MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



التزامات المورد (المهني) في إطار العقود المبرمة عن بعد ــ دراسة في ضوء التشريعين المغربي والفرنسي ــ

     

محمد جردوق
باحث في القانون الخاص



التزامات المورد (المهني) في إطار العقود المبرمة عن بعد ــ دراسة في ضوء التشريعين المغربي والفرنسي ــ
     أدى اتساع نطاق التجارة الإلكترونية وتطور المعاملات التي تتم بواسطة تكنولوجيا المعلومات والاتصال إلى ظهور المستندات والدعائم الإلكترونية محل الدعائم الورقية. وهو ما دفع المشرع المغربي إلى إصدار القانون رقم 53.05 (1)المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية بتاريخ 30 نوفمبر 2000، بهدف تنظيم العقد الإلكتروني الذي يشكل عصب هذه التجارة(2). وإذا كانت التكنولوجيا تتقدم باستمرار في تطوير إنتاجيتها ومنتوجاتها بشكل أفضل وأوسع بين المستهلكين، فإن وسائل توزيع هذه الإنتاجية والمنتوجات لا تقل تقدما وانتشارا عنها الشيء الذي قد يلحق خطرا حقيقيا بالمستهلك. ذلك أن الاستهلاك أصبح ينظر إليه من زاوية مهمة وخطيرة في ذات الوقت، ألا وهي زاوية الإشهار، سواء في عقد البيع أو عقد القرض، أو غيره من العقود(3).
وبناء على هذا الواقع، برز المركز القانوني لاثنين من أهم الأشخاص الفاعلين في الحياة الاقتصادية، هما المهني (المورد)(4) والمستهلك(5)، وبدأ اختلال واقعي في العلاقات العقدية التي تربط هذين الطرفين(6)، بحيث عندما نتحدث عن التجارة الإلكترونية التي تجمع بين مهني ومستهلك إلكترونين، فإن أول ما يتبادر إلى ذهننا هو عدم التكافؤ في العلاقة العقدية، وعدم التكافؤ هذا يهم أساسا المعلومات التي تخص تلك السلعة أو الخدمة محل العقد، فالمهني عامة يكون أكثر إلماما بمميزات وعيوب المنتوج مع المستهلك الإلكتروني، لذا وحتى يتأتى رضاء المستهلك الإلكتروني مستنيرا ومبصرا(7)، فقد ألقى المشرع المغربي بموجب قانون الالتزامات والعقود والقانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك(8) مجموعة من الالتزامات على عاتق المورد الالكتروني السبيراني  خاصة في العقود المبرمة عن بعد.
وتتجلى أهمية هذا الموضوع في إثارة الانتباه إلى المجتمع المغربي باعتباره مجتمعا استهلاكيا يعرف انتشارا كبيرا لظاهرة عقود الإذعان التي أصبح يتعامل معها مختلف المهنيون في جل القطاعات وأن هذه العقود تبرم دون إعلام وتبصير المستهلك بشروط العقد أو بخصائص السلعة أو الخدمة المتعاقد بشأنها، وهذا ما يؤدي إلى إخلال التوازن في العلاقة التي تربط  المورد بالمستهلك وتعرض مصالح هذا الأخير للخطر، وما يستدعي الانتباه أكثر هو اعتقاد المستهلكين بعدم وجود هذا الحق وقبولهم إبرام عقود الاستهلاك دون المطالبة بإعلامهم وتبصيرهم، لذلك لا بد من تحسيسهم بأهمية هذا الحق وضرورة حمايتهم من تعسف المهنيين.
إذن ما هي التزامات المورد في إطار العقود المبرمة عن بعد في التشريعين المغربي والفرنسي؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية الرئيسية، أسئلة فرعية من قبيل:
ــ ما التزامات المورد في العقود المبرمة عن بعد قبل التعاقد؟
ــ ما هي التزامات المورد في العقود المبرمة عن بعد، بعد مرحلة التعاقد؟
للإجابة عن الإشكالية الرئيسية والأسئلة الفرعية، سنعالج هذا الموضوع وفق التقسيم التالي:
المحور الأول: التزامات المورد في إطار العقود المبرمة عن بعد قبل التعاقد
المحور الثاني : التزامات المورد في إطار العقود المبرمة عن بعد، بعد التعاقد
 
 
 
 
 
