MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الحكومة حول تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة أشخاص القانون العام بقلم الدكتور العربي محمد مياد

     



رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الحكومة حول تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة أشخاص القانون العام بقلم الدكتور العربي محمد مياد
 
رسالة مفتوحة
 
 
إلى
السيد  رئيس الحكومة المحترم   
 
                                                
       
      الموضوع: حول تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة أشخاص القانون العام


             سلام تام بوجود مولانا الإمام ؛ 

 السيد رئيس الحكومة ،

             تفضلتم ووجهتم منشورا بتاريخ 19 غشت 2015 إلى أعضاء الحكومة ومن في حكمهم في موضوع تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد أشخاص القانون العام ، وهذه سنة محمودة ، تكرسون من خلالها الرغبة الملحة لحكومتكم في تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية النهائية الصادرة عن السلطة القضائية باسم جلالة الملك وطبقا للقانون .

      وانطلاقا من التجربة العملية  وبحكم تخصصي وتتبعي للشأن القضائي والفقهي في المغرب،  اسمحوا لي أن أبدي بعض الملاحظات التي أخالها بناءة وكذا بعض الاقتراحات التي من شأنها أن تكمل الصورة التي تضمنها المنشور المشار إليه أعلاه .

  1 ـ يلاحظ  أن  كل المناشر الصادرة عن رئاسة الحكومة في موضوع تنفيذ الأحكام القضائية تتعلق بتلك الصادرة  ضد أشخاص القانون العام دون تلك الصادرة لفائدتها .

      وأنتم تعلمون أكثر مني أن الأشخاص العامة عندما تتقاضى سواء امام المحاكم العادية أو المختصة تكون على نفس الدرجة وليس لها أي امتياز أو أفضلية أمام القضاء. وهذا من حسنات قضائنا الشامخ .
     لذا فإن الأحكام الصادرة لفائدة الدولة هي بدورها صادرة باسم جلالة الملك وطبقا للقانون ، وهي أولى بالتطبيق لأنها صادرة لفائدة الدولة التي تمثل المصلحة العامة .

2 ـ كثيرا ما تصدر عن مختلف المحاكم المغربية ولا سيما المحاكم الإدارية بعض الأحكام القضائية في مجال نزع الملكية والاعتداء المادي التي تتضمن في حيثياتها مبررات  صعوبة التنفيذ ، نذكر على الخصوص الحالة التي يتعلق الأمر بنزع ملكية جزء من قطعة أرضية موضوع رسم عقاري أو مطلب تحفيظ .

    وانتم تعلمون السيد رئيس الحكومة أنه طبقا لمقتضيات الفصل 2 من القانون رقم 7.81 يتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 6 مايو 1982، فإن نزع الملكية لا يتم إلا بمقتضى حكم قضائي .

    وهذا يعني أن الحكم القضائي الصادر في إطار نزع الملكية هو الوسيلة القانونية الوحيدة لنقل ملكية القطعة الأرضية المنزوعة ملكيتها . وأن هذا الحكم يجب أن يقيد بالسجلات العقارية لكي ينتج آثاره القانونية .

      وفي هذه الحالة ونظرا لأن نزع الملكية يهم جزءا من العقار فلا يمكن تقييده إلا بعد الإدلاء بالملف التقني وشهادة التقسيم التي تمنحها الجماعات الترابية .

      هذه العملية تتطلب  من نازع الملكية إعداد  الملف  التقني والحصول على الشهادة المذكورة ، ومن الناحية القانونية  فإنه طبقا للمادة 2 من القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 17 يونيو 1992، فإنه لا يمكن تقسيم العقار من العقارات إلا بعد الحصول على إذن  يسلم من طرف رئيس مجلس الجماعة الترابية المختصة ، وإذا كان العقار المراد قسمته يوجد في جماعتين أو عدة جماعات يسلم الإذن وزير الداخلية أو الوالي أو العامل المعني  الذي يفوض إليه مباشرة ذلك ولا يمكن الحصول على هذا الأخير  إلا بناء على طلب صاحب الشأن،  أي المنزوعة ملكيتها .

      وكثيرا ما يتباطأ المالك المنزوعة ملكيته في تقديم الطلب للجماعة الترابية المختصة إما بسبب رفضه المطلق لمسطرة نزع الملكية او نظرا للتكلفة المالية التي تطالب بها الجماعة الترابية المختصة . وأنتم تعلمون أن نقل الملكية لفائدة السلطة نازعة الملكية لايكون تاما إلا من تاريخ تقييد الحكم في السجل العقاري .

       وتعتبر الشهادة العقارية إحدى الوثائق التي يجب أن ترفق بملف الأداء الذي يوجه إلى الخزينة العامة للمملكة من أجل أداء التعويض عن نقل الملكية أو الحيازة .

