MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



قانون الالتزامات والعقود ومأزق مسطرة التشريع

     


ذ عبداللطيف وهبي
محام ونائب رئيس مجلس النواب.



قانون الالتزامات والعقود ومأزق مسطرة التشريع

صادق مجلس النواب يوم الأربعاء الماضي على مشروع القانون رقم 107. 12 بتغيير وتتميم ظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، غير أن الجديد في هذا القانون هو أنه عرف عدة تغييرات عند القراءة الثانية أمام مجلس النواب، ذلك أن الحكومة قدمت مشروع القانون متضمنا حوالي 19 فصلا عرف تعديلات ونقاشات في القراءة الأولى بمجلس النواب وكذلك عند عرضه على مجلس المستشارين، وقد طال التعديل ثلاثة فصول وهي كالتالي:

أولا: الفصل 618-3 مكرر في فقرته الأخيرة.

والذي أصبح بعد تعديله ينص على ما يلي:((يودع البائع لدى محرر العقد، قصد الاطلاع نسخا مطابقة للأصل من التصاميم المعمارية الحاملة لعبارة "غير قابل للتغيير" وتصاميم الإسمنت المسلح ونسخة من دفتر التحملات ونسخة من الضمانة البنكية أو التأمين)). أي أضيفت وثيقتي التأمين والضمانة البنكية على النص الأصلي لمشروع الحكومة عند القراءة الأولى بمجلس النواب.

وعلى إثر إحالة مشروع القانون على مجلس المستشارين وبعد المناقشة والتصويت عدل مجلس المستشارين صيغة الفصل 618-3 مكرر، بحيث أسقط كلمة البنكية وأصبحت الضمانة المطلوبة عند إيداع الملف من طرف البائع مجرد ضمانة ولم تعد مرتبطة بالمؤسسة البنكية وهو النص الذي صادق عليه مجلس المستشارين في جلسته العامة وأصبح كما يلي: ((يودع البائع لدى محرر العقد، قصد الاطلاع نسخا مطابقة للأصل من التصاميم المعمارية الحاملة لعبارة "غير قابل للتغيير" وتصاميم الإسمنت المسلح ونسخة من دفتر التحملات ونسخة من الضمانة أو التأمين )).

تم أحيل مشروع القانون على القراءة الثانية بمجلس النواب والذي تم تعديله مرة أخرى من طرف اللجنة وأعيد مصطلح "البنكية" وأضيف "أو أي ضمانات أخرى مماثلة"، إلا أنه وفقا للنظام الداخلي لمجلس النواب وخاصة المادة 141 منه قدمت الحكومة تعديلا بالجلسة العامة عند التصديق على القراءة الثانية وبشكل نهائي على نفس الفقرة، وأضيفت إليها فقرة جديدة خلقت وضعية جديدة وذلك بإضافة الفقرة التالية "وتقوم الضمانة المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه بقوة القانون، وعلى الرغم من كل مقتضى مخالف، مقام أي حجز تحفظي يجريه المشتري في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون، إذا كانت الضمانة المذكورة من شأنها أن تغطي الحقوق موضوع هذا الحجز التحفظي."

وهو النص الذي تمت المصادقة عليه في الجلسة العامة لمجلس النواب المؤرخة في يوم الأربعاء 20-05-2015 والتي أعلن رئيس الجلسة افتتاح الجلسة للمصادقة على مشروع القانون في قراءته الثانية.

ثانيا: الفصل 618-3 مكرر ثلاث مرات.

ذلك أن مجلس النواب في قرائته الأولى عدل النص 618-3 مكرر ثلاث مرات، حيث تمت المصادقة على ما يلي (( يحق للمشتري التراجع عن عقد التخصيص داخل أجل لا يتعدى شهرا ابتداء من تاريخ إبرام عقد التخصيص.

يجب على البائع في حالة تراجع المشتري عن عقد التخصيص، أن يرجع للمشتري المبلغ المدفوع كاملا داخل أجل لا يتعدى سبعة أيام ابتداء من تاريخ ممارسة هذا الحق، وتحدد صلاحية عقد التخصيص في مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما غير قابلة للتجديد تؤدي لزوما إلى إبرام عقد البيع الابتدائي أو التراجع عن عقد التخصيص واسترجاع المبالغ المسبقة.

