MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



مفهوم المرفق العام

     

الباحث: بليغ بشر
إشراف الدكتور: محمد يحيا



مفهوم المرفق العام
تقديم

     إن مصطلح المرفق العام لا يعد من إفرازات الاجتهادات الحديثة بل إن له جذور قديمة سيما في الفكر الإداري الإسلامي الذي تطرق في عدة مناسبات إلى الخدمة العمومية والمنفعة العامة[1].
لكن الدولة بمفهومها الحديث لم تعرف هذا المصطلح إلا انطلاقا من أواخر القرن التاسع وبداية القرن العشرين، ففي تلك المرحلة كان أساس القانون الإداري يستند إلى فكرة السلطة العامة[2]، وعقب أزمة مفهوم القوة العمومية[3] برز مفهوم المرفق العمومي ليوحد نشاط الدولة ويصير له إطار واحد يتمثل في المرافق العمومية، أي أن الدولة لم تعد تلك الآلة التحكمية بقدر ما صارت ترمز إلى وحدة المجتمع وتضامنه[4].
الأكيد أن الجمع بين هذين المفهومين الأصليين " الدولة، المرفق العام، لا يعتبر بالشيء الجديد " فمنذ أوائل القرن المنصرف ( القرن العشرين دافعت مدرسة المرفق العام، أو ما يطلق عليها مدرسة بوردو، بريادة فقهاء القانون العام في فرنسا أمثال : ديجيDGUIT C.، جيزJEZEK  G.، بوناردوBonnard   R.عن اعتبار المرفق العام أساس شرعية الدولة[5].
إن مدرسة المرفق العمومي، كان لها الأثر الكبير في بناء نظرية المرفق العمومي،     وجعله أساسا للقانون الإداري، وإن الدولة ما هي إلا باقة "مجموعة من المرافق العمومية "[6]، ويستعمل مفهوم المرفق للدلالة على معنيين أحدهما عضوي والثاني مادي :
- المرفق العام من الناحية العضوية، هو مجموعة من الهيئات العامة التي تمارس نشاطا ذو صيغة النفع العام، كمثال المدارس، الكليات، المستشفيات، أما المفهوم المادي فينصرف إلى نشاط ومضمون العمل الذي يمارسه المرفق تحقيقا للمصلحة العامة كحماية المواطنين صحيا،توفير الأمن، الخ.... ومجموعة من الخدمات التي تقدمها للمواطنين[7].
لكن رغم هذه المجهودات لم يكن من السهل الاتفاق على تعريف وتحديد مفهوم المرفق العام، وذلك راجع إلى وجود معنيين، المادي والعضوي[8].
غير أن القضاء الإداري في الوقت الراهن والفقه الحديث أيضا اتجها إلى ترجيح النظرة المادية بالنسبة للمرافق العامة، حيث يكفي أن يتصف بنشاط معين ببعض الخصائص كأن يكون من أجل المصلحة العامة، وأن تكون السلطة العامة قدرات أن تجعل منه مرفقا عموميا ليتم إضفاء وصف المرفق العام على هذا النشاط[9].
إن التطور نحو الأخذ بهذا المفهوم لم يكن وليد الساعة بل كان نتيجة عدة عوامل ساهمت بشكل فعال وأدت إلى حدوث ما يسمى بأزمة المرفق العام، ومن أبرز هذه العوامل ظهور الوظائف الحديثة للدولة المتمثلة في[10] :
  1. الوظائف الاقتصادية والاجتماعية
  2. التدخلات في المجالات التي عجزت المبادرة الخاصة عن تأمينها
  3. توفير خدمات لم يكن الأفراد يطالبون بها في السابق.
وبالتالي نصل إلى مفهوم المرفق العام في الفقه الفرنسي والعربي[11]، " أولا " وأنواع المرافق العمومية " ثانيا ".
 
أولا : تعريف المرفق العام في الفقه الفرنسي والعربي

1- تعريف المرفق العام في الفقه الفرنسي

تعريف هوريو : على أنه " منظمة عامة تستخدم سلطاتها لتكفل تقديم خدمة للجمهور بانتظام واطراد.
أما وليون دجي فإنه يعرف المرفق العام بكونه " كل نشاط يعتبر القيام محكم ، لتحقيق وتنمية الترابط الاجتماعي الذي لا يمكن تحقيقه بشكل كامل لا بتدخل القوة الحاكمة[12]، ويعرفها D.CH-Lebihan المرافق العامة هي الدولة والدولة مكونة من المرافق العامة[13].
وتعريف ديلوبادير المرفق العام بأنه " نشاط يقوم به شخص عام يقصد إشباع حاجة ذات نفع عام.

2 : تعريف المرفق العام في الفقه العربي

يعرف سليمان الطماوي المرفق العام بأنه " مشروع يعمل بانتظام واطراد تحت إشراف  رجال الحكومة، بقصد أداء خدمة عامة للجمهور مع خضوعه لنظام قانوني معين.
أما توفيق شحاتة فيعرفه بأنه " كل مشروع يستهدف الوفاء بحاجات ذات نفع عام، وتعجز المشروعات الفردية عن تحقيقه بقصد النفع العام، على وجه مرضي، فتتولاه الإدارة العامة وتديره، إما بنفسها أو تعهد به إلى أفراد يديرونه تحت رقابتها[14]

