MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



الإدارة والقضاء الإداري بالمغرب: الإشكالات وأفاق الإصلاح

     

الجزء الأول


أحمد السكسيوي

طالب باحث في العلوم القانونية



الإدارة والقضاء الإداري بالمغرب: الإشكالات وأفاق الإصلاح

 
تمهيد:

    أنطلق لهذه الدراسة من المقدمات التالية:

  • يعتبر الإنسان كائنا اجتماعيا بكل المقاييس، ولتحقيق هذا التجمع يجب توفر مجموعة من التصرفات القانونية، أو المعاملات التي تنبني أساسا على فكرة الحق[1]، هذه المعاملات والعلاقات تبرمها في ما بينها أشخاص، تتوزع بين أشخاص طبيعية والاخري معنوية[2]، تحاول تحقيق المصالح العامة والخاصة في ما يحدده القانون ويرسمه من ضوابط، لذلك يمكن استنتاج أن القانون جاء متخصصا يحاول قدر المستطاع أن ينظم كل ظاهرة اجتماعية[3] على حدة بقواعد قانونية خاصة.
  • وتعتبر الإدارة من بين الأشخاص المعنوية التابعة لدولة، وهي ليست حديثة العهد بل لها دور قديم وكلاسيكي، وتتميز بسموها على المواطن، تتمتع الإدارة بسلطات كثيرة ومتعددة، وبذلك يبقى المواطن تابعا لها، هذه التبعية تتمثل في أن العمل الإداري يتميز بحق الأسبقية والتنفيذ ألقصري، وبالتالي فالأصل هو أن الإدارة تتمتع بامتيازات السلطة العامة – السلطة التقديرية، حق التنفيذ المباشر ونزع الملكية والاحتلال المؤقت لأملاك الخواص.
  • لكن هذا السمو يتم تقييده عن طريق القضاء، وخصوصا القضاء الإداري، أو ما يسمى بالمشروعية الإدارية،[4] وهذا هو دور القضاء الإداري في التوفيق بين الإدارة والمواطن، وحماية المواطن من القرارات التعسفية للإدارة.
   وكتعريف عام لمفهوم الإدارة، يعرفها فريدريك تايلور بأنها " المعرفة الدقيقة لما نريد من الرجال أن يلموا به تم التأكد من أنهم يقومون بعمله بأحسن طريقة "[5]، أما هنري فايول فيعرفها بقوله: " معنى أن تدير هو أن تتنبأ وتخطط وتنظم وتصدر الأوامر "[6]
   أما الإدارة العمومية فيمكن تعريفها بأنها تنفيذ المصالح والسياسات العامة مستخدمة في ذلك الوظائف الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه، وتشتمل الإدارة العامة على مفهومين، مفهوم عضوي، يهتم بدراسة هيكل المنظمات الإدارية وفروعها أي التنظيم الإداري لدولة، ونوع النظام الإداري المتبع فيها [7]المركزية الإدارية واللامركزية الإدارية ، دون البحث في طبيعة النشاط الصادر منها، ومفهوم موضوعي يهتم بدراسة النشاط الإداري لهذه المنظمات بصرف النظر عن شكل المنظمة التي صدر النشاط عنها، ويتجلى في الضبط الإداري كسلطة عامة والمرفق العام الوعاء الذي تمارس فيه الإدارة نشاطها.
    وعلى غرار باقي الأشخاص القانونية، فان الإدارة تنشأ أتناء ممارسة أنشطتها، علاقات قانونية، سواء مع أشخاص طبيعية أو معنوية، لكن ولأن الإدارة هي سلطة عامة تمثل الدولة بهيبتها وسلطانها، فإن إمكانية تعسف الإدارة وشططها في استعمال السلطة، واردة لا محال، ومن هنا ينبع إشكال تصادم السلطة بالحرية، أو جدلية الدولة والمواطن كما سماها أستاذنا الدكتور إبراهيم أولتيت، لذلك أوكل مهمة التوفيق بين هذين المفهومين للقانون
[8].
    ويعتبر القضاء الضمانة الفعلية والأساسية في مراقبة مدى تنفيذ القانون، والقضاء الإداري دوره يتجاوز المراقبة لحد التشريع لما للقانون الإداري من خصوصية في عدم وجود تشريع واحد وعام، وقد كان لفرنسا الأثر الأكبر لظهور القضاء الإداري ذلك لعدم دراية وقدرة القضاء العادي في الفصل في المنازعات الإدارية، ومن ثمة بدأ تفكير في وضع أسس القضاء الإداري، وقد تطور عبر مراحل، إلى أن أصبح جهة قضائية تتمتع بالاختصاص الوظيفي من خلال الدرجات الثلاث) الابتدائية والاستئناف ثم المحكمة الإدارية العليا أو مجلس الدولة(

إشكالية وخطة الدراسة:

    إذا ما أردنا أن نسقط على المغرب كل ما قلناه سابقا عن الإدارة والقانون الإداري، فان   مفهوم الإدارة كان ملازما للحكم الإسلامي بالمغرب، ومع توطيد الملكية وحيازتها لشرعية الدينية بالمغرب، تأسست مجموعة من المؤسسات ذات الطابع الإداري والمتشبعة بالأساس على التجربة الإسلامية في إطار الخصوصية المحلية، ومن بين هاته المؤسسات )جهاز الحسبة( ….
    ومع دخول المستعمر للمغرب سنة 1912 بدأ بإدخال بعض المفاهيم الإدارية الحديثة مثل الإدارة الجهوية (اللاتركيز الإداري) والإدارات الشريفة والتي كانت تحت يد المقيم العام الفرنسي، ومع استقلال المغرب سنة 1956 واجهت المغرب مجموعة من التحديات في إصلاح التنظيم والهيكلة الإدارية بالمغرب، وخصوصا ملائمتها مع الخصوصيات المحلية، وبدأت محاولات الإصلاح، لكن كانت متعثرة ، ومع بداية سنة 2011 استقبل المغرب إصلاحا جديدا مع دستور فاتح يوليوز، لعله يحاول إصلاح القليل من الإشكالات العالقة.
  على ضوء ما سبق نطرح الإشكالات التالية:

ما موقع الإدارة في التشريع المغربي ؟
ما وضعية القضاء الإداري بالمغرب في فرض رقابته على أعمال الإدارة ؟

    وسنحاول الإجابة عن هاته الإشكالات المحورية، محاولين في ذلك الخوض في هذا المجال بالتحليل، ولا ندعي أننا سنجيب عن كل الإشكالات بقدر ما سنحاول طرح أسئلة للنقاش وفق الخطاطة التالية:

المطلب الأول: الإدارة في التشريع المغربي.

    الفقرة الأولى: الشرعية الدستورية الإدارية في ظل دستور 2011
    الفقرة الثانية: الإدارة والقانون الإداري)مشكلة تقنين الإدارة(
المطلب الثاني: القضاء الإداري والرقابة على أعمال الإدارة
    الفقرة الأولى: وضعية القضاء الإداري بالمغرب.
    الفقرة الثانية: أفاق إصلاح القضاء الإداري.
 
 
المطلب الأول: الإدارة في التشريع المغربي.

   إن الحديث عن القضاء الإداري بالمغرب كسلطة رقابية على أعمال الإدارة، يستدعي منا أولا التساؤل عن مركز الإدارة في القانون المغربي، واحتراما لتراتبية التشريع، فان البحث في الشرعية الدستورية للإدارة أمر لازم علينا فعله، حتى نتمكن من وضع إطار قانوني شامل للإدارة، وخصوصا مع دستور 2011 الممنوح كإصلاح عاجل لكم المشاكل التي تعاني منها المؤسسات السياسية بالمغرب (الفقرة الأولى)، ثم إن معرفة الأساس الدستوري _ الإداري، يقودنا لمعرفة طبيعة تقنين الإدارة في المغرب، (الفقرة الثانية)
 
     الفقرة الأولى: الشرعية الدستورية الإدارية في ظل دستور 2011
 
   لقد حاول الملك من خلال صياغة الدستور المغربي لسنة 2011، أن يضع لبنات جديدة، على مستوى المفاهيم، وعلى مستوى أجهزة ومؤسسات الدولة، معتبرا دلك من الأولويات في رسم خارطة طريق من اجل إرساء التوجه الديمقراطي.
   وتحتل الإدارة في خدم هدا الكلام، (عن الإصلاح والارتقاء إلى مصاف الدول الديمقراطية)، مكانة متميزة، ومركزا مهما في تطوير الوسائل اللازمة لتنزيل الديمقراطية، فغني عن البيان، أن الإدارة تسهر على إشباع حاجات العامة، وتقديم خدمات للمواطنين، وهده هي أول النقط التي يمكن البدء بها في مسلسل الديمقراطية، المسلسل الأطول في التاريخ العربي.
   وعند قراءتنا لدستورنا المغربي، نجد نوع من التحفظ الظاهر في عدم تنظيم الإدارة،  وهدا ما يجعلنا نتساءل عن الغاية من هدا الصمت الدستوري؟، لا استطيع الجزم في الحقيقة التي تقول أن الإدارة بالمغرب تشبه دلك الكائن الأسطوري، والدي لا يمكن حصره ولا تنظيمه، وهدا ما فعله الدستور بتنصيص في فصل واحد على مفهوم للإدارة وهو الفصل 89 من الدستور الجديد والدي جاء فيه:
 
 " تمارس الحكومة السلطة التنفيذية.
   وتعمل الحكومة، تحث سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين.
   والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية. "
 
