MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



بعض إشكالات تصفية الوقف المعقب بالمغرب

     

ذ. أحمد بابعلي
محام متمرن بهيئة مكناس



بعض إشكالات تصفية الوقف المعقب بالمغرب

إذا كانت مجموعة من التشريعات قد ألغت نظام الوقف بصفة نهائية كالمشرع التونسي ولمبررات متعددة ومختلفة ، فالمشرع المغربي لم يسلك طريق الإلغاء والمنع بل حاول إعادة تنظيمه ومراجعة القواعد القانونية المؤطرة له بهدف تطويعه وتفادي مشاكله .

وأهم ما تم إنجازه في هذا الإطار هو وضع مدونة الأوقاف التي تم من خلالها تجميع النصوص القانونية المتفرقة، و خلق بعض الآليات الرامية إلى الحد من المشاكل التي تعرفها العقارات الوقفية خاصة المعقبة  منها موضوع هذه الدراسة، فأصبح بإمكان الواقف الرجوع عن وقفه وتحديد عدد طبقات الموقوف عليهم، مع فتح إمكانية تصفيته وإنهائه كحل جذري كلما توفرت شروط ذلك.

واعتبارا لأهمية مسطرة تصفية الوقف المعقب التي خصصت لها مدونة الأوقاف المواد من 122 إلى 128، فإننا سنحاول تسليط الضوء عليها وعلى أبرز إشكالاتها في علاقتها بالقوانين والأنظمة العقارية الأخرى، وذلك دون الدخول في تفاصيل حالات التصفية والجهات المكلفة بها وإجراءاتها.
فما هي إذن أهم الصعوبات التي تواجه مسطرة تصفية الأوقاف المعقبة ؟

قد تواجه عملية التصفية مجموعة من الصعوبات تختلف وتتنوع بحسب ما إذا كان سببها يرجع إلى النصوص القانونية أو إلى العمل الإداري، فمقرر تصفية الوقف المعقب قد يصدر سليما محترما لمقتضيات مدونة الأوقاف ونصوصها التطبيقية إلا أنه لم يراع ما جاء في نصوص قانونية لأنظمة عقارية أخرى كنظام التحفيظ العقاري (المطلب الأول) أو قوانين مراقبة العمليات العقارية (المطلب الثاني)، الأمر الذي يتسبب في عرقلة تنفيذه ويفرغه من محتواه.

المطلب الأول: تنفيذ مقرر التصفية في علاقته بنظام التحفيظ العقاري

بما أن الوقف المعقب قد يكون موضوعا لمسطرة التحفيظ، فيمكن أن يحدث وتتعارض مقتضيات هذه المسطرة مع عملية تصفيته، خاصة في الحالة التي يتعلق فيها الأمر بوقف معقب في طور التحفيظ (الفقرة الأولى).
 وهذا دون إغفال حجم الإشكالات الناتجة عن عدم انطلاق مقررات تصفية الأوقاف المعقبة من الوضعية القانونية المبينة في الرسوم العقارية، وعن عدم تحيين الرسوم العقارية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: كيف تعرقل مسطرة التحفيظ العقاري تنفيذ مقررات التصفية ؟

