MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



إصلاح منظومة التربية والتعليم بين إشكالية الموارد البشرية والنصوص التطبيقية

     

- من إعداد الباحث : - عمر بنسعيد
- الصفة : - دكتور في القانون العام



إصلاح منظومة التربية والتعليم بين إشكالية الموارد البشرية والنصوص التطبيقية
 
- مقدمة :

- عرف النظام التعليمي في المغرب إصلاحات كثيرة منذ الاستقلال إلا أن هذه الإصلاحات المتعاقبة و التي امتدت منذ 1952 أحالت الحركة التعليمية إلى اللجنة الملكية لإصلاح نظام التربية و التكوين ، مرورا بإصلاح 1985 ، و مناظرة إفران 1992 و غيرها ، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل لأسباب ذاتية و أخرى موضوعية ، داخلية و خارجية ، الشيء الذي استوجب القيام بإصلاح يستجيب لتطلعات الشعب المغربي و يحصل على إجماع مختلف الشرائح و الفئات الاجتماعية و التعليمية و السياسية و الاقتصادية . و قد تجسد هذا الإصلاح الجديد في مشروع وطني طموح ، تمثل في الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 و التي لقيت مرحلة عبور تساعد على تكملة الإصلاح و تعزيزه عبر مبادرة خارطة الطريق 2022-2026  ، والتي أتت لتجويد العرض التربوي ليكتسي حلة جديدة تستجيب و تطلعات التقدم الفكري و الاجتماعي و الثقافي ، و مؤخرا أصدرت الوزارة  مرسوم النظام
 
الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية ، و الذي أصبح محط اهتمام كل أطياف المجتمع المغربي ، من طاقم تربوي و إداري و أحزاب و نقابات و جمعيات المجتمع المدني .
- تعرض النظام الأساسي المستحدث إلى مجموعة من الانتقادات و الملاحظات ، و لذلك ارتأينا أن نثير فضول المهتم بالشأن التربوي على مدى فعالية النظام الأساسي الجديد و تأثيره على إصلاح منظومة التعليم ، ووضع الحجر الأساس عبر خارطة الطريق للسير قدما نحو إنجاح الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 .
 و لإغناء النقاش أكثر حول جودة هذا المنتوج التشريعي ، ارتأينا من خلال هذه الدراسة أن نسلط الضوء على المقتضيات القانونية المطروحة عبر التوجه التالي :
- أولا : - دراسة نقدية لأهم مستجدات النظام الأساسي و انعكاساته على تدبير الموارد البشرية
- ثانيا : - القيمة الفعلية لخارطة الطريق 2022-2026 في إصلاح المنظومة التربوية
  
 
- أولا : - دراسة نقدية لأهم مستجدات النظام الأساسي و انعكاساته على تدبير الموارد البشرية :
- أ- إيجابيات النظام الأساسي الجديد لموظفي التعليم بالمغرب :

- يعد مرسوم 2.23.819 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية خارج للوجود بعد إعداد وفق مقاربة تشاركية مع النقابات ، ووفق هندسة جديدة تضم 03 هيئات ، بحيث أصبح موحدا بين كل أطياف الموارد البشرية في الوزارة ، بنفس الحقوق و الواجبات ، بحيث أن الإستفادة منه تكمن في إسقاط الأنظمة الأساسية الإثنا عشر الخاصة بالأطر النظامية للأكاديميات ، أو حذف المصطلح الشعبي المتعارف عليه ب " الأساتذة المتعاقدين " ، و بمقتضى جذا المرسوم ، سيتم إدماجهم إسوة بباقي زملائهم في مهنة التدريس ، و عددهم 140000 من الأطر التربوية ، و الهدف من ذلك رفع الحيف و التساوي في الحقوق و الواجبات و ضمان تكافؤ الفرص الفرص بين مختلف الأطر التربوية و الإدارية بالقطاع ، و تفادي الاحتقان الاجتماعي فيه ، و تأمين تعليم ذو جودة و ذو جدوى ، كما أن امتيازات النظام الأساسي الجديد تفتح آفاقا في وجه الأطر التربوية لتحسين مردوديتهم عبر الاحتفاض بالمكتسبات السابقة الخاصة بالترقية و استحداث الدرجة الممتازة
 