المحور الأول : التزامات المورد في إطار العقود المبرمة عن بعد قبل التعاقد
ألقى المشرع المغربي كباقي التشريعات المعاصرة (التشريع الفرنسي نموذجا) مجموعة من الالتزامات على عاتق المورد سواء في العقود التقليدية أو العقود الالكترونية، ومن هذه الالتزامات، الالتزام بإعلام المستهلك الذي يعتبر من الحقوق الأساسية للمستهلك (أولا) بالإضافة إلى حقه في التراجع (ثانيا)
اولا: الالتزام بإعلام المستهلك
إن العقود المبرمة بطريقة إلكترونية، شأنها شأن العقود التقليدية، ترتب التزامات على عاتق المورد (البائع) رد الخدمة، لا فرق في ذلك إن كانت تخص البيوع الإلكترونية عبر الإنترنيت بنوعيها التي تبرم وتنفذ لخط أو التي تبرم على الخط وتنفذ خارجه(9).
وتعتبر العقود الاستهلاكية مجالا خصبا للشروط التعسفية ومدخلا لإذعان المستهلك، باعتباره طرفا ضعيفا في مواجهة المهني الماسك بالجوانب الفنية  للمنتوج أو الخدمة المعروضة للبيع من جهة، والمحترف الحاصل على خبرات راكمها في التسويق والبيع من جهة أخرى. لهذا حرص المشرع على تمتيع المستهلك ببعض الضمانات لحماية حقوقه، مثل الحق في الإعلام قبل التعاقد بالمميزات الجوهرية والعيوب الظاهرة والخفية التي تشوب السلعة أو الخدمة المقدمة وفق ما هو منصوص عليه في القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك(10).
وعليه فإنه من الالتزامات الملقاة على عاتق المورد الالكتروني الالتزام بالإعلام الذي لم ينل حظه من الرعاية والاهتمام من طرف الفقه(11) إلا منذ وقت قريب، وذلك لما تعاظمت الحاجة لتحقيق قدر من الحماية للمستهلك بصورة جادة وموضوعية، في مواجهة الأخطار التي قد تنشأ في ظل المتغيرات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية والتطورات التكنولوجية الحديثة.
وهذا الالتزام نظمه المشرع  المغربي من خلال القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك  حيث نص المشرع المغربي في المادة الثالثة من القانون السالف الذكر، بوجوب إعلام المستهلك بكافة البيانات الخاصة بالمنتوج أو السلعة أو الخدمة، وتسليم فاتورة أو مخالصة أو تذكرة صندوق أو أي وثيقة تقوم مقامها إضافة إلى الإعلام بآجال تسليم المنتوج أو السلعة، حيث إنه في حالة تجاوز التسليم سبعة أيام للمستهلك الحق في فسخ الالتزام دون اللجوء إلى القضاء، كما كرست المادة 29 من القانون 31.08 الحق في الإعلام بشكل خاص في مجال العقود المبرمة عن بعد(12).
ويمكن تعريف الالتزام بالإعلام بأنه الالتزام الذي يفرض على أحد المتعاقدين، أي المدين، إعلام المتعاقد الآخر أي الدائن بكافة الوقائع والمعلومات التي تكون منتجة ولازمة لتكوين رضاء حر ومستنير أو لضمان حسن تنفيذ العقد(13) .
ويعد الحق في الإعلام من أبرز الآليات القانونية في دائرة حماية المستهلك بوجه عام، غير أنه تزداد الحاجة إليه أكثر فأكثر حينما يكونوا موضوعه العقد الالكتروني.لأن هذا الصنف من التعاقد يتم عبر استخدام الوسائط الالكترونية دون التقاء مادي بين أطرافه، و  أن هذه الطريقة مغمورة بمجموعة من المخاطر ما يؤدي إلى التأثير برضا المستهلك دون علم حقيقي بالمنتوج، من أجل هذا كله عملت جل التشريعات الحديثة على ضرورة إلزام التاجر الالكتروني بالإعلام الالكتروني(14).
ويتم تنفيذ الالتزام بالإعلام من قبل المورد أو التاجر السيبراني كما سماه المشرع المغربي، عن طريق عرض يتعلق بالعقد المراد إبرامه عن بعد، بشكل واضح ومفهوم ودون أي التباس وبأي وسيلة ملائمة للتقنية المستخدمة للاتصال عن بعد، ومراعاة في ذلك للمقتضيات القانونية المتعلقة بالقانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، بحيث أوجب المشرع أن يشتمل فضلا عن المعلومات المنصوص عليها في المادتين الثالثة والخامسة من القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، على مجموعة من المعلومات الأخرى والتي تناولتها المادة 29 من القانون المذكور .
ويرى الفقه، أن ضرورة الإعلام في العقود الالكترونية تهدف بالأساس التصدي لمشكلة اختفاء البائع بمجرد انتهاء عملية البيع، بحيث لا يجد المشتري من يرجع عليه في حالة اكتشافه لعيب في السلعة التي توصل بها أو عدم استجابتها لما كان ينتظره منها، بل الأكثر من ذلك فهناك من اعتبرها من أهم الضمانات القانونية لتحقيق المساواة في العلم بجوانب العقد بين الطرفين، خاصة وأنه من الشائع والمستغرب أيضا في العقود التي تبرم عبر الانترنيت أن تكون الشروط التعاقدية مخفية، هذا الإخفاء يأخذ أشكالا متعددة، كأن يكون من الصعب على المستهلك إيجاد بنود العقد على الموقع وذلك بسبب العدد الكبير من الوثائق القانونية المرفقة، في بعض الأحيان قد يطلق على المحتويات القانونية أسماء غير قانونية، مثل: شروط الاستخدام، الأمن والسرية، شهادة الحياة ...، وهو ما يقوم به المورد بهدف عدم تخويف المستهلك بالشروط والالتزامات القانونية.
وتجدر الملاحظة أن المشرع المغربي عندما تناول الالتزام بالإعلام الالكتروني بصفة خاصة، والعقود المبرمة عن بعد بصفة عامة، اعتبرها من النظام العام بحيث نص المشرع في المادة 44 من القانون 31.08 على أنه :" تعتبر أحكام هذا الباب من النظام العام"  
   من خلال من ما سبق فإن وجود الالتزام بالإعلام قبل التعاقد هو ضرورة عملية لتحقيق التوازن العقدي بين الطرفين، و يكون هذا الحق أكثر إلحاحا بالنسبة للعقد الالكتروني، نظرا للغياب المادي لأطرافه، مما يستوجب ضرورة تنوير و تبصير المتلقي بكل المعلومات الضرورية التي يحتاجها لكي يستطيع أن يتدبر أمره بالقبول أو بالرفض أو القبول فيما يخص العقد المراد إبرامه سليما.
  و من ضمن هذه المعلومات نجد:
1-تحديد شخصية التاجر الالكتروني.
2- إعطاء البيانات الأساسية عن السلعة أو الخدمة.
3- تحديد ثمن البيع و شروطه.
4- اللغة المستعملة، يجب أن تكون لغو وطن المستهلك.
   عموما بالرغم من وجود نصوص تشريعية تنص على الالتزام بالإعلام في المجال الالكتروني، - المادة 29 من القانون رقم 31.08، إلا أنه يعاب على المشرع المغربي استخدام عبارات يطغى عليها العمومية و لا تتلاءم مع الطابع الدقيق الذي يميز التعاقد الالكتروني(15).
أما المشرع الفرنسي فوضع أحكام خاصة بمضمون الإعلام بشأن الإيجاب والقبول الذي يتم بالطريق الالكتروني(16)، مراعاة لطبيعة وخصوصية هذه العقود من ناحية اعتباره تعاقدا عن بعد لا يتعاصر تواجد أطرافه في مكان واحد يجمع بينهما، مما يقتضي حماية متلقي الإيجاب عبر هذه الوسيلة، وقد وردت هذه الأحكام ضمن المواد (1125 إلى 1127) من القانون المدني الفرنسي المستحدثة بموجب مرسوم تعديل قانون العقود رقم 131 لعام 2016.
حيث فرضت المادة L1127-1 (17) بشأن الإيجاب عند صدوره من قبل المهني أو المهني أن يتضمن شروط التعاقد، إضافة إلى بعض البيانات الأخرى، منها المراحل المختلفة التي يجب إتباعها من أجل إبرام العقد الإلكتروني، الوسائل الفنية التي تسمح للمستخدم قبل إبرام العقد، التحقق من الأخطاء المرتكبة في الحصول على البيانات، اللغات المقترحة لإبرام العقد، طريق حفظ العقد من قبل الموجب.
أما من ناحية القبول فقد اشترطت المادة L1127-2 (18) من القانون المدني الفرنسي، لكي يرتب أثرا بأن يؤدي إلى انعقاد العقد على نحو صحيح أن يكون قد توافر للقابل إمكانية التحقق من تفاصيل طلبيته تعبيرا عن قبوله.
وهذا يعني أن العقد المبرم إلكترونيا لم يعد يكفي مجرد القبول لانعقاده، وإنما يجب تأكيده من خلال تأكيد الطلبية أو أمر الشراء مرة أخرى من قبل القابل بالنقر مرتين على الأيقونة المخصصة للقبول، والموجودة على شاشة الكمبيوتر، فيتحقق بذلك القبول باعتباره العنصر الثاني للتراضي عن العقد(19).
 
