه المرة في شكل محكمة للمستعجلات طلبا لأجل الحكم له بحيازة العقار مقابل إيداع أو دفع مبلغ التعويض المقترح..."
[20] _ أورده محمد البقالي، نزع الملكية بين متطلبات الدولة وحماية حقوق الأفراد، رسالة ماستر بكلية الحقوق بوجدة.
[21] _ نص الفصل 25 على : " إذا كان العقار محفظا أو كانت الحقوق العينية تتعلق بعقار محفظ جاز لنازع الملكية طلب تسجيل تقييد أولي في الرسم العقاري للمحافظة مؤقتا على حقه مع تدعيم طلبه بالأمر الصادر بالإذن في الحيازة المنصوص عليه في الفصل 24.....
....وإذا كان العقار في طور التحفيظ أو كانت الحقوق العينية تتعلق بعقار في طور التحفيظ وجب التنصيص على إيداع الأمر الصادر بالإذن في الحيازة لدى المحافظة على الأملاك العقارية في سجل التعرضات طبقا للفصل 84 من الظهير الشريف المشار إليه أعلاه المؤرخ في 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913).
[22] _ للمزيد من التفاصيل بخصوص الآجال راجع الفصول 17و48 و49 من القانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية، والفصل 512 من ق م م 
[23] _ نص الفصل 19 على: 'يختص قاضي المستعجلات وحده للإذن بواسطة أمر في الحيازة مقابل دفع أو إيداع تعويض احتياطي يعادل مبلغ التعويض الذي اقترحه نازع الملكية'
[24] _ أورده محمد البقالي، نزع الملكية بين متطلبات الدولة وحماية حقوق الأفراد، رسالة ماستر بكلية الحقوق بوجدة.
[25] _ أمر استعجالي غير منشور
[26]_ قرار غير منشور
[27]_ أورده محمد البقالي، رسالة الماستر بعنوان نزع الملكية بين متطلبات الدولة وحماية حقوق الأفراد، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية  بوجدة.
[28]_ دروس في تدبير الملك الخاص للدولة، مرجع مديرية أملاك الدولة، 1997 ، ص 218
[29]_ نصت الفقرة الثانية من الفصل 17 على "إذا لم يودع نازع الملكية خلال هذا الأجل، المقال المنصوص عليه في المقطع الأول من الفصل 18 ، فإنه لا يمكن الحكم بنزع الملكية إلا بموجب إعلان جديد للمنفعة العامة"،  
[30]_ أورده محمد البقالي، رسالة الماستر بعنوان نزع الملكية بين متطلبات الدولة وحماية حقوق الأفراد، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية  بوجدة.
[31]_ أورده أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، ص 230.
[32]_ أورده أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، ص 393، 394
[33]_قرار غير منشور
[34]_قرار غير منشور
[35]_  أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، ص 275 ،276.
[36] - نص الفصل 20 من القانون رقم 81-7 على :" يحدد التعويض عن نزع الملكية طبق القواعد الآتية:
1. يجب ألا يشمل إلا الضرر الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية، ولا يمكن أن يمتد إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر؛
2. يحدد قدر التعويض حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية دون أن تراعى في تحديد هذه القيمة البناءات والأغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع الملكية منذ نشر أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك المقرر نزع ملكيتها؛
3. يجب ألا يتجاوز التعويض المقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي، أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك التي ستنزع ملكيتها، ولا تراعى في تحديد هذه القيمة عناصر الزيادات بسبب المضاربات التي تظهر منذ صدور مقرر التصريح بالمنفعة العامة، غير أنه في حالة ما إذا لم يودع نازع الملكية في ظرف أجل ستة أشهر ابتداء من نشر "مقرر التخلي" أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للعقارات التي ستنزع ملكيتها، المقال الرامي إلى الحكم بنزع الملكية وتحديد التعويضات وكذا المقال الرامي إلى طلب الأمر بالحيازة، فإن القيمة التي يجب ألا يتجاوزها تعويض نزع الملكية هي قيمة العقار يوم آخر إيداع لأحد هذه المقالات بكتابة ضبط المحكمة الإدارية .