للفئات التي كانت تتوقف ترقيتها في الدرجة الأولى و نعني بذلك أساتذة التعليم الابتدائي ، كما أتى هذا النظام بامتياز التحفيز المهني لأعضاء الفريق التربوي للمؤسسات التعليمية عبر تمكينهم من الاستفادة بمنح مالية سنوية ، وفق شروط معينة مرتبطة بالمردودية و الفعالية ، و قد انطلقت الوزارة من خلال هذا النظام لجعل مهنة التدريس أكثر استقطابا و جاذبية عبر العمل من جهة و بتنسيق مع الجامعات بفتح تخصص مهن التربوية و التكوين و ضمان عملية الانتقاء في مرحلة بلوغ مراكز التكوين و المباريات على هذا المستوى ، و تمكين الطاقم التربوي من نظام الولوج إلى التكوين الأساسي و المستمر عبر هذا المقتضى.
- و من جهة أخرى يأتي هذا المرسوم المصادق عليه بتاريخ 023/09/27 بموجب مجلس حكومي ، و نتيجة مجهود متواصل دام ما يناهزسنة كاملة من الاجتماعات بين الوزارة و النقابات عبر اتفاق 14 يناير 2023 الشيء الذي يجعله يكتسي طابع الصرامة و الإلزام الذي تستوجبه المرحلة الحالية ببلادنا .
فإذا كانت طبيعة المراسيم تتصف بدرجة من الشرعية و الإلزام ، فماذا يميز هذا النظام الأساسي عن باقي الأنظمة من حيث الصرامة ؟
- يكتسي النظام الأساسي الجديد طابع الحداثة في تنزيله كمنتوج تشريعي ، بحيث أن طابع الإنتاجية و المردودية و ربط المسؤولية بالمحاسبة عبر التدرج في العقوبات التأديبية من خلال نصوصه القانونية التي تبدو جلية ، و ذلك من خلال مستويين هما : - تحقيق الأهداف المرجوة من الرؤية الاستراتيجية و خارطة الطريق عبر الوصول إلى تعليم ذو جودة ، و على مستوى آخر تحسين نظرة كل الفرقاء الاجتماعيين ، و إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية و جعلها أكثر استقطابا و تشجيعا للتمدرس ، و التمكين من التقليص من الفوارق الاجتماعية و محاربة الهدر المدرسي و التقليص من التوابع السلبية المتعلقة بذلك كمثلا التشرد و ظاهرة الطفل الجانح ، و لعل ذلك ينصب في علاقة مرسوم النظام الأساسي و شموليته بالمبادئ الأساسية للحقوق و الحريات العامة و الأساسية و تدرجها الدستوري.
- و من ناحية أخرى ، يتميز النظام الأساسي الجديد ، و الذي يصبح ساري المفعول ابتداءا من فاتح شتنبر 2023 على 12 بابا و 98 مادة و التي سنستفيض في النقاش فيها عند تطرقنا للنواقص التشريعية أو السلبيات التي تكتسيها .
 
  
- ب- سلبيات النظام الأساسي الجديد لموظفي التعليم بالمغرب :

