MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers





المحكمة الابتدائية بالقنيطرة: يترتب عن مخالفة مقتضيات المادتين 23 و24 من قانون المسطرة الجنائية عند تحرير محاضر الضابطة القضائية، والتي توجب، حصرا، تحريرها من قبل ضباط الشرطة القضائية وليس أعوانهم، عدم الاعتداد بها وإبعادها عن دائرة الاعتبار.

     

القاعدة

يترتب عن مخالفة مقتضيات المادتين 23 و24 من قانون المسطرة الجنائية عند تحرير محاضر الضابطة القضائية، والتي توجب، حصرا، تحريرها من قبل ضباط الشرطة القضائية وليس أعوانهم، عدم الاعتداد بها وإبعادها عن دائرة الاعتبار.
لما كانت القوة الثبوتية لمحاضر الضابطة القضائية واضحة ولا لبس فيها طبقا للمادة 290 أعلاه، فإنه يدخل ضمن السلطة التقديرية للمحكمة ألا تَأْخُذ بما يرد فيها بخصوص الجنح والمخالفات لعدم اطمئنانها لها.



المحكمة الابتدائية بالقنيطرة: يترتب عن مخالفة مقتضيات المادتين 23 و24 من قانون المسطرة الجنائية عند تحرير محاضر الضابطة القضائية، والتي توجب، حصرا، تحريرها من قبل ضباط الشرطة القضائية وليس أعوانهم، عدم الاعتداد بها وإبعادها عن دائرة الاعتبار.

المملكــة المغربية
محكمـة الاستئنــاف بالقنيطــرة
المحكمة الابتدائية بالقنيطرة

  باســـم جلالـــــة الملـــــك وطبقا للقانون

ملف جنحي رقم : 3694-2106-13
تعرض عدد: 1535-14
حكم عدد :        
صادر بتاريـخ : 27-10-2014

      أصدرت المحكمة الابتدائية بالقنيطـرة، وهي تبت في القضايا الجنحية العادية، بتاريخ 27 أكتوبر 2014، الحكم الابتدائي الآتي نصه :
بين السيد :
 
وكيل الملك بهذه المحكمة ؛
   من جهــة                                                 
وبين المسمى :
(م.ز).
 
المتهم بارتكابه داخل الدائرة القضائية لهذه المحكمة، ومنذ زمن لم يمض عليه أمد التقادم الجنحي، جنحة إهانة عناصر القوة العمومية أثناء مزاولتهم لمهامه، الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 263 من القانون الجنائي.
 
يؤازره الأستاذ (....)، المحامي بهيأة القنيطرة.
من جهــة أخرى
 
الوقائع

بناء على التعرض المرفوع من طرف المتهم، حسب التصريح المؤرخ في 15-05-2014، ضد الحكم الغيابي الصادر عن هذه المحكمة، بتاريخ 22-01-2014 في الملف الجنحي رقم 3694-13 والقاضي : "بإدانة المتهم من أجل المنسوب إليه، والحكم عليه بأربعة (04) أشهر حبسا نافذا، وغرامة نافذة قدرها (500) درهم، مع تحميله الصائر والإجبار في الأدنى".

وبناء على محضر الضابطة القضائية المنجز من طرف عناصر الدائرة الرابعة لأمن القنيطرة عدد 538 المؤرخ في 23-04-2013، والذي يستفاد منه، أن المتهم المتعرض قد عرض عناصر الشرطة المسمين: (أ.ل)، و(ي.س)، وكذا الضابط (ع.ي)، للإهانة وهم أثناء مزاولتهم لمهامهم، وذلك لما استوقف سيارته، رفقة المسمى (ن.ق)، أمام مقر الديمومة للأمن في الوقت الذي كان فيه الشرطيين الأولين على أهبة الانطلاق نحو حي الصفاء قصد القيام بتدخل أمني، الأمر الذي قام معه بـ"البصق" في اتجاههم بصوت مسموع، وبعبارة "اتفووو"، وبعد مرافقته لهما إلى مقر الديمومة، أحدث ضوضاء بها، وتفوه بعبارات تهديدية، من قبيل:"دابا نوريكم شنو غادي ندير ليكم"، و"تعديتو علي في قضية الموطور ودابا باغين طيحو علي الباطل يا مجموعة الظالمين"، و"الحكارة الرشايوية الشفارة".