 
تانيا : حماية المتعاقد المستهلك من خلال تمتيعه بالحق في التراجع عن العقد في العقود المبرمة عن بعد
يعتبر حق التراجع عن عقود الاستهلاك أحد الآليات التي لجأ إليها المشرع لحماية عنصر الرضا لدى المستهلك نتيجة عدم التروي والتمهل في اتخاذ قراراه في التعاقد. وهو التزام مستحدث في التشريع المغربي بمقتضى القانون رقم 31.08، ويعد صورة مشددة للالتزام بالإعلام، لأن المستهلك يملك حقا أقوى من مجرد إعلامه بشروط العقد، وهو حق التفكير والتراجع عن العقد بعد إبرامه(20).
وهكذا منح المشرع المغربي حق المستهلك في التراجع عن العقد الذي أبرمه مع المهني عن بعد، وبرجوعنا للمادة 36 من القانون 31.08 نجدها تنص على أنه:
للمستهلك أجل:
ــ سبعة أيام كاملة لممارسة حقه في التراجع.
ــ ثلاثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة لم يف المورد بالتزامه بالتأكيد الكتابي للمعلومات المنصوص عليه في المادتين 29 و32.
وذلك دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة باستثناء مصاريف الإرجاع إن اقتضى الحال ذلك.
ــ وتسري الآجال المشار إليها في الفقرة السابقة ابتداء من تاريخ تسليم السلعة أو قبول العرض فيما يتعلق بتقديم الخدمات"(21)
وعليه نجد أن المادة 36 حددت لنا الآجل الذي يمكن فيه المستهلك أن يمارس حقه في الرجوع عن العقد المبرم عم بعد، كما أن هذه الآجال تعتبر من النظام العام(22).
وذلك حتى يكون له الوقت الكافي لتفحص المبيع بشكل جيد والتشاور مع أفراد عائلته بشأن العملية التي أجراها، مستغلا بذلك في الغالب يومي السبت والأحد اللذان يكونان أيام عطلة للاجتماع معهم، بل والاتصال بأحد المهنيين المتخصصين لأخذ رأيه حول حقيقة المزايا التي يدعي المورد بأن الشيء المبيع يتوفر عليها.
ويكمن الطابع الحمائي لهذه القواعد في أن الزبون في العقود المبرمة عن بعد يوجه طلب الشراء بالاعتماد فقط على الصور والأوصاف التي يمررها البائع، وبالتالي قد يحدث غالبا أن يتوصل المشتري بمنتوج لا يتلاءم مع ما كان ينتظره، فهو لا يستطيع تقدير مدى صلاحية المنتوج واتخاذ موقف نهائي وحاسم بشأنه إلا بعد أن يتسلمه، وعلى هذا لأساس فإن مهلة الرجوع تبدأ من يوم هذا التسليم، لأنه في هذا التاريخ فقط يكون باستطاعة المستهلك تكوين فكرة تامة عن السلعة التي اشتراها، وهنا يكمن الفرق بين إمكانية الرجوع في العقد المبرم عن بعد، وإمكانية الرجوع المنصوص عليها في حالة البيع خارج المحلات التجارية، ذلك أن الزبون الذي يجد نفسه أمام بائع متمرس  في مجال البيع خارج المحلات التجارية، قد يعمد إلى طلب السلعة دون أن يفكر، ولذلك فإن مهلة الرجوع تبدأ من يوم تقديم الطلب، في حين أن الخطر في مجال العقود المبرمة عن بعد يكون مختلفا، بحيث يكون للمشتري إمكانية للتفكير قبل أن يطلب السلعة، ولكن قد يحدث أن يكتشف بعد توصله بالسلعة أنها لا تستجيب لما كان ينتظره، لذلك فإن مهلة الرجوع تنطلق هنا من يوم التسليم.
أما فيما يخص الآثار المترتبة عن الحق في التراجع فبالنسبة للمستهلك(23) إذا تمسك بحقه في العدول عن العقد خلال المدة المحددة قانونا للعدول، ترتب على ذلك انقضاء العقد واعتباره كأن لم يكن منذ إبرامه، وعلى المستهلك أن يرد السلعة أو المنتوج إلى المهني أو التنازل عن الخدمة، دون إبداء الأسباب أو دفع غرامة عن هذا الإرجاع، بل عليه فقط تحمل تكاليف الرجوع عن العقد، وهذا يبرره كون المستهلك هو الذي اتخذ قراراه بالعدول عن العقد بإرادته المنفردة.
ومنه نستنتج أن المستهلك عند ممارسة حقه في التراجع يكون عليه رد محل التعاقد للمهني، غير أن المشرع المغربي لم يحدد آجال لذلك ولا يمكن أن يتسلمه مكانه، كما فعل المشرع الفرنسي من خلال المادة  L221.23(24) من قانون الاستهلاك، حيث نص بأن المستهلك عند ممارسة حقه في التراجع يجب عليه إرجاع محل التعاقد للمهني أو إلى شخص يعينه هذا الأخير مكانه، بدون تأخر وداخل أجل أربعة عشر يوما من تاريخ تبليغه  قراره بالتراجع عن التعاقد، ما لم يقترح المهني أنه هو من سيتكفل بإرجاع محل التعاقد.
أما بالنسبة للمهني فإن ممارسة حق التراجع حسب المادة 37 (25) من القانون 31.08 يعطي للمستهلك إمكانية استرداد ما دفعه من مبالغ، حيث ألزمت المورد أن يرد المبلغ المدفوع كاملا على الفور أو على أبعد تقدير داخل أجل 15 يوما من تاريخ ممارسة الحق في التراجع ولضمان هذا فإن المشرع نص أنه في حالة تقاعس المهني عن رد المبلغ المدفوع من قبل المستهلك خلال 15 يوما يترتب عنه بقوة القانون الفوائد بالسعر القانوني المعمول به، وهو نفس ما جاء به المشرع الفرنسي خلال المادة L222.15 من القانون الفرنسي والتي نصت على أن المهني يلتزم برد الثمن خلال مدة أقصاها 30 يوما تحتسب من التاريخ الذي أعلن فيه المستهلك عدوله عن التعاقد(26).
 والمشرع الفرنسي حرص على تحديد مهلة للعدول في العقود المبرمة عن بعد بأي وسيلة كانت، حددت بأربعة عشر يوما وفقا لنص المادة L221-18 من تقنين الاستهلاك ولا يدخل في حساب المدة يوم تسليم السلعة أو يوم إبرام عقد الخدمة بموجب المادة L221-19 من تقنين الاستهلاك الفرنسي، وإذا صادف اليوم الأخير يوم السبت أو الأحد أو يوم إجازة أو عطلة يتم إطالة مدة العدول إلى أول يوم عمل تالي.
أما فيما يخص بدء سريان مهلة العدول فنص المشرع الفرنسي على أنه في العقود المبرمة عن بعد يبدأ سريانها من تاريخ تسلمها من قبل المستهلك، وإذا كان التسليم يتم على دفعات يبدأ سريانها من تاريخ تسلمها من قبل المستهلك، وإذا كان التسليم يتم على دفعات يبدأ سريانها من تاريخ استلام آخر دفعة من السلع أو المنتجات محل التعاقد.
وإذا كانت تتألف من قطع أو أجزاء متعددة يتم تسليمها على فترات محددة ببدأ الميعاد من تاريخ استلام الجزء الأكثر أو آخر قطعة.
وإذا كانت السلع تسلم بشكل منتظم في فترة محددة يبدأ الميعاد من تاريخ استلام البضاعة الأولى طبقا لمقتضيات المادة L221-18 من تقنين الاستهلاك، ووفقا لنص المادة L221-19 من تقنين الاستهلاك الفرنسي يبدأ سريان المدة اعتبارا من بداية الساعة الأولى في اليوم الأول وينتهي عند الساعة الأخيرة من اليوم الأخير من المدة(27).
المحور الثاني  : التزامات المورد في إطار العقود المبرمة عن بعد، بعد التعاقد
يقع على عاتق المورد في إطار العقود المبرمة عن بعد في مرحلة ما بعد التعاقد مجموعة من الالتزامات، تتمثل أساسا في الالتزام بالتسليم (أولا) والالتزام بضمان العيوب الخفية (ثانيا).
أولا: الالتزام بالتسليم
جاء في الفصل 499 من قانون الالتزامات والعقود المغربي ما يلي:" يتم التسليم حين يتخلى البائع أو نائبه عن الشيء المبيع ويضعه تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع هذا الأخير حيازته بدون عائق"
 من خلال مقتضيات الفصل أعلاه، يمكن تعريف التسليم بأنه وضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يمكنه من وضع يده عليه والانتفاع منه بدون مانع. ويعني ذلك، إن وفاء البائع بالتزامه بالتسليم لا يتحقق إلا بتوافر العنصرين التاليين وهما:
أ: وضع المبيع تحت تصرف المشتري (المستهلك) وضعا يتمكن معه من حيازته والانتفاع به بدون عائق ولو لم يحزه بالفعل. ويتحقق عادة بالتسليم المادي للمبيع بمناولته إياه للمشتري إذا كان من المنقولات المعينة بالذات، ما لم يظهر أن الأمر يتعلق فقط  بتسليم رمزي انصب على وثائق ومستندات الملكية أو مفاتيح المنزل المبيع أو غير ذلك.
ب: إعلام المستهلك (المشتري) بأن المبيع تحت تصرفه، نتيجة رفع البائع يده عليه وتخليه عنه ماديا ليستطيع المشتري حيازته. ولا يشترط القانون في هذا الإعلام أي شكل خاص، فيجوز حصوله شفويا أو كتابة، ويجوز أن يكون صراحة أو دلالة، ويمكن إثباته وفقا للقواعد العامة(28).
وقد ذهب جانب من الفقه(29) إلى أن التزام البائع بتسليم المبيع يعد أساسا لالتزامه بالإعلام، وذلك باعتبار أن التزام البائع بالإدلاء بالبيانات المتعلقة بكيفية استعمال المبيع ومخاطره من الالتزامات الملحقة بالتسليم، استنادا إلى أن نية المتعاقدين قد اتجهت ــ في عقد البيع ــ نحو تسليم المبيع بصورة تتحقق معها الاستفادة الكاملة من منافعه، ولن يتسنى ذلك إلا بالإعلام الكافي عنه.
