MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



قراءة أولية في مشروع القانون التنظيمي 86.15 المتعلق بالدفع بعدم الدستورية

     

الدكتور مصطفى بن شريف
محامي بهيئة وجدة




في إطار تنفيذ الحكومة لمخططها التشريعي 2011-2016، وتطبيقا لمقتضيات الفصل 133من الدستور الذي يستوجب إصدار قانون تنظيمي يحدد شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل كتكليف دستوري،الذي ينصبأنه «تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون، أثير أثناء النظر في قضية، وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون، الذي سيطبق في النزاع، يمس بالحقوقوالحريات التي يضمنها الدستور».

و تأسيسا على ذلك، بادرت الحكومة إلى إعداد مشروع قانون تنظيمي رقم: 15/86 ( صيغة 15 دجنبر 2015)،  يتكون من 27 مادة تتوزع على أربعة أبواب و هي كالتالي:

الباب الأول: أحكام عامة.
k- الباب الثاني: شروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون أمام المحاكم.
l- الباب الثالث: شروط إجراءات البت في الدفع بعدم دستورية قانون، أمام المحكمة الدستورية.
m- الباب الرابع: مقتضيات ختامية.
وبناء عليه، سنتولى تقديم قراءة أوليةلمشروع القانون التنظيمي رقم 15/86، وسنتعمد طرحها في شكل ملاحظات وفق التفصيل التالي:
 
  • من حيث مناقشة الاحكام العامة أو المبادئ العامة الواردة في مشروع القانون التنظيمي:
إن الدفع بعدم الدستورية، هو بطبيعته دفع موضوعي وقانوني ودستوري، غايته مخاصمة نص تشريعي طبق او سيطبق على نزاع معروض على احدى محاكم الموضوع، او على محكمة النقض، يستفادمنه شبهة تعديه على احدى الحقوق والحريات الأساسية التي يحميها الدستور، ولم يسبق للقضاء الدستوري أن أصدر قرارا يقضي بدستورية النص الطعين، الا إذا تغيرت الظروف، ويقصد بتغير الظروف أن يكون القضاء الدستوري قد سبق له أن أصدر قرارا يقضي برفض الطعن بعدم الدستورية، لكن بالنظر الى تحقق تغير الظروف فانه يجوز معه  الطعن في القانون المذكور من جديد في دعوى فرعية أخرى . كما ان الطعن بعدم الدستورية يشمل أيضا سائر القوانين الصادرة قبل بدأ العمل بنظام الرقابة الدستورية من طرف الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى المحدثة بمقتضى ظهير رقم 137. 63 المؤرخ في 16 ماي 1963.

ولا يشمل الدفع بعدم الدستورية، القانون الذي تمت الموافقة عليه عن طريق الاستفتاء، والقوانين التنظيمية، والأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان لكونها تخضع للرقابة الاجبارية القبلية، والمعاهدات الدولية التي تخضعللرقابة القبلية الاختيارية من قبل المحكمة الدستورية التي تعاين مدى مطابقتها مع الدستور من عدمه طبقا للفصل 55 من الدستور بناء على إحالة من أصحاب الصفة، وهو ما يعني انه قد يتم تبني اتفاقيات دولية مخالفة للدستور لم تكن موضوع رقابة قبلية، وبناء عليه لا يمكن تحصينها من الطعن بعدم الدستورية.

 ويثار الدفع بعدم الدستورية في سائر مراحل الدعوى كوسيلة دفاعية، يمارسه أصحاب الصفة والمصلحة، أيأحد أطراف الدعوى سواء كان شخصا طبيعيا،أو شخصا معنويا عاما او خاصا، مدعومدعى عليهومدخلا في الدعوىأو متدخلا تدخلا إراديا في الدعوى، بالنسبة للدعاوى المدنية والتجارية والإدارية.  في حين بالنسبة للدعاوى الجنائية يثار الدفع من طرف المتهم أو المسؤول المدني أو المطالب بالحق المدني.

ويلاحظ بأنالفقرة ب من المادة 2 من المشروع،أنها أغفلت إدراج المدخل في الدعوى والمتدخل إراديا في الدعوى، إضافة الى النيابة العامة، من بين أصحاب الصفة والمصلحة في إثارة الدفع بعدم الدستورية، وهو ما يعتبر إغفالا يستوجب تداركه، حتى لا يصدر النصوهو غارق في العوارالقانوني.