وبناء على الاستماع تمهيديا إلى المتهم في محضر رفض توقيعه إلي حين مثوله أمام النيابة العامة، أنكر أن يكون قد بصق اتجاه العناصر المذكورة، مضيفا، أن هذه الأخيرة، هي من سبق وأن اكتشفت تزويره للورقة الرمادية الخاصة بدراجته النارية، ثم أحالته على النيابة العامة، فأفرجت عنه بكفالة.
وبناء على إحالة المسطرة على السيد وكيل الملك، حيث تابع المتهم في حالة سراح من أجل ما سطر أعلاه، وحكمت المحكمة بحكمها الغيابي المشار إليه أعلاه، قبل أن يتعرض عليه أمامها من جديد.

وبناء على إدراج القضية بعدة جلسات كان آخرها جلسة 07 يوليوز 2014، حضر خلالها المتهم المتعرض مؤازرا بدفاعه، وحضر من الشهود: (ن.ق)، فأمرت المحكمة بانسحابه من قاعة الجلسات إلى حين المناداة عليه.

وبناء على التحقق من هوية المتهم وإشعاره بالمنسوب إليه، أجاب بالإنكار جملة وتفصيلا، مضيفا أنه هو من تعرض للاعتداء من قبل عناص الشرطة، وأنه لديه مع (ع و أ) عداوة كونه رفض تسليمهما مبلغ 170 ألف ريال كرشوة، وأنه كان داخل سيارته إلى أن فوجئ بأحدهم يخرجه من سيارته، وقاموا بتصفيده وأدخلوه إلى المخفر، لا لشيء إلا لأنه رفض تسليمهم المبلغ المذكور.

وبناء على مناداة الشاهد (ن.ق)، وبعد التأكد من هويته ونفيه لمبطلات الشهادة، وأدائه اليمين القانونية، صرح بأنه كان مدعوا إلى حفل زفاف، ولما كان قادما رفقة المتهم، توقف هذا الأخير قرب مقر الشرطة، فحضرا شرطيين وقاما بإخراجه من السيارة وأدخلوه المخفر، وقاما بتصفيده وربطه، وأن أحدهم قام بالاعتداء عليه وضربه على مستوى وجهه، وأن المتهم لم يبصق عليهم ولم يقم بسبهم، وأنه لم يعرف السبب في ذلك إلا من بعد، فعلم أن الأمر يتعلق بوثائق درجاة المتهم، مضيفا أن المتهم لما كان مربوطا كانوا يمسكونه من ملابسه، وبعدها ذهبوا به إلى مكان آخر فلم يعد يراه، وأنه سمع أحد رجال الشرطة يقول له:"اسكت لدين امك"، وكان المتهم يرد عليهم بـ :"أنا لن أسمح في حقي وأنكم تعديتم علي"، مؤكدا أن رجال الشرطة منعوه –أي الشاهد- من قراءة المحضر، وأن ما دون به كتصريحات له ليست صادرة عنه، وأنه أرغم على أن يوقع المحضر دون أن يقرأه بالضرب على مستوى رأسه، وصرح لهم بـ "ديرو ليبغيتو".

وبناء على قرار المحكمة القاضي بتأخير القضية قصد استدعاء محرري المحضر كشهود، وهم: الضابط (ع.ي)، والمفتش (أ.ل) والمفتش (ي.س) تحت إشراف السيد وكيل الملك، مع إعلام الشاهد (ن.ق) بضرورة حضوره لجلسة 14-07-2014.