يبقى دائما من حق الموقوف عليهم أن يتقدموا بمطالب لتحفيظ العقارات الموقوفة عليهم، إذا ما أثبتوا ملكية الواقف للعقارات التي وقفها مع تعيين الملك تعيينا واضحا ودقيقا والإدلاء بما يفيد تحبيسه .
هكذا فإن تقديم المستفيدين من وقف معقب لمطلب تحفيظه اعتمادا على رسم التحبيس، سيمكن من تسجيله في اسم الموقوف عليهم المذكورين في هذا الرسم دون أي مشاكل تذكر، لأن اعتماد عملية التحفيظ على وثيقة التحبيس يجنب تنفيذ مقرر التصفية فرضية الوقوع في تعارض المستفيدين المقيدين بالرسم العقاري الذي سيؤسس مع ما هو مقيد في هذه الوثيقة، مادام أن الوثيقة المعتمدة في كلتا المسطرتين – التحفيظ والتصفية -  هي نفسها.
لكن الإشكال الذي يطرح هو في الحالة التي يتم فيها إجراء عملية تحفيظ الوقف المعقب بناء على وثائق ومستندات غير وثيقة التحبيس  ، إما بسبب عدم العثور على ما يفيد تحبيسها لأن ذلك في حالات كثيرة كان يتم بشكل شفوي خاصة في القرى والبوادي ، أو بسبب إتلافها عمدا حتى يتم السطو عليها وتفويتها  .
هكذا يمكن أن يتقدم بعض الموقوف عليهم دون الآخرين أو يتقدم أشخاص غير موقوف عليهم إلى المحافظة العقارية بمطلب لتحفيظ وقف معقب، مستندين في ذلك على شواهد أو وثائق غير وثيقة التحبيس فيتم تحفيظ الوقف في اسم هؤلاء، وبالموازاة مع ذلك تجري عملية للتصفية منصبة على نفس الوقف بالاعتماد على رسوم أخرى تبين أن الموقوف عليهم غير أولئك الذي تم إنشاء الرسم العقاري في اسمهم أو أنه يوجد إلى جانب هؤلاء موقوف عليهم آخرين.
فعند تحققت هذه الفرضية فإن ترتيب التصفية لآثارها سيصبح من الأمور المستعصية بل المستحيلة، نتيجة القوة المعطاة للرسم العقاري في مواجهة ما عداه من الرسوم ، مما يجعل التصفية تصطدم بواقع قانوني جديد للوقف غير ذلك الذي انطلقت على أساسه ومن ثمة ظهور صعوبة في تنفيذه.
 ويبقى الحل الوحيد هو إعادة تحيين مقرر التصفية لمطابقته مع الرسم العقاري المؤسس للوقف المعقب، أو إعادة مسطرة التصفية من أولها حتى تأخذ بالحسبان الوضعية الجديدة التي أصبح عليها الوقف بعد تحفيظه.
وقد كان من الأجدر تجاوزا للإشكال أعلاه، أن يتضمن القانون المنظم لمسطرة التصفية مقتضيات تمنع تقديم مطالب لتحفيظ الأوقاف المعقبة محل مسطرة التصفية، كما هو عليه الأمر بالنسبة لعملية التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة والأملاك الغابوية.
 فحسب الفصل الثالث من ظهير10/1/1916  المنظم لعملية التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة فإنه من يوم صدور مرسوم بدء أعمال التحديد وإلى غاية المصادقة على عملياته لا يسوغ التعاقد على شيء مما اشتملت عليه حدود العقار المشروع في تحديده إلا بشرط الحصول على شهادة بعدم التعرض من الإدارة التي لها النظر في ذلك، ونفس المنع يهم تقديم مطلب لتحفيظه، فالتحفيظ يجب أن يكون فقط على وجه التعرض على أعمال التحديد وفقا للفصل الخامس من نفس الظهير.
بل الأكثر من ذلك يمكن وضع مقتضيات مشابهة لتلك المتعلقة بتحديد وتحفيظ العقارات التي صادرتها الدولة والتي حسب الفصل الأول من ظهير 17/05/1960   يتم بمبادرة من مدير الأملاك المخزنية سحب كل مطالب التحفيظ التي تقدم بها الأشخاص المدانون لتحفيظ العقارات المصادرة وذلك بمجرد أن يصدر القرار بذلك.