فإذا كان تنفيذ الالتزام بالتسليم يتم بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بما يمكنه من حيازته والانتفاع به دون عائق، فإن بدون إدلاء البائع للمشتري بالمعلومات المتعلقة بكيفية استعمال المبيع والمخاطر المصاحبة لهذا الاستعمال، لن يتحقق الانتفاع به دون عائق، وهو ما يمثل جوهر الالتزام بالتسليم.
ويتسق ذلك مع ما ذهب إليه البعض من ضرورة أن يضاف إلى تعريف التسليم عنصر المطابقة la conformité للشيء المبيع، خاصة في ظل التطور الهائل في الصناعة وتعقد المنتجات التي يمكن أن تكون محلا للبيع فضلا عن تشابهها، بحيث يصبح تعريف التسليم وضع المبيع المطابق تحت تصرف المشتري بطريقة تسمح له بالانتفاع به بحسب طبيعته وتخصيصه".
وهذا ما أكد المشرع الفرنسي موجب التعديل الأخير لقانون العقود سنة 2016، حيث نصت المادة L211.4 على أن يلتزم البائع بأن يسلم شيئا مطابقا للعقد، ويضمن عيوب المطابقة الموجودة عند التسليم".
كما نصت المادة l211.5 على أنه لكي يعتبر المنتج مطابقا للعقد، يلزم:
ــ أن يكون صالح لوجهة الاستعمال المعتادة والمنتظرة من منتج مماثل، وأن يكون بصفة خاصة.
ــ مطابق للمواصفات المقدمة من البائع والتي تم عرضها الأخير على المشتري في صورة عينة أو نموذج.
ــ مطابق للمواصفات التي ينتظرها المشتري بمشروعية في ضوء البيانات المقدمة من البائع أو المنتج أو من ينوب عنه.
ــ أن يكون مطابق للمواصفات المحددة المتفق عليها بين الطرفين أو صالح للاستعمال في الغرض الخاص الذي اشترطه المشتري وعلمه البائع وقبله".
وبهذا التعديل أصبح تقنين الاستهلاك يتضمن أحكام ضمان المطابقة في العلاقة بين البائع المهني والمشتري المستهلك وذلك بالمواد من l217.4 إلى l217.14، وهو ما اعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز حماية المستهلك من خلال تكريس التزام على عاتق البائعين بضمان مطابقة منتجاتهم التي تكون محلا لعقودهم مع المستهلكين(30).
وفي اتجاه أخر، أقام البعض اعتراضه على تأسيس الالتزام بالإعلام على الالتزام بالتسليم على أساس أن إرفاق نشرة بالمبيع عند التسليم توضح طريقة استعماله وما قد يلابس هذا الاستعمال من مخاطر لا يعني أن البائع قد نفذ التزامه بالإعلام، ذلك أنه قد توجد عوامل معينة، مثل طبيعة الشيء تجعل الأمر يتطلب قدرا أعلى من التحذير(31). 
بينما المشرع المغربي بموجب المادة 29(32) من القانون 31.08 والمتعلقة بالعقود المبرمة عن بعد، ألزمت المهني أو المورد بالإعلام بآجال التسليم ومصاريفه إن اقتضى الحال، وكذا كيفيات الأداء أو التسليم أو التنفيذ.
ويقصد من ذلك، أن المورد في إطار العقود المبرمة عن بعد، يلتزم بإعلام المستهلك ولفت انتباهه إلى الآجال التي يجب أن ينفذ خلالها التزامه بتسليم المنتوج أو السلعة، أو تقديمه للخدمة المقترحة من قبله، وتجدر الإشارة إلى أنه في إطار هذه العقود (العقود المبرمة عن بعد) اشترط المشرع أن لا يتجاوز تنفيذ الطلبية داخل أجلا أقصاه ثلاثون يوما ابتداء من اليوم الذي أكد فيه المورد تسلم طلبية المستهلك ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.
ورتب المشرع المغربي عن إخلال المورد بإلزامه بالإعلام بآجال التسليم، فسخ الالتزام التعاقدي(33)حيث أتاح للمستهلك الذي لم يتسلم السلع أو المنتوجات أو الخدمات، التي تعاقد بشأنها مع المورد، إمكانية ممارسة الحق في فسخ العقد الذي يربطه معه فيما يتعلق بالسلعة غير المسلمة أو الخدمة غير المقدمة. ويقصد بالفسخ ذلك الجزاء المترتب عن عدم تنفيذ أحد الطرفين لالتزامه الناشئ عن عقد ملزم لجانبين ينحل بموجبه العقد بصفة رجعية، وإذا كانت المبادئ العامة لظهير الالتزامات والعقود تنص صراحة على أنه :" لا يقع فسخ العقد بقوة القانون، وإنما يجب أن تحكم به المحكمة، فإن القانون رقم 31.08 نص صراحة على إمكانية فسخ المستهلك للعقد، حتى دون اللجوء إلى القضاء وبالرغم من أية أحكام تعاقدية مخالفة، ودون المساس بأحكام ظهير الالتزامات والعقود.
ومن الآثار المترتبة عن إخلال المورد بالإعلام بآجال التسليم رد المبالغ المسبقة، وهذا أمر بديهي بأن يلتزم المورد في حال عدم تسليمه للمنتوج أو السلعة أو تقديمه للخدمة برد المبالغ التي سبق وأن دفعها له المستهلك بغرض تنفيذ التزامه بالتسليم.
وعليه فإذا فسخ الالتزام وفق الشروط والمقتضيات المنصوص عليها في المادة 13 من القانون 31.08، وجب على المورد أن يرد جميع المبالغ التي سبق وأن دفعها المستهلك وذلك داخل أجل لا يتجاوز سبعة أيام تبتدئ من تاريخ توصل المورد بالإشعار الموجه إليه من المستهلك.
كما يترتب عن عدم تنفيذ المورد لالتزامه برد المبالغ المدفوعة، سريان الفوائد القانونية والتي يحدد سعرها بحسب السعر الجاري به العمل على المبلغ الممسوك من المورد، ويبتدئ سريان هذه الفوائد ابتداء من اليوم الموالي لمضي سبعة أيام من تاريخ الإشعار، بما معناه اليوم الثامن من تاريخ توصل المورد بالإشعار(34).
ثانيا: الالتزام بضمان العيوب الخفية
 تكتسي نظرية ضمان العيوب الخفية أهمية بالغة في حماية المتعاقد بصفة عامة، وقد توسع ظهير الالتزامات والعقود المغربي أثناء عرضه لأحكام هذا النوع من الضمان(35)، إذ أنه عالجه في 27 فصلا، الأمر الذي يؤكد أهمية هذا الموضوع في نظر المشرع.
   أما فيما يخص مفهوم العيب الخفي  فالمشرع المغربي لم يعرفه  في المقتضيات القانونية المنظمة له في الفصول من 549 إلى 575 من قانون الالتزامات والعقود المغربي. وبالرجوع إلى بعض الفقه يتضح أن المقصود بالعيب(36) الخفي الآفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السليمة للشيء المبيع، ويترتب عنها نقصان في قيمته، أو مجرد التأثير على منفعته، وفقا لما خصص له المبيع بحسب الطبيعة أو بمقتضى الاتفاق.
ويقترب الفصل 549 من قانون الالتزامات والعقود من التعريف أعلاه، حين صرح بأنه:" يضمن البائع عيوب الشيء التي تنقص من قيمته نقصا محسوسا، أو التي تجعله غير صالح لاستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد. أما العيوب التي تنقص نقصا يسيرا من القيمة أو الانتفاع، وتلك التي جرى العرف على التسامح فيها، فلا تخول الضمان.
ويضمن البائع أيضا وجود الصفات التي صرح بها أو التي اشترطها المشتري".
وبرجوعنا إلى القانون 31.08 الخاص بتحديد تدابير لحماية المستهلك، نجده ينص في الفقرة الثانية من المادة الأولى على أن هذا القانون يهدف إلى :" تحديد الضمانات القانونية والتعاقدية لعيوب الشيء المبيع والخدمة بعد البيع وتحديد الشروط والإجراءات المتعلقة بالتعويض عن الضرر أو الأذى الذي قد يلحق بالمستهلك".
وهو ما تم تحديده بالضبط ضمن القسم الخامس من هذا القانون الذي تناول فيه المشرع أحكام الضمان فيما يخص عيوب الشيء المبيع، حيث أحالت المادة 65 منه على قانون الالتزامات والعقود مع بعض الاستثناءات.
إلا أن ما يجب ملاحظته على هذه النظرية، هو أن تطبيقها ينحصر على العيوب التي تضر بمنفعة الشيء المبيع، سواء بإلحاق خسائر بالمستهلك نتيجة كون المبيع أصبح غير صالح للاستعمال أو تفويت كسب عليه، حيث أن هذه الأضرار يمكن تعويضها بما يعيد التوازن إلى العلاقات بين البديلين في العقد ــ الثمن والشيء المبيع ــ وذلك حسب القواعد الخاصة بضمان العيوب، إلا أن الرجوع بالضمان ليس أمرا سهلا يمكن للمتعاقد إعماله متى شاء بل هو مكنة مقيدة بمجموعة من الشروط الموضوعية والإجرائية، سواء تلك المنصوص عليها ضمن أحكام قانون الالتزامات والعقود أو تلك التي جاء بها قانون حماية المستهلك(37).
أما الأضرار التي تلحق بالمستهلك في صفته أو سلامته البدنية، أو تلك التي تلحق به في أمواله، فهي مستبعدة من نطاق ضمان العيوب الخفية لتناولها بالتعويض قواعد أخرى على رأسها القواعد المنصوص عليها في القانون 24.09  (38) المتعلق بسلامة المنتوجات والخدمات، بحيث لم تبق المنتوجات تنقص من قيمة الشيء المبيع أو منفعته، بل أصبحت هاته الأضرار تهدد صحة المستهلك وسلامته بسبب عيوب المنتجات وخطورتها(39).
