MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



مرتكزات دبلوماسية الملك محمد السادس لاستعادة إشعاع المملكة المغربية داخل القارة الإفريقية بقلم الدكتور زكرياء أقنوش

     



مرتكزات دبلوماسية الملك محمد السادس  لاستعادة إشعاع المملكة المغربية داخل القارة الإفريقية بقلم الدكتور زكرياء أقنوش
 
           مقدمة

      لم يعد يفسر التوجه الإفريقي للمغرب كما ظل سائدا لعقود بأن غايته استمالة البلدان الإفريقية لدعم ملفه الترابي العادل، أي مساندته لاستكمال وحدته الترابية[1]، فمثل هذه التحليلات لم تعد مقنعة، الدليل على دحض هذا الطرح هو بالرغم من خروج المغرب من الإتحاد الإفريقي منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي لم يقطع صلته بإفريقيا وملفاتها السياسية، بل ظل متفاعلا وفاعلا فيها والأكثر من ذلك تمكن من إقناع العديد من الدول الإفريقية بعدالة قضيته الترابية[2]، لذلك لا يمكن فهم التوجه المغربي نحو إفريقيا إلا باعتباره إختيارا إستراتيجيا واعيا يروم إعادة بناء وترسيخ العمق الإفريقي للمغرب وإخراجه من دائرة التذبذب والإحجام وإعطائه مضمونا برغماتيا جديدا ليس على المستوى السياسي فحسب بل على كل الأصعدة (الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والروحية)[3].

     قد يظن البعض بأن نقطة القوة التي يملكها المغرب في هذا الإتجاه-تعميق العلاقات مع بعض دول في إفريقيا-فقط هي جغرافيته السياسية وعلاقاته التاريخية، لكن ذلك في الحقيقة لا يشكل إلا وجها واحدا للعملة أما الوجه الآخر فيتجلى في الرهان الغربي على إفريقيا والذي لا يمكن أن ينجح من دون البوابة المغربية[4]، غير أن هذه المؤهلات التي يتوفر عليها–المغرب- ونقاط القوة التي كان من المفترض أن يستثمرها ليضاعف حضوره القوي في إفريقيا استفاد منها الغير أكثر مما إستفاد منها المغرب[5].

    فالقارة الإفريقية تزخر بمخزون هائل من الثروات يؤهلها لأن تكون المورد الأساسي لصناعات العالم في المستقبل القريب، لهذا أضحت محور تنافس كبير بين الفاعلين الدوليين الكبار[6]، لكن هذا كله لا يضعف حظوظ المغرب لاسيما وأنه لا يزال يحتفظ في هذه القارة بعمق إستراتيجي وتاريخي وديني وثقافي واقتصادي كبير[7]، وأن المطلوب ليس أكثر من إعادة صياغة الدور الدبلوماسي المغربي في اتجاه الحفاظ على محوره التقليدي ومحاولة توسعه باستثمار كل أشكال الدبلوماسيات المتاحة (رسمية وموازية) والتفكير في تحسين التموقع في هذه القارة بما يجعله فاعلا بذاته وليس مجرد جسر يعبره الآخرون لخدمة دبلوماسياتهم النشطة ومصالحهم الاستعمارية[8].

من خلال ماسبق يمكن تحديد مرتكزات الدبلوماسية الملكية في أربع محاور وهي:

المحور الأول: المرتكز الديني 

     يعود إلى المغرب الفضل في نشر الإسلام السني المالكي في تخوم القارة السمراء عبر الزوايا برعاية رسمية من سلاطين وملوك المغرب[9]، وهو ما أثمر في النهاية عن امتداد الإسلام داخل القارة الإفريقية، ويتجلى ذلك في الترابط الصوفي بين الزوايا المغربية وشقيقاتها في إفريقيا، فتعلق العديد من دول القارة خصوصا غرب إفريقيا بالمغرب لهو خير دليل على هذا الإرث التاريخي الذي راكمه الجانبان[10].

المطلب الأول: إعادة إحياء الترابط الروحي المتين بين المغرب والزوايا المتواجدة بإفريقيا

    تشير المصادر التاريخية إلى أن علاقات المغرب بغرب إفريقيا تعود إلى فترة الموحدين، حيث كانت هناك مبادلات تجارية مع "بلاد السودان" واستمرت العلاقات مع الدول المتعاقبة على حكم المغرب خصوصا المرينيين والوطاسيين.
      كما تشير الوثائق التاريخية أن السلطان أحمد المنصور الذهبي كانت تربطه روابط البيعة بإعتباره أميرا للمؤمنين مع كثير من المماليك والإمارات في بلاد السودان، وكان يبعث إليهم بالمساعدات العسكرية في جهادها لنصرة الإسلام والمسلمين ونشر الديانة في المناطق المجاورة لحكمهم خصوصا وأن العديد من الأسر الحاكمة في إفريقيا كانت لها علاقات وصلات وثيقة مع علماء وفقهاء المغرب[11].
    حيث استطاع المغرب الحفاظ بحكم المكانة المتميزة التي يحظى بها والمبنية على أسس دينية وروحية عميقة على روابط وثيقة امتدت إلى مناطق بعيدة نحو الجنوب عن حدوده الجغرافية والسياسية، هذه الوشائج تمثلت بالأساس في الزوايا والطرق الصوفية، والتي أصبحت من الظواهر الاجتماعية التي لا يمكن إغفالها في تاريخ المغرب مع إفريقيا حيث نشأت كمدارس علمية ودينية للطلبة وكملاجئ للمحرومين وأبناء السبيل ومنتدى للعلماء ومواقع تبصر فكري وديني للفقهاء[12].
       وكان مؤسسو الزوايا من المشايخ الذين نالوا احترام الناس وتقديرهم لورعهم وتقواهم، حيث كان الخطاب المغربي الموجه صوب إفريقيا في ذلك الوقت بعيدا ومفارقا للخطاب الأوروبي القائم على العنف والسيطرة، فعلى خلاف ذلك نفذ المغرب إلى إفريقيا عن طريق إشعاع حضاري كان مثار إعجاب الرجل الإفريقي وتقديره لسلوك العلماء الذين تمكنوا من لفت الأنظار إليهم بما نهجوه من سلوك قويم ومعاملات طغى عليها التسامح والوفاء على أساس حسن النية وأن الملك لله وحده، وبالتالي فالأرض أرض الله والناس عامة عبيد الله لا فرق بينهم إلا بالتقوى والإيمان بالرسالة المحمدية[13].
        من هنا تمكنت الزوايا والطرق الصوفية من خلال توظيفها للعامل الديني من القيام بمد قنوات الحوار والتواصل وصيانة نسيج العلاقات الثقافية والسياسية بين المغرب وإفريقيا، إذ وجد هذا الأسلوب الديني قبولا من طرف الأفارقة، حيث ساعد على تغلغل طقوس الزوايا المغربية وتعاليمها الصوفية مما جعلها تلعب دورا تاريخيا في مواجهة حركات التبشير المسيحية التي غمرت القارة الإفريقية[14].
     وفي هذا الإطار ذهب بعض الباحثين إلى التأكيد على أن معظم الزوايا والطرق الصوفية المنتشرة في إفريقيا أصلها من شمال إفريقيا[15]، وتعد الزاوية التيجانية أهمهم وأنشطهم بفضل الدور الذي تلعبه في دعم وتوطيد العلاقات بين المغرب ودول القارة السمراء[16]، إلا أن ذلك لا ينفي بأنه خلال السنوات الأخيرة وخاصة في عهد الملك محمد السادس أعاد المغرب صياغة علاقته بالتيجانيين وبطريقتهم نظرا للدور الديني والدبلوماسي الذي تلعبه هذه الطريقة في خدمة المصالح الوطنية وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية[17].
    من هنا يستنتج الدور الدبلوماسي الذي تلعبه الطريقة التيجانية في دعم وإحياء العلاقات المغربية الإفريقية، ومحاولة المغرب تشجيع الدبلوماسية الروحية التي تقوم بها الطريقة التيجانية في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية من خلال العمل على الدفع بالمنتسبين التيجانيين الإلتفاف حول ضريح الولي "سيدي أحمد التيجاني" بفاس والعمل على كسب رهان المنافسة مع الجزائر حول استقطاب أتباع الطريقة التيجانية بإفريقيا[18].

