MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



وضعية حقوق الانسان في النظام السياسي الجزائري على ضوء تقارير الخارجية الأمريكية 1999-2010.

     

بوجعبوط المصطفى
باحث في سلك الدكتوراه
بجامعة محمد الخامس أكدال - الرباط



وضعية حقوق الانسان في النظام السياسي الجزائري على ضوء تقارير الخارجية الأمريكية 1999-2010.
 
إن تتبع تقارير وزارة الخارجية الأمريكية منذ سنة 1999 إلى حدود 2010، تجعلنا نقول أن الجزائر لا تعرف استقرار داخلي بسبب الحروب الأهلية و الهجمات الإرهابية، الشيء الذي أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات لتتجاوز عتبة الدول التي تعرف حروبا، وبالتالي عاشت الجمهورية الجزائرية تدهورا في وضعية حقوق الإنسان بفعل استمرار هيمنة النخبة العسكرية على عملية اختيار القيادة السياسية للسيطرة على المجتمع المدني والمعارضين السياسيين، مما جعل الجزائر تدخل في دوامة  الاعتقالات خارج نطاق القانون، وتعذيب  المعتقلين في مراكز الاحتجاز غير المعروفة.

كما تمارس السلطات الجزائرية تعتيما شديدا على أرقام القتلى في مواجهاتها مع الجماعات الإسلامية التي عرفتها على امتداد السنواتالسالفة للذكر، و كبحها كل مبادرات الصحافة المستقلة و تضييق الخناق على كل المعلومات الرسمية، بفرض صيغ بيروقراطية لطلب الحصول عليها من طرف الصحف، الشيء الذي جعل الصحافة الجزائرية تعرف تراجعات بفعل العقوبات السالبة للحرية ومنع توزيع عدد من المطبوعات، و بالتالي فإن النظام الجزائري  يتبع النموذج التونسي لقمع حرية التعبير و الصحافة. فالحكومة تسيطر على وسائل الإعلام أثناء الحملات الانتخابية لصالح الرئيس(بوتفليقة)، وإقصاء الأحزاب الأخرى، بمعنى غياب تكافئ الفرص في الدعاية الانتخابية بتوظيف إعلام الدولة لصالح الرئيس.

ووفقا لهذا يمكن تقديم  وضعية حقوق الإنسان في الجزائروفقما سيتم توضيحه في مايلي:

الفرع الأول:احترام كرامة الأفراد على ضوء تقارير وزارة الخارجية الأمريكية

قدمت تقارير وزارة الخارجية الأمريكية مجموعة من التجاوزات غير القانونية للجمهورية الجزائرية، أثناء الاستخدام قوات الأمن المتكرر لوسائل محظورة في اشتباكات شهدتها مختلف أقاليم الجمهورية، و التي نتج عنها ارتفاع عددالقتلى على نحو غير مشروع و تعذيب الأفراد إثر اعتقالهم في مراكز الاحتجاز، بالإضافة إلى حجز المعارضين السياسيين وإخفائهم عن عائلاتهم.
و هو ما يمكنتوضيحه على النحو التالي:

الفقرة الأولى: الحرمان من الحياة على نحو تعسفي وغير مشروعمن خلال(ت.و.خ.أ)

