MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



مسودة مشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية أي جديد؟ الجزء الأول

     



مسودة مشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية أي جديد؟ الجزء الأول
نشرت وزارة العدل والحريات بالمغرب قبل أيام قليلة عبر موقعها الرسمي نسخة جديدة من مسودة مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وذلك بعد نسخة أكتوبر 2013، وديسمبر 2013، حيث تتكون المسودة الجديدة من 111 مادة  تتوزع وفق التقسيم التالي:

  • القسم الأول : أحكام عامة ؛
  • القسم الثاني : تأليف المجلس الأعلى للسلطة القضائية (ويتضمن بابين اثنين: العضوية في المجلس ، انتخاب ممثلي القضاة في المجلس) ؛
  • القسم الثالث : تنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية (ويتضمن ثلاثة أبواب: تنظيم المجلس ، قواعد سير المجلس، ميزانية المجلس) ؛
  • القسم الرابع : اختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية (ويتضمن ثلاثة أبواب: تدبير الوضعية المهنية للقضاة والمعايير المتعلقة بها، حماية استقلال القاضي، وضع التقارير وإصدار التوصيات والآراء) ؛
  • القسم الخامس : أحكام انتقالية ومختلفة.
 
فأي جديد حملته المسودة الجديدة وإلى أي حد استطاعت أن تستجيب للمطالب المقدمة من طرف الفاعلين الحقوقيين والمهنيين في المجال من أجل الاسهام في اقرار قوانين ضامنة للاستقلال الفعلي والحقيقي للسلطة القضائية تترجم بشكل واضح مكانتها الدستورية؟
يمكن ابداء عدة ملاحظات أولية حول المسودة الجديدة أهمها:

أولا - توقيت الاعلان عن المسودة الجديدة.

كان لافتا اقدام وزارة العدل والحريات على نشر المسودة المحينة من مشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية بشكل يتزامن مع العطلة القضائية، عكس النسخ السابقة التي نشرت داخل أوقات العمل العادية، ولعل التفسير البسيط الذي يمكن أن يعطى لهذا السلوك هو الرغبة في تجنب أكبر قدر من الانتقاد يمكن أن يوجه لهذه المسودة نظرا لانشغال القضاة والناشطين منهم في الجمعيات القضائية وكذا فعاليات المجتمع المدني بموسم العطل وهو ما يضمن تمرير هذه المسودة بشكل صامت وبقدر أقل من الانتقادات أو حتى الاحتجاجات .
إذا حاولنا ترك هذه الملاحظة الأولية جانبا وتسليط الضوء على بعض المقتضيات الجديدة التي حملتها المسودة المحينة من مشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية يمكن ابداء مجموعة من الملاحظات منها:

ثانيا - ملاحظات شكلية.

إذا كانت المبادرات السابقة لوزارة العدل والحريات ركزت على النشر الكلي لمسودة مشاريع قوانين السلطة القضائية وذلك بنشر مشروع النظام الأساسي للقضاة بشكل متزامن مع نشر مشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية وهو ما من شأنه أن يعطي صورة حقيقية لمشروع السلطة القضائية التي يراد التأسيس لها من خلال الاصلاح التشريعي الجديد، فإن المبادرة الحالية اقتصرت على نشر مشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية بشكل جزئي أي دون الاعلان عن النسخة المحينة من مشروع النظام الأساسي للقضاة، الشيء الذي أسهم في الابقاء على كثير من الغموض الذي يلف عددا من المقتضيات التشريعية الهامة التي لها علاقة بالشأن القضائي، فالمسودة المعلن عنها قبل أيام المتعلقة بمشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية لا تتضمن سوى الأحكام العامة المتعلقة بطريقة تأليف المجلس وتنظيم وسير طريقة اشتغاله، واختصاصاته إلى جانب بعض الأحكام الإنتقالية والمختلفة لكن المقتضيات الجوهرية التي لها علاقة بجوهر الحراك القضائي الذي عرفه المغرب خلال السنوات الثلاث الأخيرة ظلت مسكوت عنها، ولن يتم الكشف عنها إلا بالكشف عن مضامين المسودة الجديدة من النظام الأساسي للقضاة، ومن قبيل الأسئلة التي لا تزال عالقة : من سيترأس جهاز النيابة العامة ؟ ما طبيعة العلاقة بين السلطة الحكومية المكلفة بالعدل والسلطة القضائية لا سيما على مستوى التسيير الإداري للمحاكم وكذا الإدارة القضائية ؟ من سيتولى التعيين في مناصب المسؤولية القضائية وعلى أساس أي معايير؟ من سيعين الرئيس الأول لمحكمة النقض الذي سيصبح رئيسا منتدبا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ومن سيعين الوكيل العام للملك بهذا المجلس وما هي معايير اختيارهما ؟ وما حدود اختصاصاتهما ؟ وما نطاق هذه الاختصاصات بالنظر إلى الاختصاصات المخولة للمجلس ؟ كيف سيتم التعامل مع موضوع ترقية القضاة ؟ هل تم الاستجابة لمطالب القضاة بحذف الدرجة الثالثة أو على الأقل الغاء الفصل الذي يبقي القضاة المنتمين للأفواج الأخيرة خاضعين لنظام الترقية القديم ؟  هل تم إلغاء بدعة الترقية الملغومة التي لطالما عانى من ويلاتها القضاة وشكلت هاجسا استخدم أحيانا للتضييق عليهم أو المس بحصانتهم من النقل ؟ ما هي المعايير المعتمد عليها للبت في ملفات التمديد والتكليف والانتداب؟ وماذا عن تعيين القضاة الجدد وما طريقة توزيعهم على المحاكم؟

إن الكثير من هذه الأسئلة وغيرها لن نجد إجابات دقيقة وشافية عنها إلا بالإعلان عن المسودة المحينة من النظام الأساسي للقضاة، بل يمكن القول أن المسودة الأخيرة التي تم الكشف عنها بخصوص المجلس الأعلى للسلطة القضائية أعادت خلق الكثير من الابهام حول عدد من القضايا التي كنا نعتقد أنها أضحت محسومة وفق ما تم الكشف عنه في النسخ السابقة من مشروع هذا القانون وهو ما سيتم تحليله في حينه. فما الجديد الذي حملته النسخة المحينة من مشروع هذا القانون، وإلى أي حد استجاب لمطالب القضاة والتراكم الحقوقي الذي تم تحقيقه عبر عقود من المطالبة بالإصلاح الحقيقي والفعلي للقضاء بالمغرب ؟
 




الخميس 28 غشت 2014

تعليق جديد
Twitter