وحتى يكون العيب موجبا للضمان من قبل البائع يتعين أن يستجمع مجموعة من الشروط، والتي لا يكون هناك محل للضمان إن اختل شرط منها، وهذه الشرط تتمثل في أن يكون العيب خفيا، وهو ما أكده المشرع المغربي في الفصل 569 من قانون الالتزامات والعقود حين نص على أنه :" لا يضمن البائع العيوب الظاهرة التي كان المشتري يعرفها أو كان يستطيع بسهولة أن يعرفها. كما يجب أن يكون العيب مؤثرا، مراعاة لمبدأ استقرار المعاملات، نصت التشريعات على ضرورة أن يكون العيب الخفي مؤثرا، وهكذا نجد المشرع المغربي استوجب من خلال الفصل 549 من قانون الالتزامات والعقود، أن يكون العيب مما ينقص من قيمة الشيء المبيع نقصا محسوسا أو يجعله غير صالح للاستعمال فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى عقد(40). بالإضافة إلى أن يكون العيب قديما وهو ما نص عليه الفصل 552 من قانون الالتزامات والعقود المغربي على أنه :"  لا يضمن البائع إلا العيوب التي كانت موجودة عند البيع، إذا كان المبيع معينا بذاته، أو عند التسليم إذا كان المبيع شيئا مثليا..." من خلال هذا النص يتبين لنا أن واضعي قانون الالتزامات والعقود قد اعتمدوا ضابط انتقال الملكية للمشتري كمعيار لما إذا كان العيب قديما أم حديثا طارئا على الشيء المبيع(41).
ومن المستجدات التي أتى بها القانون 31.08 هو أجل إخطار البائع بالعيب الخفي كإجراء شكلي، حيث نصت المادة 65 من القانون 3108 على أن "... خلافا لأحكام المواد 573 و 553 من الظهير الشريف بتاريخ 9 رمضان 1331 ( 12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، كل دعوى ناشئة عن العيوب الموجبة للضمان أو من خلو المبيع من الصفات الموعود بها يجب أن ترفع في الآجال الآتية وإلا سقطت:
ــ بالنسبة للعقارات خلال سنتين بعد التسليم.
ــ بالنسبة إلى الأشياء المنقولة خلال سنة بعد التسليم.
ولا يسوغ تقصير هذه الآجال باتفاق المتعاقدين"
وقد قنن المشرع الفرنسي ما استقر عليه القضاء بإصداره مرسوم 24 مارس 1978 الذي تنص في مادته الثانية على أنه :" يكون باطلا وفقا للمادة 35 من قانون 10 يناير 1978 كل شرط تعاقدي يؤدي إلى إنقاص أو إلغاء الحق المقرر للمستهلك أو غير المهني في التعويض في حالة إخلال المهني بأي من التزاماته". وبما أن ضمان العيوب الخفية يعتبر من التزامات البائع المهني فإن كل شرط تكون الغاية منه تخفيف هذا الالتزام أو الإعفاء منه يعد باطلا وفقا للمادة السابقة ولا يمكن الاحتجاج به في مواجهة المستهلك أو غير المهني(42).
بالإضافة إلى ما سبق فإن المشرع الفرنسي في إطار التعديل الأخير لقانون العقود منع الإعفاء الكلي أو الجزئي من الضمان بشكل صريح(43) في المادة L211-17 التي تنص على أن :" الاتفاقات التي تعفي أو تحد بشكل مباشر أو غير مباشر الحقوق الناتجة عن الباب السابق ( المقصود بهذا الباب المواد من L211-1 إلى L211-16  أي المواد المخصصة للضمان القانوني للمطابقة والضمان التجاري)، المبرمة بين البائع والمشتري، تعد وكأن لم تكن".
خاتمة
ختاما يمكن القول بأن المشرع المغربي من خلال إصداره مجموعة من القوانين الخاصة كالقانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك، قد حاول تحقيق العدالة التعاقدية وذلك من خلال مجموعة من الآليات التشريعية منها ما ألزمها المشرع على المهنيين قبل مرحلة التعاقد ومنها ما أقرها أثناء وبعد تنفيذ العقد، غايتها حماية المستهلكين من تعسفات المهنيين، الذين لهم من الإمكانيات المادية والتقنية ما تخولهم توجيه العقود لمصلحتهم بواسطة العقود النموذجية والإذعانية، وذلك في ظل محدودية المبادئ التقليدية لوحدها في توفير الحماية الكافية للمستهلك.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
1) الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.129 بتاريخ 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 من ذي القعدة 1428 ( 6 ديسمبر 2007)، ص 3879، كما وقع تعديله بالقانون 43.20 المتعلق بخدمات الثقة.
2)  ابراهيم أحطاب :" الوسيط في العقود المدنية الخاصة"، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الثالثة : 2022 ، ص: 50 .
3)  محمد العروصي :" الالتزام بالإعلام خلال مرحلة تكوين عقد البيع" مطبعة أناسي للطباعة والنشر والتوزيع مكناس، الطبعة الثالثة 2018، ص 1.
4)  عرفه المشرع المغربي في المادة 2 من القانون 31.08 بأنه :" كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري.
5)  عرفه المشرع بموجب المادة 2 من القانون 31.08 بكونه كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يتسعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي.
6)منى أبو بكر حسان :" الالتزام بإعلام المستهلك عن المنتجات" دار الجامعة الجديدة للنشر الاسكندرية، الطبعة 2022، الصفحة 7.
7)  إيمان التيس :" المستهلك الإلكتروني بين الإعلام العادي وترسيخ الإعلام المتقدم"، مقال منشور بمنشورات المركز الوطني للبحث القانوني العدد 2 ، عدد خاص بحماية المستهلك، تحت عنوان: حماية المستهلك بين النصوص القانونية والعمل القضائي، دراسات وأبحاث، صفحات المقال من: 71 إلى  81 ، ص 71 .
8)ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الجريدة الرسمية عدد 5932 الصادرة بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432( 7 أبريل 2011)
9)  بشرى النية:" العقد المبرم بطريقة إلكترونية" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط ، السنة الجامعية 2011-2012 ، ص 466
10) ابراهيم احطاب:" الوسيط في العقود المدنية الخاصة"المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش الطبعة الثالثة، 2022، ص، 98.
11)  زكرياء خليل :" المسؤولية المدنية للبائع المهني وتطبيقاتها على عقد البيع الإلكتروني" أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، السنة الجامعية 2012 – 2013، ص 305.
12)  سعداني ماء العينين :" تحقق الأمن القانوني للتجارة الالكترونية من خلال إعلام المستهلك" مقال منشور بالمجلة الإلكترونية للأبحاث القانونية سنة 2019 العدد 3 ، صفحات المقال من 28 إلى  39 ، ص: 34 .
13)  بوعبيد العباسي :" الالتزام بالإعلام في العقود، دراسة في حماية المتعاقد والمستهلك، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى ماي 2008، ص 34.
14)-  سارة قنطرة، المسؤولية المدنية للمنتج و أثرها في حماية المستهلك، مذكرة لنيل شهادة الماجستر، تخصص قانون الأعمال، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة محمد لمين د باغين، سطيف 2، السنة الجامعية:  2016/2017، ص: 27.
15)- فاطمة بيول، ضمانات المشتري في عقد البيع الالكتروني،  بحث لنيل دبلوم الماجستر في  القانون الخاص، وحدة القانون المدني و الأعمال، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، طنجة، ص: 12. السنة الجامعية 2015-2016.
16)  جمال محمد محمد بوشوال :" حماية المستهلك من عدم التوازن المعرفي في العقود ــ دراسة مقارنة ـ، دار الجامعة الجديدة للنشر الاسكندرية، طبعة 2023، ص 106.
17) Art 1127-1:Quiconque propose à titre professionnel, par voie électronique, la fourniture de biens ou la prestation de services, met à disposition les stipulations contractuelles applicables d'une manière qui permette leur conservation et leur reproduction.
L'auteur d'une offre reste engagé par elle tant qu'elle est accessible par voie électronique de son fait.
L'offre énonce en outre :
1° Les différentes étapes à suivre pour conclure le contrat par voie électronique ;
2° Les moyens techniques permettant au destinataire de l'offre, avant la conclusion du contrat, d'identifier d'éventuelles erreurs commises dans la saisie des données et de les corriger ;
3° Les langues proposées pour la conclusion du contrat au nombre desquelles doit figurer la langue française ;
4° Le cas échéant, les modalités d'archivage du contrat par l'auteur de l'offre et les conditions d'accès au contrat archivé ;
5° Les moyens de consulter par voie électronique les règles professionnelles et commerciales auxquelles l'auteur de l'offre entend, le cas échéant, se soumettre.
 
