MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية



قراءة في حاضر و مستقبل نادي قضاة المغرب بقلم ذ عبد الله الكرجي

     



قراءة في حاضر و مستقبل نادي قضاة المغرب بقلم ذ عبد الله الكرجي
 

أسئلة غدت استفهامات مضمرة بخلجات العديد من أعضاء نادي قضاة المغرب؛

ماذا يحدث؟

صحيح أن الإجماع ليس مطلوبا في القضايا التنظيمية وبالأخص الجمعوية منها ، فهذا أمر لا يقره المنطق الرشيد ولا العقل السديد؛ وإذا كانت آراء شخصين متفقة دائما فليست هناك حاجة لوجودهما معا؛ إذ أحدهما يكفي.

وتزداد تساؤلاتي إلحاحا حين أفكر في ما إذا كان ما يحدث داخل النادي هو صراع بين أفكار مختلفة؟

أم صراع بين الفساد ومحاربي الفساد كما يروج؟ 

أم صراع ــ فقط ــ على الزعامة والقيادة ؟

فإذا كان الفرض الأول (أي صراع بين أفكار مختلفة) صحيحا؛ فإن الأمر محمود في أصله؛ لكنه مذموم فيما وصل إليه من نزاع؛ إذ التدافع الفكري لا يتم بالصراع بل بالإبداع.

أما الفرض الثاني (كون ما يحدث هو صراع بين الفساد ومحاربيه ) فأرى أنه محمود في كُليته طالما "لا يجتمع فساد ونضال" ؛ إذ لا يمكن أن نولي أمرنا من فسد فكره أو هدفه فبالأحرى يده؛ لكن حري بنا أن نتساءل هل النادي يجُب ما قبله؟

أبادر بالقول أن النادي غفور رحيم إذا ما صدقت النية مع الإقلاع دون نية الرجوع؛ إلا أننا نتساءل هل يمكن للتائب أن يكون قديسا بعد مرور أمد قريب على توبته؟؟؟ 

وهل بإمكانه أن يتزعم حركة ممانعة؟؟؟ إذ الأرجح أن يجابه علانية أو سرا بماضيه القريب؛ ولربما تمت مساومته ببيع القضية ، فيبيعنا شراءً لسكوتهم عما هو بيدهم اتجاهه؟

وهنا لا بد من الإشارة إلى حديث مطول جمعني بأحد وؤساء المكاتب الجهوية ؛ والذي كانت خلاصته هي وجوب محاربة فكرة "يشاع" التي انتقلت ويا للأسف من العمل القضائي إلى العمل الجمعوي؛ وبالتالي فالمقصود بحديثي من ثبت فساد يده؛ ولعل أكبر خدمة يقدمها للنادي هو الإبتعاد عن الأجهزة .

يبقى الفرض الثالث ( كون ما يحدث مجرد صراع على الزعامة والقيادة)؛ وبقدر ما نراه محمودا إلا أن ما بلغه التدافع من مجرد تدافع لما فيه مصلحة النادي إلى تدافع لما فيه ضرب للنادي كجمعية احتضنت كافة القضاة، وضحوا من أجلها لتصبح في ظرف وجيز رقما يضرب له ألف حساب في معادلة المنافحة عن استقلال السلطة القضائية، بل وشهد لها منافسوها وأعداؤها أكثر من محبيها بعبارات بلغت وصف النادي بكونه "زلزل الأرض من تحت أقدامهم" .

لذلك فمن يرغب بممارسة المعارضة فالشكر له؛ إذ ضرورة وجود الإطار(نادي قضاة المغرب) لا تعني نفي واضطهاد الرأي العام بما في ذلك الرأي المعارض ؛ فالرأي العام شرط ضروري في عملية الالتزام بالعقد الرابط بين المسير ومن ولاه أمر التسيير؛ إلا أنه يتعين أن تكون المعارضة اقتراحية؛ فقد أصبح ينظر للمعارضة باعتبارها فن، بيد أن لهذا الفن فلسفة قائمة على مرتكز أساسي وهو الإيمان الراسخ بوحدة وقدسية الإطار الجمعوي، فالكثير ممن تصدى للعمل الجمعوي لا يكاد ينفك من داء المراهقة الجمعوية فيقع له خلط بين الإطار والمسير القائم على تصريف أموره وتستحيل الفواصل بين الاثنين إلى سراب يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.

يقول الإمام أحمد بن حنبل في هذا الإطار: الإجماع من الأمور العسيرة الحدوث في شؤون الفروع الدينية فضلا عن شؤون السياسة والمتغيرات الدنيوية؛ بيد أن شرعية أي نظام سياسي أوسع من التأييد أو المعارضة فقد يكون هناك من يعارض السلطة أو يتذمر من بعض مواقفها وسياساتها ولكن هذه أمور طبيعية بل حتمية؛ لكن ذلك لا ينفي الشرعية طالما شعر المواطنون أن السلطة في توجهها العام سلطة وطنية ومخلصة لخيارات التنمية والرفاه الاجتماعي والقيم التي تربط أبناء الوطن بعضهم ببعض.
ولعل ما يثير الاستغراب حقا هو حين تجد ممن تشرفوا بحضور أربعينية فاس التحضيرية أو أربعمائة الرباط التأسيسية ؛ صدفة أو اقتناعا ؛ إلا أنه لم يحضر المحطات المصيرية للنادي (إحدى الوقفات أوالمحطات التضامنية أو ...) بل وأحيانا لم ينفذ قرارات النادي ، ومع ذلك لم يعتذر لزملائه بل ولم يقتضي بالنعامة ، وهي تدس رأسها في التراب؛ استحياء منه، فتجده رغم أنه لم يحضر لحظة المجد خوفا أو طمعا أو حتى اقتناعا؟؟؟ أقول تجده يبخس ويحبط أعمال زملائه الذين صنعوا المجد ؟؟؟ بل ويتباها بكونه من المؤسسين .