4. يغير التعويض، عند الاقتضاء، باعتبار ما يحدثه الإعلان عن الأشغال أو العملية المزمع إنجازها من فائض القيمة أو ناقصها بالنسبة لجزء العقار الذي لم تنزع ملكيته.
ويجب تحديد مقدار خاص عن كل عنصر من العناصر المشار إليها في الفقرات 2 و3 و4 أعلاه"
[37]_ نص الفصل 42 من القانون رقم 81-7 على :"إذا اتفق نازع الملكية والمنزوعة ملكيته على الثمن الذي حددته اللجنة[37] بعد نشر مقرر التخلي وعلى كيفيات تفويت العقار أو الحقوق العينية المنزوعة ملكيتها، فإن هذا الاتفاق الذي يجب أن يبرم طبقا لمقرر التخلي، يدرج في محضر أمام السلطة الإدارية المحلية التابع لها موقع العقار إذا كان المنزوعة ملكيته يقيم بالمكان المذكور".
[38]_ أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، ص 293 .
[39]_ قرار غير منشور .
[40]_ أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، ص 298.
[41]_ قرار غير منشور .
[42]_ محمد البقالي، نزع الملكية بين متطلبات الدولة وحماية حقوق الأفراد، رسالة ماستر بكلية الحقوق بوجدة.
[43]_ قرار غير منشور .
[44]_ قرار غير منشور .
[45]_ نص الفصل 66 من ق م م على : "...... لا يلزم القاضي بالأخذ برأي الخبير المعين ويبقى له الحق في تعيين أي خبير آخر من أجل استيضاح الجوانب التقنية في النزاع".
[46]_ قرار غير منشور.
[47]_ قرار غير منشور .
[48]_ قرار غير منشور.
[49]_للمزيد من التفاصيل راجع الفصل 26 من القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت.
[50]_ نص الفصل 30 من القانون رقم 81-7 على : " غير أنه إذا لم يعرف ذوو الحقوق بأنفسهم وجب إيداع التعويضات المستحقة لدى صندوق الإيداع والتدبير.
ويتخذ نفس الإجراء إذا لم يدل بالوثائق المثبتة للملكية أو كانت هذه الوثائق غير كافية، وفي هذه الحالة يعمل نازع الملكية على تعليق إعلانات بمكتب الجماعة والمحافظة على الأملاك العقارية المعنيتين بالأمر تعرف بالعقارات وبأسماء الأشخاص المظنون أنهم ذوو الحقوق، وإذا لم يقدم أي تعرض خلال أجل ستة أشهر ابتداء من تاريخ هذا التعليق فإن التعويضات تدفع إلى الأشخاص المظنون أنهم ذوو الحقوق، وفي حالة حدوث تعرض يبقى التعويض مودعا إلى أن يصدر قرار قضائي بتعيين المستفيد النهائي من التعويض أو إلى أن يدلي الأشخاص المظنون أنهم ذوو الحقوق برفع يد صحيح ومقبول عن التعرض المقدم.
وفيما يخص العقارات الموجودة في طور التحفيظ المعترض عليها أو العقارات غير المحفظة المتنازع في شأنها أمام المحاكم فان التعويض يبقى مودعا إلى أن يتم تعيين ذوي الحقوق الحقيقيين على إثر إجراءات التحفيظ أو الدعوى الجارية".
[51] - لمزيد من التفاصيل راجع الفصل 42 من قانون 81-7 المتعلق بمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت.
[52] - نص الفصل 4 من المرسوم التطبيقي المؤرخ في 16 أبريل 1983 على أن "تغيير الغرض المعد له العقار المتملك عن طريق نزع الملكية يتم بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المعني بالأمر".
[53] - قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا رقم 453 صادر بتاريخ 05 يوليوز 1984، أورده أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، ص 387
[54]-  نص الفصل 43 على :"إذا تراجع نازع الملكية لأي سبب من الأسباب خلال أية مرحلة من مراحل المسطرة الإدارية أو القضائية قبل الحكم بنقل الملكية عن نزع ملكية عقار كلا أو بعضا وكان العقار المذكور واقعا في المنطقة المطلوب نزع ملكيتها أو معينا في مقرر التخلي ترتب على هذا التراجع، بشرط مراعاة أحكام الفصل 23، استصدار نازع الملكية لمقرر معدل للمقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة أو لمقرر التخلي......"