المطلب الثاني: تسويق التجربة المغربية في تدبير الحقل الديني

      يعد توصل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية بثلاث مراسلات رسمية من كل من وزارة الشؤون الدينية بالجمهورية التونسية والأمانة العامة للشؤون الدينية بجمهورية غينيا كوناكري ومعهد الإمامة والخطابة التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالجمهورية الليبية بشان تكوين الأئمة والاستفادة من الخبرة المغربية في عمارة المساجد والاستفادة من دورات تكوينية في مجال تدبير الشأن الديني إلا خير دليل على نجاح التجربة المغربية في تدبير الحقل الديني.
     فعند تجميع العديد من المعطيات التاريخية اللصيقة بالمجال التداولي المغربي يتضح على أن البيئة السنية بالمغرب تمكنت من أن تطبع تجربتها الصوفية بطابع خاص[19]، وأن يسير التصوف جنبا إلى جنب مع المذهب المالكي وتجتمع أيضا على أن إرتباط التصوف بالتاريخ المغربي مسألة لا يباري فيها أحد بعيدا عن الغلو في الفكر والتطرف في السلوك، ولو أنه عملت ظروف حضارية معقدة على تغليب كفة ميزان التصوف خاصة في صورته الطرقية وبالأخص في المغرب مما جعل من الطرقية ميدانا يتسابق الفقهاء أنفسهم للإنتساب إليه والإحتماء بنفوذه، حيث شمل سائر الأوساط الفكرية والإجتماعية والسياسية إلى درجة أن الكتابات التاريخية أبت إلا أن ترى في ذلك النفوذ الطرقي الذي إصطدمت به خاصة في البوادي والقرى النائية علامة تمييز وصراع بين الإسلام الرسمي والإسلام الشعبي[20].
    فالممارسة الميدانية تفيد أن واقع تدين مغاربة اليوم لم يعد بالضرورة مجسدا فقط في مقتضيات نظم ابن عاشور[21] بعد تعرضه للتدافع مع أنماط جديدة للتدين قد يكون أهمها اليوم التدين السلفي سواء في أوساط التيارات السلفية الدعوية/الوهابية أو الحركية/الجهادية إضافة إلى وجود نفس النمط من التدين مع تباين في الدرجة والمرتبة لدى الحركات الإسلامية المغربية وخاصة لدى حركة التوحيد والإصلاح الدراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية ونواته الصلبة،ثم جماعة العدل والإحسان كبرى الحركات الإسلامية في المغرب[22]. لذا لا يمكن التقزيم من ثقل أنماط أخرى من التدين من قبيل رياح التشيع التي أصبحت تهب بين الفينة والأخرى والتي تقف ضمن أسباب أخرى وراء قطع المغرب علاقته الدبلوماسية مع الجمهورية الإيرانية في 2009، أو رياح التنصير التي تهب هي الأخرى[23].
  1. المذهب المالكي
      على الرغم من عدم التنصيص على المذهب المالكي في الدستور إلا أنه يعتبر شعار من الشعارات الأساسية للدولة كالعلم والنشيد الوطني والعملة التي تعتبر من مظاهر الكيان المغربي[24]. حيث إختار المغاربة منذ أربعة عشر قرنا المذهب المالكي مذهبا رسميا للدولة المغربية إضافة إلى إختيارات الأمة المتمثلة في العقيدة الأشعرية والتصوف، وقد ظل ولازال المذهب المالكي شعارا من شعارات المملكة المغربية إذ يعبر عن الوحدة المذهبية الدينية والأصالة الحضارية بل أن المذهب تحول إلى مدرسة تربوية إصلاحية ساهمت في بناء الشخصية المغربية بكل مميزاتها وخصائصها[25].
     يؤكد الملك محمد السادس على ذلك بقوله:"فقد تمسك المغاربة على الدوام بقواعد المذهب المالكي المتسم بالمرونة في الأخذ بمقاصد الشريعة والانفتاح على الواقع وعملوا على إغنائه باجتهادات هم مؤكدين ملائمة إعتداله لروح الشخصية المغربية المتفاعلة مع الثقافات والحضارات"[26].
      وقد إعتبر المؤرخ أحمد بن خالد الناصري أن المذهب المالكي من أوائل المذاهب التي دخلت إلى المغرب الإسلامي ومنه المغرب الأقصى[27]، إذ يعود بروزه إلى النصف الثاني من القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) من خلال تبنيه من قبل العديد من الفقهاء والعلماء الذين تشبعوا بمبادئه الفقهية في المشرق كدراس إبن إسماعيل الذي يعتبر أول من أدخل المدونة الفقهية المالكية المشهورة إلى المغرب في حين كان كتاب "الموطأ" أول كتاب حديثي درسه المغاربة منذ عصر المولى إدريس وبسببه إنتقل المغاربة من المذهب الحنفي إلى المذهب المالكي الذي إنتشر بالمغرب منذ القرن الرابع الهجري[28]. إذ منذ قيام الدولة الإدريسية إشتهر المغرب بالمذهب المالكي في الفقه وهو ما عبر عنه إبن خلدون " وأما مالك رحمه الله فأخص بمذهبه أهل المغرب والأندلس"[29].
     فتلازم المذهب المالكي بالخصوصية الدينية المغربية جعل منه أحد مصادر التشريع القانوني في القانون المدني ومدونة الأسرة وأحكام المواريث[30]، ولقد ساهمت مميزات المذهب المالكي بإعتباره مذهب أهل المدينة المتسم بالمرونة والمقاصدية في إزدهاره بالمغرب بإتخاذه لدى معظم الدول المتعاقبة على حكمه مؤطرا فقهيا وضامنا للوحدة الفقهية لها مما مكنه من القبول الشعبي والنخبوي خاصة لدى فقهاء المدن العلمية العريقة: فاس، تطوان، مراكش، سلا الذين عملوا من خلال محاضراتهم وكتبهم على إثراء إرتباط المذهب المالكي بالهوية المغربية[31]. وبالتالي يمكن تحديد أسباب تطور المذهب المالكي داخل المجتمع المغربي بما يلي:

السبب  الأول: ملائمة ومناسبة المذهب المالكي للمغاربة

      يعد المذهب المالكي هو أكثر المذاهب ملائمة لعقلية المغاربة، نظرا لسهولته وبساطته وخلوه من التعقيدات الكلامية، والمغاربة بطبعهم فطريون يميلون للبساطة والوضوح وينفرون من كل ماهو  غامض ومعقد، ولعله السبب في رفضهم لفكر الخوارج وعقيدة الشيعة، كما يعتمد على النص والنقل وعلى الأثر والرواية أكثر من اعتماده على الرأي والجدل، بالإضافة إلى أنه يتميز  بكثرة مراعاته لأعراف الناس وعاداتهم، فهو عملي أكثر منه نظري، وقد وجب المغاربة في مرونته وواقيته وإستقاء جميع أصوله من النص الشرعي ما أغراهم به، فاتبعوه وفضلوه على ما سواه، فصار عندهم عادة وفطرة لا تحتاج على دليل[32].
        وقد وضح الأستاذ عمر الجيدي سبب تشبت المغاربة بالمذهب المالكي بقوله إن إنتشار المذهب المالكي في بلاد المغرب والأندلس يرجع بالأساس على ملاءمته لطبيعة المغرب، فهو مذهب عملي يعتمد الواقع ويأخذ بأعراف الناس وعاداتهم، ويتماشى مع طبيعة الفطرة في بساطتها ووضوحها دون تكلف أو تعقيد، ويبتعد كثيرا عن التأويلات البعيدة والمتكلفة والشوائب التي تسربت على الدين في الأمصار الأخرى...ولا شك أن هذه الصفات هي ما كان يميز المجتمع المغربي ويجمع بين أبنائه[33].

السبب الثاني: دعم السلطان للمذهب المالكي

         يرى ابن حزم أن من أهم أسباب انتشار المذهب المالكي بالغرب الإسلامي هو مساندة السلطان ودعمه حيث يقول:" مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرئاسة والسلطان مذهب أبي حنيفة فإنه لما ولي القضاء أبو يوسف كانت القضاة من قبله من أقصى المشرق إلى أقصى عمل افريقية، فكان لا يولي إلا أصحابه والمنتسبين إلى مذهبه، ومذهب مالك عندنا بالأندلس فإن يحي إبن يحي كان مكينا عند السلطان مقبول القول في القضاة، وكان لا يلي قاضي في أقطار  بلاد الأندلس إلا بمشورته واختياره، ولا يشير إلا بأصحابه ومن كان على مذهبه، والناس سراع إلى الدنيا فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به [34]
  1. العقيدة الأشعرية
   تنتسب هذه العقيدة كإجتهاد ضمن علم التوحيد والكلام إلى أبي الحسن الأشعري (260هـ– 324هـ)، وتعد عقيدته من أبرز عقائد أهل السنة والجماعة وقد تأسست نظريا على درء التشبيه والتعطيل في مسألة الصفات الإلهية، والإعتدال في العديد من القضايا العقدية مثل إحترام الصحابة رضي الله عنهم والرد على الشيعة في ذلك وتحريم المعارضة المسلحة ضد الحاكم الجائر ما لم يعلن الكفر البواح وغيرها من المواقف المضمنة في مختلف كتبه[35].
    ولقد ساهمت هذه المميزات المرتبطة بالإعتدال العقدي والمحافظة السياسية في تبني الكثير من علماء المغرب للعقيدة الأشعرية منذ الدولة المرينية، التي تبنتها رسميا بإبعادها النهائي للعقيدة التومرتية وترسيخها للخصوصية الدينية المغربية مثل تنظيم الإحتفال بالمولد النبوي وترأس وفد رسمي للحجاج المغاربة مما أدى إلى بروز مجال سياسي وثقافي مغربي موحد ومستقل[36].
      ويحرص دائما الخطاب الديني الرسمي الذي يصدره الملك بصفته أميرا للمؤمنين مصدرا للقيم الدينية، ثم العلماء والفقهاء المشتغلين في الجهاز الديني الرسمي على تأكيد وحدة العقيدة الأشعرية حفاظا على تميز الحقل الديني المغربي في مواجهة كل التيارات الدينية البرانية التي تحاول إختراق النسيج المجتمعي المغربي دينيا وسياسيا كالشيعة وحملات التنصير التي أصبحت من أكبر التحديات الدينية التي يواجهها المغرب[37].
     إذ يؤكد الملك محمد السادس على تشبثه بأن الإسلام هو دين الدولة من خلال قوله:"لقد كان المغرب خلال تاريخه الحافل المجيد حصنا منيعا وقلعة عالية للإسلام وإننا لحريصون على أن يبقى كما كان البلد الذي يتمثل فيه الدين راسخا قويا بإعتباره أساس مكونات هويتنا ومقومات شخصيتنا في تشبثنا بالمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وطريقة السلوك السني"[38] .

المحور الثاني: المرتكز الإقتصادي

      مع مرور الوقت وضعت الدبلوماسية الملكية نصب عينيها هدفا استراتيجيا تمثل في الرقي بالتعاون مع الدول الإفريقية إلى مستوى شراكة حقيقية وتضامنية وذلك في إطار مقاربة جديدة للتنمية[39] وفي هذا السياق بالذات اندرجت الزيارات المتعددة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه عرش المملكة للعديد من الدول الإفريقية حيث خلقت هذه الزيارات ديناميكية جديدة في العلاقات مع هذه الدول كما أعطت دفعة قوية للتعاون بين دول الجنوب الذي شكل خيارا استراتيجيا للمملكة[40] .

