MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



قواعد النشر

     



لا يتحمل الموقع تحت أي ظرف مسؤولية المساهمات التي تتضمن خرقا لحقوق الملكية الأدبية أو حقوق النشر، و يحق لكل متضرر رفع الضرر عن طريق مراسلة مدير الموقع



      أمام ما يعرفه المغرب من تعدد الإصدارات القانونية، التي تساهم في تدعيم الدراسات العلمية و العملية المرتبطة بالمجال القانوني، إرتأينا منذ مدة الدخول في هذه المساهمة وذلك بتأسيس موقع الكتروني منفتح من خلال الشبكة العنكبوتية على جميع الفعاليات،

      وإذا كانت المجلات القانونية (المطبوعة)، متعددة تعددا ينم على دينامية الساحة القانونية المغربية، فإن الأكيد أن إيجاد موقع مختص في هذا الميدان سيعطي لهذه الدينامية بعدا آخر، يجعل العلوم القانونية بالمغرب، مواكبة لعولمة كانت في البداية، حسب المدير العام السابق لمنظمة اليونسكو كوشير ماتسورا "مجرد سيرورة اقتصادية، مالية، علمية، تقنية، فأصبحت نظاما يتضمن أشكالا جديدة من التنظيم الإجتماعي، وقيما جديدة تؤسسها وتغذيها في آن واحد"،

      إن إدارة الموقع، واعية تماما بأن مواكبة العمل القانوني، و القضائي، و الفقهي، من جانب، ورصد الممارسات القـانونية، وخلق تواصل بين الفاعلين في هذا المجال بشكل عام، وتقديمه في قالب إلكتروني، ليس بالأمر اليسير، إلا أن الإدارة المذكورة مقتنعة بضرورة مواصلة محاولتها بدرجة إقتناعها ببعد نظر المهتمين بالبحث القانوني، و تأكدها من أن الثورة التقنية التي يشهدها العالم أصبحت تلزم كل متخصص في مجال ما، أن يراهن على الدخول بتخصصه في مجال تكنولوجيا المعلومات لتجاوز إحدى تجليات الفجوة الرقمية التي تشهدها العديد من المجتمعات،

     وقد آثرنا أن نقدم هذا الموقع بشكل تتنوع فيه المواد، آملين بذلك في جلب المنفعة المتنوعة للمتصفح، و تشكيل منبر مغربي ـ مغاربي ـ عربي  لجميع القانونيين، لطرح أفكارهم، و إهتماماتهم النظرية، والعملية المرغوب في تعميمها خدمة للبحث العلمي الجاد،

     و تحقيقا لهذه المساعي يدعو الموقع كل المهتمين والمتخصصين إلى المساهمة في مختلف محاور الموقع، و ذلك وفقا للشروط المبدئية أدناه .


قواعد النشر

أن تكون المادة تندرج ضمن مجال العلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، و منضبطة للقواعد اللغوية،
 
أن تكون محررة على برنامج Word
 
أن تكون هوية المرسل واضحة، و أي مساهمة تصل بدون إسم أو بإسم مستعار لن تعرف طريقها للنشر،

 
المواد المرسلة بشكل خاص للموقع تتمتع بحق الأولوية في نشرها، وكل المواد تأخذ طريقها للنشر حسب تسلسل ورودها إلينا، وحسب ضغط الرسائل وكلها تنشر في مدة اقصاها 4 أيام، إلا في حالة وجود إشكال تقني.

 
الموقع لا يؤكد صحة المعلومات المنشورة ولا خلافها، كما لا يمكن أن يؤكد خلوها من انتهاكات لحقوق الغير،

 
تخضع المواد المرسلة لمراقبة الموقع، الذي يحق له تحديد إمكانية نشرها من عدمه،
 
للموقع حق إدخال التعديلات التي يراها ضرورية على المادة المراد نشرها، و إعلام صاحبها بالتعديلات،
 
من حق الموقع أن يقوم بالإخراج الفني الذي يراه ملائما للمادة المرغوب نشرها،
 
لا يتعهد الموقع بإرجاع المادة المرسلة سواء نشرت أو لم تنشر،
 
يتعهد الموقع بإرسال إشعار بالنشر إلى صاحب المادة فور نشرها،
 
الموقع يسمح باقتباس معلومات أو فقرات معينة منه، شريطة تحديد المقتبس لمصدر الاقتباس عند استعماله،
 
يحق لمدير الموقع إعادة نشر المواد المنشورة على الموقع سواء إلكترونيا أو ورقيا،
 
يحق لمرسل المادة تصويب أي خلل أو خطأ تسرب إلى مساهمته، و ذلك عن طريق إخطار الموقع،

مراعاة القواعد المتعارف عليها في البحث العلمي والدراسة الأكاديمية من زاوية توثيق المصادر والمراجع والنصوص،
 
أن تكون المقالات و الدراسات معبرة عن جهد في البحث و التحليل و ألا تتضمن ما هو من عمل الغير دون الإحالة عليه،
 
كتابة الإسم الكامل، و الصفة داخل المساهمة المرسلة،
 
يحق لكل من ُنشرت له أكثر من 3 مساهمات على الموقع الحصول على إشهاد بذلك،
 
المساهمات المنشورة تعبر فقط عن آراء كتابها، ولا تلزم الموقع.
 
ترسل جميع المواد بالبريد الإلكتروني:

marocdroit@gmail.com

marocdroit@marocdroit.com



السبت 22 مارس 2014


1.أرسلت من قبل محمد اشهيهب في 24/10/2014 19:26
شكرا لكم

2.أرسلت من قبل اشهيهب محمد في 17/12/2014 20:22
مقــدمة :
لم يكن غريبا أن تنال نظرية الالتزام اهتماما بالغا سواء من جانب الفقه القانوني الكلاسيكي أو الحديث الذي حاول ربط هذه الظاهرة القانونية بمختلف الظواهر الاقتصادية والاجتماعية.
فقد أجمع الكل على أهمية هذه النظرية بالنسبة لجل مجالات القانون باعتبارها أصلح النظريات القانونية ميدانا للتفكير المنطقي لما تتميز به أحكامها من تجريد وعمومية، لذلك اعتبرت نظرية الالتزام أداة رياضية فكرية لاكتساب ما يعرف "بالملكية القانونية".
وعلى الرغم مما عرف عن نظرية الالتزام من استقرار نسبي خلال مراحل تطورها التاريخي فقد كان حتميا أن تتدخل العديد من التأثيرات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والخلقية لتطوير وإغناء أحكامها ، سواء تلك المتعلقة بالقواعد العامة لنشأة الالتزامات أو تلك المرتبطة بالأوصاف التي ترد على الالتزامات، والالتزام باعتباره وضع قانوني يكون بمقتضاه شخص معين مكلف بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل ، إذ يتكون هذا الالتزام من عناصر ثلاثة :
رابطة قانونية وهي التي تربط المدين بالدائن ، وهناك محل الالتزام وهو الشيء الذي يلتزم المدين بأدائه للدائن ، وأخيرا طرفا الالتزام وهما الدائن والمدين.
والالتزام الذي بسطنا عناصره هنا هو التزام في صورته البسيطة، ومتى لحق هذه العناصر وصف ما فالحال هنا يتعلق بأوصاف الالتزام، والتي تختلف ما بين تلك التي تتعلق بالرابطة القانونية : الشرط والأجل.
وتلك التي تتعلق بمحل الالتزام: الالتزام التخييري ، البدلي ، المتعدد المحل.
وتلك المتعلقة بأطراف الالتزام : الالتزام التضامني ، والالتزام المتعدد الأطراف والالتزام القابل وغير القابل للانقسام.
انطلاقا مما سبق يمكن طرح الإشكالية التالية :
إلى أي حد توفق المشرع المغربي في تنظيم أحكام أوصاف الالتزام بحيث يضمن التوازن ما بين أطراف العلاقة العقدية من جهة، ومن جهة ثانية جعل هذه الأحكام تستجيب لمختلف التأثيرات التي يمكن أن تفزها الحياة الاجتماعية والاقتصادية؟
وللإحاطة بالإشكالية ارتأينا نهج التصميم الآتي :
المبحث الأول : الأوصاف التي تلحق الرابطة القانونية.
• المطلب الأول : الشرط.
• المطلب الثاني : الأجل.
المبحث الثاني : الأوصاف التي تلحق محل الالتزام .
• المطلب الأول : الالتزام التخييري
• المطلب الثاني : الالتزام البدلي والمتعدد المحل.
المبحث الثالث : الأوصاف التي تلحق أطراف الالتزام .
• المطلب الأول : الالتزام المتعدد الأطراف والقابل وغير القابل للانقسام.
• المطلب الثاني : الالتزام التضامني.






