MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



مخبر قانون الأسرة والهجرة: مناقشة أطروحة في موضوع خصوصيات القواعد المدنية في المادة الأسرية - من خلال الزواج وانحلال ميثاقه-، تحت اشراف الدكتور أحمد خرطة من إنجاز الباحث موحى اسيدي اعمر.

     

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
بوجدة

ملخص أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص بعنوان:


خصوصيات القواعد المدنية في المادة الأسرية
- من خلال الزواج وانحلال ميثاقه-
من إعداد الطالب :
موحى اسيدي اعمر
نوقشت بتاريخ 23 يوليوز 2015 :

وكانت لجنة المناقشة تضم السادة الأساتذة:

 الدكتور إدريس جوليل : أستاذ التعليم العالي بمكناس رئيسا
 الدكتور أحمد خرطة : أستاذ مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور مشرفا
 الدكتور عمر لمزرع: أستاذ مؤهل بكلية الحقوق بمكناس عضوا
 الدكتور : صليحة حجي: أستاذة مؤهلة بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور عضوا

وقد تم قبول الأطروحة ومنح الطالب ميزة مشرف جدا



تقرير الأطروحة

مخبر قانون الأسرة والهجرة: مناقشة أطروحة في موضوع خصوصيات القواعد المدنية في المادة الأسرية - من خلال الزواج وانحلال ميثاقه-، تحت اشراف الدكتور أحمد خرطة  من إنجاز الباحث موحى اسيدي اعمر.
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
في البداية أود أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لأستاذي الفاضل الدكتور أحمد خرطة الذي شرفي و أنار لي طريقي بقبوله الإشراف على هذه الأطروحة وتأطيري، حيث كنت دائما أجده بجانبي كلما احتجت إلى نصائحه و ملاحظاته وتوجيهاته، مما ساعدني في إخراج هذا العمل إلى حيز الوجود فجزاك الله عني خير الجزاء و أطال الله في عمركم خدمة للطلبة و الباحثين والعلم والمعرفة، كما أتقدم بجزيل الشكر أيضا إلى أستاذي الجليل الدكتور إدريس اجويلل الذي قبل بدون تردد المشاركة في مناقشة هذه الأطروحة وتحمل عناء السفر ومشقته من مدينة مكناس إلى رحاب هذه الكلية ليغني أجواء هذه المناقشة بملاحظاته السديدة والقيمة.

والشكر موصول أيضا إلى أستاذي الجليل الدكتور عمر المزرع الذي تحمل بدوره عناء السفر من العاصمة العلمية مدينة فاس، وشرفني بمشاركته في مناقشة هذا العمل وتصحيح ما اعوج فيه من خلال ملاحظاته القيمة فلك مني أستاذي الجليل كل الشكر والاحترام و التقدير.

كما لا أنسى أيضا أستاذتي الجليلة الدكتورة صليحة حاجي التي تحملت بدورها مشقة السفر و عناءه من مدينة الناظور إلى مدينة وجدة لتشاركني مناقشة هذا البحث من خلال ملاحظاتها الدقيقة التي ستساعدني في تصحيح هذه الأطروحة لإخراجها في حلة جديدة إنشاء الله  فجزاك الله عني كل الجزاء.

ومن واجبي في هذه اللحظة أن أتقدم  بكامل الشكر وعظيم الامتنان إلى كافة الأساتذة كل واحد باسمه الذين أطرونا في وحدة التكوين والبحث في تشريعات الأسرة والهجرة وعلى رأسهم رئيس هذه الوحدة أستاذي الجليل الدكتور إدريس الفاخوري الذي كان دائما خير مؤطر وموجه لكافة الباحثين في هذه الوحدة فجزاه الله عنا خير الجزاء .

كما لا يفوتني أن أشكر زوجتي وعائلتي التي شرفتني بالحضور معي في هذه المناقشة، ولا أنسى كافة أصدقائي في وحدة التكوين والبحث في تشريعات الأسرة والهجرة والشكر موصول أيضا إلى كل الحضور الكريم.

