MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





التعليم واستمرار أزمة التعميم، ماذا بعد....؟

     



نادية جامع

باحثة في الشأن التعليمي



عدد وفير من  المقالات الورقية و الاكترونية التي تناولت قضية تعميم التعليم في بلادنا بالدرس و التحليل ، سواء بشكل مقتضب او بالتفصل الممل ، كما تعددت المواضيع بين مشخص و أخر يعطي وصفات سحرية من اجل أن يشفي المريض العليل. وفي مقابل لازالت الأزمة مستمرة في توفير تعليم جيد لجميع الشرائح المغربية.هذا في حين نجد  أن الدول الغربية قد حسمت مشكل تعميم التعليم قبل القرن التاسع عشر، وبإجبارهم للتعليم بالنسبة لكل أفرادها، قضت على الأمية منذ زمن طويل، ولتحقيق تعميم التعليم لشبابها فإنها وفرت كل الإمكانيات المادية والبشرية الكفيلة بتحقيق ذلك، بالخصوص منها: الحسم في لغات التدريس، بإحلال اللغات المحلية بدل اللغات اللاتينية،وبناء وتجهيز المؤسسات التعليمية الكافية لاستيعاب أعداد الأطفال وتكوين العدد الكافي من المدرسي ن وأيضا مساعدة الآباء ماديا لمواجهة مستلزمات المدرسة  وغير ذلك. بهذا التعميم والإجبارية أصبحت المدرسة هي المؤسسة الأساسية لتمرير قيم موحدة بالنسبة للجميع أكثر مما هو في صالح الأفراد والجماعات.

وبخلاف الدول الغربية ، فإن الدول النامية إلى يومنا هذا لم تتمكن من تعميم التمدرس، فإذا أخذنا المغرب، سنجد الميثاق التربية والتكوين رغم نصه على ضرورة  أن يجد كل طفل مغربي بالغ من العمر ست سنوات مقعدا في السنة الأولى من المدرسة الابتدائية القريبة من مكان إقامة أسرته. لكن في المقابل نجد استمرار الهدر المدرسي، و ظل الأمر مجرد نوايا ترتبط بالإمكانات المادية والبشرية التي ستتمكن الدولة من تخويلها لقطاع التعليم من جهة وقدرة الأسر الفقيرة والمتعددة الأطفال على تحمل نفقات المدرسة من جهة أخرى،

فالتراب الوطني لازال يعرف خصاصا فيما يتعلق بالتغطية التربوية وتقريب المؤسسات من المستفيدين، وخصوصا في الوسط القروي وعلى مستوى الثانوي بنوعيه؛ و يمكن إرجاعه إلى النقص الكبير للتجهيزات الخداماتية والصحية والتربوية (الكهرباء، الماء الصالح للشرب، المراحيض، الأنشطة الموازية، قاعات المطالعة والمتعددة الوسائط، المختبرات)حيث شروط العيش داخل الوسط القروي تبقى متردية فيكفي أن نشير أن 10% من التلاميذ القرويين يقطعون 4 كيلومترات وأكثر على الأرجل للوصول إلى المدارس لضعف الشبكة الطرقية وأيضا المدرسية. أما المتعلمين بدورهم لازالوا يعانون من مجموعة من العراقيل أهمها هزالة الإطعام المدرسي كما ونوعا وتوقيتا و بعد المدرسة عن السكن و قلة و ضعف الإيواء الداخلي جودة وعددا و فقر أو غياب التجهيزات والبنيات التربية الترفيهية والتثقيفية خصوصا الحديثة منها، هذا إضافة إلى الحالة المزرية التي توجد عليها الحجرات الدراسية وافتقارها إلى الوسائل والمرافق الضرورية من مساكن وظيفية ومراحيض...وهو الأمر الذي يؤدي بالعديد من المدرسين للتغيب عن العديد من الحصص الدراسية وبالتالي تفشي ظاهرة الهدر المدرسي.

ولتحليل أسباب هذه الوضعية نرصد توزيع الميزانية القطاعية للتعليم من خلال النظر لطبيعة بنية النفقات حسب الوسط، والتي يمكن من خلالها تسجيل الملاحظات التالية:

  • تتوزع الموارد المخصصة لصالح الوسط الحضري البالغة 26.8 مليار درهم بنسبة 58.2% لسد رواتب الموظفين و31% للنفقات المرتبطة بالتربية و3.8% للتجهيزات وفقط 2.4% للبناء والتهيئ.
  • في الوسط القروي توجه الموارد للموظفين في حدود 54.5% ونفقات الإدارة والتسيير بنسبة 9.2% والتجهيزات بـ 12.5 % بينما لاتمثل نفقات البناء 3.3%.
 
من هنا نلاحظ الفرق الشاسع بين توزيع الموارد المالية بين الوسط القروي والحضري، مما يفسر غياب الصيانة والحالة المتردية للحجرات الدراسية والتوطين السيء لها، مما ينتج عنه ما يلي:

  • ضعف تغطية الجماعات القروية بالتعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي ؛
  • خصاص الداخليات بالتعليم الثانوي الإعدادي ؛
  • ضعف عدد المطاعم المدرسية بالعالم القروي؛
  • قلة المنح الدراسية المخولة لتلاميذ التعليم الثانوي الإعدادي بالوسط القروي وخاصة الفتيات؛
  • ضعف الاعتمادات اللازمة لإصلاح وترميم المؤسسات التعليمية وتعويض المتلاشي من الأثاث والتجهيزات المدرسية .
 
بالتالي هذا ينعكس على ضعف التمدرس وتعميمه في الوسط القروي، مما يضعف بالتالي مجهود التنمية الوطنية في ظل إقصاء فئة عريضة من المواطنين. الأمر الذي يستدعي توفير خطة شاملة وطنية تنكب على الإصلاح الشامل للمنطومة الاجتماعية في بلادنا ، ليس فقط قطاع التعليم هو المسؤول عن هذه الوضعية بل إن باقي القطاعات لها وافر المسؤولية من تجهيز الطرق والممرات وتحسين مستوى معيشة تلك الفئات.
 



الثلاثاء 2 يوليوز 2013

تعليق جديد
Twitter