- سنتطرق من خلال هذه النقطة إلى الإحالة النصية لمجموعة من المقتضيات القانونية المتسمة بالصرامة في التعامل مع موظفي وزارة التربية الوطنية في حالة التماطل و الإخلال بمقتضيات النظام الأساسي و عدم العمل به .
- الأكيد أن بالإضافة للمميزات الإيجابية للنظام الأساسي لا بد من انتقاد مجموعة من النواقص و نبدأ بمقتضيات المادة 3 و التي تتحدث بصريح العبارة على مصطلح " الموارد البشرية " ، و هو يعتبر مصطلح يتسم بالمرونة و يسمح للمشرع أن يستعمله في بعض الأحيان ليميز رجال و نساء التعليم عن باقي موظفي القطاعات الأخرى [1] ، و لكن يتدارك المشرع الأمر بإشارته إلى تطبيق أحكام هذا المرسوم بنفس الإلزامية التي يخضع لها موظفي الدولة ، مما يحقق شرعنته بالتساوي بين مصطلح "الموارد البشرية " و " موظفي الدولة " ، و يؤاخذ المشرع بإضافته لهذه التفرقة في المصطلحات و تكرارها في المواد التي تليها و التي قد تفهم بالغلط من طرف مختلف المهنيين في القطاع .
- و برجوعنا لكيفية تدبير الموارد البشرية داخل الوزارة ، نجد أن البنية البشرية لم تشهد الكثير من التعديلات و هنا نتحدث عن الباب الثاني المتعلق بالمهام و الهيئات من المادة 9 إلى 33 ، وهنا تغيير بعض المصطلحات قد يضفي طابعا خاصا لهذا المرسوم كمصطلح " الإدارة المدرسية " عوض " الإدارة التربوية " [2] ، بالإضافة إلى تحديد المادة 35 لمستجد صفة " مختص اجتماعي و مختص الاقتصاد و الإدارة " ، " إطار مساعد تربوي "[3] الشيء الذي يزيد من تعدد و تنوع الموارد البشرية للوزارة ، مع العلم على أنه سيف ذو حدين ، قد يزيد من تدفق الموارد البشرية ترسيخ مبدأ التنظيم و الاختصاص و من جهة أخرى زيادة الأعباء المادية للوزارة في مواجهة الخلافات المطروحة و الملفات النضالية مستقبلا على مستوى التدبير البشري لها.
- أما على مستوى التبريز فنجد أن المشرع قد استثنى الشروط الموضوعة للترشيح لمهنة التدريس و المذكورة في المادة 34 سابقا بتعيين إطار أستاذ التعليم الثانوي أو إطار أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي على قيد التمرين من الدرجة الثانية  المترشحون الذين يتابعون دراستهم في سلك تحضير مباريات التبريز بالمراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين ، و شاركوا في هذا النوع من المباريات و لم ينجحوا باجتياز فترة التمرين و النجاح فيها [4].
 
- و يأتي الحديث في الباب السادس عن كيفية تدبير الوزارة لنظام تعويض الموارد البشرية و ذلك حسب الاستحقاق بالرتبة و الدرجة و طبيعة المسؤولية و الأعباء المترتبة عنها بحيث طالت الزيادة الإدارة المدرسية و الأطر الإدارية المرافقة على أساس بعض التحفيزات الاستثنائية و المشروطة بمعيار المدرسة الرائدة و تكون حسب الأولويات و بشكل سنوي ، و هذا من ضمن ما يعاب على المشرع ألا و هو التمييز بين الأطر التربوية على هذا المستوى [5].
و برجوعنا الباب السابع و المتعلق بالعقوبات التأديبية ، يعاب على المشرع الصرامة في اتخاذ الاجراءات التأديبية اتجاه الموارد البشرية للوزارة ، عبر استحداث التدرج في العقوبات ، و كان هذا الإجراء ينعكس ماديا أكثر منه إداريا على الموظف ، بالرغم من قلة فرص الاستفادة من التحفيز المادي له ، و ذلك على النحو التالي :


- عقوبات الدرجة الأولى :