أما بخصوص موضوع أطروحتي خصوصيات القواعد المدنية في مدونة الأسرة من خلال الزواج وانحلال ميثاقه فكما تعلمون لقد جاءت مدونة الأسرة مرتكزة على المرجعية الدينية باعتبارها المصدر الأساسي للتشريع المنظم للروابط الأسرية، كما انفتحت على المرجعية الدولية باعتبار المغرب جزء من المنتظم الدولي، مما استوجب عليه ملائمة تقنيناته الداخلية مع الاتفاقيات الدولية، إضافة إلى استفادة المدونة من الأنظمة السائدة في القانون المدني عامة ونظام المسؤولية المدنية على وجه الخصوص.

 فطابع التعدد في المرجعيات المعتمدة في مدونة الأسرة لا يمكنه أن يلغي أهمية المرجعية الدينية، حيث إنه من الصعوبة تغيير النصوص القانونية المنظمة للروابط الأسرية عامة، ووضعية المرأة على وجه التحديد بمعزل عن الأحكام والمقررات الشرعية والفقهية، لاسيما أن موادها تثير حساسية مفرطة في المجتمعات الدينية، ذلك أنها تشكل ملجأ للخصوصيات الوطنية وتتحكم فيها عدة اعتبارات دينية دون إغفال معايير النموذج الأممي التي أصبحت تفرض ذاتها في الوقت الحالي بحكم عالميتها، وبحكم تبنيها من قبل منظمات دولية وقارية، تعد الدول الإسلامية عضوا فيها.

كما نجد المشرع المغربي أكد على الشروط الإرادية في عقد الزواج اعتمادا على مبدأ سلطان الإرادة في القانون المدني، وتجسيدا لما نص عليه المشرع في الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود، الذي أصبحت معه الإرادة المحدد الأساسي لمضامين وآثار التزامات الأطراف بقوة تعادل قوة الالتزامات الناشئة عن القانون، فلا يستطيع المتعاقد التحلل من الالتزام الإرادي كما لا يستطيع التحلل من الالتزامات القانونية، وذلك حتى لا يتحول هذا المبدأ إلى التعسف في استعمال الحق بسبب اختلال التوازن في المراكز القانونية لمنشئي الاتفاقات والشروط الاتفاقية.

كما منح المشرع المغربي أيضا للزوجين الحرية في كيفية تنظيم علاقتهما ذات الطابع المالي، وهكذا جاءت مدونة الأسرة بقاعدة اختيارية، تخضع لمبدأ سلطان الإرادة بمفهومه المدني، فلطرفي العلاقة الزوجية الحق في تحديد كيفية تنظيم علاقاتهما ذات الطابع المالي خلال الزواج وبعد انحلاله وذلك بتوافق إرادتهما على إبرام عقد مستقل عن عقد الزواج.

إضافة إلى أن المشرع أخذ بعض الأحكام القانونية الواردة في قانون الالتزامات والعقود منها عيوب الإرادة، المحددة في الغلط والإكراه والتدليس والغبن، وعمل على إدخالها في المجال الأسري.

وبالرجوع إلى خصوصيات القواعد المدنية في إنهاء العلاقة الزوجية نجد المشرع المغربي يتبنى الاعتماد على قواعد المسؤولية المدنية والتعسف في استعمال الحق في إنهاء العلاقة الزوجية ويركز على دور إرادة الزوجين في إنهاء هذه الرابطة المقدسة، كما يؤكد على الطبيعة التعويضية للمتعة عند انتهاء الرابطة الزوجية، إضافة إلى التعويض في حالة التطليق للشقاق والتطليق للضرر.

والذي يبدو من خلال هذه المقتضيات، انفتاح المشرع المغربي على قواعد القانون المدني وخاصة نظام المسؤولية المدنية، غير أن هذا الأمر لا يمكن الحسم فيه، إذ لابد من الرجوع إلى الفقه الإسلامي والتقصي في تراثه الفقهي عن إمكانية التعويض على ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية، القائمة على العدل والإنصاف، نظرا لخصوصية الفرع القانوني المنظم للأسرة الذي يحتم الحذر من تمديد القواعد العامة للمسؤولية المدنية، في نطاق الروابط الأسرية حالة ما إذا كانت تتعارض مع خصوصيتها لاختلافها جذريا عن الروابط المدنية الأخرى والروابط المالية.