المبحث الأول : الأوصاف التي تلحق الرابطة القانونية
الـمطلب الأول : الشـــــــرط
الفقرة الأولى : تعريف الشرط ومقوماته :
الشرط عنصر عرضي خارج عن أركان الالتزام تضيفه الإرادة إلى التزام استكمل كل العناصر التي يشترطها القانون، وقد عرفه الفقه بأنه ما يتوقف وجود الشيء على وجوده وكان خارجا عن حقيقته أو ماهيته، ولا يلزم من وجوده وجود الشيء ولكن يلزم من عدمه عدم ذلك الشيء، لذا فالوصف الذي يحلق الرابطة القانونية التي تربط المدين بالدائن ، قد يجعل هذه الرابطة أو زوالها غير محقق ، لأنه علق على حدوث أمر مستقبل قد يقع وقد لا يقع، فالوصف في هذه الحالة يطلق عليه اسم شرط ، وقد أفرد المشرع المدني لبحث الشرط الفصول من 107 إلى 126 قانون الالتزامات والعقود، ويلاحظ أن وصف الشرط يرد على جميع الحقوق الشخصية والعينية والذهنية وهي كلها حقوق مالية، أما الحقوق غير المالية خاصة المتعلقة بالأحوال الشخصية ، فهي لا تقبل التعليق على الشرط .
بالرجوع إلى الفصل 107 من قانون الالتزامات والعقود نجده يعرف الشرط بكونه: "تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل لم يقع وغير محقق الوقوع، إما وجود الالتزام وإما زواله" .
فالشرط إذن أمر مستقبل لم يقع بعد يعلق عليه وجود الالتزام فيسمى شرطا واقفا، أو يعلق عليه زوال الالتزام فيطلق عليه شرطا فاسخا، ويمكن أن يوجد هذا الشرط في عقد أو تصرف بإرادة متفردة.
إذا كانت المادة 107 من ق.ل.ع تتطلب في الشرط أن يكون أمرا مستقلا وغير محقق الوقوع، فإن المادة 108 من نفس القانون ألزمت أن يكون الشرط غير مستحيل وغير مخالف للقانون أو الآداب العامة، مع ملاحظة أن الشرط الذي تجمعت فيه هذه المقومات لابد حتى يعتد به أن لا تنعدم الفائدة منه وإلا وجب اعتبار الشرط كأن لم يكن والالتزام المعلق عليه التزاما منجزا ، فالشرط إذن يجب أن يكون أمرا مستقبلا، وهذا يعني استبعاد الأمر الماضي والحاضر حتى ولو كان مجهولا من أحد طرفي الالتزام أو كلاهما وقت التعامل، والأمر المستقبل قد يكون إيجابيا كما يمكن أن يكون سلبيا، ويسري نفس الحكم في كلتا الحالتين مع وجود فارق عملي يبرز من ناحية تقدير الوقت الذي يعتبر فيه الشرط متحققا أو متخلفا ، فالأمر الإيجابي تكون مدته عادة قصيرة، أما إذا كان الأمر سلبيا فالمدة غالبا ما تكون طويلة.
ومن مقومات الشرط كذلك أن يكون الأمر المستقبل غير محقق الوقوع ، أي أن وقوعه من عدمه أمر محتمل وغير أكيد ، وهذا ما ذهب إليه التشريع المدني الأردني ، حيث أنه إذا كان ـ الأمر ـ محقق الوقوع، فإنه سيفتقر إلى عنصر الجهالة والشك وهو عنصر لا يقوم الشرط بدونه ، إلا أن الشك حسب بعض الفقه لا يمكن أن يعد كل جوهر الشرط ، وإنما يعد من جوهره فقط ، وهذا التحديد ينسجم مع ما ذهب إليه الأستاذ محمد شتا أبو سعد بأن "الأصل في التعليق ألا يكون في المتردد بين الوقوع وعدمه".
وفضلا عن الشرطين السالفي الذكر يضيف الفصل 108 ق.ل.ع أن يكون الشرط أمرا غير مستحيل الوقوع وغير مخالف للقانون أو الأخلاق الحميدة، وهكذا فالاستحالة إما أن تكون مادية طبيعية ، وإما أن تكون استحالة قانونية ، وفي كلتا الحالتين يجب أن تكون استحالة مطلقة لا نسبية، هذه الأخيرة لا تجعل الشرط باطلا، كما أن العبرة في تقدير الاستحالة هي الوقت الذي اشترط فيه وهذا هو مفهوم الفقرة الثانية من الفصل 108 ق.ل.ع.
كما أنه يجب أن يكون الشرط أمر غير مخالف للقانون أو الآداب العامة، فالشرط المخالف للقانون شرط غير مشروع يقع باطلا ويبطل الالتزام المعلق عليه، كما أن الشرط المخالف للآداب العامة هو الذي يرمي إلى حمل شخص على القيام بعمل ينافي القواعد الأخلاقية الواجب صيانتها وحمايتها، فيكون باطلا ويسقط الالتزام المعلق عليه ، وتبقى السلطة التقديرية للقضاء في تكييف عدم مطابقة الشرط للآداب العامة تبعا لحاجات العصر وأخلاقه وحسب نظرة المجتمع إلى الحياة والأمور .
وجدير بالذكر أن انعدام الفائدة من الشرط يوجب اعتباره كأن لم يكن والالتزام المعلق عليه التزاما منجزا ، فماهي إذن مختلف أنواع الشرط كوصف للالتزام؟ (الفقرة الثانية).
الفقرة الثانية : مختلف أنواع الشرط
لا مِراء أن الشرط على أنواع مختلفة، فهو ينقسم من حيث أثره إلى واقف وفاسخ -أولا-، أما إذا نظرنا إليه من حيث تعلقه بإرادة طرفي الالتزام فإما أن يكون شرط غير إرادي أو متروك للصدفة وإما أن يكون شرطا إراديا كما قد يكون شرط مختلطا ـ ثانيا ـ ، ومن حيث دور الإرادة فيه فينقسم إلى شرط إرادي بسيط وشرط إرادي محض ـ ثالثا ـ .
أولا : الشرط الواقف والفاسخ
ينقسم الشرط من حيث الآثار التي تترتب عليه إلى قسمين هما :
الشرط الواقف : هو الذي يتوقف عليه وجود الالتزام، فعندما يتحقق الشرط الواقف الذي يعلق عليه نشوء التصرف ينشأ الالتزام في ذمة المتعاقد ، وإذا تخلف الشرط لا ينشأ الالتزام ولم يخرج إلى الوجود.
الشرط الفاسخ : هو الذي يتوقف عليه زوال الالتزام ، فعندما يكون زوال الحق أو الالتزام معلقا على تحقق الشرط ، فهذا الأخير يعتبر شرطا فاسخا يؤدي تحققه إلى زوال الالتزام واعتباره كأن لم يكن ، وإذا تخلف أصبح الالتزام باتا .
ثانيا : الشرط الاحتمالي والشرط الإرادي والشرط المختلط
من خلال استقراء مقتضيات المادة 112 من ق.ل.ع يتضح أنه قد يكون تحقق الشرط أو تخلفه متروكا إلى مجرد الصدفة دون أن تلعب إرادة أحد طرفي الالتزام دورا في تحققه أو تخلفه، فالشرط غير إرادي شرط يتكون من واقعة تقوم بذاتها ولا تخضع لغير قانونها ، وذلك لا يكون تحققها أو تخلفها منوطا أو خاضعا لإرادة أحد المتعاقدين أو من الغير ، لأن الأمر الذي يتوقف عليه ليس باستطاعة الدائن ولا المدين تحقيقه أو الحيلولة دون تحقيقه ، ويرجع هذا التقسيم في أصوله إلى الرومان الذين عدوا الشرط احتماليا إذا كان لا يعتمد في تحققه على الإرادة بل على محض الصدفة، وهذا ما تبناه المشرع الفرنسي إذ حدد للشرط الاحتمالي حدا معينا تمثل في اعتماده على الصدفة والاحتمال دونما توقف على إرادة المدين أو الدائن .
أما بخصوص الشرط الإرادي فهو الذي يكون تحققه مرهون بإرادة أحد الطرفين وهذا هو مضمون الفقرة الأولى الفصل 112 ق.ل.ع، وهو نفس النهج الذي سار عليه التقنين المصري في المادة 267 ، والشرط الإداري إما أن يكون شرطا إراديا بسيطا أو شرطا إراديا محضا. فالأول يتوقف أمر تحققه أو تخلفه على إرادة أحد طرفي الالتزام ، إلا أن تدخل هذه الإرادة ليس مطلقا بل هي أسيرة مؤثرات وملابسات تحيط بها على حد تعبير الأستاذ مـأمون الكزبري ، فالشرط الإرادي البسيط صحيح سواء تعلق بإرادة الدائن أو المدين أكان الشرط واقفا أو فاسخا ، أما بخصوص الشرط الإرادي المحض فهو المعلق على محض إرادة صاحب العلاقة، إذ لا يستلزم لتحققه إلا مجرد إعلان أو تعبير عن الإرادة من جانب أحد طرفي الالتزام .
وإذا توقف الشرط على محض إرادة المدين وحده وكان الشرط واقفا فمصيره البطلان والتصرف كذلك . أما إذا كان الشرط معلقا على محض إرادة المدين وحده وكان الشرط فاسخا وقع صحيحا، وهذا ما أكده القضاء في إحدى قراراته ونفس الحكم في حالة الشرط المحض المعلق على إرادة الدائن وحده.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره يجوز لكل من الطرفين أو لأحدهما أن يحتفظ لنفسه بالحق في أن يصرح خلال أجل محدد بما إذا كان يريد الإبقاء على العقد أو يريد فسخه، ولئن كان يسوغ مبدئيا الاحتفاظ بخيار الفسخ في سائر التصرفات المالية، فإن بعض التصرفات مستثناة من ذلك بمقتضى المادة 112 من ق.ل.ع .
أما بالنسبة للشرط المختلط فهو الذي يختلط في تحققه أو تخلفه إرادة أحد المتعاقدين مع عامل خارجي عنها كمجرد الصدفة أو إرادة الغير ، والشرط المختلط هو شرط صحيح، فإذا كان يتوقف إلى حد ما على إرادة أحد طرفي الالتزام فهو رهين بعنصر خارج عن هذه الإدارة يجعل تحققه أمرا محتملا لا محققا ولا مستحيلا . فها هي الآثار المرتبة عن الشرط؟
المطلب الثاني : آثـــار الشـــــرط :
قبل الحديث عن آثار الشرط في مرحلة التعليق (فقرة ثانية) ومناقشة آثاره حالة تخلفه أو تحققه (فقرة ثالثة) ، لا بد أن نميز بين عدة حالات يعتبر فيها الشرط متحققا أو متخلفا (فقرة أولى) .
الفقرة الأولى : وجوب التمييز بين حالات يعتبر فيها الشرط متحققا أو متخلفا
لئن كان مشرعنا المدني بين الأحكام التي على أساسها اعتبار الشرط متحققا أو متخلفا فإنه فرق بين أن يكون الشرط عبارة عن حصول أمر من عدمه، وأوضح أن يتطلب لتحققه مشاركة أحد من الغير أو إجراء عمل من الدائن ، ثم أضاف إلى هذه الحالات الحالة التي يتحقق فيها الشرط أو يتخلف بطريق الغش.
فبالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 117 ق.ل.ع نجده يتضمن حكما مفاده أن الشرط إذا كان إيجابيا ومعلقا على وقوع حادث ، وقد تحدد لوقوعه أجل ما وانقضى ذلك الأجل دون أن يقع الأمر، اعتبر الشرط غير محقق ، لكن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد يتمثل فيما إذا كان يتوجب وقوع الأمر المعلق الشرط عليه في صورته التي عينها المتعاقدان في العمل القانوني الذي اتفق عليه ، أم يجوز التساهل في ذلك ويكتفي بما يقابلـه؟
يجيبنا عن هذا الإشكال القانون المدني الفرنسي الذي حاول أن يضع حدا لكل خلافا بهذا الشأن إذ نص على وجوب وقوع الأمر المعلق عليه الشرط في صورته الحقيقية التي أرادها المتعاقدان أو يفهم أنهما أرادها .
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تحدد مدة لتحقق الشرط فإذا انقضت المدة دون تحققه اعتبر الشرط متخلفا، ويمتنع على المحكمة أن تمد في الأجل المضروب ، وإذا لم تحدد مدة لتحقق الشرط أمكن أن يتحقق في أي وقت، وبالمقابل يعتبر متخلفا إذا أصبح من المؤكد عدم وقوع الحادث.
أما بخصوص الحالة التي يكون فيها الشرط عبارة عن عدم حصول أمر فقد أوضحها الفصل 118 ق.ل.ع ، حيث أنه إذا علق الالتزام على شرط عدم وقوع أمر في وقت محدد ، فإن الشرط يتحقق إذا مضت المدة من غير أن يقع الأمر ، ويتحقق كذلك إذا أصبح مؤكد أن الأمر لن يقع قبل فوات الأجل، أما إذا لم تحدد المدة فلا يتحقق الشرط إلا إذا أصبح مؤكدا أن الأمر لن يقع ، وهذا ما ينص عليه التشريع اللبناني في مادته 89، في حين لا يوجد نص مقابل في كل من التقنين المدني المصري والأردني.
ومن الحالات التي يجب على أساسها اعتبار الشرط متحققا أو متخلفا ما ورد في الفصل 119 من ق.ل.ع الذي يبين أن الشرط إذا كان يتطلب لتحققه مشاركة أحد من الغير، أو كان يتطلب لتحققه قيام الدائن بعمل ما ، فإنه يعتبر متخلفا إذا رفض الغير مشاركته أو لم يقم الدائن بالعمل المقصود ولو كان المانع راجعا لسبب لا دخل لإرادته فيه ، وهو نفس الحكم الذي تبناه المشرع المدني اللبناني بموجب المادة 90 منه .
فضلا عما سبق ذكره يعتبر الشرط متحققا رغم عدم تحققه في الواقع إذا كان المدين الملتزم تحت شرط قد حال من غير وجه حق دون تحقق الشرط ، أو كان قد ماطل في العمل على تحققه ، والملاحظ أن الفصل 122 ق.ل.ع اكتفى بتحقق الشرط إذا كان المانع قد حصل من المدين ، مع أنه قد يقع من الدائن، إذاك يمكن القول أنه على المدين أن يثبت أن الدائن هو الذي استعجل وقوع الأمر المعلق عليه الشرط، وعلى عكس المشرع المغربي نص المشرع الانجليزي على أنه إذا حيل دون تحقق الشرط بفعل أحد المتعاقدين ـ الدائن أو المدين ـ فإن هذا الفريق لا يمكن أن يستفيد من عدم تحقق الشرط. كما أن الملتزم ليس له أن يعمل على تحقق الشرط بطريق التدليس أوالغش إن كانت له مصلحة في تحققه فإن فعل، فإن الشرط يجرد من كل أثر ويعتبر متخلفا حسب منطوق الفصل 123 ق.ل.ع، وهذا ما أقرته المادة 132 من القانون المدني التونسي ، إذ ينطبق والقاعدة الفقهية القائلة بأن "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
الفقرة الثانية : آثار الشرط في مرحلة التعليق
تجدر الإشارة إلى أن فترة التعليق هي فترة مؤقتة بالضرورة، لابد أن تنتهي إذ يجب التمييز في هذه المرحلة بين آثار الشرط الواقف وآثار الشرط الفاسخ .
إن كان الشرط واقف : فإنه لا يترتب آثارا في فترة التعليق لأنه لم يوجد بعد، شأنه شأن الجنين في بطن أمه لا يستوي خلقا سويا إلا إذا ولد حيا ، فيبقى التزاما ناقصا غير نافذ ما دام الشرط المعلق عليه لم يتحقق ، ويترتب على ذلك عدة نتائج أهمها:
ـ الالتزام المعلق على شرط واقف هو التزام غير مستحق الأداء.
ـ كما أنه ليس للدائن أن يطلب التنفيذ الجبري ضد المدين ما دام الشرط في مرحلة التعليق.
ـ فضلا عن أنه لا يطاله التقادم المسقط لأنه ـ الالتزام المعلق على شرط واقف ـ غير مستحق الأداء.
وإذا كان الالتزام المعلق على شرط واقف هو التزام غير نافذ، فإنه التزام موجودا استجمع كافة أركانه ، إذ الملتزم تحت مثل هذا الشرط لا يستطيع الرجوع في التزامه ما لم يتخلف الشرط ، لذا فإن المشرع في الفصل 126 ق.ل.ع منح الدائن الحق في اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية لحقه، كما يبقى من حق الدائن التصرف في حقه، وفي حالة وفاته تنتقل حقوقه إلى ورثته ، وفي المقابل حضر المشرع على الملتزم بشرط واقف أن يجري في فترة التعليق أي عمل من شأنه أن يمنع على الدائن مباشرة الحقوق التي تثبت له عند تحقق الشرط طبقا للفصل125 ق.ل.ع.
إن كان الشرط فاسخ : إن آثار الشرط الفاسخ في فترة التعليق متمثلة في كونه التزام موجود ونافذ ، أي أنه ينتج آثاره فورا ، كما أنه التزام مهدد بالزوال وهذا هو مضمون الفصل 121 ق.ل.ع، ويترتب على ذلك أن هذا الالتزام يكون ـ طول فترة التعليق ـ في حكم الالتزام البسيط المنجز، وعليه فلدائن الحق في المطالبة بتنفيذ الالتزام طوعا أو عن طريق التنفيذ الجبري ، وله اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية لحفظ حقه (المادة 122 ق.ل.ع)، والالتزام المعلق على شرط فاسخ معرض لخطر الزوال ، فهو يستمر في إنتاج آثاره ، وتصبح هذه الأخيرة نهائية باتة إذا تخلف الشرط ، أما إذا تحقق الشرط فالالتزام الذي كان معلقا عليه يزول ويترتب عندها على الدائن أن يرد إلى المدين ما كان أخذه منه ، وإذا ما استحال الرد يكون الدائن ملزما بالتعويض.
الفقرة الثالثة : آثار تخلف الشرط أو تحققه
يترتب على تخلف الشرط الواقف زوال الالتزام الذي كان معلقا على تحققه ، إذ يعتبر هذا الالتزام كأن لم يكن ومجردا من كل أثر ، كما أن تخلف الشرط الفاسخ يترتب عليه استقرار الالتزام الذي كان زواله معلق على تحقق هذا الشرط ، إذ يضحي الالتزام باتا مستمرا في إنتاج آثاره ، وتصبح هذه الأخيرة نهائية. في هذا الصدد يطرح التساؤل حول الأثر الرجعي للشرط ؟
إن قاعدة الأثر الرجعي للشرط عند تحققه مستمدة من القانون الروماني ، لكن الاتجاه السائد في الفقه المعاصر يذهب إلى أن هذه القاعدة تجد أساسها في إرادة المتعاقدين، حيث ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن للمتعاقدين أن يستعبدا الرجعية باتفاقهما .
وإذا كانت بعض التشريعات كالفرنسي والمصري أخذت بالأثر الرجعي للشرط حالة تحققه ، إذ تنسحب آثاره إلى الوقت الذي نشأ فيه الالتزام ، فإن بعض التقنينات الحديثة كالألماني تخلت عن فكرة الأثر الرجعي للشرط، إذ أن وجود الالتزام أو زواله يكون في الوقت الذي يتحقق فيه الشرط لا من وقت نشوء الالتزام وقد تبنى مشرعنا المدني ما انتهى إليه التشريع الألماني بموجب الفصل 124 ق.ل.ع، هذا الأخير يبين أن المبدأ الذي يجب الاعتداد به هو الأثر الفوري للشرط.
وتجدر الإشارة إلى أن التقنيين الألماني أجاز للمتعاقدين الاتفاق على أن يكون للشرط أثر رجعي ، كما أن التقنين المصري وإن كان قد أقر بالأثر الرجعي للشرط حالة تحققه فقد أضاف إلى المادة 270 "إلا إذا تبين من إرادة المتعاقدين أو طبيعة العقد أن وجود الالتزام أو زواله إنما يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط".
وإذا كان المبدأ في التشريع المغربي أن للشرط إذا تحقق أثر فوري ، فإن الفصل 124 ق.ل.ع جعل لهذا المبدأ استثناءات هامان متمثلان في إرادة المتعاقدين في استبعاد الأثر الفوري للشرط وإعطائه أثر رجعيا ، وكذا إن اقتضت طبيعة العقد ذلك كما في العقد الزمني ، كما يترتب على تحقق الشرط الواقف عدة نتائج بينتها المادة 120 و 125 من ق.ل.ع.