18( Art 1127-2 Le contrat n'est valablement conclu que si le destinataire de l'offre a eu la possibilité de vérifier le détail de sa commande et son prix total et de corriger d'éventuelles erreurs avant de confirmer celle-ci pour exprimer son acceptation définitive.
L'auteur de l'offre doit accuser réception sans délai injustifié, par voie électronique, de la commande qui lui a été adressée.
La commande, la confirmation de l'acceptation de l'offre et l'accusé de réception sont considérés comme reçus lorsque les parties auxquelles ils sont adressés peuvent y avoir accès.
 
19)  جمال محمد محمد بوشوال :" حماية المستهلك من عدم التوازن المعرفي في العقود ـ دراسة مقارنة ـ مرجع سابق، ص106 .
20) ابراهيم احطاب:" الوسيط في العقود المدنية الخاصة" مرجع سابق، ص، 113
21)  المادة 36 من القانون 31.08 .
22) عبد الرزاق العمري:" مدى تأثير قانون الاستهلاك على النظرية العامة للعقد" رسالة لنيل دبلوم الماستر، ماستر القانون والمقاولة، جامعة المولى اسماعيل ، كلية العلوم القانلونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس، السنة الجامعية 2017 – 2018، ص، 105.
23)  إكرام النافعي :" الزمن كآلية لحماية المستهلك المتعاقد في ضوء القانون 31.08" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر القانون المدني الاقتصادي، جامعة محمد الخامس بالرباط كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط، الموسم الجامعي، 2020-2021.
24)Article L22-23 «  le consommateur renvoie ou restitue les biens au professionnel au a une personne désigneé par ce dernier , sans retard excessif et, au plus tard, dans les quatorze jours suivant la communication de sa décision de se rétracter conformément a l’article l221-21, a moins que le professionnel ne propose de récupérer lui – méme ces biens.
Le consommateur ne supporte que le coûts directs de renvoi des biens ; sauf si le professionnel accepte de les prendre a sa charge ou s’il a omis d’informer le consommateur que ces couts sont a sa charge »
25)   تنص المادة 37 من القانون 31.08 على أنه :" عند ممارسة حق التراجع، يجب على المورد أن يرد إلى المستهلك المبلغ المدفوع كاملا على الفور وعى أبعد تقدير داخل الخمسة عشر يوما الموالية للتاريخ الذي تمت فيه ممارسة الحق المذكور. وبعد انصرام الأجل المذكور، تترتب، بقوة القانون، على المبلغ المستحق فوائد بالسعر القالنوني المعمول به"
26)  إكرام النافعي :" الزمن كآلية لحماية المستهلك المتعاقد في ضوء القانون 31.08" مرجع سابق، ص، 47 .
27)  جمال محمد محمد بوشوال :" حماية المستهلك من عدم التوازن المعرفي في العقود ـ دراسة مقارنة ـ مرجع سابق ص، 154.
28)  ابراهيم احطاب:" الوسيط في العقود المدنية الخاص" مرجع سابق، ص 244.
29)  في تأييد تأسيس الالتزام بالإعلام على الالتزام بالتسليم بحسبانه من ملحقاته : د حسام الدين الأهواني، عقد البيع في القانون المدني الكويتي، ص، 466، د محمد ابراهيم بنداري، الالتزام بالتسليم في عقد البيع، رسالة دكتوراه القاهرة ص، 1994.
منى أبو بكر حسان :" الالتزام بإعلام المستهلك عن المنتجات" دار الجامعة الجديدة للنشر الاسكنديرية الطبعة 2022، ص: 81.
30)  منى أبو بكر الصديق محمد حسان : الالتزام بالمطابقة  (دراسة تحليلية) في ضوء القانون المدني وتشريعات حماية المستهلك في القانونين المصري والفرنسي.، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية العدد 23 2017 ،ص، 35 .
31)   منى أبو بكر حسان:" الالتزام بإعلام المستهلك عن المنتجات" مرجع سابق  ص: 81 و ما بعدها.
32)  تنص المادة 29 من القانون 31.08 على أنه :" دون الإخلال بالمعلومات المنصوص عليها في المادتين 3 و 5 أو في أي نص تشريعي أو تنظيمي آخر جاري به العمل، يجب أن يتضمن العرض المتعلق بعقد البيع عن بعد المعلومات التالية :
1-    التعريف بالمميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة محل العرض ؛
2-    اسم المورد وتسميته التجارية والمعطيات الهاتفية التي تمكن من التواصل الفعلي معه وبريده الالكتروني وعنوانه وإذا تعلق الأمر بشخص معنوي فمقره الاجتماعي، وإذا تعلق الأمر بغير المورد فعنوان المؤسسة المسؤولة عن العرض ؛
 
