MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



وجهة نظر بشأن قرار محكمة النقض عدد 1062 بتاريخ 20/12/2012، حول الخبرة المنجزة خلال المسطرة القضائية لنزع الملكية

     

الأستاذ الحسن اولياس


وجهة نظر بشأن قرار محكمة النقض عدد 1062 بتاريخ 20/12/2012 في الملف الإداري
عدد217/4/1/2011،حول الخبرة المنجزة خلال المسطرة القضائية لنزع الملكية بقلم الأستاذ الحسن اولياس
باحث في القانون الخاص



وجهة نظر بشأن قرار محكمة النقض عدد 1062 بتاريخ 20/12/2012، حول الخبرة المنجزة خلال المسطرة القضائية لنزع الملكية
 
اثأر انتباهي قرار صادر عن محكمة النقض تحت عدد 1062 بتاريخ 20/12/2012 في الملف الإداري       عدد217/4/1/2011،منشور بتاريخ25/10/2015بالموقع القانوني المميز MAROC DROIT، المتعلق موضوعه بتعويض عن نزع ملكية عقار كائن بإقليم تزنيت لفائدة الدولة(الملك الخاص)، ردت من خلاله  محكمة النقض الوسيلة المثارة من قبل طالبة النقض – الدولة(الملك الخاص)- ، فيما يتعلق باستبعاد خبرتين منجزتين في ملف القضية  ، مؤكدة في هذا المضمار- اي المحكمة المذكورة- أنالتعويض المحدد من قبل الدولة كتعويض عن نزع الملكية، (التعويض المحدد في محضر اللجنة الإدارية للتقييم)، لا يعدو أن يكون في نهاية المطاف مجرد اقتراح يتوقف نفاده على قبوله من قبل المنزوعة ملكيته.

غير ان ما ينبغي التنبيه اليه في هذا الصدد، ان التمسك بالقاعدة القانونية التي اقرها قرار محكمة النقض المذكور او أي قرار اخر كيفما كان موضوعه ، لا ينبغي أنيؤخذ على عواهنه، و بمعزل ومنأى عن وقائع الدعوى التي صدر بشأنها، وملابساتوظروف الملف بصورة عامة......

ففي إطار المرحلة القضائية لنزع الملكية، يجب ألا يحيد التعويض المحكوم بم من قبل المحكمة عن مقتضيات المادة 20 من القانون رقم 81-7، المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العام، التي تنص على ما يلي:

" يحدد التعويض عن نزع الملكية طبقا للقواعد التالية:

1-يجب ألا يشمل إلا الضرر الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية، ولا يمكن أن يمتد إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر.

2-يحدد قدر التعويض حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية دون أن تراعى في تحديد هذه القيمة البناءات والأغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع الملكية منذ نشر أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك المقرر نزع ملكيتها.

3-يجب ألا يتجاوز التعويض المقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة للأملاك التي ستنزع ملكيتها، ولا تراعى في تحديد هذه القيمة عناصر الزيادات بسبب المضاربات التي تظهر منذ صدور مقرر التصريح بالمنفعة العامة "

كما انه في حالة منازعة المنزوعة ملكيته في التعويض المحدد من قبل اللجنة الإدارية للتقييم-  وهو التعويض الذي تحدده نازعة الملكية بتاريخ صدو المرسوم او القرار بنزع الملكية، وبناء عليه يتم رفع الدعوى من قبلها- أمام محاكم الموضوع الإدارية، وإصدارهذه الأخيرةلأحكامأو قرارات تمهيدية بإجراء خبرة عقارية لتحديد التعويض ... ، فان الخبرة هنا ينبغي آلاتخرج عن نطاق مقتضيات الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية، التي تنص  على ان القاضي يحدد النقط التي تجرى فيها الخبرة، في شكل أسئلة فنية لا علاقة لها مطلقا بالقانون...ويجب علي الخبير ان يقدم جوابا محددا وواضحا على كل سؤال فني.."

وفي حالة إذا ما لم يجد القاضي كافة الأجوبة عن النقط الفنية والتقنية المحددة بموجب الحكم أو القرار التمهيدي بإجراء الخبرة، فيمكنه طبقا للمادة 64 من نفس القانون، ان يأمربإرجاعتقرير الخبرة إلى الخبير الذي أنجزها من اجل إتمامه بالمعطيات الناقصة، وإلا اعتبر تقريرا معيبا.
 
وبعبارة اصح، فان الخبرة المنجزة ينبغي ان تكون وفق القواعد والمقتضيات القانونية المنظمة لقواعد الخبرة القضائية، والمنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.
 
هذا ومن خلال الاطلاع على مجموعة من القرارات المنشورة والتي يكون موضوعها نزع الملكية لفائدة الدولة، او اية جهة اخرى خولها القانون صلاحية الامر،نجد ان محكمة النقض،نقضت مجموعة من القرارات التي اعتمدت على خبرات ناقصة غير محترمة لنصوص المسطرة المدنية المذكورة، وكذا الاحكام والقرارات التمهيدية الامرة باجرائها، وخاصة انجاز هذه الخبرات وتحديد اثمنة التعويض فيها في غياب عناصر و أسس للمقارنة.
 