و خلافا لباقي الوزارات ، ارتأت وزارة التربية الوطنية الاكتفاء بالتبريز بالنسبة لمسألة الترقية بالشهادات عوض الترقية المباشرة لأطرها و لم تجتهد في هذا الطرح في شيء.
- و فيما يخص العقوبات التأديبية  نجد أن النظام الأساسي الجديد لنساء و رجال التعليم لا يختلف عن ما جاء في مضمون قانون الوظيفة العمومية مما جعله يكتسي صبغة الشرعية في تناوله لمسألة التدرج في العقوبات التأديبية ، و على غرار ذلك نجد مختلف التشريعات تعتمد في حصر العقوبات التأديبية ضمن نفس التقسيم و الترتيب حسب الخطورة ، حتى إنه يمكن القول بأن الأساس الفلسفي في طريقة وضع هذه القوائم يكاد يكون واحدا و ذلك رغم اختلاف الظروف الاجتماعية و السياسية التي يأخد بها كل بلد و نخص بالذكر وضعية نساء و رجال التعليم ، و ذلك وفق ما يلي [6]:   
- يقع الإنذار و التوبيخ بمقرر معلل تصدره السلطة التي لها حق التأديب (الإدارة التربوية) من غير استشارة المجلس التأديبي ، و لكن بعد الاستدلاء ببيانات المعني بالأمر .
أما العقوبات الأخرى فتتخد بعد استشارة المجلس التأديبي الذي تحال عليه القضية من طرف المجلس التأديبي ، و ذلك بتقرير كتابي يتضمن بوضوح الأعمال التي يعاقب عليها الموظف و إن اقتضى الحال الظروف التي ارتكبت فيها [7].
 
 
و سنعمل على توضيح كل عقوبة على حدة :
- المرحلة الأولى من العقوبات التأديبية :
 
  1. الإنذار :
هو عقوبة تتخد ضد المخالفات الوظيفية البسيطة ، و هي بمثابة تحذير للموظف ذي السلوك المعيب لتقويم سلوكه ، و بالتالي الامتناع عن التصرفات المعيبة حتى لا تترتب على ذلك عقوبات أخرى أشد صرامة .
 
  1. التوبيخ :
- و هي عقوبة تتخد من غير استشارة المجلس التأديبي و هي أشد جسامة من الإنذار حيث أن لها انغكاسات سلبية على تنقيط الموظف و على مقدار التعويضات المخولة له بناء على المردودية .[8]

- المرحلة الثانية من العقوبات :

- و قد سلكت الوزارة في هذا الصدد عقوبات قاسية تهدد بشكل غير مباشر الاستقرار العائلي للموظف عبر حرمانه من حقه في الحركة الانتقالية لمدة سنتين متتاليتين شرط الاستيفاء للمشاركة برسم السنة الجارية ، مع توفير مسألة السبق فيها ، كما ضربت الوزارة الجانب المادي للموظف في هذه المرحلة ، و يبدو الأمر جليا بقرار الحذف من لائحة الترقي بالدرجة بالاختيار برسم السنة الجارية لإنزال العقوبة التأديبية مع توفير شرط الاستيفاء ، كما أن القرارات التأديبية قد تصل مرحلة الحرمان من المشاركة في امتحان الكفاءة المهنية لمدة سنة واحدة ، و هنا يمكن مؤاخدة المشرع في مسألة الضرب على مبدأ تكافؤ الفرص في اجتياز الامتحانات المهنية .
- تطرقت المادة 64 من النظام الأساسي الجديد لمسألة الانحدار برتبة واحدة إلى أن تصل إلى رتبتين ، شريطة ألا تؤدي هذه العقوبة إلى تغيير الوضعية الإدارية للمعني بالأمر من مرسم إلى متمرن .
- أن يتم حرمان الموظف من المنحة المالية السنوية برسم سنة أو سنتين متتاليتين ، شريطة أن يكون المعني بالأمر مستفيدا منها .
 
 
- المرحلة الثالثة من العقوبات :

- العقوبات من الدرجة الثالثة هي الأكثر صرامة من سابقتها ، و يتجلى الأمر هنا بالحرمان من اجتياز امتحان الكفاءة المهنية لمدة سنتين ، و الإقصاء المؤقت عن العمل ، مع الحرمان من الأجرة ما عدا التعويضات العائلية لمدة لا تتعدى 3 أشهر ، و لا تقل عن 15 يوما ، شريطة أن يكون المعني بالأمر لا ينتمي إلى أحد أطر هيئة التدريس .
- الخصم من الراتب الأساسي بما لا يتجاوز 10 أيام في حدود 60 يوما خلال سنة واحدة .
- الحرمان من المنحة المالية السنوية عبر 3 سنوات متتالية بشرط الاستفادة من ذلك .