بالنسبة للتاجر السيبراني :
-         إذا كان خاضعا لشكليات القيد في السجل التجاري، فرقم تسجيله ورأسمال الشركة؛
-         إذا كان خاضعا للضريبة على القيمة المضافة،فرقم تعريفه الضريبي؛
-         وإذا كان نشاطه خاضعا لنظام الترخيص، فرقم الرخصة وتاريخها والسلطة التي سلمتها ؛
-         إذا كان منتميا لمهنة منظمة، فمرجع القواعد المهنية المطبقة وصفته المهنية والبلد الذي حصل فيه على هذه الصفة وكذا اسم الهيئة أو التنظيم المهني المسجل فيه.
 
3-    أجل التسليم ومصاريفه إن اقتضى الحال ؛
4-    وجود حق التراجع المنصوص عليه في المادة 36، ما عدا في الحالات التي تستثنى فيها أحكام هذا الباب ممارسة الحق المذكور؛
5-    كيفيات الأداء أو التسليم أو التنفيذ ؛
6-    مدة صلاحية العرض وثمنه أو تعريفته ؛
7-    تكلفة استعمال تقنية الاتصال عن بعد ؛
8-    المدة الدنيا للعقد المقترح، إن اقتضى الحال، عندما يتعلق الأمر بتزويد مستمر أو دوري لمنتوج أو سلعة أو خدمة.
 