ليبقى السبيل الوحيد هو تمديد الحصانة المقررة للأوقاف العامة ضد التحفيظ العقاري (المادة 54 من مدونة الأوقاف) إلى الأوقاف المعقبة وذلك اعتماد على تأويل المادة 50 من المدونة والتي تعرف الوقف العام بأنه " كل وقف خصصت منفعته ابتداء أو مآلا لوجوه البر والإحسان وتحقيق منفعة عامة"، فكلمة مآلا يقصد بها الوقف المعقب حسب القراءة الشمولية للمدونة باعتباره يؤول عند انقراض الموقوف عليهم وعدم وجود ورثة للواقف إلى الأوقاف العامة.
 كما أن الاجتهاد القضائي يسوي هو أيضا بين الوقف العام وبين الوقف المعقب في الحماية ضد قاعدة التطهير ، بحيث جاء في قرار المجلس الأعلى عدد 363 "...وبهذا تكون العقارات الحبسية العامة منها والمعقبة تطبق عليها نفس القوانين...وحيث أنه لا يمكن الاحتجاج بالتطهير الناتج عن تحفيظ العقار المذكور تجاه حقوق محبسة غير قابلة للتصرف إلا باذن جلالة الملك، مما يجعل تحفيظ العقار المذكور في اسم المدعى عليه باطلا..."  .
فمثل هذه النصوص القانونية والاجتهادات القضائية ستمكن من المطالبة بإبطال الرسوم العقارية المؤسسة دون الاعتماد على رسم التحبيس وبالتالي تفادي التعارض الذي تمت الإشارة إليه بين هذا الأخير وقرار التحفيظ العقاري. نضيف إلى ذلك الاجتهاد القضائي الذي أقر مبدأ الاعتماد في تحفيظ العقارات الوقفية فقط على وثيقة التحبيس دون غيرها من المؤيدات ، مما سيمكن من تجاوز إشكالية الترامي على الأملاك الوقفية بصفة عامة سواء من طرف الغير أو من بعض الموقوف عليهم.
كذلك من الصعوبات التي قد تنجم عن تعارض مسطرة تصفية الأوقاف المعقبة ومسطرة التحفيظ العقاري الحالة التي يصدر فيها قرار بتصفية وقف معقب معين ويرتب آثاره بين المستفيدين بقسمة الوقف عليهم، ثم يحدث أن يتقدم بعض المستفيدين أو أحدهم بمطلب لتحفيظ حصته فيتعرض أحد المستفيدين بدعوى تملك حقوق مشاعة مع طالب التحفيظ، ويصرح القضاء بصحة التعرض أو التعرضات فيترتب عنه إرجاع الوضع إلى حالته السابقة أي الشياع بين المتعرضين وطالبي التحفيظ، وبالنتيجة إفراغ التصفية من محتواها بعد أن تكون قد قضت بقسمة بتية للوقف .
وهذه الفرضية يمكن تحققها خاصة إذا كانت مسطرة التصفية قد تمت بناء على وثائق ومؤيدات غير رسم التحبيس وظهرت فيما بعد وثيقة ذات حجية أكبر أو رسم التحبيس نفسه، ليجد بعض المحبس عليهم الذين تم حرمانهم عند تصفية الوقف المعقب ما يثبتون به حقهم في الوقف، وبناء عليه يتقدمون بتعرضات على مطالب التحفيظ المقدمة من المستفيدين من التصفية، فترجع وضعية الوقف المعقب إلى ما كانت عليه قبل التصفية إذا قبلت تعرضاتهم، ليصير مقرر التصفية من دون أية قوة قانونية تذكر سواء بين الموقوف عليهم أو بينهم وبين غيرهم .
والإشكالات السابقة لا نجد لها مكانا عندما يتعلق الأمر بأوقاف معقبة محفظة، فشهادة المحافظة العقارية لا تترك مجالا لتعارض رسوم التحبيس مع ما هو مسجل بالرسم العقاري، بسبب الدقة الكبيرة في حصر عدد الموقوف عليهم وأنصبتهم.
ولمحاولة تجاوز كل ما سبق من صعوبات، على إدارة الأوقاف التنسيق مع مصلحة المحافظة العقارية من أجل التحقق قبل إجراء التصفية وفرز الأنصبة من وجود مطالب للتحفيظ تهم الوقف المعقب المراد تصفيته، ومنع إدراج مطالب للتحفيظ بعد أن تكون مسطرة التصفية قد شرع فيها.