ويناء على إعادة إدراج القضية بهذه الجلسة، حضر خلالها المتهم المتعرض مؤازرا بدفاعه، كما حضر الشاهد (ن.ق)، وتخلف عن الحضور محرري المحضر، والتمس السيد وكيل الملك مهلة كافية لإحضارهم نظرا لطبيعة عملهم التي تتطلب بعض الوقت. والتمس دفاع المتهم اعتبار القضية جاهزة بالنظر للحالة الصحية للمتهم باعتباره مريضا بمرض خبيث، وسيخضع لعملية جراحية بالخارج. فقررت المحكمة تأخير القضية قصد إمهال السيد وكيل الملك للإشراف على تبليغ محرري المحضر لجلسة 21-07-2014.

وبناء على إدراج القضية بهذه الجلسة، حضرها المتهم المتعرض مؤازرا بدفاعه، وحضر الشاهد (ن.ق)، وتخلف عن الحضور محرري المحضر، وألفي بالملف شواهد التسليم المتعلقة بهم خالية من أي بيانات. والتمس السيد وكيل الملك مهلة إضافية من أجل السهر على التبليغ، فذَكَّرته المحكمة بمقتضيات المادتين 37 و40 من قانون المسطرة الجنائية التي جعلت منه الساهر على تنفيذ المقررات القضائية الصادرة بـ "اسم جلالة الملك وطبقا للقانون"، ثم قررت عدم الاستجابة لملتمسه، والعدول عن أمرها الولائي السابق، والذي بمقتضاه تم تكليفه بالسهر على تبليغ محرري المحضر، مع إسناد ذلك لدفاع المتهم المتعرض.

وبناء على إعادة إدراج القضية بجلسة 08-09-2014، حضر خلالها المتهم المتعرض مؤازرا بدفاعه، وتخلف محرري المحضر الذين تم استدعاؤهم كشهود في هذه النازلة رغم توصلهم بطريقة قانونية، فقررت المحكمة تغريمهم بمبلغ (12.000) درهم لكل واحد منهم مع إعادة استدعائهم وتبليغهم لهذا القرار، والإذن لدفاع المتهم بالسهر على التبليغ لجلسة 13-10-2014.

وبناء على إعادة إدراج القضية بهذه الجلسة، حضر خلالها المتهم المتعرض مؤازرا بدفاعه، وحضر محرري المحضر كشهود، وهم: الضابط (ع.ي)، والمفتش (أ.ل)، والمفتش (ي.س). وبعد سماع سبب تخلفهم عن الجلسة السابقة، قررت المحكمة العدول عن قرارها السابق والقاضي بتغريم محرري المحضر لمشروعية مبررهم ذي الطبيعة الإدارية. كما حضر الشاهد (ن.ق)، فأمرت المحكمة بانسحاب كل الشهود من قاعة الجلسات إلى حين المناداة عليهم.

وبناء على إعادة استنطاق المتهم حول المنسوب إليه، أجاب بالإنكار، مضيفا أن محرري المحضر هم من اعتدوا عليهم، وهو لم يعتد عليهم.
 وبناء على مناداة الشاهد (ن.ق)، وبعد التأكد من هويته ونفيه لمبطلات الشهادة، وأدائه اليمين القانونية، صرح بأن محرري المحضر قاموا بإدخال المتهم إلى مخفر الشرطة، وشاهده وهو يتعرض للضرب من طرف أحدهم بصفعة وهو مقيد بدرج المخفر، وأن المتهم لم يقم بسب الشرطة أو البصق عليهم، وأنه تعرض للتهديد أثناء الاستماع إليه، مضيفا أنه سمع المتهم يصيح وهو يقول "سأقاضيكم"، وأنه لم يصرح بالمضمن في محضر أقواله، وأنه أرغم على التوقيع عليها بضربه من قبل أحد رجال الشرطة بالهاتف (الراديو) على مستوى رأسه.