تبلغ المعلومات المذكورة، التي يجب أن يتجلى طابعها التجاري دون التباس، إلى المستهلك بصورة واضحة ومفهومة عن طريق كل وسيلة ملائمة للتقنية المستخدمة للاتصال عن بعد.


 
دون الإخلال بمقتضيات القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، يجب على المورد أن يذكر المستهلك قبل إبرام العقد بمختلف اختياراته، وان يمكنه من تأكيد طلبيته أو تعديلها حسب إرادته"
 
33)ابتسام العداري :" الالتزام في عقود الاستهلاك" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر قانون الأعمال، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، السنة الجامعية، 2014 -2013، ص، 76.
34)  ابتسام العداري : الالتزام بالإعلام في عقود الاستهلاك،  المرجع السابق، ص: 76 و77 وما بعدها.
35) يوسف صدقي :"حق التراجع عن العقد" رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر قانون الأعمال، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، السنة الجامعية 2014 – 2013، ص، 155.
36) ابراهيم احطاب :" الوسيط في العقود المدنية الخاص" مرجع سابق، ص، 260.
37) عبد انلرزاق العمري :" مدى تأثير قوانين الاستهلاك على النظرية العامة للعقود" بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر القانون والمقاولة جامعة مولاي اسماعيل، كلية العلوم القانون والاقتصادية والاجتماعية مكناس، السنة الجامعية، 2018 – 2017 ، ص، 118.
38) ظهير شريف رقم 1.11.140 صادر في 16 من رمضان 1432 (17 أغسطس 2011) بتنفيذ القانون رقم 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات والخدمات وبتتميم الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود
39) عبد الرزاق العمري: المرجع السابق، ص 119 .
40)عز الدين كريم ضمان العيب والصفة الخطرة في البيوع الاستهلاكية  ـ دراسة مقارنة ـ أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية، 2014 – 2013، ص 100
41)  عز الدين كريم :" ضمان العيب والصفة الخطرة في البيوع الاستهلاكية ـ دراسة مقارنة ـ، المرجع السابق، ص، 102
42) نزهة الخلدي :" الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية ــ عقد البيع نموذجا ـ أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط، السنة الدراسية 2005 – 2004، ص 266
43) يوسف كبيطي :" تأثير قانون الاستهلاك على نظرية العقد" أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة، السنة الجامعية، 2020-2021، ص، 342 .
 



الاربعاء 6 ديسمبر 2023

تعليق جديد
Twitter