إن الدعوى الدستورية الفرعية تتوقف على وجود نزاع معروض على إحدى الجهات القضائية، وفي أية مرحلة من مراحل التقاضي، على مستوى الدرجة الابتدائية والاستئناف والنقض.

ان الدعوى الموضوعية شرط أساسي لممارسة الدعوى الفرعية الدستورية، فالأولى دعوى شخصية، والثانية دعوى فرعية عينية، تستهدف مخاصمة نص قانوني لكونه يتسم بشبهة مخالفةالدستور، أي مخاصمة نص تشريعي يمس بأحد
الحقوق أو إحدى الحريات الأساسية التي يحميها الدستور.

ويلاحظ بان مشروع القانون التنظيمي، نص بأنه يمكن إثارة الدفع بعدم الدستورية لأول مرة أمام محاكم الاستئناف و أمام محكمة النقض ( الفقرة 2 من المادة 3)، و يتعين أن يمارس قبل اعتبار القضية جاهزة ( الفقرة 3 من المادة 3)، و أكد صراحة بأن الدفع بعدم الدستورية لا يمكنأن يثار تلقائيا من لدن المحكمة، علما أن المسألة الدستورية كلها نظامية، خاصة وان الدفع بعدم الدستورية هو دفع قانوني يمكن اثارته  ولو لأول مرة امام محكمة النقض، كما انه دفع يتعلق بالنظام العام اذ يمكن لمحاكم الموضوع  بما فيها النيابة العامة ان تثيره تلقائيا، لكون الطعن يستهدف التشريع . 

 يستخلص من المقتضيات المذكورة أن مشروع القانون التنظيمي لم يكن موفقا حينما قرر بأن الدفع يمكن أن يثار أيضا أمام المحكمة الدستورية بمناسبة البت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان، لأن  القانون الذي يحكم انتخاب أعضاء هذا الأخير، هو قانون تنظيمي يخضع للرقابة الدستورية الاجبارية القبلية ( القانون التنظيمي رقم 27.11 يتعلق بمجلس النواب، و القانون التنظيمي رقم 28.11 و المتعلق بمجلس المستشارين)، الأمر الذي يعني بعدم جواز الطعن في القانونين التنظيميين المتعلقين بمجلس النواب و مجلس المستشارين عن طريق الدفع الفرعي مباشرة أمام المحكمة الدستورية، بمناسبة  نظرها في الطعون الانتخابية المتعلقة بأعضاء البرلمان،لتحقق سبق الفصل في دستورية القانونين، ويمكن استثناء جواز بت المحكمة الدستورية في الدفع بعدم الدستورية  في هذه الحالة حينما تطبق على المنازعة الانتخابية التي تنظر فيها المحكمة الدستورية بصفة اصلية قوانين لم تكن موضوع رقابة دستورية سابقة أو قبلية. الأمر الذي يكون معه المقتضى الوارد في الفقرة الأولى من المادة 3 من المشروع فيما يتصل بالطعون الانتخابيةالبرلمانية
غيرموفق، ويتعين تعديله.
 
  • من حيث مناقشة النصوص الواردة في الباب الثاني: شروط و إجراءاتالدفع بعدم دستورية قانون أمام المحاكم (المواد من 5 إلى 10).
لقد بين هذا الباب الإجراءات والشروط التي تحكم مسطرة الدفع بعدم الدستورية أمام المحاكم،وهيتلك الواردة في قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية وغيرها من المقتضيات الإجرائية الواجبة التطبيق المنصوص عليها في قوانين خاصة، وتلك المنصوص عليها في هذا المشروع.

حقا إن الدفع بعدم الدستورية وسيلة دفاعية يتعين أن يقدم في شكل مذكرة كتابية مستقلة عن الدعوى الموضوعية،وبشرط أن تكون معللة، مؤدى عنها الرسوم القضائية، ومتضمنة للنص التشريعي الطعين،والنص الدستوري المدعى بمخالفته، مع بيان طبيعة الخرق الذي طال الحقوق والحريات، والتأشير على المذكرة بكتابة الضبط الذي يعتبر بمثابة وصل.