عرفت الجمهورية الجزائرية على ضوء ما جاء في تقارير وزارة الخارجية الأمريكية  عدة مشاكل داخلية (الهجمات الإرهابية ،الحروب الأهلية)، التي تمثلت في استعمال قوات الأمن لعدة وسائل محظورة  في القانون الدولي اتجاه  مواطنيها  خلال مظاهرات أو احتجاجات سلمية، أسفرت عن ارتفاع عدد القتلى خارج نطاق القانون وحرمان الأفراد من الحق في الحياة.
وبالتالي، فإن دارسة تقارير وزارة الخارجية الأمريكية من سنة 1999 إلى 2010 يتبين أن السلطات الجزائرية قامت بتدخلات  متعددة لتفريق المظاهرات الشيءالذي عرض الأفراد الجزائريين إلى التعذيب والاعتقالات خارج نطاق القانون.
ذلك أن قوات الأمن تمتنع عن التدخل لوقف مذابح المدنيين بواسطة الهجمات الإرهابية التي عرفتها الجزائر ولازالت تعرفها، و بالتالي لم تستطع الجزائر بعد ضمان استقرار مواطنيها سواء تعلق الأمر من جهة بمليشيات الحكومة التي تتزعم عمليات القتل علانية، أو من جهة الهجمات الإرهابية في مختلف مناطق البلاد التي تؤدي سنويا بقتل عدد كبير من أفراد المدنيين وقوات الأمن (قطع رقاب 34 قرويا) .
وتشير التقارير كذلك، أن الحكومة  تؤكد أن قوات الأمن  التجأت في عدة مناسبات إلى استخدام القوة المميتة والمتفجرات في سياق الاشتباكات المسلحة مع الإرهابيين، غير أن قوات الأمن أحيانا تستعمل العنف وقتل الأفراد خارج نطاق القانون الشيء الذي يدفعنا إلى القول من خلال دراسة التقارير أن عدد الأفراد الذين تم قتلهم على يد قوات الأمن يعادل عدد الأفراد الذين قتلوا في الهجمات الإرهابية.
وفقا لهذا، عملت الحكومة الجزائرية على اتخاذ مجموعة من الإجراءات ضد الجنود ورجال الشرطة الذين ثبتت إدانتهم بسبب انتهاك حقوق الإنسان، وعلى هذا الأساس أعلن رئيس قوات الأمن"علي تونسي" أنه تم عزل 2269 دركي و 211 من الشرطة لإساءة استعمال السلطة، غير أن تقارير وزارة الخارجية الأمريكية أكدت بشكل متكرر أن الحكومة لم تتخذ أيّّة إجراءات بشأن العقوبات على أفراد القوات العسكرية والأمنية رغم وقوع غالبية القتلى  من المدنيين على أيدي هذه القوات خلال احتجاجات في مختلف مناطق الجزائر .
ونتيجة لهذا، يمكن تقديم بعض الإحصائيات الواردة في التقارير التي رصدت أهم الأحداث التي أدت إلى حرمات الأفراد من الحق في الحياة على نحو غير قانوني، فقد شهدت الجزائر 77 حالة وفاة سنة 2001، و 72 وفاة سنة 2002، و 93 حالة وفاة في صفوف المدنيين على أيدي الإرهابيين سنة 2004، في مقابل 198حالة في سنة 2003، إضافة إلى مقتل 117 فردا من قوات الأمن، ثم ارتفع هذا العدد إلى 223 في سنة 2004، و قتل الإرهابيون سنة 2005، 76 مدنيا، بينما قتلت قوات الأمن ما يقدر بنحو 235 من الإرهابيين المشتبه بهم، هذه الأرقام ظلت مرتفعة في تقارير السنوات الموالية إذ بلغت حالات القتل التعسفي 321 حالة سنة 2008، و175 حالة سنة 2009.
كما أن الجمهورية الجزائرية تعرف تجاوزات قانونية اتجاه مختلف الأفراد المقيمين،وبالتالي فالأفراد أمام مجموعة من الانتهاكات التي لازالت الدولة الجزائرية مستمرة فيها بفعل القوة المفرطة للقوات الأمن وانتهاكات تشمل قوات الأمن والأفراد بفعل عدم استقرار البلاد من ظاهرة الإرهاب الشيء الذي جعل معظم الأفراد مختفيين باسم الإرهاب من جانب الدولة الجزائرية.
وذلك ما سيتم توضيحه في ما يلي:

الفقرة الثانية: ظاهرة الاختفاء من خلال تقارير وزارة الخارجية الأمريكية

إن تقارير وزارة الخارجية الأمريكية ترصد ظاهرة الاختفاء في الجمهورية الجزائرية التي تتزايد سنويا بشكل واضح، الشيء الذي جعل وزارة الداخلية تنشأ مكتب في كل مناطق البلاد لاستقبال ملفات حالات الاختفاء من لدن عائلات الضحايا، غير أن هذه العملية حسب التقارير لم تلقى إقبالا على مستوى الفاعلين الحقوقيين، إضافة إلى أن هذه اللجنة لم تقدم أي معلومات مفيدة لعائلات الضحايا، كما يصعب في الجزائر تحديد مسؤولية الاختفاء نظرا لوجود طرفين مؤثرين داخل الدولة (الجماعات الإرهابية ، من جهة ـ الدولة الجزائرية ـ من جهة ثانية)، كلاهما  مسؤول عن عمليات الاختفاء، لذلك فالدولة أحيانا تُحمّل مسؤولية الاختفاء للجماعات الإرهابية و تقوم باعتقالات سياسية في صفوف هذه الجماعات. ومن هنا يطرح تساؤل حول مسؤولية ودور الدولة في حماية حرية الأفراد؟
إن تقارير وزارة الخارجية الأمريكية تسجل حدوث حالات الاختفاء من جانب الدولة وحدوث حالة اختطاف من جانب الجماعات الإرهابية، وبالتالي فالدولة أقرت بوجود 4880 حالة اختفاء سنة 2001، التي قدمت وزارة الداخلية على إثرها معلومات لأسر الضحايا في 3000 حالة، و في 1600 تم تسليم شهادات الوفاة لأقارب المفقودين، و على الرغم من اهتمام التقارير بسيرورة الاختفاء فإن  أغلب تقارير الدراسة تؤكد على أن الحكومة لم تعاقب وتتابع قضائيا أفراد الأمن، و بالتالي فــ" إن قضية المختفيين تشكل أكبر ضعف في الجزائر و أنه ينبغي العمل المزيد من المبادرات من أجل معالجة ملفات الاختفاء".
كما سجلت هذه التقارير أن الاختطافات التي تقوم بها الجماعات الإرهابية سواء تعلق الأمر بالأفراد أو أعضاء قوات الأمن، فهذه الجماعات ــ حسب التقارير ــ تواصل عملية الاختطاف على مدار السنة، الشيء الذي جعل حرية الأفراد تٌنتهك من قبل الدولة و الجماعات الإرهابية.
غير أن المنظمات غير الحكومية و أفراد الأسر"تطالب الحكومة ببذل المزيد من الجهود للعثور على المفقودين والتحقق في حالات الاختفاء وتحديد المسؤولية ومحاسبة الجناة، وأن مجموع المفقودين في البلاد تجاوز 18000 بفعل احتجاز قوات الشرطة للأشخاص من 8 إلى 18 شهرا والذي يعقبه في غالب الأحيان اختفاء هؤلاء الأشخاص.
 ورصد التقرير مجموعة من أشخاص مجهولي المصير، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: "كامل بوداهير"،"عبد القادر مزوار"...، وأن الحكومة الجزائرية وضعت قيودا على الجهود الدولية للمنظمات غير الحكوميةFreedem House"  "للتحقيق في قضية المختفين ،"لتجنب احتمال توجيه اتهامات جنائية لقواد الأمن أو غيرهم من المسؤولين الحكوميين"، كما أصدرت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قرارا يتعلق بحالات الاختفاء القسري في البلاد و أكدت على أن الجزائر انتهكت عدة نصوص من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
هكذا، فإن ظاهرة الاختفاء في الجزائر تشكل عائقا كبيرا أمام إرساء ثقافة حقوق الإنسان في البلاد، بفعل ارتفاع عدد المختفين كما رصدتها تقارير المنظمات المحلية، واعتراف الدولة فقط بالاختفاءالذي تقوم به الجماعات الإسلامية، وبالتالي فإن نسب الاختفاء في الجزائر تختلف عن المغرب حيث لا تزال ظاهرة الاختفاء في الجزائر ــ حسب التقارير السنوية ــ لا تحظى باعتـراف رسمي من لدن السلطات في الجزائر الشيء الذي جعلها تتجاوز المغرب من حيث تزايد عدد الاختفاءات.

