MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



قصة خديجة (السفر بالمحضون) قراءة في أمر إستعجالي بقلم ذ منير فوناني

     



قصة خديجة (السفر بالمحضون) قراءة في أمر إستعجالي بقلم ذ منير فوناني
خديجة مواطنة مغربية تعيش هي و ابنتها القاصر، تعمل بجد و كفاح لتوفير لقمة عيش لها و لابنتها، بعدما غاب عنها الزوج، و تركها دون معيل و لا كفيل، لتحصل فيما بعد على حكم قضى بانحلال ميثاق الزوجية لغيبة الزوج (التطليق للغيبة)، أرادت خديجة أن تقضي العطلة الصيفية رفقة ابنتها خارج أرض الوطن.

ومن أجل السفر خارج المملكة المغربية، تذكرت أن المادة 179 من مدونة الاسرة تلزمها بالحصول على إذن القضاء[1]، وتساءلت في نفس الوقت لماذا تحتاج الام لهذا الإذن دون الاب.

لكنها تركت السؤال و تقدمت أمام المحكمة الابتدائية بالرباط بتاريخ 12 غشت 2011، بمقال استعجالي، فتح له الملف عدد 864/1101/2011، رامي إلى الاذن بسفر المحضون، وجهته ضد النيابة العامة باعتبارها طرف اصيل في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق مدونة الاسرة، و ذلك طبقا للمادة 3 من المدونة.

و قد أوضحت المدعية أنها كانت متزوجة من السيد (..)، التي رزقت منه بابنتها، غير أن العلاقة الزوجية لم تستمر بعدما استصدرت حكما بالتطليق للغيبة عن المحكمة الابتدائية بالرباط في الملف عدد 618/2004/32 بتاريخ 16/06/2005.

كما اشارت إلى أن ابنتها تتابع دراستها في مجموعة مدارس حرة، و أنها، أي المدعية، لها عمل قار داخل المغرب، و أن عطلتها السنوية ستمتد من 26/08/2011 إلى غاية 7/9/2011.

و باعتبار ان المدعية هي الحاضنة لابنتها بحكم القانون، فإنها ترغب في اصطحابها لقضاء العطلة خارج التراب الوطني، و بالنظر لغيبة الأب، وفق ما هو ثابت من خلال موجب الغيبة و من خلال الحكم بالتطليق اللذان أرفقتهما بمقالها، و تعذر الحصول على موافقته لغيبته و عدم معرفة مكان تواجده، من أجل ذلك التمست الاذن لها بالسفر بالمحضونة ابنتها خارج ارض الوطن لقضاء العطلة السنوية.

        
هذا و قد أرفقت مقالها بالوثائق التالية: صورة من حكم التطليق للغيبة، صورة من استنساخ حكم التطليق، صورة من موجب غيبة، صورة من رسم الولادة، نسخة من شهادة مدرسية، نسخة من شهادة العمل، نسخة من شهادة العطلة السنوية.

أثناء إدراج الملف بأول جلسة، التي انعقدت بتاريخ 17/8/2011، قررت المحكمة إنذار المدعية لإصلاح المسطرة قصد إدخال طليقها و توجيه الدعوى ضده أيضا، و عليه تم تأخير الملف لجلسة 24/8/2011، خلال هاته الجلسة تقدمت المدعية بمقال إصلاحي يرمي الى توجيه الدعوى كذلك ضد طليقها الغائب، مع ملتمس الاستغناء عن استدعائه لتوفر حالة الاستعجال القصوى بالنظر للفترة المتعلقة بالعطلة السنوية للمدعية، هذا من جهة، و من جهة ثانية بالنظر لما لحكم التطليق للغيبة من حجية على الوقائع المضمنة فيه من كون طليقها غائب، و هو الامر الثابت كذلك من خلال موجب الغيبة المدلى به.

لكن قاضي المستعجلات أصر على ضرورة استدعاء النائب الشرعي و بناء على الملاحظة التي سترد بشهادة التسليم سيتخذ القرار، و بالفعل تأخر الملف لجلسة 7/9/2011 مع سهر دفاع المدعية على التبليغ من خلال الانتقال إلى كتابة الضبط و سحب طي التبليغ و تسليمه للمفوض القضائي.

و خلال جلسة 7/9/2011، أرجعت شهادة التسليم للملف بملاحظة انتقل المعني بالامر من العنوان حسب تصريح احد الجيران، مما تقرر معه حجز الملف للتأمل لجلسة 14/9/2011، بهاته الجلسة الاخيرة صدر الامر عدد 978/2011 الذي صرح فيه قاضي الامور المستعجلة بان الطلب اصبح غير ذي موضوع، و ذلك بالنظر لكون المدة المطلوبة في المقال و تاريخ صدور الامر أصبح معه الطلب غير ذي موضوع. باعتبار ان الفترة المطلوبة لقضاء العطلة السنوية و الممتدة من 26 غشت 2011 إلى غاية 7 شتنبر 2011، أصبحت متجاوزة بالمقارنة مع تاريخ إصدار الامر.

