MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الإطار الدستوري والقانوني المؤسس للعضو البرلماني

     

ثريا العاقل
طالبة في سلك الدكتوراه جامعة ابن طفيل

تحت إشراف الأستاذ الكبوري عبد الرزاق





الإطار الدستوري والقانوني المؤسس للعضو البرلماني

مقدمة:
 
يحتل مجلس النواب مكانة مهمة في النسق المؤسساتي بالمملكة، وقد كرس دستور 2011 البرلمان كمصدر وحيد للتشريع، ويراقب عمل الحكومة ويقيم السياسات العمومية.
 إن مفهوم البرلمان، ظهر أول مرة في المدارس الفرنسية، وكان يقصد به الكلام والمناقشة، وللبرلمان مسميات عديدة، يطلق إما على المجلس النيابي، أو مجلس الأمة أو مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، مجلس الشورى، أو مجلس الشعب أو الجمعية التشريعية[1].
أما العضو البرلماني فهو منتخب من طرف الشعب ويمثل إرادته من خلال التعبير عن طموحاته وتوجهاته في دائرته الإنتخابية لتمثيله في البرلمان بكل أمانة وإخلاص، كما أنه يمثل الهيئة المنتخبة، نقابة كانت أو جماعة ترابية أو غرف مهنية...
 إن أهمية ا الموضوع تكمن في أن العضو البرلماني يستمد سلطته من المؤسسة البرلمانية التي تتمتع بسلطة المناقشة والقرار، من هنا يمكننا طرح السؤال التالي: من يؤطر العضو البرلماني، وما هي اختصاصاته؟ و للإجابة عن هذا السؤال، سنعتمد التصميم التالي:
المطلب الأول: الإطار الدستوري والقانوني المؤسس للعضو البرلماني
الفقرة الأولى: المبدأ الدستوري المنظم لعمل العضو البرلماني
الفقرة الثانية: القوانين المنظمة لعمل العضو البرلماني
المطلب الثاني: صلاحيات العضو البرلماني
الفقرة الأولى: شروط اكتساب العضوية
الفقرة الثانية: التزامات وحقوق العضو البرلماني

المطلب الأول: الإطار الدستوري والقانوني المؤسس للعضو البرلماني

    أجمع الفقهاء والدارسين والباحثين على أن مفهوم ممثل الأمة، هو ذلك الشخص الذي ينتخب إما بطريقة مباشرة (اقتراع مباشر) أو بطريقة غير مباشرة، وبالتالي فهو يمثل إرادة الشعب وعلى أساسها له تمثيلية الأمة.
    وبالرجوع إلى الدساتير السابقة في المغرب (من دستور 1962 إلى دستور 1996)، نجد أن مفهوم ممثل الأمة يقال:
 للملك بصفته الممثل الأسمى للأمة كما جاء في الفصل 19 من دستور-1992ودستور 1996[2]
وللعضو البرلماني بصفته نائب يمثل الأمة.
 بوجود هذين المفهومين أدى إلى الخلط بينهما، مما كان يخلق إشكالات دستورية عمن هو ممثل الأمة هل الملك، أم العضو البرلماني في المؤسسة البرلمانية ؟؟
ولتفادي هذا الخلط وإزالة اللبس تم توضيح الرؤيا بمقتضى الفصل 42 من دستور 2011[3]، بموجبه أصبح الملك يتمتع بمجموعة من الصلاحيات الدستورية كرئيس للدولة، والممثل الأسمى للدولة، عوض الممثل الأسمى للأمة والحكم بين مؤسساتها، كما يسهر على احترام الدستور، وصيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة.