يودع البائع المبلغ المالي المؤدى من طرف المشتري عند إبرام عقد التخصيص وذلك في الحدود المقررة في الفصل 618-6 في حساب بنكي خاص غير قابل للحجز والاستخدام إلى حين انقضاء أجل حق التراجع، وفي المقابل يتسلم المشتري وصلا بالإيداع)).

وعندما أحيل على مجلس المستشارين ثم تعديله بتغيير مدة صلاحية العقد من شهر إلى ستة أشهر، وثم الاحتفاظ بالفقرة الأخيرة كما هي وأصبحت جزء من نص متفق عليه وهكذا أورد النص من مجلس المستشارين كما يلي :

((يحق للمشتري التراجع عن عقد التخصيص داخل أجل لا يتعدى شهرا ابتداء من تاريخ إبرام عقد التخصيص.

يجب على البائع في حالة تراجع المشتري عن عقد التخصيص، أن يرجع للمشتري المبلغ المدفوع كاملا داخل أجل لا يتعدى سبعة أيام ابتداء من تاريخ ممارسة هذا الحق.

وتحدد صلاحية عقد التخصيص في مدة لا تتجاوز ستة (6) أشهر غير قابلة للتجديد تؤدى لزوما إلى إبرام عقد البيع الابتدائي أو التراجع عن عقد التخصيص واسترجاع المبالغ المسبقة.

يودع البائع المبلغ المالي المؤدى من طرف المشتري عند إبرام عقد التخصيص، وذلك في الحدود المقررة في الفصل 9-618 أدناه، في حساب بنكي خاص غير قابل للحجز أو التصرف من الأغيار أو من أي جهة أخرى إلى حين انقضاء أجل حق التراجع وفي المقابل يتسلم المشتري وصلا بالإيداع)).

غير أنه بعد إحالته على مجلس النواب في قرائته الثانية أحدثت تعديلات مخالفة لنص مجلس المستشارين ولنص مجلس النواب في القراءة الأولى وأضيفت لها عدة جمل غيرت معنى النص ودلالة التشريع وطبيعة الالتزامات القانونية التي على البائع، علما أن هذه التعديلات لم تكن موضوع القراءة الأولى ومن ثم لم يطلع عليها مجلس المستشارين بل أحدثت لأول مرة في القراءة الثانية وقد ورد النص بتعديليه كما يلي:

((يحق للمشتري التراجع عن عقد التخصيص داخل أجل لا يتعدى شهرا ابتداء من تاريخ إبرام عقد التخصيص.

يجب على البائع في حالة تراجع المشتري عن عقد التخصيص، أن يرجع للمشتري المبلغ المدفوع كاملا داخل أجل لا يتعدى سبعة أيام ابتداء من تاريخ ممارسة هذا الحق.

وتحدد صلاحية عقد التخصيص في مدة لا تتجاوز ستة (6) أشهر غير قابلة للتجديد تؤدي لزوما إلى إبرام عقد البيع الابتدائي أو التراجع عن عقد التخصيص واسترجاع المبالغ المسبقة.

يودع البائع المبالغ المالية المؤداة من طرف المشتري عند إبرام عقود التخصيص، وذلك في الحدود المقررة في الفصل 6-618 أدناه، في حساب بنكي خاص في اسم البائع. وتكون هذه المبالغ المالية المودعةغير قابلة للتصرف أو الحجز إلى حين انقضاء أجل حق التراجع المتعلق بكل عقد. وفي المقابل يتسلم المشتري وصلا بالإيداع)).

ثالثا: الفصل 618-4.

حيث ورد هذا الفصل في القراءة الأولى لمجلس النواب كما يلي:

((في حالة فسخ العقد من أحد الأطراف، يستحق المتضرر من الفسخ تعويضا لا يزيد على 15% من المبالغ المؤداة.

