MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة في القوانين المغربية

     

ذ/ محمد إكيــج
باحث في قضايا الأسرة



تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة في القوانين المغربية
 
يجد هذا الموضوع أهميته و راهنيته في إطار النقاش الدائر حاليا لدى النخب النسائية والسياسية  حول وضعية المرأة المغربية والوظائف أو المراكز الجديدة التي ينبغي أن تحتلها في إطار ما يسمى بالمناصفة.. كما تنبع أهميته أيضا في ظل الضغوط الدولية المتتالية التي تتجه نحو عولمة "مفهوم المساواة" المتضمن في الاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية "سيداو"، بما يعني من التماثل المطلق بين الجنسين إلى حد إلغاء جميع الوظائف "التمييزية" - حسب قاموس تلك الاتفاقيات- حتى ولو كانت جزءا من الطبيعة البشرية والخصوصية الإنسانية التي تميز هذا الجنس عن الآخر..  
إن الأصل في العلاقات الإنساينة عموما، وفي أي مجال من مجالات الحياة، لا تخرج عن إطار ثلاث دوائر: دائرة الصراع، أو دائرة التنافس، أو دائرة التكامل.

فإذا كان التحرك يتم في دائرة الصراع، فإن منطق الحياة يتجه نحو القوة والغلبة، وذلك من خلال توظيف كل الآليات والوسائل المادية والنفسية والفكرية من أجل القضاء على الطرف الآخر، وهو ما اختصره الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز في مقولته الشهيرة "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان"، ولاشك أن هذا المنطق هو منطق هدم وخراب ودمار لا ينسجم أن يوظف البتة في العلاقات الإنسانية عموما بَلْه أن يوظف في علاقة الرجل بالمرأة..

أما إذا كان التحرك يتم في دائرة التنافس، فإن الأمر يتراوح بين السلب والإيجاب، وذلك تبعا لطبيعة التنافس القائم بين الأطراف المتنافسة؛ فإذا كان تنافسا شريفا يعتمد آليات الإبداع والابتكار والمثابرة الجادة من أجل إثبات الذات وتحقيق التميز والتفوق.. فهو ولاشك تنافس محمود ومقبول، إلا أنه يبقى محفوفا بمخاطر المحيط الاجتماعي وما يمكن أن يفرزه من قيم قد تجنح به بعيدا عن الرشد والموضوعية... أما إذا كان هذا التنافس شرسا يشحذ فيه أصحابه براثين المكر والخداع، ويستعين بالمنهج المكيافيلي في بلوغ غاياته، فهو ولا ريب  مذموم ومرفوض..

وعليه فإنه يمكن توظيف التنافس الإيجابي بين الرجل والمرأة في دائرة الحياة العامة، باعتبارها مجالا مفتوحا وقابلا لاستيعاب العديد من الطاقات المختلفة والخلاقة بغض النظر عن طبيعتها الجنسية؛ إلا أن توظيفه في الدائرة الخاصة والضيقة بين المرأة والرجل (أي الأسرة) قد يؤدي إلى نتائج عكسية وربما وخيمة !!

أما إذا كان التحرك يتم في دائرة التكامل، فإن ذلك ينسجم مع فطرة الله التي فطر عليها الكون كله، فقد خلقه سبحانه على أساس التكامل والتناغم في كل عوالمه، سواء في عالم البشر أو عالم الحيوان أو عالم الطير أو عالم النبات أو البحار.. بل وحتى في عالم أدق جزئيات المادة الطبيعية نجد التناغم والتكامل بين السالب والموجب.. ومن ثم فلا غرابة أن يتجه الإنسان - حين بلغ مستوى الرشد في تحضره، وبعد سلسلة طويلة من الصراع الحاد والتنافس الشرس – إلى الأخذ بهذا المنهج الذي لا يعدو أن يكون – في حقيقة الأمر – سوى محاكاة موفقة لسنة الله في كونه..