و يلاحظ بأن المشروع شدد على وجوب تقديم الدفع في مذكرة كتابية، لكنه لم يقتصر ذلك على الدفاع بل شمل أيضا الطرف المعني أي المتقاضي، و هذا ما يعتبر توجها غير سليم، لأن الدفع بعدم الدستورية يعني مخاصمة قوانين، فكيف سيتسنى لمواطن أن يقيم النص القانونيو يقارنه مع النص الدستوري لكي يستخلص قيام مخالفة دستورية و هو لا يفقه شيئا في القانون، الأمر الذي يتعين على المشروع أن ينص صراحة تقديم المذكرة الكتابية على المحامين فقط مع تمتيع المتقاضين بالمساعدة القضائية، و هو المبدأ المطبق في كل من مصر و فرنسا ومعظم الأنظمة القانونية الاخرى.

و يستفاد من مشروع القانون التنظيمي أنه اختار الأخذ بمسطرة ستغرق المحكمة الدستورية بالطعون المتعلقة بالدفع بعدم الدستورية، و هو النموذج المتبع في مصر، لكن النظام القانوني للمحكمة الدستورية العليا في مصر، يختلف جوهريا عن ذلك الذي  يتعلق بالمحكمة الدستورية في المغرب، على الأقل من حيث تشكيل المحكمة. في مصر ينص القانون بأنه تؤلف المحكمة الدستورية العليا من رئيس وعدد كاف من الأعضاء، في حين أن المحكمة الدستورية في المغرب، تتألف من اثني عشر (12) عضوا طبقا لأحكام الفصل 130 من الدستور.

وعليه فإن توجه المشروع نحو إعمال مسطرة الإحالة مباشرة من طرف المحاكم المعنية بالدفع بعدم الدستورية على المحكمة الدستورية سيغرق هذه الأخيرة في القضايا امام محدودية عدد أعضاء المحكمة، الامر الذي يعني انه في حال تبني هذاالتوجه، يتعين الرفع من أعضاء المحكمة الدستورية مستقبلا، وهو ما سيتطلب تعديلا دستوريا.وكان حريا بالمشروع أن يتبنى مسطرة التصفية المزدوجةFiltrage، التي أخذ بها المشرع العضوي الفرنسي، عن طريق التنصيص بإحالة الدفع من طرف مختلف محاكم الموضوع بعد تقدير جديته على محكمة النقض، التي ستتولى بدورها فحص جدية الدفعمن عدمه ثانية، بالنظر إلى كون محكمة النقض محكمة قانون خلافا لمحاكم الموضوع.وبناء عليه سيكون اتصال المحكمة الدستورية بالدعوى الدستورية الفرعية يتم عن طريق الإحالة من محكمة النقض.

و هكذا يتعين تعديل المادتين 6 و 7 و ذلك عن طريق إسناد المحاكم الابتدائية و محاكم الاستئناف صلاحية إحالة الدفع بعدم الدستورية على محكمة النقض داخل أجل 15 يوممثلا، و تتولى محكمة النقض بدورها فحص الدفع وبصفة وجوبية داخل أجل 60 يوما، إما بقبوله أو رفضه، و عند التصريح بقبول الدفع تحيله على المحكمة الدستورية التي يتعين عليها إصدار قرارفي الموضوع داخل أجل 60 يوما. وفي حال ما إذا تعذر على محكمة النقض البت في الدفع داخل الاجل المذكور، يترتب عنه احالته وجوبا على المحكمة الدستورية للفصل فيه طبقا للقانون.

ويؤخذ من مواد الباب الثاني من مشروع القانون التنظيمي أنها لم تتضمن بشكل صريحوواضح بأنه من شروط ممارسة الدفع بعدم الدستورية يتعين على صاحب الشأن   أن يحدد النص التشريعي الطعين أونطاق الدفع،وأن يحدد النص الدستوري المدعي بمخالفته.

و نقترح في هذا الباب أن مشروع ق.ت، عليه أن يتضمن فقرة تنص:«أن عدم التحديد لأي من النص الدستوري  أو التشريعي المخالف له يترتب عنه عدم قبول دعوى الدفع بعدم الدستورية.

وأن يكون النص التشريعي المطعون فيه واجب التطبيق على النزاع أو على المسطرة أو يشكل أساس المتابعات.

ويتعين على الدفع أن يتسم بالجدية وبأن  لا تكون المحكمة الدستورية قد سبق لها أن أصدرت حكما يقضي بعدم دستورية النص التشريعي الطعين   أو كونها قضت بدستوريته.

عندما تقرر محكمة الموضوع إحالة الدفع بعدم الدستورية على محكمة النقض يتعين عليها إيقاف البت في دعوى الموضوع الى حين اعذارها بقرار محكمة النقض، أو المحكمة الدستورية، حسب الحالات».