   ومن خلال استعراض الفصل أعلاه، نجد احتشاما وضحا في تعريف الإدارة، حيث يضعها كجهاز تحت يد الحكومة.
    لدلك وجب التلميح لنقط التالية:
   أولا: عدم الاعتراف بالسلطة الإدارية إلى جانب السلط الثلاث الكلاسيكية ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) وبدلك البقاء في منطق التبعية للسلطة التنفيذية، هدا يؤدي إلى عدم وجود أساس دستوري، يضبط أعمال الإدارة كسلطة قائمة بذاتها.
   ثانيا: ثم إن الحديث عن  الحكومة كسلطة رقابية على المؤسسات العمومية والإدارية، يزيد الطين بلة، في إشكالية تحديد الجهة الإدارية، وقد كان لزاما في الدستور وضع مختلف الصلاحيات والأسس التي تنيني عليها الإدارة ليست في الهيكلة الإدارية، وإنما في أعمال الإدارة.
  ثالثا: هناك مجموعة من الفصول التي تتحدث عن الإدارة اللامركزية في هيكلتها وتمييز بين السلطة العمومية والمنتخبون المحليون أو بالمصطلح الدستوري الجديد الجهات والجماعات الترابية
[9]، لكن مفهوم الإدارة الحالي يتجاوز في طياته، السلطة العمومية، لمؤسسات أخرى تضلع بالأعمال والخدمات الإدارية.
  رابعا: لقد أعطى الدستور بعض الامتيازات للإدارة عن طريق تقييد بعد الحريات العامة، فالأصل أن الحرية يضمنها الدستور لكن تصطدم تلك الحرية بالسلطة العامة التي تحاول دائما التقييد بترخيص.
لكن عموما – وحتى نكون موضوعيين في طرحنا هدا-  فان دستور 2011 وضع مجموعة من الضمانات للمواطنين تجاه الإدارة والسلطة العمومية، و أهم هاته الضمانات ما تضمنه الفصل السادس  بأن:
 
" القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له.
 تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية....."
 
   من خلال الفصل أعلاه، وخصوصا عندما صرح الفصل بأن القانون فوق الجميع بما في دلك السلطة العامة، فإننا نتساءل عن قدرتنا على تقنين الإدارة ؟ ونزولا على حقيقة-  لا يجادل ولا يخلفها أحد  - لا يمكن الاقتصار على المبادئ الدستورية دون تنزلها على أرض الواقع، وهدا التطبيق الدستوري لا يتأتى إلا بوجود قانون ينزل هاته المبادئ. وبدلك يستلزم منا البحث في الأسس العامة للقانون الإداري بالمغرب وعلاقته بالإدارة.
 
      الفقرة الثانية:  الإدارة والقانون الإداري)مشكلة تقنين الإدارة(
 
   ننطلق من المسلمة التي انتهينا لها في الفقرة السابقة، هو أن الدستور أخضع الإدارة للقانون، لكن هدا الخضوع يتم تفعيله عن طريق القانون الذي سينظم ويقيد عمل الإدارة، فمن المتعارف عليه في المجال الإداري أن الأصل، والمبدأ العام هو تقييد السلطة الإدارية واحترامها لمبدأ المشروعية، لكن على ارض الواقع فان الإدارة بالمغرب تعاني من مشكلة تقنين الإدارة فهي ذات امتيازات وسلطات واسعة.

  أولا: تقييد الإدارة ومبدأ المشروعية كأصل عام.

   سنحاول الخوض في تحليل هدين المفهومين، محاولين قدر المستطاع مقاربة الموضوع الذي لا ندعي فيه الكمال والصواب، وبدلك البدأ بمفهوم الإدارة المقيدة تم التطرق لمبدأ المشروعية الإدارية.


مفهوم الإدارة المقيدة، وتجلياته في القانون الإداري المغربي.
 
 
   يقصد بتقييد السلطة عموما "  منع الاستبداد والتعسف من قبل سلطات الحكم التي تتمتع بنفوذ كبير، لذا يعتبر تقيد الحكم شرطا أساسيا لتحقيق الديمقراطية "
[10]، السلطة لها نفوذ كبير، وهذا التقييد مهم لأنه يمنعها من الاستبداد والظلم ممكن أن تتخذ السلطة قرارات بالأغلبية وعليه يتم المس بالأقليات أو تتخذ قرارا يلغي الديمقراطية أو يؤجل موعد الانتخابات، وهناك وسائل متعددة لتطبيق مبدأ التقيد ومن بين هاته الوسائل :
فصل السلط، الدستور المغربي يضمن فصل السلط  الفصل107 " السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية. الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية"
الانتخابات، وهي متاحة حاليا وبشكل أكتر دستوريا بالمغرب، فالفصل السابع من الدستور المغربي يعرف وينظم الأحزاب، والفصل التاسع يحمي الأحزاب من الحل التعسفي، الفصل الحادي عشر نظم سير الانتخابات، " الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي ..." حسب الفصل السابق الذكر.
الرقابة، وخصوصا الرقابة البرلمانية، والدستور المغربي أعطى مجموعة من الوسائل الرقابية للبرلمان خصوصا الفصل العاشر الذي يعطي للمعارضة مجموعة من الامتيازات، لكن الأداء البرلماني وخصوصا للمعارضة طرح مجموعة من النقاشات حول جودة البرلمان، والرأي فيما نعتقد أن البرلمان المغربي يحتاج للإصلاح من حيث الأعضاء وطرق التسيير، ليواكب الطريق الديمقراطي الذي أراد سلوكه المغرب وهو طريق وعر وطويل، وبدلك فإن الدعوة من طرف بعض الاساتدة والسياسيين، لتطبيق الملكية البرلمانية، لأمر خاطئ وليس في محله فالبرلمان حاليا ليست له الأهلية في دلك.
   وحسب الدستور المغربي، فان الإدارة هي من تجليات السلطة العامة بالمغرب، وبدلك وجب تقييدها، بسبب احتكاكها اليومي والمباشر بالمواطن، ويقصد به  _ أي تقييد الإدارة_  حسب الأستاذ ميتشو بقـــولــه: "علـى الإدارة أن تتخذ قرارات فرضها القانون مقدمـــاً  فمهمتها مقــصورة عـــلي تطبيق القانـــون علي الحالات التي تصادفهـــا عــنـدما تـتــحـقــق أسبابهـــا "
[11]، وبدلك تقييد الإدارة من أي حرية في التقدير، بل إنه يفرض عـلـيـهــا بـطريـقة آمـــرة التصرف الـــذي يجب علــــيــها إتباعه ودلك طبقا للقانون الذي يوجهها حسب الإرادة العامة.
  وعصارة القول، وادا ما حاولنا تنزيل هدا المبدأ على التشريع الإداري المغربي، فأنه مطبق في بعض الحالات النادرة، من بينها:

  • القانون يحدد سن التقاعد في الوظيفة العمومية، حيث لا يمكن للإدارة أن تحيل موظفا للتقاعد دون سن التقاعد، إلا في حالات استثنائية.
  • الإدارة ملزمة عند ممارسة الجزاء الإداري أن تحترم تراتبية العقوبات التأديبية طبقا للفصل 66 من النظام الأساسي والمحددة في مايلي:
1 الاندار
2 التوبيخ
3 الحذف من لائحة الترقي
4 تخفيظ الدرجة
5 القهقرة من الرتبة
6 العزل من توقيف حق التقاعد
7 العزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد
[12].

   كخلاصة لما سبق، أن التشريع الإداري لا يزال ينظم الإدارة بالمنطق القديم، رغم تدشين مرحلة جديدة مع الدستور الجديد، وبشكل عام، يتصل الاختصاص المقيد بفكرة مشروعية أعمال الإدارة لأنها تكون مقيدة في القرار الذي تتخذه بما يفرضه عليها القانون
[13]، ويعد هذا الاختصاص المقيد ضمانة لحقوق الأفراد وحرياتهم ضد تعسف الإدارة وظلمها.

 مفهوم المشروعية الإدارية، وتطبيقاته في القانون الإداري المغربي[14]
 
 
ابتدأ هدا الجزء، من ما قاله ميشيل تروبير:
" نعيش تحت هيمنة القانون،.... نتزوج ونعمل ونعالج في المشافي طبقا للقانون..."
[15]
ادا القانون هو الذي يرسم السلوك ويضع الضوابط داخل المجتمع، وهدا التنظيم لا يتم بمعزل عن الإدارة، لأن من الضروري أن تنشأ الإدارة علاقات قانونية، وبما أن أعمالها تتميز بنوع من السمو على المواطن، فإنه يجب إخضاعها للقانون، و يتجلى هدا الخضوع في مبدأ المشروعية.
ويقصد بمبدأ المشروعية الخضوع التام للقانون سواء من جانب الأفراد أو من جانب الدولة، و هو ما يعبر عنه بخضوع الحاكمين و المحكومين للقانون و سيادة القانون وعلو أحكامه و قواعده فوق كل إرادة سواء إرادة السلطة أو المواطن.
[16]
ولتحقق مبدأ المشروعية على أرض الواقع توفر على شروط:
  • الشرط الأول: الفصل بين السلطات
   وهدا الشرط لازم وضروري، على اعتبار أن فصل السلطات سيفعل لنا، الرقابة على الأعمال الإدارية، وبدلك في القيام بإعطاء كل سلطة لجهة محددة ومبينة، والدستور المغربي حاول أن يضع هدا الفصل بين السلط، وأوكل للملك صلاحية ضمان هدا الفصل.
  • الشرط الثاني: توضيح صلاحيات الإدارة
   إلى جانب الشرط المومأ أعلاه، فان تحقيق المشروعية الإدارية يستلزم منا توضيح الصلاحيات الإدارية، وهدا أمر صعب وخصوصا في المغرب لعدة اعتبارات منها:
يصعب خلق قاعدة قانونية تلزم كل الإدارات، بسبب كثرة المؤسسات الادارية في المغرب وتشعبها، وكثرت الهياكل والتنظيمات الإدارية لهاته المؤسسات.
هناك تنوع كبير ومهول في الاختصاصات الإدارية، وكثرة استعمال مبدأ أعمال السيادة، والدي تتملص به الإدارة من المشروعية.

  • الشرط الثالث: الرقابة القضائية
   ينشأ على مبدأ فصل السلط، وجود سلطة قضائية مستقلة تماما، مهمتها مراقبة مدى تنفيذ القانون، وبدلك فإن مبدأ المشروعية يفرض من جملة ما يفرضه وجود سلطة قضائية تتولى توقيع الجزاء على المخالف في حال ثبوت التجاوز أو الخرق للقانون.[17]

ثانيا: إشكالية السلطة الإدارية المطلقة بالمغرب.