3.أرسلت من قبل اشهيهب محمد طالب باحث - ماستر قانون الشغل و العلاقات المهنية - كلية الحقوق سلا في 17/12/2014 20:26
مقــدمة :
لم يكن غريبا أن تنال نظرية الالتزام اهتماما بالغا سواء من جانب الفقه القانوني الكلاسيكي أو الحديث الذي حاول ربط هذه الظاهرة القانونية بمختلف الظواهر الاقتصادية والاجتماعية.
فقد أجمع الكل على أهمية هذه النظرية بالنسبة لجل مجالات القانون باعتبارها أصلح النظريات القانونية ميدانا للتفكير المنطقي لما تتميز به أحكامها من تجريد وعمومية، لذلك اعتبرت نظرية الالتزام أداة رياضية فكرية لاكتساب ما يعرف "بالملكية القانونية".
وعلى الرغم مما عرف عن نظرية الالتزام من استقرار نسبي خلال مراحل تطورها التاريخي فقد كان حتميا أن تتدخل العديد من التأثيرات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والخلقية لتطوير وإغناء أحكامها ، سواء تلك المتعلقة بالقواعد العامة لنشأة الالتزامات أو تلك المرتبطة بالأوصاف التي ترد على الالتزامات، والالتزام باعتباره وضع قانوني يكون بمقتضاه شخص معين مكلف بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل ، إذ يتكون هذا الالتزام من عناصر ثلاثة :
رابطة قانونية وهي التي تربط المدين بالدائن ، وهناك محل الالتزام وهو الشيء الذي يلتزم المدين بأدائه للدائن ، وأخيرا طرفا الالتزام وهما الدائن والمدين.
والالتزام الذي بسطنا عناصره هنا هو التزام في صورته البسيطة، ومتى لحق هذه العناصر وصف ما فالحال هنا يتعلق بأوصاف الالتزام، والتي تختلف ما بين تلك التي تتعلق بالرابطة القانونية : الشرط والأجل.
وتلك التي تتعلق بمحل الالتزام: الالتزام التخييري ، البدلي ، المتعدد المحل.
وتلك المتعلقة بأطراف الالتزام : الالتزام التضامني ، والالتزام المتعدد الأطراف والالتزام القابل وغير القابل للانقسام.
انطلاقا مما سبق يمكن طرح الإشكالية التالية :
إلى أي حد توفق المشرع المغربي في تنظيم أحكام أوصاف الالتزام بحيث يضمن التوازن ما بين أطراف العلاقة العقدية من جهة، ومن جهة ثانية جعل هذه الأحكام تستجيب لمختلف التأثيرات التي يمكن أن تفزها الحياة الاجتماعية والاقتصادية؟
وللإحاطة بالإشكالية ارتأينا نهج التصميم الآتي :
المبحث الأول : الأوصاف التي تلحق الرابطة القانونية.
• المطلب الأول : الشرط.
• المطلب الثاني : الأجل.
المبحث الثاني : الأوصاف التي تلحق محل الالتزام .
• المطلب الأول : الالتزام التخييري
• المطلب الثاني : الالتزام البدلي والمتعدد المحل.
المبحث الثالث : الأوصاف التي تلحق أطراف الالتزام .
• المطلب الأول : الالتزام المتعدد الأطراف والقابل وغير القابل للانقسام.
• المطلب الثاني : الالتزام التضامني.