الفقرة الأولى: المبدأ الدستوري المنظم لعمل العضو البرلماني

    إن دور العضو البرلماني يختلف من نظام إلى آخر، فدوره في النظام الرئاسي ليس هو في النظام شبه الرئاسي، وليس هو في النظام البرلماني ولا في النظام المجلسي، وهكذا يقول بعض الباحثين بأن عضو البرلمان عندما يمارس عمله يتأثر بطبيعة النظام السائد في الدولة، وهذه الفلسفة تحدد من خلال دستور الدولة وتتباين من دستور إلى آخر، فمنها من تأخذ بالديمقراطية المباشرة، والتي من خلالها يمارس الشعب السلطة مباشرة دون وسيط، وهذه الدول قليلة جدا مثل بعض التمثيليات التي تعتمد نظام المقاطعات (سويسرا مثلا).
ثم هناك دول أخرى تأخذ بالديمقراطية غير المباشرة (أي النيابية، التي يمارس من خلالها البرلمان السلطة نيابة عن الشعب، والعديد من الدول تطبق هذا النموذج الديمقراطي[4] ومن بينها المغرب.
كما أن هناك دول أخرى تطبق الديمقراطية شبه المباشرة، التي تجمع بين الديمقراطية المباشرة وغير المباشرة، وفيها تمارس السلطة من خلال أعضاء البرلمان والشعب معا عبر بعض المظاهر الدستورية، مثل الإعتراض الشعبي والإستفتاء والإقالة، وباعتبار مكونات المجتمع المدني مكونا رئيسيا في صنع السياسات العمومية لتعزيز مسار الديموقراطية التشاركية حيث تم الإعتماد على آليتي العرائض والملتمسات في  مجال التشريع في إطار الديمقراطية التشاركية وقد حددت الفقرة الثانية  من الفصل الأول من دستور 2011 مقومات النظام الدستوري وحصرتها في أسس فصل وتوازن السلط والديموقراطية التشاركية وفي مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة والملتمسات.
    يضاف إلى ذلك أن هناك تقارب ما بين مصطلح نائب برلماني ومصطلح ممثل الأمة -ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة، وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه حسب ما جاء في الفصل 60 من الباب الرابع من الدستور[5] والذي يتحدث عن السلطة التشريعية.
ذلك أن مفهوم التمثيل قد تمت استعارته من فقهاء القانون الخاص، ويمثل ناخبيه داخل المؤسسة التي من خلالها يقوم الفرد الموكل بتخويل فرد اخر (الوكيل) سلطة العمل مكانه وتمثيله، ويقال إن الوكيل هو حامل تفويض[6].
ونجد مصطلح تمثيل في عمقها عند فقهاء القانون الخاص تخص (المحامي أو الوسيط التجاري...)، من هنا أخذت مسألة التمثيل بشكل أوسع لأنه يمثل في كل شيء، فهو الذي يشرع بإسم مجموعة من الناخبين أو بإسم المواطنين.
    وقد أطر دستور 2011 عمل العضو البرلماني داخل البرلمان بغرفتيه، فمثلا في الفصل 61 ما يفيد بخصوص تجريد العضو من صفة العضوية في أحد المجلسين (التخلي عن الإنتماء السياسي الذي ترسخ بإسمه للإنتخابات، أو التخلي عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها) ومتى يمكن للمحكمة الدستورية أن تصرح بشغور المقعد، مما سيسهم بشكل واضح على القضاء الترحال السياسي وبالتالي ترسيخ القيم السياسية في الحقل السياسي المغربي.[7]
 كما بين الفصل 62 و63 طريقة انتخاب أعضاء مجلسي البرلمان ومدة انتدابهم ومتى تنتهي عضويتهم، وكذا التوزيع الجغرافي لأعضاء مجلس المستشارين حسب الجهات وتناسب عدد السكان.
 في حين نجد في بعض الدول يتكون البرلمان من عدة مجالس-كما هو الحال في ألمانيا وسويسرا-حيث تعتمد ما يسمى ب "اللاندات" و "الفدراليات"، الأمر الذي يميز البرلمان عن اللجان المكونة من عدد قليل من الأعضاء، ومن مجالس الجمعيات الإستشارية التي تتمتع بسلطة المشاركة ولكن دون سلطة القرار، ذلك أن اللجان تقوم بدراسة القوانين وأن النائب البرلماني -داخل تلك اللجان -يقوم بالمناقشة والدراسة وبالتصويت، إلا أن القرار الأخير يكون في الجلسة العامة بمشاركة عدد كبير من الممثلين داخل المجلس.
    وإجمالا، فإن دستور كل دولة هو الذي يحدد عدد أعضاء البرلمان وآلية انتخابهم، وعدد المجالس التي يتكون منها البرلمان، وهو الذي يبين صلاحيات عضو البرلمان[8].