وبناء على الاستماع إلى الضابط محرر المحضر (ع.ي) كشاهد، وبعد التأكد من هويته ونفيه لمبطلات الشهادة، وأدائه اليمين القانونية، صرح أنه لم يشاهد البصق، مضيفا أنه شاهد المتهم وهو يسب رجال الشرطة باللصوص والشفارة وسب والديهيم، موضحا أنه لم يتذكر إن كان قد عرضه أحدهم للضرب، وأنه لا يظن ذلك، وأنه هو من حرر محضر الاستماع إلى المتهم، وأن محضر استماع الشاهد (ن.ق) يحمل توقيعه ولكن ليس هو من حرره، وإنما حرره المفتش (أ.ل)، موضحا أن الشاهد لم يرغم على التوقيع.

وبناء على مواجهة الشاهد بالضابط محرر المحضر، صرح أنه هو من عرضه للضرب بواسطة الهاتف (الراديو) على مستوى رأسه، وأن مساعد الضابط هو من استمع إليه، وأنكر تصريحاته بمحضر الضابطة القضائية، مضيفا أن المتهم لم يسب عناصر الشرطة، ولم يبصق عليهم، وأنه –أي المتهم- هددهم باللجوء إلى القانون.

وبناء على الاسترسال في الاستماع إلى الضابط محرر المحضر (ع.ي)، سئل عن: لماذا المفتش (أ.ل) هو من حرر محضر استماع الشاهد وهو المشتكي؟ فأجاب بأن هناك مجموعة من الإكراهات، مضيفا أنه قرأ المحضر ثم وقع عليه.

 وبناء على الاستماع إلى المفتش (أ.ل) كشاهد، وبعد التأكد من هويته ونفيه لمبطلات الشهادة، وأدائه اليمين القانونية، صرح أنه هو من حرر المحضر، وأن الضابط (ع.ي) هو من استمع إلى المتهم، قبل أن يضيف بأن ضغط العمل هو الذي جعله يحرر المحضر ويوقعه الضابط، موضحا أنه بالفعل كان من المفروض أن يحرر المحضر ضابط آخر وليس هو لكونه مشتكي.

وبناء على قرار المحكمة القاضي بالاستغناء عن الاستماع إلى المفتش (ي.س) المصروف عن قاعة الجلسات، والاكتفاء بمن استمع إليهما.
وبناء على كلمة السيد وكيل الملك الذي التمس من خلالها الحكم بإدانة المتهم. كما التمس دفاع المتهم أساسا الحكم ببراءة مؤازره لانعدام الإثبات، واحتياطيا تمتيعه بأقصى ظروف التخفيف. وبعد أن كان المتهم آخر من تكلم، تقرر اختتام المناقشات وحجز القضية للتأمل لجلسة 27-10-2014.

وبعد التأمل وطبقا للقانون
من حيث شكل التعرض
حيث قدم التعرض من قبل المتهم وفق الشروط الشكلية المتطلبة قانونا، مما يتعين معه التصريح بقبوله شكلا.
 
من حيث موضوع التعرض
 
حيث توبع المتهم من طرف السيد وكيل الملك بهذه المحكمة من أجل ما سطر أعلاه.

وحيث أنكر المتهم تمهيديا، وفي محضر قانوني رفض توقيعه إلي حين مثوله أمام النيابة العامة، أن يكون قد بصق اتجاه عناصر القوة العمومية أو عرضهم للإهانة.

وحيث استُنطق المتهم حول المنسوب إليه من طرف السيد وكيل الملك، فأجاب بالإنكار جملة وتفصيلا.

وحيث استُنطق المتهم حول المنسوب إليه من طرف هذه المحكمة، فأكد كل تصريحاته التمهيدية المشار إليها، مضيفا أنه هو من تعرض للاعتداء من قبل عناص الشرطة، وأن لديه مع الضابط (ع) والمفتش (أ) عداوة كونه رفض تسليمهما مبلغا كرشوة، وأنه كان داخل سيارته إلى أن فوجئ بأحدهم يخرجه من سيارته، وقاموا بتصفيده وأدخلوه إلى المخفر لا لشيء، إلا لأنه رفض تسليمهم المبلغ المذكور.

وحيث إن "المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس"، طبقا للمادة 290 من قانون المسطرة الجنائية.