المطلب الأول: الرفع من تدفق الاستثمارات المغربية في الفضاء الأفريقي

    تتوج الزيارات الملكية دائما للدول الافريقية بسلسلة من اتفاقيات التعاون في مجالات التنمية الاقتصادية والتقنية والاجتماعية والثقافية من قبيل مكافحة الفقر والأمراض وتأهيل الزراعة وتدبير المياه والري وتطوير الصناعات الغذائية، إضافة إلى البنيات الأساسية والتهيئة الحضرية وتكنولوجيا الاتصال والتدبير المالي والأبناك[41]. 
     ومن أجل توطيد هذه العلاقات الاقتصادية يتم استثمار رؤوس أموال مغربية في قطاعات حيوية كثيرة ومهمة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن حجم استثمارات المغرب تقدر بنحو 400 مليون دولار وتسعى الدبلوماسية الملكية إلى تعزيز هذا الحضور الاقتصادي وخلق آفاق جديدة للمسارات والفرص الاقتصادية[42].
   وتمثل مجموعة التجاري وفابنك نموذجا على نجاح هذه الدبلوماسية الاقتصادية في السوق السنغالي، هذه المجموعة التي أنشأت في سنة 2008 فرعا محليا تابعا لها بعد اندماج بين المجموعة البنكية لأفريقيا الغربية والفرع المغربي التجاري وفا بنك بالسنغال لتصبح أول مجموعة بنكية في السنغال.
    ومن هنا يأتي إدراك المملكة المغربية أهمية الأطراف الفاعلة في الواقع الجديد اقتصاديا وسياسيا ودينيا وثقافيا في ظل بيئة دولية لا يحكمها إلا منطق المنافسة والذي يتحول بدوره إلى سياسات متفاعلة إيجابا وسلبا مما يعطيها الأولوية لحماية حدودها ومكتسباتها، والعمل على تحقيق مصالحها واستراتيجياتها متسلحة بامتلاك القوة الاقتصادية والسياسية والأمنية والسعي الدائم إلى تعزيزها إلى أبعد مدى ممكن في إطار شرعي يخدم السلم والأمن الدوليين[43].

المطلب الثاني: إرساء شراكة رابح-رابح مع البلدان الإفريقية                           
 
        طرح جلالة الملك محمد السادس خلال حفل افتتاح المنتدى الاقتصادي المغربي الإيفواري نموذجا مبتكرا وأصيلا للتنمية في أفريقيا يقطع مع النماذج والتصورات التي كانت تأتي منذ ستينات القرن الماضي من خارج القارة لتعيد إنتاج مفاهيم تنموية ماضوية أثبتت عجزها في مسايرة التطور الذي تشهده القارة السمراء منذ بداية الألفية الجديدة، فأول العناصر التي يقوم عليها هذا النموذج التنموي هو أن تتخلص إفريقيا من رواسب الماضي وأن تستعيد ثقتها في إمكاناتها ومواردها وفيما تزخر به من كفاءات بشرية.
      فإذا كان القرن الماضي بمثابة قرن الانعتاق من الاستعمار بالنسبة إلى الدول الأفريقية، فإن القرن الحادي والعشرين ينبغي أن يكون قرن انتصار الشعوب على آفات التخلف والفقر والإقصاء، ومواجهة العديد من التحديات التي تهدد الاستقرار السياسي في أفريقيا، وتعيق النمو الاقتصادي والاجتماعي بها، وذلك من خلال التعاون والتضامن بين الشعوب الإفريقية، واحترام سيادة الدول[44]
    فالتعاون الذي كان يقوم سابقا على روابط الثقة والوشائج التاريخية أصبح اليوم يرتكز أكثر فأكثر على النجاعة والمردودية والمصداقية ذلك أن النجاعة تعطي ثمارها على الدوام، كما أنها تعد الضمانة الحقيقية لبلوغ نتائج ملموسة وتحقيق تطور قابل للقياس واكتساب القدرة على الاستجابة للتطلعات فضلا عن كونها تكفل الجودة وتسهم في ترسيخ الثقة فيما تقتضي المصداقية وتسخير الثروات التي تزخر بها قارتنا في المقام الأول لصالح الشعوب الإفريقية، وهو ما يستوجب وضع التعاون جنوب-جنوب في صلب الشراكات الاقتصادية بين بلدانها، لذا وجب على إفريقيا الاستفادة من الفرص الذي يتيحها التعاون الثلاثي كآلية مبتكرة لتضافر الجهود والاستثمار الأمثل للإمكانات المتوفرة[45]
    فمن الوهم الاعتقاد بأن هناك فرق بين المشاريع الصغرى والكبرى، فكل المشاريع متساوية في أهميتها مادامت ذات جدوى وموجهة لخدمة المواطن. هناك طبعا مشاريع ذات بعد وطني والمغرب في طليعة البلدان التي تعرف هذا البعد تمام المعرفة، فالمشاريع الوطنية في مجال البنيات التحتية تعتمد كليا على الخبرة المغربية بدءا من مرحلة التخطيط، وإلى غاية التنفيذ والتطبيق سواء تعلق الأمر بالطرق السيارة والكهربة والسدود أو بالموانئ والمطارات، كما أن هناك أيضا مشاريع تكتسي أهمية خاصة رغم حجمها الصغير وذلك نظرا لتأثيرها المباشر على المواطن ولكونها تهدف لتحسين ظروف عيشه اليومي[46].

المحور الثالث: المرتكز الأمني

      عرف عن المغرب استعداده الدائم للانخراط في كل الحملات والعمليات الهادفة إلى إرساء واستتباب الأمن ومحاربة كل مظاهر الجريمة، نذكر منها الإرهاب والجريمة المنظمة بما فيها الاتجار بالمخدرات والأسلحة والبشر والهجرة غير الشرعية والجماعات المسلحة الإجرامية وتمويل الإرهاب بكل أشكاله فضلا عن ظاهرة تبييض الأموال هذه التحديات تشكل جميعها أخطارا تهدد الأمن المغاربي ومحيطه الإفريقي والمتوسطي[47].
       هذا ما دفع صناع القرار المغربي للانخراط في تفاعلات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغربها وقد تأسست هذه القناعة على الخبرة المغربية المتراكمة دبلوماسيا ومشاركتها عسكريا بجنود القبعات الزرق المغاربة في حفظ الأمن في مناطق التوتر  تحت غطاء منظمة الأمم المتحدة، لذا وجب ربط معالجة هذه التحديات الأمنية بمقاربة شمولية تستحضر أيضا المعطى الحقوقي والمعطيين التنموي والاقتصادي .
    فللمغرب رؤية إستراتيجية أمنية تتمثل في محاربة خلايا القاعدة الناتجة عن الفكر التكفيري العالمي ومحاولات دخول عناصره إلى المغرب عبْر شماله (قيادات إسلامية متطرفة  قادمة من أوروبا–الجماعة المغربية المقاتلة).
     فمنذ سنة 2007 عرفت الإستراتيجية الأمنية المغربية تحوّلات مع انتقال الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر إلى نواة تنظيمية للقاعدة في المغرب العربي أو ما يسميه هذا التنظيم نفسه ب"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامين حيث بدا أن هناك مؤشرات مخاطر أمنية إقليمية جديدة في نفس الفترة التي بدأت فيها العديد من التقارير الدولية تتحدث عن المغرب كمصدر رئيسي للموارد البشرية الانتحارية (هجرة الجهاديين) المتجهة إلى نقط التوتر (العراق، مالي، سوريا...) بالخصوص عبْر شمال المغرب عن طريق عملية الاستقطاب التي بدأت تُمارسها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على الشباب خاصة لما أظهرت بعض الأشرطة وجود مغاربة موضوع بحث وطني ضمن صفوف القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