الفقرة الثانية: القوانين المنظمة لعمل العضو البرلماني

    إن عمل العضو البرلماني يختلف من نظام سياسي إلى آخر، حيث يتوقف ترتيب السلطة في الدولة على الدستور، ويبرز دور عضو البرلمان بشكل أكبر في ظل أخذ الدستور بالديمقراطية غير المباشرة التي يتولى الشعب فيها ممارسة سلطة التشريع عن طريق ممثلين بواسطة مجالس برلمانية تضم مجموعة من أعضاء البرلمان، وهذه هي القاعدة العامة في الديمقراطية غير المباشرة[9].
    إن اختيار الدولة لنظام معين لا يخضع لمجرد اعتبارات نظرية، ولكن تحكمه تقاليد الدول وسوابقها الدستورية، فأحيانا تدخل فيها اعتبارات واقعية، وخير مثال على ذلك نظام المجلسين في انكلترا (العموم واللوردات) والذي أنشأ لأسباب تاريخية تتعلق بالبناء الطبقي للمجتمع البريطاني، بينما تميل الدول البسيطة الغير المركبة، إلى نظام المجلس الواحد، حيث تتوفر هذه الدولة على مركز سياسي واحد، فلها جهاز حكومي واحد وتشريع واحد يخضع له الجميع، ولها دستور واحد ومجلس تشريعي مركزي واحد، (قد يتكون من مجلس واحد أو مجلسين )[10]
    في الدول الديمقراطية يختلف عمل البرلماني من غرفة إلى أخرى، ففي التجربة الأمريكية ذات نظام رئاسي، نجد أن مدة انتداب النائب البرلماني داخل مجلس النواب لا تتعدى سنتان، وعضو مجلس الشيوخ خمس سنوات، ومجال تدخل النائب البرلماني يعد ضعيفا جدا -وإن كان يعتمد الميزانية- مقارنة مع عضو مجلس الشيوخ الذي له قوة ضغط على قرارات الرئيس الأمريكي، وله الحق  في إبداء رأيه دون تدخل من أي جهة.
 حسب القانون التنظيمي لمجلس النواب المغربي رقم 11-27، أشار في بابه الأول عدد أعضاء النواب ونظام الإنتخاب ومبادئ التقسيم، ففي مادته الأولى يشير إلى أن مجلس النواب يتألف من 395 عضوا ينتخبون بالإقتراع العام المباشر عن طريق الإقتراع باللائحة. وفي الباب الثاني تحدث عن أهلية الناخبين وشروط القابلية للإنتخاب[11].
    وفي نفس السياق تطرق القانون التنظيمي رقم 11-28 المتعلق بمجلس المستشارين إلى انتخابات أعضاء مجلس المستشارين موضحا الفئة التمثيلية التي يحق لها الترشح للمشاركة في الإنتخابات (المادة 2)، كما تحدث إلى طريقة إقتراعهم (المادة 3)، وعلى أهلية الناخبين وشروط القابلية للإنتخاب ف (المادة4).
   من جهة ثانية تحدث النظام الداخلي لمجلس النواب في بابه الثاني، عن العضوية وحالات التنافي والتجريد وإلغاء الإنتخاب وشغور المقاعد (من المادة 6 إلى المادة 11). أما النظام الداخلي لمجلس المستشارين فقد تطرق في جزئه الثاني المعنون بتنظيم سير أعمال مجلس المستشارين في الباب الأول (أهلية المستشارين)، الفرع الأول (الإعلان عن العضوية بمجلس المستشارين) إلى المقتضيات المنصوص عليها في المادتين 10و 11 من نظامه الداخلي، وإلى كل عضو من أعضائه يحمل إسم "مستشار برلماني"، كما تطرق في المادة 92 إلى مسألة التنافي، وفي المادة 96 إلى انتهاء العضوية بالمجلس[12].