- المرحلة الرابعة :

- و هي مرحلة إنهاء المسار المهني للموظف ، و ذلك إما بالعزل أو الإعفاء بالنسبة للمتمرنين أو بالإحالة الحتمية على التقاعد ، و ذلك شريطة أن يكون المعني بالأمر مستوفيا للشروط المحددة و المقررة بموجب قانون المعاشات المدنية .
- كما سلك المشرع خطة علاجية لتدارك العقوبات التأديبية السالفة الذكر ، و ذلك عبر محوها بدون الإخلال بمقتضيات الفصل 75 من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 الموافق ل 24 فبراير 1958 عبر مسألة التشجيع لمحو عقوبة " الإنذار " و التننويه لمحو عقوبة التوبيخ ، و أما ميزة الشرف فهي تمحو آثار العقوبات التأديبية المقيدة في ملف المعني بالأمر و مسحها .
- كما اشترط المشرع من خلال هذا المرسوم أن يتم محو العقوبات المذكورة بمقرر للسلطة الحكومية المكلفة بالتربية  الوطنية ، بعد استطلاع رأي اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء و المختصة [9] .
 
 
 - ثانيا : - القيمة الفعلية لخارطة الطريق 2022-2026 في إصلاح المنظومة التربوية :

- بعد العناء الذي تكبدته وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة في التنزيل الفعلي للنظام الأساسي الجديد و الذي أسفر عن موافقة غالبية النقابات التعليمية ، و الذي كان الهدف منه ترسيخ دعائم مدرسة عمومية ذات جودة و استكمال إصلاح خارطة الطريق التي تنبع من مخطط الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 ، بحيث أن الغرض من كل هذا تعزيز التفتح و المواطنة و تحقيق إلزامية التعليم ، و ذلك انطلاقا من توصيات المجلس الأعلى للتربية و التكوين بمضاعفة نسبة التلميذات و التلاميذ بالسلك الابتدائي المتحكمين في التعلمات الأساس ، و مضاعفة نسبة التلاميذ المستفيدين من الأنشطة المدرسية الموازية ، فضلا عن تقليص الهدر المدرسي بنسبة الثلث من أجل إعطاء دفعة قوية للتعليم الإلزامي .
- و لبلوغ هذه الأهداف ، تتمحور خارطة الطريق حول إثني عشر التزاما من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع ، و تنتظم حول ثلاث محاور استراتيجية للتدخل ( التلميذ ، الأستاذ و المؤسسة ) .
- و بعد الإشادة بالدور الأساسي للجماعات الترابية في الارتقاء بالمنظومة التربوية و في الحد من الهدر المدرسي ، شددت الوزارة على أهمية خارطة الطريق التي جعلت من الشراكة مع المجالس المنتخبة عنصرا محوريا في التنزيل الترابي لأوراش الإصلاح و في تعزيز سياسة القرب .
- كما أن خارطة الطريق وضعت ثلاث شروط أساسية للنجاح تتلخص في إرساء حكامة تعتمد منهجية تأمين الجودة و تحفيز مسؤولية الفاعلين عبر إحداث الآليات المناسبة ، و التزام الفاعلين و المتدخلين من أجل الانخراط المسؤول لإنجاح الإصلاح ، فيما يرتبط الشرط الثالث بالتمويل و تأمين الموارد المالية من أجل استدامة الإصلاح من خلال إرساء تخطيط مالي منسجم مع الأثر المنشود و إطار للتمويل مع الشركاء الأساسيين لتأمين الموارد .
 