  ولهذا فإن هذا الموضوع يثير إشكالية كبرى تتمحور حولها مجموعة من الإشكالات الأخرى وذلك وفق الشكل التالي:

أين تتجلى خصوصيات القواعد المدنية في مدونة الأسرة؟

ولعل من بين أهم ما جاءت به مدونة الأسرة، هو توسيعها لمبدأ سلطان الإرادة في إنشاء وإنهاء الروابط الأسرية منفتحة على القانون المدني، فما هو الأساس الفقهي والتشريعي لهذا المبدأ؟ وما مدى إمكانية الجمع بين ما هو أسري المتمثل في رابطة العلاقة الزوجية وما يتعلق بالقانون المدني والمتمثل في مبدأ سلطان الإرادة ؟ أين تكمن مظاهر تفعيل مبدأ سلطان الإرادة في تنظيم العلاقة الزوجية؟.
ولهذا قسمت هذه الأطروحة إلى بابين وفق التصميم التالي:

الباب الأول: خصوصيات القواعد المدنية في مجالي الخطبة والزواج.
الباب الثاني: خصوصيات القواعد المدنية في إنهاء العلاقة الزوجية

فالباب الأول  تناولت فية كل ما يتعلق بالخصوصيات المدنية المتعلقة بالخطبة، من خلال الوقوف على مدى تطبيق  قواعد المسؤولية المدنية والتعويض في مجال الخطبة ولهذا يعتبر المجال الأسري، من أهم المجالات التي عكست تدخل المشرع المغربي في اتجاه بلورة مبادئ وقواعد جديدة معتمدا أسلوب التعدد في المرجعيات خاصة في مجالي الخطبة والزواج، حيث لم تكن المرجعية الإسلامية المصدر الوحيد المعتمد في صياغة نصوص مدونة الأسرة، بل شكلت المرجعية الوضعية مصدرا أساسيا في بناء نصوص المدونة.

ومن أهم القوانين التي حاول المشرع الانفتاح عليها في نصوص مدونة الأسرة نجد القانون المدني باعتباره يشمل بعض أوجه العلاقات المالية وغير المالية المرتبطة بالأسرة، حيث تأثرت مدونة الأسرة بالعديد من القواعد المضمنة في هذا القانون، باعتباره الشريعة المؤطرة لكل العلاقات التي تنشأ بين الأفراد خاصة في الخطبة والزواج.

وهكذا فقد عمل المشرع على اقتباس مجموعة من الأحكام القانونية الواردة في قانون الالتزامات والعقود، ومن هذه الأحكام مبدأ سلطان الإرادة والمسؤولية المدنية إلى جانب التنصيص على بعض عيوب الإرادة.
ولقد أعطت مدونة الأسرة لمبدأ سلطان الإرادة دورا هاما في إنشاء عقد الزواج حيث منحت للإرادة مكانة واسعة في الاتفاقات التي تهم الزوجين وذلك عن طريق الاشتراط عند إبرام عقد الزواج وأثناء قيام العلاقة الزوجية، وأصبحت هذه الشروط تتمتع بالقوة الإلزامية فيما بين الطرفين.

ولدراسة هذا الموضوع قسمت هذا الباب إلى فصلين تناولت في الفصل الأول المسؤولية
المدنية والتعويض في مجال الخطبة، وخصصت الفصل الثاني للمسؤولية المدنية والتعويض في عقد الزواج والاشتراط فيه....................................

       ولهدا عرفت مسألة تحديد طبيعة الخطبة جدلا سواء على صعيد الفقه الإسلامي أو القانون الوضعي نظرا للأهمية الخاصة للخطبة اجتماعيا وقانونيا، لاسيما الدور الهام الذي تلعبه في تحديد آثار الخطبة، خاصة آثار العدول عنها، بما فيها إشكال تحديد أساس التعويض عن ضرر العدول عنها.

       ومن المعلوم أن الخطبة لا تنتهي دائما بتحقيق الهدف الأسمى الذي تم الإعلان عنه من قبل، حيث يعمد أحد الطرفين إلى العدول عن فكرة الزواج بالطرف الآخر في الخطبة، ويرجع ذلك لأسباب مختلفة كعدم حصول التفاهم والتقارب بين الخطيبين، أو لاكتشاف الطرف العادل عن الخطبة لعيوب أو أسباب أخرى خفية تجعل من غير المتصور بالنسبة إليه أن يقدم على الارتباط بالطرف الآخر، كما قد يكون العدول لا مبرر له سوى عدم الرغبة في الزواج من الطرف الآخر ولو لم يصدر منه شيء يدعو لذلك وقد يكون العدول عن الخطبة باتفاق الطرفين، وهنا لا يطرح أي إشكال.