المطلب الأول: معالجة قضايا الهجرة السرية

   تعد الهجرة غير القانونية مشكلة حقيقية تحتاج فيها دول المتوسط إلى المزيد من التعاون لوقف هذا النزيف لاسيما في اتخاذ إجراءات صارمة ضد المهربين والمتاجرين، فالمغرب باعتباره إحدى الدول المخاطبة من طرف الإتحاد الأوروبي بوقف المهاجرين السريين يعمل على اتخاذ إجراءات تحد من هذه الظاهرة ويعتبر من أكثر الدول التي تعاني من هذه الظاهرة لكونه بلد عبور ومصدر للهجرة السرية من خلال وجود آلالاف الأفارقة من جنوب الصحراء تنتظر فرصتها للعبور نحو الضفة الأخرى بطريقة غير شرعية[48] .
    فالتساؤل عن مفهوم الشراكة من زاوية نقد التصورات التي أطرت سياسة البلدان الأوروبية تستلزم  إثارة نقطة مهمة يتعلق الأمر بالتصورات الأمنية التي قاربت من خلالها دول الإتحاد الأوروبي قضايا الهجرة والعمالة الأجنبية والهوية والتنوع الحضاري والثقافي تبدو جد ضيقة لأنه (الإتحاد الأوروبي) يربط مشكل الهجرة فقط بالمعالجة الأمنية وإغلاق الحدود والمزيد من الضغط على الجاليات المسلمة وفرض الشروط والتأشيرات لمنع التحرك البشري نحو الضفة الشمالية[49]، وتفيد استطلاعات الرأي أن ظاهرة العداء للأجانب في ارتفاع مستمر وذلك يعزى لسببين رئيسيين:
- كثرة الأخبار السلبية حول الهجرة السرية والتوظيف السياسي لها من طرف بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة.
- الأحكام المسبقة لبعض الأوروبيين عن جيرانهم الجنوبيين المرتبطة بمآسي التاريخ المشترك والتي تتغذى يوميا من المشاكل الثنائية أو من التورط في الإجرام المنظم والإرهاب[50].
   إن معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية لا يمكن أن تكون أمنية بملاحقة المتسللين واعتقالهم، بل يجب أن تنبع من حوار شامل ومن مقاربة تضامنية وإنسانية تسمح بحرية تنقل الأشخاص والتبادل الإنساني حتى لا تظل الشراكة حبيسة التبادل التجاري والسلعي، حيث أظهرت الدراسات والتجارب ضعف المقاربة الأحادية للتعامل مع ظاهرة الهجرة كما أوضحت أيضا ضرورة بلورة إستراتيجية متعددة الأطراف وتكثيف اتفاقيات التعاون بين الحكومات والمنظمات العالمية للحد من هذه الظاهرة[51].
      ولن يتأتى ذلك إلا بانخراط الدول الغربية المستقبلة بالإسهام في إيجاد مشاريع اقتصادية عن طريق الاستثمار الفعال والجاد في الدول المصدرة للهجرة وإمدادها بمختلف الإمكانات التكنولوجية والعلمية[52]،إن هذه المقاربة ستنقل ظاهرة الهجرة من كنف الهواجس الدولية إلى فضاء التعاون التضامني وتجعلها مؤشرا قويا للتنمية والرفاه وفتح جسور الحوار بين الشمال والجنوب في عالم تسوده العولمة[53].

المطلب الثاني: تحقيق الأمن في منطقة الساحل والصحراء

     التزاما من المغرب بالمساهمة في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين اللذين يعتبران أسمى أهداف ميثاق الأمم المتحدة، عمل على التوقيع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب وتعزيز جهود التعاون الدولي في ذات الموضوع عن طريق المساعدات المتبادلة في إطار العلاقات الثنائية أو من خلال المنظمات الإقليمية عن طريق تنسيق وتكثيف جهود التعاون بين الدول الأعضاء في مجال مكافحة الإرهاب[54].
وقد تمكنت المملكة المغربية من تعظيم نفوذها الإقليمي في منطقة شمال إفريقيا من خلال دورها الفاعل في أزمة مالي، وهو الدور الذي جاء على حساب جارتها الجزائر صاحبة النفوذ الأكبر في قضايا المنطقة وكانت البداية مع انضمام المغرب إلى التدخل الذي قادته فرنسا في مالي، وهو الأمر الذي تمخض عنه تعاظم الدور المغربي في الشأن المالي وصولاً إلى الاجتماع الذي عقد في المغرب في نونبر 2013 والذي وافق فيه وزراء خارجية 19 دولة، من بينها فرنسا، وليبيا، ومالي على اتفاق على إنشاء معسكر تدريب مشترك لتأمين الحدود وهو الاتفاق المعروف باسم "إعلان الرباط"[55]

المحور الرابع: المرتكز السياسي

    تأتي زيارة الملك محمد السادس لدول إفريقيا من أجل إعادة التوازن للسياسة الخارجية وإعطاء دفعة جديدة للدبلوماسية المغربية من جديد: عبر تفعيل سياسات وإستراتيجيات جديدة تتناسب مع مستجدات الواقع الدولي والإقليمي وتحولاته[56]، وفي هذا السياق تأتي أهمية هذه العلاقات لإعادة تشكيل الأدوار الإقليمية التي يمكن أن يلعبها المغرب في المنطقة وأخذ زمام المبادرة لخلق بيئة مواتية لتعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي والثقافي والديني في ظل التوتر الذي تعيشه منطقة غرب إفريقيا بسبب ما يحدث في مالي وتحديات قضية الصحراء المغربية[57].