 
 وسجل أنه تم إغناء مضامين خارطة الطريق بخلاصات المشاورات الوطنية الموسعة التي ساهم فيها ما يناهز 100 ألف من المشاركين وفق مقاربة تشاركية بعد طرح مشروع أرضيتها لنقاشات ومداولات ساهم فيها جميع الفاعلين التربويين والمتدخلين والشركاء تتويجا لمسار من التشاور العمومي وتجسيدا للبناء المشترك لنموذج تربوي يستجيب لتطلعات المواطنين والمواطنات ولانتظاراتهم في المدرسة العمومية.[10]
- و من جهة أخرى ، تهدف خارطة الطريق إلى تحقيق إرادة إصلاحية و رؤية استراتيجية مشتركة لأن المدرسة العمومية لا تضمن اكتساب التعلمات الأساس و لا تحظى بثقة المواطنين ، ذلك أن 70 بالمئة من التلاميذ لا يتحكمون في المقرر الدراسي عند استكمالهم التعليم الابتدائي ، و تبلغ هذه النسبة 90 بالمئة بالنسبة للتعليم الثانوي الإعدادي " .
- و مع الأخد بعين الاعتبار أن الأزمة البنيوية للتعلمات تفاقمت مع تأثيرات جائحة كوفيد ، حسب ما أبانت عنه الدراسة المنجزة في شتنبر 2022 و التي شملت 25 ألف تلميذ ب 200 مؤسسة تعليمية و التي تبين أن أغلبية هؤلاء التلاميذ لا يملكون المكتسبات الضرورية لمواكبة المقرر الدراسي .[11]
- و من هنا نطرح السؤال : هل التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا اليوم ، في المدارس العمومية ، قادر على ضمان مستقبلهم ؟
- الشيء الذي يجعلنا نقول إن إصلاح التعليم يجب أن يهدف أولا إلى تمكين المتعلم من اكتساب المعارف و المهارات ، و اتقان اللغات الوطنية و الأجنبية ، لا سيما في التخصصات العلمية و التقنية التي تفتح له أبواب الإندماج في المجتمع ، و ضمان النجاح للمنظور الاستراتيجي للإصلاح ، فإنه يجب على الجميع تملكه ، و الانخراط الجاد في تنفيذه [12] .
 
 
- و بالرغم من الجهود المضاعفة لتحقيق الإصلاح المنشود و الرؤية الاستراتيجية المشتركة ، فإن المدرسة العمومية لا تضمن اكتساب التعلمات الأساس و لا تحضى بثقة المواطنين ، و ذلك راجع بالأساس للتعلمات الأساس الغير المتحكم فيها ، بحيث 70 بالمئة من التلاميذ لا يتحكمون في المقرر الدراسي عند استكمالهم المرحلة الابتدائية ، بالإضافة لفرص التفتح و تحقيق الذات التي لا زالت محدودة النطاق ، بحيث 25 بالمئة فقط من التلميذات و التلاميذ يشاركون في الأنشطة الموازية ، كما نجد أن درجة إلزامية التعليم خلال نفس المرحلة لم ترتقي للمستوى المنشود ، بحيث أن أزيد من 300000 حالة انقطاع عن الدراسة لا زالت سنويا ، مما يجعل نسبة الهدر المدرسي مرتفعة بالمقارنة للأهداف المسطرة من طرف الوزارة .[13]
- فهل فعلا ستستطيع خارطة الطريق تحقيق تعليم عمومي يستجيب لتطلعات الشعب المغربي و تدارك باقي الخطط الاستراتيجية السابقة و ما عرفت من تأخر و تعثر ؟
- ذلك ما سنراه في مقبل الأيام مع النظام الأساسي الجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية و آثاره على مستوى المحور الثلاثي للتعلمات " التلميذ – الأستاذ – المؤسسة "

- خاتمة :