المبحث الأول : الأوصاف التي تلحق الرابطة القانونية
الـمطلب الأول : الشـــــــرط
الفقرة الأولى : تعريف الشرط ومقوماته :
الشرط عنصر عرضي خارج عن أركان الالتزام تضيفه الإرادة إلى التزام استكمل كل العناصر التي يشترطها القانون، وقد عرفه الفقه بأنه ما يتوقف وجود الشيء على وجوده وكان خارجا عن حقيقته أو ماهيته، ولا يلزم من وجوده وجود الشيء ولكن يلزم من عدمه عدم ذلك الشيء، لذا فالوصف الذي يحلق الرابطة القانونية التي تربط المدين بالدائن ، قد يجعل هذه الرابطة أو زوالها غير محقق ، لأنه علق على حدوث أمر مستقبل قد يقع وقد لا يقع، فالوصف في هذه الحالة يطلق عليه اسم شرط ، وقد أفرد المشرع المدني لبحث الشرط الفصول من 107 إلى 126 قانون الالتزامات والعقود، ويلاحظ أن وصف الشرط يرد على جميع الحقوق الشخصية والعينية والذهنية وهي كلها حقوق مالية، أما الحقوق غير المالية خاصة المتعلقة بالأحوال الشخصية ، فهي لا تقبل التعليق على الشرط .
بالرجوع إلى الفصل 107 من قانون الالتزامات والعقود نجده يعرف الشرط بكونه: "تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل لم يقع وغير محقق الوقوع، إما وجود الالتزام وإما زواله" .
فالشرط إذن أمر مستقبل لم يقع بعد يعلق عليه وجود الالتزام فيسمى شرطا واقفا، أو يعلق عليه زوال الالتزام فيطلق عليه شرطا فاسخا، ويمكن أن يوجد هذا الشرط في عقد أو تصرف بإرادة متفردة.
إذا كانت المادة 107 من ق.ل.ع تتطلب في الشرط أن يكون أمرا مستقلا وغير محقق الوقوع، فإن المادة 108 من نفس القانون ألزمت أن يكون الشرط غير مستحيل وغير مخالف للقانون أو الآداب العامة، مع ملاحظة أن الشرط الذي تجمعت فيه هذه المقومات لابد حتى يعتد به أن لا تنعدم الفائدة منه وإلا وجب اعتبار الشرط كأن لم يكن والالتزام المعلق عليه التزاما منجزا ، فالشرط إذن يجب أن يكون أمرا مستقبلا، وهذا يعني استبعاد الأمر الماضي والحاضر حتى ولو كان مجهولا من أحد طرفي الالتزام أو كلاهما وقت التعامل، والأمر المستقبل قد يكون إيجابيا كما يمكن أن يكون سلبيا، ويسري نفس الحكم في كلتا الحالتين مع وجود فارق عملي يبرز من ناحية تقدير الوقت الذي يعتبر فيه الشرط متحققا أو متخلفا ، فالأمر الإيجابي تكون مدته عادة قصيرة، أما إذا كان الأمر سلبيا فالمدة غالبا ما تكون طويلة.
ومن مقومات الشرط كذلك أن يكون الأمر المستقبل غير محقق الوقوع ، أي أن وقوعه من عدمه أمر محتمل وغير أكيد ، وهذا ما ذهب إليه التشريع المدني الأردني ، حيث أنه إذا كان ـ الأمر ـ محقق الوقوع، فإنه سيفتقر إلى عنصر الجهالة والشك وهو عنصر لا يقوم الشرط بدونه ، إلا أن الشك حسب بعض الفقه لا يمكن أن يعد كل جوهر الشرط ، وإنما يعد من جوهره فقط ، وهذا التحديد ينسجم مع ما ذهب إليه الأستاذ محمد شتا أبو سعد بأن "الأصل في التعليق ألا يكون في المتردد بين الوقوع وعدمه".
وفضلا عن الشرطين السالفي الذكر يضيف الفصل 108 ق.ل.ع أن يكون الشرط أمرا غير مستحيل الوقوع وغير مخالف للقانون أو الأخلاق الحميدة، وهكذا فالاستحالة إما أن تكون مادية طبيعية ، وإما أن تكون استحالة قانونية ، وفي كلتا الحالتين يجب أن تكون استحالة مطلقة لا نسبية، هذه الأخيرة لا تجعل الشرط باطلا، كما أن العبرة في تقدير الاستحالة هي الوقت الذي اشترط فيه وهذا هو مفهوم الفقرة الثانية من الفصل 108 ق.ل.ع.
كما أنه يجب أن يكون الشرط أمر غير مخالف للقانون أو الآداب العامة، فالشرط المخالف للقانون شرط غير مشروع يقع باطلا ويبطل الالتزام المعلق عليه، كما أن الشرط المخالف للآداب العامة هو الذي يرمي إلى حمل شخص على القيام بعمل ينافي القواعد الأخلاقية الواجب صيانتها وحمايتها، فيكون باطلا ويسقط الالتزام المعلق عليه ، وتبقى السلطة التقديرية للقضاء في تكييف عدم مطابقة الشرط للآداب العامة تبعا لحاجات العصر وأخلاقه وحسب نظرة المجتمع إلى الحياة والأمور .
وجدير بالذكر أن انعدام الفائدة من الشرط يوجب اعتباره كأن لم يكن والالتزام المعلق عليه التزاما منجزا ، فماهي إذن مختلف أنواع الشرط كوصف للالتزام؟ (الفقرة الثانية).
الفقرة الثانية : مختلف أنواع الشرط
لا مِراء أن الشرط على أنواع مختلفة، فهو ينقسم من حيث أثره إلى واقف وفاسخ -أولا-، أما إذا نظرنا إليه من حيث تعلقه بإرادة طرفي الالتزام فإما أن يكون شرط غير إرادي أو متروك للصدفة وإما أن يكون شرطا إراديا كما قد يكون شرط مختلطا ـ ثانيا ـ ، ومن حيث دور الإرادة فيه فينقسم إلى شرط إرادي بسيط وشرط إرادي محض ـ ثالثا ـ .
أولا : الشرط الواقف والفاسخ
ينقسم الشرط من حيث الآثار التي تترتب عليه إلى قسمين هما :
الشرط الواقف : هو الذي يتوقف عليه وجود الالتزام، فعندما يتحقق الشرط الواقف الذي يعلق عليه نشوء التصرف ينشأ الالتزام في ذمة المتعاقد ، وإذا تخلف الشرط لا ينشأ الالتزام ولم يخرج إلى الوجود.
الشرط الفاسخ : هو الذي يتوقف عليه زوال الالتزام ، فعندما يكون زوال الحق أو الالتزام معلقا على تحقق الشرط ، فهذا الأخير يعتبر شرطا فاسخا يؤدي تحققه إلى زوال الالتزام واعتباره كأن لم يكن ، وإذا تخلف أصبح الالتزام باتا .
ثانيا : الشرط الاحتمالي والشرط الإرادي والشرط المختلط
من خلال استقراء مقتضيات المادة 112 من ق.ل.ع يتضح أنه قد يكون تحقق الشرط أو تخلفه متروكا إلى مجرد الصدفة دون أن تلعب إرادة أحد طرفي الالتزام دورا في تحققه أو تخلفه، فالشرط غير إرادي شرط يتكون من واقعة تقوم بذاتها ولا تخضع لغير قانونها ، وذلك لا يكون تحققها أو تخلفها منوطا أو خاضعا لإرادة أحد المتعاقدين أو من الغير ، لأن الأمر الذي يتوقف عليه ليس باستطاعة الدائن ولا المدين تحقيقه أو الحيلولة دون تحقيقه ، ويرجع هذا التقسيم في أصوله إلى الرومان الذين عدوا الشرط احتماليا إذا كان لا يعتمد في تحققه على الإرادة بل على محض الصدفة، وهذا ما تبناه المشرع الفرنسي إذ حدد للشرط الاحتمالي حدا معينا تمثل في اعتماده على الصدفة والاحتمال دونما توقف على إرادة المدين أو الدائن .
أما بخصوص الشرط الإرادي فهو الذي يكون تحققه مرهون بإرادة أحد الطرفين وهذا هو مضمون الفقرة الأولى الفصل 112 ق.ل.ع، وهو نفس النهج الذي سار عليه التقنين المصري في المادة 267 ، والشرط الإداري إما أن يكون شرطا إراديا بسيطا أو شرطا إراديا محضا. فالأول يتوقف أمر تحققه أو تخلفه على إرادة أحد طرفي الالتزام ، إلا أن تدخل هذه الإرادة ليس مطلقا بل هي أسيرة مؤثرات وملابسات تحيط بها على حد تعبير الأستاذ مـأمون الكزبري ، فالشرط الإرادي البسيط صحيح سواء تعلق بإرادة الدائن أو المدين أكان الشرط واقفا أو فاسخا ، أما بخصوص الشرط الإرادي المحض فهو المعلق على محض إرادة صاحب العلاقة، إذ لا يستلزم لتحققه إلا مجرد إعلان أو تعبير عن الإرادة من جانب أحد طرفي الالتزام .
وإذا توقف الشرط على محض إرادة المدين وحده وكان الشرط واقفا فمصيره البطلان والتصرف كذلك . أما إذا كان الشرط معلقا على محض إرادة المدين وحده وكان الشرط فاسخا وقع صحيحا، وهذا ما أكده القضاء في إحدى قراراته ونفس الحكم في حالة الشرط المحض المعلق على إرادة الدائن وحده.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره يجوز لكل من الطرفين أو لأحدهما أن يحتفظ لنفسه بالحق في أن يصرح خلال أجل محدد بما إذا كان يريد الإبقاء على العقد أو يريد فسخه، ولئن كان يسوغ مبدئيا الاحتفاظ بخيار الفسخ في سائر التصرفات المالية، فإن بعض التصرفات مستثناة من ذلك بمقتضى المادة 112 من ق.ل.ع .
أما بالنسبة للشرط المختلط فهو الذي يختلط في تحققه أو تخلفه إرادة أحد المتعاقدين مع عامل خارجي عنها كمجرد الصدفة أو إرادة الغير ، والشرط المختلط هو شرط صحيح، فإذا كان يتوقف إلى حد ما على إرادة أحد طرفي الالتزام فهو رهين بعنصر خارج عن هذه الإدارة يجعل تحققه أمرا محتملا لا محققا ولا مستحيلا . فها هي الآثار المرتبة عن الشرط؟
المطلب الثاني : آثـــار الشـــــرط :
قبل الحديث عن آثار الشرط في مرحلة التعليق (فقرة ثانية) ومناقشة آثاره حالة تخلفه أو تحققه (فقرة ثالثة) ، لا بد أن نميز بين عدة حالات يعتبر فيها الشرط متحققا أو متخلفا (فقرة أولى) .