المطلب الأول: التعريف بمقترح الحكم الذاتي المراد تطبيقه في الإقليم الجنوبية  

    لقد حظيت المقاربة التي وضعها صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل التوصل إلى حل نهائي لقضية الصحراء بإشادة المجموعة الدولية، حيث نوهت بالطابع الجدي وذي مصداقية والواقعية لمقترح الحكم الذاتي بالصحراء تحت السيادة المغربية وكذا بالحمولة الإستراتيجية للنموذج الجديد للتنمية بالأقاليم الجنوبية النابع من مقاربة تستجيب لطموحات المواطنين في إطار منفتح ومتنوع وحريص على تعزيز حقوق الإنسان ويأتي قرار مجلس الأمن الدولي الهادف إلى تجديد مهمة بعثة المينورسو دون تغيير طبيعة اختصاصاتها ليؤكد حكمة وتبصر المقاربة التي اعتمدتها المملكة في هذا الملف مجددا التأكيد على محددات حل سياسي نهائي لقضية الصحراء[58].
      فالمبادرة المغربية للتفاوض من أجل حكم ذاتي في الأقاليم الصحراوية جاءت تجسيدا لسياسة المملكة المغربية في دعم الاستقرار السياسي على المستوى الإقليمي، وذلك من خلال ترجيح التسوية السلمية للنزاع في الصحراء المغربية التزاما بميثاق الأمم المتحدة وخاصة الفصل السادس منه الذي يدعو إلى فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدوليين عرضة للخطر وتجسيدا لمبادئ  ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة المادة 33 منه التي تحث على اللجوء إلى التفاوض كأول وسيلة من الوسائل السلمية لتسوية المنازعات الدولية وتجسيدا للمبادئ العامة التي ينص عليها ميثاق هيئة الأمم المتحدة من خلال الالتزام بتوفير سلطة تشريعية منتخبة بكل حرية وسلطة تنفيذية بموافقة ساكنة الأقاليم الصحراوية وسلطة قضائية تهتم بتطبيق القانون حتى يتسنى تسيير شؤونها بنفسها [59].
     لهذه الغاية لم يتطرق المقترح للتفاصيل الخاصة بمشروع الحكم الذاتي وإنما اقتصر في الوقت الراهن على تقديم الخطوط العريضة للمشروع، وكذا المبادئ العامة المحددة لكيفية عمل نظام الحكم الذاتي وهو ما يجعل المقترح قابلا للإثراء باقتراحات باقي الأطراف خلال المفاوضات[60]، وقد رعى الحكم الذاتي للخصوصيات الاجتماعية والثقافية للجهة واحترم المعايير الدولية في مجال الحكم الذاتي في الدول الديمقراطية الأكثر تقدما، ووازن بين الحفاظ على سيادة المملكة وصون وحدتها الوطنية والترابية من جهة وتخويل صلاحيات واسعة لجهة الحكم الذاتي توفر لها هيئات خاصة بها لتمكين سكانها من تدبير شؤونهم بأنفسهم ويشكل ديمقراطي من جهة أخرى[61].
    إن إيجاد مقاربة متمثلة في صيغة الحكم الذاتي تتيح بناء تجربة جديدة تجمع بين الحق في الحكم المحلي في إدارة الشأن العام مع الانتماء الوطني لهوية تتجاوز الإطارات القبلية والمحلية وتندمج في كيان مغربي متعدد الثقافات والخصوصيات[62]، فاقتراح كيان جهوي له استقلال ذاتي تحت السيادة المغربية سيمكن من اختبار مسلسل الجهوية بالملموس[63]، ويضع حدا لكل الأطروحات الهدامة التي تروج لصالح الانفصال فالأمر يتعلق بمجال جهوي لعب على مر التاريخ دورا أساسيا في علاقات المغرب ببلدان جنوب الصحراء وجزءا لا يتجزأ من تراب الوطن بل أكثر من ذلك تعد الصحراء مصدرا روحيا للمغاربة ومهدا للزوايا الدينية ومجالا حاملا لعلاقات قرابة بين قبائل الشمال والجنوب[64].
     ويبدو أن الحل السياسي المتفق حوله هو الذي سيمكن من حسم إشكالية الوحدة الترابية للدولة المغربية مما سيمكن المنطقة من تعاقد مجتمعي تسمح شروط خصائصه بتفتح كل الكفاءات والطاقات بما يضمن تقدمه واستمرار توازنه[65]، فهدم التطرف والانفصال والانتصار لأدوات الديمقراطية وتشييد دولة القانون هو الطريق المحمود والسبيل المأمول نحو إنجاز المهام الحقيقية للإصلاح، فلا حديث عن قوة الدولة دون مجتمع متكامل ومندمج معها أو في أدنى الحالات متصالح معها في الأولويات والضروريات[66] .

المطلب الثاني: الوساطة بين سلطات باماكو والحركة الوطنية لتحرير أزواد

     يمكن التأكيد على أن جولة الملك محمد السادس لمالي تطمح الى تحقيق الاستقرار السياسي لدولة مالي وفق لاتفاق واغادوغو المبرم في يونيو 2013، فالمغرب هو البلد الوحيد الذي له من الامكانيات الدبلوماسية والمؤهلات التفاوضية لإخراج مالي من أزمتها بجمع الأطراف المتصارعة في هذا البلد الشقيق حول الصيغة النهائية لوساطة مغربية في نزاع الرئيس المالي مع الحركة الوطنية لتحرير”ازواد” المطالبة بانفصال شمال مالي،
     فاستقبال الملك محمد السادس لبلال اغ الشريف الأمين العام ل”ازواد” والناطق الرسمي باسم الحركة وأدائهما صلاة الجمعة بجامع الكتبية ما هي إلا رسالة قوية لدول العالم أن المغرب رقم صعب داخل المعادلة الدولية بالرغم من عدم توفره لا على بترول ولا على غاز طبيعي، وأن الجزائر أصبحت غير مرغوب فيها للعب دور الوساطة وقد أبدت الحركة عدة تحفظات حول الدور الجزائري:   
الأول: أن الجزائر جزء من المشكلة وليست جزء من الحل نظرا لتدخلها في الأزمة لصالح حكومة باماكو وتوقيع سلسلة من الاتفاقيات الأمنية معها التي تطال الطوارق وليس الحركات المرتبطة بتنظيم القاعدة.
الثاني: أن الجزائر توسطت في الماضي بين الطوارق والحكومة المركزية ووقعت اتفاقيات مع السلطات المالية دون أن تترجم جزئيا أو كليا إلى خطوات عملية من جانب الحكومة المركزية التي ظلت تتعامل مع مشكلة الطوارق بالحل الأمني.
الثالث: أن الجزائر وطوال الأزمة منذ عام 2012 وحتى التدخل الدولي في يناير 2013 أيدت التدخل العسكري ودون المشاركة فيه
الرابع: أن الجزائر تفصح عن موقفها الرافض لمنح منطقة شمال مالي الحكم الذاتي، وهو ما تتبناه عدة حركات المجلس الأعلى لوحدة أزواد والحركة الوطنية لتحرير أزواد والحركة العربية الأزوادية.