       وما دام إلزام الطرفين بإبرام عقد الزواج أمر غير مستساغ شرعا، ولا يمكن الحكم به قضاء بحكم أن حق العدول عن الخطبة مكفول للطرفين معا، لارتباطه بمبدأ حرية الزواج، وما دام أيضا الجدل الفقهي والقانوني قائم بخصوص الطبيعة الفقهية والقانونية للخطبة، فإن الإشكال يثار حول التساؤل عن التكييف الفقهي للخطبة وما هي طبيعتها القانونية؟ وهو ما تطرقت له من خلال البحث في طبيعة التكييف الفقهي والقانوني للخطبة في المبحث الأول ثم أساس التعويض عن ضرر العدول عن الخطبة في الفقه الإسلامي والقانوني المغربي في المبحث الثاني.

أما بخصوص الفصل الثاني من الباب الأول فإن موضوع المسؤولية المدنية يحتل مركز الصدارة ضمن قائمة المواضيع القانونية التي اهتم بها الفقه والقضاء، لأنه لا يمكن إقرار التعويض إلا بتحقق هذه المسؤولية.

ونظرا لأهمية عقد الزواج ومكانته فقد اهتم به الشرع الإسلامي اهتماما وعناية بالغة لم تتوفر في باقي العقود المدنية الأخرى، إلا أن الإشكال الذي يثور هنا يتجلى في تحديد الطبيعة القانونية لعقد الزواج، حيث إن اعتناق الطابع المدني واعتباره كباقي العقود المدنية الأخرى سيكون مبررا قانونيا لتطبيق قواعد المسؤولية العقدية عند الإخلال بآثار عقد الزواج، أما إذا استحضرنا الطابع الديني فإن جزاء الإخلال يرتبه الشرع في حالة ما إذا لم يوف أحد الطرفين بالتزاماته الزوجية، كما قرر المشرع التعويض عن الإكراه والتدليس عند إبرام عقد الزواج مما يستوجب الحديث عن أساس هذا التعويض وعن موقف الفقه الإسلامي منه.

       ونظرا للدور الذي يضطلع به مبدأ سلطان الإرادة في مجال العقود عمل المشرع المغربي من خلال مدونة الأسرة على التوسيع من إرادة الزوجين وترك مجالا واسعا للتراضي بينهما حول شؤونهما الأسرية بما يساهم في استقرار الأسرة وإفساح مجال الاشتراط في مدونة الأسرة، ويجد أساسه في الفقه الإسلامي الذي يؤكد على حرية الإرادة ويعطيها مكانة مهمة، مادامت لا تتناقض مع أصل من أصول الشريعة الإسلامية أو مبادئها، أو مصلحة من المصالح المعتبرة فيها، ومن ثم، ليس هناك ما يمنع الزوجين من التراضي والاتفاق بينهما حول تنظيم حياتهما لما في ذلك من توفير ضمانات مهمة لكل من الزوجين وتحصين حقوقهما.

وهذا ما دفعني للحديث عن الطبيعة القانونية لعقد الزواج في مدونة الأسرة في المبحث الأول، ثم لحكم الشروط الاتفاقية المقترنة بعقد الزواج في المبحث الثاني.

أم بخصوص الباب الثاني من هذا البحث فإن من بين الحقوق التي منحها الله سبحانه وتعالى للفرد حق إنهاء الرابطة الزوجية بالطلاق أو التطليق، فالشرع الحكيم عندما رغب في الزواج ابتغى من وراء ذلك أن يكون مؤبدا غايته الإحصان والعفاف، لكنه وفي نفس الوقت يعلم أنه إنما يشرع لأناس قد تختلف طباعهم مما يستوجب تشريع ما يسمح لهم بإنهاء العلاقة الرابطة بينهما إذا تعذر العيش وتنافرت القلوب.

وممارسة حق إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق أو التطليق يجب أن يستند إلى سبب معقول وشرعي، وإلا كان تعسفا وإساءة في استعمال الحق، لذلك كان لزاما رفع هذا الضرر وجبر خاطر المطلقة من خلال المتعة والتعويض.