غير أنه يحق للمشتري فسخ العقد دون تحمل أي تعويض إذا تجاوز البائع الأجل المتفق عليه لتسليم العقار مع مراعاة مقتضيات الفصل 7-618. يستحق المشتري تعويضا لا يزيد على 15% من المبالغ المؤداة.

يعفى المشتري من أداء التعويض عن الفسخ إذا ما تم قبل إبرام العقد الابتدائي)).

وحينما أحيل على مجلس المستشارين ثم تعديله من جديد وقد ورد في النص المصادق عليه كما يلي :

(( في حالة فسخ عقد التخصيص أو العقد الابتدائي من لدن أحد الأطرا، يستحق المتضرر من الفسخ تعويضا لا يزيد على 15% من المبالغ المؤداة، مع مراعاة مقتضيات الفصل 19-618 أدناه.

غير أنه يحق للمشتري فسخ العقد دون تحمل أي تعويض إذا تجاوز البائع الأجل المتفق علية لتسليم العقار مع مراعاة مقتضيات الفصل 7-618 أعلاه. وفي هذه الحالة يستحق المشتري تعويضا لا يزيد عن 15% من المبالغ المؤداة.

يعفى المشتري من أداء التعويض عن الفسخ إذا ما تم قبل انتهاء أجل الثلاثين يوما من تاريخ إبرام عقد التخصيص)).

وبعد إحالته على مجلس النواب في قرائته الثانية قام هذا الأخير بتعديله بإضافة عدة عناصر أخرى تضمنت التزامات، خاصة فيما يهم التعويض الذي أضيفت إليه نسبا أخرى و آجالات أخرى. وكذلك فيما يخص التعويض الذي للمشتري، وهذه التعديلات طرأت لأول مرة في القراءة الثانية وقد ورد النص كما يلي:

((في حالة فسخ عقد التخصيص أو العقد الابتدائي من لدن أحد الطرفين . يستحق المتضرر من الفسخ، مع مراعاة مقتضيات الفصل 19-618 أدناه. تعويضا محددا في:

15% من المبالغ المؤذاة إلى حين الانتهاء من الأشغال الكبرى لمجموع العقار؛

20% من المبالغ المؤذاة إلى حين الانتهاء من الأشغال النهائية والحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة.

غير أنه يحق للمشتري فسخ العقد دون تحمل أي تعويض إذا تجاوز البائع الأجل المتفق عليه لتسليم العقار مع مراعاة مقتضيات الفصل 7-618 أعلاه. وفي هذه الحالة،يستحق المشتري تعويضا محددا في 20% من المبالغ المؤداة.

يعفى المشتري من أداء التعويض إذا تم الفسخ قبل انتهاء أجل الثلاثين يوما من تاريخ إبرام عقد التخصيص )).

وأن هذه الوضعية تطرح إشكالات دستورية، ذلك أن مجلس النواب في قراءته الثانية ملزم بحالتين قانونيتين هما:

أ- إما أن يبقى النص على حالته كما أحيل عليه من مجلس المستشارين كما عدله وأحاله على مجلس النواب، ومن تم يكون النص قد نال مصادقة مجلس النواب في القراءة الثانية وفي هذه المسطرة توافقا مع النص وأجاز مجلس النواب تعديلات مجلس المستشارين.

ب- أو أن يقوم مجلس النواب في قراءته الثانية بتعديل النص كما أحيل عليه من مجلس المستشارين، وهذا يطرح إشكالا يهم السلطة التعديلية التي يملكها مجلس النواب في مواجهة التعديلات التي أحدثها مجلس المستشارين على النص الذي أحيل عليه، هل تحدد مهمة مجلس النواب في قبول تعديلات مجلس المستشارين أو رفضها؟ وفي هذه الحالة ما هو الإجراء المسطري المتوافق مع المسطرة التشريعية المنصوص عليها دستوريا؟. وهل الاكتفاء بإلغاء تعديل مجلس المستشارين وإرجاع الفصل إلى الحالة التي صادق عليها مجلس النواب في قراءته الأولى؟ أم أن لمجلس النواب الحرية المطلقة في تعديل النصوص التي طالتها تغييرات من طرف مجلس المستشارين ما دامت تلك النصوص غير متفق عليها؟. أي أن يقوم مجلس النواب بتعديل إضافي مخالف لما تمت المصادقة عليه من طرفه عند القراءة الأولى؟.