المقاربة القانونية لمسألة التكامل

إن الأصل في القانون أنه يوضع لتحقيق التكامل وحفظه بين غايتين:
إحداهما تتمثل في حفظ وحماية الحقوق في المجتمع وصيانتها من التعدي والتجاوز مع ضمان أداء الواجبات المترتبة عن تلك الحقوق المصانة. ولبلوغ هذه الغاية فإن الدولة بمختلف مؤسساتها تضع ترسانة قانونية مهمة، وتعمل على إشاعتها والتعريف بها لدى المعنيين بها بشكل خاص، ولدى عموم المجتمع بشكل عام.
وأما الثانية، فتتمثل في إنصاف من تُهضر حقوقهم في المجتمع، والانتصاف ممن يقصّرون في أداء واجباتهم تجاه المجتمع والقانون. ولبلوغ هذه الغاية، فإن الدولة تنصب جهازا للعدالة للقيام بهاتين المهمتين باعتماد عدد من المساطر الإجرائية والآليات القانونية التي تنصف المظلوم وتقتص من الظالم.
فإلى أي حد تجسد القوانين المغربية العامة والخاصة التكامل في الأدوار بين الرجل والمرأة؟ أو بعبارة أخرى ما هي تجليات تكامل الأدوار بين المرأة والرجل في النصوص القانونية المغربية؟

أولا/ التكامل في الدستور المغربي

نص الدستور المغربي على مسألة المساواة بين الجنسين في أربعة فصول، ثلاثة منها تحت مسمى "المواطنين والمواطنات" وتحديدا في الفصول 6 و 31 و 154، وأما الرابعة فتحت مسمى "الرجل والمرأة" وجاءت في الفصل 19، ونصه: " يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في ھذا الباب ﻣن الدستور، وفي ﻣقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليھا المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينھا".
 ويمكن اعتبار المساواة المنصوص عليها في هذه الفصول هي من باب ما يمكن أن نسميه "مساواة تكامل، وليست مساواة تماثل"، باعتبار أن نص الدستور، قرنها أولا، بممارسة الحقوق المدنية وأداء الوظائف الاجتماعية والسياسية والثقافية، وأكد ثانيا، على ضرورة أن تكون ممارسة في نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة وثوابت الأمة وخاصة أحكام الدين الإسلامي.
وحتى نجلي هذا المعطى لابد من استقراء النصوص القانونية المغربية الخاصة التي تنظم في بعض موادها علاقة الرجل والمرأة، باعتبار أن النص الخاص يقيد النص العام أو يفسره.

