MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



قراءة في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية

     

على مستوى الكتاب الثالث المتعلق بالقواعد الخاصة بالأحداث
من إعداد الطالب الباحث بسلك ماستر العدالة الجنائية للأحداث: محمد عرفاوي



قراءة في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية

إن إلقاء نظرة أولية على مسودة مشر وع  ق.م.ج. خاصة على مستوى الكتاب الثالث المتعلق بالأحداث، لاحظنا أن هناك مؤشرات جد مهمة خص بها المشرع فئة الأحداث، وفي نفس الآن نسجل مجموعة من النقائص التي لم ترقى إلى الطموحات التي كنا ننتظرها .

لهذا سنحاول من خلال هذه القراءة المتأنية والأولية لمسودة المشروع، رصد أهم المستجدات التي يتضمنها المشروع،لهذا سنعتمد دراسة وصفية للفصول من 458 إلى 517 من مسودة المشروع مع استعمال مقارنة بين الحين والأخر بين ما هو كائن وما هو سائر في طريق التكوين من خلال المشروع طبعا .

على أن نعقبها بمنشور آخر إن شاء الله، يتضمن دراسة تحليلية نقدية فاحصة لهذا المشروع ،على أمل آن نخلق نوع من التفاعل بين المهتمين ،والمتتبعين ،والمتخصصين ،والعاملين في المجال .منيرين الطريق للمشرع من اجل احتواء هذه الآراء والاسترشاد بها في صياغة الورقة النهائية. وحتى لا أفيض الحديث، سأنتقل مباشرة إلى الحديث على أهم المستجدات التي تضمنتها مسودة المشروع في علاقة بالأحداث فيما يلي:
 
 
  • يجوز للنيابة العامة بمقتضى قرار معلل تمديد مدة الاحتفاظ (للأحداث)بالحدث لفترة لا تتجاوز مدة التمديد المقررة للحراسة النظرية(للرشداء)،وهذا الأمر غير منصوص عليه بصفة صريحة في القانون الساري المفعول،الشيء الذي يؤدي إلى تضارب الآراء حوله في التفسير.
  • تم إلغاء الإذن الذي  تصدره النيابة العامة حتى يتمكن محامي الحدث أو وليه أو المقدم عليه و وصيه أو كافله أو حاضنه أو الشخص المعهود إليه برعايته أن يحضروا الاستماع للحدث من طرف ضباط الشرطة القضائية
  • تم التنصيص على عقوبات في حق كل من حضر الاستماع للحدث من طرف الشرطة القضائية وقام بإفشاء ما راج خلال الاستماع للحدث ،في العقوبات المقررة من داخل القانون الجنائي المتعلقة بإفشاء السر المهني خاصة الفصل 446 منه،بحيث نجد القانون الساري المفعول يمنع  عدم الإفشاء فقط دون تحديد أو الإشارة إلى العقوبات.
  • إلزام وكيل الملك أو يعهد بذلك إلى احد نوابه أو لأحد موظفي النيابة العامة المكلفين بمهام المساعدة الاجتماعية، بتفقد الأحداث المودعين بالمؤسسات ألسجنيه أو مراكز الملاحظة على الأقل مرة كل شهر،وهذا الأمر مقصور فقط على قاضي الأحداث في القانون الحالي من خلال المادة 473/4،بينما وكيل الملك كان بإمكانه زيارة أماكن الاحتفاظ بالأحداث(أماكن الوضع تحت الحراسة النظرية بالنسبة للرشداء)
  • تم حذف هيئات قضائية مكلفة بالأحداث على مستوى المحكمة الابتدائية فقط دون محكمة الاستئناف ،حيث تم الاستغناء على قاضي التحقيق للأحداث ،وغرفة الاستئناف للأحداث ،وتم الإبقاء على قاضي الأحداث،وإضافة غرفة الأحداث،بحيث أصبحت الهيئات المكلفة بالأحداث على مستوى المحكمة الابتدائية تتكون من قاضي الأحداث وغرفة الأحداث.
  • التنصيص بشكل صريح على أن محاكمة الأحداث لا تكتسي صبغة عقابية،وان اتخاذ تدبير الإيداع بالسجن، لا يمكن أن يكون إلا في الأحوال الاستثنائية،والتي تقرر المحكمة أو القاضي انه لا بديل عنها.
  • تم إضافة وسائل النشر الالكترونية أو السمعية البصرية من ضمن الوسائل الموجودة في القانون الساري المفعول كالكتب والصحافة والإذاعة وعن طريق الصور والسينما و التلفزة التي يمنع عليها نشر بيانات جلسات الهيئات القضائية للأحداث.
  • توسيع تجريم نشر بيانات جلسات الهيئات القضائية للأحداث لتشمل الأحداث في وضعية صعبة والأحداث الضحايا وفي القانون الساري المفعول نجد هذا الأمر مقصور فقط على الأحداث الجانحين.
  • نزع الاختصاص في تعيين قاضي الأحداث، أو المستشار المكلف بالأحداث من وزير العدل ،وإسناده إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.
  •  تم تقسيم الفترة العمرية إلى ثلاث محطات أساسية، كالتالي اقل من 12 سنة ،ما بين 12  و15 سنة ،وما بين 15 و18 سنة .وهذا عكس ما عليه الأمر بالنسبة للقانون الساري المفعول، الذي يقسمه إلى فترتين عمريتين، اقل من 12 سنة وما بين 12 و18 سنة:
 