رغم ما تحدتنا عنه من تقييدات للإدارة، في الجزء البادئ ذكره، فإن على أرض الواقع للإدارة سلطة مطلقة، ولا تخدع للقانون الا في حالات قليلة.
وسنحاول الاستدلال على هده الفكرة من خلال النقط التالية:

  • السلطة التقديرية للإدارة
  • أعمال السيادة
  • إشكالية تفسير المفاهيم
 
 

السلطة التقديرية للإدارة
 
   القانون الإداري المغربي لا يقنن الإدارة، بل يضع لها صلاحيات واسعة، من بين هاته الاختصاصات،  السلطة التقديرية، ويمكن تعريف هده الأخيرة بأنها السلطة التي خولت لها، الحرية في أن تتدخل أو تمتنع، ووقت التدخل وكيفيته، وفحوى القرار الذي تتخذه، فالسلطة التقديرية هي التي يتركها القانون للإدارة لتحديد ما يصح عمله، وما يصح تركه[18].
   وهناك أمثلة على هدا:
نقل موظف من مكان إلى مكان بدعوى المصلحة والنظام العام، أو رفض التجنيس بدعوى أعمال السيادة. هدا ما يوصلنا إلى الفكرتين التاليتين، واللتين يحرران أعمال الإدارة من كل رقابة.
فكرة أعمال السيادة وفكرة تأويل المفاهيم.
 

 أعمال السيادة
 
    إن من بين الأسباب التي أدت إلى حرية السلطة الإدارية، والمؤسسات العمومية بالمغرب على وجه الخصوص، هي فكرة أعمال السيادة، والتي تجعل من القرارات والأعمال الإدارية محصنة من الرقابة بأنواعها.
   وقد نشأت أعمال السيادة في فرنسا عندما حاول مجلس الدولة الفرنسي أن يحتفظ بوجوده، في حقبة إعادة الملكية إلى فرنسا عندما تخلى عن الرقابة على بعض أعمال السلطة التنفيذية.
    وحاول المشرع المغربي أن يتبنى هدا المبدأ ومن بين تجلياته قانون الجنسية والدي يمكن لوزير العدل أن لا يعلل قراره برفض طلب التجنيس
[19]، ولاشك أن ضرورة وضع تعريف محدد لإعمال السيادة لأمر مهم، لأن إطلاق صفة عمل السيادة على تصرف إداري
يجعله يتملص من الرقابة القضائية وهدا فيه تهديد لحقوق الأفراد وحرياتهم
[20]، وقد احتدم نقاش على مستوى، الفقه والقضاء في إمكانية الحد من هدا المبدأ، وقد كان أخرها التوصيات الصادرة من المؤتمر الثاني لرؤساء المحاكم الإدارية لدول العربية، أبو ظبي 11 و12/9/2012 ، ومن بين هاته التوصيات، التوصية رقم ثلاثة التي وتنادي بالعمل على تضييق نطاق مفهوم أعمال السيادة[21].
 
إشكالية سوء تفسير المفاهيم

  إن أهم سبب في وجود سلطة مطلقة للإدارة، في تقديرنا المتواضع هو سوء تفسير المفاهيم، والتي تحاول من خلالها الإدارة التملص من المسؤولية والرقابة، وأهم هاته المفاهيم هي:

  • المنفعة العامة
   عندما نذكر مفهوم المنفعة العامة، فإننا نستحضر عدة مفاهيم أخرى مثل: نزع الملكية واحتلال الملك الخواص، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمنفعة العامة، ولنقل بأنها هي الغطاء الشرعي لإعمال الإدارة في ما يخص نزع الملكية، ويطرح هدا المفهوم إشكالا من ناحية تفسير العمل التي قوم به الدولة على انه منفعة العامة، وعند قراءتنا لقانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت[22]، لم نجد أي تعريف أو تحديد لمفهوم المنفعة العامة مما يجعل انحراف الإدارة أمر بالغ الوقوع، وان جعل مثل هدا المفهوم المهم، فضفاضا في تعريفه وتحديده، يؤدي إلى نزع الملكية من طرف الإدارة، تحث ذريعة المنفعة العامة.  
    وأمر ثان يزيد الموضوع تعقيدا هو الفصل الثالث من نفس القانون، والدي أعطى صلاحية نزع الملكية للجماعات الثرابية، و كل المؤسسات ذات العلاقة مع الدولة، وبدلك تلجأ هاته المؤسسات أحيانا إلى نزع ملكية الخواص تحت ذريعة المنفعة العامة، وتقوم بعد ذلك بتفويت هذه العقارات خلافا لقواعد التشريع في هذا المجال.
   وفي رأينا المتواضع انه بات من الضروري التفكير في هيئة أو مديرية عامة ومستقلة تهتم بأمور نزع الملكية ويرفع لها طلب نزع الملكية، حيث تقوم بالنظر في شروط هدا الطلب ومدى ملائمته للقانون، تم تمريره للقضاء ليقول كلمته العليا، وبدلك نضمن رقابتين الأولى إدارية والثانية قضائية.