إن الدفع بعدم الدستورية هو دفع موضوعي وقانوني،يثار في سائر مراحل التقاضي، ولو تعلق الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض،وهذا ما يجعل منه دفعا يتصل بالنظام العام، يستوجب على القاضي إثارته تلقائيا،خلافا لما نص عليه مشروع القانون التنظيمي، الذي حظر على القضاء إثارته تلقائيا (الفقرة الأخيرة من المادة 3). علما أن الدعوى الدستورية الفرعية دعوى عينية تستهدف مخاصمة قانون،وليست دعوىشخصية، فالقانون يستوجب الفصل فيها بصفة أولية، قبل الفصل في الدعوى الموضوعية.مما يكون معه مشروعالقانون التنظيمي قد وقع في تناقض ظاهر مع هذه الأحكام والمبادئ حينما نص في مادته 10 بأنه «لا يمكن التنازلعن الدفع بعدم دستورية قانون بعد إيداعه بالمحكمة الدستورية».ومعنى ذلكأن المبدأ العام يقضي بأن التنازل ينهي الخصومة،خلافا لما ورد في المادة المذكورة، وهو ما يعزز بأن الدفع هو دفع من النظام العام، مادام أنه لا يجوز التنازل عنه بعد احالته على المحكمة الدستورية.
 
  • في مناقشة شروط و إجراءات البت في الدفع  بعدم دستورية قانون أمام المحكمة الدستورية ( المواد من 11 إلى 25)
المسطرة التي تحكم الدفع بعدم الدستورية في نظر م.ق.ت، و العوار الذي ينبعث منه:

يؤخذ من المادتين 12 و13 من مشروع القانون التنظيمي )م.ق.ت( أن اتصال المحكمة الدستورية بالدفع بعدم الدستورية يكون عن طريق صاحب الدعوى الدستورية الفرعية مباشرة، والذي عليه أن يودع مذكرة كتابية بالمحكمة الدستورية مرفقة " بمقرر الإذن"، مع مراعاة مقتضيات المادة 5   من هذا القانون،باستثناء مسألة أداء الرسم القضائي الذي سبق اداؤه امام احدى محاكم الموضوع أو امام محكمة النقض.

إنه و لما كانت المادة 5 من م.ق.ت، قد نصت على الشروط الشكلية التي يتعين قيامها لقبول الدفع بعدم الدستورية بمناسبة نزاع مطروح على إحدى المحاكم المغربية، والمادة 6 نصت على الشروط الموضوعية، يلاحظ  بأن المادة 13 منه تكرار للمادتين 5 و 6 ،و على هذا المستوى تكمن أزمة مشروع القانون التنظيمي، لأن القول بوجوب تقديم الدفع بواسطة مذكرة مكتوبة أمام محاكم الموضوع، أو أمام محكمة النقض مؤدى عنها الرسم القضائي، و تتضمن بيان النص التشريعي الطعين ( نطاق الدفع)، و تحديد النص الدستوري المدعى بمخالفته، لا يستدعي من جديد ممارسة نفس الإجراءات أمام المحكمة الدستورية لكون اختصاص هذه الأخيرة بمناسبة بتها في الدفع بعدم الدستورية ينحصر في معاينة مدى مطابقة النص التشريعي الطعين للدستور من عدمه، خلافا لقاضي الموضوع الذي يتولى تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية من عدمها.والجدية تتحقق حين يكون النص محل الدفع لازما للفصل في النزاع الموضوعي، وألا يكون قد صدر عن القضاء الدستوريحكم بشأن دستورية النص الطعين من عدمه.وبناء عليه فقاضي الموضوع تنحصر سلطته في تقدير قيام شبهة عدم دستورية قانون أو كونه مشكوكا في دستوريته. وتبعا لذلك كان على م.ق.ت، أن يتبع في مبناه القانوني الإجرائي مايلي:

r تتولى المحكمة الدستورية الرقابة القضائية على دستورية القوانين (التشريعات التي يصدرها البرلمان، والمراسيم بقوانين).

r إذا قدم الدفع بعدم الدستورية في قانون أو مرسوم بقانون من طرف أحد الخصوم أمام إحدى محاكم الموضوع أو أمام محكمة النقض، بمناسبة نزاع معروض عليها،  و تبين للجهة التي تنظر في الدعوى أن الدفع جدي،يتعين عليها  في هذه الحالة، إيقاف البت في الدعوى و تعذر الطرف الذي أثار الدفع بأن عليه رفع الدعوى الدستورية داخل أجل شهر إلى المحكمة الدستورية،و في حال لم ترفع الدعوى داخل الأجل المذكور، اعتبر الدفع كأنه لم يكن.