خاتمة:

   يجب الإشادة بالعمل الاستراتيجي الذي تقوم به الدبلوماسية الملكية داخل القارة السمراء رغم توجس أطراف أخرى من قبيل الجزائر من خلفيات ودواعي الزيارات الملكية لتلك الدول الإفريقية، فالمغرب يمكن اعتباره الفارس الشجاع الذي له من المؤهلات الدينية للقضاء على التطرف الديني بالمنطقة، وهو الدور الذي لا يمكن للجزائر أن تلعبه وذلك بفضل الروابط الدينية- التاريخية التي تجمع المغرب وباقي الدول الافريقية المسلمة، لدى حان الوقت ليتبوء المغرب مكانه الطبيعي داخل الاتحاد الإفريقي.
 
 
 
الهوامش
[1]  محمد ولد الفضل، السياسة الخارجية المغربية اتجاه إفريقيا جنوب الصحراء على عهد الملك محمد السادس، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة دار المهراز، فاس، كلية العلوم العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، السنة الجامعية 2012-2013، ص 52
[2]  محمد زين الدين، المؤسسة الملكية في مغرب العهد الجديد، قراءة دستورية سياسية في مسار عشرية ملك، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، السنة 2009، ص 191
[3] سعيد الصديقي، صنع السياسة الخارجية المغربية، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة محمد الأول، وجدة، كلية العلوم العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، السنة الجامعية 2001- 2002، ص 83
[4] Nabil Ouchagour, Maroc-Afrique : modèle de co-développement sud-sud ?, samedi 22 février 2014  http://www.afrik.com
[5]  عبد الحق عزابي، الأسرة العلوية رمز الاستقرار والوحدة، مجلة دعوة الحق، الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مطبعة فضالة، المحمدية، العدد 375، السنة 44، السنة 2003، ص 25
[6]  محمد عاشور مهدي، في إفريقيا قراءة في ضوء الدوافع والواقع والتحديات، قراءة إفريقية، العدد السادس، شتنبر 2010، ص 28
[7] Alain antil, le royaume du maroc et sa politique Anvers l’Afrique sub-saharienne, institut français des relations internationales, nombre 2003 
[8]   بلال التليدي، الدبلوماسية المغربية والانعطافة إلى إفريقيا، جريدة المنعطف، 13/03/2013، ص 04
[9]  عبد الرحيم المنار أسليمي، المعرفة والسياسة بالمغرب، مجلة وجهة نظر، عدد 24، السنة 2005، ص 31
[10]  الحاج محمد غومريس، السياسة الخارجية المغربية-مقاربة إبستمولوجية وتجريبية، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى، السنة 2001، ص  15
[11] هند بطلموس، الفاعلون الجدد في السياسة الخارجية المغربية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط،، كلية العلوم العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، السنة الجامعية 2006-2007، ص 136.
[12]  عادل مساوي، علاقة المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء بعد انتهاء القطبية الثنائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط،، كلية العلوم العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، السنة الجامعية 2002-2003، ص 78.
[13]  الحسان بوقنطار، السياسة الخارجية المغربية- الفاعلون والتفاعلات، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى، السنة 2002، ص 193.
[14]  عادل مساوي، علاقة المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء بعد انتهاء القطبية الثنائية، نفس المرجع، ص 38.
[15]  وهي كل من الزاوية القادرية والزاوية التيجانية على سبيل المثال.
[16]  عمر العمري، الطريقة التيجانية بالمغرب...صوت مكتوم ومشيخة غائبة، مجلة مدارك، العدد 8، فبراير 2007. ص 78.
[17]  محمد السادس ملك المغرب، رسالة الملك الى المشاركين في الاجتماع الثالث لأتباع الطريقة التجانية المنعقد بفاس، انبعاث أمة، الجزء 59، القسم الأول، منشورات القصر الملكي، المطبعة الملكية، الرباط، السنة 2014، ص 84.
[18]  أحمد الأزمي، دور الزاوية التيجانية في تمتين الروابط بين مدينة فاس وإفريقيا جنوب الصحراء، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، السنة 1995، ص 247. 
[19] Mohammed tozy, l’évolution du champ religieux marocain, au défi de la mondialisation, revue internationale de politique comparée, vol 16, n1, année 2009, p63
[20] منتصر حمادة، الوهابية في المغرب، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، المطبعة الأولى، السنة 2012، ص 17
[21]  نتحدث عن نظم تعليمي شهير صدر يوما عن ابن  عاشور وجاء فيه:
        في عقيدة الأشعري وفقه مالك        وفي طريق الجنيد المسالك
[22] Malika zeghal, les islamistes marocains : le défi de la monarchie, la découverte, paris, année 2005, p   29
 [23] Hassan zouaoui, la régulation politico-institutionnelle du champ religieux au maroc, cahier politique et droit, n 4,  janvier 2011, p4
[24] عبد الهادي التازي، المذهب المالكي كشعار من شعارات الدولة المغربية، ورقة قدمت لندوة الإمام تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بفاس، 25و 26 و27 أبريل 1980 ، الجزء الأول، ص 87
 [25] كوثر المعتز، الدولة المغربية والمذهب المالكي دراسة في إشكالية العلاقة بين السلطة السياسية والسلطة المعرفية في المغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة الجامعية 2005-2006، ص 94
[26] محمد السادس ملك المغرب، خطاب العرش الموجه إلى الأمة بتاريخ الأربعاء 30 يوليوز 2003، انبعاث أمة، الجزء 48 القسم الثاني، منشورات القصر الملكي، المطبعة الملكية، الرباط، 2013، ص 54
[27] أحمد بن خالد الناصري، الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، الجزء الأول، دار الكتاب، الدار البيضاء، السنة 1955، ص 137
[28]  ندوة الإمام مالك، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فاس، 26-27-28 أبريل 1980
[29]  عمر الجيدي، محاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإسلامي، منشورات عكاظ، الدار البيضاء، السنة 1987، ص 05
[30] عبد المالك السفياني، مدونة الأسرة بين المذهب المالكي والإنفتاح على المذاهب الفقهية الأخرى، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية 2006-2007، ص 29
[31] كوثر المعتز"المذهب المالكي وبناء الدولة في المغرب الأقصى"، ضمن المؤلف الجماعي المعرفة والسلطة بالمغرب، قضايا راهنة، تنسيق احمد بوجداد، الطبعة الأولى، النجاح الجديدة، السنة 2005، ص 58
[32] عماد المرزوق، الفقه السياسي عند المالكية في الغرب الإسلامي، أطروحة لنيل الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، كلية الأداب والعلوم الإنسانية، سايس، السنة الجامعية 2012-2013، ص 135
[33] يوسف مازي، الثوابت الدينية بالمغرب، عامل من عوامل استقرار البلاد وائتلاف قلوب العباد، مجلة أنوار، صادرة عن المجلس العلمي المحلي ببني ملال، العدد الأول، السنة الأولى، 2012، ص 91
[34]  عماد المرزوق، الفقه السياسي عند المالكية في الغرب الإسلامي، نقس المرجع، ص 138
[35] محمد معتصم، التطور التقليداني للقانون الدستوري المغربي، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة الجامعية 1987- 1988، ص 157
[36] يوسف مازي، الثوابت الدينية بالمغرب، عامل من عوامل استقرار البلاد وائتلاف قلوب العباد، مجلة أنوار، صادرة عن المجلس العلمي المحلي ببني ملال، العدد الأول، السنة الأولى، 2012، ص 88
[37] عباس بوغالم، المؤسسة الملكية والمسألة الدينية بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، السنة الجامعية 2008-2009، ص 59
[38] خطاب الملك محمد السادس أثناء تنصيب المجلس العلمي الأعلى والمجالس الإقليمية، 15 دجنبر 2006، خطب إمارة المؤمنين  في الشأن الديني  والنصوص المنظمة للمؤسسة العلمية، منشورات المجلس العلمي الأعلى، دجنبر 2006، ص 155
[39] Nazha alaoui m’hammedi, coopération économique et financière maroc/Afrique et perspectives de son développement, journée études de institut royale d’étude stratégique, rabat 20 juillet 2010
[40]  يونس دافقير، خيار استراتيجي ينتج قيمة رمزية، الملك الإفريقي، جريدة الأحداث المغربية، عدد خاص، الإثنين 13 شعبان 1436، الموافق ل 01 يونيو 2015، ص 03
[41] الملك محمد السادس يعزز موقع المغرب كفاعل أساسي في أفريقيا http://www.middle-east-online.com/?id=201877
 