وهكذا جاء في أحد قرارات محكمة النقض، ما يلي: "حيث يتضح من مراجعة البيانات الواردة في تقرير الخبرة المصادقة عليه من طرف محكمة الاستئناف أنه لم يذكر مراجع البيوعات ومساحتها وخصائصها ومميزاتها لتمكين المجلس الأعلى من بسط رقابته، والحالة أن تحديد التعويض عن نزع الملكية يجب أن يتم في إطار القواعد والضوابط المنصوص عليها في الفصل 20 من قانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة .

وحيث إنه من الواضح أن هذه الضوابط الآمرة لا يتأتى احترامها إلا إذا أثبت الخبراء صحة القيمة المحددة من طرفهم عن طريق حالات مماثلة وبيوعات مطابقة للعقار المعني بالأمر .

وحيث إن محكمة الاستئناف المطعون في قرارها بمصادقتها على القرار المذكور رغم الاختلالات الواضحة المشار إليها ، تكون قد جعلت قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه وعرضته للنقض . "(قرار عدد 1059 المؤرخ في 24 أكتوبر 2002 ملف إداري عدد 644/4/1/2002 منشور في كتاب قضاء محكمة النقض في مجال نزع الملكية لأجل المنفعة العامة الطبعة الأولى 2012 ص 72) .

وورد في قرار اخر:

" حيث صح ما عابه المستأنف على الحكم المستأنف، ذلك انه اعتمد في الحكم بالتعويض عن الرقبة ما ورد في تقرير الخبرة المنجز من لدن الخبير السيد.....بخصوص ثمن العقار موضوع الدعوى، مع أن هذا التقرير لا يتضمن أمثلة للمقارنة تهم عقارات مجاورة للعقار المدعى فيه ، وتماثله في المواصفات بحيث يبرر الثمن المقترح من لدنه، الشيء الذي كان معه الحكم المستأنف في غير محله يتعين إلغاؤه."

(قرار رقم 13 بتاريخ 15/01/2005، ملف عدد 127/4/2/2003، منشور بكتاب ابراهيم زعيم الماسي، تقدير التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية، الطبعة الأولى، 2010، ص 250).
 
ومن ثمة، فتقارير الخبراء الخالية من ذكر أي عنصر من عناصر المقارنة المهتدى بها في تحديد مبلغ التعويض، تعتبر تقارير غير موضوعية  من جهة ، ولا يمكن أن تلزم المحاكم أيضا  بالأخذ بها،  لأن التقارير المنجزة في  مثل هذه الحالات تظل غير وافية بالغرض المقصود منها ، وتتناقض غالبا  و فحوى الأحكام والقرارات  التمهيدية الآمرة بإجرائها.

وفي المقابل إذا تضمنت تقارير الخبراء عناصر موضوعية في تحديد الثمن، فهي تعتبر حججا منتجة،فقد جاء في قرار محكمة النقض عدد492 بتاريخ 25 يوليو2002، في الملف الإداري 816-4-2-2002 ما يلي:
 
" لكن بالرجوع إلى الخبرة ، يتبين ان الخبير بنى تقديره في تحديد التعويض المناسب للقطعة الأرضية المنزوعة على النسب المطبقة لدى بعض المصالح المالية والإدارية المختصة ومن ذلك القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بالناظور، بشان عقارات تحمل نفس المواصفات والمميزات وذلك خلال سنة 2002 والسنة التي قبلها، كما هي مضمنة في سجلات محكمة التوثيق وبمصلحة التسجيل والتمبر، ومصلحة الضرائب المباشرة والرسوم التي في حكمها والمحافظة على الأملاك العقارية والرهون فجاءت الخبرة والحالة هذه مبنية على عناصر موضوعية وكافية جعلت المحكمة  في غنى عن إجراء خبرة أخرى ، آخذة بعين الاعتبار التزام الخبير بمقتضيات الأمر التمهيدي واحترامه لجميع النقط الواردة فيه...."

( قرار منشور بكتاب الدليل العملي في قضايا نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، للأستاذ العربي مياد، منشورات مجلة الحقوق المغربية ص31).
 
وبخصوص محضر اللجنة الإدارية للتقييم الذي وصفه  قرار محكمة النقض موضوع وجهة نظرنا هاته، بكونه  لا يعدو أنيكون مجرد اقتراح يتوقف نفاده على قبوله بصورة عامة  من طرف المنزوعة ملكيته  ، فان التجربة العملية أبانت على أنمثل هذهالمحا ضر تتضمن تعويضات  متخذة بناء على معطيات واقعية وقانونية، كما انهاتنجز من قبل عدة جهات إدارية ، يرتبط عملها أساسا بمجال تقييم العقارات وتحديد أثمنتها، ( مصالح التسجيل والتمبر، مصالح الضرائب ممثلي السلطة المحلية الكائن بنفوذها العقار محور نزع الملكية.........الخ)،  ويستند هذا المحضر في تحديد التعويض  على عناصر للمقارنة محددة في الزمان والمكان،  عكس نمط من  تقارير الخبراء  الخالية طبعا  من ذكر لأي عنصر للمقارنة يبرر الثمن المتوصل اليه في تحديد التعويض ، وهي بالتالي - اي محاضر اللجن الادارية للتقييم- تعتبر وثائق منتجة في دعوى نقل الملكية مقابل التعويض ، و يبقى الأخذ بها  جائزا لقرينة الموضوعية،وفق ما كرسته محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، من خلال قرار لها بتاريخ23/10/2013، ورد فيه:

" حيث يعيب المستأنف الحكم المستأنف بعدم ارتكازه على أساس قانوني سليم و بخرق مقتضيات الفصل 20 من  قانون نزع الملكية. و ذلك لما قضى برفع التعويض المحكوم به عن نقل الملكية إلى مبلغ 600 درهم للمتر المربع عوض المبلغ المقترح من طرف اللجنة الادارية للتقييم ..... 

        و حيث صح ما نعاه المستأنف، ذلك أنه بالرجوع إلى أوراق الملف لا يتبين منها وجود عناصــر أو مؤشرات تفيد في تبرير التعويض المحكوم به عن نزع الملكية من خلال رفعه من المبلغ المقترح على أساس 200 درهم للمتر المربع إلى مبلغ 555 درهم، و ان التعويض الذي تحدده اللجنة الإدارية للتقييم – و إن كان نفاذه متوقفا على قبوله من طرف المنزوعة ملكيته و عدم منازعته فيه-  فإنه يبقى جائزا لقرينة الموضوعية و ملاءمته مع القيمة الحقيقية للعقار إلى حين أن يثبت من معطيات النازلة ما يفيد عكس ذلك و هو ما لم يقم عليه دليل في الملف، و أن محكمة أول الدرجة لم تبرز مبرراتها في تحديد التعويض في القدر المذكور، الأمر الذي يكون ما أثير في الاستئناف مبني على أساس، و حيث تبعا لذلك، يتعين تأييد الحكم المستأنف في مبدئه مع تعديله بخفض التعويض المحكوم به عن  نقل الملكية إلى مبلغ 200 درهم للمتر المربع" ، ( قرار سبق نشره  بالموقع الالكتروني Maroc droit).
 
ان ما سبق سياقه اعلاه، يدفعنا ايضا الى الحديث عن دور اساسي وبارز، يتعين استحضاره في قضايا التعويض عن نزع الملكية، هذا العنصر المتمثل فيضرورة حماية المال العام، فالتعويضات التي تؤدى لفائدة المنزوعة ملكيتهم في نهاية المطاف تؤدى من اموال الدولة، وبالتالي يجب الأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى اثناء انجاز الخبرات القضائية والمصادقة عليها.

فإجراء الخبرات القضائية في مجال دعاوى التعويض والمصادقة عليها عموما سواء تعلق الامر بالنزع المباشر او الغير المباشر للملكية ، دون ارتكازها على اية اسس للمقارنة،  اي بدون ذكر اي مرجع اساسي اعتمده الخبراء في تحديد الثمن، من عقود بيع تتعلق بقطع مشابهة لموضوع نزع الملكية، او احكام قضائية سابقة، او اية وثيقة اخرى تفي بالغرض المقصود.... فيه نوع من الاضرار بالمصالح المالية للدولة على العموم،

ذلكم، ان الأخذ باي تعويض اقترحه او حدده الخبير انطلاقا من معطيات فقط مرتبطة بموقع العقار وخصوصياته وحالته...... دون الاتيان بعناصر للمقارنة تزكي واقع الأخذبه ، فيه جدل وقد يلحق ضررا بالغا بالجهة نازعة الملكية ، خاصة امام غلو التعويض المحدد والذي يضاعف احيانا مبلغ التعويض المحدد من طرف اللجن الإدارية للتقييم لعشرات المرات.

وفي هذا المضمار، ورد  في قرار صادر عن محكمة النقض كذلك تحت عدد 35 بتاريخ 15/11/1967 في الملف المدني 20887 ما نصه:
 
" وحيث إن الظهير السالف الذكر لا يخول لقضاة الموضوع سلطة تقديرية مطلقة لتحديد مبلغ التعويض المستحق عن نزع الملكية بل يحدد مبالغ قصوى لا يجوز للقضاة أن يتعدوها وذلك قصد حماية الأموال العامة، مما يستتبع أن الإخلال بالمقتضيات الآمرة للفصل 15 المذكور والمتعلقة بالنظام العام، يمكن إثارته لأول مرة أمام المجلس من طرف الطاعن أو تلقائيا من طرف المجلس الأعلى".
 
ومهما يكن من أمر، وكما يقالهذا هو مربط الفرس-أو بيت القصيد-فان نشر أي اجتهاد قضائي والقول بالقاعدة القانونية التي اقرها، هي مسالة ينبغي ألاتؤخذ بصرف النظر عن معطيات النازلة المرتبطة بها وعن وقائع الدعوى عموما، حتى يمكن الجزم بسلامة تلكم القاعدة من عدم ذلك،إن على مستوى النقاش وإبداءالرأيعلى الأقل./.



الاربعاء 4 نونبر 2015

تعليق جديد
Twitter