الفقرة الأولى : وجوب التمييز بين حالات يعتبر فيها الشرط متحققا أو متخلفا
لئن كان مشرعنا المدني بين الأحكام التي على أساسها اعتبار الشرط متحققا أو متخلفا فإنه فرق بين أن يكون الشرط عبارة عن حصول أمر من عدمه، وأوضح أن يتطلب لتحققه مشاركة أحد من الغير أو إجراء عمل من الدائن ، ثم أضاف إلى هذه الحالات الحالة التي يتحقق فيها الشرط أو يتخلف بطريق الغش.
فبالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 117 ق.ل.ع نجده يتضمن حكما مفاده أن الشرط إذا كان إيجابيا ومعلقا على وقوع حادث ، وقد تحدد لوقوعه أجل ما وانقضى ذلك الأجل دون أن يقع الأمر، اعتبر الشرط غير محقق ، لكن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد يتمثل فيما إذا كان يتوجب وقوع الأمر المعلق الشرط عليه في صورته التي عينها المتعاقدان في العمل القانوني الذي اتفق عليه ، أم يجوز التساهل في ذلك ويكتفي بما يقابلـه؟
يجيبنا عن هذا الإشكال القانون المدني الفرنسي الذي حاول أن يضع حدا لكل خلافا بهذا الشأن إذ نص على وجوب وقوع الأمر المعلق عليه الشرط في صورته الحقيقية التي أرادها المتعاقدان أو يفهم أنهما أرادها .
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تحدد مدة لتحقق الشرط فإذا انقضت المدة دون تحققه اعتبر الشرط متخلفا، ويمتنع على المحكمة أن تمد في الأجل المضروب ، وإذا لم تحدد مدة لتحقق الشرط أمكن أن يتحقق في أي وقت، وبالمقابل يعتبر متخلفا إذا أصبح من المؤكد عدم وقوع الحادث.
أما بخصوص الحالة التي يكون فيها الشرط عبارة عن عدم حصول أمر فقد أوضحها الفصل 118 ق.ل.ع ، حيث أنه إذا علق الالتزام على شرط عدم وقوع أمر في وقت محدد ، فإن الشرط يتحقق إذا مضت المدة من غير أن يقع الأمر ، ويتحقق كذلك إذا أصبح مؤكد أن الأمر لن يقع قبل فوات الأجل، أما إذا لم تحدد المدة فلا يتحقق الشرط إلا إذا أصبح مؤكدا أن الأمر لن يقع ، وهذا ما ينص عليه التشريع اللبناني في مادته 89، في حين لا يوجد نص مقابل في كل من التقنين المدني المصري والأردني.
ومن الحالات التي يجب على أساسها اعتبار الشرط متحققا أو متخلفا ما ورد في الفصل 119 من ق.ل.ع الذي يبين أن الشرط إذا كان يتطلب لتحققه مشاركة أحد من الغير، أو كان يتطلب لتحققه قيام الدائن بعمل ما ، فإنه يعتبر متخلفا إذا رفض الغير مشاركته أو لم يقم الدائن بالعمل المقصود ولو كان المانع راجعا لسبب لا دخل لإرادته فيه ، وهو نفس الحكم الذي تبناه المشرع المدني اللبناني بموجب المادة 90 منه .
فضلا عما سبق ذكره يعتبر الشرط متحققا رغم عدم تحققه في الواقع إذا كان المدين الملتزم تحت شرط قد حال من غير وجه حق دون تحقق الشرط ، أو كان قد ماطل في العمل على تحققه ، والملاحظ أن الفصل 122 ق.ل.ع اكتفى بتحقق الشرط إذا كان المانع قد حصل من المدين ، مع أنه قد يقع من الدائن، إذاك يمكن القول أنه على المدين أن يثبت أن الدائن هو الذي استعجل وقوع الأمر المعلق عليه الشرط، وعلى عكس المشرع المغربي نص المشرع الانجليزي على أنه إذا حيل دون تحقق الشرط بفعل أحد المتعاقدين ـ الدائن أو المدين ـ فإن هذا الفريق لا يمكن أن يستفيد من عدم تحقق الشرط. كما أن الملتزم ليس له أن يعمل على تحقق الشرط بطريق التدليس أوالغش إن كانت له مصلحة في تحققه فإن فعل، فإن الشرط يجرد من كل أثر ويعتبر متخلفا حسب منطوق الفصل 123 ق.ل.ع، وهذا ما أقرته المادة 132 من القانون المدني التونسي ، إذ ينطبق والقاعدة الفقهية القائلة بأن "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
الفقرة الثانية : آثار الشرط في مرحلة التعليق
تجدر الإشارة إلى أن فترة التعليق هي فترة مؤقتة بالضرورة، لابد أن تنتهي إذ يجب التمييز في هذه المرحلة بين آثار الشرط الواقف وآثار الشرط الفاسخ .
إن كان الشرط واقف : فإنه لا يترتب آثارا في فترة التعليق لأنه لم يوجد بعد، شأنه شأن الجنين في بطن أمه لا يستوي خلقا سويا إلا إذا ولد حيا ، فيبقى التزاما ناقصا غير نافذ ما دام الشرط المعلق عليه لم يتحقق ، ويترتب على ذلك عدة نتائج أهمها:
ـ الالتزام المعلق على شرط واقف هو التزام غير مستحق الأداء.
ـ كما أنه ليس للدائن أن يطلب التنفيذ الجبري ضد المدين ما دام الشرط في مرحلة التعليق.
ـ فضلا عن أنه لا يطاله التقادم المسقط لأنه ـ الالتزام المعلق على شرط واقف ـ غير مستحق الأداء.
وإذا كان الالتزام المعلق على شرط واقف هو التزام غير نافذ، فإنه التزام موجودا استجمع كافة أركانه ، إذ الملتزم تحت مثل هذا الشرط لا يستطيع الرجوع في التزامه ما لم يتخلف الشرط ، لذا فإن المشرع في الفصل 126 ق.ل.ع منح الدائن الحق في اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية لحقه، كما يبقى من حق الدائن التصرف في حقه، وفي حالة وفاته تنتقل حقوقه إلى ورثته ، وفي المقابل حضر المشرع على الملتزم بشرط واقف أن يجري في فترة التعليق أي عمل من شأنه أن يمنع على الدائن مباشرة الحقوق التي تثبت له عند تحقق الشرط طبقا للفصل125 ق.ل.ع.
إن كان الشرط فاسخ : إن آثار الشرط الفاسخ في فترة التعليق متمثلة في كونه التزام موجود ونافذ ، أي أنه ينتج آثاره فورا ، كما أنه التزام مهدد بالزوال وهذا هو مضمون الفصل 121 ق.ل.ع، ويترتب على ذلك أن هذا الالتزام يكون ـ طول فترة التعليق ـ في حكم الالتزام البسيط المنجز، وعليه فلدائن الحق في المطالبة بتنفيذ الالتزام طوعا أو عن طريق التنفيذ الجبري ، وله اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية لحفظ حقه (المادة 122 ق.ل.ع)، والالتزام المعلق على شرط فاسخ معرض لخطر الزوال ، فهو يستمر في إنتاج آثاره ، وتصبح هذه الأخيرة نهائية باتة إذا تخلف الشرط ، أما إذا تحقق الشرط فالالتزام الذي كان معلقا عليه يزول ويترتب عندها على الدائن أن يرد إلى المدين ما كان أخذه منه ، وإذا ما استحال الرد يكون الدائن ملزما بالتعويض.
الفقرة الثالثة : آثار تخلف الشرط أو تحققه
يترتب على تخلف الشرط الواقف زوال الالتزام الذي كان معلقا على تحققه ، إذ يعتبر هذا الالتزام كأن لم يكن ومجردا من كل أثر ، كما أن تخلف الشرط الفاسخ يترتب عليه استقرار الالتزام الذي كان زواله معلق على تحقق هذا الشرط ، إذ يضحي الالتزام باتا مستمرا في إنتاج آثاره ، وتصبح هذه الأخيرة نهائية. في هذا الصدد يطرح التساؤل حول الأثر الرجعي للشرط ؟
إن قاعدة الأثر الرجعي للشرط عند تحققه مستمدة من القانون الروماني ، لكن الاتجاه السائد في الفقه المعاصر يذهب إلى أن هذه القاعدة تجد أساسها في إرادة المتعاقدين، حيث ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن للمتعاقدين أن يستعبدا الرجعية باتفاقهما .
وإذا كانت بعض التشريعات كالفرنسي والمصري أخذت بالأثر الرجعي للشرط حالة تحققه ، إذ تنسحب آثاره إلى الوقت الذي نشأ فيه الالتزام ، فإن بعض التقنينات الحديثة كالألماني تخلت عن فكرة الأثر الرجعي للشرط، إذ أن وجود الالتزام أو زواله يكون في الوقت الذي يتحقق فيه الشرط لا من وقت نشوء الالتزام وقد تبنى مشرعنا المدني ما انتهى إليه التشريع الألماني بموجب الفصل 124 ق.ل.ع، هذا الأخير يبين أن المبدأ الذي يجب الاعتداد به هو الأثر الفوري للشرط.
وتجدر الإشارة إلى أن التقنيين الألماني أجاز للمتعاقدين الاتفاق على أن يكون للشرط أثر رجعي ، كما أن التقنين المصري وإن كان قد أقر بالأثر الرجعي للشرط حالة تحققه فقد أضاف إلى المادة 270 "إلا إذا تبين من إرادة المتعاقدين أو طبيعة العقد أن وجود الالتزام أو زواله إنما يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط".
وإذا كان المبدأ في التشريع المغربي أن للشرط إذا تحقق أثر فوري ، فإن الفصل 124 ق.ل.ع جعل لهذا المبدأ استثناءات هامان متمثلان في إرادة المتعاقدين في استبعاد الأثر الفوري للشرط وإعطائه أثر رجعيا ، وكذا إن اقتضت طبيعة العقد ذلك كما في العقد الزمني ، كما يترتب على تحقق الشرط الواقف عدة نتائج بينتها المادة 120 و 125 من ق.ل.ع.