ألا يعلم أن شرعية التأسيس هي شرعية تاريخية قد تراود الكثيرين منا، إلا أن شرعية الانتماء والتلاقح الفكري تعد شرعية أقوى؛ لكونها تشكل الأساس النظري الراهن والحاجة المستقبلية لتأسيس ناد قابل للاستمرار كفكر.

فكم من أشخاص كان لهم فكر النادي يتداولونه بينهم في السر؟
وكم من شخص كان يتأمل في ذات أفكار النادي في صمت؟ 
بل وكم من قضاة سيأتون ـ في المستقبل ـ لم يكن لهم حظ التشرف بشرعية التأسيس سيحملون فكر النادي وهم مستعدون للفداء من أجله أكثر ممن حظي بشرف الوقوف يوم التأسيس ؟ 

لذلك فالقول بأن النادي هو نادي المؤسسين المباشرين أو غير المباشرين قول ينبني على الشرعية التاريخية الصرفة ؛ والتي لن تؤدي إلى الامتداد الزمني للنادي كفكر وبالتالي كشخص معنوي (كجمعية)، لأن الشيء الأساسي في هذا العالم ليس إلى أي مكان وصلنا الآن ولكن في أي اتجاه نتقدم .

ولعل من التساؤولات التي لا تفارق ذهني هو ما نعيشه من تطاحن وعدم الرضى وتقبل كل من أبدع وتفوق منا ؛ كأن ما تعيشه بلدان الربيع العربي نعيشه نحن اليوم بعد ربيعنا القضائي ؛ فهم بمصر فضلوا العسكر على أن يحكمهم من يوازيهم ؛ بل من يناظرهم بصناديق الاقتراع؛ فهل الأمر يتعلق بعقدة الموازي؛ وقد صدق المفكر عزمي بشارة حين يقول: "أن قاعدة أنا وابن عمي على الغريب تنقلب عندنا؛ فتصير أنا والغريب على ابن عمي" .

واعلموا بذلك إخوتي أن التدافع أساس النجاح لأنه وكما قال سوامي فيفيكاناندا : " في اليوم الذي لا تواجه فيه أية مشاكل، تأكد أنك في الطريق غير صحيح "، واعلموا أن السفن آمنة عندما تكون راسية على الموانئ، ولكن السفن لم تصنع لهذا ؟ ولأني مقتنع أن من بنى قصورا في الهواء عليه بوضع أسس تحتها بدل هدمها، وأسس نادينا الذي بدأ كحلم جميل في السماء هي أفكارنا لكن بشكل مؤسساتي والاعتراف لكل من أنجز بانجازه لينجز أكثر، وتقديم النصيحة لمن لم يصب لكن بعد غرس أنصالها في العسل، لأن " التصفيق هو الوسيلة الوحيدة التي نستطيع أن نقاطع بها أي متحدث دون أن نثير غضبه".

يبقى بذلك؛ أن نعبئ من أجل إنجاح الجمع العام وفق توصية المجلس الوطني الأخير؛ ولعل التعبئة لا تكون من أجل الكم فقط ، بل بحضور وازن لمن يستحقون ثقتنا، وطرق باب من تحفظ في الترشح ليس هربا من المسؤولية بل تحرزا من جلد محتمل له وإشاعات قد تلحقه عند كل نجاح يحققه من قبل أصحاب عقدة الموازي، وهم كثر بنادينا للأسف، إذ لا ينظرون إلى كم أصبت بل يبحثون عما إذا أخطأت.

لذلك علينا باللحمة ولن أذكركم إخوتي بأن الذئب يأكل من الغنم القاصية، ولا ضير أن نختلف؛ إنما الضير ألا نقدر على تدبير اختلافنا فيصير الاختلاف خلافا؛ فتدبير الاختلاف فنٌّ لا يتقنه إلا الحاذقون ممن صفت دواخلهم ، وخلصت نواياهم ، وكان قصدهم الإصلاح ولا شيء غير الإصلاح ، لكن عيبنا الكبير أننا نختلف لنختلف، ولا نختلف لنتفق؛ فالاختلاف سنة جارية في مجاري العادات ، وعوائد الناس، كما هي جارية في الفهوم والأفكار والآراء سواء، كما ليس غريبا وشنيعا أن نتحدث عن الاختلاف داخل هيئة هيئة أو جمعية ما، بل هو عين المطلوب فذاك الاختلاف مؤشر يوحي بعافية القواعد من عملية القولبة وتصدير النموذج الوحيد ، ولكن الصادم و الموجع أن تفتقر هذه الهيئات إلى آليات تدبير الاختلاف وأن تعجز عن احتوائه.




السبت 6 سبتمبر 2014

تعليق جديد
Twitter