الفقرة الثانية: أثر عدم تحيين الرسوم العقارية على تنفيذ مقررات التصفية

كلما انصبت التصفية على وقف معقب محفظ إلا واستلزم ذلك بداهة اعتمادها على ما هو مضمن بالرسوم العقارية، هذه الأخيرة التي يجب بدورها أن تكون محينة وتعكس الوضعية الحقيقية للوقف المعقب.
 لكن ما يحدث هو أنه غالبا ما تعتمد مسطرة التصفية على الرسم العقاري وعلى ما هو مقيد عليه من مستفيدين وأنصبتهم وأصحاب الحقوق والتحملات العقارية، مع العلم أن الرسوم العقارية بالمغرب تعاني من أزمة عدم التحيين، فغالبا ما تكون الوضعية الفعلية للعقار غير تلك التي يعكسها الرسم العقاري بسبب عدم مبادرة الأشخاص الذين اكتسبوا حقوقا على هذه العقارات إلى تقييدها .
 هكذا فولادة عقب جديد وعدم تقييده بالرسم العقاري قد يؤدي إلى صعوبات كبيرة عندما يتم الاعتماد في عملية التصفية على مثل هذه الرسوم، فذلك أولا قد يحرم هذا العقب من نصيبه عند التصفية رغم أنه فعليا يستفيد من عائدات الوقف ، وفي مقام ثان فهو يفرز وضعيات مستعصية قد تفرغ مقررات التصفية من محتواها لكونها لا تمت بصلة بعدد المستفيدين الحقيقيين وأنصبتهم والحقوق التي يمكن أن يكون العقار قد تحمل بها بسبب عدم تقييد ذلك كله بالرسوم العقارية  .
وللخروج من هذه الوضعية يجب اشتراط ضمن ملف التصفية وثيقة تشهد من خلالها المحافظة العقارية بالوضعية القانونية للعقار الموقوف وقفا معقبا محل التصفية  ، مع العمل على تحيين الرسوم العقارية المتعلقة بها قبل الشروع في التصفية.
ولحسن الحظ أن هناك بعض نظارات الأوقاف تحرص عند توجيهها لملفات التصفية إلى وزارة الأوقاف أو إلى لجنة التصفية على إثارة انتباه هذه الجهات إلى ضرورة حصر المستفيدين الذين ستشملهم عملية التصفية وإدراج أسمائهم بالمحافظة العقارية وألا تتم القسمة إلا بعد أن تصبح الرسوم العقارية تامة ومحينة، بل لا يقتصر الأمر على حث هذه الجهات على تحيين عدد الموقوف عليهم وتسجيلهم بالرسوم العقارية، بل كذلك تصحيح أنصبتهم  .

المطلب الثاني: حدود تأثير الأنظمة العقارية المقيدة للتقسيم على تنفيذ مقررات التصفية

عرف مغرب ما بعد الاستقلال إصدار المشرع لمجموعة من القوانين التي سعى من خلالها إلى إخضاع العمليات العقارية لرقابة الدولة ضبطا للتصرفات وتحكما في السوق العقارية.
فما هو تأثير تطبيق قوانين إصلاح الهياكل العقارية الفلاحية (الفقرة الأولى)، والقوانين المتعلقة بتدبير المجال على عملية تصفية الأوقاف المعقبة وتنفيذ المقررات الصادرة بشأنها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تأثير قوانين الإصلاح الفلاحي   على تنفيذ مقررات التصفية

سنبدأ بما جاء في الفصل الرابع مكرر من ظهير ضم الأراضي الفلاحية المعدل بظهير 25 يوليوز 1969 والذي نص على أنه " ابتداء من التاريخ الذي ينشر فيه بالجريدة الرسمية الإعلان عن إيداع التصميم و البيان التجزيئيين بمقر السلطة المحلية وإلى أن ينشر المرسوم الصادر بالمصادقة على ضم الأراضي بعضها إلى بعض فإن جميع العقود الاختيارية المبرمة بغير عوض أو بعوض والمتعلقة بالتخلي الكلي أو الجزئي عن الأراضي الواقعة داخل منطقة الضم التي يهمها هذا النشر أو بمعاوضتها  أو قسمتها تكون ممنوعة وإلا اعتبرت باطلة".
وهذا الحكم يسري على جميع العقارات التي شملها قرار وزير الفلاحة بضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض، أي على العقارات الموقوفة وقفا معقبا هي أيضا إذا كانت ضمن المنطقة المشمولة بالقرار المذكور.
بل إن المنع من التقسيم يسري كذلك على المرحلة ما بعد المصادقة على مشروع الضم، فقد نص الفصل 22 من ظهير ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض كما تم تتميمه على منع كل قسمة للأراضي المتواجدة بمنطقة الضم ابتداء من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية لمرسوم المصادقة على مشروع ضم الأراضي الفلاحية، إلا بعد الحصول على إذن من لجنة الضم و أن تكون الأجزاء المتحصل عليها بعد القسمة متوفرة على مرافق تسهل استغلالها، أو أن تكون هذه العقارات واقعة بمنطقة يشملها تصميم النمو والتي حصل أصحابها على رخصة بالتقسيم من الجماعة المحلية المختصة.
ولما كانت تصفية الأوقاف المعقبة تشكل في جوهرها قسمة بتية للمال فهي ليست بمنأى عن هذه المقتضيات، وبالتالي فإذا كانت تتواجد داخل دائرة من دوائر الضم فإن منع التقسيم يشملها هي أيضا وفق ما ذكر أعلاه  تحت طائلة بطلان إجراءات القسمة وإعادة الوضع إلى ما كان عليه، وهو ما سيجعل في النهاية من المستحيل تنفيذ مقرر التصفية الصادر دون الأخذ بالحسبان قوانين الضم أعلاه.
كذلك من التشريعات الخاصة التي تحد من تقسيم العقارات هنالك القانون 94-34 المتعلق بالحد من تقسيم الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية، فهذا القانون يمنع بموجب مادته الرابعة إجراء أية قسمة ينتج عنها إحداث قطع تقل مساحتها عن مساحة الاستغلال الدنيا أي خمس هكتارات.
كما تضمن الظهير رقم 25-69-1 بمثابة قانون الاستثمارات الفلاحية نفس المقتضيات التي تمنع التقسيم وذلك بموجب المادة الثانية منه، بحيث لا يمكن إجراء قسمة ينتج عنها قطع تقل مساحتها عن خمس هكتارات.  
والخلاصة من كل ما سبق تتمثل في كون قوانين الحد من تقسيم العقارات تقيد تنفيذ مقررات تصفية الأوقاف المعقبة خاصة في الحالات التي لا تأذن فيها الجهات المختصة بإجراء القسمة البتية، وبالتالي بقاء الوقف على حالته دون حصول الآثار المرجوة من مقتضيات التصفية المتمثلة في إنهائه وتوزيعه على المستفيدين.