الفقرة الثالثة: التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

يعتبر التعذيب و المعاملات القاسية للأفراد أثناء احتجازهم هي السمة الغالبة في تقارير وزارة الخارجية الأمريكية المتعلقة بالجزائر. فتتبع سيرورة التقارير يقودنا إلى ملاحظة اختلاف مضامينها من حيث الحالات والمعلومات الجديدة من تقرير إلى الآخر، وبالتالي فإن الجزائر رغم سنِّها لقانون سنة 2007 يجرم التعذيب في البلاد إلا أن آثاره لا زالت واضحة في التقارير الموالية (2008،2009).
ترصد تقارير محور الدراسة أن جل الأشخاص الذين يتم اعتقالهم يتعرضون من لدن الشرطة وحراس السجون إلى أبشع أساليب التعذيب اللاإنسانية كـ (الصدمات الكهربائية في الأجزاء الحساسة في الجسم، والاعتداء الجنسي، وإجبارهم على ابتلاع كميات كبيرة من الماء القذر والبول أو المواد الكيماوية) لانتزاع الاعتـرافات أو التوقيع على محاضر لم يطلعوا عليها.
وفي جانب آخر، أكدت التقارير أن الحكومة الجزائرية استخدامت القوة في بعض الحالات لإخماد المظاهرات وأعمال الشغب على مدار السنة في منطقة القبائل الأمازيغية، وأثناء زيارة منظمة العفو الدولية وقفت للجزائر وقفت على  مجموعة من الخروقات لحقوق الإنسان في النظام الجزائر بفعل استمرار التعذيب على يد الشرطة وغيرها من الاعتداءات على المعتقلين، مما أدى إلى البعض منهم إلى مفارقة الحياة في حجز الشرطة أو في السجون.
و استمرار لعمليات التعذيب في الجزائر، أدانت الحكومة 7 من رجال الدرك و حجزتهم في انتظار محاكمتهم بتهمة التعذيب وسوء المعاملة بعد تطبيق القانون، كما أن"انخفاض معدل التعذيب يفسر بانخفاض العمليات الإرهابية على الصعيد الوطني وليس في بسبب تغيير الممارسات  قوات الأمن" .
وبالتالي فإن تقارير وزارة الخارجية الأمريكية تقر بممارسة السلطات الجزائرية لعمليات التعذيب على نطاق واسع في أماكن الاحتجاز رغم انخفاض معدل اتخاذ السلطات للإجراءات القانونية  ضد رجال السلطة، غير أن التقارير تؤكد من جهة أخرى أن السلطات لم تتابع هذه الإجراءات.

الفرع الثاني:حرية الصحافة والانتخابات من خلال تقارير وزارة الخارجية الأمريكية

إن حرية التعبير والصحافة بالجزائر مكبلة بقانون الطوارئ، الشيء الذي جعل الحكومة الجزائرية تضع حدا لحرية الصحافة في مختلف مواضيع السياسة الحكومية، مما جعل الصحافة تتعرض لمضايقات واعتقالات بفعل احتكار الحكومة مختلف وسـائل الإعلام حتى في العمليات الانتخابية التي شابتها تجاوزات من لدن السلطات لصالح الحزب الحاكـم (بوتفليقة) بتزوير الانتخابات ومنع المراقبين الدوليين والمحلين من مراقبة العمليات الانتخابية.
وذلك ما سيتم توضيحه وفق ما يلي:

الفقرة الأولى:حرية التعبير والصحافة من خلال تقارير(و.خ.أ)