  • المصلحة العامة
 
   لقد درسنا في كليات القانون، بأن التميز بين القانون العام والخاص يتجلى، في خاصية المصلحة العامة وكدا خاصية الدولة باعتبارها ذات سيادة وسلطان، وبدلك فالقانون العام قانون الدولة – السلطة في إطار المصلحة العامة،  لكن الإشكال يكمن في تفسير المصلحة العامة تفسيرا سيئا وغير قانوني من اجل تنفيذ المصلحة الخاصة للإدارة، فكثيرا ما ثم إهدار الحقوق الخاصة وحرية المواطنين بدعوى المصلحة العامة، وكما يقول الأستاذ محمد أزغاي:
 " ....المصلحة العامة، مفهوم واسع وغامض يقبل أي تفسير، وبهذا الإتباع لا يمكن أن يرتب نتائج قانونية مضبوطة، لاسيما وأنه يزداد بازدياد دور الدولة، وهذا الغموض هو السبب الرئيسي الذي يفسر كون هذه الفكرة ميدانا خصبا لاستعمال السلطة التقديرية، فقد اعتبر الفقه بأن غموض هذه الفكرة هي من مصلحة الإدارة وأن المصلحة العامة وسيلة للهروب من احترام القانون..."
[23]
   إن هدا الوصف الذي أعطاه الأستاذ ازغاي لمفهوم المصلحة العامة لوصف دقيق، ونحن نؤيده تأييدا كاملا، ويمكن البرهنة عليه بما قاله فريدريك باستيا[24]، بأن القانون يحاول إعطاء النهب العام للملكيات والحقوق الخاصة من طرف الدولة، الصفة القانونية، أو ما يسميه بالنهب المشروع بدعوى المصلحة العامة.
  • أعمال السيادة
   يعتبر مفهوم أعمال السيادة، كما سبق الإشارة إلى دلك،  من بين الاستثناءات على مبدأ المشروعية، والدي يحرر الإدارة من أي رقابة، وانه فاعتقادنا المتواضع أن هدا المبدأ خطير وهو غطاء على أعمال الإدارة ويشكل بدلك العلو فوق القانون، ويجب تقليص من تطبيق هدا المفهوم، إلا في الحالات المتعلقة بالأمور الخارجية لدولة وما شابه دلك، ولن نطنب كثيرا لأننا سبق وأن تطرقنا لهدا المفهوم أعلاة.
وهناك مفاهيم أخرى لم يتسع المجال لذكرها توطد السلطة المطلقة للإدارة، ووجب التفكير في تغيير هدا المنطق الذي تعمل به الإدارة المغربية.
   من خلال كل ما تقدم نخلص إلي ما يلي:

  • على مستوى القانوني: الإدارة عرفها الدستور باحتشام كبير، لكن قيدها بالقانون، هدا الأخير الذي حاول تقييدها بمبدأ المشروعية، ومبدأ تقييد الإدارة.
  • على مستوى العمل الواقعي: فإن الإدارة تمارس مهامها بحرية، معتمدة في دلك على السلطة التقديرية، ومفسرة بعض المفاهيم بطريقة منحرفة مثل (المصلحة العامة، أعمال السيادة، المنفعة العامة...)، إلى جانب الفساد الإداري الذي ينخر في أجهزتنا الإدارية، واستغلال النفوذ، والموظفين الأشباح.
  عليه فان القضاء الإداري يشكل الضمانة المهمة، من أجل تكريس حكم القانون، وإخضاع الإدارة إليه.
   السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة،

 ما مدى قيام القضاء الإداري المغربي، بدوره في الرقابة على أعمال الإدارة؟
 
انتهى بحول الله وقوته في 1_03_2014 بأسفي
يتبع بالجزء الثاني إنشاء الله ومعه قائمة المراجع المعتمدة في البحث
 