الفقرة الثانية: ضرورة الحصول على رخص التعمير اللازمة لتنفيذ مقررات التصفية  

إن تنفيذ مقرر تصفية الأوقاف المعقبة يعني قسمة العقار قسمة عينية وإعطاء كل مستفيد حصة معلومة منه، أو قسمته قسمة تصفية ببيعه بالمزاد العلني ثم توزيع ثمنه على المستحقين كل حسب حصته، وعليه فكلما تم الاتفاق على قسمة العقار وفق كيفية معينة فإن ذلك لن يتحقق بمجرد هذا الاتفاق بل يجب الحصول على رخصة التقسيم اللازمة من الجهات المختصة كلما كان العقار يدخل ضمن نطاق الفقرة الأولى من المادة 58 من القانون 25.90 بشأن التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات  .
 وهذا ما يستفاد أيضا من المادة 313 من مدونة الحقوق العينية   التي تتحدث عن ضرورة مراعاة القوانين والضوابط الجاري بها العمل عند الرغبة في إجراء قسمة لعقار ما.
هكذا ففي حالة عدم منح الإدارة المختصة لرخصة تقسيم الوقف المعقب فإنه لا يمكن حينها تنزيل مقرر التصفية وترتيب آثاره.
هذا دون إغفال ما لوثائق التعمير التوقعية من تأثير على تنفيذ مقررات تصفية الأوقاف المعقبة، بحيث يمكن أن يحتوي مخطط توجيه التهيئة العمرانية وتصميم التهيئة أو النمو على مساحات خضراء أو محرمة البناء مقررة على أوقاف معقبة، ففي مثل هذه الحالات سيتعذر تنفيذ مقرر التصفية لتعارضه مع وثائق التعمير المذكورة.
ختاما، يمكن القول أن تعدد الأنظمة العقارية بالمغرب وكذلك الضوابط القانونية التي تخضع لها  يؤثر بشكل كبير على مسطرة تصفية الأوقاف المعقبة ويحول في حالات عدة دون تنفيذ مخرجاتها.

وإذا كانت نية المشرع من خلال تنظيمه لمسطرة التصفية هي معالجة الإشكالات التي عرفتها الأوقاف المعقبة، وإذا كانت النتيجة من ذلك هو ما عرضناه في هذه الورقة بحيث أنها لم تحقق الشيء الكبير، فإننا نرى ضرورة وضع حد لنظام الوقف بصفة عامة من خلال ضمه إلى الأملاك العمومية على غرار مجموعة من التشريعات العربية المقارنة، مع وضع مدونة لأملاك الدولة وخلق جهة إدارية مختصة تسهر على هذه الأملاك، بما يسهم في التدبير الأمثل والمعقلن لها.
   

 

الثلاثاء 7 سبتمبر 2021




تعليق جديد
Twitter