    وتأسيسا على ما سبق، يتبين أن طبيعة النظام الديمقراطي الحديث يقوم على أساس نيابي، حيث يختار الشعب ممثليه عن طريق الانتخابات، حيث تقع المسؤولية الكبرى على عاتق الأحزاب السياسية، لأنها هي مصدر المنتخبين، وهذا يدعو إلى المشاركة في تأهيل طاقات وتنمية كفاءات مرشحيها لتولي المسؤولية[13] باعتماد مجموعة من الشروط:
أن يكون ذو مستوى دراسي مهم يؤهله لإدارة الجماعة
يجب أن يتوفر على خبرة في العمل التطوعي في منظمات المجتمع المدني لا تقل هذه الخبرة عن خمس سنوات لإكتساب مهارات جديدة تساعد على التقدّم في الحياة المهنية، وإحداث تغيير إيجابي
حسن السيرة والسلوك تتجلى في النزاهة والأمانة والإستقامة.
إن اعتماد معايير في عملية الإنتقاء للمرشحين للإنتخابات داخل الأحزاب الوطنية لإختيار الكفاءات الجيدة لضمان عدم الإخفاق واستبعاد الفشل، التي تجعل من وجود الأحزاب السياسية ضرورة لا غنى عنها. فإذا كان لدينا في المغرب تمثيلية متنوعة ومتكاملة تضم ممثلي الجماعات الترابية والنقابات والغرف المهنية وممثلي رجال الأعمال والفاعلين الإقتصاديين، لتدعيم مجالات الديموقراطية التشاركية. فإننا نجد في دول أخرى تمثيليات تبتدئ بالتمثيليات الطائفية، مثل ما هو موجود في لبنان والعراق... بل حتى في الولايات المتحدة نجد تمثيليات للهنود الحمر، نفس الشيء نراه في كندا التي لديها ما يسمى بالسكان الأصليين. وفي الهند تمثيليات "الهندوس"، وتمثيليات السنة والشيعة والصائبة والمجوس واليهودية في إيران[14].
    والملاحظ أن هناك تمثيليات متعددة، وإلا لا مجال للحديث عن الديمقراطية، لأن هناك علاقة وثيقة بين التعددية الحزبية والبرلمان، وتتمثل التعددية السياسية للأحزاب داخل البرلمان، من خلال مساهمتها الرئيسية في العملية الإنتخابية لأعضاء البرلمان،
وهناك توجها جديدا من طرف الدولة على مستوى تمثيلية النساء، حيث نص الفصل 19 من الدستور على مراعاة المناصفة بين الرجل والمرأة حيث يتمتعان على قدم مساواة في نطاق أحكام الدستور، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية وأن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة وتحدث لهذ الغاية، هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، بموجب الفصل 164 من الدستور، على احترام تلك الحقوق والحريات.
وقد خصص النظام الداخلي للمجلس النواب الباب السابع منه للمساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة سيسعى بدوره إلى دعم:
تقوية المكتسبات النسائية في كل المجالات وتعزيزها على مستوى التشريع والمراقبة والدبلوماسية البرلمانية وعلى مستوى اتخاذ القرار.
تطوير العلاقات التشاركية مع مؤسسات فاعلة في المنتظمات الدولية والعاملة في مجال حقوق الإنسان والحريات.
في إطار تعزيز الديموقراطية التشاركية تثمين الروابط مع سائر هيئات المجتمع المدني من أجل النهوض بأوضاع المرأة.
من المقتضيات التي ضمنها النظام الداخلي لمجلس النواب لتحقيق مبدأ المناصفة ما نصت عليه المادة 78 والمادة 79من وجوب مراعاة تمثيلية النساء في كل نصف في تقديم الترشيحات لمناصب المسؤولية وذلك حسب الأصناف التالية:[15]