       وعلى هذا الأساس سيكون من الملائم أن تتم عملية اعداد الملف التقني والحصول على شهادة التقسيم قبل صدور الحكم ، بحيث يعين القاضي المقرر أو المحكمة مهندسا مساحا طبوغرافيا للقيام بهذه المهمة أثناء جريان الدعوى ، حتى يمكن للمحكمة أن تصدر الحكم بالتعويض وقد خبرت المساحة الحقيقية للقطعة المنزوعة ملكيتها وليس فقط المساحة التقريبية . وفي هذا حفاظ على المال العام ، وضمانا للتنفيذ، بحيث يودع الحكم لدى المحافظة العقارية مرفقا بالملف كاملا .

3 ــ في جل الأحيان تصدر أحكام لفائدة الدولة والجماعات الترابية، وفي هذه الحالة تقضي المحاكم بتحميل الخاسر المصاريف القضائية .

فلنا أإن نتساءل معكم السيد رئيس الحكومة هل تقوم هذه الإدارات بتصفية هذه المصاريف لصالح الميزانية العامة .


   ولا شك أن القيام بجرد لهذا النوع من الملفات يبين الحجم الكبير للأموال التي يمكن أن تجنيها الأشخاص العامة لفائدة  الميزانية العامة  أو الجماعية من هذه العملية .

4 ـ طبقا لمقتضيات قانون نزع الملكية أعلاه ولا سيما الفصلين 19 و 31 ، يتم إيداع المبلغ المحكوم به كتعويض احتياطي أو تكميلي في قضايا نزع الملكية بصندوق الإيداع والتدبير .

  ولنا أن نتساءل معكم عن حجم المبالغ المودعة بهذا الصندوق مند إنشائه تنفيذا للأحكام القضائية . علما أنه في بعض الأحيان لا يطالب الملاك المفترضون المنزوعة ملكيتهم بهذه التعويضات مع الفوائد ، وتمر مدة التقادم . فهل السلطات النازعة الملكية تسترجع هذه المبالغ لفائدة ميزانيتها .

 أكاد أجزم أن هذا الاسترجاع لا يتم ، مما يدفعنا إلى التساؤل عن حجم هذه المبالغ المالية التي لو استرجعت لفائدة الخزينة العامة لساهمت في نماء مالية الخزينة العامة نماء يعود بالنفع  الأكيد على الصالح العام .

5 ـ هناك بعض الأحكام الصادرة في إطار قضايا المخدرات ونهب المال العام والتي تقضي بالمصادرة لفائدة الدولة  ومن ضمنها عقارات ومنقولات توجد داخل المغرب وخارجه ، فإلى أي حد تم تنفيذ  كل تلك الأحكام ، علما أن بعضها صادر عن محكمة العدل الخاصة التي تم إلغاؤها، في الوقت الذي كان يجب تطويرها. 

سيدي رئيس الحكومة ،

   ومن باب التساؤل كذلك ، نعلم أن بعض المواطنين يضعون بعض منقولاتهم الثمينة من سبائك ذهبية أو سندات ووثائق التملك لدى مؤسسة بنك المغرب وغيرها على سبيل الودائع .

   وقد تمر السنون دون أن يسترجعها أصحابها إما بسبب الإهمال أو الوفاة  ، ولا يعلمون ورثثتهم عنها شيئا ، فلا بد من التفكير في استرجاع هذه المنقولات لفائدة الخزينة العامة بعد مرور أجل معقول  يعينه المشرع ، لما في ذلك من فائدة عامة ودوران عجلة الاقتصاد الوطني .

    هذه بعض الاقتراحات التي أرى من الفائدة عرضها على جنابكم الكريم ، إيمانا مني أنكم تعملون جاهدين على البحث عن خطة فاعلة لمحاربة الفساد وتكريس سيادة القانون وصيانة حرمة القضاء تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك .

  وسيكون من المفيد السيد رئيس الحكومة، التفكير في آلية  قانونية وإدارية في خلق خلايا قانونية على صعيد كل الوزارات والجماعات الترابية ، خاصة وأن كل المرافق الإدارية  تزخر بأطر عليا متخصصة في المجال القانوني ومنهم من يحمل درجة دكتوراه الدولة ولا يعملون لا في مصالح المنازعات القضائية ولاالدراسات القانونية ، ويعهد إليهم باختصاصات بسيطة ،  وكذا التعجيل  بإنشاء  هيأة قضايا الدولة على غرار بعض الدول المتقدة ، تلافيا لكثرة المتدخلين في الدعاوى التي تكون الدولة طرفا فيها ،أو مقاضاة الدولة لنفسها.
 
      وتفضلوا السيد رئيس الحكومة  فائق  احترماتي وتقديري والسلام ./.      
                                                                                                      الدكتور العربي محمد مياد



الاثنين 5 أكتوبر 2015

عناوين أخرى
< >

الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 10:43 محنة المدونة


تعليق جديد
Twitter