وحيث إنه، وبرجوع المحكمة إلى المحاضر المنجزة في هذه القضية، اتضح لها أن محضر استماع الشاهد نبيل قلال، والذي أكد فيه ثبوت كل المنسوب إلى المتهم، مُحَررٌ من طرف المشتكي مفتش الشرطة (أ.ل) باسم الضابط (ع.ي) دونما أي إشارة إلى مساعدته لهذا الأخير، مما يعني أن الشاهد استُمع له من قبل المفتش المشتكي وليس الضابط المؤهل قانونا لذلك، وهو ما أكده هذا الأخير بقوله أمام المحكمة: "إن المحضر يحمل توقيعه ولكن ليس هو من حرره، وإنما حرره المفتش (أ.ل)، (..) إنه قرأ المحضر ثم وقع عليه"، قبل أن يؤكد المشتكي نفسه ذلك ضمنيا، بأن :"ضغط العمل هو الذي جعله يحرر المحضر ويوقعه الضابط". مُعَززا الشاهد المعني هذا بقوله أمام المحكمة: "إن مساعد الضابط هو من استمع إليه"، الأمر الذي يتعين معه عدم الاعتداد بهذا المحضر وإبعاده عن دائرة الاعتبار، نظرا لمخالفته مقتضيات المادتين 23 و24 من قانون المسطرة الجنائية، التي توجب، حصرا، تحرير المحاضر المعتمدة قانونا من قبل ضباط الشرطة القضائية وليس أعوانهم، وذلك بتضمينها ما عاينوه شخصيا، وما تلقوه من تصريحات، وما قاموا به من عمليات.

وحيث إنه، وتعضيدا لعدم الاعتداد بالمحضر المذكور، أفاد الشاهد (ن.ق) أمام هذه المحكمة بأنه: "لم يصرح بالمضمن في محضر أقواله، وأنه أُرغم على التوقيع عليها بضربه من قبل أحد رجال الشرطة بالهاتف (الراديو) على مستوى رأسه"، قبل أن يُواجه برجال الشرطة المعنيين أمامها، فيَتَعَرف تلقائيا على الضابط (ع.ي) باعتباره هو من أرغمه على التوقيع.

 وحيث إنه، واعتبارا لما سبق، وبالرجوع إلى محضر المعاينة المنجز في القضية، يتبين للمحكمة أنه منجز من قبل الضابط (ع.ي)، وهو الذي أرغم الشاهد على توقيع محضر استماعه حسب الثابت مما راج أثناء المواجهة أمامها، مما يفيد احتمال خروجه عن واجب الحياد عند تحريره للمحضر
المذكور، لاسيما وأنه ممن يشتكي المتهمَ تعريضه للإهانة ؛ الأمر الذي لم تطمئن معه المحكمة إلى محتواه، وقررت عدم الاعتداد به أيضا.

وحيث إن مما يزيد من عدم اطمئنان المحكمة هذا، هو ما شاب هذا المحضر من تناقضات لاسيما فيما تعلق بمدى إصدار النيابة العامة لتعليماتها في الموضوع من عدمها، فالضابط محرر محضر المعاينة يشهد بكونه تلقى تعليمات من طرف السيد وكيل الملك بوضع المتهم في الحراسة النظرية. في حين، يشير ذات الضابط، في محضر استماع المتهم، بأن قرار وضع هذا الأخير تحت الحراسة النظرية اتُخذ بدون تعليمات النيابة العامة، وأنه أشعرها بذلك فقط، وهو ما يناقض تماما ما جاء على لسانه أمام المحكمة، قائلا: "إن هناك تعليمات شفاهية ضمنية من النيابة العامة".

وحيث لما كانت القوة الثبوتية لمحاضر الضابطة القضائية واضحة ولا لبس فيها طبقا للمادة 290 أعلاه، فإنه: "يدخل ضمن السلطة التقديرية للمحكمة ألا تَأْخُذ بما يرد في محاضر الضابطة القضائية في الجنح والمخالفات لعدم اطمئنانها لها" (قرار محكمة النقض 1247، مؤرخ في 28-03-2002، منشور بمجلة الملف عدد 10، ص 229).