الصنف الأول: العضوية في مكتب المجلس ورئاسة اللجان الدائمة.
الصنف الثاني: العضوية في مكاتب اللجان.
الصنف الثالث: رئاسة مجموعة الصداقات والعضوية بالشعب الوطنية.

وتعد تمثيلية النساء في المغرب مكسبا ديموقراطيا وأمرا إيجابيا سيساهم بلا شك في الدفاع عن حقوق المرأة ومكتسباتها، أما في بعض الدول التي لديها طابع قبلي مثل إفريقيا نجد تمثيلية النساء حاضرة بقوة، بحيث أن المرأة لها دور كبير داخل البرلمان مثل رواندا، السينغال، الكوت ديفوار... نفس الشيء إذا ما ذهبنا إلى الشمال، فالدول الإسكندنافية نجد فيها تمثيلية نساء تفوق 60 في المائة.

المطلب الثاني: اختصاصات عضو البرلمان

    يمكن للعضو في البرلمان أن يلعب دورا هاما في تعزيز الإنفتاح على محيطه، ويناط به تحقيق المصلحة العامة من خلال وظائف البرلمان التشريعية والرقابية والمالية والمشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات العامة... ومن شأن كل هذا أن يؤدي إلى تعزيز قدرة البرلمان على أداء دور فعال في إرساء قواعد الديموقراطية.
 على هذا الأساس يمكن القول أن اختصاصات عضو البرلمان في المغرب على مستوى المجلسين (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، يمكن عضو البرلمان بناء على أراء المواطنين والمجتمع المدني الإحالة الخاصة في مشاريع القوانين ذات الطابع الاجتماعي، أو تقديم مقترحات قوانين مرتبطة بالجهات أو الجماعات أو كذلك ما يهم النقابات أو الغرف، لكن على مستوى الإشتغال فليس هناك فرق بين المجلسين.
 أما في الولايات المتحدة الأمريكية فيتضح أن اختصاص عضو مجلس الشيوخ ليس هو اختصاص عضو البرلمان، فاختصاص التشريع مثلا يعود للكونغريس بغرفتيه. لكن ممارسة التشريع تختلف بين المجلسين[16].

الفقرة الاولى: شروط اكتساب العضوية:

ينظم القانونين التنظيميين لمجلس النواب 27.11 ولمجلس المستشارين 28.11 شروط اكتساب العضوية، من ذلك مثلا ما جاء في المادة 3 من الباب الثاني (أهلية الناخبين وشروط القابلية للإنتخابات) والتي تنص على أن الناخبات الناخبون وهم المغاربة، ذكورا وإناثا، المقيدون في اللوائح الإنتخابية العامة.
ثم جاء في المادة 4 التي نصت على أن "يشترط في من يترشح للعضوية في مجلس النواب أن يكون ناخبا ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، أما في المادة 5 6 و7 و8 و9 تنص على الشروط عدم اكتساب العضوية في مجلس النواب،
وبالنسبة لمجلس المستشارين فنجد ما نصت عليه المادة 5 و6 و8 والمادة 9 و 10... وغيرها من المواد التي تنظم شروط اكتساب العضوية[17].
    أما على مستوى البرلمانات الأخرى فنجد أن هناك مجموعة من الطرق التي تكتسب بها هذه العضوية، فهي تتباين من برلمان لآخر، فإما أن تكتسب عن طريق الإقتراع المباشر أو غير المباشر. وفي تجارب أخرى تكون بالتعيين مثل "مجلس اللوردات" في بريطانيا الذي يجب أن يكون المنتمي إليه من الطبقة الأرستقراطية، أما "مجلس الأعيان" في الأردن له مكانة خاصة داخل المجتمع الأردني، يتم اختيار وتعيين الأعضاء من قبل الملك مباشرة ضمن شروط حددها الدستور الأردني المادة 36.[18]   نفس الشيء نجده في "المجلس الوطني الإتحادي" بالإمارات العربية المتحدة الذي يتم تعيين نصف المجلس مباشرة من طرف حكام الإمارات والنصف آخر يتم انتخابهم من قبل هيئات انتخابية يتم ترشيحها أيضا من قبل الحكام في مختلف الإمارات.[19]
    إذن من خلال هذه التركيبة المجتمعية تتضح لنا الأهمية التي يلعبها الأعيان وذلك من خلال إرساء نوع من الثقافة السياسية والإجتماعية والإقتصادية... والتأثير الذي يشكلونه على المجتمع، وهذا طبعا يتطلب سيرورة تاريخية وسوابق تاريخية، كمجلس الأعيان بالأردن، هذا النظام الأخير يعتمد كثيرا على القبلية، فحينما تساند القبيلة العضو من مجلس الأعيان فذلك يضمن توازنا سياسيا واجتماعيا داخل المجتمع.
  اما في المغرب يكتسب البرلماني صفة العضوية بعد التأكد من أنه ليست هناك طعون في حقه بعد العملية الإنتخابية فيبدأ عمله مباشرة بعد افتتاح الملك للدورة التشريعية الأولى في الجمعة الثانية من أكتوبر بعد الإعلان عن النتائج النهائية للعملية الإنتخابية. أما في البرلمانات الأخرى من الواجب أن يؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة الدستورية كما هو الحال في مصر والعراق.
   ولكل عضو في البرلمان طرق أساليب للعمل في الهيئة التشريعية ولكل عضو له الحق في كل الإمتيازات حسب المقتضيات القانونية:
حق الكلام والمناقشة داخل اللجان والجلسات العامة بما يخدم ويراعي مصلحة من يمثلهم.
حق السؤال سواء كان كتابيا أو شفويا في الجلسات العامة، سواء الجلسة الشهرية للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة، والجلسة الأسبوعية الشفهية، فالسؤال الشفوي يعبر من خلاله عن موضوع يهم مصلحة الوطن، أما السؤال الكتابي الذي يوجهه نائب الأمة نيابة عن ناخبيه فمن أجل أمر يهم الدائرة الإنتخابية التي ينتمي إليها.
حق التصويت داخل المجلس، فمثلا إذا لم يحضر الجلسة العامة لا يمكن لأي نائب تفويض صوته، لأنه المعبر الوحيد عن المواطنين الذين يمثلهم، سواء كان مؤطرا بحزب أم لا.
وحسب فقهاء الدستور أن عضو البرلمان حر، فمثلا يمكنه أن يأتي بتعديل بمفرده وبإسمه -لتعديل قانون ما دون الخضوع لتوجهات الحزب أو الفريق، وهذه برأي فقهاء الدستور سلطة مؤسسة منحه إياها الدستور وذلك بغية تبيان مكانته.