4.أرسلت من قبل اشهيهب محمد طالب باحث - ماستر قانون الشغل و العلاقات المهنية - كلية الحقوق سلا في 17/12/2014 20:37
أوصاف الإلتزام في القانون المدني المغربي

مقــدمة :
لم يكن غريبا أن تنال نظرية الالتزام اهتماما بالغا سواء من جانب الفقه القانوني الكلاسيكي أو الحديث الذي حاول ربط هذه الظاهرة القانونية بمختلف الظواهر الاقتصادية والاجتماعية.
فقد أجمع الكل على أهمية هذه النظرية بالنسبة لجل مجالات القانون باعتبارها أصلح النظريات القانونية ميدانا للتفكير المنطقي لما تتميز به أحكامها من تجريد وعمومية، لذلك اعتبرت نظرية الالتزام أداة رياضية فكرية لاكتساب ما يعرف "بالملكية القانونية".
وعلى الرغم مما عرف عن نظرية الالتزام من استقرار نسبي خلال مراحل تطورها التاريخي فقد كان حتميا أن تتدخل العديد من التأثيرات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والخلقية لتطوير وإغناء أحكامها ، سواء تلك المتعلقة بالقواعد العامة لنشأة الالتزامات أو تلك المرتبطة بالأوصاف التي ترد على الالتزامات، والالتزام باعتباره وضع قانوني يكون بمقتضاه شخص معين مكلف بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل ، إذ يتكون هذا الالتزام من عناصر ثلاثة :
رابطة قانونية وهي التي تربط المدين بالدائن ، وهناك محل الالتزام وهو الشيء الذي يلتزم المدين بأدائه للدائن ، وأخيرا طرفا الالتزام وهما الدائن والمدين.
والالتزام الذي بسطنا عناصره هنا هو التزام في صورته البسيطة، ومتى لحق هذه العناصر وصف ما فالحال هنا يتعلق بأوصاف الالتزام، والتي تختلف ما بين تلك التي تتعلق بالرابطة القانونية : الشرط والأجل.
وتلك التي تتعلق بمحل الالتزام: الالتزام التخييري ، البدلي ، المتعدد المحل.
وتلك المتعلقة بأطراف الالتزام : الالتزام التضامني ، والالتزام المتعدد الأطراف والالتزام القابل وغير القابل للانقسام.
انطلاقا مما سبق يمكن طرح الإشكالية التالية :
إلى أي حد توفق المشرع المغربي في تنظيم أحكام أوصاف الالتزام بحيث يضمن التوازن ما بين أطراف العلاقة العقدية من جهة، ومن جهة ثانية جعل هذه الأحكام تستجيب لمختلف التأثيرات التي يمكن أن تفزها الحياة الاجتماعية والاقتصادية؟
وللإحاطة بالإشكالية ارتأينا نهج التصميم الآتي :
المبحث الأول : الأوصاف التي تلحق الرابطة القانونية.
• المطلب الأول : الشرط.
• المطلب الثاني : الأجل.
المبحث الثاني : الأوصاف التي تلحق محل الالتزام .
• المطلب الأول : الالتزام التخييري
• المطلب الثاني : الالتزام البدلي والمتعدد المحل.
المبحث الثالث : الأوصاف التي تلحق أطراف الالتزام .
• المطلب الأول : الالتزام المتعدد الأطراف والقابل وغير القابل للانقسام.
• المطلب الثاني : الالتزام التضامني.