الهوامش

 [1]تنقسم الحقوق إلي :
  • حقوق سياسية: هي تلك الحقوق التي يمارس بها الفرد الحياة السياسية.
  • وحقوق مدنية: تنقسم بدورها إلى حقوق عامة، التي تجعل الإنسان إنسانا، وكذلك حقوق خاصة، والتي تنقسم إلى حقوق أسرية وحقوق مالية التي تتفرع إلى حق عيني والأخر شخصي ثم حق معنوي- أدبي.
لمزيد من التوسع راجع:
الطيب  الفصايلي , الوجيز في المدخل لدراسة القانون الجزء الثاني نظرية الحق ص من 29الى 31
عبد الكريم الطالب، المدخل لدراسة المفاهيم التالية: نظرية الحق ونظرية القانون، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش 2006، ص: 143 وما بعدها.
[2] أصبح من المسلمات في نظر القانون العام الحديث أن يعترف بالشخصية القانونية لكل إنسان، فكل شخص أصبح في نظر القانون شخصا بكل ما يترتب على ذلك من أثار. ولكن اعتبارات عديدة دعت إلى الاعتراف بالشخصية القانونية لغير الأشخاص الطبيعيين، إما لمجموعة من الأفراد وإما لمجموعة من المصالح، ومن هنا جاءت فكرة الشخصية الاعتبارية أو المعنوية. و بالتالي فالشخص المعنوي هو مجموعة أشخاص أو مجموعة أموال تتكاتف وتتعاون أو ترصد لتحقيق غرض وهدف مشروع بموجب اكتساب الشخصية القانونية.
ويمكن تعريفها بأنها "هي كل مجموعة من الأشخاص الطبيعيين تقوم بعمل مشترك من أجل تحقيق هدف مشترك ومشروع، أو كل مجموعة من الأموال ترصد من أجل تحقيق غرض معين، ويمنحها القانون الشخصية القانونية، وأهلية اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، والذمة المالية المستقلة؛ لتمكينها م مزاولة نشاطها بصفة مستقلة عن الأشخاص الطبيعيين المكونين لها".()
تقسّم الشخصية الاعتبارية إلى نوعين:
الشخصية المعنوية الخاصة:وهي الأشخاص القانونية التي لا تتبع الدولة بل تتبع الأفراد والجماعات الخاصة، وتهدف بصورة أساسية إلى تحقيق مصالح فردية خاصة، تتميز من حيث طريقة وأداة إنشائها وخضوعها لرقابة الدولة.() ويكون إنشاؤها بموجب قرار من الجهة المختصة. ويمكن تعريفها بأنها هي تلك التي يكونها الأفراد سواء لتحقيق غرض خاص بهم أو بغرض يعود بالنفع العام وهي على نوعين، مجموعات الأشخاص ومجموعات الأفراد. مثالها: الشركات التجارية، الجمعيات المدنية الخاصة.
الشخصية المعنوية العامة: وهي الدولة أو الأشخاص المعنوية التي تتبع الدولة. ويمكن تعريفها بأنها مجموعة الأشخاص والأموال التي تنشأ من قبل الدولة بموجب نظام، ويكون لها هدف مشروع. أو يقال: هي كل مشروع تنشئه الدولة من أموالها وموفيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتكون نشأتها وانتهاؤها بموجب نظام. مثالها: المؤسسات العامة، الهيئات العامة، مجالس الإدارة المحلية.
لتوسع في الموضوع راجع : د. خالد خليل الظاهر، القانون الإداري، الطبعة الأولى 1997م-1417هـ، دار المسيرة للنشر والتوزيع الطباعة، ص 30
[3] أعني بالاجتماعية هنا هو كل ظاهرة سياسية أو اقتصادية، فعلم الاجتماع يشمل كل الظواهر.   
[4] مصطفى الصوفي، القانون الإداري (التنظيم الإداري)، الطبعة الأولى مطبعة أسفي غراف 2012 ص3 ومايلي,
[5] فريدريك تايلور، كتاب إدارة الورشة، الصادر عام 1903
[6] هنري فايول، كتاب الإدارة العامة والصناعية، الصادر عام 1916.
[7] عمر بوضياف، محاضرات في القانون الإداري، الأكاديمية الدنمركية، ص 5
[8] إبراهيم أولتيت، محاضرات في القانون الجبائي، الفصل الرابع تخصص قانون، الكلية متعددة التخصصات بأسفي، ص 3.
[9] أفرد لها الدستور المغربي القسم السابع تحت مسمى الجهات والجماعات الترابية من الفصل 135 إلى الفصل 141.
[10] عادل عامر، الاعتقال الإداري غير دستوري، مقال منشور، في الموقع الالكتروني صدى البلد www.el-balad.com
 
[11] سليمان محمد الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية دراسة مقارنة ،مطبعة جامعة عين شمس، الطبعة السادسة، عام 1991 م ، ص 16 ومايلي.
[12] حسنة كجي وعبد اللطيف بياز، المدخل لدراسة القانون الوضعي، نظرية القانون، طلبة الفصل الأول، تخصص القانون، الكلية المتعددة التخصصات بأسفي، السنة الدراسية : 2013-2014، ص 13 و14.
[13] محمد فؤاد عبد الباسط، القضاء الإداري مبدأ المشروعية – تنظيم واختصاصات مجلس الدولة، الإسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، عام 2005، ص: 13 -140.
 
