MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



قراءة تحليلية قي القانون رقم: 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية

     

ذ الحسين حران

باحث بسلك الدكتوراه بدار الحديث الحسنية



قراءة تحليلية قي القانون رقم: 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية

يعيش العالم اليوم على مستوى تقاطبي تتداخل فيه السياسة بالاقتصاد، وقد ساهمت ريح
العولمة العاتية عن طريق اتفاقيات التبادل الحر في جعل السلع والمنتجات الاقتصادية وبخاصة الاستهلاكية منها تتداول شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وصار الإنسان يحمل ثقافة كونية نمطية إلى درجة أن وصفه أحد الفلاسفة في كتاب له: "الإنسان ذو البعد الوحيد"، وقال عنه أحد الأساتذة الباحثين:" إن العولمة جعلت إنسان العصر يعيش على هم واحد؛ هم الاستهلاك حتى الهلاك".
 في ظل هذا الواقع الاقتصادي العولماتي المتأزم، والبعيد كل البعد عن القيم الأخلاقية ومحاسبة الضمير، سارع الضمير العالمي الحي إلى توقيع يوما عالميا لحماية الإنسان باعتباره مستهلكا، كما بادر إلى وضع قانين دولية ووطنية لحماية المستهلك. فكيف نشأ هذا النوع من التشريع؟ وما هي المبادئ والتوجيهات التي ارتكز عليها؟ وما هي بعض معالمه القانونية المتعلقة بالسلامة الصحية إن أمرا أو زجرا؟

أولا: ظروف نشأة قانون حماية المستهلك:

  يعتبر هذا الصنف من القوانين الحديثة النشأة؛ إذ جاءت ولادته بعد سلسلة من الاضرابات التي قادها الكثير من المستهلكين داخل الولايات المتحدة الأمريكية مما دفع بالرئيس الأمريكي كينيدي إلى أن يعلن في خطاب له يوم 15 مارس 1962 بأن المستهلكين يمثلون المجموعة الاقتصادية الأكثر أهمية.
ويجد هذا التشريع- أيضا- سنده في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 39/248 الصادر في أبريل1985 حول كيفية حماية المستهلك، والذي تم توسيعه وصدر بعنوان:  "مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لحماية المستهلك" سنة 1999. وقد بنت الجمعية استصدار هذه المبادئ على مجموعة من الأهداف منها:

 - مساعدة البلدان على تحقيق أو مواصلة توفير الحماية الكافية لسكانها بوصفهم مستهلكين.
- تعزيز التعاون الدولي في ميدان حماية المستهلك.
- تشجيع الاستهلاك المستدام.

أما المبادئ فمصدرة بالكلام التالي:" على كل حكومة في معرض قيامها بوضع سياسة لتوفير حماية قوية للمستهلك أن تحدد أولوياتها المتعلقة بحماية المستهلكين وفقا لظروف البلد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ولاحتياجات السكان المتمثلة في:

 أ- حماية المستهلكين من الأخطار التي تهدد صحتهم وسلامتهم،
 ب- تعزيز حماية المصالح الاقتصادية للمستهلكين،
 ج- تثقيف المستهلكين بشأن الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على اختياراتهم،
 د- حرية تشكيل جماعات أو منظمات للمستهلكين وإتاحة الفرصة لها لكي تعبر عن آرائها في عمليات اتخاذ القرارات التي تمس المستهلكين،
ه- وضع برامج التثقيف والإعلام.

 ومواصلة منه للتشريع الدولي، وقياما بتعهداته الدولية بادر المغرب بتحيين ترسانته القانونية الخاصة بحماية المستهلك؛ إذ عرف التشريع الوطني في هذا المجال صياغة مجموعة من النصوص ذات الاهتمام ولكنها كانت مبثوثة في ثنايا قوانين متفرقة كظهير الالتزامات والعقود ومدونة التجارة وغيرها. وبما أنها لم تكن تلبي الحماية الكافية للمستهلك، تطلب الظرف إيجاد قوانين خاصة يمكن الإشارة منها إلى: القانون رقم 25.08 القاضي بإحداث المكتب الوطني للسلامة الصحية، والقانون رقم 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والقانون الأخير رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك، إضافة إلى مجموعة من المراسيم في الباب.
 
ثانيا: مفاهيم قانونية:

يحسن بنا أن نتعرف على بعض المفاهيم القانونية قبل التطرق إلى جديد القانون المتعلق بحماية المستهلك من حيث الحماية ومن حيث التذكير ببعض العقوبات في حق المخالفين لما جاء به من تشريعات ومبادئ قانونية زجرية. والمفاهيم هي التعريف بالمستهلك والمورد.

أ- المستهلك: جاء في المادة2 من قانون رقم 31.08 أن :( المستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي). وعلى هذا الأساس فكل إنسان/مستهلك (أو مقاولة وغيرها من الأشخاص المعنوية) لا يروم تحقيق الربح أو التسويق وإعادة الاتجار في الأشياء فهو يصدق عليه مفهوم "المستهلك الأخير". وتصرفه بهذه الصفة تستدعي إيجاد حماية قانونية له.

ب- المورد؛ نقرأ في نفس القانون وفي ذات المادة أن المورد:(يقصد به كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري)؛ فالمراد به أيضا حسب المادة قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا وهدفه من الاستهلاك هو تحقيق الربح عن طريق التصدير أو الاستيراد للسلع والمنتجات الغذائية، وعلى هذا الأساس تتطلب العملية كسر جموحه في تحقيق الربح بوضع قانون/قوانين تبصره بالمسؤولية المتبادلة بينه وبين المستهلك الأخير.

 إن قوانين حماية المستهلك في المغرب تعددت، وانصب كل قانون منها على معالجة قضايا استهلاكية خاصة، ولهذا لا يمكن في هذه الدراسة القصيرة الإتيان على معالجتها جميعا، بل الأمر متعذر، وعليه، فتحليلنا سينكب فقط على تعريف القارئ الكريم بأهم ما جاء به القانون  رقم 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية. وهو الذي سنخصص له الجزء الثاني من هذا المقال.



الاثنين 25 مارس 2013

تعليق جديد
Twitter