إن هذا الإشكال المسطري تترتب عليه نتائج قانونية ودستورية، ذلك أنه في حالة قبول تعديلات مجلس المستشارين نكون أمام قراءة ثانية ونهائية ومن تم تنتهي مسطرة التداول، وعندما ندخل تعديلا جديدا حتى على نص لم يتم الاتفاق عليه بين المجلسين بشكل مخالف لما كان منصوص عليه في القراءة الأولى لمجلس النواب وتعديلات مجلس المستشارين، فإن مصادقة مجلس النواب في القراءة الثانية لا تكون نهائية فتفرض الاستمرار في مسطرة التداول لتمكين مجلس المستشارين من الإطلاع على التعديل الجديد، والحال فيما يهم القانون المطعون فيه أن مجلس النواب عند موافقته على تعديل الحكومة الذي قدمته أثناء المصادقة بالجلسة العامة بإضافة فقرة جديدة قد أدخل تعديلات جديدة لم تكن موضوع مناقشة من طرف مجلس النواب في قراءته الأولى ولا حتى قراءة من مجلس المستشارين، فإن المسطرة تفرض والحالة هذه أن تكون مصادقة مجلس النواب في القراء الثانية غير نهائية وعلى مجلس النواب أن يحيل النص على مجلس المستشارين في قراءة ثانية.

غير أن مجلس النواب بت وصادق على المشروع في إطار القراءة الثانية، وبالتالي يبقى دور مجلس المستشارين في الاطلاع والتداول على أي مستجد طال مشروع القانون، فهي مسألة دستورية يعد الإخلال بها مخالفة لنص الدستور، وهو نفس توجه المجلس الدستوري في اجتهاده القضائي ملف عدد: 19-1406- قراره 950- 14 والذي ورد فيه (وحيث إنه، من جهة، يستفاد من هذه الأحكام أن مشاريع ومقترحات القوانين، وكذا مشاريع ومقترحات التعديلات المدخلة عليها التي تعد من مشمولاتها، يتعين عرضها وجوبا على كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين لتدارسها ومناقشتها والتصويت عليها، مع مراعاة باقي مقتضيات مسطرة التشريع المقررة دستوريا، الأمر الذي لم يتم التقيد به في مسطرة التصويت على التعديل المدخل على المواد المذكورة سالفا من القانون التنظيمي لقانون المالية المعروض على نظر المجلس الدستوري).

ومن ثم فإن لمجلس المستشارين حق الاطلاع على كل تعديل قد طرأ على القانون في قراءته الثانية بمجلس النواب، وبالتالي يجب أن يعود هذا القانون لمجلس المستشارين، غير أن هذا يثير إشكالا قانونيا هو أن النظام الداخلي لمجلس المستشارين لا ينص على هذه الحالة في مادته 84 ، ذلك أنه لم يفترض في قانونه وجود أكثر من قراءة له، بل أعطى لنفسه هذا الحق (أي أكثر من قراءة) فقط في الحالات التي يكون النص القانوني قد أودع بالأسبقية لدى مجلس المستشارين، بينما في النظام الداخلي لمجلس النواب فليس هناك مانع من تعدد المناقشات ومن إحالة القانون على مجلس المستشارين من جديد، لكون النصوص المنظمة للتشريع بمجلس النواب لم تستثني الحالة التي استثنتها المادة 84 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، مما يفرض قانونيا أن يقوم مجلس المستشارين بتعديل المادة 84 من نظامه الداخلي قبل البث في نص القانون في إطار قراءة ثانية وقبل إحالته على مجلس النواب في إطار قراء ثالثة قد تكون نهائية وقد تكون غير نهائية بحسب التعديلات التي ستطرأ على نص القانون من طرف مجلس المستشارين.


عن موقع هسبريس




الجمعة 12 يونيو 2015

عناوين أخرى
< >

الجمعة 19 أبريل 2024 - 01:41 كليات القانون فى جامعات المستقبل

الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 10:43 محنة المدونة


تعليق جديد
Twitter