[14] سنحاول أن نجيز كلامنا في هدا الجزء، وتأجيل بعضه إلى المطلب الثاني
[15] ميشيل تروبير، فلسفة القانون، ترجمة جورج سعد، دار الأنوار لطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2004، ص: 5.
[16]  محمود محمد حافظ، القضاء الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص 22.
[17] عمر بوضياف، مبدأ المشروعية ودور القضاء الإداري في حمايته، الأكاديمية العربية- الدانمرك قسم القانون العام محاضرات في القانون الإداري طلبة الدراسات العليا، وحدة القضاء الإداري، ص9
[18] سليمان محمد الطماوي، المرجع السابق، ص: 23 ومايلي
[19] أحمد السكسيوي، الجنسية في القانون المغربي 62.06، دراسة في مكونات الجنسية طرق الاكتساب وطرق الإنهاء، مقال منشور بموقع العلوم القانونية: WWW.MAROCDRTOIT.COM
[20]  وقد ظهر في سبيل هذا التمييز ثلاثة معايير نبينها فيما يلي :
  معيار الباعث السياسي
معيار الباعث السياسي هو المعيار الذي اعتمده مجلس الدولة الفرنسي للأخذ بنظرية أعال السيادة وبمقتضاه يعد العمل من أعمال السيادة إذا كان الباعث عليه سياسياً، أما إذا لم يكن الباعث سياسياً فإنه يعد من الأعمال الإدارية التي تخضع لرقابة القضاء .

معيار طبيعة العمل
ويضم ثلاثة اتجاهات:
1- الاتجاه الأول : ذهب الاتجاه الأول إلى التمييز بين العمل الإداري والعمل الحكومي إذ عد العمل حكومياً إذا قصد به تحقيق مصلحة الجماعة السياسية كلها والسهر على احترام دستورها، وسير هيئاتها العامة والإشراف على علاقاتها مع الدول الأجنبية وعلى أمنها الداخلي، وهذا النوع من الأعمال يندرج في ضمن أعمال السيادة ويمتنع عن رقابة القضاء، أما النوع الأخر الذي يتعلق بالتطبيق اليومي للقوانين والأشراف على علاقات الأفراد بالإدارة المركزية أو المحلية، وعلاقات الهيئات الإدارية، بعضها بالبعض الأخر فيندرج في ضمن أعمال الإدارة الاعتيادية التي تخضع لرقابة القضاء . 
2- الاتجاه الثاني : ذهب هذا الاتجاه إلى أن أعمال السيادة أو الحكومة هي الأعمال التي تستند إلى نصوص دستورية أما الأعمال الإدارية فتستند إلى نص تشريعي عادي أو قرارات تنظيمية ولا يخفى ما لهذا الاتجاه من خطورة لأنه يمنح الإدارة فرة استغلال الدستور لإدخال الكثير من أعمالها في ضمن مجال أعمال السيادة لا سيما أن الدستور يتضمن أموراً هي في الغالب ذات طبيعة إدارية بحتة
3- الاتجاه الثالث : نتيجة لعجز الاتجاهين السابقين عن التمييز بين أعمال الحكومة والأعمال الإدارية الأخرى اتجه الفقه نحو أسلوب يقوم على تعريف أعمال الحكومة بأنها تلك الأعمال التي تصدر عن السلطة التنفيذية بخصوص علاقاتها بسلطة أخرى كالسلطة التشريعية أو سلطة دولة أخرى لا تخضع أعمالها لمراقبة القضاء. وقد أبز هذا المعيار مفوض الدولة " سيلييه
Celier  " ويعتمد رأيه على أساس أن الأعمال الحكومة لا تخضع لرقابة القضاء الإداري بوصف القاضي الإداري قاضي السلطة التنفيذية.
  معيار القائمة القضائية
اتجه الفقهاء إلى اعتماد الاتجاه القضائي لتحديد ما يعد من أعمال السيادة لعجزهم عن وضع معيار لتمييز أعمال السيادة بشكل واضح .
ولعل أول من نادى بهذه الفكرة العميد " هوريو " الذي ذهب إلى أن " العمل الحكومي هو كل عمل يقرر له القضاء الإداري وعلى رأسه محكمة التنازع هذه الصفة ".
وبناءً على ذلك فأن تحديد أعمال السيادة يعتمد ما يقرره القضاء فهو يبين هذه الأعمال ويحدد نطاقها، وقد أسهم مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع في وضع قائمة لأعمال السيادة تتضمن مجموعة من الأعمال أهمها

أولاً- الأعمال المتعلقة بعلاقة الحكومة بالبرلمان
ثانياً- الأعمال المتصلة بالعلاقات الدولية والدبلوماسية
ثالثاً- الأعمال المتعلقة بالحرب

لمزيد مت التوسع راجع:
محمد الصغير بن علي، الوسيط في المنزعات الادارية، دار العلوم، عنابة، الجزائر، 2009، ص 23- 24
[21] التوصيات الصادرة من المؤتمر الثاني لرؤساء المحاكم الإدارية لدول العربية، أبو ظبي 11 و12/9/2012، منشور بموقع العلوم القانونية: WWW.MAROCDRTOIT.COM
[22] ظهير شريف رقم 254-81-1 صادر في 11 من رجب 1402 بتنفيذ القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت منشور بالجريدة الرسمية. بتاريخ 3 رمضان 1403 - 15 يونيه 1983، عدد 3685، ص 980.
 
[23] أزغاي محمد، سلطة الإدارة التقديرية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا شعبة القانون العام، عام 1984، جامعة محمد الخامس – أكدال، ص 417-418-419.
[24] فريدرك باستيا، القانون، تم نشره وتنسيقه من موقع مصباح الحرية ص: 19.




الاحد 16 مارس 2014

تعليق جديد
Twitter