MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



رئاسة النيابة العامة تنظم ندوة دولية حول دور القضاء في إعمال المعايير الدولية لحقوق الإنسان

     



دور القضاء في إعمال المعايير الدولية لحقوق الإنسان شكّل محور نقاش جمع مسؤولين وفاعلين حقوقيين في لقاء نظمته رئاسة النيابة العامة، اليوم الاثنين بالرباط، احتفالا بالذكرى الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.


وتأتي هذه الندوة في إطار التعريف بدور القضاء في تطبيق الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان المنبثقة عن اتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وإعمال المعايير الدولية ذات الصلة، وتسليط الضوء على دور القضاء في تطوير معايير حقوق الإنسان على المستوى الوطني، بالإضافة إلى دور المحاكم العليا في توحيد الاجتهاد القضائي في مادة حقوق الإنسان، وتبادل تجارب وممارسات فضلى في أنظمة قضائية مختلفة.


ومن أجل إعمال المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان على الصعيد الوطني، فقد حرصت المملكة على تقوية وتطوير الإطار القانوني والمؤسساتي تنزيلا لمقتضيات دستور2011، التي نصت على تشبث المملكة المغربية بمنظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا وعلى سمو الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها على التشريعات الوطنية في إطار أحكام الدستور.

وأشار الداكي إلى أن السلطة القضائية انخرطت، بجميع مكوناتها، في مسار تعزيز حقوق الإنسان والنهوض بها. وفي هذا السياق، ركزت رئاسة النيابة العامة على ربط مواضيع التكوين المختارة في مجال حقوق الإنسان، سواء بالنسبة لهذا اليوم الدراسي أو غيره من الدورات التكوينية، بالممارسة العملية لقضاة النيابة العامة وقضاة الحكم عبر التطرق لبعض الحقوق ومفهومها ونطاقها في القانون الدولي لحقوق الإنسان بهدف الإلمام بالمعايير الدولية المتعلقة بتلك الحقوق، واجتهادات وقرارات الهيئات المعنية، وطبيعة التزامات الدول بموجب تلك الاتفاقيات، واجتهادات المحاكم الوطنية والدولية، ودور قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة في حماية تلك الحقوق ومراعاة المعايير الدولية وتنفيذ التزامات المملكة المغربية الدولية أثناء ممارستهم لمهامهم. ويتعلق الأمر، على الخصوص، بالمعايير الدولية ذات الصلة بالحق في المحاكمة العادلة والحق في عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة والحماية ضد الاعتقال التعسفي، والمعايير الدولية ذات الصلة باستعمال القوة من طرف الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون.


وهو الاتجاه ذاته، واصل الداكي، “الذي ما فتئت هذه الرئاسة بتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية تنحو نحوه، والرامي إلى تعزيز إدماج بعد حقوق الإنسان في عمل القضاة لاسيما من خلال تنفيذ البرنامج الطموح المتعلق بتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان الذي انطلقت أشغاله في اليوم العاشر من شهر دجنبر سنة 2020 احتفالا بالذكرى الـ72 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

ويستهدف هذا البرنامج تمكين قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم من مواكبة التطورات التي تعرفها منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ولا سيما فيما يتعلق بمكانة القضاء ودوره في حماية الحقوق والحريات وتملك المعايير الدولية ذات الصلة والاطلاع على الممارسات الفضلى والتجارب المقارنة لإعمال تلك المعايير.

 

وحول حصيلة تنفيذ هذا البرنامج، أكد المتحدث ذاته أنه، إلى حدود اليوم، استفاد 210 مسؤولين قضائيين و719 قاضية وقاضيا من قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة، إضافة إلى 123 مستفيدا من أطر ومسؤولي رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، فضلا عن 108 من المستفيدين يمثلون مؤسسات وطنية أخرى؛ من بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي والمندوبية العامة لإدارة السجون، علما بأن العزم قائم على مواصلة هذا البرنامج التكويني في مجال تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان بالتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

من جانبها، قالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن القضاء يجد سبب وجوده في المنظومة القيمية لحقوق الإنسان، ويساهم في إنتاج الشروط المجتمعية لترسيخها وتماسك مكوناتها.


وأضافت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن “نجاح القضاء في تجسيد هذه القيم هو، في الواقع، يشكل أساس دولة الحق والقانون؛ ففي غياب هذه المبادئ والقيم في عمل القضاء يفقد هذا الأخير معناه الحقيقي ويتحول هدفه من صيانة حكم القانون إلى مجرد فرض للحكم بالقانون، وهما منطقان على طرفي نقيض من حيث العلاقة التي تربط القضاء بحقوق الإنسان في كل واحد منهما.

وتابعت بوعياش إن القضاء في إعماله للمعايير الدولية لحقوق الإنسان يلعب دورا رياديا في تعزيز ثقة المواطن بحكم القانون؛ لأنه السلطة التي يلجأ إليها لإنصافه، وكيفما كانت ملابسات وظروف نزاعه مع القانون وتماسك مكونات المجتمع، تقاس بمدى انخفاض أو ارتفاع منسوب الثقة فيها.


وأضافت المتحدثة: “ونحن نحيي الذكرى الرابعة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نستحضر الدلالات الرمزية القوية التي تختزلها هذه الوثيقة التي شكلت سنة 1948 منعطفا قيميا كبيرا في تاريخ البشرية. وإذا كان هذا المنعطف القيمي يتجلى بوضوح في إقرار الإعلان العالمي لقيم السلام والعدالة والمساواة والإنصاف وعدم التمييز وغيرها، باعتبارها القيم الإنسانية النبيلة والسامية التي أخذت الأمم المتحضرة على نفسها اعتناقها والانخراط في تكريسها داخل الدولة الواحدة أو في العلاقات بين الدول، فإن تجربة العقود السبعة المنصرمة من تاريخ أنظمة حماية حقوق الإنسان، الوطنية والدولية والإقليمية، تبين بوضوح استحالة تكريس هذه القيم في غياب نظام قضائي قوي باستقلاليته وحياده ومهنيته”.




الثلاثاء 13 ديسمبر 2022

تعليق جديد
Twitter