وحيث إنه، وبعد عدم الاعتداد بمحضر المعاينة أيضا، وتقديرا من المحكمة لتصريحات الشهود والموازنةِ بينها، اطمأنت إلى شهادة الشاهد (ن.ق)، وارتأت الركون إليها عند تكوين قناعتها، باعتباره كان حاضرا ساعة الواقعة، فضلا عن اتسامها بالوضوح والانسجام، مع تطرقها لأدق تفاصيل القضية من بدايتها إلى نهايتها، إذ أفاد بـ : "أن أحد رجال الشرطة قام بالاعتداء على المتهم وضربه على مستوى وجهه، وذلك لما صفدوه وربطوه بدرج المخفر، وأن هذا الأخير لم يبصق عليهم ولم يقم بسبهم، قبل أن يذهبوا به إلى مكان آخر فلم يعد يراه، وأنه سمع أحد رجال الشرطة يقول له:"اسكت لدين امك"، وكان المتهم يرد عليهم بـ "أنا لن أسمح في حقي وأنكم تعديتم علي" (..)". في حين، لم تطمئن إلى تصريحات عناصر الشرطة، وارتأت استبعادها، وذلك بالنظر إلى تناقضها وعدم حيادها الموضوعي، لاسيما أثناء مواجهتهم بالشاهد المذكور آنفا.

وحيث إنه، وتأسيسا على كل ما سلف، فإن لا دليل للمحكمة على ثبوت جنحة إهانة عناصر القوة العمومية أثناء مزاولتهم لمهامهم في حق المتهم، نظرا لخلو الملف من أية وسيلة قاطعة تثبت ذلك، لاسيما وأن المحكمة قد استبعدت محضر المعاينة وفق التعليلات أعلاه، وأن المتهم متشبث بالإنكار في كل مراحل المحاكمة، فضلا عن أن الشاهد المعتمد في القضية نفى معاينته لواقعة السب والبصق، بل أفاد كون المتهم هو من تعرض للضرب من قبل رجال الشرطة ؛ مما يتعين معه القول بعدم مؤاخذته من أجلها، والتصريح ببراءته، عملا بالمبدأ الدستوري القاضي بأن :"الأصل في الإنسان البراءة"، والمبدأ القانوني والقضائي القائل بأن الأحكام الجنائية "لا تبنى على الشك والتخمين بل على الجزم واليقين".

وحيث تبعا لكل هذا، يتعين تحميل الخزينة العامة صائر الدعوى، تطبيقا للمادة 367 من قانون المسطرة الجنائية.

وتطبيقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، وكذا فصول المتابعة.

 
لهذه الأسبـــاب

تصرح المحكمة علنيا وابتدائيا وحضوريا:
 
 
في شكل التعرض: بقبوله شكلا ؛
 
في موضوع التعرض: ببطلان الحكم الغيابي المتعرض عليه فيما قضى به من إدانة للمتهم (م.ز)، مع التصريح بعدم مؤاخذته من أجل المنسوب إليه، والحكم ببراءته، وتحميل الخزينة العامة الصائر.
 
 
وبهذا، صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة في اليوم والشهر والسنة أعلاه، بقاعة الجلسات الاعتيادية بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، وهي مشكلة من نفس الهيئة التي ناقشت القضية، والمتركبة من السادة:
 
  الأستاذ: عبد الرزاق الجباري        رئــــيـــســـا
بحضور السيد   مونية الرياشي     ممثلا للنيابة العامة
وبمساعدة السيد  عزيز بنشرع           كاتبا للضبط
الرئيــس                                                               كاتب الضبط
 


 



السبت 30 يوليوز 2016

عناوين أخرى
< >

الاثنين 6 ماي 2024 - 23:22 الدليل الجبائي للمحامين


تعليق جديد
Twitter