وإذا كان إنهاء العلاقة الزوجية في حالة تجاوز الحقوق واعتماد التعسف في استعمال هذا الحق يتضح من خلال الطلاق التعسفي، فإن اعتماد قواعد المسؤولية المدنية قد يتسم بنوع من التعسف ومجاوزة حدود حق إنهاء هذه الرابطة المقدسة، اعتمادا على قواعد المسؤولية العقدية أو المسؤولية التقصيرية.

ولما كانت الإرادة الركن الأساسي في العقود بصفة عامة وفي عقد الزواج بصفة خاصة لما فيه من اعتبارات شخصية ولما يترتب عنه من أثار مهمة في حياة الأسرة والمجتمع، فإن المشرع وإحساسا منه بهذه الأهمية ما فتئ يقوم بوضع العديد من المقتضيات الرامية إلى حماية إرادة طرفي التعاقد خاصة في إنهاء الرابطة الزوجية سواء من طرف الزوج أو الزوجة لاعتماده على الإرادة المنفردة لموقعه وتوسيعه من مجال الإرادة في إنهاء العلاقة الزوجية سواء للزوج أو الزوجة تماشيا مع مبادئ وقواعد القانون المدني.

ولعل آثار اعتماد قواعد المسؤولية المدنية عند انتهاء العلاقة الزوجية تتجلى من خلال تحديد مبلغ المتعة المستحقة للزوجة المطلقة إلى جانب تحديد مبلغ التعويض المستحق لأحد الزوجين في إطار الإنهاء التعسفي للرابطة الزوجية خاصة في التطليق للشقاق و التطليق للضرر.

ولهذا قسمت هذا الباب إلى فصلين تناولت في الفصل الأول أساس إعمال قواعد المسؤولية والتعسف في انتهاء العلاقة الزوجية، وذلك باعتبار الطلاق كأثر من آثار طبيعة العلاقة المتوترة بين الزوجين وعليه فقد يكون الحل الأمثل لعلاج ذلك الشقاق والخلاف، بل قد تخلف تلك العلاقة آثارا وخيمة خاصة على الجانب النفسي لأحد الزوجين خاصة من طرف الزوج المنفرد بالطلاق أو الزوجة التي لجأت إلى القضاء ليطلقها من عصمة زوجها.

ولعل التساؤل يثار حول مدى استيعاب نظرية التعسف في استعمال الحق لبعض جوانب الطلاق، خاصة وأن هذه النظرية تتجلى تطبيقاتها في مدونة الأسرة من خلال

إمكانية التعويض عن الإنهاء التعسفي للرابطة الزوجية، وما هي الأسس والمعايير المعتمدة للقول باعتماد التعسف في إنهاء العلاقة الزوجية؟.

ولهذا خصصت المبحث الأول لأساس إعمال قواعد المسؤولية والتعسف في استعمال الحق في إنهاء العلاقة الزوجية، في حين خصصت المبحث الثاني لمركز إرادة الزوجين في إنهاء العلاقة الزوجية ومسؤوليتها.

أما الفصل الثاني فتناولت فيه آثار تطبيق قواعد المسؤولية المدنية في إنهاء العلاقة الزوجية.

ولما كان الطلاق أهم مؤسسة من مؤسسات الشريعة الإسلامية التي لم تبحه على إطلاقه ودون قيد أو شرط، بل إن الله عز وجل حث على معاشرة النساء حتى مع وجود الكراهية لقوله جل جلاله "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا".

فالطلاق في الشريعة الإسلامية لا يلجأ إليه الفرد إلا في حالة الضرورة القصوى واستحالة استمرار العشرة بين الطرفين، وذلك رفعا للحرج والمشقة، ومن ثم فإن استعمال حق إنهاء الرابطة الزوجية تترتب عليه آثار مالية للزوجة المطلقة، كما أن اللجوء إلى حل ميثاق الزوجية من طرف الزوج أو الزوجة من دون مبرر معقول يعتبر تعسفا في استعمال الحق وموجبا للتعويض عن الضرر الذي لحق الطرف الآخر من جراء هذا التعسف.

وهكذا حاول المشرع المغربي صياغة مجموعة من النصوص القانونية الهادفة إلى حماية حقوق الزوج والزوجة المطلقة، منها ما هو مخول لها بقوة القانون كالمتعة ومنها أيضا ما يكون متوقفا على طلبها كالتعويض.