[55] - حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 553 بتاريخ 30/06/1998 ملف رقم 92/96 ت،أورده أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، ص 388
[56] - أورده أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، ص 389
[57] - أورده أحمد أجعون، المنازعات المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، ص 391
[58] _  أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية الإشكاليات العملية والحلول القضائية.
[59] _  المرجع السابق، .
[60] - تقرير المجلس الأعلى للحسابات، حول تدبير المنازعات القضائية للدولة، الخاص بالفترة الممتدة بين 2006 و2013 الصادر في نونبر 2015،  والمنشور في الموقع http://www.courdescomptes.ma/upload/MoDUle_3/File_3_228.pdf
[61] -   محمد المجدوبي، منازعات أملاك الجماعات الترابية على ضوء اجتهاد القضاء الإداري المغربي  ص51، (نقلا عن مصطفى التراب، استيلاء الإدارة على الملكية الخاصة ومدى تعارضه مع المشروعية وسيادة القانون)
[62] -  أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية والإشكاليات العملية والحلول القضائية، 2015، ص 14، (نقلا عن أمال المشرفي، الاعتداء المادي للإدارة في العمل القضائي للمحاكم الإدارية بين التطور والتراجع)
[63]  - حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عدد 1956 بتاريخ 20/10/2011 في الملف عدد 9/11/6،أورده  محمد المجدوبي، منازعات أملاك الجماعات الترابية على ضوء اجتهاد القضاء الإداري المغربي  ص 51.
[64] - أورده  أحمد أجعون، الإعتداء المادي على الملكية العقارية والإشكاليات العملية والحلول القضائية، ص15
[65]  - قرار غير منشور
[66]  -  لاراباس الجكوك، رسالة ماستر  بعنوان الاعتداء المادي للإدارة، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي (نقلا عن أمال المشرفي، مقال بعنوان الإعتداء المادي في العمل القضائي المغربي بين التطور والتراجع)
[67]  -  لاراباس الجكوك، رسالة ماستر  بعنوان الاعتداء المادي للإدارة، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي.
[68]- أورده أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية والإشكاليات العملية والحلول القضائية، ص 85
-  منشور في المجلة المغربية للإدارة المحلية، عدد مزدوج 14/15 سنة 1996 [69]
[70]  الرشدي الحسن، الاعتداء المادي في القانون المغربي، مقال منشور بموقع www.marocdroit.com
[71]  للمزيد من التفاصيل راجع أحمد أجعون، الإعتداء المادي على الملكية العقارية والإشكاليات العملية والحلول القضائية، 2015، ص 85 وما بعدها.
[72]  -  أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية والإشكاليات العملية والحلول القضائية، ص 90
[73]  -  قرارها عدد 658 بتاريخ 19 شتنبر 1996 ملف إداري عدد 668/96، وقرارها عدد 475 بتاريخ 20 يونيو 1996 ملف إداري عدد 186/96 منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الأربعين.
[74]  -  قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 296 بتاريخ 2 أبريل 1998، أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية والإشكاليات العملية والحلول القضائية، ص 90
[75]  -  جابر أحلي، رسالة ماستر بعنوان " الدور الرقابي للقضاء في مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة" كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية بوجدة.
[76]  - نص الفصل 152 من ق م م على: "لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر"
[77]  -  قرار عدد 1349 صادر بتاريخ 2 / 10 / 97 الملف الإداري عدد 959 / 5 / 1 / 97، مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 53 – 54،
[78]  - لاراباس الجكوك ، رسالة ماستر  بعنوان الاعتداء المادي للإدارة. بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي
[79]  - نص الفصل 25 من ق.م.م على "يمنع على المحاكم عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة أن تنظر ولو بصفة تبعية في جميع الطلبات التي من شأنها أن تعرقل عمل الإدارات العمومية للدولة أو الجماعات العمومية الأخرى أو أن تلغي إحدى قراراتها. ولا يجوز للجهات القضائية أن تبت في دستورية القوانين"  
[80]  - قرار عدد 117 بتاريخ 24 فبراير 1982 ملف مدني 69038، مجلة المحاكم المغربية عدد 26، ص 39 وما يليها
[81]  - أورده جابر أحلي، رسالة ماستر بعنوان " الدور الرقابي للقضاء في مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة" كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية بوجدة.