المبحث الأول : الأوصاف التي تلحق الرابطة القانونية
الـمطلب الأول : الشـــــــرط
الفقرة الأولى : تعريف الشرط ومقوماته :
الشرط عنصر عرضي خارج عن أركان الالتزام تضيفه الإرادة إلى التزام استكمل كل العناصر التي يشترطها القانون، وقد عرفه الفقه بأنه ما يتوقف وجود الشيء على وجوده وكان خارجا عن حقيقته أو ماهيته، ولا يلزم من وجوده وجود الشيء ولكن يلزم من عدمه عدم ذلك الشيء، لذا فالوصف الذي يحلق الرابطة القانونية التي تربط المدين بالدائن ، قد يجعل هذه الرابطة أو زوالها غير محقق ، لأنه علق على حدوث أمر مستقبل قد يقع وقد لا يقع، فالوصف في هذه الحالة يطلق عليه اسم شرط ، وقد أفرد المشرع المدني لبحث الشرط الفصول من 107 إلى 126 قانون الالتزامات والعقود، ويلاحظ أن وصف الشرط يرد على جميع الحقوق الشخصية والعينية والذهنية وهي كلها حقوق مالية، أما الحقوق غير المالية خاصة المتعلقة بالأحوال الشخصية ، فهي لا تقبل التعليق على الشرط .
بالرجوع إلى الفصل 107 من قانون الالتزامات والعقود نجده يعرف الشرط بكونه: "تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل لم يقع وغير محقق الوقوع، إما وجود الالتزام وإما زواله" .
فالشرط إذن أمر مستقبل لم يقع بعد يعلق عليه وجود الالتزام فيسمى شرطا واقفا، أو يعلق عليه زوال الالتزام فيطلق عليه شرطا فاسخا، ويمكن أن يوجد هذا الشرط في عقد أو تصرف بإرادة متفردة.
إذا كانت المادة 107 من ق.ل.ع تتطلب في الشرط أن يكون أمرا مستقلا وغير محقق الوقوع، فإن المادة 108 من نفس القانون ألزمت أن يكون الشرط غير مستحيل وغير مخالف للقانون أو الآداب العامة، مع ملاحظة أن الشرط الذي تجمعت فيه هذه المقومات لابد حتى يعتد به أن لا تنعدم الفائدة منه وإلا وجب اعتبار الشرط كأن لم يكن والالتزام المعلق عليه التزاما منجزا ، فالشرط إذن يجب أن يكون أمرا مستقبلا، وهذا يعني استبعاد الأمر الماضي والحاضر حتى ولو كان مجهولا من أحد طرفي الالتزام أو كلاهما وقت التعامل، والأمر المستقبل قد يكون إيجابيا كما يمكن أن يكون سلبيا، ويسري نفس الحكم في كلتا الحالتين مع وجود فارق عملي يبرز من ناحية تقدير الوقت الذي يعتبر فيه الشرط متحققا أو متخلفا ، فالأمر الإيجابي تكون مدته عادة قصيرة، أما إذا كان الأمر سلبيا فالمدة غالبا ما تكون طويلة.
ومن مقومات الشرط كذلك أن يكون الأمر المستقبل غير محقق الوقوع ، أي أن وقوعه من عدمه أمر محتمل وغير أكيد ، وهذا ما ذهب إليه التشريع المدني الأردني ، حيث أنه إذا كان ـ الأمر ـ محقق الوقوع، فإنه سيفتقر إلى عنصر الجهالة والشك وهو عنصر لا يقوم الشرط بدونه ، إلا أن الشك حسب بعض الفقه لا يمكن أن يعد كل جوهر الشرط ، وإنما يعد من جوهره فقط ، وهذا التحديد ينسجم مع ما ذهب إليه الأستاذ محمد شتا أبو سعد بأن "الأصل في التعليق ألا يكون في المتردد بين الوقوع وعدمه".
وفضلا عن الشرطين السالفي الذكر يضيف الفصل 108 ق.ل.ع أن يكون الشرط أمرا غير مستحيل الوقوع وغير مخالف للقانون أو الأخلاق الحميدة، وهكذا فالاستحالة إما أن تكون مادية طبيعية ، وإما أن تكون استحالة قانونية ، وفي كلتا الحالتين يجب أن تكون استحالة مطلقة لا نسبية، هذه الأخيرة لا تجعل الشرط باطلا، كما أن العبرة في تقدير الاستحالة هي الوقت الذي اشترط فيه وهذا هو مفهوم الفقرة الثانية من الفصل 108 ق.ل.ع.
كما أنه يجب أن يكون الشرط أمر غير مخالف للقانون أو الآداب العامة، فالشرط المخالف للقانون شرط غير مشروع يقع باطلا ويبطل الالتزام المعلق عليه، كما أن الشرط المخالف للآداب العامة هو الذي يرمي إلى حمل شخص على القيام بعمل ينافي القواعد الأخلاقية الواجب صيانتها وحمايتها، فيكون باطلا ويسقط الالتزام المعلق عليه ، وتبقى السلطة التقديرية للقضاء في تكييف عدم مطابقة الشرط للآداب العامة تبعا لحاجات العصر وأخلاقه وحسب نظرة المجتمع إلى الحياة والأمور .
وجدير بالذكر أن انعدام الفائدة من الشرط يوجب اعتباره كأن لم يكن والالتزام المعلق عليه التزاما منجزا ، فماهي إذن مختلف أنواع الشرط كوصف للالتزام؟ (الفقرة الثانية).
الفقرة الثانية : مختلف أنواع الشرط
لا مِراء أن الشرط على أنواع مختلفة، فهو ينقسم من حيث أثره إلى واقف وفاسخ -أولا-، أما إذا نظرنا إليه من حيث تعلقه بإرادة طرفي الالتزام فإما أن يكون شرط غير إرادي أو متروك للصدفة وإما أن يكون شرطا إراديا كما قد يكون شرط مختلطا ـ ثانيا ـ ، ومن حيث دور الإرادة فيه فينقسم إلى شرط إرادي بسيط وشرط إرادي محض ـ ثالثا ـ .
أولا : الشرط الواقف والفاسخ
ينقسم الشرط من حيث الآثار التي تترتب عليه إلى قسمين هما :
الشرط الواقف : هو الذي يتوقف عليه وجود الالتزام، فعندما يتحقق الشرط الواقف الذي يعلق عليه نشوء التصرف ينشأ الالتزام في ذمة المتعاقد ، وإذا تخلف الشرط لا ينشأ الالتزام ولم يخرج إلى الوجود.
الشرط الفاسخ : هو الذي يتوقف عليه زوال الالتزام ، فعندما يكون زوال الحق أو الالتزام معلقا على تحقق الشرط ، فهذا الأخير يعتبر شرطا فاسخا يؤدي تحققه إلى زوال الالتزام واعتباره كأن لم يكن ، وإذا تخلف أصبح الالتزام باتا .
ثانيا : الشرط الاحتمالي والشرط الإرادي والشرط المختلط
من خلال استقراء مقتضيات المادة 112 من ق.ل.ع يتضح أنه قد يكون تحقق الشرط أو تخلفه متروكا إلى مجرد الصدفة دون أن تلعب إرادة أحد طرفي الالتزام دورا في تحققه أو تخلفه، فالشرط غير إرادي شرط يتكون من واقعة تقوم بذاتها ولا تخضع لغير قانونها ، وذلك لا يكون تحققها أو تخلفها منوطا أو خاضعا لإرادة أحد المتعاقدين أو من الغير ، لأن الأمر الذي يتوقف عليه ليس باستطاعة الدائن ولا المدين تحقيقه أو الحيلولة دون تحقيقه ، ويرجع هذا التقسيم في أصوله إلى الرومان الذين عدوا الشرط احتماليا إذا كان لا يعتمد في تحققه على الإرادة بل على محض الصدفة، وهذا ما تبناه المشرع الفرنسي إذ حدد للشرط الاحتمالي حدا معينا تمثل في اعتماده على الصدفة والاحتمال دونما توقف على إرادة المدين أو الدائن .
أما بخصوص الشرط الإرادي فهو الذي يكون تحققه مرهون بإرادة أحد الطرفين وهذا هو مضمون الفقرة الأولى الفصل 112 ق.ل.ع، وهو نفس النهج الذي سار عليه التقنين المصري في المادة 267 ، والشرط الإداري إما أن يكون شرطا إراديا بسيطا أو شرطا إراديا محضا. فالأول يتوقف أمر تحققه أو تخلفه على إرادة أحد طرفي الالتزام ، إلا أن تدخل هذه الإرادة ليس مطلقا بل هي أسيرة مؤثرات وملابسات تحيط بها على حد تعبير الأستاذ مـأمون الكزبري ، فالشرط الإرادي البسيط صحيح سواء تعلق بإرادة الدائن أو المدين أكان الشرط واقفا أو فاسخا ، أما بخصوص الشرط الإرادي المحض فهو المعلق على محض إرادة صاحب العلاقة، إذ لا يستلزم لتحققه إلا مجرد إعلان أو تعبير عن الإرادة من جانب أحد طرفي الالتزام .
وإذا توقف الشرط على محض إرادة المدين وحده وكان الشرط واقفا فمصيره البطلان والتصرف كذلك . أما إذا كان الشرط معلقا على محض إرادة المدين وحده وكان الشرط فاسخا وقع صحيحا، وهذا ما أكده القضاء في إحدى قراراته ونفس الحكم في حالة الشرط المحض المعلق على إرادة الدائن وحده.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره يجوز لكل من الطرفين أو لأحدهما أن يحتفظ لنفسه بالحق في أن يصرح خلال أجل محدد بما إذا كان يريد الإبقاء على العقد أو يريد فسخه، ولئن كان يسوغ مبدئيا الاحتفاظ بخيار الفسخ في سائر التصرفات المالية، فإن بعض التصرفات مستثناة من ذلك بمقتضى المادة 112 من ق.ل.ع .
أما بالنسبة للشرط المختلط فهو الذي يختلط في تحققه أو تخلفه إرادة أحد المتعاقدين مع عامل خارجي عنها كمجرد الصدفة أو إرادة الغير ، والشرط المختلط هو شرط صحيح، فإذا كان يتوقف إلى حد ما على إرادة أحد طرفي الالتزام فهو رهين بعنصر خارج عن هذه الإدارة يجعل تحققه أمرا محتملا لا محققا ولا مستحيلا . فها هي الآثار المرتبة عن الشرط؟
المطلب الثاني : آثـــار الشـــــرط :
قبل الحديث عن آثار الشرط في مرحلة التعليق (فقرة ثانية) ومناقشة آثاره حالة تخلفه أو تحققه (فقرة ثالثة) ، لا بد أن نميز بين عدة حالات يعتبر فيها الشرط متحققا أو متخلفا (فقرة أولى) .
