MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





تهريب الأموال نحو الخارج تكريس للأزمة الداخل

     

بقلم : عبد العزيز عبيدوش



تهريب الأموال  نحو الخارج تكريس للأزمة الداخل

  لا زال الجميع يتذكر الخبر أو التقرير الذي أوردته العديد من الصحف الوطنية حول تهريب المبالغ الضخمة و أموال الشعب خارج أرض الوطن ،  خصوصا العملة الصعبة التي كلما ازدادت السنوات أصبحت أكثر صعوبة في جنيها مما كانت عليه .

إن ما يثير الاستغراب و يصيب جل المتتبعين في الميدان الاقتصادي بصداع الرأس، هو وجود مؤسسة عمومية متخصصة في مراقبة هذه الظاهرة التي في تزايد مستمر ،  إلا و هو مكتب الصرف الذي يعد جهاز متخصص بسن تدابير لتنظيم عملية الصرف ، و تدبير و نشر إحصائيات عمليات المبادلات الخارجية في إطار دعم التوجه الإستراتيجي للدولة و  المتمثل في خلق دينامية جديدة للإقتصاد الوطني من خلال خلق منافذ جديدة لضخ العملة الصعبة في الأسواق المالية الوطنية و  ضبط عملية صرف العملة بالمغرب .  

. إن ظاهرة تهريب الأموال خارج أرض الوطن تثير العديد من التساؤلات من قبيل :

أين هي الممارسات الفعلية للاختصاصات الرقابية لمكتب الصرف و باقي المؤسسات الرقابية الأخرى  و موقفها من كل هذا التهريب الذي أصبح قاعدة معمول بها و يتم بسلاسة مطلقة دون رقيب و لا حسيب؟  أين هو التنزيل الفعلي و الديمقراطي لدستور 2011 في شقه المتعلق بالحكامة و الشفافية و دعم حكم القانون ؟

ما الفائدة من وجود مؤسسات رقابية مالية لا تقوم بالدور الرقابي المالي و التدقيقي ؟ 

 إن تقارير المؤسسات الدولية و الوطنية الأخيرة دقت ناقوس الخطر في أكثر من مناسبة ، بحيث أشارت إلى أن الصرف الحقيقي من العملة الصعبة ، يمر من خلال سراديب لا علم لمكتب الصرف و المؤسسات الرقابية الأخرى  بها ،  و تهرب للخارج دون  أن تستفيد الدولة من فلس واحد

كما أنه بالأمس القريب  البرلمان المغربي ، عرف نقاشا محتدما بمناسبة الأسئلة الشفوية حول موضوع تهريب الأموال للخارج و نفاذ منسوب العملة الصعبة ،  و ما هو الدور الذي يؤديه مكتب الصرف للحد من هذه الظاهرة التي تصيب الاقتصاد المغربي بالضعف و  الفتور و الموت البطء جراء نفاد الاحتياطي من العملة الصعبة و تكريس لأزمة داخلية لا زلنا نعيش تداعياتها ليومنا هذا .   

إنه بالرغم من  وجود قانون يجرم إلى حد ما تبيض الأموال و تهريبها إلى الخارج فلا شيء تم تطبيقه بحيث لا زال نزيف العملة ينفذ ،  و الجميع  يتذكر تصريحات كل من وزير المالية و والي بنك المغرب و رئيس الحكومة في العديد من المناسبات حول اقتراب نفاذ منسوب العملة من الأبناك المغربية  و تأثير دلك الاقتصاد الوطني .

على  الحكومة الحالية و معها باقي الفاعلون السياسيون  ،   إصلاح أخطاء الحكومات السابقة و تغيير سلبياتها نحو إيجابيات ،  خصوصا إذا تعلق الأمر بموضوع الأموال و  العملة الصعبة ، إذ لا يكتفي الأمر بصياغة قوانين زجرية تبقى حبرا على ورق ، بل لا بد من إنزالها و إعمالها على أرض الواقع و رسم إستراتيجية  رقابية مالية واضحة المعالم ، يتم بها وضع حد لهذه الظاهرة التي تنخر الاقتصاد الوطني و تكرس أزمة داخلية التي  لها ما وراءها ،   بالتالي الانتقال من النظرية و الشفوي إلى التطبيق و التنزيل الحقيقي .



الخميس 5 سبتمبر 2013

تعليق جديد
Twitter