الفقرة الثانية: سلطات العضو البرلماني

   إن العضو البرلماني يستمد قوته من المؤسسة التي ينتمي إليها، يؤطره في ذلك دستور وقوانين تنظيمية ونظام داخلي وأنظمة أخرى من مثل القانون التنظيمي للمالية، هذا الأخير يمنح العضو حدود المناقشة وحدود اتخاذ قراره كيفما كان، معارضة أو أغلبية.
   وفي الغالب يتمتع العضو البرلماني بسلط يمنحها له الدستور: سلطة تشريعية (تشريع القوانين)، سلطة المراقبة، سلطة تقييم السياسات العمومية ثم سلطة الدبلوماسية البرلمانية، وهي سلط يستمدها ّإما من الدستور (وهو الجزء العام منها)، وكذلك من النظام الداخلي الذي ينظم عمل واشتغال ذلك النائب البرلماني وانتماءاته، سواء داخل الفرق أو انتمائه للجان الموضوعاتية، أوالتي تشتغل في الدبلوماسية البرلمانية أو اللجان الموضوعاتية التي تشتغل على موضوعات في تقييم السياسات العمومية[20].
    انطلاقا من كل هذا على عضو البرلمان أن يلتزم برعاية المصالح العامة، فالقرارات التي يتخذها يمكن أن تحدث فتنة داخل المجتمع مثل: إضرابات، احتقان...وكذلك عليه أن يلتزم بالنزاهة والشفافية بحيث لا يقبل أي رشوة أو هبة تشكل تأثيرا على تصرفاته بما في ذلك أي إجراء أو تعويض أو مكافأة لأجل تأييد أو معارضة قرار أو مشروع قانون.
ولتفادي انزلاق العضو البرلماني اتجاه أي انحراف عمدت الدول الإسكندنافية، العمل بنظام البطاقة البنكية وهي بطاقة تخول لعضو البرلمان سحب المبالغ المالية التي يحتاجها أثناء عمله النيابي مثل المبيت في الفندق، المحروقات، الأكل، التطبيب... وهذه البطاقة تسهل عملية مراقبتها، كما أن نفس الإمتيازات تنطبق على رئيس الدولة والوزراء والقضاة، وكل هذا في حدود حاجياتهم الضرورية أثناء مزاولتهم لعملهم، كما أن تلك البطاقة يمنع الإستفادة منها إذا لم تكن دورة البرلمان قائمة.
    أما غالبية الدول الأخرى، مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا... والمغرب نجدهم تمنح تعويضا للعضو البرلماني يتماشى ومكانته الدستورية كسلطة تشريعية.
   ومن بين الأمور التي يجب أن يلتزم بها عضو البرلمان اتخاذ قراراته بموضوعية، فإن ذلك يضمن له ثقة الناخبين وأنه يستحق بالفعل المقعد البرلماني عن جدارة واستحقاق، إضافة إلى ذلك فعضو البرلمان عليه أن يتمسك بمبدأ الشفافية في كل شأن يهم واجباته ومسؤولياته وقراراته وكل تصرفاته، وأيضا التمسك بالأمانة والمصداقية أثناء مناقشتهم ودراساتهم لمشاريع ومقترحات القوانين، ثم سرية المعلومات التي يمكن أن تخلق مثلا مضاربات عقارية أو ما إلى ذلك. وعموما فالعضو البرلماني له أدبيات وأعراف يجب أن يلتزم بها في العمل البرلماني.
    ذلك لا يجب إغفال أن عضو البرلمان يتمتع بحق الحصانة التي أدرجها بعض الفقهاء ضمن ضمانات العمل البرلماني طوال عضويته في البرلمان لأنها شخصية وهي مقررة للمصلحة العامة، وقد جعلها دستور 2011 في عمل عضو البرلمان داخل قبة البرلمان وليس خارجه.