وقد ألزمت مدونة الأسرة القضاء بمراعاة التعسف عند الحكم بالمستحقات المالية للزوجة المطلقة، بحيث إن تقدير التعويض يأخذ فيه القاضي بعين الاعتبار مجموعة من المعايير نصت عليها المادة 84 من مدونة الأسرة، كما نصت أيضا على ضرورة مراعاة مسؤولية كل من الزوجين عن سبب الفراق، وذلك لتقدير ما ستحكم به للطرف المتضرر من تعويض عما لحقه من ضرر.

ولعل آثار اعتماد قواعد المسؤولية المدنية عند انتهاء العلاقة الزوجية تتجلى من خلال تحديد مبلغ المتعة المستحقة للزوجة المطلقة اعتمادا على قواعد المسؤولية العقدية والتقصيرية إلى جانب تحديد مبلغ التعويض المستحق لأحد الزوجين في إطار الإنهاء التعسفي للرابطة الزوجية خاصة في التطليق للشقاق.

فإلى أي حد توفق المشرع المغربي من خلال السلطة التقديرية التي منحها للقضاء في تقدير المتعة الواجبة للمطلقة اعتمادا على قواعد المسؤولية المدنية؟ وما هي سلطة القضاء في الحكم بالتعويض لفائدة الطرف المتضرر من إنهاء الرابطة الزوجية؟،

للإجابة على هذه التساؤلات وغيرها قسمت هذا الفصل إلى مبحثين تناولت في الأول اعتماد قواعد المسؤولية المدنية في تقدير المتعة، وخصصت المبحث الثاني للحديث عن مدى اعتماد قواعد المسؤولية المدنية أثناء تقدير التعويض.

وفي الأخير خلصت إلى مجموعة من الملاحظات حول هذا الموضوع مما دفعني إلى إقتراح بعض المقترحات التي تبدو في نظري وجيهة في إطار تجاوز بعض الثغرات التي سجلتها في هذا الموضوع على فلسفة المشرع في مدونة الأسرة وهي على الشكل التالي:

 
  • في ما يخص إشكالية الإثبات في الخطبة، حبذا لو نص المشرع المغربي على صياغة وثيقة خاصة بالخطبة تسبق عقد الزواج، وتشكل أداة قانونية وفعالة في الإثبات لحسم النزاعات المثارة أمام القضاء دون أن يؤثر ذلك في الطبيعة القانونية للخطبة من حيث كونها مجرد وعد بالزواج.
  • التنصيص صراحة على أحقية المطلقة تعسفيا في الاستفادة من التعويض عن الضرر وذلك إلى جانب حقها الشرعي والقانوني في المتعة.
  • مناشدة قضاة الأسرة إلى ضرورة تبيان أساس التعويض في حالة الحكم به في إنهاء الرابطة الزوجية، وذلك بتوضيح ما إذا كان أساسه عقديا أم تقصيريا.
  • دعوة قضاة الأسرة إلى ضرورة الفصل بين حق المتعة المقرر شرعا وحق الحصول على التعويض، وعدم اعتبار المتعة شاملة للتعويض المستحق عن الضرر، وأيضا عدم تحميل الزوجة مسؤولية إنهاء العلاقة الزوجية في دعوى الشقاق لمجرد تمسكها بطلبها ورفضها محاولات الصلح، إذ أن العبرة بمدى صدور عنصر الخطأ من جانبها من عدمه لا لتمسكها بطلب التطليق.
وفي الأخير أجدد شكري وامتناني لأساتذتي الأجلاء وللحضور الكريم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته والسلام .

مخبر قانون الأسرة والهجرة: مناقشة أطروحة في موضوع خصوصيات القواعد المدنية في المادة الأسرية - من خلال الزواج وانحلال ميثاقه-، تحت اشراف الدكتور أحمد خرطة  من إنجاز الباحث موحى اسيدي اعمر.



الاثنين 7 سبتمبر 2015


1.أرسلت من قبل Bilal mlili في 14/03/2016 05:44
السلام عليكم و رحمة الله هل ممكن ان تمدني بهذا البحث للاني اعمل على على بحث الطلاق التعسفي

تعليق جديد
Twitter