تعرف حرية التعبير والصحافة في الجمهورية الجزائرية مجموعة من المضايقات تختلف عن تلك الممارسة في المملكة المغربية، فالسلطات الجزائرية فرضت ترسانة قانونية أثقلت كاهل الصحفيين بعدة شروط تحد من مهنيتهم و تفرض عليهم الالتزام بالتوجهات الحكومية وعدم نشر الانتهاكات التي تقوم بها قوات الأمن، ومنع بعض القطاعات الحكومية بالتحدث مع الصحافة(وزارة الصحة)، وبالتالي فقد أعطى مرسوم حالة الطوارئ الذي وُضع موضوع التنفيذ سنة 1992 و أصبح العمل جاري به منذ ذلك الوقت إلى الآن، حيث تمتلك الحكومة  بفضله سلطات واسعة للحد من الحريات واتخاذ الإجراءات القانونية ضد ما تعتبره تهديدا للدولة أو للنظام العام.
 هكذا ترصد تقارير وزارة الخارجية الأمريكية انتهاك حرية التعبير والصحافة بتوجيهات مشروطة للصحافة، كطبع المعلومات الأمنية فقط في النشرات الحكومية الرسمية،و"احتكار الحكومة لشركات الطباعة و ورق الصحف"، إضافة إلى سيطرة الحكومة على الإذاعة والتلفزيون مع تغطية منحازة لصالح سياسات الحكومة للحزب الحاكم (التجمع الوطني الديمقراطي)، ومنع مرشحي المعارضة من الظهور على شاشة التلفزيون أو الراديو خلال الربع الأخير من السنة تحسبا للانتخابات الرئاسية لعام 2004.
كما أصدرت الحكومة سلسلة من التعديلات على قانون العقوبات الذي يعطي للحكومة سلطة فرض غرامات مرتفعة وعقوبات بالسجن للصحافيين في حالة "إهانة أو تشويه أو تجريح" للمسؤولين الحكوميين، و بالتالي فقد أدين مجموعة من الصحافيين بموجب هذا القانون، ففي سنة 2001 أدين 6 صحفيين من الجريدة العربية "يومية إريا"بتهمة التشهير، وتم الحكم على مدير تحرير صحيفة L’Authentique كذلك بتهمة التشهير،ثم في سنة 2002 عُرض محرروا الصحف الثلاثة أمام المحاكم (جريدة الوطن،ليبرتي،لوماتان)، و في سنة 2003 تمت ملاحقة 96 حالة قضائيا بموجب قانون العقوبات، و صدرت مجموعة من الأحكام في حق كل من "علي دليم" و "حسن بوراس"و تم إغلاق مكتب الجزيرة، و رفض تسليم الاعتماد للصحفيين على المستويين الداخلي والخارجي، بالإضافة إلى منع إصدار مجموعة من الكتب التي كان معظمها ينتقد سياسة بوتفليقة، وحجب بعض المواقع الإلكتـرونية و تطبيق رقابة مشددة على مستعملي الإنتـرنيت.
وفي هذا السياق تم الحكم  سنة 2005 على 11 صحفيا، فيما تم الحكم على 68 صحفيا سنة 2006، و أمام تزايد عدد الاعتقالات في صفوف الصحفيين و ارتفاع الأصوات المحلية و الدولية المنتقدة لسياسة الجزائر اتجاه العمل الصحافي، جاء العفو من لدن الرئيس بوتفليقة عن 200 صحافي في القضايا التشهير، من أجل التخفيف من حدّة هذه الانتقادات.
ونتيجة لذلك، فإن حرية التعبير والصحافة في الجمهورية الجزائرية تبقىمحدودة ومشروطة لا تتجاوز مناقشة أو تغطية الأحداث المحلية أو السياسات الحكومية على عكس المغرب، فكل من تجاوز الخطوط الحمراء المرسومة من قبل النظام الجزائري، يتعرض لعقوبات سالبة لحقوقه المدنية هو حق الوصول إلى المعلومات وإطلاع الرأي العام عليها، فالصحافة في الجزائر مكبلة بقانون الطوارئ و الحكومة توظف هذه الإمكانية لصالحها، بالإضافة إلى قوانين التشهير لمضايقة واعتقال الصحفيين، وهذا لوحظ في دراسة تقارير وزارة الخارجية الأمريكية، فأغلب القضايا المعروضة على القضاء تندرج ضمن تُهم التشهير، و بالتالي فإن واقع الصحافة في الجزائر يختلف من حيث الرقابة المفروضة و المتابعات القضائية عن المشهد المغربي، حيث يمكن للصحافي في المغرب أن يصل إلى المعلومات في مختلف  المؤسسات الوطنية ويعبر عنها في مختلف المنابر دون احتكار الحكومة لها أو منع الصحافة من الوصول إليها، كما يمكن للصحافيين انتقاد السياسات الحكومية بالبلاد، و بالتالي فإن نسب المتابعات القضائية في كل من الجزائر  وتونس ومصر تفوق عدد المتابعات المسجلة في المغرب.