خاتمة:

 فمسؤولية النخب كبيرة اليوم، على إيجاد حلول للقضايا القائمة والشائكة، وذلك للفهم الجيد لهذه القضايا بعقل مفتوح وثابت، فتأهيل النخب من طرف الأحزاب السياسية سيكون له أثر إيجابي في ممارسة العضو البرلماني  لمهامه ، ففي الدول الديمقراطية يعتبر عضو البرلمان مؤسسة قائمة الذات، يشتغل إلى جانبه عشرات الخبراء، ويتعاقد مع مكاتب الدراسات التي توفر له الخبرة من أجل تجويد أداءه داخل البرلمان وخارجه، وهذا ما يفتقده برلمانات الدول في طريق النمو حيث يفتقد عضو البرلمان إلى مؤسسات المشورة والخبرات، وهو ما يؤثر على مردوديته التشريعية والرقابية بشكل عام.
 ولأهمية القوانين والتشريعات التي تصدر عن البرلمان يتوجب على الأعضاء القيام بكل ما يلزم من بحث وتحقيق في اتخاذ القرارات الصائبة التي تصب في مصلحة المواطنين وتقديم مقترحات جدية وجيدة ، وهذا لا يتأتى إلا بتعزيز الشفافية والنزاهة والتسلح بمكارم الأخلاق وهو ما عبر عنه مجلس النواب من خلال مدونة السلوك والأخلاقيات، وإتاحة المعلومة البرلمانية للسادة النواب بالسرعة والدقة المطلوبة عبر الإنفتاح على التكنولوجيا الحديثة في جميع المجالات والتوجه نحو الرقمنة لتسهيل التواصل والسرعة في الأداء .عن كونها خطوة إيجابية سيكون لها دور إيجابي في النهوض بالعمل البرلماني .