ثانيا/ التكامل في شؤون الأسرة

تبرز مظاهر التكامل بين الرجل والمرأة في مدونة الأسرة على عدة مستويات:
  • على مستوى رعاية شؤون الأسرة، حيث جاء في المادة الرابعة من المدونة – في سياق تعريف الزواج – أن رعاية الأسرة لم تعد مسؤولية الزوج بمفرده كما كان منصوصا عليه في مدونة الأحوال الشخصية السابقة، وإنما صارت مسؤولية مشتركة يتقاسمها الطرفان، وهذا تأكيد مبدئي واضح على تكامل الأدوار بين الزوج والزوجة.
  • على مستوى الحقوق والواجبات المتبادلة بين الطرفين، فقد حددت المادة 51 من المدونة هذه الحقوق والواجبات فيما يلي:
    • المساكنة الشرعية بما تستوجبه من معاشرة زوجية وعدل وتسوية عند التعدد، وإحصان كل منهما وإخلاصه  للآخر بلزوم العفة وصيانة العرض والنسل.
    • المعاشرة بالمعروف، وتبادل الاحترام والمودة والرحمة والحفاظ على مصلحة الأسرة.
    • تحمل الزوجة مع الزوج مسؤولية تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال.
    • التشاور في اتخاذ القرارات المتعلقة بتسيير شؤون الأسرة والأطفال وتنظيم النسل.
    • حسن معاملة كل منهما لأبوي الآخر ومحارمه واحترامهم وزيارتهم واستزارتهم بالمعروف.
    • حق التوارث بينهما.
وكما هو ملاحظ فإن هذه الرُّزْمة من الحقوق والواجبات تتراوح بين ما هو نفسي وعاطفي وما هو مادي وما هو تربوي، ولا يمكن لطرف واحد أن ينهض بها كاملة دون أن يتكامل مع الطرف الآخر.. فالمساكنة الشرعية بين الزوجين تقتضي أن يساكن كل طرف الطرف الآخر، وأداء الواجبات الزوجية المعتادة وعدم هجر بيت الزوجية أو الاكتفاء بالتواجد الجسماني مع الإخلال بالواجبات الشرعية المتعلقة بالمساكنة، ومنها الإحصان مع لزوم العفة وصيانة العرض وحفظ النسل.. أما المعاشرة بالمعروف فتتطلب وجوب الاحترام المتبادل بين الزوجين مراعاة لمشاعر الآدمية والأخوة الإسلامية والرابطة الزوجية التي تربط بينهما، وكذا عدم التنازع في الاختصاصات والتطلع إلى المساواة المطلقة بينهما، والتعامل بمنطق الندية والمنافسة بدل التعاون والتكاثف، فللزوج مكانته واختصاصاته داخل البيت وخارجه كما للزوجة مكانتها واختصاصاتها.. أما تربية الأبناء والتشاور في شؤونهم، فلابد فيه من تكامل الأدوار سواء في التوجيه والتقويم وبناء الذات وتوفير الحاجيات الضرورية التي تساهم في تكوين شخصياتهم سلبا أو إيجابا.. - على مستوى الولاية الشرعية على القاصر، فقد نصت المادة 236 من المدونة على أن "الأب هو الولي الشرعي على أبنائه، ما لم يجرد من ولايته بحكم قضائي"، وأن للأم صلاحية القيام بالمصالح المستعجلة لولدها في حالة حصول مانع للأب، كالوفاة  مثلا أو الغياب الطويل الأمد أو الغياب الاضطراري بسبب العمل في الخارج مثلا أو بعيدا عن محل تواجد القاصر أو بسبب فقدان الأهلية بحكم قضائي.
ومعلوم أن هذه الولاية، وحسب المادة 235 من المدونة، تلزم صاحبها أبا كان أو أما بالعناية بشؤون القاصر الشخصية من توجيه ديني وتكويني وإعداد للحياة، كما يقوم بكل ما يتعلق بأعمال الإدارة العادية لأمواله إن كانت له.
  • على مستوى النفقة على الأبناء، حيث أكدت المادة 198 من المدونة على أن نفقة الأبناء الذكور تجب على والدهم حتى بلوغهم سن الرشد، غير أنها استثنت من يتابع دراسته وحددته في سن الخامسة والعشرين، في حين تبقى نفقة البنت مستمرة على أبيها إلى حين وجوب نفقتها على زوجها أو بتوفرها على الكسب الذي تعول به نفسها.
إلا أن المادة 199 من المدونة نبهت إلى ما قد يطرأ من طوارئ في حياة الأب الملزم بالإنفاق على أبنائه، كأن يصاب بعجز كلي أو جزئي عن الإنفاق على أولاده بسبب إفلاس، أو حبس، أو حادثة أو إعاقة، أو مرض مزمن، أو نحوها من الطوارئ، فإن النفقة تجب في مثل هذه الظروف على الأم بمقدار ما عجز عنه الأب، لكن بشرط أن تكون ميسورة الحال، أي لها مال يمكنها أن تنفق منه، وهذا إجراء احتياطي، لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان طرفا العلاقة الزوجية متكاملين ومتعاونين فيما بينهما من أجل تحقيق المصلحة الفضلى لأبنائهما.. - على مستوى حضانة الأبناء خاصة بعد وقوع الفراق بين الطرفين، فقد حددت المدونة في المادة 171 مستحقي الحضانة كما يلي: " تخول الحضانة للأم، ثم للأب، ثم لأم الأم، فإن تعذر ذلك فللمحكمة أن تقرر بناء على ما لديها من قرائن إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية..."، فالمادة صريحة في منح الأسبقية في الحضانة للأم، ولعل الحكمة في ذلك تكمن في كون الأم أشفق وأرحم بولدها من غيرها وأقدر وأصبر على تحمل المشاق والصعاب – خاصة في حياته الأولى، يقول ابن عاصم في هذا الصدد:
وصرفها إلى النساء أليق       لأنهن في الأمور أشفق
إلا أن المشرع، ومن باب التكامل والتناوب في القيام بمصالح المحضون ورعايتها، جعل الاستحقاق ثانيا للأب، لأنه أولى بذلك من غيره.. ولا يتم ذلك إلا بحرصهما معا على توفير المأوى الدافيء، والملجأ الآمِن للأبناء، وغرس الحب والسكينة، والهدوء والطمأنينة في نفوس أبنائهما .. وأن يُكمل أحدهما وظيفة الآخر، وأن يسعيا إلى تحقيق الأمن النفسي والأمان الاجتماعي للأبناء حتى يكبروا في جو بعيد عن الأحقاد والضغائن ..