الفقرة الثانية: حرية الانتخابات والمشاركة السياسية من خلال تقارير(و.خ.أ)

إن تقارير موضوع الدراسة لم ترصد تطور الحياة السياسية في الجمهورية الجزائرية من خلال الانتخابات واعتـراف بالأحزاب السياسية، غير أنها تقر بهيمنة الحزب الحاكم في كل من المجالس البرلمانية والمحلية و على صعيد الفضاء السياسي بشكل عام، و تضيق الخناق على باقي الخصوم السياسيين بسن قوانين جديدة تحد من منافستهم للرئاسة في الجزائر، وتقوية صلاحية السلطة التنفيذية، بالإضافة إلى هيمنة النخبة العسكرية في عملية اختيار القيادة السياسية ومنع المراقبين الدوليين من الحضور أثناء فترة الانتخابات، الشيء الذي جعل العملية الانتخابية تعرف تزويرا بفعل تطبيق خطط الرئيس بوتفليقة، مما نتج عنه ــ حسب نفس التقارير ــ تجاوز دور المواطنين في امتلاك القدرة الفعالة لتغيير حكومتهم بشكل سلمي.
 فتقرير سنة 2009 أكد في معظم مضامينه على انسحاب 6 مرشحين للرئاسة، اتهامهم للجيش بالتدخل في تحديد مصير الانتخابات المتنافس فيها لصالح الرئيس بوتفليقة، كما أن الحكومة حددت نسبة المشاركة السياسية في 60 %، و الحال أنها لم تتجاوز 30% ، مع تسجيل انخفاض نسبة تمثيلية المرأة التي لا تتوافق مع نسبة السكان. و أشارت التقارير إلى مواصلة السلطات الجزائرية منع الاعتـراف بالجبهة الإسلامية كحزب سياسي، وقطع الخدمة الهاتفية في بعض الأحيان على المعارضين السياسيين لفتـرات طويلة. كما تم الشروع في تنفيذ قانون جديد سنة 2002 يسمح للحكومة بإزالة المرشحين من القوائم الحزبية لأسباب أمنية لتضييق الخناق على الأحزاب المنافسة للحزب الحاكم (حالة:بن فليس علي الأمين العام لجبهة التحرير الوطني).
           كما أعيدانتخاب الرئيس بوتفليقة لولاية الثانية بحصوله على 85 % من الأصوات وفقا للنتائج الرسمية، غير أن هذه الانتخابات التي رصدتها تقارير وزارة الخارجية الأمريكية، أبانت عن  وقوع خروقات قانونية في منافسة الرئيس بوتفليقة في الانتخابات كــ :"إبطال منافسة الأمين العام لجبهة التحرير الوطني مما أدى إلى استقالته "، واستمرار الفساد في السلطتين التنفيذية والتشريعية ومنع تسجيل الأحزاب السياسية، و تكريس استمرار الحزب الحاكم في السلطة من خلال إعلان الرئيس بوتفليقة سنة 2009 عن سعيه للحصول على موافقة البرلمان على مجموعة من التعديلات الدستورية من بينها شطب الحد الأقصى المفروض على بقاء الرئيس في منصبه (موافقة البرلمان على التعديلات المقتـرحة)، الشيء الذي أدى إلى انتخابه للولاية الثالثة بحصوله على 90 ,2% من الأصوات الناخبة. مباشرة بعد ذلك تعرض بوتفليقة إلى انتقادات واسعة من لدن أحزاب المعارضة التجمع من أجل الثقافة و جبهة القوى الاشتـراكية اللذان قاطعا الانتخابات بفعل أن النتائج الانتخابية محسومة للحزب الحاكم مسبقا .
 



الثلاثاء 14 أكتوبر 2014

عناوين أخرى
< >

الاربعاء 27 مارس 2024 - 19:15 "تمغربيت" والقانون


تعليق جديد
Twitter