  1. لا يمكن أن يودع بمؤسسة سجنيه الحدث الذي يتراوح عمره بين 15عشرة سنة و18 عشرة سنة ،ويكتفي فقط باتخاذ تدبير أو أكثر من بين تدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليه في المادة 481 ،وفي حالة اتخاذ إحدى العقوبات ،يجب أن يتضمن المقرر القضائي الأسباب التي تحول دون تطبيق تدابير الحماية أو التهذيب ،وكذا الأسباب الداعية إلى الحكم بالعقوبة.
  2. الحدث الذي يتراوح عمره بين 12 و15 سنة، تضمنت مسودة المشروع بأنه لا يمكن أن يودع بمؤسسة سجنيه ولو بصفة مؤقتة ومهما كان نوع الجريمة الحدث الذي لم يبلغ 15 عشرة سنة ،ولكن يمكن أن يطبق في حقه إما تدبير أو أكثر من بين تدابير الحماية أو التهذيب (المادة 481).
  3. إذا كان عمر الحدث يقل عن 12 سنة فإن المحكمة تنبهه وتسلمه بعد ذلك لأبويه أو إلى الوصي أو المقدم عليه أو حاضنه أو كافله أو المكلف برعايته.
 
  •  في كثير من الفصول تم تعويض كلمة محكمة بكلمة الرئيس وكلمة غرفة الأحداث وهذا فيه دقة أكثر على مستوى اللغة القانونية.
  • تم التنصيص على مقتضى جديد ، وهو عقوبة العمل من اجل المنفعة العامة والتي لم يستثنى منها الأحداث ، بحيث يمكن استبدال العقوبة الحبسيه بالنسبة إليهم  بتدبير(برجوعنا إلى الكتاب الخامس مكرر من القسم الأول من الكتاب السادس من مسودة مشروع القانون نجدها تتحدث عن عقوبة العمل من اجل المنفعة العامة،وفي المادة 482 من المشروع تتحدث عن تدبير العمل من اجل المنفعة العامة وفي نفس المادة الفقرة الأخيرة تتحدث عن عقوبة العمل من اجل المنفعة العامة؟؟) العمل  من اجل المنفعة العامة ،مع الأخذ بعين الاعتبار مقتضيات قانون الشغل المتعلقة بالأحداث،وكذا المادة 646/5 من مسودة المشروع ق.م.ج.
  • تعقد الهيئات المكلفة بالأحداث جلساتها وتصدر مقرراتها في جلسة سرية، وبالتالي تم الحسم في الخلاف الدائر حول أن المناقشات تكون علنية، والبث في القضية يكون في جلسة سرية.
  • تمت إضافة مؤسسة مهمة  إلى جانب مندوبي الحرية المحروسة (الدائمين والمتطوعين)و المتمثلة في الموظفين المكلفين بمهام المساعدة الاجتماعية بخلايا التكفل بالنساء والأطفال بالمحاكم ،وأسندت إليها مجموعة من الاختصاصات كالتالي:
 
فيما يتعلق بالمهام المسندة إليها بالنسبة للحدث الجانح فتتمثل في:

  1. يمكن لقاضي الأحداث أن يسند إليها أمر  بالبحث الاجتماعي.
  2. من حقهم الحضور للبحث والمناقشات.
  3. يعهد إليهم بالإشراف والتتبع التربوي للأحداث الجاري عليهم نظام الحرية المحروسة.
  4. تسند إليهم مهمة مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها الحدث ،وحالته الصحية وظروف تربيته وعمله وعلاقاته وحسن استعماله لهوياته.
  5. يرفعون تقارير كل ثلاث أشهر إلى القاضي أو الهيئة القضائية التي عينتهم.
  6. يمكنهم تقديم طلب إلى قاضي الأحداث أو المستشار المكلف بالأحداث ليعيد النظر في التدابير المنصوص عليها في المادة 481 ق.م.ج مع مراعاة المصلحة الفضلى للحدث.
  7. يمكنهم تقديم طلب إلى قاضي الأحداث آو المستشار المكلف بالأحداث، إذا ظهر لهم أن اعتقال الحدث من شأنه أن يحول دون تهذيب سلوكه أو إصلاحه أو وضعيته لم تعد تتطلب تنفيذ العقوبة السالبة للحرية.ويلتمسون استبدالها بواحد أو أكثر من تدابير الحماية والتهذيب المنصوص عليها في المادة 481 ق.م.ج.
  8. يمكن تكليفهم من طرف قاضي تنفيذ العقوبة أو من طرف وكيل الملك للقيام بزيارة أماكن تنفيذ عقوبة العمل من اجل المنفعة العامة وإعداد تقارير بشأن هذه الزيارة.
 
أما على دور هذه المؤسسة في حماية الأطفال ضحايا جنايات أو جنح فيتمثل في:

  1. يمكنهم أن يعينوا النيابة العامة وقاضي الأحداث والمستشار المكلف بالأحداث ،في الاستقبال الأولي للأطفال الضحايا في مكتب خاص يراعي خصوصية أوضاعهم ،ومصلحتهم الفضلى،ويعملون على تقديم الدعم النفسي لهم والاستماع إليهم ،كما يتولون مرافقتهم داخل المحاكم.
 
فيما يخص دور هذه المؤسسة في حماية الأطفال الموجودين في وضعية صعبة فيتلخص في:

  1. يمكنهم تقديم تقرير من اجل إلغاء التدابير أو تغييرها إذا اقتضت مصلحة الحدث ذلك.
  2. يمكنهم تتبع حالة الحدث وظروف تنفيذ التدابير .
  • تم الرفع من سن الحدث في وضعية صعبة من 16 سنة في قانون المسطرة الجنائية الحالي إلى 18 سنة في مسودة المشروع،وان التدابير المأمور بها من طرف قاضي الأحداث في حق الحدث في وضعية صعبة، تنتهي بانتهاء المدة المحددة من طرفه،وتنتهي في جميع الأحوال ببلوغ الحدث ثمانية عشرة سنة ،عوض 16 سنة في المسطرة الجنائية السارية المفعول،والتي كانت منتقدة بشكل كبير من طرف الباحثين.
هذا جل إن لم نقل كل المستجدات التي تضمنتها مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية على مستوى الكتاب الثالث المتعلق بالقواعد الخاصة بالأحداث ،والتي اتضح لنا من خلالها أنها راعت مجموعة من الأمور المهمة والايجابية ، وكما نعلم بان القانون هو لغة الدقة والتركيز، لذلك تم اعتماد مجموعة من المصطلحات الدقيقة والعلمية والقانونية .لكن على الرغم من هذه الايجابيات، وكما قال الشاعر لكل شيء اذا ما تم نقصان،وهذا النقصان يتمثل خاصة على مستوى التفسير والتوضيح والعمومية التي تكتنف بعض النصوص ،بل وتناقضها أحيانا لان القانون لا يفهم من نص واحد ولكن من خلال قراءة القانون بشكل مجمل على الأقل داخل القانون الواحد ،هذا ما سنحاول التطرق إليه في منشورات لاحقة إن شاء الله ،والتي ستواكب هذا الحراك القانوني خاصة على مستوى تخصصنا  الذي هو العدالة الجنائية للأحداث.

هذا والله اعلم.

الخميس 19 يونيو 2014




عناوين أخرى
< >

تعليق جديد
Twitter