الفقرة الأولى : وجوب التمييز بين حالات يعتبر فيها الشرط متحققا أو متخلفا
لئن كان مشرعنا المدني بين الأحكام التي على أساسها اعتبار الشرط متحققا أو متخلفا فإنه فرق بين أن يكون الشرط عبارة عن حصول أمر من عدمه، وأوضح أن يتطلب لتحققه مشاركة أحد من الغير أو إجراء عمل من الدائن ، ثم أضاف إلى هذه الحالات الحالة التي يتحقق فيها الشرط أو يتخلف بطريق الغش.
فبالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 117 ق.ل.ع نجده يتضمن حكما مفاده أن الشرط إذا كان إيجابيا ومعلقا على وقوع حادث ، وقد تحدد لوقوعه أجل ما وانقضى ذلك الأجل دون أن يقع الأمر، اعتبر الشرط غير محقق ، لكن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد يتمثل فيما إذا كان يتوجب وقوع الأمر المعلق الشرط عليه في صورته التي عينها المتعاقدان في العمل القانوني الذي اتفق عليه ، أم يجوز التساهل في ذلك ويكتفي بما يقابلـه؟
يجيبنا عن هذا الإشكال القانون المدني الفرنسي الذي حاول أن يضع حدا لكل خلافا بهذا الشأن إذ نص على وجوب وقوع الأمر المعلق عليه الشرط في صورته الحقيقية التي أرادها المتعاقدان أو يفهم أنهما أرادها .
وتجدر الإشارة إلى أنه قد تحدد مدة لتحقق الشرط فإذا انقضت المدة دون تحققه اعتبر الشرط متخلفا، ويمتنع على المحكمة أن تمد في الأجل المضروب ، وإذا لم تحدد مدة لتحقق الشرط أمكن أن يتحقق في أي وقت، وبالمقابل يعتبر متخلفا إذا أصبح من المؤكد عدم وقوع الحادث.
أما بخصوص الحالة التي يكون فيها الشرط عبارة عن عدم حصول أمر فقد أوضحها الفصل 118 ق.ل.ع ، حيث أنه إذا علق الالتزام على شرط عدم وقوع أمر في وقت محدد ، فإن الشرط يتحقق إذا مضت المدة من غير أن يقع الأمر ، ويتحقق كذلك إذا أصبح مؤكد أن الأمر لن يقع قبل فوات الأجل، أما إذا لم تحدد المدة فلا يتحقق الشرط إلا إذا أصبح مؤكدا أن الأمر لن يقع ، وهذا ما ينص عليه التشريع اللبناني في مادته 89، في حين لا يوجد نص مقابل في كل من التقنين المدني المصري والأردني.
ومن الحالات التي يجب على أساسها اعتبار الشرط متحققا أو متخلفا ما ورد في الفصل 119 من ق.ل.ع الذي يبين أن الشرط إذا كان يتطلب لتحققه مشاركة أحد من الغير، أو كان يتطلب لتحققه قيام الدائن بعمل ما ، فإنه يعتبر متخلفا إذا رفض الغير مشاركته أو لم يقم الدائن بالعمل المقصود ولو كان المانع راجعا لسبب لا دخل لإرادته فيه ، وهو نفس الحكم الذي تبناه المشرع المدني اللبناني بموجب المادة 90 منه .
فضلا عما سبق ذكره يعتبر الشرط متحققا رغم عدم تحققه في الواقع إذا كان المدين الملتزم تحت شرط قد حال من غير وجه حق دون تحقق الشرط ، أو كان قد ماطل في العمل على تحققه ، والملاحظ أن الفصل 122 ق.ل.ع اكتفى بتحقق الشرط إذا كان المانع قد حصل من المدين ، مع أنه قد يقع من الدائن، إذاك يمكن القول أنه على المدين أن يثبت أن الدائن هو الذي استعجل وقوع الأمر المعلق عليه الشرط، وعلى عكس المشرع المغربي نص المشرع الانجليزي على أنه إذا حيل دون تحقق الشرط بفعل أحد المتعاقدين ـ الدائن أو المدين ـ فإن هذا الفريق لا يمكن أن يستفيد من عدم تحقق الشرط. كما أن الملتزم ليس له أن يعمل على تحقق الشرط بطريق التدليس أوالغش إن كانت له مصلحة في تحققه فإن فعل، فإن الشرط يجرد من كل أثر ويعتبر متخلفا حسب منطوق الفصل 123 ق.ل.ع، وهذا ما أقرته المادة 132 من القانون المدني التونسي ، إذ ينطبق والقاعدة الفقهية القائلة بأن "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
الفقرة الثانية : آثار الشرط في مرحلة التعليق
تجدر الإشارة إلى أن فترة التعليق هي فترة مؤقتة بالضرورة، لابد أن تنتهي إذ يجب التمييز في هذه المرحلة بين آثار الشرط الواقف وآثار الشرط الفاسخ .
إن كان الشرط واقف : فإنه لا يترتب آثارا في فترة التعليق لأنه لم يوجد بعد، شأنه شأن الجنين في بطن أمه لا يستوي خلقا سويا إلا إذا ولد حيا ، فيبقى التزاما ناقصا غير نافذ ما دام الشرط المعلق عليه لم يتحقق ، ويترتب على ذلك عدة نتائج أهمها:
ـ الالتزام المعلق على شرط واقف هو التزام غير مستحق الأداء.
ـ كما أنه ليس للدائن أن يطلب التنفيذ الجبري ضد المدين ما دام الشرط في مرحلة التعليق.
ـ فضلا عن أنه لا يطاله التقادم المسقط لأنه ـ الالتزام المعلق على شرط واقف ـ غير مستحق الأداء.
وإذا كان الالتزام المعلق على شرط واقف هو التزام غير نافذ، فإنه التزام موجودا استجمع كافة أركانه ، إذ الملتزم تحت مثل هذا الشرط لا يستطيع الرجوع في التزامه ما لم يتخلف الشرط ، لذا فإن المشرع في الفصل 126 ق.ل.ع منح الدائن الحق في اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية لحقه، كما يبقى من حق الدائن التصرف في حقه، وفي حالة وفاته تنتقل حقوقه إلى ورثته ، وفي المقابل حضر المشرع على الملتزم بشرط واقف أن يجري في فترة التعليق أي عمل من شأنه أن يمنع على الدائن مباشرة الحقوق التي تثبت له عند تحقق الشرط طبقا للفصل125 ق.ل.ع.
إن كان الشرط فاسخ : إن آثار الشرط الفاسخ في فترة التعليق متمثلة في كونه التزام موجود ونافذ ، أي أنه ينتج آثاره فورا ، كما أنه التزام مهدد بالزوال وهذا هو مضمون الفصل 121 ق.ل.ع، ويترتب على ذلك أن هذا الالتزام يكون ـ طول فترة التعليق ـ في حكم الالتزام البسيط المنجز، وعليه فلدائن الحق في المطالبة بتنفيذ الالتزام طوعا أو عن طريق التنفيذ الجبري ، وله اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية لحفظ حقه (المادة 122 ق.ل.ع)، والالتزام المعلق على شرط فاسخ معرض لخطر الزوال ، فهو يستمر في إنتاج آثاره ، وتصبح هذه الأخيرة نهائية باتة إذا تخلف الشرط ، أما إذا تحقق الشرط فالالتزام الذي كان معلقا عليه يزول ويترتب عندها على الدائن أن يرد إلى المدين ما كان أخذه منه ، وإذا ما استحال الرد يكون الدائن ملزما بالتعويض.
الفقرة الثالثة : آثار تخلف الشرط أو تحققه
يترتب على تخلف الشرط الواقف زوال الالتزام الذي كان معلقا على تحققه ، إذ يعتبر هذا الالتزام كأن لم يكن ومجردا من كل أثر ، كما أن تخلف الشرط الفاسخ يترتب عليه استقرار الالتزام الذي كان زواله معلق على تحقق هذا الشرط ، إذ يضحي الالتزام باتا مستمرا في إنتاج آثاره ، وتصبح هذه الأخيرة نهائية. في هذا الصدد يطرح التساؤل حول الأثر الرجعي للشرط ؟
إن قاعدة الأثر الرجعي للشرط عند تحققه مستمدة من القانون الروماني ، لكن الاتجاه السائد في الفقه المعاصر يذهب إلى أن هذه القاعدة تجد أساسها في إرادة المتعاقدين، حيث ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن للمتعاقدين أن يستعبدا الرجعية باتفاقهما .
وإذا كانت بعض التشريعات كالفرنسي والمصري أخذت بالأثر الرجعي للشرط حالة تحققه ، إذ تنسحب آثاره إلى الوقت الذي نشأ فيه الالتزام ، فإن بعض التقنينات الحديثة كالألماني تخلت عن فكرة الأثر الرجعي للشرط، إذ أن وجود الالتزام أو زواله يكون في الوقت الذي يتحقق فيه الشرط لا من وقت نشوء الالتزام وقد تبنى مشرعنا المدني ما انتهى إليه التشريع الألماني بموجب الفصل 124 ق.ل.ع، هذا الأخير يبين أن المبدأ الذي يجب الاعتداد به هو الأثر الفوري للشرط.
وتجدر الإشارة إلى أن التقنيين الألماني أجاز للمتعاقدين الاتفاق على أن يكون للشرط أثر رجعي ، كما أن التقنين المصري وإن كان قد أقر بالأثر الرجعي للشرط حالة تحققه فقد أضاف إلى المادة 270 "إلا إذا تبين من إرادة المتعاقدين أو طبيعة العقد أن وجود الالتزام أو زواله إنما يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط".
وإذا كان المبدأ في التشريع المغربي أن للشرط إذا تحقق أثر فوري ، فإن الفصل 124 ق.ل.ع جعل لهذا المبدأ استثناءات هامان متمثلان في إرادة المتعاقدين في استبعاد الأثر الفوري للشرط وإعطائه أثر رجعيا ، وكذا إن اقتضت طبيعة العقد ذلك كما في العقد الزمني ، كما يترتب على تحقق الشرط الواقف عدة نتائج بينتها المادة 120 و 125 من ق.ل.ع.

5.أرسلت من قبل youssef في 20/12/2014 23:40
المرجو من الطالب ان يرسل لنا تتمة بحثه و شكرا

تعليق جديد
Twitter