- يستخلص من خلال المقاربة التشريعية و التربوية التي تناولناها من خلال النظام الأساسي الجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية ، أن هذه الأخيرة التجأت إلى وسيلة تصحيح حالة أو وضعية إدارية أحادية ، و ليس إصلاح منظومة ، و انطلقت لوضع حل للفئة الأكثر هشاشة في المنظومة و هم أطر الأكاديميات و المتعارف عليهم سابقا ب " المتعاقدين " ، و هم الأكثر ضررا من زملائهم في المنظومة لتعيد التوازن و توحيد صفوف الشغيلة التعليمية نحو التساوي في الحقوق و الواجبات ، و من جهة أخرى أهملت باقي الملفات التي لا زالت لحد الساعة تعاني من وضع مادي لا يساير طبيعة المستوى المعيشي الحالي ، لذلك فإن التحفيز المادي الفئوي كان له أثر سلبي على المنظومة و نقصد بالذكر الركن الأساسي في المنظومة ، و هم هيئة التدريس ، و لذلك نقترح التوصيات التالية :
- تعميم شروط التحفيز لكافة الأطر في المنظومة حسب طبيعة المسؤولية و المهام الموكولة .
 
- ضمان المواكبة المستمرة عبر التكوين و التأطير و رصد ميزانية كافية تستجيب لتطلعات الخطة الاستراتيجية ل 2015-2030 و خارطة الطريق 2022-2026 .
- جعل مهنة التدريس أكثر استقطابا عبر دراسة مسألة التخصص في التعليم الإبتدائي عوض التخصص المزدوج .
- تمكين هيئة التدريس من الرقمنة و التكوين المستمر في اللغات الأجنبية و تطوير وسائل رصد و معالجة البيانات و الوثائق التربوية رقميا ، حتى يتم تخفيف عبء التنقل بين المدرسة و الإدارة المختصة ( المديرية الإقليمية – الأكاديمية الجهوية – المصالح المركزية بالوزارة )
- وضع مقاربة حقوقية عبر إضافة مادة حقوق الإنسان و الحريات العامة في التكوين الأساسي للأساتذة المتمرنين بمراكز التكوين بكونه شرط أساسي و لا مفر منه لمحاربة العنف داخل الوسط المدرسي .
- تقريب مختلف الفرقاء الاجتماعيين من واقع المدرسة العمومية و المشاركة في إصلاحها لكونها مرفق عمومي يساهم في محاربة الفوارق الاجتماعية و المجالية و يستحق العناية و التطوير .  
 
 الهوامش
  
[1] - الرجوع للمادة 3 من النظام الأساسي الجديد لوزارة التربية الوطنية
[2] - الرجوع إلى الفرع الثاني و المادة 16 من النظام الأساسي الجديد .
[3] - الرجوع إلى مضمون المادة 36 و 37 و شروط الترشيح لإطار مساعد تربوي الدرجة الرابعة .
[4] - الرجوع إلى مقتضيات المواد 39 من النظام الأساسي الجديد
[5] - المرجو الرجوع إلى مضمون المواد من 58 إلى 62 من النظام الأساسي الجديد  .
[6] - الرجوع إلى القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية المغربي خاصة الفصول 65 إلى 75 مكرر
[7] - الفصل 66 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الصادر في 24-2-1958
[8] - الرجوع إلى المادة 64 من النظام الأساسي الجديد
[9] - المرجو الاطلاع إلى مضمون المادة 65 من النظام الأساسي الجديد
[10] - مقتطف من تصريح السيد شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة بخصوص " تفاصيل خارطة الطريق و نموذج جديد لتدبير إصلاح التعليم "
[11] - دراسة مستخرجة وفق معطيات إحصائيات من وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة لسنة 2022 ، و مرجعيتها التقرير الرسمي للمجلس الأعلى للتربية و التكوين لسنة 2018 و المعنون ب " آفاق المهمة التقييمية " ، و تهم دراسة حول " الأسر و التربية : تصورات و انتظارات و طموحات " ، بحث وطني ، ص : 65 .
[12] - مقتطف من الخطاب الملكي السامي ل 30 يوليوز 2016 بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لاعتلاء جلالته عر أسلافه المنعمين
[13] - مقتطف من الإثنا عشر التزاما لخارطة الطريق 2022-2026 و المنصبة تحت شعار " من أجل مدرسة عمومية ذات جودة " .



الجمعة 1 ديسمبر 2023

تعليق جديد
Twitter