 
 
 
[42]  محمد بن امحمد العلوي، المملكة المغربية... بين زمام المبادرة وانتهاز الفرص في العمق الإفريقي، http://middle-east-online.com/?id=151800
[43] Visite royale en Afrique: bilan exceptionnel, www.challenge.ma
[44] Lahcen Oudoud, Les relations économiques maroco-ivoiriennes accèdent à un nouveau cycle de développement, LE MATIN, www.lematin.ma/special/2013
[45]  أي مكاسب ستحققها الجولة الملكية في إفريقيا؟ http://m.alraiy.com/2015/05/23/40853/
[46]  أحمد الشرعي، الرهانات الإفريقية الكبيرة، ترجمة سعيد نافع، الملك الإفريقي، جريدة الأحداث المغربية، عدد خاص، الإثنين 13 شعبان 1436، الموافق ل 01 يونيو 2015، ص 03
[47] Berdely L, les stratégies sécuritaires américaines et européennes au Maghreb :impact sur les droits de l’homme et sur l’évolution politique des pays de la région, revu du marche commun de l’union européenne, n 518, mai 2008, p 298
[48]  مولاي الطيب الشرقاوي، "تقديم القانون رقم 03-02  المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة"، عنوان الندوة إشكالية الهجرة على ضوء القانون رقم 03-02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية و بالهجرة غير المشروعة، أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل ووزارة الداخلية،مراكش، يومي 19 و 20 دجنبر 2003، منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية و القضائية، سلسة الندوات و الأيام الدراسية العدد 01 2004 الطبعة الثانية، نونبر 2005، ص 20
[49]  عبد اللطيف معروفي: الهجرة السرية والمهاجرون بدون أوراق في العلاقات المغربية الأوروبية، النموذج الهولندي، منشورات الجمعية المغربية للأبحاث والدراسات حول الهجرة، الرباط، ص 4
[50]  نور الهدى القندوسي، السياسية الخارجية للمغرب وإشكالية الهجرة في دول الإتحاد الأوربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد الأول، وجدة 2007-2008، ص 59
[51]  خديجة بوتخيلي، الدينامية الجديدة للهجرة الدولية في ظل العولمة:المغرب نموذجا، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق، وجدة، 2004-2005، ص 94
[52]  أحمد الجلالي: الحراكة… الموت لمواجهة الحياة، كتاب يومية الصباح، الرباط، 2001.
[53]  خديجة بوتخيلي، الدينامية الجديدة للهجرة الدولية في ظل العولمة:المغرب نموذجا، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق، وجدة، 2004-2005، ص 100
[54]   أحمد أبو الوفا، ظاهرة الإرهاب الدولي، مجلة السياسة الدولية، العدد 161، يوليوز 2005، ص 29
[55] http://www.alhurra.com/content/rabat-regional-borders-security/237027.html
[56]  Jean-Yves De Cara, Mohamed VI l’Africain, observatoire d’étude géographique, mars 2014
[57] marochebdo international, Le Maroc malgré tout, n1036 du 02 août au 05 septembre 2013
[58]  الداهية ولد محمد فال، قضية الصحراء الغربية: مقاربة للحلول، المجلة العربية للعلوم السياسية، عدد 37، شتاء 2013، ص 181
[59]  حمد علي داهش، مشكلة الصحراء الغربية، مركز الدراسات الإقليمية، مطبعة دار ابن الأثير للطباعة والنشر جامعة الموصل، السنة 2009  
[60]  على الشامي، الصحراء الغربية عقدة التجزئة في العالم العربي، بيروت، ط1، 1980، ص7.
[61]   واصف منصور، قضايا دولية معاصرة، مطبعة النشر المغربية، الدار البيضاء، 2008، ص 188
[62]  يونس مجاهد، الصحراء المغربية في 2006: منعطف ولكن؟، جريدة الاتحاد الاشتراكي، عدد 8443، الاثنين 1 يناير 2007، ص 7
[63]  جون فرانسوا تروان وآخرون، المغرب: مقاربة جديدة في الجغرافية الجهوية، دار طارق للنشر المغرب، 2006، ص 416
[64]  ميغيل هيرناندو دي لارامندي، السياسة الخارجية للمغرب، المغرب، منشورات الزمن، الطبعة الأولى 2005، ص 73
[65]  عبد الله حافيظي السباعي، قضية الصحراء، بين أزمة السياسات المتبعة وسيناريو تطبيق الحكم الذاتي، مجلة وجهة نظر، عدد 28، السنة 2006، ص 42
[66]  محمد بوبوش: الصحراء ومفهوم الاستقلال الذاتي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق أكدال، الرباط، السنة 2004،  ص 73 
الخميس 25 يونيو 2015