rيحب أن يتضمن مقال الدعوى الدستورية الفرعية المرفوع إلى المحكمة الدستورية تحديد النص التشريعي الطعين والنص الدستوري المخالف مع بيان أوجه المخالفة، أي بيان الحقوق والحريات موضوع التعدي عليها.

rيتعين وجوبا تقديم الدعوى الدستورية الفرعية بواسطة محام إلى المحكمة الدستورية، بدون صائر، تقيد بسجل خاص معد لهذه الغاية، و على مصلحة الضبط بالمحكمة الدستورية استدعاء أطراف الدعوى الدستورية وفقا للشكل المبين في النظام الداخلي للمحكمة الدستورية، المنصوص عليه في المادة 43 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية.

وخلافا للأنظمة القانونية المقارنة، حصرم.ق.تحق الدفع بعدم الدستورية                       على أطراف الدعوى الموضوعية وأطراف الخصومة الجنائية، في حين لم يدرج الأطراف التي قد تكون معنية بالنزاع كالمتدخل في الدعوى إراديا أو المدخل في الدعوى، والمتعرض تعرض الخارج عن الخصومة، أي أن اتصال المحكمة الدستورية بالدعوى الدستورية الفرعية يقتصر على المتقاضين دون سواهم، وبالتالي لا تكون الإحالة من محاكم الموضوع، أو محكمة النقض، كمالا تمارس المحكمة الدستورية لحق التصدي. علما أن الدعوى الدستورية الفرعية دعوى عينية تخاصم نصا تشريعيا، الأمر الذي كان معه على م.ق.ت، أن ينص صراحة على جواز إثارة الدفع من طرف القضاء مع تكليف المحكمة الدستورية بممارسة حق التصدي.

إ ن م.ق.ت، كان عليه أن يعتمد نصوصا تتسم بالوضوح و التوقعية، و عدم التكرار، خاصة فيما يتصل بالمسطرة الواجبة الإتباع لممارسة دعوى الدفع بعدم الدستورية، و في هذا الإطار، كان من الأجدر أن يقرر المشروع أن تقديم الدفع بعدم الدستورية يستهدف مخاصمة نص تشريعي أو مرسوم بقانون، بمناسبة نزاع معروض على احدى محاكم الموضوع، و يمكن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.ويقدم الدفع بواسطة مذكرة مكتوبة ومعللة، صادرة عن محام مقيد بجدول احدى هيئات المحامين بالمغرب، مع مراعاة الإتفاقيات الدولية في هذا الإطار، وبعد أداء الرسوم القضائية، وتتولى الجهة القضائية المعنية بالدفع، البت فيه داخل أجل 15 يوم.وفي حالة ما إذا اعتبرت المحكمة بأن الدفع جدي، تحيل ملف القضية على المحكمة الدستورية دون صائر، أو على محكمة النقض لممارسة مسطرة التصفية الثانية التي تبقى من صلاحيتها إحالة الدفع من عدمه على المحكمة الدستورية التي تمارس مبدأ الرقابة المركزية على القوانين. وعند القول بإحالة الدفع بعدم الدستورية على المحكمة الدستورية تتولى هذهفالأخيرة فحصه، وتصرح اما بعدم قبول الدعوى الدستورية الفرعية، أو برفضها لعدم تعارض النص المطعون فيه مع مقتضى في الدستور، أو تحكم بعدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه لمخالفته لنص في الدستور، كما يمكنها أيضا أن تصرح بعدماختصاصها بنظر الدعوى.

وتأسيسا على ما ذكر، كان حريا بمشروع ق.ت، أن يسند أمر تصفية الدفوع بعدم الدستورية إلى محكمة النقض، بعد تقدير جديتها من عدمها من طرف محاكم الموضوع، على ان تتولى محكمة النقض ممارسة وظيفة التصفية النهائية قبل الإحالة من عدمها على المحكمة الدستورية، وهي المسطرة التي أخذ بها المشرع الفرنسي والتي تبدو أكثر توافقا وانسجاما مع الواقع القانوني والقضائي المغربي، خلافا لما ذهب إليه مشروع القانون التنظيمي رقم 15.86.
 
                                                                     



الثلاثاء 19 يناير 2016

تعليق جديد
Twitter