 
- لائحة المراجع

الدستور المغربي الصادر 7 يوليوز 2011
الدستور المغربي الصادر 13 شتنبر 1996
الدستور الأردني الصادر 8 يناير 1952
القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب كما تم تعديله القانون التنظيمي رقم 20.16 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.118 بتاريخ 6 ذي القعدة 1437 (10 أغسطس 2016)؛ الجريدة الرسمية عدد 6490 بتاريخ 7 ذو القعدة 1437 (11 أغسطس 2016)، ص 5853.
القانون التنظيمي 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين كما تم تعديله رقم 05.21 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.21.40 8 رمضان 1442 (21 أبريل 2021) الجريدة الرسمية عدد 6987 بتاريخ 5 شوال 1442 (17 ماي 2021 ص 3410)
النظام الداخلي لمجلس النواب عد صدور قرار المحكمة الدستورية رقم 56/71 بتاريخ 03 أكتوبر 2017.
أفين خالد عبد الرحمان، "المركز القانوني لعضو البرلمان" – دراسة مقارنة. المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية طبعة 2017.
- ميشيل مياي، "دولة القانون"، المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر-بيروت طبعة 1984
-يوسف حارشي "النظرية الدستورية" الطبعة الأولى، ابن النديم للنشر والتوزيع-منشورات الحلبي الحقوقية بيروت 2009
-المجلة المغربية للإدارة والتنمية " دستور المملكة والقوانين التنظيمية وقرارات المجلس الدستوري والنصوص المرتبطة: الجزء الأول، العدد: 285. الطبعة الأولى 2017.
-البوابة الرسمية للمجلس الوطني الإتحادي الإمارات العربية المتحدة almajles.gov.ae/Aboutthefnc/UndertheFNC/pages/careers.aspx
 
 
 
الهوامش
[1]  أفين خالد عبد الرحمان، "المركز القانوني لعضو البرلمان" ص21– دراسة مقارنة. المركز العربي للدراسات والبحوث العلمية-  طبعة 2017
[2]-الفصل 19 من دستور 1996" الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات"
[3]- الفصل 42 من دستور 2011 "لملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة-"
- أفين خالد عبد الرحمان، نفس المرجع السابق، ص 26.[4]
 الدستور الجديد للمملكة المغربية – مجموعة من القانون المغربي – الطبعة الخامسة 2015-مطبعة النجاح الجديدة-ص38.[5]
 ميشيل مياي، "دولة القانون"، المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر-بيروت طبعة 1984.[6]
[7] - كريم لحرش "الدستور الجديد للمملكة –شرح وتحليل" ص 161 الطبعة الثانية سنة 2016 مكتبة الرشاد سطات
-[8] يوسف حارشي "النظرية الدستورية" الطبعة الأولى، ابن النديم للنشر والتوزيع- منشورات الحلبي الحقوقية- بيروت 2009- ص 396.
- أفين خالد عبد الرحمان "مرجع سابق" ص 32.[9]
[10]-الحفصي المهدي "النظرية العامة للقانون الدستوري" ص 166 الطبعة الخامسة أبريل 2017 مطبعة قرطبة حي السلام أكادير
 المجلة المغربية للإدارة والتنمية " دستور المملكة والقوانين التنظيمية وقرارات المجلس الدستوري والنصوص المرتبطة: [11] الجزء الأول، العدد: 285. الطبعة الأولى 2017. ص 124،125.
 المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية "دستور المملكة المغربية والقوانين التنظيمية وقرارات المجلس الدستوري والنصوص المرتبطة: الجزء الأول، العدد 285، الطبعة الأولى 2017، ص 126، 127.[12]
[13] -حميد القستلي "حكامة المدن نحو مستقبل حضري أفضل "ص32 الطبعة الأولى مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2013
 أفين خالد عبد الرحمان "مرجع سابق".[14]
النظام الداخلي لمجلس النواب عد صدور قرار المحكمة الدستورية رقم 56/71 بتاريخ 03 أكتوبر 2017-[15]
 أفين خالد عبد الرحمان "مرجع سابق" ص 36.[16]
 القانون التنظيمي رقم 27.11 والقانون التنظيمي 28.11.[17]
[18] - الدستور الأردني المادة 36 " يعين الملك أعضاء مجلس الأعيان ويعين من بينهم رئيس مجلس الأعيان ويقبل استقالتهم"
[19]- البوابة الرسمية للمجلس الوطني الإتحادي الإمارات العربية المتحدة almajles.gov.ae/Aboutthefnc/UndertheFNC/pages/careers.aspx
 أفين خالد عبد الرحمان: مرجع سابق" ص 94.[20]
 
 



الاربعاء 9 غشت 2023

تعليق جديد
Twitter