ثالثا/ التكامل في المسؤولية المدنية

ويبرز هذا التكامل في مستويين على الأقل:
يتعلق الأول منهما بتخويل المشرع مباشرة بعض الحقوق المدنية الخاصة بالأبناء، وذلك من قبيل التصريح بولادتهم وتسجيلهم في سجلات الحالة المدنية داخل الأجل القانوني المحدد لذلك (30 يوما)، فقد خولت المادة 16 من قانون الحالة المدنية صلاحية هذا التصريح للأب أو الأم في المقام الأول، ثم لوصي الأب ثانيا، ثم للأخ ثالثا، ثم لابن الأخ رابعا..
كما أن المشرع في المادة 24 من قانون الحالة المدنية جعل من جملة من أناط بهم مهمة التصريح بالوفاة، بعد كل من الولد والزوج الأب أو الأم...
وهنا يظهر أن هذه الحقوق المدنية، لم تعد ممارستها حكرا على الذكور دون الإناث، بل يتكامل فيها الطرفان حسب الظروف والأحوال التي قد تحيط بوقائع الولادة والوفاة، والتي تستوجب عدم التقاعس في القيام بها لعلة من العلل القاهرة أو المفتعلة.
وأما الثاني، فتكمن في تحملهما للمسؤولية المدنية إزاء الأضرار التي قد تنتج عن تصرفات أبنائهما القاصرين، حيث ينص الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود على أن الشخص "لا يكون مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله وحسب، لكن يكون مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته" ومن جملة هؤلاء الأب والأم، ف"الأب والأم بعد موته، يسألان عن الضرر الذي يحدثه أبناؤهما القاصرون الساكنون معهما".
كما أن الأب والأم وغيرهما من الأقارب أو الأزواج، وحسب منصوص نفس الفصل، يسألون عن الأضرار التي يحدثها المجانين وغيرهم من مختلي العقل، إذا كانوا يسكنون معهم، ولو كانوا بالغين سن الرشد.
وقد أسس قانون الالتزامات والعقود هذه المسؤولية على فكرة الخطأ المفترض  في جانب من يتولى رقابة شؤون القاصرين أو المرضى العقليين. ويتمثل في التقصير في الرقابة أو سوء التربية، إلا أن قرينة افتراض الخطأ في صف الآباء والأمهات أو الأشخاص المذكورين ليست بالقرينة القاطعة وإنما هي قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 85 من ق. ل.ع، حيث يحق لهم نفي المسؤولية عنهم بإثباتهم أنهم باشروا كل الرقابة الضرورية على هؤلاء الأشخاص، أو أن الحادث وقع في وقت ليس بإمكانهم السيطرة على تصرفاتهم (وجود القاصر في المدرسة مثلا)، أو أن الحادث وقع بخطأ من المتضرر..

رابعا/ التكامل في المسؤولية الجنائية

لا تقتصر مسؤولية الآباء والأمهات، على تحمل المسؤولية المدنية وحسب، بل تتعداه إلى تحمل المسؤولية الجنائية عند حدوث أي ضرر من شأنه أن يعرض حياة الأبناء للخطر سواء كان هذا الطفل تحت رعايتهما معا أو تحت رعاية أحدهما دون الآخر، ويمكن إبراز ذلك من خلال مقتضيات القانون الجنائي المغربي على عدة مستويات.
  • عند تسليم طفل متكفل به أو مهمل لمتشرد أو متشردين أو متسول أو مستولين، حيث نص الفصل 330 من القانون الجنائي على أنه "يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين الأب أو الأم أو الوصي أو المقدم أو الكافل أو المشغل، وعلى العموم كل من له سلطة على طفل أو من يقوم برعايته، إذا سلم ولو بدون مقابل، الطفل أو اليتيم المكفول أو الطفل المهمل الخاضع للكفالة أو المتعلم الذي تقل سنه عن ثمان عشرة سنة إلى متشرد أو متشردين أو متسول أو متسولين".
  • في حال إهمال الأسرة، ينص الفصل 479 من القانون الجنائي على ما يلي: "يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من 200 إلى 2000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط: الأب أو الأم إذا ترك أحدهما بيت الأسرة بدون موجب قاهر لمدة تزيد على شهرين وتملص من كل أو بعض واجباته المعنوية والمادية الناشئة عن الولاية الأبوية أو الوصاية أو الحضانة"
  • في حال إلحاق أضرار مادية أو معنوية بالطفل، الفصل 482 من القانون الجنائي ينص على ما يلي: "إذا تسبب أحد الأبوين في إلحاق ضرر بالغ بأطفاله أو بواحد أو أكثر منهم، وذلك نتيجة سوء المعاملة أو إعطاء القدوة السيئة في السكر أو سوء السلوك أو عدم العناية أو التقصير في الإشراف الضروري من ناحية الصحة أو الأمن أو الأخلاق، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وغرامة من 200 إلى 500 درهم، سواء حكم عليه بالحرمان من السلطة الأبوية أم لا"، مع إمكانية تشديد العقوبة بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 ورفع العقوبة الحبسية من خمس إلى عشر سنوات.
  • في حال تنفيذ عقوبة حبسية، حيث ينص الفصل 33 من القانون الجنائي على أنه "إذا حكم على رجل وزوجته، ولو عن جرائم مختلفة، بالحبس لمدة تقل عن سنة، وكانا غير معتقلين يوم صدور الحكم، فإنهما لا ينفذان عقوبتيهما في آن واحد إن هما أثبتا أن لهما محل إقامة معينا، وأن في كفالتهما وتحت رعايتهما طفلا دون الثامنة عشرة ليس في الإمكان أن يقوم بكفالته على الوجه المرضي غيرهما من الأشخاص أو المؤسسات العامة أو الخاصة.."
  • عند الامتناع عن تسليم محضون أو التغرير به أو اختطافه، حيث جاء في الفصل 477 من نفس القانون: "إذا صدر حكم قضائي بالحضانة وكان نهائيا أو نافذا بصفة مؤقتة، فإن الأب أو الأم أو أي شخص يمتنع عن تقديم القاصر إلى من له الحق في المطالبة بذلك، وكذلك إذا اختطفه أو غرر به، ولو دون تدليس أو عنف أو حمل غيره على التغرير به أو اختطافه ممن عهد إليه بحضانته أو من المكان الذي وضعه فيه، فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين إلى ألف درهم. وإذا كان مرتكب الجريمة قد حرم من الولاية على القاصر، فإن الحبس يمكن أن يصل إلى ثلاث سنوات"..
خامسا/ التكامل على المستوى المهني