و هو ما يطرح معه السؤال: من المسؤول الحقيقي عن كون الطلب اصبح غير ذي موضوع ؟ من الذي لم يفعل مقتضيات الفصل 151 من قانون المسطرة المدنية ؟ من الذي فضل الاستئناس بما جاء في شهادة التسليم على ما هو مضمن في حكم قضائي له حجية ؟
فكما سبق بيانه أعلاه، فإن المدعية قدمت مقالها في مواجهت النيابة العامة التي تعتبر طرفا اصيلا في الدعوى المرتبطة بتطبيق مدونة الاسرة، و بما أن الطلب قدم في إطار المادة 179 من المدونة، فإن المقال لم يكن معيبا شكلا في بدايته، خاصة و أن  طليق المدعية و النائب الشرعي للمحضونة غائب، و لا يقوم بواجباته اتجاه ابنته، هذا فضلا عن كون المدعية سبق لها و أن استصدرت أمرا استعجاليا عن المحكمة الابتدائية بالجديدة و هو الامر عدد 272 الصادر بتاريخ 30/6/2010 في الملف عدد 4/256/10، وجهته ضد من له الحق، و منحها الامر الاذن بالسفر بابنتها خارج المغرب لقضاء العطلة السنوية.

و بالرغم من ذلك فالمدعية قامت بإصلاح المسطرة، بناء على الإنذار الموجه لها من قبل القاضي الاستعجالي، ووجهتها ضد النائب الشرعي للمحضونة، و التمست من القضاء الاستعجالي تطبيق قواعد مسطرية منصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، في الفصل 151 منها، التي تمنح للقاضي في حالة الاستعجال القصوى الاستغناء عن استدعاء الاطراف، و في نازلة الحال فالجلسة التي تم إصلاح المقال فيها كانت هي 24/8/2011، و الفترة المطلوب عنها السفر بالمحضون هي الفترة الممتدة ما بين 26 غشت 2011 إلى غاية 7 شتنبر من نفس السنة، و بالتالي فالفارق الزمني بين تاريخ الجلسة و الفترة المحددة للسفر هو يومين اثنين، و في اعتقادي ما دام الطلب هو مقدم أصلا أمام القضاء الاستعجالي، و المادة 179 من مدونة الاسرة لم تعط الاختصاص لهذا القضاء عبتا، و إنما من أجل البت فيه بشكل مستعجل، كان من المفروض اللجوء إلى مقتضيات الفصل 151 من قانون المسطرة المدنية و الاستغناء عن استدعاء الاطراف.

         فضلا عن ذلك، فالمدعية أشارت إلى كون الحكم القاضي بالتطليق للغيبة، و موجب الغيبة التي سبق لها و ان ارفقتهما بالمقال الافتتاحي، يؤكدان غيبة النائب الشرعي للمحضونة غيبة اتصال و انقطاع و لا يعلمون انه ترك لها شيئا تمون به نفسها.

هذا مع تأكيدها على أن التطليق للغيبة و قبل النطق به قد باشر جميع الاجراءات اللازمة للتاكد من جدية الغيبة، و ذلك بالقيام بجميع التحريات اللازمة بما فيها استدعاؤه طبقا للقانون، و البحث عنه بواسطة قيم و إذاعة نبأ القضية ثلاث مرات في الإذاعة الوطنية كما يستفاد من جواب مدير الإذاعة، المشار إليه في حكم التطليق للغيبة، و كما لا يخفى على أن الأحكام القضائية لها حجة على الوقائع التي تثبتها، طبقا للفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود.

بالاضافة إلى الفرق بين تاريخ أخر جلسة أدرج فيها الملف، التي هي 7 شتنبر 2011، و تاريخ جلسة النطق بالامر و هي 14 شتنبر 2011، أي الملف الاستعجالي حجز للتأمل في قضية استعجالية أسبوع بكامله.

و عليه نلاحظ أن المتسبب في كون الطلب اصبح غير ذي موضوع هو القضاء الاستعجالي الذي استنكر لقواعد الاستعجال، و فضل الركون إلى قواعد قضاء الموضوع، بالرغم من ملتمسات المدعية الى الاستغناء عن استدعاء النائب الشرعي لتوفر مبرراته.




[1]   مع الاشارة إلى أن المادة 179 من مدونة الاسرة في فقرتها الاولى منحت لمحكمة الموضوع التي تبت في دعوى انحلال ميثاق الزوجية، ان تضمن في قرار اسناد الحضانة، و ذلك بناء على الطلب المقدم سواء من طرف النيابة العامة أو النائب الشرعي للمحضون في تلك الدعوى أو بطلب مستقل عنها، منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي.
لتضيف في فقرتها الثانية أن النيابة العامة هي من تقوم بتبليغ الجهات المختصة بمقرر المنع قصد اتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان تنفيذ ذلك.
لتأتي الفقرة الثالثة لتعطي مكنة لمن يريد السفر بالمحضون خارج المغرب ورفض طلبه عليه اللجوء إلى قاضي المستعجلات.
هنا نجد تناقض بين فقرات المادة المذكورةـ فقراءة الفقرة الاولى تعطينا انطباع على ان امكانية السفر بالمحضون هي الاصل، و ان من يريد ان يمنع ذلك السفر هو من يتوجب عليه اللجوء إلى القضاء لاستصدار حكم بالمنع، و بالتالي ليست هناك موافقة قبلية للسفر بالمحضون.
لكن الفقرة الاخيرة من المادة 179 تتحدث بصفة عامة و تجعل أن من لم يحصل على الموافقة للسفر بالمحضون خارج المغرب عليه اللجوء لقاضي الامور المستعجلة، و هنا يقع التضارب بين فقرات المادة الواحدة.



الجمعة 19 سبتمبر 2014

عناوين أخرى
< >

الاربعاء 27 مارس 2024 - 19:15 "تمغربيت" والقانون


تعليق جديد
Twitter