ثانيا : أنواع المرافق العامة

استقر الفقه والقضاء على تقسيم المرافق العامة إلى أنواع متعددة استنادا إلى اعتبارات مختلفة.
فمن حيث طبيعة الخدمات التي تزاولها وتسديها للمنتفعين بها يمكن تقسيمها إلى مرافق إدارية واقتصادية واجتماعية، ومن زاوية المجال المكاني الذي توجد فيه يمكن تصنيفها إلى مرافق وطنية ومرافق محلية، ومن جهة نظر مدى سلطة الدولة في تسيير المرافق العامة نجد مرافق متمتعة بالشخصية المعنوية ومرافق ليست لها الشخصية المعنوية، أما من حيث واجب الدولة في إنشائها فهناك مرافق إجبارية ومرافق اختيارية[15]، حيث تعد من المرافق العامة[16] :
  1. الإدارات كالوزارات،  الجماعات المحلية، وتخضع أغلب الأحيان للقواعد العامة.
  2. المؤسسات العمومية الإدارية ويطبق عليها نفس المقتضيات التي تخضع لها الإدارات الكبرى.
  3. المؤسسات العمومية الاقتصادية والاجتماعية تخضع لمزيج من القانون العام والخاص.
  4. هيئات ليس لها أهداف مالية مثل الهيئات المهنية.
  5. المقاولات العمومية مثل المؤسسات العمومية الاقتصادية والشركات الوطنية أو ذات الاقتصاد المختلط.
وبالتالي فإن تدبير الموارد في المرافق العامة تتباين وتختلف، وذلك باختلاف النظام القانوني[17] المطبق على كل نوع من أنواع المرافق العمومية، وباختلاف نشاطها " المصلحة العامة، الربح ".

الهوامش

[1] - عبد الحق عقلة، القانون الإداري، الجزء الثاني نشاط الإدارة ووسائلها، الطبعة الرابعة 2005، ص 30.
[2] - عبد الله الحداد، الوجيز في قانون المرافق العمومية الكبرى، منشورات عكاظ، الرباط، الطبعة الثالثة، 2001، ص 29.
[3] - انتقدت هذه الوضعية من لدن الفقه والقضاء، وأصبح أساس تطبيق القانون الإداري لا يكمن في السلطة العمومية، وإنما في المصلحة العامة، لأن الدولة لم تعد تجسم مظاهر القوة فقطـ بل ان الدولة تهتم بمجالات  لا تحتاج إلى قوتها العمومية "مد الطرق، المواصلات الخ....
[4] - عبد الحق عقلة، القانون الإداري، مرجع سابق، ص 31.
[5] - عبد الخالق الوهابي، المرفق العام والجودة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية الحقوق، طنجة، العام الدراسي،2005-2006 ص 13.راجع يونس عطو،هوية المرفق العام،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة،كليه الحقوق طنجة وحدة الادارة والتنمية، للعام الجامعي 2007-2008 .
[6] - عبد الله حداد، مرجع سابق، ص 32.
[7] - للمزيد من الاطلاع حول المرفق العام أنظر، محمد يحيا، المغرب الإداري، مبادئ التنظيم الإداري، مظاهر التنظيم الإداري، وسائل النشاط الإداري، مطبعة ووراقة سبارطيل، طنجة 2001، ص 259-260
[8] - عبد الحق عقلة، مرج سابق، ص 31.
[9] - حسن حوات، المرافق العامة بالمغرب وهيمنة التحول من القطاع العام إلى القطاع الخاص، مطبعة الصباح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة أولى، 2000 ص 24.
[10] - للمزيد من الاطلاع أنظر، عبد الله حداد، الوجيز في قانون المرافق العامة الكبرى، مرجع سابق، ص 34.
[11] - حسن حوات، مرجع سابق، ص 27.
[12] - حسن حوات، نفس المرجع، ص 26.
[13] - عبد الخالق الوهابي، المرفق العام، مرجع سابق، ص 13.
[14] - حسن حوات، نفس المرجع، ص 28.
-[15] للمزيد من الاطلاع حول أنواع المرافق العامة أنظر : محمد يحيى، المغرب الإداري،مرجع سابق، ص 307-314.
[16] - عبد الله حداد، مرجع سابق، ص 35.
[17] - حيث أن الإشكال المطروح هنا كالتالي : إلى أي حد يمكن اعتبار مستخدمي المؤسسات العمومية موظفين عموميين؟ تعرف الوضعية القانونية للمستخدمين تنوعا كبيرا من مؤسسة عمومية إلى أخرى، وذلك راجع لغياب نص قانوني موحد في هذا المجال، ونرصد عدة مفارقات ما بين المؤسسات العمومية خصوصا على مستوى الرواتب والأجور والحوافز والتعويضات المختلفة، ويمكن الإشارة إلى بعض النصوص التي يمكنها أن تكون الأرضية العامة لاستصدار الأنظمة الأساسية الخاصة بالمؤسسات العمومية :
  - ظهير 19 يوليوز 1962 الذي أقر نظاما عاما لمستخدمي بعض المؤسسات العمومية
  - مرسوم تطبيقي مؤرخ في 14 نونبر 1963 يحدد الشروط العامة وقواعد التوظيف، التنقيط، الترقي، ونظام العطل والمسطرة التأديبية.
  - مرسوم تطبيقي مؤرخ 16 نونبر 1963 الذي تناول وضعية ونظام بعض الوظائف العليا خصوصا وظيفة المدراء والمحاسبين، المراقبين الماليين.
   للمزيد من الاطلاع أنظر :-عبد الحق عقلة، القانون الإداري، مرجع سابق، ص 13.راجع محمد عبد الحميد ابو زيد، دوام سير المرفق العام، اطروحة دكتورة في الحقوق،جامعة القاهرة، المكتبة المركزية للجامعة،بدون تاريخ نشر،ص83
   - جمال الدين زهير، محمد الأعرج، النظام القانوني للمقاولات العامة بالمغرب، الطبعة الثانية 1997، المعهد المغربي للكتاب، وجدة ص 104.



الاثنين 18 فبراير 2013

تعليق جديد
Twitter