ويمكن استنباط ذلك من خلال مجموعة من نصوص مدونة الشغل التي تؤكد على حق المرأة في العمل إلى جانب أخيها الرجل، مع إمكانية استفادتها من بعض الاستثناءات التمييزية الإيجابية التي تراعي خصوصياتها الأنثوية أو وظائفها الزوجية والأمومية. ويمكن إبراز ذلك كما يلي:
  • المادة 152 من مدونة الشغل تقرر أن الأجيرة التي ثبت حملها بشهادة طبية، لها الحق في إجازة ولادة مدتها أربعة عشر أسبوعا.
  • المادة 153، تلزم المشغل بأن يقوم بتخفيف الأشغال التي تكلف بها المرأة الأجيرة أثناء الفترة الأخيرة للحمل، وفي الفترة الأولى عقب الولادة.
  • الفقرة الثانية من المادة 156 تمنح للأم الأجيرة، وباتفاق مع المشغل، إمكانية الاستفادة من عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة سنة لتربية مولودها.
  • المادة 172، تمنع تشغيل النساء في بعض الأعمال الليلية وذلك أخذا بعين الاعتبار لوضعهن الاجتماعي والصحي..
  • المادة 179، تحدد الأشغال الممنوعة على النساء ومنها الاشتغال في المقالع والأشغال الجوفية للمناجم..
وهكذا يتبين من منطوق مجموع هذه النصوص أن ثمة تكامل واضح بين المرأة والرجل على مستوى تقاسم أعباء العمل والنهوض بها كل حسب طاقته وقدرته دون أن يكون ذلك سببا في "خرق مبدأ تكافؤ الفرص" خاصة في إدارة الشغل وتوزيعه أو في التكوين المهني، أو الأجر، أو الترقية، أو الاستفادة من الامتيازات الاجتماعية، حسب ما تنص عليه مقتضيات المادة 9 من مدونة الشغل.

خلاصة

إن النصوص القانونية التي استعرضناها هنا تؤكد على ضرورة قيام العلاقات الأسرية والاجتماعية والمهنية بين الرجل والمرأة على أساس التكامل في الأدوار والتعاون أثناء القيام بمختلف الوظائف والمهام، لأن ذلك أسلم لاستمرارية العلاقة الإيجابية بين الطرفين بجعلها علاقة مودة ورحمة وتعاون لا علاقة تحدٍ واستعلاء، وأبعد عن الوقوع في الأنانيات الضيقة التي تؤدي إلى التنافس الشرس أو الصراع المدمر لكل ما هو جميل في حياة كلا الجنسين..



الخميس 4 أبريل 2013

تعليق جديد
Twitter