[82] - نص الفصل 19 على : "يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه بصفته قاضيا للمستعجلات والأوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية".
[83]  -أورده لاراباس الجكوك ، رسالة ماستر  بعنوان الاعتداء المادي للإدارة. بكلية كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية السويسي (دون ذكر مراجعه)
[84]  - أورده جابر أحلي، رسالة ماستر بعنوان " الدور الرقابي للقضاء في مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة" كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية بوجدة. مراجع الحكم
[85]- نصت المادة 7 من القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية على:  " تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك"
[86] - أورده جابر أحلي، رسالة ماستر بعنوان " الدور الرقابي للقضاء في مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة" كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية بوجدة..
[87]  - نفسه.
[88] - نص الفصل 20 من القانون رقم 81-7 على :" يحدد التعويض عن نزع الملكية طبق القواعد الآتية:
1. يجب ألا يشمل إلا الضرر الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية، ولا يمكن أن يمتد إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر؛
2. يحدد قدر التعويض حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية دون أن تراعى في تحديد هذه القيمة البناءات والأغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع الملكية منذ نشر أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك المقرر نزع ملكيتها؛
3. يجب ألا يتجاوز التعويض المقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي، أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك التي ستنزع ملكيتها، ولا تراعى في تحديد هذه القيمة عناصر الزيادات بسبب المضاربات التي تظهر منذ صدور مقرر التصريح بالمنفعة العامة، غير أنه في حالة ما إذا لم يودع نازع الملكية في ظرف أجل ستة أشهر ابتداء من نشر "مقرر التخلي" أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للعقارات التي ستنزع ملكيتها، المقال الرامي إلى الحكم بنزع الملكية وتحديد التعويضات وكذا المقال الرامي إلى طلب الأمر بالحيازة، فإن القيمة التي يجب ألا يتجاوزها تعويض نزع الملكية هي قيمة العقار يوم آخر إيداع لأحد هذه المقالات بكتابة ضبط المحكمة الإدارية .
4. يغير التعويض، عند الاقتضاء، باعتبار ما يحدثه الإعلان عن الأشغال أو العملية المزمع إنجازها من فائض القيمة أو ناقصها بالنسبة لجزء العقار الذي لم تنزع ملكيته.
ويجب تحديد مقدار خاص عن كل عنصر من العناصر المشار إليها في الفقرات 2 و3 و4 أعلاه"
[89] - أورده محمد المجدوبي، "منازعات أملاك الجماعات الترابية على ضوء اجتهاد القضاء الإداري المغربي" ص55.
[90] -أورده  محمد المجدوبي، "منازعات أملاك الجماعات الترابية على ضوء اجتهاد القضاء الإداري المغربي، ص56.
[91] - أورده أحمد أجعون، الاعتداء المادي على الملكية العقارية والإشكاليات العملية والحلول القضائية، ص 136
[92]  - حكم غير منشور
[93]  - أورده محمد المجدوبي،"منازعات أملاك الجماعات الترابية على ضوء اجتهاد القضاء الإداري المغربي"، ص64
[94] - أورده جابر أحلي، رسالة ماستر بعنوان " الدور الرقابي للقضاء في مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة" كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية بوجدة.
[95] - حكم غير منشور
[96] - قرار غير منشور
[97] - قرار غير منشور
[98] - حكم غير منشور
[99] -قرار غير منشور
[100] - قرار غير منشور
[101] _تقرير المجلس الأعلى للحسابات، حول تدبير المنازعات القضائية للدولة، الخاص بالفترة الممتدة بين 2006 و2013 الصادر في نونبر 2015،  والمنشور في الموقع :http://www.courdescomptes.ma/upload/MoDUle_3/File_3_228.pdf
[102] - قرار غير منشور
[103] - قرار غير منشور
[104] - أورده أحمد أجعون، الإعتداء المادي على الملكية العقارية والإشكاليات العملية والحلول القضائية، ص 145



الاثنين 19 سبتمبر 2022

تعليق جديد
Twitter